أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد بهاء الدين شعبان - المعذبون فى الأرض















المزيد.....



المعذبون فى الأرض


أحمد بهاء الدين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 11:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لم يكن" طه حسين " يظن ، حين أهدى كتابه الشهير " المعذبون فى الأرض " إلى " الذين يحرقهم الشوق إلى العدل ، وإلى الذين يؤرقهم الخوف من العدل " ، وبعد الضجة التى ترتبت على نشره ، أن صرخات هؤلاء المعذبين ، حتى بعد عقود من هذه الصيحة الملتاعة ،لازالت تدوى فى أصقاع الأرض المصرية ( الآمنـة ) الطيبة ، وأن أهلها لازالوا يئنون تحت وطأة الرعب والقهر ، والإذلال والترويع , وأن سجل ( الحكم الوطنى !) ، فى هذا السياق خلال ربع القرن الأخير ، للأسف الشديد ، سيفوق بمراحل ، سجل الاحتلال والدولة الملكية الفاسدة ، بل ويتجاوز كل الحدود المتصورة ، فالثابت أن المصريين يتعرضون ، يوميا ، لممارسات وتجاوزات بشعة ، سـَودت ملف النظام وجعلته ، رمزا للاعتداء على الحق والافتئات على الحرية،وجعلتها تنتقل من كونها مجرد تجاوزات متناثرة ،هنا أوهناك، تنتهك فيها القوانين والحقوق الإنسانية ، المقررة عالميا ، والموقـع عليها من طرف نظام الحكم المصرى ،( كأغلب دول "العالم الثالث " !) ، إلى أن تصبح انتهاكا لآدمية يوميا ًالإنسان ، وبحيث أصبح التعذيب ، فى مصر، نمط حياة مستمر ومستقر، وأمرا منهجيا أو ، فى أحسن الأحوال ، " شبه منهجى " ، كما يؤكد تقرير " لجنة حقوق الإنسان "الصادر عن الأمم المتحدة ، عام 2002، وأصبحت هذه التصرفات الشائنة ، على حد تعبير " جو ستورك "، المسئول بمنظمة " الهيومان رايتس ووتش " : " ومنذ زمن طـويل ، انتهاكات منهجية خطيرة " ، بل أن بيان المنظمة ذاتها ، الذى علقت فيه على اختيار( مصر) لعضوية " مجلس حقوق الإنسان " بالأمم المتحدة ، اعتبر أن سجل الحكم المصرى المروع ، فى مجال حقوق الإنسان ، " يجعل من قبول ( مصر) كعضو فى المجلس خيارا غير ملائم " ، وليس غريبا والحال هكذا أن يناقش " مجلس حقوق الإنسان " الدولى ، التابع للأمم المتحدة ، فى دورة واحدة وحسب ، ( دورة 28/9- 6/10/2006 ) ، تسعة تقارير ، دفعة واحدة ، تتضمن شكاوى ضد انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها النظام المصرى ضد المواطنين فى ذلك العام ، وهذه الانتهاكات تتعلق ، حسب بيان " المبادرة المصرية للحقوق الشخصية " بـ " التعذيب ، والاحتجاز التعسفى ، والاختفاء القسرى ، والقتل خارج القانون ، ومكافحة الإرهاب ، وحرية الرأى والتعبير ، وحرية الدين والمعتقد ، والعنف ضد المرأة ، وأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان " ،( جريدة " المصرى اليوم "، 29/6/2006) .
وكان آخر هذه البيانات الدولية ، ذلك الذى صدر عن " منظمة العفو الدولية " ، بتاريخ 6/11/2007 ، والذى كررت فيه وصف مايجرى فى مصر بـ " التعذيب المنهجى " ، ويشير التقرير الذى صدر تحت عنوان " مصر : هناك حاجة لاتخاذ إجراءات شاملة ضد التعذيب " إلى أن " التعذيب فى مصر منتشر بشكل منهجى واسع النطاق ، ومؤخرا أصبحت ( مزاعم ) التعذيب مدعومة بأدلة مصورة مثل أفلام الفيديو التى تظهر أحداث التعذيب وسوء المعاملة ، ويتم بثها على الإنترنت " ، وأشارت " منظمة العفو الدولية " إلى أنها أعربت مرارا عن قلقها من الانتشار الواسع، والاستخدام المنهجى للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من قبل مسؤلى الأمن المصريين ، خاصة فى تحقيقات جهاز مباحث أمن الدولة ، الذى يمتلك سلطات واسعة، فى ظل قانون الطوارئ، الذى أبقت عليه الحكومة بصفة شبه مستمرة خلال الأربعين عاما الماضية ! " .

