أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ر ائد قاسم - قناة التطبير الفضائية!















المزيد.....

قناة التطبير الفضائية!


ر ائد قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2377 - 2008 / 8 / 18 - 10:19
المحور: كتابات ساخرة
    


لقد أضحت القنوات الفضائية في وقت سريع مؤسسات إعلامية مهمة غير مقتصرة على الحكومات، وتحولت إلى منبر حي للأحزاب والتنظيمات والتيارات وأتباع المذهب والطوائف، فأصبح لكل حزب سياسي وطائفة دينية جهازا إعلاميا متطورا تبث عبره معالمها الحضارية والفكرية ، واليوم يمتلئ الفضاء العربي بعشرات القنوات الفضائية التي تعبر عن الواقع السياسي والمذهبي والثقافي المتنوع في الأقطار العربية، فكل قناة فضائية تجسد بطريقة أو بأخرى معالم النهضة وأيدلوجيا الحركة لكل تيار أو اتجاه ، والشيعة باعتبارهم الجناح الثاني في الحركة الإسلامية كانت لهم كما لإخوانهم اللدودين قنوات فضائية متعددة، فحزب الله لبنان أطلق فضائية المنار ، وهي قناة تتجاوز في الغالبية العظمى من مواد بثها البعد المذهبي الضيق لتقوم سياستها الإعلامية على الدعوة لثقافة المقاومة الإسلامية والوطنية ومواجهة الوجود الإسرائيلي والمخططات الأمريكية ، وفي العراق تبث فضائية "العراقية " التي تعبر عن توجهات الحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة ، وسياستها الإعلامية تتسم بالاعتدال وتحاول الظهور بمظهر الفضائية الرسمية المسئولة ، كما أن لكل حزب سياسي وتيار ديني شيعي في العراق محطة فضائية يعرض من خلالها آرائه ونزعاته العقائدية وثقافته العامة ، وتتراوح ما بين النزعة الصوفية التقليدية كقناة كربلاء وما بين الاعتدال والمعاصرة ومنطق الدولة كقناة "العراقية "
وكان لشيعة الخليج والسعودية أيضا نصيبا من هذا الفتح الإعلامي المتطور، فأطلقوا أيضا قنوات تعبر عن توجهاتهم الثقافية والفكرية والدينية ، فكان أن افتتحوا قناة الأنوار! وقناة الفورتين!!
أهالي القطيف والاحساء والبحرين لم يكونوا متجاوبين مع أي قناة فضائية رسمية أو خاصة طيلة السنوات الماضية ، حتى إعلاناتهم التجارية كانوا يتجنبون عرضها في القنوات الخاصة لأسباب مذهبية وأخلاقية، وظلوا منعزلين إعلاميا إلا أنهم كانوا يحلمون بامتلاك قناة فضائية على غرار الشيعة في لبنان والعراق حتى تحقق الحلم أخيرا! وتحمل رجل أعمال سعودي مسئولية افتتاح قناة "الفورتين" التي تعبر عن آمالهم وأحلامهم وثقافتهم !! فانجذب إليها العامة قبل الخاصة ! فكانت تلك القناة بمثابة إحدى القنوات الشيعية التي تعبر عن ثقافة وفكر وأصالة الشيعة في السعودية وعموم الخليج !!
إلا إن قناة الأنوار الكويتية تعتبر قناة أهل القطيف والبحرين بامتياز!! فالعديد من موادها تعد في القطيف والكثير من ضيوفها ومعدي برامجها من القطيف أيضا، ويعتبر مكتبها الغير رسمي في القطيف من أنشط المكاتب، ولكن ماذا تعرض هذه القناة التي هي بمثابة قناة أهل القطيف والاحساء والبحرين شبه الرسمية؟! أنها تعرض طوال العام برامج دينية مكثفة ، وتوغل في التاريخ بحيث إن معظم برامجها بعيدة عن المعاصرة والواقع ، إنها بالطبع قناة دينية ولا ينتظر منها عرض غير البرامج الدينية التقليدية ، إلا إن تفاعل أهالي القطيف والبحرين والاحساء معها يشكل دلالة على أن هذه القناة هي المحطة الفضائية التي تعبر عن ثقافتهم وتوجهاتهم !! إن قناتي الأنوار والفورتين تعرض طوال فترة البث مواد دينية واجتماعية تجسد النظم الحاكمة والمفاهيم العقائدية والفكرية لهذه المجتمعات ، من دون منح أي فرصة للنقد أو التشكيك أو التساؤل ، ويقوم جهاز الرقابة فيها والمكون من رجال دين متشددين بمنع بث أية مواد تتعارض معها حتى إنها حذفت مشاهد من لقاء اجري مع احد الكتاب لمجرد انه أعلن موقفا عقائديا اعتبره رجال الدين انحرافا!! ومنع بث لقاء مع إحدى المبدعات لمجرد أن كفيها ظاهرين للمشاهد!! إن الأنوار تبث على مدار الساعة البرامج التي تجسد الفتاوى والأحكام الفقهية والمفاهيم التقليدية التي يغلب عليها المحافظة والتصوف والتشدد والتطرف ، دون الالتفات لحركة الواقع والمعطيات الحضارية الهائلة للعالم المحيط بالمجتمعات التي تستهدفها بإعلامها .
والغريب إن عموم أهالي القطيف والبحرين والاحساء يتفاعلون ويتجاوبون معها بتلقائية!!

