أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير العمري - عن فيلم -كليفتي- لمحمد خان الذي ظلم














المزيد.....

عن فيلم -كليفتي- لمحمد خان الذي ظلم


أمير العمري

الحوار المتمدن-العدد: 2362 - 2008 / 8 / 3 - 07:35
المحور: الادب والفن
    


تحية إلى تحفة اسمها "كليفتي"
لم أكن قد شاهدت فيلم المخرج الكبير محمد خان "كليفتي" الذي أخرجه منذ سنوات. وكنت قد تأهبت لمشاهدته عند إدراجه في برنامج أحد المهرجانات السينمائية العربية في اطار تكريم محمد خان في أوائل 2005، لكن المهرجان، ويالسخرية، لم يفلح في الحصول على "وسيلة" لعرض الفيلم الذي صور بكاميرا الفيديو (الديجيتال). وكان يتعين علي الانتظار أكثر من 3 سنوات أخرى لمشاهدة الفيلم عند عرضه أخيرا في إحدى القنوات الفضائية المتخصصة في عرض الأفلام.

ولا أقول أنني فوجئت بالمستوى الفني الممتاز من جميع النواحي في هذا الفيلم البسيط الإمكانيات، بل إنني فوجئت بالفعل أنني أمام "تحفة" سينمائية خالصة، لا مجال فيها للخطب والمواعظ والأفكار المعلبة المسبقة عن "واقعنا السياسي والاجتماعي وما أصابه وحل به من نكبات".. إلى آخر كل هذه الشعارات التي يروق للبعض ترديدها تعظيما لكل ما يتفق "أيديولوجيا" مع أفكارهم المسبقة، فالفيلم ليس من أفلام الهجاء السياسي بل هو من أفلام البحث الشاق عن العلاقة بين الإنسان والعالم المحيط به، ليس على صعيد مجرد أو تجريدي بالطبع، بل في إطار محدد نعيشه ونلمسه.

فالإنسان هنا هو ذلك الإنسان البسيط المهمش، الضائع، الذي لا يكف عن التطلع لتحقيق أحلامه الصغيرة إلا أنها تجهض باستمرار، ويتعين عليه في كل الأوقات أن يدفع الثمن: تارة في السجن الصغير، وترة أخرى يصبح مطاردا كفريسة مذعورة في السجن الكبير، لكنه يظل دائما يحاول ويسعى للتماسك ولو على مستوى القشرة الخارجية، بينما هو مهزوم ومحطم بالكامل في داخله.

هناك تيار ما "وجودي" في هذا الفيلم الشاعري الجميل المحمل بعشرات الإشارات حول معنى الوجود في عالم يرفضك ويضيق عليك، تفلت منك الفرصة فيه تلو الأخرى باستمرار، لكنك تحاول وتسعى وتتشبث ببصيص من الأمل: في الحب، في الصداقة، في استراق السمع، في سرقة الأشياء الصغيرة، في التعالي على المظاهر الخارجية من حولك، في الإحساس بعدم جدوى ما تفعله في قرارة نفسه، لكنك تواصل "ارتكابه" لأنه الشئ الوحيد الذي يضمن لك مجرد البقاء ولو على الهامش.

الأصدقاء يصبحون وهما كبيرا، والأسرة طغيان من المشاعر التي لا يمكنك احتمالها، والحب لا مجال له لكي يكتمل بل يتوقف عند لحظات من المتعة المسروقة التي تمنح بطلنا الصعلوك المشرد، نقطة ضوء يواصل بها الاتكاء على جذع من النوايا الطيبة، والكثير من الحماقات الصغيرة.

فيلم "كليفتي" واحد من أكثر الأفلام شجاعة وتحررا، من كل سمات السينما العتيقة البالية: سينما الحبكة المفتلة والتهريج باسم الكوميديا الجديدة، والروح العدمية التافهة المغلفة بالألفاظ المتدنية التي جعلت حتى اللهجة المصرية تصبح سوقية ومبتذلة وجعلت المرء يشعر بالخجل منها.

