أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موفق مجيد - قصة قصيرة .... تيهان














المزيد.....

قصة قصيرة .... تيهان


موفق مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2367 - 2008 / 8 / 8 - 04:56
المحور: الادب والفن
    



كان يتساءل دائما عن جدوى بقائه حيا الى الان.. عدل ربطة عنقه، نظر الى وجهه من خلال المرآة، فمنذ فترة طويلة لم يرى وجهه ابدا ، دارت عيناه مبحلقة بالانعكاسة التي بدت امامه، اخذ يرشق شعره ببعض الماء، لم يشاء ان يغسل وجهه مخافة ان يغير ذلك من ملامحه شيئا، ظل يدور وسط غرفته ثم خرج . وقف اما باب شقته وضع يده على محجر السلم، ثم عاد ودخل شقته من جديد، كانت خطواته مرتبكة وهو يسير وسطها، دخل الى احدى الغرف فتح عينه اكثر مما اعتاد النظر بهما ومن ثم بدأت شفتاه تنبس ببعض الكلمات..

- لقد تذكرت الوهلة شيئا مهما، ولقد اتيت اصلا لأخبركِ به.. لا تستعجلي وتخمني .. لقد اتيت لطلب يديك للزواج..
- نعم يمكنك ان ترفعي صوتك.. قولي ما هو ردك.. كم حلمت بهذه اللحظة التي اقف امامك طالبا يدك للزواج ..ها.. نعم صحيح اعذريني فقد طلبت منك الزواج دون البوح بحقيقة مشاعري اتجاهك.
- ياسيدتي الجميلة انا احبك.. بل اهيم بك..
- ماذا تقولين، لم تعرفيين جيدا حتى الان..
- اه، نعم تذكرت عذرا. انا يا سيدتي رجل قد تجاوز الثلاثيين من عمره.. قد تريين بعض الشيب بين خصلات شعري، وقليلا من النمش الذي يكسو ادمة وجهي، والزرقة التي بدأت تطفو تحتي عيني.. ولكن صدقيني لا يعني ذلك بأنني بدأت اشيخ.. لا. لقد حدث كل ذلك لي من جراء التفكير بك.. وقوفي لساعات طويلة تحت اشعة تموز اللاهبة لأرى وجهك الجميل..عيناك اللتان تحملان شقاء الدنيا وسعادتهما معا.. كم تمنيت ان تجود علي شفتيك برشفة لا اضمئ بعدها ابدا.. ان احتظنك . اغفى بين ذراعيك الدافئتين..
- لماذا ادرت وجهك. اتعتقدين بأني زير نساء ..
- كلا صدقيني انت المرأة الوحيدة التي تمنيت ان اقف امامها وابوح لها بكل هذه الاسرار التي ارهقني حملها.. وجهك يختزل كل وجوه نساء الارض.. اراك في كل مكان اذهب اليه.. نعم لقد احببتك بصدق..

اخرج علبه سكائر من جيبه اشعل سيكاره نفث دخانها بتجاه شيء ما.. ظل يدور وسط الغرفة وهو يلهث..

- صحيح من حقك ان تعرفِ من المرأة التي جلبتها بالأمس الى هذا الفراش.. انها.. انها.. مجرد امرأة.. لا ، لا ليست امرأة انها لا شيء.. او فلتعلمي.. لقد ضقت ذرعا بعدم مبالاتك بي. لقد تخيلتها انت، ورحت اغرف بشغف مجنون من جيدها، سمعت هتاف الغريزة بروح شبقه. ولكن عندما ادركت بأنها ليست انت تركتها تذهب. نعم صدقيني تركتها..

استلقى على السرير الذي كان يتوسط الغرفة واضعا احدى قدميه على الاخرى كانت عيناه تتوسعان وتضيقان بصورة سريعة .. اخذت يده تعبث بشعره وبأنفه، انتابته حالة من الهيجان الجسدي، بدأ جسده يصرخ، ومن ثم بدا وكأنه قد تذكر شيئا..

