أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - التحول الديمقراطي والمجتمع المدني** -مناقشة فكرية وامثلة لتجارب دولية















المزيد.....

التحول الديمقراطي والمجتمع المدني** -مناقشة فكرية وامثلة لتجارب دولية


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 729 - 2004 / 1 / 30 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


 ما هي الديمقراطية؟ هل هي هدف أم وسيلة؟ وهل هي سياسية فقط أم سياسية واجتماعية (اقتصادية)؟ وهل هي نظام وحيد قائم بذاته أم شكل من أشكال أنظمة الحكم السياسية؟ وهل هي محصورة في الأنظمة الليبرالية أم يمكن بناء خطابات (مشروعات) ديمقراطية متعددة بتعدد الأفكار الايديولوجية والأنظمة الاجتماعية؟ وهل هي طبخة جاهزة تتحقق آنياً من خلال الدساتير والقوانين الأوامرية أم هي عملية اجتماعية حضارية مستمرة وممتدة للتنمية البشرية؟ وهل هي انفتاح لا مشروط على الأسواق العالمية والظاهرة الاستهلاكية أم لها ضوابط وشروط سياسية واقتصادية في سياق التنمية المجتمعية؟ وهل تقوم في ظروف استمرار التبعية وتزايد المديونية الخارجية أم أنها تجسّد بناء الاستقلال الوطني وتطوير البنية الاقتصادية؟ وهل تتماشى مع اتساع سوء التوزيع وتهميش وفقر الأغلبية أم تتطلب السير نحو الاقتراب من التوازن بين الحرية السياسية والمساواة الاقتصادية؟
     وما هو المجتمع المدني؟ وما مكوناته وشروطه ومواصفاته وأهميته ومشكلاته؟ وهل الأحزاب السياسية تدخل في منظماته؟ وهل هو مجرد مجموعة منظمات أم رسالة اجتماعية؟ وهل المجتمع المدني آلية محصورة في الأنظمة الليبرالية الغربية أم متاحة لكل الأنظمة الاجتماعية؟ وما علاقته بالمجتمع البرجوازي؟ وما علاقة المجتمع المدني بالديمقراطية؟ هل هما مترادفان ومتنافسان؟ وهل يحل أحدهما محل الآخر؟ أم أنهما متكاملان ويتواجدان معاً؟ وما هي خلفيات المجتمع المدني وتجاربه الدولية؟ وكيف حال المجتمع المدني في الوطن العربي؟ وما هي تطوراته في العراق؟ هذه الأسئلة وغيرها- التي تحتل عادة مساحة واسعة في حواراتنا التي تدور في هذا المجال- هي محل اهتمام ومتابعة هذه الدراسة. وذلك في محاولة للمساهمة بنشر الثقافة السياسية الحضارية بين قراء العربية, وبما يعزز المعلومة والحوار، ويساهم في تحسين ثمارها، ويدعم القدرة على فهم وتفهم الإشكاليات الكثيرة التي ترافق هموم الأنظمة السياسية الحكومية وقضية الديمقراطية والمجتمع المدني، علاوة على إشكاليات الأحزاب السياسية.
     عليه، تضمنت الدراسة قسمين. يبحث القسم الأول التحول الديمقراطي في ثلاثة فصول: النظام السياسي(ف1)، الديمقراطية (ف2)، الأحزاب السياسية    (ف3).. بينما يناقش القسم الثاني المجتمع المدني في أربعة فصول: الجوانب المفاهيمية (ف1)، التجارب الدولية (ف2)، التجربة العربية (ف3) وأخيراً المجتمع المدني في العراق(ف4)، ولتنتهي الدراسة بالهوامش والمصادر، إضافة إلى محلق بالأحزاب السياسية التي ظهرت مع نشوء الدولة العراقية- المرحلة الملكية.
     تُعبر الديمقراطية عن مفهوم تاريخي اتخذ صوراً وتطبيقات متعددة في سياق تطور المجتمعات والثقافات. وتقوم فكرتها الأساسية على حكم الشعب وممارسته الرقابة على الحكومة. ويتمثل جوهر الديمقراطية في توفير وسيلة منهجية حضارية لإدارة المجتمع السياسي بُغية تطوير فُرص الحياة. والديمقراطية تتطلب أولاً وجود مجتمع سياسي (الدولة)، لأِن غياب الدولة يعني الفوضى. وفي هذا المجال ترد مناقشة وافية لمفاهيم الدولة والأُمة من جهة والدولة والحكومة والنظام السياسي من جهة أُخرى.
