أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل زينل - فى ذكري على مدان















المزيد.....

فى ذكري على مدان


خليل زينل

الحوار المتمدن-العدد: 736 - 2004 / 2 / 6 - 05:43
المحور: الادب والفن
    


ثلاثـية القلم ، الشاعر والمناضل
القـلم :
 هناك علاقة طردية ، جدلية و مهنية بين أضلاع مثلث الأبداع و التغيير و التقدم كعلاقة الماء ببخار الماء حين يتكثف ، القلم كأداة و وسيلة ، الشعر كلغة و موسيقى ، النضال كقدر و سعي الشعوب نحو الأفضل و المستقبل .. القلم و الورق زاد المثقف - إضافة إلى عقلة طبعاً -  ضمن الأدوات الحسية للمعرفة الإنسانية .

      كتب أحد المبدعين " الأنسان الأعتيادي يلقى على الأرض ظلاً ، في حين إنسان العبقرية (المبدع) يلقى ضوءاً " .. المبدع المثقف هو الوسيط الوحيد بين الحضارات و المعرفة الإنسانية و الموهبة و الإحساس من جانب و بين المتلقي ( كقارئ أو مشاهد أو مستمع أو متابع ) من جانب آخر .

     المثقف المبدع يبحث عن طيف من ضوء عله يجد بين الأركان المعتمة لأرواحنا مكاناً و مستقراً بدل حالة القلق و الحيرة التي تنتابنا كلما جالت بخاطرنا فكرة جديدة أو فسحة فنية رائدة ، حيث نلجأ إلى القلم الريشة النوتة الموسيقية لتدوين الحالة الإبداعية و تسجيل تجلياتها الفنية و القبض على لحظاتها لقطتها ضمن صورة فوتوغرافية ساكنه بلحظتها الراهنة و متحركة الأفكار و الألوان في ذات الوقت .

      المثقف المبدع هو هي (لا فرق) الذي يصل عبر لغته الإبداعية و أحاسيسه  روحاً بروح و يوسع أفق المعرفة و التطلع إلى التقدم ، و هو العاكس و الناقل للمعرفة ممزوجاً ببصمات روحه الوثابة و حيث هو سيد وسائل الإيصال و الأبداع و لا أحد يعلو على المثقف المبدع في أهليته للقيام بهذا الدور التنويري و النامي للذائقة الحسية و المطوع للحالة الذهنية و الفكرية للملتقى و المجتمع إجمالاً .
 
      القلم أداة من أدوات التسجيل و التدوين ، القلم قناة تسهل و تساعد على نقل المعرفة و ليس الجزء الأهم بل الجزء الظاهر و لكن المرء يحس برغبة شديدة للقلم و الكتابة ، رغبة ملحة جداً ، حيث يكون العقل في قمة مداركه و الفكرة في قمة الأختمار و النضج تصبح الرغبة ملحة جداً في إحتضان القلم ،  حينها تتسائل : هل ينجح هذا القلم اللعين في نقل أفكارك بشكل أمين ؟ هل ينجح بشكل صادق في نقل إحساس وهم الكاتب / المبدع ؟

       القلم لا يستطيع أن يفارق المثقف المبدع و العكس صحيح ضمن علاقة تزاوجية جدلية و معرفية تنسج و تتكون بينهما ضمن حالة أثيرة و أسيرة للطرفين خاصة للمبدع ، حيث القلم يصبح ذات قيمة إذا أستعمل كالعقل تماماً مع فارق الوظائف طبعاً .. أما إذا أهمل فيضمحل و يصبح جزءاً من الديكور الجامد الصامت الذي تعتاد عليه العين إلى درجة الأهمال . القلم الريشة كالشمعة التي تحترق و تنير الدرب للآخرين كما قال الشاعر الكبير ناظم حكمت
( إذا لم أحترق أنا و أنت فمن ينير الدروب للآخرين ؟؟) .

