أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم مالك - الشاعر الروائي أو الروائي الشاعر صبري هاشم المقيم في برلين















المزيد.....

الشاعر الروائي أو الروائي الشاعر صبري هاشم المقيم في برلين


إبراهيم مالك

الحوار المتمدن-العدد: 2400 - 2008 / 9 / 10 - 04:15
المحور: الادب والفن
    


سُعِدْتُ في زيارتي الأخيرة،تموز هذا العام،إلى برلين بمعرفة ثلاثة أصدقاء حميمين،كنتُ أجد نفسي مرتاحة وراضية في صحبتهم،هم:
الأديبان العراقيان ، صبري هاشم ويحيى علوان ،
الطبيب والإعلامي اللبناني الفلسطيني،عصام حداد.
معرفتهم والتقائي بأصدقاء كثيرين آخرين وودودين أكسبا الزيارة الأخيرة نكهة ًخاصة وبعدا إنسانيا ، طالما نشدته نفسي.
كان تعارفنا صدفة كأجمل ما يكون التعارف الإنساني.
وقد بادر إلى هذا التعارف وتسهيل حدوثه الصديقان ، الكاتب والشاعر الفلسطيني أحمد بهجت وزميل الدراسة الجامعية ، ابن حلب السوربة المقيم في برلين توفيق رِضا.
وكان توفيق أهداني ، قبل اللقاء ، رواية الروائي والشاعر العراقي صبري هاشم ، لأتعرَّف على أدبه قبل اللقاء . اسم الرواية هو:
هوركي أرض آشور
قرأت الرواية في ثلاثة أيام واتضح لي من طريقة السرد فيها وشاعرية اللغة المستخدمة في السرد أنني حيال شاعر روائي كبير ، أسهم في استحداث شكله الروائي الخاص ، وهو الشكل الذي يضع القارئ أمام جمالية الأسلوب السردي ، حين يكون شعريا موحيا وشفافا ، جمالية الإبداع في الخروج على ما هو مألوف ، نمطي ومتبع في تحديد والتزام الجنس الأدبي ، الذي يقرر هوية العمل الأدبي ، كما يعتقد كثيرون.
فصبري هاشم في هذه الرواية استحدث مثل كتاب قليلين رائعين أسلوبه الروائي الخاص .
شعرت أنني أمام ملحمة شعرية ، ينسج خيوطها المتخيلة إنسان يجهد في التفاعل مع ما يجري في بلده ، مع رفاقه ، رفاق دربه ، عشرته وحلمه ، مع أكثر ناسه ويجهد في الصبر في مواجهة الظلمة المحيطة في عراق ٍ، لما يعد بعض ناسه جميلين ، كما كان يحلم ، محاولا توثيق بعض ما يحدث أدبيّا . وما أنبله ، أجمله وأصدقه من توثيق.
وكم نجح صبري هاشم ، من خلال أسلوبه الروائي الشاعري المستحدث في أن يصدمني ويصدم القارىء ، كل قارىء ، بالمعنى الذهني الإيجابي وينقله إلى عوالم سردية شاعرية وإنسانية ، في مركزها صراع الإنسان مع أكثرية ناس هذا العالم ، مع وحشية بعضهم المحزنة ومع قسوة هؤلاء الناس ، وهي القسوة التي تحاول منع ولادة ما هو جديد ، تغتال الحلم الإنساني ، الحلم بغد آخر سيأتي ، وتلتقي بايقاع عَرَضِي غريب مع القسوة التي تمثلها الطبيعة.
وقد أهداني بعد التعارف روايته الجميلة "حديث الكمأة" ومنها اخترت لك ، عزيزي القارىء ، أربعة مقاطع ،هي في الحقيقة من الشعر الجميل الذي قرأته ذات يوم في حياتي:
يكتب في صفحة 34
ونحن على ضفة مقمرة من فوقها السماء ، ضحك القمر وبانت أسنانه اللؤلؤ . هزَّتني خولة:
- أما رأيتَ؟
- ماذا؟
- غازلني القمر.
- أيها القمر اللعين اغتصبتها على غفلة مني.
ويكتب في صفحة 65
هربتُ من نفسي ولم أفطن إلى دفء يقترب مني ... إلى دفء ٍكالعطر ينسكب في الهواء .. لم أفطن إلى خفقة امرأة .. إلى امرأة ٍمن صهيل .. إلى رفة رمش كالجناح أو هي الجناح:
خفقة رمش بليل أجهزت على وحدتي .. أضاءت سماء الخلوة وطافت في رحاب المقهى.
خفقة رمش ناعس تواً كفت عن العويل
تعلقت بها نفسي .. فرشت ُلها جناحا
سكنت في كنفه حينا وصارت هي السلوى
في المقهى
رفة رمش رشيقة كالنرجس
أسرفتُ في مُداراتها
تعشقتها مثل نبع عليل
لتصبح شجراً ومأوى
في المقهى طبف امرأة
حطَّ كالهمس .. وطار بجلجلة
طارت .. يا إلهي ! امرأة خطفت عقلي وطارت . من تكون هذه الساحرة النحاسية التي لم تمكث في حدقتي غير لحظات ؟ تساءلت ، ومن بعدها أطلقت ُعقيرتي للصِّياح لست عابئاً بالبشر:
من أنت يا امرأة؟
من أنت أيتها المتوحشة كي يختل من أجلك توازني؟
أنَّى دخلت ِفي نبض المقهى؟
يا امرأة المقهى أعيديني .. إليَّ أعيديني .. أعيديني . .إلي أعيديني .. يا امرأة ً سحرتني وغابت في الظلام . أيُّ امرأة ٍأنت؟ ِعيناها ناعستان .عطرها فاتك .. وفوق شفتيها يتهور الجلنار . أيُّ امرأة أنت ِ؟ على رأسي هدلت .. ولروحي أجَّجْت .. أشعلت حطامي وغادرت .
....
سكنتُ .. رُوَيْدا.ً. رُويدا سكنت ُ.. تساءلت ُيا إلهي من تكون ؟ امرأة ، لحظة تطير.. تطير.. تطير. إلى أيَّة ِوجهة ٍتطير.

