أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صفوت بلاصي - الخيام الإسمنتية














المزيد.....

الخيام الإسمنتية


صفوت بلاصي

الحوار المتمدن-العدد: 2364 - 2008 / 8 / 5 - 09:31
المحور: حقوق الانسان
    


قالت لي وبكل بساطة بل وبكل وقاحة لأنك ابن مخيم ... استفزتني هذه الطريقة في الحديث, واستفزني أكثر ذلك البريق في عينيها وكأنها حققت ذلك الانتصار الخرافي.
عذراً ... يبدو إنني قد بدأت في الموضوع حتى بدون مقدمة, لكن هذه المشاعر التي أحس بها الآن كانت أقوى من قدرتي على صياغة الجمل وتركيب الكلمات .
لقد استهلكت الكثير من السنين على هذه الأرض , وعرفت الكثير من المخلوقات ومنها البشرية , وتعلمت دروس الدين والإلحاد , الحرب والسلام , الحياة والموت , قرأت لأحلام مستغانمي ولباولو كويلو ولجبران ومحمد الماغوط , لكني لم اعرف يوما ً تجربة كهذه في حياتي ولم اقرأ عن مثلها يوما ً .
لم اعش في حياتي مرارا ً ولا سوداوية كالذي أحس به الآن , ربما لأنها المرة الأولى التي يواجهني بها احدهم على هذا النحو , لم يقل لي احد قبل اليوم إنني أرفضك وارفض أن أتعامل معك لأنك ابن مخيم , يا لقسوة هذه الكلمات كانت أكثر إحراقا ً من جهنم وابرد من الجليد , كانت كلمات عارية لم تراعي لا الدين ولا الأخلاق وكانت بعيدة كل البعد عن معاني الإنسانية , كانت اكبر من كل معاني الطبقية وكانت أقوى من أن يتحدث عنها ماركس ولينين في نظرياتهم عن الطبقية والعنصرية , فهذه الكلمات كانت بحاجة لدين جديد لتغير من حدتها .

نعم , فقد سمعت هذه الكلمات , وكانت مزلزلة , كانت نكبة أخرى , نكبة بكل سخطها وعنفوانها , بكل المرارة والعذاب , فان يقال لك بأنك ابن مخيم وكأنها عار لحق بك , أو كأنك اقل شأنا ً من حيوان قد فر من حديقة للحيوان , أن يتم التعامل معك كونك إنسان وصلت من الدونية حد عدم الإنسانية .
في هذه الحالة عليك وبكل بساطة أن تبحث عن وطن أخر وشعب أخر , وطن أكون فيه إنسان بكامل كرامتي ,فانا سئمت من هذا الوطن الذي لا ينتمي لي , لا أريد أن يحترمني الناس لانتمائي السياسي , ولا لمكان سكني , ولا لشدة تديني أو عدمه , أريد أن أكون إنسان لي كامل الحقوق , الحق في الحياة وفي الموت والحق في الحب , والضحك , الحق في أن أكون أنا......

لا أريد أن أرى كل تلك المستحيلات , لأني احمل تلك البطاقة التي تثبت إني لأجيء , لا أريد أن احمل تلك الخيمة حتى إلى أحلامي , أريد أن انتمي إلى وطن لا أكون فيه مواطنا من الدرجة العاشرة .
فنحن في هذا الوطن بحاجة إلى تحرر اجتماعي, ضد الطبقية والاضطهاد والعنصرية, نريد ثورة للعدالة نريد أن ننتصر للمساواة, نريد وطن نكون فيه جميعا ً بشر.
فالمخيم ... رمز الثورة وعنوان القضية .... هكذا يقال عنا , هكذا يقال عن مكان سكني , لكن يبدو انه مجرد تنظير لا يتعدى كونه تسويق إعلامي , أو انه كلام يستخدم كإبرة للتخدير لهؤلاء البشر الذين يعيشون داخل هذه الخيام الإسمنتية , داخل تلك الأرض المنسية من التيه !!!

فنحن يا سادتي بلا خريطة ,وبلا حدود , وبلا وطن , لكن نحن أحياء ونتابع سنوات ضياع , ونعرف ان الحليب مفيد للصحة , ونقرا الجريدة , وأحيانا ً نرى سياراتكم الفاخرة , ونراقب قصوركم البعيدة ,ونتحدث مثلكم تماماً إلا من لهجة الدولار , وعندما نضحك تظهر أسناننا كما تظهر أسنانكم , ونتنفس كما انتم , لكن الفرق الوحيد بيننا وبينكم إننا نراكم بشراً مثلنا.



#صفوت_بلاصي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لتتحرر المرأة من المرأة أولا ً
- المرأة في المشهد الفلسطيني
- يساري من بلادي العربية
- قرأت لك


المزيد.....




- الأونروا: فرار 800 ألف شخص من رفح اثر العمليات العسكرية الإس ...
- وزير الخارجية الأردني: الأونروا تواجه محاولة اغتيال سياسي قب ...
- دبلوماسي أميركي: على القضاة الفرنسيين تأكيد مذكرة الاعتقال ا ...
- -الأونروا-: نحو 800 ألف شخص في رفح أصبحوا على الطرقات
- -هيئة الأسرى- تنقل تفاصيل الوضع الصحي للأسير المعزول مازن ال ...
- الإغاثة الزراعية تقدم مستلزمات زراعية لـ 122 مزارع في القطاع ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في الضفة
- الأونروا: 800 ألف شخص -أجبروا على الفرار- من رفح
- بعثة الأمم المتحدة في ليبيا: نتابع الاشتباكات في الزاوية وعل ...
- -لتدريسها مادة المثلية الجنسية-.. محكمة مصرية تنظر في دعوى ب ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صفوت بلاصي - الخيام الإسمنتية