• الحرق حيـا ! :

يحكي الشاب "يحيي عبد الله عتوم "، الذي حققت نيابة مطروح في وقائع تعذيبه داخل قسم شرطة سيوة ما حدث معه ، فيقول : " كلمــة تعذيب هذه كلمة بسيطة لما تعرضت له .. أنا مُتّ وصحيت 100مرة بسبب الحرق والطحن والفرم وكل ما تعرضت له داخل قسم شرطة سيوة . كان ضباط المباحث : أحمد زغلول وعلاء موسي ومحمد الخضرجي، ومعهم " البلوك أمين " قدرى يتناوبون علي تعذيبي أحيانا ، وأحيانا أخري يتشاركون في عملية التعذيب ، قاموا بتقييد يدي بحبل ووضعوا علي عيني عصابة ، ثم علقوني علي باب الغرفـة وقالوا: " هتعترف بالسرقة ولا نكمّـل ؟! ... فقلت لهم " أنا برئ" فألقوني علي ظهري علي الأرض ، وظلوا يضربونني بالأحذية في بطني وصدري ويقفون علي وجهي ورأسي وجسدي ، وحين رفضت الاعتراف بما لم أفعله ربطوا أسلاكا كهربائية علي عضوي وفي مؤخرتي وفي قدمي، ثم صعقوني بالكهرباء مرات لم أذكر عددها ، وعندما رأوا أنني لم أعترف قام الضابط علاء موسي بسكب " السبرتو( الكحول )الأحمر"علي جسدي ، بعد أن جردوني من كل ملابسي ، ثم أشعل النار بولاعة سجائره فاشتعلت النار في جسمي كله ، فصرخـت فيهم : " إرحموني إرحموني " ... لكنهم كانوا مستمتعين!! ( جريدة " الدستور" - 4/8/2007) .

وباقي القصة معروفة فقد استدعي الضابط - بعدما أشرف الضحية علي الهلاك - أحد سائقي سيارات النقل العاملة علي خط " السلوم- بني غازي "، وأمره بحمل الشاب البائس إلي الصحراء الليبية ، وأن يلقيه فى السر ، حتي يختفي " جسد الجريمة " إلي الأبد !، لكن الضحية تمكن من الهروب من السيارة ، وهو بين الحياة والموت ، والاتصال بأهله.. ومن ثم تكشّـفت أبعاد الجريمة الوحشية ! .

• " ياهمه يموتوا يا إحنا نموت ! "

ألقت قوة كبيرة من ضباط وجنود قسم شرطة حلوان القبض على إحدى عشر شخصا من عائلة واحدة ، وتعرضوا جميعا - كما يشير تقرير" مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف " ، المعنون : " أيام التعذيب : خبرات نساء فى أقسام الشرطة " – لتعذيب وحشى ، وذلك بهدف دفعهم للاعتراف على أحد أفراد العائلة المتهم فى جريمة قتل ، وشمل ماتعرض له المعتقلون " تعليق الرجال ، والتعرية الكاملة للنساء ، مع التحرش وهتك العرض الذى يكاد يصل إلى الاغتصاب الفعلى ، وتم ذلك ( إمعانا فى الإذلال ) أمام أقاربهم وأبناءهم الذكور ، كما شملت عمليات التعذيب الضرب بالكرابيج على جميع أنحاء الجسم ، والتعذيب بالكهرباء فى الأماكن الحساسة ! .
تقول " سعدية " ، واحدة من الضحايا : " ليلة النص من ( شهر ) شعبان كنا بنحضّر لفرح (عُرس) ، هجم علينا بعد نص الليل أكتر من أربعين شخص بالأسلحة ! ، ابن اختى وقف للضابط وقال له رايح فين ؟ فيه حريم قالعة ، الضابط زقّـه وقعه على الأرض ، دخلوا البيت والبنات طلعت بلبس النوم والرجاله بالشورتات ، ضربونا كلهم وأخذونا معاهم ... أنا نقلونى إلى قسم ( شرطة ) حلوان ، قعدنا فى حاجه إسمها الثلاجة ، حجرة قذرة تفوح منها رائحة البول ، والضابط أمر المخبرين أنهم يبولوا قدامنا على الأرض ، ضربونى بالكرباج على كل جسمى ، وقلعونى هدومى وسابونى عريانه ... تلات أيام مفيش نوم ، مرتين تلاته فى اليوم يقلعونى عريانه ! ، والضابط " محمد الشرقاوى " قال لى انت ما تنفعيش غير فى ..... ، وأنا متخصص فى .... ، وفتح بنطلونه ..... ، وربط رجليا وأنا عريانه ، كنت من غير ملابس داخلية ، واحد قال له لبسها البنطلون رفض ، وأصر إنه يرفع رجليا وأنا عريانه وضربونى عليها ، وفى مرة تانية قلعونى ملط وواحد منهم نام فوقى ، فأغمى على ، قلت لهم : موتونى ، إخلعوا ضوافرى ، عذبونى زى مانتم عايزين .. بس ماتقلعونيش الجلابية ! .. أنا جوزى عمره ماشافنى وأنا عريانه ! ... أنا اتفضحت خلاص ، مفيش فضيحة بعد كده ، قلعونى كذا مرّة وناموا فوقى ، والضابط " محمد الشرقاوى " كان بيمسكنى من حتت فى جسمى ! ، أنا كنت باموت ، وولاد أخويا مش بس شافوا أبوهم متعلق ، لأ دول كمان شافونى ، وشافوا أمهم ملط ، ونايم عليها واحد ، وأخويا شاف المنظر ده بنفسه ، و" الشرقاوى " قال لى حعمل لك محضر دعارة ! ، ( وحقول ) أنا واخدك من شقة دعارة ! ، وهددنى إنه ينزلنى للمساجين علشان يغتصبونى ! ، كنت قالعة ملط ، وكان أخويا متعلق ، ومراته ملط ونايم عليها واحد ، وبنت أختى قالت لى إنه فى قسم شرطة مايو ، واحد من اللى كانوا بيعذبوها قلع لها ملط ، وجاب الأمناء قلعوها ملط وضربوها ! ، وواحدة تانية كانت وضعت طفل من أربع أيام ، والطفل كان معاها ، جاله ( مرض ) الصفرا ونزف من بقه !! .. والرجّـاله واحد اتحرق وواحد إيديه الاتنين مكسرين وبنلف بيه على الدكاترة ! .