     تتواجد أنماط عديدة من الأنظمة السياسية: ما فوق الوطنية (الإمبراطوريات، الاتحادات، الجامعات، منظمة الأُمم المتحدة..)، الدولة الوطنية الموحدة (المركزية، اللامركزية: الفيدرالية والكونفدرالية)، الأنظمة شبه الوطنية (القبيلة، القرية، المدينة، الأقليم)، رغم أن الدولة الوطنية الموحدة هي الأكثر انتشارا في عالمنا المعاصر.
     وتتوزع الدولة الوطنية بين تلك الاستبدادية بمسمياتها وأشكالها المتعددة  التي تستخدم القوة- الارهاب لتحقيق سيطرتها على الفرد والاقتصاد في الدولة، والأنظمة الدستورية التي تستمد سلطتها من الناخبين. وتستند الحكومة الدستورية على أساس فصل السلطات بين ثلاث هيئات (التشريعية والتنفيذية والقضائية).. كما أنها تتباين بين أنظمة وزارية ورئاسية ومختلطة.
     كذلك تختلف أنظمة الحكم من حيث أسلوب التعاقب (انتقال السلطة) بين تلك الأنظمة التي وفَّرت طرقاً قانونية أو عرفية من دستورية- انتخابية (او) وراثية- تقليدية مقرونة بممارسات فعلية، ضماناً سلمياً وتعاقباً منظماً، وبين تلك التي عجزت عن نقل السلطة إلا بالتوترات واحتمالات استخدام العنف. ويرتبط بذلك أن الأنظمة السياسية غير المستقرة  تُبرهن على سهولة تعرضها للعطب وتفشل أمام ضغوط الأزمات, لتتحول إلى مختلف أشكال الصراع الداخلي التي تقود إلى إضعافها وسقوطها في ظروف غياب شرعية سلطة الحكومة. بينما النظام السياسي المستقر يكون عادة قادراً على الاستمرار والحياة أثناء الأزمات بعيدا عن عنف الدولة والصراعات الداخلية الحادة. من هنا تعددت أساليب التغيير السياسية واتخذت أشكالاً متعددة: الثورة - الانقلاب، التطوير الهيكلي, تغيير القادة، تغيير السياسات.
     ليست الديمقراطية نموذجاً جاهزاً يمكن استيراده لأِنها ظاهرة تاريخية تنمو في كنف البيئة الاجتماعية- مرحلة التطور الحضاري- وتتطور مع تطورها في إطار التأثير المتبادل. والديمقراطية لا تقتصر فقط على الإيجابيات ولا تقدم حلولاً سحرية للمعضلات الاجتماعية، بل هي عملية مستمرة تتطلب الكثير من الجهود الجماعية لمواصلة مسيرتها واتساع آثارها وشموليتها. وتتعدد أشكالها بتعدد الأفكار الايديولوجية وأنظمة الحكم الاجتماعية. من هنا يمكن أن تتواجد أشكال عديدة من الخطابات الديمقراطية. بمعنى أن الديمقراطية ليست محصورة في الأنظمة الليبرالية أو مجتمع معين، بل أن قيما ومبادئ ديمقراطية تتواجد في كافة المجتمعات, ولكل مجتمع تكييف هذه القيم وتطويرها لبناء مسيرة التحول الديمقراطي ارتباطا بمرحلة تطورها وبيئتها الاجتماعية. كما أن العملية الديمقراطية تتطلب بدءاً تواجد أحزاب سياسية وأن تكون هذه الأحزاب ديمقراطية.
