أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - علي عبيدات - رحل القديس وسقط الجرس














المزيد.....

رحل القديس وسقط الجرس


علي عبيدات

الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 09:54
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


لا زال خبز أمك ساخنا هناك في الجليل يا سيدي، رغوة القهوة لم تُزلها كبريات العواصف، هي كما تحبها أنت، حامية الطبع دوما، قلي من سيمنع دمع أمي اليوم، وأمهات كثر ممن أعلنت حربك على الموت خجلا من دموعهن.
رحلت قبل أن تنسج لنا قصيدة النصر، قبل أن تُعلق الجدارية التي خططتها على أسوار القدس، التي كانت تبتسمُ كلما غازلتها، وتومئ رأسها موافقةً كلما انتقدت من نصبوا أنفسهم قادة عليها، ومن ارتكبوا أبشع جرم في التاريخ حاملين راية تحريرها.
حصانك سار طويلا يا سيدي، كانت وجهتك واضحة، اعتنق البطولة منذ الولادة، كان رحيله باكرا، قبل أن تجتاز به جدار الفصل، قبل أن نجد وإياه لقضية العقود الطوال حلا، رحل وكم كنا نتمنى أن تكون قيلولته الأخيرة بجوار سورٍ على بعد أمتار من مسرى.
بالأمس أعلنا سقوط القلم، من سيحمل لواء الثورة بعدك يا سيدي، من سيخط لنا أحرفا من نور، نهتدي بها وسط الظلام الحالك، من سيكتب للبندقية، ريتا اليوم أضحت حزينة، من سيقنعنا بعد اليوم أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.
علم الألوان الأربعة الذي تيمنا بعشقه، سقط أشرفنا وهم يحملونه، بات شاحبا جدا، حزينا جدا، وأيدٍ لرجال فاضت عيونهم دمعا لفراقك، تلملمه وتنكسه، فهذا العلم الذي تغنينا معك به طويلا، عشنا لأجل أن يرفع عاليا، لم يكن يعلمُ أنه سينكس لفراقك.
غلف السواد جريدتك، التي اعتدنا أن تتزين بحروفك، من سيحملها بعد اليوم، ومن سيجعلها تتذوق رحيق القهوة كل صباح في يديك، لا نتخيل روعة للجريدة بدونك، حتى رائحة القهوة لم تعد كما عهدناها، وكأنها باتت عابسة اليوم لفراقك.
حتى طابعي البريدي الذي أُصدر ليحمل صورتك، لم أفرح به كثيرا، كم شعرت بسعادة عارمة وأنا احتفظ به معي، حينها شعرت بالفخر لأننا قوم كسرنا القاعدة، وها نحن اليوم نكرم عظمائنا أحياءً قبل أن يرحلوا، لم أكن أعلم أن صورتك على طابع البريد، ستكون آخر تكريم لك في حياتك.
لتصبح على وطن يا سيدي، ألم تقل لنا أن نناجي الشهداء، عندما يذهبون إلى النوم، ونقول لهم تصبحون على وطن، إنهم هناك الآن، في حياة أخرى، ينتظرونك لتنشد لهم، وتخط لهم حروفا جديدة، كي تغفوا أعينهم مكحلة بشموخ هامتك، وتطرب آذانهم على موسيقى روحية بعثها الله على لسانك، لتصبحوا معا على وطن.
كيف سنقضي اليوم يا سيدي، دون أن نفكر في جديدك، ففي كل يوم في كل صباح، كنا نقلب الجريدة التي عشقتها، بحثا عن نص جديد، عن حلم جديد، عن ولادة جديدة، تحمل بصماتك، وتنقل لنا أنفاسك.
سقط القلم، وجف الحبر فماذا سنكتب في رحيل القديس، الذي رسم إمبراطورية الوطن بشعره، وبنا للشعر دولة، وحلمنا معه بها، على أمل أن يخط هو بذاته قصيدة ولادتها، ونسمعه هو بذاته بصوته الذي اخترق العواصم، ينشدها في عاصمتنا دون حسي ورقيب.
من للثكلى اليوم، فكلنا ثكلى، من سيعزي من، شعب يعزي قضية، وقضية حملت مع درويش إلى كل أصقاع العالم تمني النفس بطول بقاء للشعب، كلنا محزونون لفراقك، فكلنا جزء منك، وأنت جزء من كلٍ منا.
رحلت دون أن تعلق الجرس، وتعلن النصر، وتفاخر بالوحدة المفقودة، حتى أن آخر كلماتك كانت هجاءً، لمن استقل بجزء من الوطن لوحده، رحلت ألما، واخترت أن لا تشاهد المقاصل تنصب هناك، غيبت نفسك عن المشهد لبشاعته، ربما تعبت من هجاء من لم نجد لهم بعدُ من تسمية.
سنعلق جرس النصر يا قديس، سننشد قصائدك الثورية في باحات العاصمة، رحلت جسدا اليوم، لكنك ستخلد باقٍ فينا، مع كل حرف ينطق، ومع كل هتاف يطلق، ومع كل بيت شعرٍ يخلق، فحتى لو رحل صوتك، فملايين الحناجر باقية لتنشد شعرك.



#علي_عبيدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح بطعم الشتراوس
- احمل عصاتك واتبعني
- سلامة راسك يا ستي
- مفارقات فلسطينية


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - علي عبيدات - رحل القديس وسقط الجرس