أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - دميتري ياكوشيف - الشيوعيون الثوريون والانتخابات الرئاسية - 1















المزيد.....

الشيوعيون الثوريون والانتخابات الرئاسية - 1


دميتري ياكوشيف

الحوار المتمدن-العدد: 742 - 2004 / 2 / 12 - 07:22
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


فكرة مقاطعة الانتخابات المقبلة في روسيا تزدادا شعبيتها يوماً بعد يوم في أوساط نُشاطى التنظيمات المسمية نفسها شيوعية، ومن بينها أكبرها الحزب الشيوعي الروسي الذي سبق له أن تقدم بمرشحه للرئاسة نيقولاي خاريتونوف (زعيم كتلة الزراعيين في الدوما سابقا). وهنا يعتبر تكتيك المقاطعة، لا سيما بين أوساط أعضاء الحزب الشباب، مظهراً من مظاهر النزعة الثورية الحقة، والتفكير الطبقي، وحتى العودة إلى أحضان الماركسية. ولكن ما دام أعضاء الحزب الشيوعي الروسي قد قرروا العودة إلى الماركسية، فهم، وهذا أمر مفهوم، يريدون أن يستوعبوا في الحال صيغتها الأكثر رواجاً والأكثر حداثة كي لا يشعروا بالخجل إزاء الغرب المتنور، ولذا يبرز هنا مثابة خير دعاة لهذه الصيغة شتى صنوف "اليساريين الجدد" من بين "المثقفين" والتروتسكيين المتقدمين العارفين كيف يفسرون كنه الماركسية الرائجة حديثاً. ويجري التعليم هنا بسرعة حيث يبدأ هؤلاء "الطواويس" المتغندرون (كانوا للأمس القريب يتبجحون بشعارات على صورهم لستالين) يطلقون الآراء الرائجة المتحدثة عن الدفاع عن الأقليات وعن التوتاليتارية والنظام البوليسي الداهم وحرية الكلام إلى ما هنالك. فإذا بنا الآن أمام جيش جديد من "ماركسيي" التعابير الطنانة والصيغة الأسلم.
هذه "الراديكالية" الروسية اليسارية الجديدة تظهر أيضا في الموقف من الانتخابات الرئاسية المقبلة في روسيا والتحريض على مقاطعتها. وكانت قد نشرت جريدتنا "كومونيست. رو" بالأمس مقالة لفيكتور شابينوف تحت عنوان "حول البرنامج الانتخابي لمرشح الحزب الشيوعي الروسي" كتبت من موقع المقاطعة وضرورتها. لقد جاءت المقالة بحجج غير مقنعة لصالح المقاطعة إذ أعوزها التحليل والبراهين. فشابينوف انتقد عن حق الحزب الشيوعي الروسي ومرشحه خاريتونوف ألذع انتقاد معتبرا عن حق أن المعنى الوحيد للمشاركة في الانتخابات هو "الإعلان عن موقف شيوعي حقاً، موقف عدم القبول بالمجتمع البرجوازي ككل". إلا أنه يدعو الشيوعيين في الحال عملياً إلى التخلي عن هذا المعنى بإبداله بالمقاطعة. فالمقاطعة هي أيضا شكل من أشكال المشاركة في الانتخابات، بيد أن "المعنى الوحيد" إياه يضيع كلياً لدى الاعتماد على هذا الشكل. ويدعم الرفيق شابينوف موقفه هذا بكون خاريتونوف لم يتخذ له برنامجاً شيوعياً، وبما أن ليس هناك مرشح ذو برنامج شيوعي، فأي معنى إذن للمشاركة. فلتكن المقاطعة!!!