وانهت سعدية حكاية مأساتها ، بقولها وهى تنتحب : " حداشر نفر من العيلة اتبهدلوا واتفضحوا ، مش ممكن نسيب حقنا أو نتنازل ... وماينفعش صلح ولا تعويض ... ماعدش ينفع غير ياهمه يموتوا يا إحنا نموت !! " .

• احتلال ( محلىّ ) !
وعلى طريقة العقاب والترويع الجماعى ، وإجبار قوات الاحتلال الصهيونى أبناء الشعب الفلسطينى المعتقلين على خلع ملابسهم والبقاء بالملابس الداخلية وحدها ، تم القبض على أكثر من خمسين مواطن فى قرية " عرندس " بالقرب من بلقاس – دقهلية ، بينهم عدد من الأطفال وستة عشر امرأة ، وذلك بعد أن قامت الشرطة بضرب حصار مسلح حول المنطقة ، وقطع الطرق المؤدية إليها ، وكان الهدف هو تأديب عائلة بالقرية ، ( تطاول ) شاب منها احتج على ضابط شرطة اعتدى على والده بالضرب والسب ، فتم التنكيل بجميع أفراد الأسرة ، وأوسعوهم ضربا ، وكسّروا أبواب البيوت ، وحطموا الثلاجات والتلفزيونات ، وخرّبوا المواد التموينية بأن ألقوا بالجاز ( الكيروسين ) على الحبوب ، وقبضوا على العشرات من سكان المنطقة ، وفرضوا حظر التجول عليها لمدة سبعة أيام كاملة ! ، وتقول سيدتان من المعتقلات : " حرقوا الإيشاربات والهدوم وحبسونا مع الرجّاله ، وطلعونا للشارع عريانين بعد ماأخدوا هدومنا ، وقت القبض علينا ، وصبّـوا عليها جاز وولعوا فيها ، واحنا خارجين من الحبس طلعونا عرايا بالملابس الداخلية بس ! ، الناس كانت بتتفرج علينا ، واحنا ممعناش فلوس نأجر عربية نتدارى فيها ! " ، ( المصدر نفسه ) .

• " دوس اللى يقف فى طريقك ! "
ُقتلت الفتاة " رضا بكير شحاته " ، بحى المطرية – محافظة القاهرة ، تحت عجلات سيارة الشرطة ، بعد أن أعطى الضابط المرافق لقوة تنفيذ الأحكام ، أمرا للسائق بأن يدهس كل من يقف فى طريقه أويحتج على سلوكه الفظ ، واعترف سائق سيارة الشرطة بأن ضابط الشرطة الرائد " وليد نجا " أمره بالتحرك بسرعة ، وقال له : " دوس اللى يقف فى طريقك " ، وأكد الشهود لجوء الضابط لسب وتوبيخ السائق حتى لا يتردد فى تنفيذ أوامره ، وأن أحد أمناء الشرطة المصاحبين له ضرب السائق بظهر الطبنجة ( المسدس ) على رأسه ، حتى لا يتلكأ فى تنفيذ تعليمات الضابط ، وكانت النتيجة : دفع السائق للتحرك بسرعة والفتاة واقفة أمامه على " أكصدام " السيارة ، وممسكة بالمراية والمسّاحة ، و ظلت السيارة تدهس الفتاة طول الطريق ، حتى لفظت أنفاسها ، بعد أن مزقتها العجلات لتلطخ بدماها الشارع بأكمله !! ( المصدر : جريدة " الدستور" ، 13/11/2007 ) .


