أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد بهاء الدين شعبان - مصر : من غرق العبّارة إلى غرق النظام !















المزيد.....

مصر : من غرق العبّارة إلى غرق النظام !


أحمد بهاء الدين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2397 - 2008 / 9 / 7 - 08:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


القضية التى شغلت مصر فى الأيام الأخيرة ، ولا زالت تشغلها كلها ، بإعلامها وبقواها السياسية وأحزابها وحركاتها الاجتماعية ، ومراكزها الحقوقية ، وهيئاتها القانونية ، وأولا وأخيرا : بجماهيرها الغفيرة ، هى قضية الأحكام الهزيلة التى صدرت مؤخرا ، بعد نحو عامين ونصف من الانتظار، وبُرئت بموجبها ساحة " ممدوح اسماعيل " أمين الحزب الوطنى ( حزب السلطة ) ، بمصر الجديدة ، والعضو المعين بأمر الرئيس " مبارك " فى " مجلس الشورى " ، ومالك " عبــّارة الموت " ، ( السلام ـ 98 ) ، التى غرقت فى شهر فبراير ( شباط ) 2006 ، وعلى متنها نحو 1400 من العاملين المصريين البسطاء ، ونجم عن هذه المأساة موت 1033 ضحية ، راحوا طعاما سائغا لأسماك البحر الأحمر المفترسة ، فضلا عن 377 جريحا بعضهم فى حالات خطرة ! .
وقد هزّت هذه الكارثة الشعب المصرى هزا عميقا ، ليس فقط لضخامة عدد الضحايا ، والحالات الإنسانية المريعة التى مسّت وجدان المصريين ، وإنما أيضا للملابسات والظروف التى واكبت الواقعة وأعقبتها ، ولعمق ما تشير إليه هذه الكارثة من دلالات ، ، وكذلك لإدراك المصريين أن هذه المأساة ، وإن كانت الأضخم والأبشع ، إلاّ أنها لم تكن الأولى من نوعها ، وللأسف الشديد ، فى ظل الأوضاع المصرية المتدهورة ، لن تكون الأخيرة !
مسلسل لا ينتهى ! :
لم تكن جريمة " عبـّـارة الموت " هى الأولى فى التاريخ المصرى الراهن ، وبالذات فى خلال بضع السنوات والشهور الفائتة ، فقد كانت مصر ، دونا عن بقاع الأرض قاطبة ، مسرحا لمسلسل متواتر من الكوارث الرهيبة ، التى راح ضحية لها الآلاف من المصريين ، ومن الفقراء بشكل أساسى ، قضوا جميعا ضحية الإهمال ، وانعدام الشعور بالمسئولية ، وتردى أداء وكفاءة أجهزة الدولة التليدة ، وانحطاط مستوى الخدمات المقدمة لأبناء الشعب ، وتفشى مظاهر الشيخوخة والفساد فى بنية النظام بمستوياته المتعددة .
• فعلى سبيل المثال ، حازت مصر قصب السبق ، على مستوى العالم كله ، فى عدد ضحايا حوادث الطرق المجانية ، ولا يكاد يوم يمر دون أن تجلل هامات الصحف والنشرات الإذاعية والتلفزيونية ، الأخبار الدامية للحوادث البشعة التى تنتهى بقتل وإصابة المئات من المواطنين ، دون أن تحرك السلطة ساكنا فى مواجهة مسلسل الموت المجانى المتكرر ، اللهم إلا مضاعفة رسوم " الجباية " وغرامات السائقين على الطرق المتهالكة ، ورفع أسعار الوقود ، ورسوم تجديد رخص السيارات ... إلخ ! .
• مأساة العبــّارة " سالم إكسبريس " : عام 1991 ، والتى غرقت وعلى متنها أكثر من ألف مصرى من المكافحين الفقراء الذين تغربوا بحثا عن لقمة خبز عجفاء ضنّ بها ناهبو خير الوطن ، فماتوا دونها ، ولم يتسن لهم حتى دفن أجداثهم فى تراب وطنهم !.
