أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجاح بدران - حزب الله لم ينتصر في تموز















المزيد.....


حزب الله لم ينتصر في تموز


نجاح بدران

الحوار المتمدن-العدد: 2354 - 2008 / 7 / 26 - 03:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان لدور حركة المقاومة الفلسطينية في لبنان دور مركزي في ظهور الحركات والاحزاب والجماعات اللبنانية المسلحة ، ومن بينها حركة امل الشيعية، والتي انبثق منها حزب الله بعد معركة داخلية. وكان لحركة فتح الدور الرئيسي في تشكيل وتسليح وتدريب حركة امل في بداية تاسيسها عام 1975، وكان الهدف من قيام فتح بدعم تاسيس امل هو تعزيز الصف الوطني المعادي للتيار المسيجي الرافض لوجود المقاومة الفلسطينية على الاراضي اللبنانية ، لكن حركة امل انحازت الى سوريا لاحقا، وقامت بشن حرب دموية ضد مخيمي صبرا وشاتيلا بدعم من سوريا بعد خروج المقاومة الفلسطينية عام 1982 اثر الاجتياح الاسرائيلي للبنان.
ومنذ عام 1978 تقريبا بدات فتح في استقطاب شخصيات راديكالية شيعية ودعمت توجههم الاستقلالي عن حركة امل ، حتى ان حسن نصر الله نفسه كان شبلا في حركة فتح، ففتح كانت حريصة على ابقاء قوة وقدرة جميع التنظيمات السياسية فلسطينية او لبنانية عند مستوى محدود من القوة ، وشكلت تلك العناصر الراديكالية اللبنات الاولى في تاسيس حزب الله.
واذا كان هدف فتح هو حشد المزيد من القوى الصديقة لحماية الثورة الفلسطينية فان للاطراف الاخرى اجندتها الخاصة ، وبالنسبة للشيعة الذين استفادوا جدا من وجود الثورة الفلسطينية على الاراضي اللبنانية ، حيث تخلصت الطائفة الشيعية نسبيا من الحرمان والقهر والتمييز الذي كانت تمارسه عليها الطائفتان المسيحية والسنية. وحققت مكاسب سياسية هامة في ظل الثورة الفلسطينية.
وتعززت هذه المكاسب بقيام حزب الله بقيادة تحالف وطني لبناني ضم العديد من المنظمات اللبنانية مثل الحزب الشيوعي اللبناني والحزب القومي السوري، وبعض تيارات البعث والمرابطون وامل في جبهة عريضة شنت حرب عصابات انهكت العدو الاسرائيلي المحتل حتى انكفا في الشريط الحدودي ثم اجبرته المقاومة على الانسحاب من الشريط في ايارعام 2000.
حزب الله يصبح قوة
واذا كان حزب الله منذ عام 1985 وحتى عام 2000 كان قد حقق مكاسب سياسية محدودة في المعادلة السياسية اللبنانية، فانه بعد عام 2000 حقق قفزات سياسية كبرى، بعد الالتفاف الجماهيري الهائل الذي حظي به الحزب من جميع الطوائف وخصوصا الطائفة السنية بقيادة رفيق الحريري.
وتوسعت مشاركة الشيعة بالحكومة وبالحياة السياسية عموما، واصبح حزب الله قوة سياسية مؤثرة على الصعيد الداخلي ، لكن وبحكم ان طموحاته السياسية ما زالت اعلى بكثير مما تحقق فان بوادر الصراع بدأت تظهر على السطح مع القوى والمؤسسات والشخصيات البرجوازية اللبنانية التقليدية المسيحية والمسلمة السنية.
وخلال هذا الصراع كانت قوة حزب الله مستمدة من ثلاثة عناصر هي :
الاول: سياسي حيث استثمر انجازه ودوره في تحرير الجنوب بأقصى طاقة ممكنة.
والثاني: عسكري كونه القوة السياسية اللبنانية الوحيدة التي ظلت تمتلك السلاح ، والذي تطور نوعا وكما من خلال الدعم الايراني والسوري.