ساديون ومسالخ:
هذه الوقائع التي أشرنا علي لسان" أبطالها " إلي تفاصيلها البشعة والمهينة ، هي نماذج قليلة حيـَة لمئات من وقائع التعذيب التي تطال السياسيين كما المواطنين العاديين ، وكل من يوقعه حظه العاثر بين براثن ضباط ساديين ، أدمنوا انتهاك آدمية الإنسان المصري ، وحولوا أقسام الشرطة ، التي كان شعارها ذات يوم " فى خدمة الشعب " إلي مسالخ بشرية ، ملطخة بدماء المواطنين البسطاء العاديين ، ولم يسلم من أذى هذه الفئات السادية المنفلتة ، بلا حساب ، أى فئة من فئات المجتمع ، حتى الأطفال ، الذين دفع انحراف عدد من هؤلاء الضباط إلى إصدار الأمرلبعضهم بممارسة الشذوذ ، علنا ، فى أحد أقسام الشرطة بمدينة كفر الشيخ ، على النحو الذى تفجرت وقائعه المشينة مؤخرا ! ، فما ما يحدث في مصر من " تعذيب منهجي " تجاوز كل الحدود والصلاحيات ، ويسر لضباط الشرطة ، وبشكل خاص ضباط " مباحث أمن الدولة " ، كل الحق في دهس القانون وخرق القواعد وانتهاك الأعراف والتقاليد المستقرة ، فداس " حماة القانون " على القاعدة التى تقول بأنه حتي الذين ارتكبوا جرائم من المواطنين لهم حقوق وحرمات ينبغى الحفاظ عليها ، فالقانون يقر، من جهة ، أن " المتهم بريء حتي تثبت إدانته " بالطرق القانونية المعروفة ، وهو، من جهة أخري ، حدد آليات ووسائل العقاب ، وحدد الجهات المنوط بها إنزال هذا العقاب علي من يستحقه.. وكذلك لم يفلت من هذا الأسلوب الهمجى عناصر المعارضة السياسية الديموقراطية ، ووقائع انتهاك أعراض الشباب المنتمى إلى حركة " كفايه " ( ذكور وإناث ) : ( م.ش) ، و( ع.ع ) ، و( ن. س) وغيرهم لازالت محل تحقيق جهات قانونية دولية ، بعد أن منع تدخل السلطة القضاء المصرى من إصدار الأحكام الرادعة بحق الضباط الذين أصدروا الأوامر بارتكابها .

وليس غريبا ـ والحال هكذا ـ ما رد به أحد ضباط الأمن علي صرخة عضو برلمان معارض في مجلس الشعب " سيد قراره " الشهير!! ، أثناء انتخابات " مجلس الشوري " الأخيرة ، حينما اعتدي عليه بالضرب ، ووضـع رأس عضو المجلس الموقر تحت حذائه ، فلما اعترض على هذا السلوك الشائن ، ذاكراً له ، ومذكرا،أنه نائب بمجلس الشعب ، أجابه بغطرسة : " أنت ومجلس شعبك ورئيسه تحت حذائي هذا "!! .

ثقافة حكـم! :
والخطير في هذه الوضعية الشاذة أنها أصبحت " ثقافة سائدة "، يعاني منها أي مواطن ( صالح ! ) مهما بلغ شأوه ، في أي تعامل تجبره ظروفه علي أن يتماس خلاله بضابط شرطة أو حتي أمين أو مخبر، ويعرف ، علي سبيل المثال ، سائقو التاكسى و الميكروباصات في كل أنحاء مصر، والبائعون البسطاء الجائلون ، وأصحاب المحال ، وغيرهم نوعية " المعاملات" الواجبة التي تتعامل بها " الحكومة "مع" الجهور" ، وبالذات مع القطاع الفقير ، " الذى بلا ظهر " من هذا الجمهور، علي نحو ما ذكرنا من أمثلة هنا ، وهى " غيض من فيض ! " ، وليس غريبا فى هذا السياق ، ما تعج به أفلام السينما والأعمال التليفزيونيةالدرامية ،وكذلك صفحات الجرائد ، ومدونات الإنترنت ، وغيرها، من إشارات هائلة لممارسات هذه النوعية من البشر ، الذين تحولوا إلي جلادين بدلا من أن يكونوا أنصارا للحق والعدل والقانون ، كما يتصور البعض ! ، والخطيرفى الأمر نظرة قطاع مهم من الضباط لهذه الممارسات غير الإنسانية ، باعتبارها صمام الأمان الوحيد لضمان السيطرة ، ولـ (حماية) المجتمع ( ! ) : " لولا تعذيب المواطنين فى أقسام الشرطــة ، لأفلت الزمام ، ولمزق المجتمع بعضه ، حتى لا يبقى منه سوى أشلاء !! " ، ( جريدة " البديل " – 1/11/2007 ) .