• محرقة قطار الصعيد : فى عام 2002 ، والتى نجمت عن احتراق القطار رقم 822 ، المتجه من القاهرة إلى أسوان ، وعلى متنه أكثر من ألف من الفقراء المصريين ، من أهل الجنوب ، تفحمت جثثهم بشكل مأساوى .
ومع هذا تم تبرئة مسئولى مرفق السكك الحديدية من وزر الكارثة ، وحمّـلت المسئولية لـ "كبش فداء " من بعض صغار العاملين بالهيئة ! .
• محرقة " قصر ثقافة الفيوم " : فى شهر سبتمبر ( أيلول ) 2005 ، وراح ضحية لها 52 شخصا ، من المسرحيين والفنانين ، جلهم من الشباب ، تفحمت أجسادهم ، وأصيب 25 آخرين ، ، قضوا ضحية الإهمال ، والرعونة ، وغياب كافة احتياطات الأمان ، وتراخى الشعور بالواجب والمسئولية .
وأيضا تم تبرئة قيادات وزارة الثقافة المسئولين عن هذه الكارثة ، وعلى رأسهم رئيس " هيئة قصور الثقافة " السابق ، الدكتور" مصطفى علوى " ، عضو " لجنة السياسات " ، التى يترأسها " جمال مبارك " بالحزب الوطنى ، بعد أن كانت محكمة أول درجة قد أصدرت حكما بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات ، وغرامة 10000 جنيه على ثمانية متهمين ، حمـّـلتهم مسئولية الإهمال الجسيم والإخلال بواجبات وظيفتهم مما أفضى لموت الضحايا ! .
• كما كانت مصر ، طوال الأعوام الأخيرة ، ميدانا لتفشى بعض الأوبئة ( كإنفلونزا الطيور)،وتوابع تلوث المياه والهواء من أمراض خبيثة،على رأسها " السرطان " ، الذى انتشر انتشارا ملحوظا فى الأعوام الأخيرة ، وبالذات لدى الأطفال ، وكذلك أمراض تلوث الدم ، والفيروس ( c ) ، والتهابات الكبد وغيرها .
• قضية الدم الملوث وشركة " هايدلينا " :
كانت هذه القضية واحدة من أهم القضايا التى استحوزت على الاهتمام الشعبى ، وشغلت حيزا واسعا من الحوار العام ، نظرا لخطورتها ، ولعلاقات المتهمين فيها بالسلطة ووضعيتهم فى قمة النخبة الحاكمة ، وحيث تدخلت عناصر السطوة السياسية والمال والبلطجة لإبراء ذمة " الدكتور هانى سرور " ، صاحب شركة " هايدلينا " لإنتاج المستلزمات الطبية ، وعضو " الحزب الوطنى " ، وعضو " مجلس الشعب " ، من جريمة إنتاج وتوزيع أكياس دم ملوثة ، أدت إلى إصابة الآلاف من الضحايا بفيروس (c) ، والتهاب الكبد الوبائى ، وغيرها من أمراض الدم الخطيرة ، وأحاطت بهذه القضية عناصر عديدة للشبهة والشكوك فى حكم البراءة ، خاصة بعد مقتل المستشار " محمد عزت العشماوى " ، القاضى الذى أمر بحبس المتهم وعدد من كبار المسئولين بالشركة ، فى ظروف مريبة ، لتحل القضية أمام قاض آخر ، سرعان ما أصدر الحكم ببراءة جميع المتهمين ، فى حكم أحدث دويا هائلا فى أركان البلاد ، لتأكد الجميع من المسئولية الجنائية للمتهم ! .
والمشترك فى هذه القضايا جميعها ، وأيضا فى قضية "عبـّارة الموت ، السلام 98 " ، أن ( أبطالها ) أو بالأحرى " مجرميها " ، الذين تم تبرئتهم كلهم ، هم من كوادرالنظام والحزب الحاكم ! ، وبرز دور السلطة فى حمايتهم من العقاب ، بالتدخل المباشر واضحا ، بل فاضحا، كما فى حالة " ممدوح اسماعيل " ( الصديق الصدوق لزكريا عزمى ، رئيس ديوان رئيس الجمهورية ! ) وأسرته ، حيث مثــّـلت " الحصانة النيابية " سياجا حاميا ، لم يرفع إلا بعد ضمان هروب المتهمين ، بثرواتهم وممتلكاتهم ، إلى لندن ، حيث لا توجد بين مصر وانجلترا اتفاقية لتبادل المجرمين ، و حيث يعيش وأسرته بعيدا عن المساءلة والعقاب ، كما رفع النظام ، الحظر عن شركات المتهم وعن حق التصرف فى أموالها ، حتى قبل أن يقضى القضاء ببراءة " ممدوح اسماعيل " ، المطعون فيها !.
