أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - التضامن من اجل بديل اشتراكي - انتفاضة سكان سيدي افني ايت باعمران: تحديات مسلسل نضالي جديد















المزيد.....


انتفاضة سكان سيدي افني ايت باعمران: تحديات مسلسل نضالي جديد


التضامن من اجل بديل اشتراكي

الحوار المتمدن-العدد: 2390 - 2008 / 8 / 31 - 06:44
المحور: حقوق الانسان
    


إن تحليل المسلسل النضالي لسكان منطقة ايت باعمران يسمح لنا في نفس الآن بفهم جوانب مهمة من المرحلة التي نعيشها وبالتفكير في الجواب عما سيعترض المسلسل النضالي في المرحلة القادمة في مناطق أخرى.
لهدا سوف لن نركز على وصف الأحداث التي عرفتها المدينة على اثر الهجمة القمعية والمجزرة التي ارتكبتها قوات النظام، فقد قام بهده المهمة من سبقنا بقدر ما سنقدم عناصر فتح نقاش في الأوساط المناضلة حول طبيعة وخصوصيات المسلسل النضالي خلال هده المرحلة من تطور الصراع الطبقي في محاولة لاستخلاص جماعي للدروس التي ستمكننا من مواجهة التحديات التي ستصطدم بها الحركة النضالية في تجارب أخرى.
الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية لساكنة المدينة
يتشكل النسيج الاجتماعي لساكنة مدينة سيدي افني من ثلاثة روافد: البحارة وصغار التجار والوافدين من القرى. أما البنية السكانية فتتميز بغلبة الشباب والنساء. وهذا راجع إلى عامل الهجرة حيث عدد كبير من أباء وأرباب الأسر هم مهاجرون خارج البلد (اسبانيا أساسا) أو داخله.
بالنظر إلى الخصوصيات الاقتصادية و الاجتماعية لساكنة المدينة سيلعب الشباب دورا طليعيا في كل النضالات التي عرفتها المدينة مند 2005. وهو دور يمكن تفسيره بالعوامل التالية: تراجع عامل الهجرة في امتصاص البطالة وتراجع عائدات المهاجرين في التعويض عن ضعف مداخيل الأسر. وغياب أية قاعدة إنتاجية أو خدماتية يمكنها أن تمتص الحجم المتزايد لعدد العاطلين. اذ لم يعد نشاط الصيد البحري كاف لوحده لتوفير الموارد الضرورية لعيش السكان. سيتفاقم الوضع مع تجميد التشغيل العمومي ليصبح الشباب أمام أفق مجهول.أما الفتيات فمستقبلهن أكثر قلقا. وحتى ربات الأسر فهن عرضة للتأثير المباشر لازمة البطالة وشح الموارد وتراجع عائدات الهجرة.
"ليس بالمدينة أكثر من ثكنتين عسكريتين ونحن الشباب خارج أوقات الدراسة والعطل ليس لدينا مانقوم به، فحتى العمل الصيفي في الميناء لم يعد متاحا لنا" هدا ماصرح لنا به طفل في سن الثانية عشرة.
أما خديجة وهي فتاة في سن 16 عشرة فقد صرحت لنا بان الشعل بالنسبة للفتاة المتعلمة منعدم وليس أمام الفتاة من سبيل غير الزواج أو الهجرة وهما أمنيتان أصبحتا مستحيلة التحقيق.
في ظل هده الشروط يشكل الشباب محور الاحتجاج ومركز تجميع وتفجير لغضب السكان ولعل هداما يفسر التعاطف الكبير الذي تحظى به معارك ونضالات الشباب.