الصعود إلى " العالمية " !
والمضحك المبكى فى هذه القضية ، أن النظام المصرى ، الذى فشل فى جمع القمامة من شوارع "المحروسة" ، وأخفق فى علاج جميع مشكلات المجتمع ، حاز مرتبة متقدمة ، معترف بها على مستوى العالم أجمع ، فى مسألة تعذيب المسجونين للحصول على " اعترافاتهم " ! ، حتى أن كاتبا معروفا ، " فهمى هويدى " ، منح النظام المصرى " كأس العالم فى التعذيب " !! ، إذ ليس خافيا دور النظام المصرى فى " التعذيب بالوكالة " لعناصر تتهمها المخابرات الأمريكية ، وجهات أمنية غربية أخرى ، بالانتماء إلى جماعات " إرهابية "، تحايلا على قوانين بلدها التى تجرم هذا السلوك ، حسبما أذاعت المصادر الأمريكية والغربية ، وآخر المآسى ، فى هذا السياق ، قضية الشاب المصرى " عبد الله حجازى " الذى سافر لدراسة الهندسة فى الولايات المتحدة بمنحة من " الوكالة الأمريكية للتنمية " ، واضطرته المباحث الفيدرالية الأمريكية إلى الاعتراف بملكية جهاز راديو متطور ، ادعت أنه يستخدم للتجسس ، وزعمت أنها عثرت عليه فى غرفته بالفندق الذى يقيم فيه ، ثم تكشف أن هذا " الاعتراف " قد تم تحت وطأة تهديد عناصر المباحث الفيدرالية للشاب المصرى بأن يتم ترحيله إلى مصر ، حيث وجد الشاب نفسه ، حسب تقرير " الواشنطن بوست " ، مخيرأ " بين أن يعذب هو وأسرته فى السجون المصرية ، بحيث يعيش الجميع فى جحيم ، إذا أصر على تمسكه بإنكار أى علاقة له بالجهاز ، أو أن يعترف بملكيتة للجهاز ، فينقذ أسرته ويقضى بقية حياته فى السجون الأمريكية !! ، ولم ينقذ الشاب من هذا المصير البائس إلا عودة نزيل سابق بالغرفة يسأل عن جهاز الراديو الذى نسيه وغادر الفندق !! .


طين وعجـين:
والأغرب في كل ما تقدم هو نوع استجابة النظام ووزارة الداخلية لهذا السيل من الأخبار المؤسية والانتهاكات المروِّعة : " ودن من طين وأخري من عجين "، وبضع شعارات جوفاء لا تقدم ولا تؤخـر ، ولعل هذا الأمر هو ما جعل البعض ـ عن حق ـ يري فيما يحدث في أقســام الشرطة وسجونها نوعا من السلوك القصدى ، المخطط ، هدفه ترويع المعارضين ، وإرهاب الناس ، وإشاعة مناخ الخوف والقلق والاستخذاء، وكبت ردود الأفعال، وفرض الصمت من الخوف والتوجس وتوقع العقاب ! ، فى مرحلة حرجة ، تقتضى تكميم الأفواه ، وشل الحركة ، لتمرير مخطط " توريث " النجل " جمال مبارك " ! .
فما دامت السلطة عاجزة عن السيطرة علي الوضع بقوة الإقناع ، فليكن هذا الأمر بإقناع القوة .. ألم يقل " الحجاج بن يوسف الثقفي " ، ذات يوم : " من تكلم قتلناه .. ومن سكت مات بدائـه غماًَ !! "، وإلا فما تفسير هذه الموجة البشـعة من التعذيب التي تجتاح مصر الآن ، دون أي محـاولة رسـمية للسيطرة عليها ؟!! .
فبحسب " محمد زارع " ، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي ، أن التعذيب في مصـر لم يعد ذلك النـوع من الضرب والانتهاكات وحسب ، إنمـا هو " التعذيب الذي يفضي إلي موت !! ، وهناك 1124 قضية تعذيب تنظرها المحاكم نظر بعضها ، وتم الحكم فيها جميعا بالإدانة ، وصرفت وزارة الداخلية تعويضات بلغت خمسة ملايين جنيه .
وقد أرجــع " زارع " الانتهاكات والتعذيب إلي قانون الطوارئ ، االذي أعطي رجال الأمن صلاحيات كبيرة ، وسـاهم في التجاوزات من جانب الأمن ( المصري اليوم 13/8/2007) ، ومادام العبء المـادي لهذه الممارسات تتحمله الدولة وليس الضباط (لاحظ تقرير لجنة حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة "2002 " عدم معاقبة المتهمين عن التعذيب في أغلب الأحيان) ، فهذا معناه إسباغ لحماية علي مرتكبي هذه الجرائم، الأمر الذي يشجعهم علي الاستمرار في ممارستها ، ويعطيهم الضوء الأخضر بأنهم في مأمن من أي عقاب !.