رعاية رسمية :
و" ممدوح اسماعيل " ، مالك " عبــّارة الموت " ، مثال نموذجى لطفح الطبقة الصاعدة من " الأغنياء الجدد " فى مصر ، والتى تشكلت كمنتج طبيعى لسياسات النظام فى العقود الأخيرة : سياسات " الخصخصة " ، و" إعادة الهيكلة " ، و " تحرير الملكية " ، ... إلخ ، والتى تمخضت عن وضع ثروة الأمة فى أيدى شراذم من " المحاسيب " ، أتموا ، بنشاط يحسدون عليه ، نهب المال العام ، و" تجريف " المجتمع من ثرواته المادية بالاستيلاء المباشر ، وثرواته البشرية ، بإغلاق أبواب الرجاء ، وسد فرص العمل ، أمام الملايين من الشباب ، ودفعهم دفعا لمغادرة البلاد ، بأى شكل ، حتى ولوكان بمخاطرة يائسة ، لعبور البحار الهائجة فى قوارب متهالكة ، فى رحلة عبثية ، تنتهى ـ دوما ـ بالغرق : غرقهم وغرق حلمهم ، قبل أن يصلوا إلى الشواطئ الموعودة !! .
وهذه الطبقة ، بسطوتها التى نجمت عن تزاوج المال والسلطة ، هى التى تسيطر على عملية صناعة القرار الاقتصادى والسياسى ، فى مصر الآن ، ورمزها اللامع ، المهندس " أحمد عز " ، " أمين التنظيم " بالـ " حزب الوطنى " ، ورئيس " اللجنة الاقتصادية " بـ " مجلس الشعب " .
وقد صعد " أحمد عز " ، بسرعة الصاروخ إلى قمة السلطة ، عن طريق علاقته الحميمة بـ " جمال مبارك " ، نجل الرئيس ، و" الوريث " الأوحد المنتظر ، و" أمين لجنة السياسات " بحزب السلطة ، " الوطنى الديموقراطى " ، وقد أتاح له قربه من الحكم ، وارتباطه الحميم بمراكز صنع القرار فى قمة النظام ، احتكار أهم الصناعات الاستراتيجية ، صناعة الحديد ، خلال بضع سنوات لاغير! ، ومكنته هذه القرابة ، خلال عام واحد فقط ، من مضاعفة سعر الطن من ثلاثة آلاف جنيه ، إلى ما يزيد عن تسعة آلاف جنيه ، للطن الواحد ، ( أى بنسبة زيادة نحو 300% !! ) ، فى ظل تغاضى السلطة عنه ، بل وإسباغ حمايتها عليه ، وتجميدها لمساعى إقرار " قانون مكافحة الاحتكار " ‘ فى أضابير " مجلس الشعب " ، الأمر الذى سبب انهيار سوق العقارات والبناء فى مصر ، وتفشى المضاربة على أسعار الوحدات السكنية ، حتى البسيط منها ، مما أكمل عمليات سد أبواب المستقبل أمام الملايين من الشباب ، منهيا الأحلام المشروعة لهم فى بناء أسرة وبيت ومستقبل وحياة ! .
إدانة برلمانية :
وعودة إلى قضية " عبــّارة الموت " : فمن اللافت أن تقرير " لجنة تقصى الحقائق " التى شكلها البرلمان المصرى ، قد أدان بشكل واضح إهمال الشركة وتواطؤ الجهات الرسمية مع أصحابها ، فعلى سبيل المثال : تم ، بمخالفة القانون ، تعيين " ممدوح اسماعيل " عضوا بمجلس إدارة موانئ البحر الأحمر الحكومى ، الأمر الذى هيأ له المجال لحصد الامتيازات الحصرية للشركة ، ومكـنـّه من التغطية على الوضع المزرى ، والمخالف ، وغير اللائق إنسانيا ، المليئ بالعيوب ، لعـبّاراته ، والذى قاد فى النهاية لغرقها وغرق الركاب الأبرياء على متنها ! .