نتائج العولمة الرأسمالية: تعميق التهميش وتعميم الإقصاء
من جهة أخرى تكشف إنتفاضة سكان سيدي افني عن الشكل الذي تاخده نتائج العولمة الرأسمالية في مدن وقرى ومناطق "المغرب غير النافع": ليس فقط شريحة اجتماعية عرضة للإقصاء الاجتماعي، بل منطقة بكاملها عرضة للتهميش. لقد أعادت العولمة الرأسمالية إنتاج التقسيم الاستعماري بين "المغرب النافع" و"المغرب غير النافع". وسواء تعلق الأمر بافني أو طاطا أو بوعرفة أو صفرو أو بومالن دادس... فهي مناطق، من منظور رأسمالي، "غير نافعة" و"عديمة المردودية". ويتجسد هدا في غياب استثمارات وانعدام البنيات التحتية الأساسية (الطرق المواصلات النقل.....). وأمام التوجه على المدى البعيد لتدمير المرافق العمومية وتفويت الخدمات العمومية إلى القطاع الخاص فان المناطق المصنفة ضمن قائمة "عديمة المردودية" مهددة بالبقاء دون بنيات وخدمات عمومية أساسية.
إن سكان مدينة افني ليسوا في صراع مباشر مع أرباب مصانع ومقاولات تستنزف قوة عملهم، بل في صراع مع "مافيا مجهولة الاسم" تستزف الثروات البحرية وتسيطر على الموارد السياحية. تتشكل هده المافيا من الجنرالات وقيادات الجيش والأجهزة الأمنية المسيطرة على بواخر الصيد وامتيازات مقالع الرمال وشبكة التوزيع والمواقع السياحية.
وتستغل هده المافيا نفوذها وسلطتها في تعيين موالين لها على رأس الأجهزة الإدارية والأمنية في المنطقة لحماية مصالحها. إن مشاركة فرق من القوات المساعدة والجيش والدرك والتدخل السريع تكشف علاقة "الشراكة" وتداخل المصالح بين قيادات هده الأجهزة.
وتكشف أحداث سيدي افني عن التطور المركب لازمة القرية والمدينة في ظل العولمة الرأسمالية: لم تعد المدينة متنفسا لامتصاص هجرة القرويين المفقرة قراهم والمدمرة أنشطتهم.
لم تعد القرية تقدم دخلا مكملا لسكان معظمهم من المستغلين بشكل فاحش أو المزاولين لمهن حرة أو أنشطة موسمية وهامشية. وتاخد هذه الأزمة شكلا حادا في المناطق التي لا توجد بها أصلا فلاحة أو صناعة وتعيش إما على عائدات المهاجرين أو عائدات المناجم. فالهجرة وعائداتها في تقلص مستمر والمناجم إما استنزفت أو تم تطوير تقنيات وتكنولوجيا استخراج معادنها. إننا إزاء منطقة جغرافية واسعة من المغرب عرضة لمزيد من التهميش والإقصاء الاجتماعي وبالتالي انفجار أزمات اجتماعية وتمردات وانتفاضات شعبية.
ومن خصوصيات هذه المناطق استمرار روابط الانتماء القبلي والعائلي والثقافي وصمود علاقات التضامن الاجتماعي في الأحياء والقرى في وجه العلاقات الفر دانية والأنانية المرافقة لعلاقات السوق الرأسمالية. وهدا ما يجعل من الصعب اختراق النسيج الاجتماعي للسكان وتكوين شريحة موالية للسلطة تعوض الاندحار التدريجي والمتسارع لفئة الأعيان التقليديين. كما أن إفلاس المشروع الليبرالي وصورية مشاريعه التنموية لم يسمح بتشكيل نخبة ليبرالية تملأ حالة الفراغ بين السكان والسلطة. وأمام تراكم أزمة مصداقية المسلسل الانتخابي ووعي السكان، وخاصة الشباب، باستحالة تحقيق مطالبهم وتحسين شروط عيشهم من خلال "المؤسسات" لم يعد من طريق أخر غير طريق الشارع حتى لو كان ثمنه مواجهة مباشرة مع الأجهزة القمعية. فاذا انهارت تربة الثقة سقط جدار الخوف.