طوارئ إلى الأبد ! :
و " حالة الطوارئ " التى أشار إليها مدير " المنظمة العربية للإصلاح الجنائي " ، باعتبارها السبب الأساس للانتهاكات البشعة ، التى أشرنا إلى نماذج يسيرة منها ، كادت أن تكون هى الوضع الطبيعى ، الدائم ، الممتد ، فى مصر ، على امتداد القرن الماضى كله ( إلا قليلا !) وهى حالة بالغة الندرة ، على مستوى العالم كله ! :

فقد فرضت الأحكام العرفية على مصر فترة الحرب العالمية الأولى ، من نوفمبر ( تشرين ثان ) 1914حتى نهايات عام 1922 ، بواسطة الاحتلال البريطانى ،

 وفرضت الأحكام العرفية ، أثناء الحرب العالمية الثانية ، بمرسوم ملكى مصرى ، من أول سبتمبر ( أيلول ) 1939 ، واستمرت طـوال فترة الحرب العالمية الثانية ، وحتى وضعت أوزارها ، فرفعت فى أواخر عام 1945،

 وفرضت أثناء " حرب فلسطين " ، من مايو ( آيار ) 1948، وحتى أبريل ( نيسان ) 1950، مع الإبقاء عليها – جزئيا – فى محافظتى سيناء والبحر الأحمر ،

 ثم أعيدت بمناسبة " حريق القاهرة " ، فى 26 يناير ( كانون الثانى ) 1952 ، وظلت مستمرة حتى يوم 23 يوليو ( تموز )1952، التى قامت ومصر ترضخ تحت وطأة "الأحكام العرفية "، فحلت " الشرعية الثورية " محل " الشرعية الدستورية " ، وحكمت البــلاد بقرارات صـادرة من " مجلس قيادة الثورة " ، حتى صدور دستور 1956 الدائم ، فى شهر يوليو ( تموز ) من ذلك العام ،

 وأعيدت الحالة العرفية ، مع العدوان الثلاثى ، عام 1956، حتى أصدر الرئيس جمال عبد الناصر القانون 162 ، فى 27 سبتمبر ( أيلول ) 1958 ، ( قانون الطوارئ ) ، الذى طبق للمرة الأولى أثناء حرب الخامس من يونيو ( حزيران ) 1967 ،

 بعد توقيع اتفاقية " كامب ديفيد "، فى 17 سبتمبر ( أيلول )1978، بين نظام الرئيس السابق " أنور السادات " و" إسرائيل " ، أصبح استمرار هذه الحالة فاقدا للمعنى ، ومن ثم تم رفـع حالة الطوارئ من منتصف ليل 15 مايو ( آيار )1980 ،

 ثم لم تلبث أن فرضت حالة الطوارئ مجددا فى عقب اغتيال " أنور السادات " ، فى اكتوبر ( تشرين أول ) 1981 ، ولا زالت مستمرة حتى الآن ، و لنحو 26 عاما متصلة ، رغـم انتفاء كل مبررات استمرارها ، مع " وعد " برفعها لدى إصدار " قانون مكافحة الإرهاب " ، الذى أعلن السيد " صفوت الشريف " ، قطب النظام المكين ، والقيادى البارز فى " الحزب الوطنى " ، حزب الحكم ، ورئيس " مجلس الشورى " ، أن المطالبين بإلغاء حالة الطوارئ ، " سيندمون على هذه المطالبة ، حينما يطالعون بنود قانون الإرهاب " ! .

 أى أن " حالة الطوارئ " استمرت فى مصـر على مدى 68 عاما من فترة الـ 82 عاما الماضية ، الأمر الذى جعلها الوضع " الطبيعى " ، وغيرها هو الاستثناء ! ، ولـذا كان من المنطقى أن يكون شعار جماعة " شباب من أجل التغيير " ، التى تكونت بعد ميلاد حـركة " كفايه " : " أجيال ولدت فى ظل حالة الطوارئ " ! ، كما أنه كان ، من المنطقى ، فى ظل هذه الأحوال ، أن تتغول سلطة الأجهزة القمعية العديدة ، وأن تتقزم ـ بالتبـعية ـ وضعية المجتمع المدنى ، بكل هيئاته ومؤسساته ورموزه وثقافته ومجال نشاطه ...ألخ ، وأن يصبح " الباشوات الجدد " ، من ضـباط الداخلية ، هم الحكام المستبدين ، المتسلطين ، النافذين ، الذين لا يردعهم قانون ، ولا يخشون التعرض ، بأى صورة للمساءلة أو المحاسبة ! .

 وفى ظل هذه الحالة الاستثنائية الممتدة ، التى أصبح لها وضعية الاستمرار ، منح جهاز الأمن صلاحيات مفتوحة ضد خصوم النظام ، وبالذات فى مرحلة الصدام المسلح مع تنظيمات العنف الأصولى ، واستبيحت كل الحدود فى معارك " الأرض المحروقة " للرد على عنف هذه الجماعات حتى تم استئصال شأفتها ، غير أن أجهزة الأمن لم تتراجع عما اكتسبته من هذه الصلاحيات ، وما انتزعته من تجاوزات ، تعاطت معها باعتبارها حقوقا ثابتة فى التعامل مع كافة الفرقاء السياسيين ، الذين يناضلون سلميا من أجل التغيير الديموقراطى للأوضاع المتردية على كل المستويات ، ( مثلما حدث فى التعامل مع المتظاهرين من نشطاء حركة " كفايه " ، و" أيمن نور " زعيم "حزب الغد " ، وأعضاء جماعة " الأخوان " ...) ، أو مع أبناء الشعب العاديين ، الذين لم تفرق السلطة بينهم وبين (الإرهابيين) ، المخضبة أياديهم بدماء رموز النظام ، والأبرياء من المواطنين ، وبعضهم من الأطفال ، الذين سقطوا فى معارك المواجهة بين الطرفين ! .


