أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - وطن يضيره العتاب، لا الموت!















المزيد.....

وطن يضيره العتاب، لا الموت!


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 2369 - 2008 / 8 / 10 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


تَمهَّل ! يا وطن النعّام يهربُ من خَطوِنا ... فلديَّ كثيرٌ مما لم أَقُله بعد .. !
..بفضلكَ ، يا وطن ،أُصبتُ بلفظةِ "لاجيء"، هي لفظةٌ تسري في الشارعِ الألماني بسرعة
مثل عدوى !! فَتَروحُ تحتمي بمرجِعيّةِ الوطن.. هناكَ ، مقابل هنا ! كأَن تقولَ ، دون
وَعيٍ ،..كانَ لنا بيتٌ ، له شبابيكَ ، تُطِلُّ على حديقةٍ صغيرةٍ ... ما كنتَ تُتقِنُ الفرَحَ به،
مثلما تفعلُ بذكراه الآن... وإذا ما قُيِّضَ لك العودة ، لن تجده ..، قد تستردُّ شبهاً به ! هناكَ ، حيثُ أرخيتَ ظلَّكَ ، وكَسَّرتَ الخرافةَ... حتى رحَلتَ من نفسِكَ إلى ما ليسَ فيها....

ــ أَجبني ، قُل لي مُبرّراً للفرحِ بذكراك....!
أَتَذكُرُ عندما كُنتُ أَقطعُ المسافةَ من الكاظميةِ حتى الباب الشرقي مشياً ، لأن في جيبي عشرة فُلوس ، وبطاقةُ الباص كانت 15 فلساً ؟!!
ــ لماذا يَتَعَيَّنُ علَيَّ أن أَفرَحَ بذكراكَ ، يومَ كُنتُ أَلصِقُ وجهي على زجاجِ المحلاّت ،
تَعرِضُ أَحلى الملابِسَ ،وعليَّ أَن أَكتفي بما تتَقَيّأه " بالات اللنكات"!!
ــ أَتُريدني أن أفرَحَ لذكرى أَبي ، يُصابُ بكآبةٍ دوريةٍ ، نهايةَ كلِّ شهر ، مخافةَ أن يَطرُقَ
صاحبُ الدار مُطالباً بالإيجار ، لأننا لا نملكُ الدنانيرَ الأربع ...؟؟
ــ يا لكَ من ساديٍّ ! كيف لي أن أَفرَحَ ، عندما كان يتوَجَّبُ عليَّ أَن أشتَغِلَ خلالَ العُطلةِ
الصيفيّة بحفرِ المجاري بالمسحاة ، لأُوفِّرَ مصاريفَ دراستي الجامعيِّةِ ، أو حارساً لموادِّ البناء ليلاً ، في وقتٍ يحلو فيه السهر....كُنتُ أُوقِظُ الفَجرَ وأَسوقه أمامي ، في
ساحةِ الأمين ..! أَمشي كأني واحِدٌ غيري ... وأَعود إلى غرفةٍ السطوح بفندُقِ الأعيان
أَقلُّ حُزناً ..,؟!

* * *

يا رَديفَ سِدرَةِ جَدّي ، الآنَ أَقولُ لكَ أَنَّ من حُسنِ حظِّي إِخترتُ " السرابَ " لأحسِبَ خُطايَ ، ومن سوءِ حظِّي أَني إِختَرتُ بُستانَ الحرفِ ، القريبِ من الله ، حيثُ يَكتُبُ
السيفُ سيرةَ الأَشياء ...

لكنني سأخرجُ من "أَنا"ي إلى سوايَ ، وأَبحَثُ عن نفسي خارِجَ الأشياءِ ، بين سعادةٍ
تنوح ، وكآبةٍ تُكركِر..! علَّني أَتطامَنُ معَ نفسي بعيداً عن باعَةِ الذكرى ، مِمَّن لا يَمَلّون
من تقديمِ إعتذارٍ يوميٍّ رخيصٍ ، عن وعيهم وذاكرتهم... بل ، راحوا يُعَيَّروننا ، كي ننكتم ، بأَنَّ لدينا الآن ديمقراطيةً ، على عكسِ عهدٍ ولَّى!!

أيَّةُ مُقايسةٍ شوهاء ، هذي ، التي تريدُ لنا ، نحنُ المُغَيَّبين أن نعترِفَ بالحاضِرِ ... وأَن
نُقِرَّ بأننا لم نَحضَر إلاّ لكي نُغَيَّبَ ، ونمتَحِنَ قُدرَتَنا على الاعترافِ برفاهيَّةِ التخَلّي
بكَرَمٍ عن وجودِنا .....!

* * *

قِف ! رُحماكَ من هذا اللهاثِ ، يا وطن !
أَتَدري أَن ليسَ أمامكَ غيرَ حقولُ ريحٍ مُصفِرَة في الهاوية ؟! لماذا يُذعِرُكَ كلامي ؟ هو مجرّدُ كلامٍ ، ليسَ إلاّ !! أَيُضيرُكَ العتابُ ، ولا يُضيرُكَ الموت ؟!
كم أَنتَ نَرجسيٌّ إذاً !!