كل هذا خطأ بخطإ لعمري. فعدم وجود مرشح شيوعي لا يعيق الشيوعيين أبداً عن اقتراح برنامجهم الراديكالي على المرشحين للرئاسة وعلى المجتمع عموما. وليرفض السادة المرشحون هذا البرنامج، فهذا أمر طبيعي تماما. ذلك أن الشيوعيين تنفتح أمامهم في الحال إمكانية هائلة لنقد هؤلاء المرشحين وانتقاد مجموعات البرجوازية المختلفة التي لا تقدر برامجها على حل المسائل الأساسية لعصرنا. وبوسع الشيوعيين إذا ما حددوا مواقفهم بوضوح أن يساندوا مساندة نقدية أيا من المرشحين البرجوازيين حين يكون برنامجه البرنامج الأكثر تقدمية. كل الأمور ممكنة، والأمر الأهم ألا نزيح عن مواقفنا، ألا نكف عن الانتقاد وألا نكذب على الناس. سياسة كهذه ننهجها بعناد ومثابرة وأناة ستدفع الناس، عاجلا أو آجلاً، في اتجاه الشيوعيين. لنفرض أننا ساندنا المرشح الفلاني، ولكننا قلنا للناس صراحة إن هذه الوعود أو تلك من التي يغدقها عليهم ما هي إلا وعود وشعارات فارغة الغرض منها أن تستدرّ الشعبية الرخيصة، إذ هي وغيرها من القضايا لا مجال لمعالجتها وحلها على قاعدة الرأسمالية، أما نحن فنؤيده وحسب لأن برنامجه هو الأكثر مواظبة على طرح مطلب تأميم الريع الطبيعي، ومن شأن هذا ان يحسن شروط نضال العاملين. لماذا يا ترى لا يمكن للشيوعيين أن يقفوا مثل هذا الموقف بالذات؟ يمكنهم هذا طبعاً، وقد يكون منه نفع أكبر بكثير من موقف المقاطعة.
فما الذي تعطيه اليوم المقاطعة؟ يقول شابينوف: "إن أي قوة سياسية منظمة تعلن مقاطعتها هذه الانتخابات "التي لا انتخاب فيها" ستجد نفسها في مركز اهتمام الرأي العام.
أما في الواقع فالأمر الأهم الذي يسكت عليه شابينوف هو أن هذا التنظيم السياسي سيجد نفسه في أحضان الجماعات اليمينية المتطرفة أو اليسارية التي تصب سياساتها في طاحونة هذه القوى وأرباب الطغمة المالية والنفطية الذين تقف من ورائهم الإمبريالية. والأهم أن التعبير عن موقف شيوعي حقا "رافض للمجتمع البرجوازي ككل" لن يكون ممكنا البتة في أجواء هذه "الرِفقة"!!! وبدلا من هذا سيفرض منطق المقاطعة على الشيوعيين تضخيم الحديث عن دكتاتورية بوتين ونظامه البوليسي، وسيكون هذا كذباً ذراحاً. فبدون هذا الحديث المضخم كيف يمكن تبرير المقاطعة. والسخرية هنا تتبدى في كون كل هذه الدموع سوف تذرف على الديموقراطية التي نالت منها الدكتاتورية كل منال في "مجلس عزاء" يكون أبرز الحاضرين فيه هم جماعة إدوارد ليمونوف الذين يعتبرون ليس من دون وجه حق فاشيين ومعهم النيوليبراليون مؤيدو مجيء أمثال الدكتاتور بينوشيت في الشيلي إلى السلطة في روسيا وكذلك أنصاء الداروينية الاجتماعية الأشداء. والحق يقال: إن بوتين بالمقارنة مع هذه الجوقة لا يزال قلعة للديموقراطية. والحق كل الحق مع الخبير السياسي ستانيسلاف بلكوفسكي حين قال على موقع apn.ru في مقالة عَنونها "مأساة فلاديمير بوتين":
"يقولون: "الديموقراطية! الديموقراطية!". وأنا أزعم أن بوتين أكثر ديموقراطية بكثير من يلتسين مع تشوبايص ونمتسوف. لأن انتخابات العام 2003 التي جرت في عهد بوتين عكست إرادة الشعب أفضل بكثير مما عكستها مثلا انتخابات العام 1996 في ظل يلتسين وتشوبايص. فقد مُنِح الروس الأعزاء إمكان التصويت لمن أرادوا أن يصوتوا لصالحه... أليس يخيل لكم أن الدورة الأولى في انتخابات العام 1996 كان قد فاز فيها غينادي زوغانوف، وليس بوريس يلتسين؟ فأين هي الديموقراطية هنا، أيها الزملاء الكرام؟"