المسيرة مستمرة
حالات التعذيب ، والاحتجاز غير القانوني الممتد للمواطنين العاديين ، وتعرضهم المستمر للإهانة الفظة والانتهاك البدنى والنفسى ، وللتعذيب الشديد ، وإساءة المعاملة داخل أقسام الشرطة وأماكن احتجــاز الأفراد ، والاعتقال المتكرر وطويل الأمـد ، الذي طال مئات من الأشخاص ( بعضهم يعاد اعتقاله ، لسنوات طويلة ، فور إفراج المحكمة عنه لعدم جدية أسباب اعتقاله !) ، لفتت انتباه الهيئات الحقوقية الدولية بشّـدة ، فانتقد تقرير" لجنة حقوق الإنسان " الصادر عن الأمم المتحدة لعام "2006 " ، ظاهرة " العقاب الجماعي " ( وخاصة للمواطنين من بدو سيناء ) ، والاعتقالات العشوائية ، واحتجاز الرهائن وإطلاق القنابل المسيلة للدموع ، واللجوء إلي " الحملات التأديبية "، وأدان ظاهرة الاختفاء القسري ، لافتا إلي تزايد حالاتها ، والإجراءات غير القانونية التي ترافق أعمال القبض والاعتقال ، واحتجاز الأشخاص في أماكن حبس غير قانونية لا تخضع لرقابة وإشراف النيابة العامة ، ولفت إلي تردي الأوضاع الصحية والمعيشية داخل السجون المصرية ، وحرمان المسجونين من حقوقهم الإنسانية المقررة ، وكذلك ما تعرضت له " المنظومة الكلية لحرية الرأي والتعبير " ، في مصر ، خلال عام 2006 ، من انتهاكات ، عكس بعضها الموقف المتأصل للسلطات والمعادي بطبعه لحق المواطنين في اعتناق الآراء أو التعبير عنها بصورة سلمية " .( أنظرعرض للتقرير بقلم وائل علي ، المصري اليوم 5/9/ 2007) .

ميراث مبارك
وكان طبيعيا والأمر على النحو الذى رصدناه آنفا ، ان يتضاءل ـ تدريجيا ـ بعد 26 عاما من حكم الرئيس حسنى مبارك ، حجم الانفاق على الصحة والتعليم والدعم الاجتماعى وباقى الخدمات الأساسية لنحو ثمانين مليونا من المصريين ، معظمهم يعيش على تخوم الفقر، مقابل النمو السرطانى للموازنة المخصصة لتدريع قوات الأمن ، ومضاعفة أجهزتها وأعدادها ( تعداد عناصر جهاز الأمن المركزى وحده ، كما نشر مؤخرا مليون وأربعماءة ألف فرد! ) ، يضيف إليهم باحث مصرى ، عبد الخالق فاروق ، مابين "500 إلى 600 ألف من المرشدين والجواسيس والقابعين فى كل القطاعات الجنائية والسياسية ، والذين ينتشرون فى الأحياء السكنية والمصانع والنقابات العمالية والمهنية ، الأحزاب السياسية ، والصحفيين ، وأساتذة الجامعات والمدرسين ، وغيرهم من الفئات ، وبحيث يشكلون شبكة هائلة لجمع المعلومات ونقل الأخبار " ، هذا فضلا عن ضباط الشرطة ( العاديين ) فى الحراسات والخدمات العامة ، والعاملين فى وزارة الداخلية من المدنيين والعسكريين ، الذين يقدرهم الباحث المذكور بثمانمائة ألف فرد ، ( جريدة " الكرامة " ـ 25/7/2006 ) ، أى أننا بإزاء قوة بطش ديناصورية عددها يقترب من الثلاثة ملايين عنصر ، الأمر الذى يعنى أن جهاز الأمن المصرى تضخم ، بشكل غير مسبوق ، لا وجه لمقارنته إلا بالأجهزة الأمنية العتيدة ، كالتى كانت تمتلكها الدولة النازية ، على سبيل المثال ! .
ومن المنطقى ، فى ظل هذا الوضع ، كما يشير عبد الخالق فاروق ، أن تقفز مصروفات هذا الجهازمن مليون وسبعمائة ألف جنيه ، عام 1951 ، إلى ثمانية مليارات جنيه ، فى موازنة 2005ـ 2006 ، وإلى نحو عشرة مليارات جنيه فى الموازنة التالية [ 2006 ـ 2007 ] ، بالإضــافة إلى20 مليار جنيه أخرى مخصصة لـ " جهات حساسة " كما يقول الباحث ! .