إن هذا يدل بكل تأكيد على أنها قنوات فضائية تعبر عن واقع تلك المجتمعات المتسمة بالتشدد والتطرف والسلفية الصوفية المبحرة في الماضي البعيد ، إن المجتمعات الشيعية في الخليج لا سيما في القطيف والاحساء تعيش سلفيتها وتدينها بتطرف بسبب شيوع التمييز الطائفي ، الأمر الذي يدفعها لمحاولة تأكيد الذات المذهبية وإسقاط الايدولوجيا على الواقع، فالأهالي يتركون أعمالهم في أيام المناسبات الدينية ( كأيام عاشوراء) ويرتدون السواد في الأماكن العامة ويرفعون صور علمائهم في الشوارع والأسواق ، رغم أن ذلك كله مخالفا لمبدأ الانتماء الوطني والمظهر العام للوطن الذي يجب أن يسموا عن الطائفية والنزعات المذهبية ، فارتداء الملابس التي تعبر عن الانتماء المذهبي يجب أن يكون في الأماكن الدينية لا العامة أو الرسمية كالمدارس، وتعليق صور رجال الدين يجب أن يحصر في الحسينيات والمساجد لا الشوارع والمنتزهات! وترك العمل لأجل حضور مناسبة دينية أمر غير مقبول وغير مبرر حتى عند الفقهاء الشيعة أنفسهم ، إلا إن المجتمعات الشيعية باعتبارها من المجتمعات الدينية المتشددة والمغالية في انتمائها المذهبي ونزعتها الصوفية السلفية الجامدة تحاول بقدر الإمكان إسقاط أيدلوجيتها الدينية المتحجرة على الواقع المتحرك والمتغير باستمرار ، ما ينتج عنه احتقان مذهبي وشعبي يظهر جليا في حالة التخلف والانهيار الإنساني والحضاري الذي تعيشه مثل هذه المجتمعات.
إن الاحتفال بذكرى بعض الشخصيات المذهبية كالإمام المهدي ليس سوى تعبير عميق عن معارضة الواقع والرغبة في تغييره لصالح الهوية المذهبية والشعور الطائفي الطاغي، فالإمام المهدي هو الذي سوف يقضي على كافة المخالفين من السنة واليهود والمسيحيين ويجعل الشيعة سادة على هذه الأرض ويقضي على كافة الأنظمة الحاكمة باعتبارها فاسدة وغير شرعية وسيجعل الشيعة سادة على مخالفيهم ، بينما هم اليوم أقلية مذهبية معزولة .
أنهم يحتفلون بذكرى إمامهم الغائب ويعقدون الأمل على ظهوره ليخلصهم من ضعفهم وهوانهم وذلهم ، إن ذلك ليس سوى نوع من التخدير الذي يمارسه رجال الدين وتنفيس جماعي لضمان استمرارية الايدولوجيا المتسمة بنزعتها الخيالية والخرافية في بعض الأحيان ، ذلك إن الايدولوجيا الدينية هنا لم تحقق أهدافها المتوخاة ولم تؤدي إلى نتيجة ملموسة ، بيد إن الضرب على وتر النغمات الدينية المترسبة في الوجدان والمشاعر الدفينة الواعية واللاواعية في الفرد والمجتمع كانعقاد الأمل بوجود شخص خارق ألا وهو الإمام المهدي ، تتحول فيه الايدولوجيا إلى واقع وتصبح منهج حي ومتحرك سيكون له أعظم الأثر في بقائها وبالتالي استمرارية رجال الدين في ممارسة سلطتهم الروحية والعقلية والتحكم بمناهج الذهن والتفكير في تلك المجتمعات المعزولة عن زمنها بكل ما يحمل من تطور هائل على مختلف المستويات.
إن الاحتفالات الصاخبة بذكرى الإمام المهدي في بعض المجتمعات كالقطيف والبحرين والاحساء نوع من التعبير اللاواعي في رغبة جامحة تتمثل في الخروج من الحياة الرتيبة الجافة والقاسية ، حيث ستتوفر فرصة نادرة للبهجة والتواصل الاجتماعي لا سيما بين الجنسين ! مما حدى بالكثير من رجال الدين إلى التشديد على عدم دخول المنازل للأطفال الأكبر من12 !!