ولنقرأ ، ما أجمل ما يكتب في صفحة116 -117

إعتقيني يا أرض الأجداد قبل أن يزحف نحو أجسادنا الغارقة في بحر اللذة ملح .. وقبل أن يتعثر في نسغ دمائنا ملح .. وقبل أن يتكلس في شفاهنا ملح .. وقبل أن يتصيَّد في خواطرنا ملح . إعتقيني قبل أن يبتزَّ هزالي ملح .. ويغني على عشبة جسدي ملح
....
إعتقني أيها الياسمين لكي أطارد غربتي كما تطاردني الأشباح .. إعتقيني يا أرض الأجداد ولا تشدي بعدي:
أه حبيبي
داهمتنا القطيعة
وفاتتنا المحطات إلاّ واحدة
أخذتك صوب المشتهى
وقالت: لن يعود
أحقا ًحبيبي لن تعود؟
لن تشهق شوقا
لن تتحسَّرَ على زمني
على زمنك
لن تبكي ندما؟
وإذا الطرقات أنكرتك
وإذا الأرصفة أجفلتك
هل تعود؟
آه ِحبيبي
ليت المحطة قوضتها العاصفة
ليت المحطة جفت واقفة
ليتها
ليتني لم أكن".

ولنتوقف قليلا أمام جميل ما كتب في مستهل الرواية ، لنتحسس عواطف الشاعر الروائي الجياشة بحب أرض الأجداد ، العواطف النابضة بصدق وعمق انسانيتها ، رغم ما شهد فوقها من عسف وقهر:
حين زرتني في المرة الأخيرة
شعَّ في عينيك َدمع
وفاض بالنطق محيّا
حين زرتني للمرة الأخيرة
سألتكَ في غمرة العناق
فيك َأشمُّ رائحة العراق
هل أنت َالعراق؟

تلاحظ ،عزيزي القارىء ، تفرُّدَ وتميُّزَ هذا السرد الروائي ، فهو منسوج بلغة شاعرية خصبة،
ثرية ، موجعة ، حالمة ومدهشة ، أفلحت في تجاوز ما هو مألوف في الرواية ، إنّه الشاعر لا يستطيع ولا يجوز أن يكون خلاف ذلك ، فهو حين يكتب ، يقتطع أدوات تعبيره ، كلماته ، حروفه ، رؤاه ، إيحاءاته ، انفعالاته ، موضوعاته وموسيقاه ، يقتطعها من منجمه الشعري وحين يحلق ، يحلق في فضاءات هذا المنجم . وهو لا شك غنيٌّ بالإيجاز ، بالاستعارة والإيحاء ، غنيٌّ بالرموز الشفافة ومختلف وسائل البلاغة الجميلة وتجلياتها.
صبري هاشم أفلح في هذه الرواية أن يخلق شكله الروائي الخاص به وعرف كيف يجمع عناصر السرد والأحداث المروية في نسيج شيق منسوج من زيق شعري ملون ، يترك القارىء مدهوشاً ويبقيه أسيره ، أسير الحبكة والنسيج.

فاسمح لي يا صبري أن أعانقك عن بعد ، يا عاشق خولة – المراة النحاسية التي نزلت في حيِّكم قبل أن يغتصبه قرصان البحر وأفسد سماءه وماءه بعض أهله ، نزلت كقطرات ندى وكانت الندى في يوم حارق فغازلها القمر ، علِّي أشم فيك رائحة العراق الذي لن يكون في أخر المطاف إلاّ ما شاء وحلم به ناسه الطيبون وأشم من خلالك رائحة الصحب العبقة حواليك.

* * *

* كفر ياسيف



#إبراهيم_مالك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمتني العشق ،
- نم ناعسا
- ما الذي يجمع بين ماركس ولينين والامام علي


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم مالك - الشاعر الروائي أو الروائي الشاعر صبري هاشم المقيم في برلين