تدمير الحياة السياسية

ولا يمكن إعفاء هذا التغول الأمنى، الذى سيطر على أحوال البلاد ، طوال العقود الماضية ، من مسئولية تدهور الأحوال السياسية ، من جهة ، وصعود الظاهرة الأصولية من جهة اخرى ، فالتربص الأمنى بكافة القوى السياسية ، حتى الرسمية منها ، مثل الأحزاب التى وافقت السلطة على منحها رخصة ( الشرعية ) ، ومطاردة كل أشكال النشاط الحزبى ، حتى العادى أو البسيط منها ، وحبس هذه الأحزاب ، بقياداتها وكوادرها ، داخل مقراتها ، ومنع احتكاكها بالشارع ، الذى قصر التعامل معه على جهاز الأمن والمؤسسات البيروقراطية للنظام ، والضربات البوليسية التى توجه لعناصرها وقياداتها إذا فكرت فى تجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة ، والتزييف المستمر والمتعمد للانتخابات ، ومصادرة العمل النقابى وأنشطة المجتمع المدنى ، والتدخل فى الرقابة غلى أعمال الصحف ومواقع شبكة المعلومات الدولية ، وكتابات المدونين ، واعتقال " المشاغبين " منهم ! ، .... كل ذلك أدى إلى رفع كلفة العمل السياسى إلى الحد الذى جعل الأغلبية العظمى من المواطنين تدير له الظهر ، مؤثرة الأمان والسلامة ، كما أن تجريف الوعى السياسى للأجيال الجديدة ، وتركها عرضة للاجتياح من الفكر المتطرف والعدمى ، أدى إلى شيخوخة الدولة ، وانعدام الحراك الجيلى ، وتجمد الدماء فى عروق النظام ، واختناق الصلة بينه وبين كافة قطاعات المجتمع الحيّة .


بركان الغضب
وليس غريبا ، والأمر على النحو الذى أشرنا إلى شذرات قليلة منه ، أن تتجمع عناصر النقمة والغضب ، على السلطة ، فى نفوس المصريين ، يغذيها تدهور شامل لأوضاع المواطن المصرى ، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، حتى أن آخر استطلاع للرأى ، جرى فى 47 دولة ، نفذته مؤسسة أمريكية ، ( هى مؤسسة " بيو بول " الشهيرة ) ، قد توصل إلى نتيجة ذات دلالة مفادها أن " المصريين هم أكثر شعوب العالم سخطا على حكومتهم ، بنسبة 87 % " ، ( جريدة " المصرى اليوم " ، 26/7/2007)، ويفسر هذا الوضع جانبا من الأسباب التى جعلت عام 2007 هو عام انتفاضات الشارع المصرى ، بعماله وفلاحينه ومثقفيه ومهنييه وعشوائييه أيضا ، حتى بلغ عدد التحركات الاحتجاجية فى الشهور العشر الماضية ( يناير / كانون الثانى – اكتوبر / تشرين ثانى 2007) أكثر من خمسمائة إضراب واعتصام وتظاهر وقطع طريق واصطدام عنيف بجحافل قوات الأمن ..... ! .

ياعم الضابط انت كداب !

وهكذا ، فبعد ما تقدم ، ليس من المستغرب أن يعبر شاعر العامية المعروف عبد الرحمن الأبنودى عن مشاعر المصريين تجاه ضباط الأمن ، فيقول :

" ياعم الضابط انت كداب
واللى بعتك كداب
مش بالذل هشوفكم غير
انتو كلاب الحاكم ، واحنا الطير
انتو لصوص القوت ، واحنا بنبنى بيوت
إحنا الصوت ساعة ماتحبوا الدنيا سكوت
إحنا شعبين شعبين شعبين

إحنا ولاد الكلب الشعب !
وطريقه الصعب
والضرب ببوز الجزمة
وبسن الكعب
والموت فى الحرب
لكن انتو خلقكم سيد الملك
جاهزين للملك
إيدكم نعمت
من طول مابتقتل وبتقتل
ليالينا الحُـلك! "



#أحمد_بهاء_الدين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركات الاحتجاجية الجديدة فى مصر
- برنامج - حزب الأخوان - ليس الحل !


المزيد.....




- عملية -مطرقة منتصف الليل-.. كيف اتخذ ترامب -القرار التاريخي- ...
- تحليل لـCNN: هجوم ترامب على إيران يعد انتصارا لنتنياهو لكن ا ...
- واشنطن تصدر -تحذيرا عالميا- على خلفية الصراع بالشرق الأوسط و ...
- أولمرت: الضربة الأميركية لإيران منحت نتنياهو فرصة لن يفلح با ...
- مصادر: إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار ...
- علماء يكتشفون فئة دم فريدة من نوعها في العالم
- كم عدد الطائرات التي شاركت في قصف منشآت إيران النووية؟
- غروسي يعلّق على وضع مواقع إيران النووية بعد القصف الأميركي
- إسرائيل تنفذ ضربات على أهداف في إيران
- -أكسيوس-: ترامب لا يريد مواصلة ضرب إيران إلا في هذه الحالة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد بهاء الدين شعبان - المعذبون فى الأرض