يا سيدي الوطن ! يَقهَرني المألوف ، حتى أَنَّ صديقي فولفغانغ إِعتادَ الأخبار... في البدايةِ ، كانَ وجهه يتَجَعَّدُ أَلَماً لِتَسابُقِ أرقام الضحايا ..... يقهرُني " المألوف " دونَ
أَن آلَفَهُ... فهل يَصبحً بمقدورِ الدمِ العراقيِّ دَحرَجَةَ صخورِ الثأرِ البَدَوِيَّ والعنصري ، ومُطارَدَة قِطعانِ الضميرِ الهاربة ... التي ما عادت تَصلُحُ إلاّ وجبةً للكلابِ السائبة ! وأضحى اللا عاديُّ عادياً ، ... وصارَ الحاضِرُ قادِراً على إنجابِ الماضي كُلَّ حين ...؟؟!!

آمَلُ ألاّ تُثيرُكَ الكنايةُ والمجاز ، سيدي !

ظِلالٌ مقطوعَةٌ عن شخوصها ، ظلالٌ هاربَةٌ في أَشباح ، تَتَزَيَّا بزيَّ الحُكام ، وأُخرى تُصدِرُ
فَتاوى ، وغيرها فَتَاوى مُضادّة ، ذئابٌ في قِنِّ الدجاج ، وأشباحٌ تشحذُ سيوفَها برقابَ الناس .. أَشباح . ظلالُ أشباح . أشباحٌ بلا ظلال. ظلالٌ بلا أشباح... لهمُ "الحمدُ والمجدُ !!"
مَن "بَشَّرونا !" بأنَّ أوّلَ صاروخٍ أمريكيٍّ على بغدادَ ، سيكونُ " البيان رقم 1 " ! لسقوطِ
الصنم !!

نعم ، سقَط ، غيرَ مأسوفٍ عليه ..!! وماذا بعد.. ؟! فهل هذا هو البديل ..؟؟!!

* * *

أَتَدري ، سيدي ، أَنَّ لبرميلِ النفط سعراً يعلو ، ويعلو .... وما من أحدٍ يحكي عن سعرِ
برميلِ الدم ..!! لا في السوق السوداء ، ولا في البيضاء ، ناهيكَ عن " الخضراء" !! بَل لا
يَنتبهُ أَحَدٌ إلى أَنَّ النفطَ ، أَحياناً ، على سطح الدمِ يطفو ! لكن ، لا هَمهَمَةَ في الفضاء ،
من المحيطِ ، الذي كانَ هادراً ، إلى الخليجِ الذي كانَ ثائراً ..كما إدعى نشيدٌ عروبيٌّ
مرَّةً ...!! فقد أَخذوا ، من دمنا ، كفايةً لما يؤمِّنُ النفط ، دونَ أَن يُعطونا من النفطِ ، ما يُؤَّمِّنُ دَمَنا ...!!
قِسمَةٌ ضيزى !!
فلا شيء يتطَلَّبُ العَجَلَةَ ..مَن ماتَ ، مات .. ومَن أُصيبَ سيموت ..ومَن لم يمُت سيموتُ على مهلٍ ، أو فُجأَةً ..دونَ أنينٍ مسموعٍ ، ودون معرفة القاتِل.... !!
كأنَّ هؤلاء البشرِ ليسوا بَشراً !!
لأنهم ، في نظرِ المحتَلِّ والتكفيري والميليشياوي والمُرتَزَقِ ، حفنةٌ زائدةٌ من شعبٍ
يتكاثَرُ دون مُوجبٍ ، إلاّ من فائض شَبقٍ مَرَضِيٍّ ... !!
وهم في نظرِ " الأصدقاء !" بطولةٌ ، ليسَ لها هَدَفٌ سِوى إِعادةِ إنتاج بطولتها ...
وهُم في نظرِ "الأشقاء" الأعداء ، منحرفون بسببِ ولائهم "الجنوني" لذاتهم ولترابهم
...مجَرّدُ لاعبين صغارٍ في لعبةٍ سياسيةٍ ، لا حَقَّ لأصحابها المشاركة فيها ...
خلالَ ذلك ، تَتَواصلُ عمليةُ خلط الثقافيِّ بالسياسيِّ ...إذ يُطَبّلونَ لحريةِ الرأي ، شريطةَ
أَن يكونَ رأيهم ، هُم..! وينتقدون الإرهابَ الفكريَّ ليُمارسونه ضِدَّ الآخرين ... يريدونكَ
أن تكونَ منهم أو من السلطة ليُصَفِّقوا لانحدارهم وسقوطهم فيكَ أنت ..!! فلا تَتَوَقّع
مِمَّن نسوا الربعَ بالأمس ، إرضاءً لتحالفٍ بائسٍ ، أنّهم سيُطالِبون بدمِ طفلٍ ، أو إمرأةٍ
أو شيخٍ ، سيسقُطُ في الدقائقِ الأخيرة قبلَ رحيلِ المحتل..!

* * *

تَسألُني يا سيِّدَ الماء والرمالِ والنخيل " ماذا لو أَنَّ نَرجِساً مَسَّ القمرَ ، فنَزَلَ من عليائه
يُقَبِّلُ صورته على وجه الماء ؟!"

سأقولُ لَكَ ، لستُ أدري.. ! حائرٌ أنا ، مثل محطّةِ قطار ، لا تَدري أَتُوَدِّعُ ، أم تستقبِلُ المسافرين ...! ... لكنني متأكِّدٌ من أَمرٍ واحد ، هو أَنني سأكتَفي بعلمٍ أَبيضَ ، عارياً
من كُلِّ لونٍ ورمزٍ يُجَعِّده .......!!




#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنويعاتٌ تَشبهُ الهَذَيان
- وطنٌ يُضيره العِتابُ ، لا الموت !
- قناديل بشت ئاشان _ نقرٌ على ذاكرة مثقوبة
- تيتانك والجوقة !


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - وطن يضيره العتاب، لا الموت!