إن القنوات الشيعية كالأنوار والفورتين تقدم برامجها الفنتازية وتلقى استحسانا من أهالي القطيف والبحرين والاحساء ، ذلك إنها تعبر عن الحس المذهبي والطائفي المتجذر في تلك المجتمعات ، فغدت قنواتها الرسمية وأصبح الأهالي فيها يتفاعلون معها بكافة أشكال التواصل الجماهيري سواء عبر الإعلانات التجارية أو رسائل المسج أو الاتصالات التلفونية المباشرة أو الدعم المالي، وكما أن قناة المنار تهدف إلى مواجهة الوجود الإسرائيلي والأمريكي وتنظر لثقافة المقاومة والنضال ضد الاستعمار والاحتلال والطغيان وتعبر عن المستوى الثقافي للشيعة في لبنان فان قناة الأنوار تظهر الوجه الحقيقي لأهل القطيف والبحرين !! وكيف أن قناتهم الفضائية تعبر عن ثقافة ماضوية سلفية صوفية ساذجة وتعيسة ، ليس لها هدف واقعي أو غاية حقيقية سوى استمرارية الواقع المتسلط على تلك المجتمعات بكل ما يحمله من بؤس وانحدار.
لقد أثبتت تلك القنوات عن عدم قدرة رجال الدين الحاكمين على إيجاد تناغم وانسجام ما بين الدين والحياة والحاضر والماضي الذي توغل فيه بسفه، وجسدت برامجها سلفيتها وصوفيتها وانعزالها وتوحشها ، وهي بذلك تدلل من دون شك على المستوى الحضاري والإنساني والمعرفي المتهاوي الذي تعيشه تلك المجتمعات التي تنخر فيها المفاهيم والقيم الطائفية والمذهبية وتسود صفوها كافة أشكال الانزواء والانكماش على الذات والهوية المذهبية الضيقة والمتحجرة.
إنها قنوات تظهر بوضوح وجهها الطائفي وأجندتها السلفية المعادية للواقع والنتاج الحضاري والمعرفي العالمي وتقدم خطابا موغلا بالتشدد والتسلف والتطرف والتعصب والبعد عن الواقع وتقديم اللامعقول في صورة الحقيقة التي ستسود في نهاية الأمر ، وكل ذلك مبنيا على دعم سلطة دينية كهنوتية تسيرها منظومة إدارية محكمة تتجاوز البعد الجغرافي والوطني .
إذا استمر الانحدار الحضاري والإنساني والثقافي لتلك المجتمعات سيأتي يوما تطلق فيه قناة التطبير الفضائية !! ذلك أن المجتمعات التي تذوب في صراعات جوفاء لا اثر لها ولا نتيجة كجواز التطبير من حرمته !! ليس بالغريب عليها أن تتفاعل مع طوبائياتها ويقدم أنصار التطبير على افتتاح قناة خاصة بالتطبير في يوم ما !! للتدليل على صحة عقيدتهم وحكمهم الفقهي !! وحتى ذلك الوقت سيحتدم الصراع والنزاع ما بين التيارات الدينية الحاكمة في مثل تلك المجتمعات طمعا في اكتساح الساحة الشعبية وتحصيل المزيد من الأنصار على حساب مستقبل أبنائها وآدميتهم وهويتهم البشرية وانتمائهم الوطني والقومي والإنساني.



#ر_ائد_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخصاء الفرد في المجتمع الديني


المزيد.....




- الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
- وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو ...
- فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن ...
- مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة
- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ر ائد قاسم - قناة التطبير الفضائية!