البصرة جنة الشاعر مهدي محمد علي

               لم أندمج و أتفاعل مع قصائد و دواوين الشاعر العراقي مهدي محمد علي المتعددة و المتنوعة كما تفاعلت مع رائعته (مجنونته) "البصرة جنة البستان" لما تحويه من تألق و تمازج أدبي رائع يجمع بين الشعر و النثر من جانب و الوصف و التصوير الأدبي و السيرة الذاتية لطفولة الشاعر و مدينته الرائعة البصرة من جانب آخر.
حيث يتناول في كتابه و ينقل بقلمه الأدبي الرشيق وصفاً تصويرياً دقيقاً و جميلاً لبصرة الخمسينيات و ذكريات طفولته منذ ُ كان طفلاً في الخامسة من عمره حتى صبياً يافعاً في الرابعة عشرة و حيث تغتني تلك الفترة بالكثير من صور الأمثلة الإنسانية و الحضارية و السرديات الشعبية و التراثية و حتى التاريخية منها رغم بساطة لغتها و ربما سذاجة معانيها أحياناً .. و هذا ما يذكرني  ببحرين الستينيات حيث دور السينما في شارع الزبارة و محلات شواء اللحم و خاصة تكة أبل ، مدرسة الأمام علي بن أبي طالب و قهوة معرفي بين الفاضل و العوضية .
        يحاول الكاتب الشاعر أن يرسم صورة واقعية لمدينته في تلك السنوات بكل تفاصيلها الجغرافية و أبعادها الإنسانية حيث الشوارع المغبرة و البيوت القديمة و التقليدية ، الأسواق و الأضرحة ، الحدائق و البساتين الجميلة.. الأنهار و أفرعها و الأهم من ذلك ، الناس البسطاء و الشخصيات الشعبية المرتبطة بمورثات تاريخية و مهن توارثوها و التي تشكل محطات تاريخية مميزة للماء البحري و النهري للعراق ، حيث أختلاط الأجناس و الأسواق من خلال التجارة و الزراعة و التصدير و تزاوج و تداخل الطقوس و التقاليد في الأعياد و الأفراح و الأحزان و المآتم .. في فترات الأفراح القليلة و الأتراح العامرة .
      أن غاية الكاتب الشاعر هي رسم مدينته بريشة الذاكرة الأولى حسب الموروث الطفولي و التلقائي و الذي يشكل ((ضباب)) أشعارة و نثره ، حيث النخيل الباسقات و جداول الأنهار تتمدد بين بيوت القصب و الطين حيث سطوح المنازل متلاصقة .. السلالم و الشناشيل .. المواقد و القدور و الحكايات التي تدور حولها الذكريات، حيث الذكريات  تولد الذكريات و الصور تستدعي الصور، لذا سيظل الكاتب و الكتاب بحاجة إلى الأستزادة مادامت البصرة تعاني الخراب تلو الخراب بفعل الزمن في العمران و المعمار و بفعل الأنسان في الحروب و تدمير البيئة .. بفعل الأستغلال البشع و الجشع للموارد و الآثار الطبيعية الخلابة بدءاً من شط العرب مروراً بالأهوار إنتهاء بروابي و أنهار  وقمم جبال كردستان الجميلة .. حيث أيادي الديكتاتورية المبيدة وصلت إلى كل نبض حي لتحوله قسراًَ إلى دمار وجماد خارج إطار بيئته ، خارج إطار الأبداع  سوى التهليل و التعظيم لسيده الهارب .. ها هي عشتار البصرة تعود لعشاقها و الطبقة تعاود التطبيق بين ظفتي شط العرب يومياً .
      و يظل قلم الشاعر مهدي محمد علي ينضح حباً في البصرة و للبصرة كدين في عنقه حيث المحاولات الدائمة للتعبير عن المشاعر الصادقة و الهموم الحقيقية للناس و حفظ ذكرياهم و رسم تطلعاتهم رغم مغادرته لمدينته قسراً ما يقرب الربع قرن فمتى تعود الطيور المهاجرة ؟ .. "  و يا طيور الطايرة روحي لهلي و يا شمسنا الدايرة .. الخ " و لا يكتفي قلم الصديق مهدي محمد علي بحب الطيبين في البصرة و العراق ، ها هو ينشد لحن المحبة و الشوق للبحرين و يأبي إلا أن يشارك بكلماته و قلمه -  من بصرة حلب كما يحب أن يسميها -  بعض من  فيض محبته في ذكرى (الحجي) علي مدان ، عامل البناء البسيط و القادم من الأسياف الفارسية ، فلا تقف الجغرافيا تحول دون النبع الأممي بين الشعوب فالأوطان تتعزز و الشعوب تتقارب طالما الأقلام تنضح بحبر الكلمة الصادقة و بحب الأوطان و
الشعوب . 

      قلم الكاتب يكتب المناصفة  الحزن و السرور .. الأنتصار و الخسارات اليومية ،  سعيد بشيء و موجوع بشيء آخر وكلا الأمرين يعني الوطن .  كلمات الصديق مهدي محمد علي مناصفة بين الشعر و النثر .. بين الوعي و القلم .. يناصف الشعوب و الأوطان حباً ،  فتحية حب له من البحرين ومن اهله في البحرين ..