- اتعلمين شيئا.. قد يبدو طلب يدك للزواج قد تكرر امامي اكثر من مرة، وقد رفضت في بعض المرات ووافقت في بعضها، ولكن اول محاولة لطب يدك اتذكر انك قد وافقت وكنا في طريقنا لقضاء ليلة العمر في فندق الرشيد.. ولكن لا اعلم ما حدث بالضبط.. ربما الخلل في رأسي لا علم.. نعم تذكرت فلقد سمعت صوت قوي اهتز له كل شيء.. وعندما فتحت عيني ونظرت اليك وجدتك وقد بدوتي اجمل بكثير من اي وقت مضى .. حتى اني لم اشاء ان اراك بعدها لكي لا تنمحي هذه الصورة عن مخيلتي.. فهربت. نعم هربت، كان الناس كعادتهم متجمهرين للاشيء ينظرون الي بفزع شديد وقد اتشحوا جميعا بأسمال سوداء، وكانت اعين بعضهم تذرف بعض الدموع ، لا ادري لماذا؟ ولكنني لم ارعوِ كثيراً لهم، فقد كنت افكر فيك استشق عطرك وانا اركض بين درابيين محلتنا الصغيرة ..

نهض من السرير عاد لعادته القديمة بالمشي بين جدران الغرفة المظلمة، يكتنفه شعور غريب في بعض الاحيان فيبكي ولا يعلم لماذا.. يرتفع زفيره بشكل مضطرب مخلفا وراء بعض البخار الذي يخرج من فمه بصورة متقطعة..

- نسيت ان اسئلك .. هل انا جميل هكذا، لقد تعلمت ان ارتدي البدلة .. نعم البدلة ذاتها التي اشترينها معا.. ان ارتديها بلا حذراء، حافيا.. امشي اطوف الشوارع، قد ينظر الي بعض الناس بزدراء لا اعلم لماذا، فليكن فانا لا يهمني الا انت.. فارضاء الناس غاية لا تدرك.. فما رأيك بي.. ها.. نعم كما توقعت ان تقولي... شكرا لكي يا حبيبتي..
اتعلمين بلأمس رأيت وجهك كنوراً يضيئ ثم يختفي في احدى زوايا غرفتي المظلمة، فرحت ابحث عنك بتمعن .. ومن ثم رأيتك، لمست يدك، شعرت برعشة خفيفة هزت جسدي، لم اصدق بأني سوف احظى بك وبمثل هذه الليلة الشتائية الطويلة.. اجلستك بقربي على السرير، كنت كما عهدتك دائما.. مبتسمة ، حالمة، شهية، متفتحة كزهرة نرجس.. ضممتك بقوة ورحت اتنشق بعضا من رحيق هذه الزهرة الطرية.. ولكن عندما انزاح عن عيني جنون الرغبة، وشعرت باطرافي بدأت بالتراخي. اتدرين ماذا اكتشفت.. اكتشفت انني احتضن وسادة.. نعم اضحكي.. دعيني اسمع صوتك الجميل..

ايقضه من هذا الابحار في الذاكرة المتكرر، صوت انفجار قوي هز اركان غرفته الصغيرة، ركض مسرعا تجاه منضدة موضوعة في احدى زواية غرفته، رفع صورة لفتاة كنت موضوعة فوق المنضدة، اخذ يصرخ بقوة، يهرول بين اركان غرفته المظلمة في ليلة شتائية طويلة.



#موفق_مجيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة
- البار ...قصة قصيرة
- امرأة
- رغبة
- وشم
- حلم
- توقف


المزيد.....




- كيف لرجل حلم بالمساواة أن يُعدم بتهمة الخيانة؟ -يوتوبيا- قصة ...
- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - موفق مجيد - قصة قصيرة .... تيهان