أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد أبوسالم - الإسلام و ازدواجية الشخصية العربية















المزيد.....

الإسلام و ازدواجية الشخصية العربية


محمد أبوسالم

الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 09:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أولاً قبل أن أشرع في كتابة هذا المقال أريد توضيح أنني أقصد بالإسلام ( القراءة السائدة للإسلام ) و هي قراءة أهل السنة و الجماعة ، كما أعني بالشخصية العربية العربي المسلم أو غير المسلم ، فالإسلام هنا ثقافة و بنى عقلية و ليس مجرد معتقد. إننا إذا تفحصنا مجتمعاتنا العربية بنظرة تحليلية موضوعية سنلاحظ الازدواجية الحادة التي يعيشها المواطن العربي ، و التي أصبحت جزءًا أصيلاً في تكوينه ، و سمة تميز شخصيته ، بل و علامة يمكنك أن تعرفه بها من بين سكان المعمورة أجمع ، و سأذكر هنا بعض النقاط لتوضيح ما أعنيه بالازدواجية:
1- إزدواجية ذكر/أنثى :
هي من أبرز ازدواجيات الشخصية العربية ، بدءًا من مستوى الأسرة التي تفرق بينهما حتى في مواعيد الحضور للبيت و الخروج مع الأصدقاء و استقبالهم و صولاً إلى مستوى الدولة التي تفرق بينهما بشكل سافر، فبعض الدول منعتها من القيادة ، و بعضها أعطوا أولوية للرجل في العمل و الترقيات و منع النساء عن بعض المهن و المناصب ، هذا بخلاف من منعها من السفر بدون إذن زوجها و أحيانًا فرض الحجاب عليها ، و في مصر يتعامل القانون مع قضايا الشرف بشكل غريب ، حيث لو وجد الزوج رجلاً مع زوجته في فراش الزوجية و قتلهما فله حكم لا يتعدى ثلاثة شهور و إذا حدث العكس تحاكم المرأة على أنها قضية قتل عمد عادية ، و الطامة الكبرى في تعامل المجتمعات مع زنا الشاب على أنه أمر منكر يستوجب التوبيخ ، و زنا الفتاة أو أقل هو عار يستوجب القتل ثأرًا للشرف في أغلب الأحيان.

2- إزدواجية حق/باطل:
إن الشخص العربي بغض النظر عن انتماءه الديني أو الطائفي يرى أن ما يعتقده هو الحق المطلق ، و بالتالي فما يعتقده سواه هو باطل مطلق ، و هذا الباطل على أفضل الفروض يستوجب العذاب في الآخرة ، و على أسوأها يستوجب القتل في الدنيا ، فنظرة الإنسان العربي نظرة أحادية تنفي الآخر تمامًا ، و لا تراجع معتقداتها إلا فيما ندر ، و ترفض أي خروج عليها إلا في بعض الصغائر التي لا تقدم و لا تؤخر ، أما إذا وصل الأمر لخلاف حقيقي فغير مقبول و لا مكان له .

3- إزدواجية ديموقراطية/ديكتاتورية:
كان أبي دائمًا ما يلعن أبو الحكومات العربية التي أخرتنا بديكتاتوريتها حسب وجهة نظره ، و كان يطالب بالحرية و الديموقراطية ، تلك الديموقراطية التي لم يمارسها أبدًا في محيط الأسرة ، و هذا حال كل الأسر العربية ، فرب الأسرة هو صاحب الكلمة الأخيرة حتى و إن استشار ، و بالطبع تتعدى المشكلة محيط الأسرة إلى مدرس الفصل الديكتاتور ، و أستاذ الجامعة الطاغية ، و رئيس العمل المطلق اليد ، و ينسى الشخص العربي أن الحكومة هي إفراز مجتمعي ، و أن الديموقراطية لا تهبط على الناس بالباراشوت ، و إنما تبدأ من بينهم حتى تصل لأعلى تمثيل لها في الحكومات.

4- إزدواجية الماضي/الحاضر:
الشخص العربي هو الوحيد في العالم الذي يتغنى بأمجاد ليس له أي دور في صناعتها ، بل لم يقدر على الحفاظ على أبسط منجزاتها ، أو الأخذ بأسباب تقدمها ، إن الشخصية العربية تختلق لحاضرها المهان أسبابًا خارجةً عنه تخترعها اختراعًا ، و تتباهى بتاريخٍ لم تعيه حتى ألهاها عن حاضرها فصارت لا تعيهما معًا ، و تصر أن تقدمها سيحدث إن عادت للماضي ، ناسيةً أن أجدادها تقدموا بفهم حاضرهم و تطويره و ليس بالرجوع لماضيهم .