ثالثا : تعزيز تحالفه مع الحكومتين الايرانية والسورية.
ومع تنامي الصراع الداخلي بين القوى السياسية الرئيسية في لبنان ، تمكنت الحكومة اللبنانية بدعم من حلفائها العرب والدوليين من اصدار قرار مجلس الامن رقم 1559 والذي دعا احد بنوده إلى حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، وكان هذا القرار موجها بشكل رئيسي الى حزب الله باعتباره المليشيا اللبنانية الوحيدة التي تمتلك السلاح.
رفض حزب الله القرار ، واندفع يشكل تحالفا سياسيا معارضا لتنفيذ القرار ، معللا رفضه باستمرار احتلال اسرائيل اراض لبنانية (مزارع شبعا) ووجود اسرى لبنانيين في السجون الاسرائيلية.
وبدات حدة الشعور بالخطر لدى القوي اللبنانية (التحالف المسيحي الاسلامي السني والدروز) ، من تنامي قدرة حزب الله العسكرية ومن طموحاته السياسية بعد ان اصبح يقود تحالفا محليا مؤثرا مرتبط بقوة مع الحكومة السورية ومع ايران، مما دعا ما اطلق عليه اسم تحالف السلطة ولاحقا تحالف 14 اذار الى تعزيز تحالفه مع السعودية ومصر والاردن عربيا ومع فرنسا والولايات المتحدة دوليا، وتمكن من رص صفوفه مشكلا قوة ضغط كبيرة على الحكومة السورية لسحب قواتها من لبنان، بعد ان اتهموها بانها وراء التمديد لحليفها الرئيس اميل لحود.
اغتيال الحريري
وجاء اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005، وما تبعه من انتفاضة قامت بها قوى 14 اذار ، ليجبر القوات السورية على الانسحاب من لبنان، والى رفع الصوت عاليا للمطالبة بتنفيذ قرار مجلس الامن 1559 وسحب سلاح حزب الله وحل مليشياته. ونجح الحلفاء الدوليين للحكومة بتشكيل لجنة تحقيق دولية باغتيال الحريري، وزادت من ضغوطاتها على سوريا وعلى حزب الله مستفيدين من زخم التعاطف الذي ابداه اللبنانيون معها بعد اغتيال الحريري.
ووجد جزب الله نفسه في مازق كبير، حيث ان الهالة التي اكتسبها في عام 2000 بدات بالتلاشي، وانفض السنة بشكل كبير عن تقديم الدعم لجزب الله حليف سوريا التي وجه لها اصبع الاتهام باغتيال الحريري.
وازداد تماسك فريق 14 اذار، وتنامت قوته وتحالفاته، واخذ الصراع مع تحالف حزب الله الذي اطلق عليه فريق 8 اذار، يزداد وضوحا وتشتد وتيرته السياسية، وامتلأت شاشات التلفزة بحرب اعلامية شرسة. استمرت اكثر من عام.
في هذه الاثناء كان كل طرف يخطط ويبرمج ويمارس تكتيكاته بحيث يحقق النصر على الطرف الاخر، ولم تكن اسرائيل بعيدة عن كل ما يجري بل هي المرشح الرئيسي للقيام بعملية عسكرية لاجبار حزب الله على تسليم سلاحه ، وفي نفس الوقت لم تكن اسرائيل بعيدة عن عيون حزب الله فهي تشكل احد المخارج المهمة من الازمة السياسية الداخلية، يمكن اللجوء لتسخين الجبهة معها لتخفيف الضغط الداخلي عنه وعن حلفائه.
والحقيقة ان حزب الله حاول على مدار سنة وثلاثة اشهر ان يحقق بعض اهدافه وفي مقدمتها الحفاظ على منجزاته السياسية، وهذا لن يتم الا بالحفاظ على سلاحه ومنع تنفيذ قرار الامم المتحدة.
فاتجه الى تعزيز تحالفاته الداخلية، كما عزز تحالفه مع سوريا، ووطد بشده تحالفه مع ايران التي امدته بالمزيد من السلاح والعتاد وسهلت سوريا الدعم اللوجستي، وذلك تحسبا من قيام اسرائيل بعمليات عسكرية لانتزاع سلاح الحزب.