غير أن اخطر ما كشفت عنه هذه القضية تمثل فى نقطتين بارزتين دالتين:
الأولى :
تواطؤالمسئولين الفاسدين لـ" الهيئة المصرية للسلامة البحرية " ، [ بفعل النفوذ السياسى لمالك العبّارة ، وشيوع الفساد فى أركانها ، والـ " رش " المالى على قياداتها ] ، فى تقديم التغطية التقنية والتدليس الفنى ، بالمخالفة للحالة الحقيقية لوضع العبّارات المتهالكة ، مما مكـنـّه من تسييرها تجاوزا للقانون ! ، وحمايته من الإدانة ، عند محاكمته ، بعد وقوع الجريمة ! .
فشركة " ممدوح اسماعيل " ، امتلكت خمس عبـّارات ، جميعها تم شراؤها من شركة Terenia الإيطالية كـ " خردة " غير صالحة للعمل ، ويجب تكهينها ، هى : " العبّارة : السلام 90 ـ كاردوتشى " ، و" العبّارة : السلام 92 ـ بيتراركا " ، و" العبّارة : السلام 94 ـ مانزونى " ، و " العبّارة : السلام 96 ـ باسكولى " ، و " العبّارة : السلام 98 ـ بوكاشيو " ، وقد تم إعادة تأهيلها بشكل بدائى ، غير مطابق للمواصفات الدولية ، لتحويلها من سفن نقل للبضائع والسيارات والحاويات ، إلى سفن لنقل البشر ، أشبه بمدافن متحركة تمخر عباب بحار الموت ، فى غيبة من الضمير والرقابة ، وباستغلال لظروف الفئات الدنيا من المجتمع ، التى تقبل بركوبها لأنها لاتملك تكاليف الانتقال فى وسائل أكثر آدمية ! .
والثانية :
العبث فى التكييف القانونى للتهمة الموجهة للمتهم ، والتى نجم عنها مقتل وإصابة نحو 1400 مواطن ، بلا جريرة أو ذنب ، باعتبارها مجرد " جُنحة " بسيطة ، مثلها مثل توصيف واقعة مشاجرة فى الطريق العام ، أو مخالفة عادية لقانون المرور ، أو ماشاكل ! .
وهذا التوصيف الهزلى سوغ للسلطات ، فى النهاية ، اختصار مسؤلية مالك الشركة عند حدود " علم ولم يبلغ !! " أى علم بغرق البحارة ولم يسارع بالتبليغ عن الواقعة ! ، ( كان ، فى الواقع ، هو وأركان إدارته ، مشغولون بضمانات الحصول على القيمة المجزية للتأمين على العبّارة الغارقة من شركات التأمين العالمية ! ) ، وبما يعنى مساعدته على غسل يديه من دماء الضحايا البريئة ، وصك الأسماع عن صرخات ذوى الضحايا ، من الفلاحين والصعايدة البسطاء ، الذين شقت صرخاتهم كبد السماء ، التياعا على الأحباء المغدورين بلا عقاب ! ، وتأكيد القاعدة الحديثة السائدة : " قل لى ابن من أنت ، فى مصر ، أقل لك كيف ستحصل على حقوقك ومتى ! " .
و ... إدانة رسمية :
والمذهل أن هذه النتيجة تأتى على العكس ، تماما ، من مرافعة وكيل النيابة الشاب ، " أحمد محمد محمود " ، التى أدان فيها بأكثر العبارات وضوحا المتهم ، " ممدوح اسماعيل " ، الذى : " عــدّ نفسه من صفوة المجتمع ، فامتلك شركة للنقل البحرى ، واشترى واستأجر سفنا ، واحتكر خطا ملاحيا بين موانينا وموانئ بلاد شقيقة ، وتوسعت أعماله ، وزاد عدد سفنه ، وأفسد الجشع ثمار عرق البسطاء ، وبدد الفساد والإهمال بريق النجاح وفرحة العودة للأهل والديار .