في رثاء المناضل علي عبدالله مدان :
                                            
                                               بقلم الشاعر العراقي مهدي محمد علي
                                                                      حلب  2/2/1995م   

مرةً أراكَ      
  شئ فأرى كلّ
و مرةً أراكَ
فلا أرى شيئاً سواك  !
ها أنت أيها الرجل -  البحرين 
  
       ها أنت تموت بالمناسبة ، مثلما وُلدت بالمناسبة .. مثلما ساهمت في ميلاد نهضة الناس .. مثلما سجنوك .. مثلما عذبوك .. مثلما أبعدوك .. مثلما أعادوك .. مثلما نفوك .. و أنت أنت ( علي عبدالله مدان ) لا تفتأ تبني .. مثلما يتساقط عليك ما تبني حجراً يؤذي ، أو ثمراً يُسمنُ ، أو حكمة ً تنفع في محنة ، أو سجن أو تشرُد ، أو منفى  !

      ها أنت أيها الرجل -  البحرين !
       تموت بالمناسبة .. في أرض هي أبعد ما تكون عن البحرين براً و بحراً و جواً .. بعيداً عن المناسبة ، و في قلب المناسبة .
      ها أنت أيها الرجل -  البحرين !  
      تموت لا أسفاً ، و لا قرير العين !
 
    ها أنت تموت بالمناسبة ، فثمة في البحرين أناسٌ أمثالك ، لا يعرفونك ، و لكنهم يعيشون معجزتك .. ثمة أناسٌ في البحرين يعرفونك دون أن يعرفوك .. دون أن يعرفوا أنك تموت الآن في صقع بعيد ، موتاً من أجلهم .. موتاًَ تقرر قبل ميلادهم ، فأنت ميلادُهم ، فماتوا .
       وها أنت تموتُ بالمناسبة ! مناسبة الأحداث الجديدة .. مناسبة الميلاد الجديد لأهل البحرين .. أهلك الذين تعنيك حياتهم الحرة الكريمة ، قبل أن تعنيك حياتك مهما تكنْ !  فلقد تعوّدت العذاب و الأنفراد .. السجن و التعذيب ، و الإبعاد ، و النفي .. حتى تعوّدت الموت ، قبل الموت ..
 
       .. و ها هو ميلاد أهلك قد حان ، رغم أن في  مخاضه موتا ً أطاح بالبعض ، و يترّبصُ بالبعض الآخر ، و لكنه مخاض الميلاد الذي لابدّ أن يجيء بالوليد معزًزاً بأبتسامتك البسيطة الراضية بعذابها في الوطن و غير الوطن ، فأنت بلا وطن سوى المباديء .. بلا وطن سوى الولع بصنع الوطن ، سواء أكان ذلك في الوطن ، أو خارج الوطن ، أو على شفا حفرة الموت !
      لم تكن إلا لشيء من أجل الآخرين ..  لم تكن إلا ( علي عبدالله مدان ) المنذور للوطن بلا وطن ! المنذور للمسيرة بلا شريك حياة ، سوى ما يسمّونه -  تقديساً أو سخرية -  بالقضّية ، و لكنك لا تنتبه كثيراً ، و لا تدقيقاً إلى مثل تلك التعليقات .. إذ أن كلّ  شيء  لديك واضحُ و لا يحتاج إلى جدال أو زعيق أو حيلة ، رغم كل ما يحيطك من جدل و زعيق و أحتيال !

      هكذا جرت الأمور .
      هكذا تجري الأمور .. و ربما ستجري كذلك حتى حين .. و لكنك موقنّ  أنها ستجري يوماً ما على  ما يرام .
      لذا فلتمتْ  ( يا عبدالله )
      و لتسكنْ  أنت و نأماتك التي لا تحصى من أجل الناس .
      أسكن راحتك الأولى و الأخيرة !
             
                  أسكن إلى سكن ُتسرُّ  به                            ذهب الزمانُ و أنت منفردُ

 


                                               خليـل زينـل - البحرين 9/9/2003م



#خليل_زينل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لك الله يا جار الله
- أحفــاد فهــــد
- المصرفــيين يحـتـفـون بالمصرفـيون
- القراءة فضاء المعرفة .. نضج التجربة
- أخضركالنعناع أحمركالتفاح ُمزهر رغم الجراح
- البصرة جنة البستان
- نهاية رجل جبان
- العـوينــاتي ســـعيداً
- مجداً لك يا عازف الساكسيفون
- جعفر حسن يغني في البحريـن
- سعد محمود جواد وايماءات العود العراقي
- الخطاب القوماني ومسالك الانسداد الدكتاتوري


المزيد.....




- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل زينل - فى ذكري على مدان