رغبة حزب الله بمناوشات تكتيكية
وقالت مصادر غربية ولبنانية في مطلع عام 2006 ان الولايات المتحدة وفرنسا نصحتا اسرائيل بعدم شن حربا عسكرية على حزب الله في مطلع ذلك العام، لان اي عمليات عسكرية من وجهة نظر الخبراء الامريكيين والفرنسيين ستؤدي الى التفاف الجماهير حول المقاومة مما يضعف زخم الحركة السياسية التي يقوم بها فريق 14 اذار.
وكان حزب الله حسب تصريحات بعض زعمائه في تلك الفترة يحاول بشتى السبل الايحاء بان ما يدعو اليه فريق 14 اذار هو بتوجيه من الخارج حتى وصل الامر الى القول ان فريق السلطة يتلقى تعليماته من عوكر (مقر السفارة الامريكية)، وتحدثت الكثير من المصادر انذاك بما فيها مصادر حزب الله ان اسرائيل كانت تحضر للقيام بعمليات عسكرية ضد حزب الله في سبتمبر 2006، فيما كان حزب الله يحضر للقيام بعمليات عسكرية تكتيكية محدودة على الحدود الجنوبية ، لسحب الانظار عما يجري في بيروت ، وتخفيف الضغط السياسي، وارباك حسابات فريق 14 اذار.
وفي هذا السياق جاءت عملية اسر الجنديين الاسرائيليين، عسكريا – عملية عسكرية محدودة، قدد تتبعها مناوشات عسكرية كتلك التي شهدتها السنوات الاخيرة من عقد التسعينات، وهذا سيؤدي الى تحقيق نتائج سياسية كبرى، حيث سيستعيد حزب الله زخمه الجماهيري والتفاف الشعب اللبناني حوله، فالشعب اللبناني الذي يخوض صراعا دمويا متعدد الاشكال والمواقع والاطراف منذ هزيمة 67 مع اسرائيل لا يمكن الا ان يقف مع المقاومة ايا كانت التناقضات بين اطرافه وبين حزب الله.
لكن حسابات البيدر لم تكن كحسابات الحقل، فقد ردت اسرائيل على عملية اختطاف الجنديين بعملية عسكرية كبرى في 12 تموز 2006، احدثت تدميرا هائلا بالبنية التحتية اللبنانية، وادت الى قتل اكثر من الف شخص واصابة الالاف بجراح مختلفة، وتدمير مئات المباني والمساكن. وتشريد نحو مليون لبناني من بيوتهم ومنازلهم، والحاق خسائر فادحة في الاقتصاد الوطني اللبناني.
لكن حزب الله صمد في المعركة صمودا اسطوريا ، وشن حربا دفاعية على مستويين، الاول نشط رجاله في حرب عصابات منظمة اربكت قوات العدو الضخمة، والثاني حرب صواريخ اربكت جبهتة العدو الداخلية، جراء سقوط الصواريخ على اهداف في قلب المدن الاسرائيلية الرئيسية.
ولم تتمكن اسرائيل بالرغم من استخدامها لقوات ضخمة من تحقيق هدفها ، وهدف كافة القوى الساعية الى نزع سلاح حزب الله ومنها قوى 14 اذار.
هل انتصر حزب الله؟
واذا كان حزب الله قد حقق نصرا عسكريا بان حافظ على بنيته العسكرية الاساسية وبنيته السياسية، الا انه لم يحقق الاهداف السياسية التي كان يسعى لها من خلال تحرشه باسرائيل لدفعها للقيام بعمليات عسكرية محدودة.
فامام الدمار الهائل الذي لحق بكل انجاء لبنان، تمكنت قوى 14 اذار من الحفاظ على وتيرة معركتها السياسية مع حزب الله، وانبرى زعمائها من الرئيس فؤاد السنيورة الى وليد جنبلاط الى سعد الحريري الى سمير جعجع وامين الجميل وباقي القيادات المؤثرة في فريق 14 اذار لخوض معركة اعلامية حتى في عز المعارك العسكرية مع اسرائيل ضد حزب الله واتهمته بانه جر لبنان الى التدمير والخراب والى حرب مع عدو خارجي دون مشاورة الاطراف الاخرى وبدون علم الحكومة.