مطالب اجتماعية وديمقراطية
ارتكز المسلسل النضالي لسكان سيدي افني على ثلاثة أبعاد جد منغرسة في الوعي الشعبي وتاريخ المنطقة(مطالب تاريخية على حد تعبير سكان المدينة). وعلى عكس النضالات الشعبية التي عرفها المغرب خلال القرن الماضي، اكتست مطالب سكان سيدي افني صبغة "مطالب اجتماعية استعجاليه ومباشرة"(الشغل، تنمية اقتصادية لتلبية حاجيات السكان،توفير البنيات والخدمات الأساسية،التوزيع العادل لعائدات الثروات البحرية والسياحية، التعويض عن الفترة الاستعمارية...).
لكن في نفس الآن مفتوحة على مطالب سياسية مباشرة (الاستقلال الإداري للمدينة عن الإدارة المخزنية المركزية). وقد لعب دور الانتماء والهوية التاريخية لسكان المنطقة دورا أساسيا في تعبئة السكان وانخراطهم الجماعي في المسلسل النضالي.

إن سكان مدينة سيدي افني ومنطقة ايت باعمران بشكل عام، هم على الدوام في اصطدام مباشر مع إدارة مركزية ليس لها من وظيفة غير قمع السكان وفرض الرقابة الأمنية عليهم. وقد أدرك شباب المدينة المتعلم علاقة التحالف بين رجال السلطة ورجال المال في نهب ثروات المنطقة ووقوف هدا التحالف كعائق أمام أية تنمية اقتصادية تلبي حاجيات السكان الاجتماعية وتخلق مناصب شغل للعاطلين. إن الوعي بطبيعة التحالف بين السلطة المحلية كامتداد للسلطة المركزية بالرباط واعيان المنطقة كشركاء لبرجوازية "أجنبية" هو ما سيتبلور في مطلب حق السكان في الاستفادة من خيرات المنطقة وثرواتها وفي إدارة محلية تحترم حقوق السكان وكرامتهم. وبالنظر إلى شرعية هذه المطالب وتجذرها في الوعي الشعبي سيكتسي النضال من اجل انتزاعها شكل اعتصام العاطلين ومحاولة فرض رقابة على النشاط الاقتصادي للميناء (أهم مصدر اقتصادي).
أما التطلعات الديمقراطية لسكان المدينة والمنطقة بشكل عام وحاجتهم إلى إدارة مدنية من السكان وفي خدمة مصالحهم فستصطدم مباشرة بالجهاز الأمني والعسكري لسلطة مركزية في خدمة تحالف الأعيان والبرجوازية.
إن تركيبة الطبقة السائدة على صعيد المنطقة (أعيان ورأسماليين وبيروقراطية إدارية وأمنية وعسكرية) وطبيعتها الطفيلية وارتباط مصالحها بالسوق الخارجية وبالمغرب النافع أكثر من ارتباطها بتنمية المنطقة، وليس الخصوصيات الثقافية والتاريخية لسكان منطقة ايت باعمران، هو ما يغذي التطلعات الشعبية نحو الاستقلال من سطوة وتحكم التحالف المخزني البرجوازي.
إن معركة سكان سيدي افني ايت باعمران تطرح مسالة الاستقلال والتسيير الذاتيين لمناطق "المغرب غير النافع" ليس لخصوصيات ثقافية (الامازيغية) أو تاريخية (العلاقة بالسلطة المركزية) بل كحل ديمقراطي لعلاقة التبعية لمناطق "المغرب النافع". لكن دون أن يعني دلك فصل معركة الاستقلال والتسيير الذاتيين لهده المناطق عن المعركة الكبرى من اجل إعادة التأسيس لوحدة وطنية ودولة ديمقراطية وسلطة شعبية.
أشكال التعبئة والنضال والتنظيم
إن معركة جماهير سكان افني تقود إلى ملاحظتين:
1-تعميق الهوة بين أشكال التنظيم التقليدية (نقابات، أحزاب، جمعيات بما فيها المناضلة) والقاعدة الشعبية الواسعة لسكان المدينة والقرى المجاورة.
2- عكس معركة 2005 تشكل ما يشبه التنظيم الذاتي للمعتصمين مند انطلاق معركة الاعتصام بالميناء.
وقد شكل هدان العاملان في نقس الآن عنصر قوة وعنصر ضعف في تطور الحركة النضالية للسكان.