     تعتبر فكرة المجتمع المدني حديثة نسبياً، حيث ظهرت في حدود منتصف القرن التاسع عشر، على خلاف الديمقراطية التي وجدت أفكارها وتطبيقاتها المحدودة في الحضارة الاغريقية. وبعد غياب امتدت لغاية نهاية الحرب العالمية الثانية، برزت فكرة المجتمع المدني بشكل أقوى وأكثر نشاطاً من قبل مختلف المفكرين والمعنيين. وساهم في تعميق زخمها الفيلسوف والزعيم الشيوعي الإيطالي غرامشي من خلال طرح أفكار نظرية يسارية جديدة بالعلاقة مع مفهوم المجتمع المدني. وكان السؤال الذي واجهه يتعلق بكيفية وصول الأحزاب الشيوعية والاشتراكية في المجتمعات ذات التقاليد الديمقراطية البرجوازية إلى السلطة، وإلى أي مدى يمكن أن تتلاءم ستراتيجية الانقلاب التي اتبعها البلاشفة الروس مع الظروف المتميزة للمجتمع الإيطالي، بل والمجتمع الليبرالي الغربي؟ حيث جاء غرامشي بِأجوبة هامة في تنظيره لكيفية حل هذه الإشكالية في إطار سلمي يقوم على الإرادة والفعل الثقافي الحزبي.
     تتطلب عملية بناء المجتمع المدني المعاصر شروطاً ومواصفات عديدة: التعددية وقبول اختلاف الرأي وحق المعارضة السلمية، الحريات العامة بضمنها حرية إنشاء الروابط والمنظمات ، الاستقلال الذاتي، التطوعية، مبدأ الفردية، اللامركزية- شرعية نقل أجزاء من سلطة الحكومة للمنظمات الوسيطة. ويشكل المجتمع المدني مدرسة لتدريب المواطنين على القيم الديمقراطية : المحبة والخيرية والتعاضد المتبادل، ونشر ثقافة المبادرات وتعظيم أهمية الفرد في إطار التعاون الجماعي والرقابة على الحكومة، والتوفيق بين المصالح المتضاربة، والتأكيد على بناء إرادة المواطنة، والتغذية المستمرة لمؤسسات المجتمع بالقيادات المدرَّبة.
     ليست هناك علاقة متلازمة أو أوتوماتيكية بين المجتمع المدني والنظام الرأسمالي، سوى أن الأخير لا يضمن مجتمعاً إنسانياً يقوم على المحبة واللطف والتعاضد، بقدر ما يقود بلغة ماركس إلى "الاستغلال" المولد للحقد والتنافر والصراع. وبذلك تكون مهمة المجتمع المدني في هذا النظام توفير مجال سلمي لتقليص المسافة بين مساوئ النظام وبين العلاقات الإنسانية (التمدن).
     والمجتمع المدني ليس مرادفاً للديمقراطية، أي ليس منافساً لها، ولا يحل أحدهما محل الآخر، بل تتواجدان معاً، بمعنى أنهما متكاملان. لكن الأمر المهم هو الديمقراطية أولاً،. ففي غيابها يصعب بناء مجتمع مدني حضاري, لأِن منظمات المجتمع المدني المعاصر ليست قابلة للحياة  في ظل أنظمة استبدادية. هذه الأنظمة التي لا تسمح بتواجدها، على الأقل،  بشكل مستقل ذاتياً، لأِنها تقوم على المركزية والوحدانية ولا تسمح لهيئات أُخرى منافستها أو معارضتها.
     أن مصطلح المجتمع المدني، كما هو حال لفظة الديمقراطية، ليس مصطلحاً علمياً يمكن بالتالي تعريفه بصورة منهجية، بل هو مجرد تعبير لغوي. وحتى في هذه الحالة يكتنفه الكثير من الغموض لكثرة شروطه واتساع أهدافه ووظائفه الشاملة غير المحدودة. لذلك  فرغم كثرة الدراسات في هذا المجال مؤخراً إلا أن هذا المفهوم بقي ضبابياً وقابلاً لتفسيرات مختلفة حسب وجهة نظر الباحث وارتباطاته الفكرية والفئوية والطبقية..