واستعرت المعركة الاعلامية بين فريق السلطة وفريق حزب الله، ودخلت على الخط الدول العربية الحليفة للحكومة (مصر والسعودية والاردن) ، وفي المقابل تصدرت سوريا موقف الدفاع عن حزب الله حتى ان الرئيس الاسد هاجم الحلف المصري السعودي الاردني بالفاظ قاسية.
اذا فان الدوافع الحقيقية لحرب تموز 2006 كانت داخلية محلية ، وهي امتداد او احد اشكال الصراع الداخلي الجاري بين فريق (السلطة) يحاول تثبيت سلطة مستقلة عن النظام السوري ومرتبطة سياسيا مع تيار (الاعتدال) العربي (مصر السعودية الاردن) ولديها تحالف دولي قوي مع الولايات المتحدة وفرنسا على وجه الخصوص واوروبا بشكل عام. وبين فريق يقوده حزب الله يرى ان بالامكان انتزاع تنازلات من فريق السلطة يسمح له بتعزيز مكتسباته السياسية تمهيدا لتحقيق طموحاته التي سنتحدث عنها لاحقا.
ووقفت الحرب ولملم كل طرف جراحه، واخذ كل فريق يسعى لتوظيف نتائج الحرب لصالحه، وعادت المعركة الى الساحة الداخلية من جديد.
ولكن قبل الدخول في تفاصيل المعركة الداخلية لنلقي نظرة على النتائج الحقيقية للحرب على الصعيد اللبناني.
1 - لقد تم اعادة احتلال جنوب لبنان باسره من قبل 40 الف جندي من القوات الدولية وعمادها القوات الفرنسية
2 – عاد الجيش اللبناني الى الجنوب بعد ان كانت ارضا محرمة عليه قبل الحرب
3 – الحاق دمار هائل بقرى ومدن الجنوب اللبناني وبيروت خصوصا الضاحية الجنوبية
4 – تعزيز التحالف بين حزب الله وايران وازدياد النفوذ الايراني وتدخله المباشر في الشؤون اللبنانية
5 – الحاق خسائر فادحة بالاقتصاد اللبناني مما ادى الى ازدياد البطالة والفقر والضغوط الاقتصادية على المواطنين والحكومة على حد سواء.
6 – اتساع شقة الخلافات السياسية بين الطرفين الرئيسيين في لبنان
7 – اتساع الخلافات والتناقضات العربية العربية
8 – ازدياد التدخلات الدولية بالشؤون اللبنانية
9 – ابعاد القوات العسكرية لحزب الله عن الحدود الدولية مع اسرائيل اكثر من 25 كيلو مترا
10 – فرض رقابة صارمة على تحركات وتنقلات حزب الله العسكرية في جنوب لبنان
11 – فرض رقابة صارمة بحرا وبرا على الحدود اللبنانية لمنع تزويد حزب الله باسلحة جديدة
12 – اجبار حزب الله على نقل الكثير من اسلحته وعتاده وعددا كبيرا من قياداته الى بيروت.
اذا وامام هذه النتائج يمكن القول ان الصمود الاسطوري لحزب الله امام القوة العسكرية الغاشمة للعدو الصهيوني ، هو الانتصار الذي تحقق ، اي ان عدم انهيار الحزب وعدم نزع سلاحه هو الذي تحقق والذي اعتبره حزب الله نصرا الهيا .
لكن على الصعيد السياسي فلم يحقق اي نصر لا على جبهة العدو فلم ينتزع حزب الله اي تنازلات سياسية من العدو الاسرائيلي كما انه لم يحقق اي نصر سياسي على الجبهة الداخلية بل بالعكس واصلت قوى 14 اذار هجومها السياسي ولم تتنازل عن اي من مطالبها.