غرقت السفينة لأخطاء ارتكبها طاقم اختاره هو ، وإدارته لقيادتها ، وعلم بغرقها فى حينه ، فتراخى وتقاعس عن انقاذ الضحايا ، وعن مد يد العون لهم ، وتركهم يصارعون الجوع والعطش والبرد والأمواج العاتية ساعات طوال ، مات منهم من مات ، وجرح منهم من جرح ، ولم يكلف نفسه عناء إخطار جهات البحث والإنقاذ الفورى ، ولم يصدر الأوامر الفورية لوحداته البحرية السريعة والجاهزة ، للإبحار والتحرك فورا لإنقاذ الضحايا من رجال ونساء وشيوخ وأطفال ، فى ظلام دامس وبحر هائج وطقس سيئ !! .
إن إسناد الواقعة للمتهمين قاطع فى الأوراق على نحو ماورد بأمر الإحالة ، قيدا ووصفا ، وجاءت أوراق الدعوى غنية بالأدلة المقنعة على ثبوت تلك الجريمة فى حق المتهمين ثبوتا كافيا لا ريب فيه ! " .
لكن هذه المرافعة البليغة ، الطويلة ، وبما تضمنته من عشرات القرائن التى تدين مالك الشركة لاستهتاره بأرواح البشر من الركاب ، ورعونته فى مواجهة الكارثة ، ألقى بها على قارعة الطريق ، وفاز " ممدوح اسماعيل " ، خدن السلطة وربيب النظام ، بالبراءة ، بعد أن أنفق نحو خمسين مليونا من الجنيهات على " الموعودين " ! .
إن هذه البراءة ، كما يقول المستشار" أحمد مكى " ، نائب رئيس محكمة النقض ، لم تبدأ فى محكمة "جنح سفاجا " ، وإنما " بدأت فى النيابة العامة ، وتحديدا من قرارى الاتهام والإحالة إلى المحكمة الصادرين منها ، ولأنها احالت المتهمين بتهمة محددة تتلخص فى أنهم علموا بغرق العّبارة ولم يخطروا أجهزة الإنقاذ ، مسقطة بذلك كل التهم الأخرى ، سواء ما اتصل بسلامة السفينة ، أوسلامة إجراءات تسييرها ، وحمولتها الزائدة ، كما استبعدت النيابة العامة أيضا أخطاء الأجهزة المختصة بالتفتيش على سلامة السفينة وتسييرها ، وجميع الشهادات المحلية والعالمية " .
" تستيف الأوراق ! " :
وقد جاء تعليق "حمدى الطحان " نائب " الوطنى " ، ورئيس " لجنة النقل " بمجلس الشعب ، ورئيس " لجنة تقصى الحقائق " التى شكلها البرلمان المصرى للتحقيق فى المأساة ، كاشفا ودامغا ، فهو رغم انتمائه للنظام ، لم يتحرج من توجيه إصبع الاتهام للمجرم الحقيقى :
" الذى حدث أن مافيا الفساد ، سواء بالمال أو بالعلاقات أو بأى وسيلة اخرى ، نجحت فى "تستيف " ، ( تظبيط ! ) الأوراق ، أمام القاضى بما لا يجعله يحكم إلا بما حكم به ، والذى أصابنى بالصدمة هو عدم الأخذ بما جاء فى التقرير ـ الوثيقة ، الذى أعدته لجنة تقصى الحقائق ، لأن كل ورقة فيه بوثيقة ، أو مستند ، أو سند علمى ، ولا مجال للتشكيك فيه.
إن المشكلة هى منظومة الفساد ، فمصر الآن مثل عبّارة " ممدوح اسماعيل " ، فى فسادها وضعفها وترهلها ... فالدولة فى مصر تتفكك ، وسلطتها غائبة ، وهذا ما يجعل الناس الآن تلجأ إلى أخذ حقها بـ " الدراع " ، وعدم انتظار دور الدولة لغيابه ، وغياب القانون ، وهذا مؤشر خطير ينبغى تداركه ، قبل أن تحدث الكارثة وتنهار الدولة ! " .