5- إزدواجية السارق/المتصدق:
لقد عملت في أكثر من شركة عربية كبرى ، و لاحظت أن أصحاب تلك الشركات جميعًا يستحلون التهرب من الضرائب ، و تهريب البضائع دون دفع رسومها الجمركية ، و الاحتكار و استغلال ظروف السوق ، و فصل العمال تعسفيًا لتخفيض التكاليف .. ، و برغم هذا فهم يتصدقون بشكل دوري ، و يذبحون الذبائح في المواسم و الأعياد و كافة المناسبات ، و يخرجون الزكاة على أموالهم الراكدة ، و لم أفهم منطقهم في هذه الأفعال المتناقضة ، ربما لأن هذه فريضة يقبضون مقابلها حسنات و أن الأخرى خدمة للمجتمع بالمجان ، و ربما لأن الحسنات يذهبن السيئات.

إن الأمثلة السابقة قليلة أمام مظاهر ازدواجية الشخصية العربية ، و هي للتدليل على الفكرة و ليست للحصر ، و لكن ما علاقة ذلك بالإسلام ؟ لقد رسخ الإسلام في رأينا لهذه الازدواجية ، و أسس لها ، و برغم رفض الدين الإسلامي لبعض هذه الممارسات إلا أنه ساهم بشكل كبير في تشكيل و تأصيل الازدواجية في العقلية العربية ، و سأورد هنا بعض الأمثلة التي أراها مساهمات للإسلام في هذا التأسيس.


1- الحرام/المكافأة:
و هذه في رأيي أخطر النقاط التي أوردها هنا ، فالإسلام هو الدين الوحيد على حد علمي الذي يمنع معتنقيه عن أشياء ليكافئهم بها بعد ذلك ، و أعني الخمر و الجنس الغير محدود و البطنة و التكاسل و الرفاهية التي تصل إلى حد غير مقبول ، كل هذه الأمور منعها الإسلام منعًا باتًا في الدنيا ، و وعد المؤمنين بمنحهم نفس الأشياء في الآخرة ، فأصبحت هذه الأشياء سيئة إلى درجة إقامة الحد ، و جيدة إلى حد التمني ، و أصبح المسلم يكره هذه الممارسات و يشتهيها ، يرفضها و يحبها ، يمارسها و يندم عليها ، لا يريدها و يخشى أن يحرم منها ، و هكذا تأسست هذه العقلية القابلة لهذا التناقض و المستسيغة لهذه الازدواجية.

2- الذات الصفات:
هناك الكثير من صفات الإله الإسلامي تتناقض مع بعضها في ازدواجية لا يقبلها المنطق إلا بتأويلٍ مفرطٍ مخل ، و لا يصح اجتماعها في ذات واحدة بداهةً إذا كانت مطلقة ، مثل الضار/النافع ، المنتقم/العفو ، الجبار/الرحيم ، و الكثير غيرها ، و كان لابد للعقلية الإسلامية قبول هذا التناقض لأسباب عقيدية ، حتى ألفت التناقض و لم يعد يزعجها أو يدهشها.

3- التسيير/التخيير:
مهما اجتهد علماء الإسلام لحل هذه المعضلة تبقى منها في الحلوق غصة ، فالعلم الأزلي يناقض بالضرورة حرية الاختيار ، و آيات التسيير الصريحة كثيرة ، و كذلك آيات التخيير الصريحة أيضًا ، و كلها مقبولة لذلك العربي الفصامي.

4- العمل/الرزق:
لقد حض الإسلام على العمل ، و إعمار الأرض ، و البحث و التفكير و التساؤل ، و اتخاذ الأسباب ، و كعادته في التأسيس للإزدواجية أخبرنا أن رزق الإنسان و عمره و شقاءه و سعادته أمور يكتبها عليه ربه و هو في بطن أمه ، كذلك أخبرنا عن اللوح المحفوظ بكل ما يحويه من إقرار واقعٍ مهما اجتهدنا ، فانفصمنا.

5- ذكر/أنثى مرةً أخرى:
الإسلام يخاطب ذكرًا في الأساس ، و الأنثى عرض بالنسبة له ، لذا نجد سورة تسمى بالنساء لاحتواءها على الكثير من الأحكام الخاصة بهن ، و لا نجد سورة تسمى بالذكور ، لأن القرآن كله خطاب للذكور و أما النساء فاستثناء ، و الإله الإسلامي ذكر و لو على المستوى اللغوي ، و قد فرق بين الذكر و الأنثى في الشهادة و الميراث و التعدد و الطلاق ......

و الأمثلة السابقة أيضًا للتدليل و ليست للحصر ، و هي ليست شبهات كي لا ينبري لنا البعض مدافعًا أن هذا ليس في الإسلام ، و لكن الإسلام ليس بكائنٍ حي ينطق شارحًا نفسه ، و إنما ينطق به رجال ، و هذه رؤيتنا للقراءة السائدة و بعض آثارها.



#محمد_أبوسالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلاص
- لماذا يفجرون أنفسهم؟
- القرآنيون بين مطرقة غياب المنهجية وسندان تجميل القبيح


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد أبوسالم - الإسلام و ازدواجية الشخصية العربية