فاذا كان الصمود يعتبر نصرا الهيا فان منظمة التحرير وفصائلها الوطنية الديمقراطية تكون قد حققت نصرا ربانيا بصمودها ثلاثة اشهر تحت اقصى انواع التدمير والغزو والاحتلال في بيروت عام 1982 .
عودة الى بيروت
وهذا ما دفع حزب الله وحلفائه الى التوجه من جديد الى بيروت، فعطلوا مجلس النواب، وعطلوا انتخاب رئيسا للجمهورية، ونظموا اعتصاما في وسط بيروت لشل عمل الحكومة، وواصل الحزب مناوراته السياسية، باشكال متعددة.
لكن كل هذا الجهود باءت بالفشل، فقد عاشت لبنان بلا رئيس للجمهورية ،وبلا مجلس للنواب، وتعايشت الحكومة مع الاعتصام، كما لم تحقق الحرب الاعلامية الضارية بين الفريقين اية تنازلات من فريق السلطة، بل بالعكس واصل هجومه على عدة جبهات ، الى ان اتخذت الحكومة عددا من القرارات ، كانت تعتقد انها تستطيع تنفيذها لظنها ان حزب الله سيلتزم بوعده ولن يستخدم سلاحه داخليا ، لكنها فوجئت بقيام حزب الله باجتياح بيروت في ايار الماضي وسيطرته على كافة مرافقها ، فاضطرت لسحب قراراتها..
وقد استعرت الحمّى المذهبية على مرأى ومسمع القاصي والداني، وظهر تمدد تشكيلات حزب الله الى قمم سلسلة لبنان الغربية المطلة على البحر، ما يشير ويؤشر الى بناء منظومة عسكرية متكاملة تعمل على الانتشار الجغرافي، وتقيم المواقع، وربما التحصينات، بعيدا عن الجنوب والتماس مع العدو الاسرائيلي.
واستنفر العالم العربي كله ، لمواجهة احتمالات حرب طائفية دموية فاندفع الجميع نحو العاصمة القطرية، واسفرت الاجتماعات عما سمي باتفاق الدوحة.
يتضح مما سبق ان الاسباب والدوافع الرئيسية لحرب تموز، لم تكن في سياق تحرير مزارع شبعا ، ولا في سياق تحرير الاسرى، ولا في سياق تحرير فلسطين لان تحرير فلسطين غير موجود في برنامج واهداف حزب الله اصلا. وان دوافع الحرب هي الصراع على اقتسام السلطة وتحسين مواقع الطائفة الشيعية في التركيبة السياسية اللبنانية.
وهذا هو الهدف الرئيسي لحزب الله ولحركة امل ، ولحلفاء حزب الله مثل الجنرال عون الذي وعد بان يكون المرشح الرئاسي لفريق 8 اذار (فريق حزب الله)
ما هي طموحات حزب الله
والسؤال الملح هنا هو ما هي حدود الطموحات السياسية لحزب الله ، وهذا هو السؤال الجوهري الذي شغل ويشغل غالبية القوى السياسية الرئيسية في لبنان. ودفع فريق 14 اذار لتكثيف هجومه السياسي على حزب الله ومن معه من المعارضة ، وذلك لادراكه ان حزب الله بصفته المذهبية وارتباطه بقيادة مذهبية اجنبية هي ايران (وفق ولاية الفقيه) التي اكدها الشيخ نصرالله في خطاب له مؤخرا، لا تقتصر على المشاركة كاقلية في السلطة ، بل ان لها طموحات اكبر من ذلك ، تتدرج من الحصول على الثلث المعطل الى الحصول على الاغلبية ،ثم السيطرة الفعلية على السلطة. (طبعا ان امكن)
لقد اعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب شامل، عقب انتخاب الرئيس، عرّف من خلالها هوية حزبه بالولاء للولي الفقيه، حاسما كل تأويل، ومُفاخرا ببنوته وانتمائه. وشعر اللبنانيون بالفرز الذي يستدعيه هذا التعريف، وخطورة الأمر من ناحية الاحتكام الى مرجعية خارج الاطار الوطني.