ففي معركة 2005 وبصفة أكثر خلال معركة يونيو 2008 لم تكن الحركة خاضعة لتأطير وتوجيه احد التنظيمات التقليدية، مما جعل المبادرات الشعبية شبه خاضعة للتنظيم الذاتي والقيادة الجماعية، وان لم تأخذ شكلا واعيا.
أما عامل الضعف فقد تمثل في عدم وجود تنظيمات اجتماعية مرتبطة عضويا بقطاعات السكان الأساسية. فأهمية وجود التنظيمات الاجتماعية "الشرعية" تكمن في توليها مهام متابعة العمل خلال فترات خفوت وتراجع المبادرات الذاتية للسكان.وهدا العمل هو الذي كان غائبا خلال الفترة الفاصلة بين المعركة الأولى والثانية.
فانقسام جمعية المعطلين وضعفها الموضوعي و طابعها النخبوي وعدم وجود تنظيم نقابي جماهيري خلف حالة فراغ في صفوف السكان بين المعركة الأولى والثانية.
وهدا ما يفرض على القوى المناضلة الإسراع باستثمار المعركة لإعادة بناء حركة لكل العاطلين عن العمل (على قواعد وأسس مغايرة تماما لما كان عليه فرع الجمعية الوطنية ولما هي عليه باقي هو فروع الجمعية في المدن الصناعية الكبرى). فمسالة الشغل في مدن صغيرة ومهمشة ،كسيدي افني، لا ترتبط بحاملي الشهادات فقط، بل ترتبط بالقاعدة الشعبية الواسعة للسكان، وأساسا النساء.
كما أن المسلسل النضالي والتعبئة إلي عرفتها أحياء المدينة والقرى المجاورة تسمح بالشروع في تشكيل بنيات تنظيمية شعبية مفتوحة على السكان (بغض النظر عن الاسم لجان أحياء وقرى أو تنسيقيات....).
وهناك حاجة طبعا إلى جمعيات اجتماعية وثقافية مرتبطة بالقاعدة الشعبية وفي خدمة تطوير تنظيماتها الذاتية وليس بديلا عنها. لكن نجاح هده الجمعيات مشروط بفهم خصوصيات المنطقة واستيعاب تجربتها التاريخية والنضالية.
فبناء وجود للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمنطقة افني غير ممكن دون تشكيل فرع مستقل عن فرع مدينة تيزنيت. فليس هناك من مبرر للسقوط في فخ إعادة إنتاج العلاقة الهرمية التي كرسها التنظيم الإداري للمخزن على مستوى التنظيمات الجماهيرية المستقلة عن مؤسسات المخزن الإدارية والسياسية. وما يسري على هده الجمعية يسري بشكل أكثر على الجمعيات الصغيرة الناشئة التي لا تتمتع بوجود وطني وازن.
لكن من جهة اخرى تكشف معركة سكان سيدي افني (حوالي 20الف نسمة) عن تفوق النضال الشعبي المتحرر من وصاية ومراقبة البيروقراطية.فعلى عكس الاصرابات الصفراء والبيضاء التي دعت إليها البيروقراطيات النقابية أيام 13 و21 ماي ، استطاع بضع عشرات من المعتصمين بميناء لا يشكل أهمية بالغة في الحياة الاقتصادية والتجارية، من فرض ميزان قوى على الصعيد المحلي وإلحاق هزيمة سياسية جزئية بالطبقة الحاكمة . إن السر في دلك لا يجد تفسيره بطولات وقدرات خارقة لسكان مدينة سيدي افني ايث باعمران، بل يجد تفسيره في الوعي الحسي للجماهير بان تغيير موازين القوى في النضال يتوقف على شل الحركة الاقتصادية (مصدر أرباح الرأسماليين) واحتلال الشارع والأماكن العمومية (ميدان عربدة الجهاز القمعي للسلطة البرجوازية).
إن معركة سكان سيدي افني تقدم درسا ثمينا لتطوير النضالات الشعبية: ليست الخطابات الحمراء والإضرابات الصفراء هي التي ستنمي الوعي الطبقي و تفرض التنازلات على العدو، بل الإرادة الشعبية المنظمة وتوجيه النضالات نحو هدف واضح: شل النشاط الاقتصادي واحتلال الشارع العام من اجل فرض ميزان قوى على الأرض يسمح بالتفاوض حول حجم تنازلات العدو.