هذا فيلم مصنوع برقة الشاعر المبدع الذي بلغ قمة نضجه في التعامل مع الصورة، بمساعدة فنان الصورة الكبير طارق التلمساني، والتحكم الذي يبلغ درجة السيطرة المطلقة على أداء الممثلين: باسم سمرة ورولا محمود.
ويمكنني القول إن باسم سمرة ورولا محمود ولدا بالفعل للمرة الأولى في فيلم "كليفتي"، ولاشك أن "الكيمياء" التي تتدفق بينهما: من خلال المشاعر الخافتة، والنظرات الكتومة، والهمسات الوجلة، والضحكات المنتزعة من قلب الواقع القاتم، تضفي على الفيلم مزيدا من الرونق والجمال، وتجعل لمشاهدة الأداء التمثيلي متعة خاصة. إنها مباراة في الأداء السلس البسيط البعيد عن الافتعال والتحذلق، الذي يخفي أكثر مما يظهر، لكن ما يخفيه يصل إليك كمشاهد من خلال أسلوب ولغة الصورة: الانتقال من لقطة إلى آخرى، والتكوين، واختيار الأماكن المعبرة، وزوايا التصوير التي تمنحك أقصى شعور بالجمال المحبوس في سجن الواقع المثقل بالهموم، وطريقة محمد خان في إنهاء المشهد في الوقت المناسب تماما بدون أي زيادة أو نقصان.

لا أعتبر أن هذا نقدا للفيلم بل مجرد خواطر أكتبها مدفوعا بشعوري الشخصي بضرورة عدم إفلات الفرصة لتسجيل إعجابي الكبير بهذه التحفة التي ظلمت كثيرا. لكن عزائي أن فيلم محمد خان وصل ولا يزال يصل للجمهور العريض من خلال شاشة التليفزيون. ألم تصبح شاشة التليفزيون الرئة التي تتنفس بها السينما على أي حال!







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم -خارج التغطية- من سورية: منظومة القهر كما تنعكس على الب ...
- جنس وفلسفة من إيران: التجديد في اللغة السينمائية
- فيلم -سكر بنات-: دوران حول الفكرة وحول الذات بلا جدوى
- ألغاز وأفلام في مهرجان القاهرة السينمائي
- فيلم -هي فوضى- ليوسف شاهين: الدوران حول ثنائية الكبت الجنسي ...
- -السينما كفن تخريبي- أخطر كتاب عن السينما في العالم
- عن المثقفين المصريين والسينما والصهيونية والتطبيع
- فيلم -الملكة- لستيفن فريرز: دراما الصراع المكتوم بين الحكومة ...
- بعد مائة عام من التاريخ


المزيد.....




- دينزل واشنطن يحظى بتكريم مفاجئ من مهرجان كان السينمائي
- هل تزوج حليم من سندريلا؟.. أسرة العندليب تنهي الجدل
- كان يا ما كان في غزة : عندما يصبح الفيلم وثيقة عن الحياة قبل ...
- أول فيلم نيجيري في مهرجان كان يفتح الباب أمام سينما -نوليوود ...
- صفاء السعدون فنان من بابل العراقية يعرض لوحاته في قازان الرو ...
- مالك حداد.. الشاعر والروائي الجزائري الذي عاش حالة اغتراب لغ ...
- آرت بازل قطر ينطلق عام 2026.. شراكة إستراتيجية تكرّس الدوحة ...
- بعد وفاة زوجها وابنيها.. استشهاد الممثلة الفلسطينية ابتسام ن ...
- زاخاروفا: قادة كييف يحرمون مواطنيهم من اللغة الروسية ويتحدثو ...
- شاركت في -باب الحارة- و-عودة غوّار-.. وفاة الفنانة السورية ف ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير العمري - عن فيلم -كليفتي- لمحمد خان الذي ظلم