محاكمة نظام :
" لقد اكتشفنا ، كهيئة دفاع ـ كما يقول " ياسر فتحى " ، محامى الدفاع ـ أننا أمام ملف سياسى وليس قضائيا فقط ، ينبغى أن يوضع إلى جوارملفات ( إضراب ) 6 أبريل (نيسان) ، وعمال المحلة ، وكل الملفات التى تخنق الوطن ! .
إننا أمام معركة سياسية كبرى ، فى مواجهة النظام ، الذى سمح بدخول " الخردة " لبناء سفن تقتل الغلابة ، وسمح بالتزاوج بين السلطة والمال ! . "
" إن تحالف الفساد والسلطة قتل زوجتى وأبنائى ( الأربعة ) ... " ، هكذا يؤكد زوج ضحية ، ووالد أربعة أبناء من بين الضحايا ، لقد أدرك الجميع فورا هذه الحقيقة القاطعة التى كشفتها وقائع مهزلة محاكمة " ممدوح اسماعيل " وتابعيه ! .
ولأنها قضية سياسية وشعبية بامتياز ، فى مواجهة النظام ، كا ذكر محامى الدفاع ، كان طبيعيا أن تتفاعل حركة " كفاية " مع الحدث الجلل والقضية الكبرى ، التى رأت فيها ما يعكس الدور الكبير الذى بات يلعبه " تحالف رأس المال الفاسد مع السلطة الفاسدة " ، ويعرّى تستر الحكم الاستبدادى على هذه الجرائم البشعة ، التى يروح ضحية لها الآلاف من أبناء الشعب كل عام ، كما تعكس اهتراء النظام وعجزه ، وتآكل مشروعيته وانحطاط أداء جهاز الدولة ، على كل المستويات والحاجة الماسّة للتغيير الديموقراطى الفورى ، حماية للوطن والشعب ، من الموت الجماعى المجانى " .
ويمضى بيان حركة " كفايه " :
" ولأن هذه المحاكمة هى فى جوهرها محاكمة صريحة للنظام الفاسد والمستبد ، فإن بقاء الرأى العام يقظا ومتحفزا ، إزاء المحاولات الدءوبة التى ستجرى للالتفاف على إرادته القاطعة فى محاكمة المجرمين ، وإحقاق الحق ، والانتصار للعدالة ، هو وحده الذى سيمكن من الاقتصاص من قتلة أبناء شعبنا ، واستعادة حقوقهم المسلوبة ، ومواجهة " فساد البر والبحر" ، الذى ، كما أغرق المئات من أبناء شعبنا ، يهـــــدد ـ إذا تقاعسنا عن التصدى لــه ـ بإغراق الوطن كله " .



#أحمد_بهاء_الدين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحنة المصرية من - الشدة المستنصرية - إلى - الشدة المباركية ...
- شبح - ثورة الجوع - يحلق فى سماء المحروسة !
- مصر : قانون - مكافحة الإرهاب - ودولة القهر العام !
- برنامج «حزب الإخوان» ليس الحلّ!
- نهوض جديد لصراع الطبقات فى مصر
- - ثورة العطش - تجتاح وادي النيل
- المعذبون فى الأرض
- الحركات الاحتجاجية الجديدة فى مصر
- برنامج - حزب الأخوان - ليس الحل !


المزيد.....




- الضربات الأمريكية على إيران تثير مخاوف في دول الخليج من الان ...
- الولايات المتحدة غيّرت مسار المواجهة - كيف سترد إيران؟
- خاص يورونيوز: إسرائيل ترفض تقرير الاتحاد الأوروبي حول غزة وت ...
- خبير إسرائيلي: تل أبيب لا تريد التصعيد والكرة في الملعب الإي ...
- هل فشلت -أم القنابل- في تدمير -درة تاج- برنامج إيران النووي؟ ...
- أحداث تاريخية هزت العالم بالأسبوع الرابع من يونيو
- الرأسمالية نظام -غير ديمقراطي- يستنزف جنوب العالم ليرفّه عن ...
- هل يطلب المرشد الإيراني وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟
- كيف نُفذت الضربة الأميركية على إيران؟ وما الأسلحة المستخدمة؟ ...
- كيف يرد الحوثيون بعد هجمات واشنطن على إيران؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد بهاء الدين شعبان - مصر : من غرق العبّارة إلى غرق النظام !