     وعموماً، يمكن النظر إلى المجتمع المدني في مفهومه المعاصر ومواصفاته وأهدافه، بِأنه يُعبر عن رسالة اجتماعية من القيم والأفكار والممارسات التطوعية والخيرية وحب البشرية والتعاضد المتبادل..  الموجهة نحو بناء الأسس التحتية للمسيرة الديمقراطية. ويقوم على مبادئ التطوعية والاستقلال الذاتي والمواطنة الفعالة والمشاركة العاملة على التوفيق بين المصالح الخاصة المتباينة من أجل الصالح العام، وقبول الاختلاف والتنوع. وفي ظل حكومة عصرية ديمقراطية لامركزية تتحمل المسؤولية والمحاسبة. وبما يؤدي إلى بناء وتحسين رأس المال الاجتماعي باتجاه إعادة هيكلة البيئة الاجتماعية لصالح التعددية والعلنية والنسبية والتعامل السلمي. ويضم مجموعات من منظمات النفع العام التي تقوم العضوية فيها أُفقياً.
     والمجتمع  المدني وفق هذا المنظور لا يعني كل أفراد المجتمع من العناصر المدنية، بل ينحصر في العناصر الواعية الفعالة المنظمة من المواطنين (مجتمع منظمات تطوعية). ولا تدخل في منظمات المجتمع المدني تلك التي تقوم العضوية فيها وفق أسس تقليدية عمودية مثل العشيرة- القبيلة، الطائفة- المذهب، والمنظمة الدينية، رغم أن هذا لا يعني إهمالها أو محاربتها، طالما تشكل الأغلبية في المجتمعات التقليدية، بل الاعتراف بها وتطويرها تدريجياً من منظمات طاردة للقيم والأفكار الحضارية إلى حاضنة لها أو متعايشة ومتكيفة معها على الأقل.
     وللمجتمع المدني مشكلاته الكثيرة، تتقدمها: ضعف الوعي، انتشار قيم الأنانية، النفور والسخرية واليأس، قلة الأدبيات وضعف الثقافة الموجهة لدعم هذا الحقل، صعوبات حكومية. وتحتل مشكلة سوء التوزيع وتعاظم قوة تأثير المال في السياسة مكانة متقدمة في هذه المشكلات والتي تبرز جلية في الأنظمة الليبرالية الغربية وانتخابات الرئاسة الأمريكية بخاصة.
     إن فكرة جعل الناس قوة دستورية لانتخاب الحكومة برزت في فاتحة الدستور الاتحادي الأمريكي "نحن الشعب..."، كما أن قيم المجتمع المدني وممارساتها وجدت تطبيقاتها العملية المبكرة مع نمو أعداد المهاجرين إلى القارة الجديدة وبناء مجتمعاتهم، حيث لعبت المنظمات التطوعية من سياسية وإنسانية دورها البارز. وأصبحت الأعمال التطوعية جزءاً من حياة المجتمع الأمريكي، حيث يشارك 5% من كل الأمريكيين بِأعمال التطوع وبمعدل أربع ساعات أسبوعياً، وأن ثلاثة من كل أربعة أمريكيين مساهمون منتظمون حالياً في التبرعات الخيرية، وتتبرع العائلة الواحدة كمعدل بِأكثر من ألف دولار سنوياً. بينما يقترب عدد منظمات المجتمع المدني من ثلاثة ملايين  منظمة. وهكذا يتماثل الأمر نسبياً في بقية بلدان العالم الغربي.
     ما زالت المجتمعات المدنية خارج العالم الليبرالي الديمقراطي ضعيفة عموماً لأِسباب تتعلق بِأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة على مؤسسات تقليدية. ففي أفريقيا مثلاً يتلخص الوضع في: دخول منخفضة وبطالة عالية ومستويات معيشة واطئة، مشكلات صحية وانتشار مظاهر الإدمان، ضعف التعليم والثقافة، ارتفاع معدلات الجريمة، الهجرة غير الاعتيادية من الريف إلى المدينة، استقلالية القوة العسكرية عن السيطرة المدنية، ضعف أحزاب المعارضة، التفاوت في توزيع الأرض.. وكلها أمراض اجتماعية تُقلص فُرص بناء المجتمع المدني الذي يُعتبر ضعيفاً في هذه القارة. وتتماثل الحالة في أمريكا اللاتينية، بينما قاد انهيار الأنظمة السياسية السابقة في أوربا الشرقية إلى انفجار عوامل التمزيق من أثنية وعنصرية والحروب والكوارث.