يبقى لغزا يعصى علي أن أعلم من أين عرف شابينوف أن المقاطعة "تزيد من شعبية الحزب". فالأمر في الواقع على خلاف ذلك تماماً. ذلك أن سياسة المقاطعة تقوض ثقة الناس بالشيوعيين إذ هي تجمعهم بالليبراليين الجدد الذين أوصلوا البلاد إلى شفا الهاوية. فالتحالف مع من أفلسوا سياسياً لم يأت يوما أحداً بالشعبية. وهنا لا بد من أن نقول حالا بوضوح وجلاء إن المقاطعة تعني التحالف مع الليبراليين الجدد. فليمونوف المقاطع تحدث صراحة عن تعاونه مع "لجنة 2008" الطامحة إلى بينوشيت جديد لروسيا، وأعضاء اتحاد الشباب الشيوعي التابع للحزب الشيوعي برئاسة زوغانوف الداعون إلى المقاطعة يتحالفون مع كتلة "يابلوكو" (برئاسة يفلينسكي) واتحاد القوى اليمينية (تشوبايص ونمتسوف وخاكامادا) ذاتي الاتجاه النيوليبرالي الغربي. كل هذه التحالفات لن يكون بد منها في حال المقاطعة إذ يفرضها منطق هذا الموقف السياسي إياه. ودخول مثل هذه الأحلاف مقتل للشيوعيين إذ يكفون في الحال عن أن يكونوا شيوعيين.
ويكرر الرفيق شابينوف في إثر المفلسين السياسيين من الحزب الشيوعي الروسي واتحاد القوى اليمينية و"يابلوكو" مقولة "الانتخابات التي لا انتخاب فيها". ولو كان الأمر كذلك لكان للمقاطعة معنى ما. غير أن الأمر على خلاف ذلك. فـ"الانتخابات التي لا انتخاب فيها" كانت فعلا في عهد يلتسين عام 1996، عندما قررت كل النخبة السياسية، وزوغانوف واحد منها، أن يلتسين سيبقى الرئيس أيا كان الفائز في الانتخابات. الآن سيكون هناك انتخاب وسيربح بوتين الانتخابات. سيربحها لا بفضل وسائل الإعلام، بل لأن هذا هو الوضع اليوم موضوعياً، لأن بوتين يبقى اليوم المعبر ليس وحسب عن مصالح البرجوازية الطبقية الضيقة، بل عن المصلحة الوطنية العليا الشاملة. ولأجل الحفاظ على عنصر المصلحة الوطنية العامة في سياسته اضطر بوتين إلى خطو خطوة هامة جدا: إطلاق مسيرة استعادة سيطرة الدولة على الموارد الطبيعية التي كانت انتقلت عمليا إلى أيدي الشركات الغربية المتجاوزة حدود القارات، وهذا كان من شأنه أن يثبت نهائيا وضع روسيا كمستعمرة. إنها بند جديد مبدئيا في نشاط بوتين.
إن المصلحة الوطنية العامة التي وضعها بوتين قبل الآن ضمن سياسته القاضية بضرورة إحلال الدولة البرجوازية الروسية الجديدة محل سياسة الاستباحة اليلتسينية (لم يكن هناك حينذاك سبيل مباشر إلى الاشتراكية لأن مهمة إحلال دولة برجوازية عادية محل الاستباحة كانت أمرا تقدمياً في مرحلة ما) وضرب العصابات والانفصاليين الذين نشروا أوزار الحرب في كل جنوب روسيا، قد نفذت بنودها عموماً مع نهاية الولاية الأولى لبوتين. فلو لم يباشر بوتين إلى إعادة سيطرة الدولة على الموارد، وهو ما برز خاصة في قضية شركة "يوكوس" النفطية (قضية الأوليغارشي خودوركوفسكي)، لكانت شعبيته اليوم متجهة بسرعة نحو الحضيض. فالمسألة هي: أتكون الموارد الطبيعية الروسية تحت سيطرة الشركات الغربية أم تحت سيطرة الدولة الوطنية؟ حتى الآن وقف بوتين إلى جانب الدولة الوطنية، وهو بذلك عبر دون أدنى شك عن المصلحة الوطنية العامة. ولا داعي للبرهنة هنا على أن المصلحة الوطنية العامة ممكنة أيضا في ظل الرأسمالية، فأي ماركسي يعلم ذلك حق العلم.