ولمن لا يعرف ماذا تعني ولاية الفقيه ، فهي بالضبط تعني حكم الخلافة الاسلامية، فالفقيه هو خليفة المسلمين الشيعة ، وكل شيعي من اتباع المذهب الاثنا عشرية يعتبر احد رعايا الخلفة (الفقيه) مما يعني ان حزب الله ونصرالله هم اتباع الخليفة الفقيه ياتمرون بامرع ويلتزمون بنواهييه ، فهو كلي السلطة وقراراته نافذة ولا يجوز عصيانها.
وتدرّج حزب الله في الافصاح عن مراده ومطالبه، وآثر، ببراعة مشهودة، التقدم خطوة بعد خطوة، وتمرير اهدافه واحدا بعد الاخر، فتحت عباءة المقاومة وعنوانها، امتلك رافعة أساسية أدخلته الحيز السياسي بعيدا عن النقد، محصنا معنويا وله امتيازات لا يملكها غيره. وحيث ان الجماهير منحته تاييدها واحترامها لبسالة مقاتليه وصمودهم. وتجاوزا عن هيكله المذهبي الصرف ومضمون وثائقه التأسيسية وانفراده بالسلاح، وسكتت عن أخطاء وتجاوزات.
لكن حزب الله بالغ في إبراز تفرده وعلوّ شأنه، وصولا الى إسباغ القدسية على قادته ودوره، واكثر من الوعود المتتالية بالانتصارات، رغم انه ابعد عن خطوط التماس مع العدو لمسافة حدها الادنى 25 كيلو مترا ، وبطُل تماسه مع العدو، غداة حرب تموز، وانتهى الى رفع سلاحه في الداخل، وارهاب الشركاء في الوطن.
ويستند حزب الله في تحقيق هذه الطموحات على اعتقاد ان الشيعة باتوا يشكلون اكبر الطوائف اللبنانية من حيث العدد، وعلى الدعم الايراني الذي له اطماع لا يخفيها بالمنطقة العربية سواء في الخليج البحرين وقطر وجزء من سلطنة عمان ومد النفوذ السياسي بقوة على الكويت، وشرق السعودية، وتعزيز نفوذها وحضورها في العراق، وان يكون لها جيب في بلاد الشام هو لبنان.
ومن المعروف ان الاطماع الايرانية بالمنطقة العربية اكثر اتساعا واعمق من الناحية الايديولوجية من اسرائيل ، فكما تضع اسرائيل خارطة على مدخل الكنيست تقول حدودك يا اسرائيل من الفرات للنيل ، فايران ايضا لديها خارطة لامبر اطوريتها الفارسية التي تسعى لاستردادها تمتد حدودها من سواحل بلاد الشام وحتى اواسط اسيا.
وحزب الله هو جزء من هذه المنظومة الفكرية والسياسية والعسكرية، بل يمثل فصيلا عسكريا متقدما في الاستراتيجية الفارسية، وقد ثبت فعلا وبالملموس سخافة الادعاءات بان هناك شيعة عرب انتمائهم قومي عربي ومصالحهم ومستقبلهم مرتبط بمصالح ومستقبل الامة العربية، بعد ان برهن جيش المهدي في العراق الذي روجت له بعض اجهزة الاعلام ان اعضائه من الشيعة العرب الذين لن تتفق مصالحهم مع ايران، فاذ به الاشد قسوة ووحشية على ابناء جلدته من السنة حتى من جيش الاحتلال الامريكي في العراق.
وبات واضحا وعلنيا ان الشيعة في لبنان يقلدون بأكثريتهم مرجعية السيد السيستاني-
وان الغالبية العظمى من الشيعة في لبنان سواء اعتنقوا نظرية "ولاية الفقيه" أم لم يعتنقوا، تعني لهم ايران الشيء الكثير، ولا يوجد دافع يضاهي الدافع المذهبي ليغير رؤيتهم الايجابية الى طهران ودورها سواء في الماضي او الحاضر او المستقبل.

