محمد ابو تمهيد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2406 - 2008 / 9 / 16 - 00:38
المحور:
كتابات ساخرة
يُحكى أنَّ عابداً زاهداً قد اعتزل الناس بعد أنْ انتشر الفساد والانحراف بينهم, وترك قريته واتخذ مفازة خالية إلا من ربٍ يعبده, فأفضى عقوداً من الزمن يتعبد فيها الله صائماً في النهار ومُتهجداً في الليل, ولاجل ذلك أراد الله سبحانه أنْ يُكرمه في الدنيا (يفتنه فيها) بان أوحى لأهل القرية إذا اُبتليَّ احدهم بمرضٍ مستعصٍ ولا يوجد له دواء يذهبوا بمريضهم إلى هذا العابد فيتركوه ليبات ليلته ويأتوه صباحاً فيجدوه قد بُرئ وشُفي من علته, وهكذا استمر أهل القرية على هذا المنوال, وبعد مدة من الزمن وقعت إحدى الشابات الجميلات فريسة مرض خطير, وكعادة أهل القرية اخذوها إلى المكان المُعتاد قرب العابد الذي ذاع صيته في البلدان, وتركوها ومضوا في سبيلهم, وكان إبليس يتحين الفرصة المُناسبة لينقض عليه بعد أن أحدث غيضاً وحنقاً في نفسه وذلك باعتزاله عن الدنيا وشهواتها وتفرغه لعبادة الله سبحانه, فجاءه بصورة المشفق على هذهِ الشابة الجميلة, وقال له إنَّ مرض هذه البنت خطير جداً ولا يمكن أنْ تُشفى إلا إذا وضعت يدك على رأسها, وبعد وسوسة استطاع أنْ يقنعه فذهب ليُنفذ ما أراد منه, وعندما وضع يده على جبينها اخذ إبليس يوسوس له ويصف جمالها ومفاتنها وإنها لا يمكن أنْ تبرأ إلا بملامستها, فاستطاع أنْ يوقعه في الفاحشة بعد أنْ حقق أمرين, أولهما: القناعة الوهمية (الخداع الشيطاني), لان العابد كان يفتقر إلى العلم الذي يُحصنه, والثانية: حرك الشهوة المكبوتة فيه (لان الشهوة تضعف وتضمر في حالة فقدان المثير الخارجي).
وبعد ذلك استطاع أنْ يقنعه بقتلها ودفنها في مكان مُعين قبل أنْ تفضحه, وفي كل الأحوال هي ميتة ميتة لان مرضها خطير جداً وميؤوس منه, ويمكن له أنْ يتوب بعد ذلك من فعلته هذه!! وعندما أتى أهلها في الصباح كشف إبليس لهم الأمر كله ودلهم على مكان دفنها (يعني علسه بالتعبير العامي), فأخذوه وحكموا عليه بالإعدام, وعندما وضعوا حبل المشنقة حول رقبته جاءه صاحبه وقال له أومئ لي بالسجود وأنا أخلصك مما أنت فيه وبعد ذلك استغفر ربك واجتهد في دعاءه ليعفوا عنك, وفي لحظة سجود هذا العابد الساذج لإبليس نُفذ حُكم الإعدام به!!.
لقد شاهدنا البعض من الذين تحملوا بلاء الاعتقال والتعذيب في زمن الهدام والاحتلال ما لو عُرض على الجبال الرواسي لهُدت من هوله!! وقد تعرض ذويهم إلى الإعدام والاعتقال والتعذيب واُفنيت بيوتهم بكاملها بسببهم, فصبروا صبراً غبطتهم عليه حتى الملائكة, ولكن عندما ابتلاهم الله سبحانه ببلاء النعمة واستحوذوا على كراسي السلطة بدماء إخوانهم في الجهاد وبأصوات الفقراء والمسحوقين انزاحوا إلى شهواتهم وأهوائهم ووضعوا أيديهم بأيدي إبليس (الشيطان الأكبر) فقتلوا إخوانهم ونهبوا أموال شعبهم, وأخيراً انبطحوا لابليسهم الأعلى (بوش) ساجدين وهم ينتظرون حبل المشنقة وتنفيذ حكم الله والشعب فيهم, والسبب الذي من خلاله استطاع إبليس أنْ يخدع العابد ويوقعه في فخ الرذيلة هو السبب نفسه الذي جعل المحتل أنْ يوقع هؤلاء في هذه الرذائل وهو الشهوات الدنيوية المكبوتة خاصة (شهوة السلطة), وخداع العقل الوهمي (الواقعية وترك التعجرف) بان أمريكا صاحبة الفضل في تخليصنا من الهدام ويمكن أنْ تجلب لنا الديمقراطية والحرية وغيرها.
تذكرت كل ذلك عندما سمعت عريف الحفل صاحب ربطة العنق الأنيقة بعدما نزع عنه عمامته السوداء حين جلوسه على كرسي المدير العام لدائرة بائسة في وزارة التربية. إذ كان يُقدَّم في الفضائيات بصفة الـ(المفكر الاسلامي المجاهد) والذي أفنيت بيوتاً عن بكرة أبيها بسبب انتمائه لحزب محظور في زمن الهدام وهروبه إلى إيران وهو يقدم (دولة رئيس الوزراء) بعبارة (القائد الرمز)!! في الذكرى السنوية لاستشهاد المفكر الإنساني السيد الصدر الأول؛ هذا القائد الذي أتى بما لم يأتِ به المستبدون الأولون, ولا حتى الطغاة الخونة الذين يعملون كعملاء صغار عند أسيادهم المستكبرين؛ عندما استعان بطائرات القوات المحتلة لشعبه لقصف البيوت الآمنة وقتل الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ؛ واستعانته أيضا بقناصة العدو والفرقة القذرة لقنص كل هدف متحرك (سواء أكان طفلاً أم شيخاً أم امرأة) إلى حد استهداف الأماكن الحساسة للنساء في المدن التي تسلل هذا (القائد الرمز) لمنصبه بدماء أبنائها وأصواتهم بحجة مطاردة الخارجين عن القانون!!!!
العراق/ بغداد
عاصمة العدل الإلهي المطلق المحتلة
#محمد_ابو_تمهيد_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