لو وافق بوتين على انتقال "يوكوس" إلى سيطرة الاحتكارات الأميركية، على مطالب الاتحاد الأوروبي في شأن الغاز وخصخصة الأنابيب النفطية لكان تحول الآن إلى خادم أمين لرأس المال الكبير، إلى بينوشيت، ولكان عليه أن يؤمن أفضل الظروف لناهبي روسيا من الرأسماليين الأجانب والرأسماليين الروس التابعين لهم من خلال سياسات حازمة يتبعها. فبرنامج رأس المال الروسي الكبير كان بالذات بيع البلاد وشعبها إلى رأس المال الغربي بما يكفل له حصته من استغلالهما. أما بوتين فلم يقبل حتى الآن، لا نعرف لأي سبب، بعقد صفقة كهذه، وهو ما لا يعني بالطبع انتفاء احتمال موافقة الكرملين مستقبلا على مثل هذه الصيغة. فما من أحد بين من هم في أعالي السلطة يتحرق شوقاً إلى أن يجد نفسه في موقع الرئيس البيلوروسي لوكاشنكو أو الرئيس الفنزويلي تشافس، وهو ما يحشر الغربُ القيادةَ الروسية الحالية وبوتين شخصيا فيه تدريجياً.
المهم بالنسبة إلى الشيوعيين هو استخدام الماركسية أداة وطريقة في التحليل وليس نسخ تعابيرها لدعم صيغ جاهزة لديهم، لأن الواقع سوف يضربهم في كل مرة على رؤوسهم الضربة الموجعة. وإن نتيجة مثل هذا النهج لمكئبة ومحزنة. فلا وجود عمليا في روسيا لحركة يسارية، ولا تطور فكريا، نفس الأشخاص مدى عشرات السنين يجترون الكلام نفسه، فيضيعون القوى والطاقات والحياة نفسها هباء دون منفعة، ويشهّرون بذلك بالماركسية و"يمسّخونها". فمن بحاجة يا ترى إلى هذا؟ لا أحد.



#دميتري_ياكوشيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيوعية التسعينات المحافظة انتهت كلياً
- ملاحظات على الدردشة التي أجاب خلالها الرئيس بوتين عن أسئلة أ ...
- اللوحة السياسية في روسيا بعد الانتخابات البرلمانية: مقاربة أ ...


المزيد.....




- قضية التآمر على أمن الدولة في تونس: -اجتثاث للمعارضة- أم -تط ...
- حمزة يوسف يستقيل من رئاسة وزراء اسكتلندا
- ما هو -الدارك ويب- السبب وراء جريمة طفل شبرا؟
- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- الحوثي يعلن استهداف سفينتين ومدمرتين أميركيتين بالبحر الأحمر ...
- أكاديمي يدعو واشنطن لتعلم قيم جديدة من طلاب جامعاتها
- وزير خارجية نيوزيلندا: لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال ...
- جماعة الحوثي تعلن استهداف مدمرتين أميركيتين وسفينتين
- لماذا اختلف الاحتفال بشهر التراث العربي الأميركي هذا العام؟ ...
- إسرائيل قلقة من قرارات محتملة للجنائية الدولية.. والبيت الأب ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - دميتري ياكوشيف - الشيوعيون الثوريون والانتخابات الرئاسية - 1