إن المطلوب، ليس هو تدبيج خطابات حمراء عن بطولات طبقية وهمية ، بل تطوير خط نضالي طبقي في أوساط الجماهير الشعبية، يسمح بتطوير وعي شعبي بضرورة فرض رقابة شعبية على الثروة والسلطة من اجل العيش بكرامة وحرية.
دور اليسار الجذري
إن تلاشي تنظيمات اليسار الإصلاحي في منطقة افني –ايت باعمران (حاضنة الحركة الوطنية بالجنوب) تعكس قطيعة سياسية لسكان المنطقة مع هده التنظيمات. لكن هده القطيعة لا تعني بعد تشكل وعي سياسي بالحاجة إلى حركة سياسية مستقلة لسكان المنطقة تعبر عن مصالحهم وتقود نضالاتهم إلى النهاية. صحيح أن مقاطعة انتخابات 2007 كانت واسعة وتعكس إرادة شعبية واعية، لكن هدا لا يشكل تحصينا ضد الاختراقات التي تقوم بها قوى رجعية ومحافظة سواء ذات أصول دينية أو ثقافية أو قومية شوفينية.
إن هدا ما يجعل دور القوى المناضلة المناهضة للرأسمالية حاسم في مراكمة التجربة وتحصينها من التلاشي وضد الاستخدام الانتخابي ومن اجل تتبيث البعد الاجتماعي التحرري لنضال سكان مدينة افني وايت باعمران .
لكن من اجل الانغراس والارتباط بالسكان وقيادة نضالات السكان على القوى المناهضة للرأسمالية عدم الزيغ عن خط سياسي واضح : خط سياسي يرتكز على مناهضة التهميش والمطالبة بإعادة توزيع الثروة والدفاع عن ديمقراطية شعبية حقيقية ترتكز على التسيير الذاتي والرقابة الشعبية على الإدارة والمشاريع وعلى بعد معادي للاستعمار والامبريالية من خلال تحبين مطلب التعويض عن أثارا لاستعمار ومخلفاته وإلغاء الاتفاقيات الاستعمارية وإزالة كل وجود عسكري امبريالي في المنطقة (القاعدة العسكرية لقوات حاف شمال الأطلسي).
في حال نجاح القوى المناضلة في توفير بنيات تنظيمية للنضال الاجتماعي يمكن ربط هده البنيات بهدف تشكيل جبهة اجتماعية داعمة لحركة السكان.
أما على صعيد بناء اليسار الجذري في المدينة فسيكون من الخطأ الفادح والمدمر إعادة إنتاج نفس الانقسامات التنظيمية: إن شباب افني وقراه في حاجة إلى جبهة سياسية موحدة بين مختلف فصائل اليسار، جبهة يسارية ديمقراطية مكافحة معادية للاستبداد السياسي والتهميش الرأسمالي وداث أفق اشتراكي.
إن المطلوب ليس "جبهة شعبية لتحرير سيدي افني –ايت باعمران" بل المطلوب هو جبهة شعبية لتحرر جماهير سكان افني – ايت باعمران من التهميش الرأسمالي والطغيان البرجوازي، وهذا لن يتأتى بشكل كامل إلا من خلال قيام سلطة شعبية ديمقراطية في خدمة السكان وخاضعة لرقابتهم.
عناصر القوة والضعف في تجربة سيدي افني
إن من يؤمن بقدرات حركة الجماهير الدانية في اغناء وتطوير المسلسل النضالي بشكل عام، يمكن أن يستخلص بسهولة أهمية المبادرة الذاتية للجماهير ودور التنظيم الذاتي الجماهيري في نجاح المعارك الشعبية. ليس دور القوى المنظمة هو الإحلال محل الجماهير أو تنصيب نفسها قيادة ميكانيكية للحركة الجماهيرية،بل يكمن دورها في مدى قدرتها على المساهمة في تطوير الحركة الذاتية للجماهير. هذه المعادلة لم تجد حلها للأسف في معركة سكان سيدي افني: مسلسل نضالي يتطور تدريجيا، من خلال التجربة العفوية، نحو حركة شعبية مستقلة بذاتها واعية لذاتها، وقوى منظمة تسعى إلى اختزال الحركة الشعبية للسكان في حركتها الذاتية.