     وفيما يخص البلاد العربية يرى البعض: إذا كانت هناك منطقة في العالم تتصف بضعف شديد للديمقراطية بحيث من الاستحالة أو الصعوبة البالغة أن تتحول نحو المسيرة الديمقراطية في المستقبل القريب فإنها تنحصر في الوطن العربي.. وحتى القلة من البلدان العربية التي بدأت تجربة الديمقراطية الليبرالية فهي أقدمت على شيء من الحرية والمنافسة السياسية لا بسبب قناعتها بالتغيير والتحول الديمقراطي، بل لأِنها استنتجت أن إصلاحاً سياسياً محدوداً هو أقل كلفة من استمرار الأزمة الاجتماعية المضغوطة والقابلة للانفجار. كما أنها غلَّفت هذه المنافسة السياسية بالكثير من التزييف والتدخل لصالح احتكار السلطة أو إقامتها وفق أسس طائفية أو عشائرية متخلفة ومضادة مع عملية التحول. وأن ظاهرة ضعف الديمقراطية في البلاد العربية تدفع الكثير من المفكرين إلى القناعة بعدم وجود مجتمع مدني هناك أو أنه في أفضل الأحوال ضعيف جداً.
     المجتمع  المدني هو قبل كل شيء مجتمع المدن، ويشكل مرحلة تطور أعلى من المجتمعات القبلية أو الريفية. وهناك اتفاق بين علماء الآثار على أن أرض الرافدين انفردت بظهور أول نظام لدولة المدينة (المجتمع السياسي) على أنه أول شكل من أشكال الحكم في التاريخ البشري والتي نقلت البشرية من عصور ما قبل التاريخ إلى عصر الكتابة والتاريخ بعد ظهور الحضارة السومرية الناضجة في حدود ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد. والمدهش في هذه الحضارة عدم وجود آثار للنظام القبلي، لأِن الوحدة السياسية في هذه الحضارة كانت أولاً القرية الفلاحية ثم المدينة المعتمدة كل منهما على الاقتصاد الزراعي. فنشأت مجالس المدينة (البرلمانات) وغيرها من الأجهزة المدنية والتنظيمات الاجتماعية والسياسية، بما فيها أشكال  من منظمات المجتمع المدني، خاصة المهنية منها.
     ومع نشوء الدولة العراقية الحديثة، تسارعت ونشطت حركة المجتمع المدني لتقرير شكل الدولة العراقية، واستمرت فعالة، على الأقل، في الفترة الملكية الأولى.   بل وكانت في ذروة قوته ونشاطه مطلع العشرينات، وأكد نفسه خلال مراحل العهد الملكي في صموده ونضاله لتقويم الانحرافات الدستورية، وأثر في أحداث هذه المرحلة بصورة جلية رغم كل سلبيات الدولة الجديدة، ولم يتلاش خلف ظهر الدولة. ساعد على ذلك بداية تأسيس الدولة الحديثة في مجتمع يقوم على قيم التضامن والعلاقات التقليدية، وعدم انفصال الدولة عن المجتمع، وضعف قوة الدولة، علاوة على هامش الحرية الذي  وفَّره الدستور على سقمه.. لكن هذه المسيرة الليبرالية وحركة المجتمع المدني الملازمة لها توقفت مع إلغاء الدستور بعد ثورة 14 تموز 1958. وفي ظروف تصاعد العنف السياسي في الأنظمة الجمهورية المتلاحقة زاد الضغط على حركة المجتمع المدني السياسية والمهنية، التي أصبحت الضحية الأولى لهذه الأنظمة وصراعاتها، لغاية خنقها في ظل نظام الحزب الواحد.
** كتاب تحت سيصدر قريباً عن دار المدى للثقافة والنشر قريباً.. 



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق المرأة العراقية وقانون الاحوال الشخصية
- جذور ازمة العنف السياسي في العراق - قراءة في المواريث التاري ...
- مقومات التحول الديمقراطي
- العراق المعاصر انظمة الحكم والاحزاب السياسية
- نقد العولمة
- الاقتصاد- النفط العراقي الى اين؟
- الاقتصاد العراقي الي اين؟
- الوضع السياسي في العراق


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالوهاب حميد رشيد - التحول الديمقراطي والمجتمع المدني** -مناقشة فكرية وامثلة لتجارب دولية