لقد أعادت تجربة سكان سيدي افني التأكيد على محدودية التصورات النخبوية والفوقية في النضال والتعبئة والتنظيم. وأهمية الأشكال الشعبية والطرق الجماعية ومناهج إشراك السكان في بناء مبادراتهم النضالية.
إن التطور اللامتساوي بين حركة الجماهير الذاتية والتدخل السياسي للقوى المنظمة، سيستغله النظام فيما بعد
لاختزال وحرف المعركة من مواجهة مباشرة مع جماهير السكان إلى مواجهة مع جمعيات ومجموعات مناضلة.
علينا أن نستخلص الدروس من كل معركة بعيدا كل رؤية ضيقة من اجل تقويم تدخل القوى المناضلة في المعارك القادمة. واهم ما يمكن استخلاصه من معركة سكان سيدي افني هو:
1- من اجل تطوير النضال الجماهيري وضمان المشاركة الشعبية الواسعة لا محيد عن توفير بنية تنظيمية (لجنة أو تنسيقية لجان أو مجلس) شعبية مفتوحة في وجه كل القوى(أفرادا وتنظيمات) المستعدة للنضال والدفاع إلى النهاية عن مطالب وحاجيات السكان شريطة احترام الإرادة والقرارات الجماعية.
2- الأهمية والحيوية القصوى لاستقلالية البنيات التنظيمية الشعبية عن التنظيمات السياسية والاجتماعية بما في دلك التنظيمات المناضلة. لا يعني هدا بخس دور القوى السياسية والاجتماعية المنظمة بل يعني توفير شروط المشاركة الشعبية في كل مراحل المسلسل النضالي.
3- من اجل تعبئة شعبية واسعة لا بد من تجاوز الأشكال التقليدية في تعبئة وتنظيم القاعدة الشعبية والوعي باستحالة احتواء المبادرات والقاعدة الشعبية في بنيات تنظيمية نمطية، فوقية، نخبوية وبيروقراطية: إن التعددية والديمقراطية والتنظيم الذاتي شرط للمشاركة الشعبية.
4- اذا كان التفاوض مع العدو شر لا مفر منه فان التفاوض يجب أن يرتكز على تكتيك سليم ومدروس يستهدف في كل مرة تعديل ميزان القوى وانتزاع مطالب ولو جزئية تسمح بتطوير الحركة ومركزة نضالاتها وتعزيز ثقة السكان في قواهم وفي قياداتهم.
5- أهمية التوسيع المستمر للمعركة والانفلات من فخ مركزتها بشكل فوقي وتقليص دائرة نفودها وتأثيرها. لقد لعبت الاحتجاجات في القرى المجاورة لمدينة افني دور استمرار التعبئة والمعركة بعد الهجمة القمعية على مركزها في المدينة.
6- بناء حركة تضامن أممي : إن تجربة سيدي افني تطرح إعادة التفكير في الربط بين النضالات الشعبية في الداخل وتضامن العمال والمهاجرين في الخارج كجسر لبناء وحشد التضامن الأممي. وهذا لن يتأتى إلا بتجاوز حالة التقوقع والطابع القبلي والاثني والعقائدي لتجمعات العمال المهاجرين، وانفتاحها على التنظيمات الاجتماعية والسياسية الديمقراطية المناهضة للرأسمالية والامبريالية من اجل بناء حركة تضامن أممي مع نضالات الشعب المغربي في مواجهة القمع والاستبداد.



#التضامن_من_اجل_بديل_اشتراكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم 21 ماي بداية الإضراب العام وليس نهايته


المزيد.....




- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - التضامن من اجل بديل اشتراكي - انتفاضة سكان سيدي افني ايت باعمران: تحديات مسلسل نضالي جديد