التطورات الحالية في لبنان

اذن في ظل هذه الحقائق كيف تدور رحى المعركة السياسية في لبنان في الوقت الراهن.؟؟
لنتابع التطورات الجارية ومنها قيام السيد سعد الحريري الاسبوع الماضي بزيارة الى العراق زار خلالها مقر المرجعية الروحية العليا للشيعة في النجف.
وهذا ما ادى الى حدوث حالة استنفار في الاوساط الشيعية في لبنان بحثا عن خلفيات الزيارة ومحاصرة نتائجها، وتعاملت مع هذه الزيارة ليست حدثا عابرا ، وان الحريري وحلفاؤه يحاولون الايحاء بان هناك تيارا شيعيا لا يوالي حزب الله او حركة امل وانه يمكن استيعابه، وبنفس الوقت احتواء امل وحزب الله .
وقد كشفت بعض المصادر لصحيفة واشنطن بوست الاسبوع الماضي ان فريق السلطة (14 اذار) قد اعتمد رؤية تفيد بان حزب الله احرز تقدما بعد حوادث ايار، وان هناك معادلات جديدة في المنطقة ، فرضت نفسها على الساحة اللبنانية ، تسير باتجاه معاكس لحزب الله ، وبلغت تقديرات فريق السلطة الى ان هذه التغيرات قد تؤدي الى بدء العد العكسي لحزب الله.

وينطلق فريق السلطة برؤيته هذه من ان سلاح حزب الله لم يعد له نفس الزخم ليستعمله في السياسة الداخلية ، وان ذلك سيدفع الحزب للقبول بان يكون طرف سياسي ضمن الحصة المقررة سلفا للطائفة الشيعية وفي ذلك تحجيم كبير لطموحات الحزب السياسية.
بالاضافة الى معلومات مؤكده لدى فريق السلطة تفيد بان دمشق طلبت من حلفائها في لبنان العمل من الان فصاعدا بمنأى عن حزب الله مما سيؤدي الى الى عملية فرز بين ما هو سوري وبين ما هو حزب الله .
لكن الخطورة ان رؤية فريق السلطة معروفة ايضا لحزب الله الذي سقط القناع المقاوم عنه في الاجتياح العسكري لبيروت في ايار، وظهرت حقيقة اهدافه السياسية وقدرته على وضع اللبنانيين جميعا اذ حشر بالزاوية امام خيارات صعبة ، من سيطرته على القرار "من ثلث معطل الى امتحان المسؤولين الأمنيين واعطائهم الاجازة، الى أنصبة الحكم والمعارضة في الوقت ذاته من موقع المشاركة وامتيازاتها، واما اجتياح الأرض وتلقين المناوئين دروسا صعبة. وفي كلتا الحالين، يتعين على اللبنانيين جميعا دفع الأثمان وتحمل تبعات ما قد يتحينه الحزب من فرصة او يرتئي من دافع اقليمي، بهمة طهران وتبعا لمصالحها" (السفير اللبنانية)
وبذلك انكشف المستور فالمقاومة تحولت الى مجرد حزب له مطامع بالسلطة، وهذا ما حرص حزب الله على اخفائه سنوات طويلة، لكن الدستور وتركيبة الاجتماع اللبناني، المعقدة والغنية في آن تقف حائلا امام طموحه .
الصراع على السلطة لم ينتهي
ولا تزال كافة المؤشرات تقول ان الصراع على السلطة في لبنان لم ينتهي، فحزب الله لم يعد بامكانه ركوب رافعة المقاومة بعد ان ابعد عن الحدود وبات يفصل بينه وبينها 40 الف جندي من القوات الدولية، فان الساحة المفتوحة امامه هي الساحة الداخلية، وبذلك سيستمر اللبنانيون يعيشون ازمة دائمة مشحونة بالخوف والفقر وهجرة الشباب، والاحساس بفقدان الامل.في ظل صراع سياسي ، قد تتنامى خلاله بذور الفتنة الطائفية وتنبعث من جديد في لحظة طائشة لتحرق الاخضر واليابس.
بالطبع لا يتحمل حزب الله وزر كل الشرور في لبنان، فالاطراف الاخرى جميعها شريكة متضامنة في ما الت اليه الاوضاع ، لكن الفرق بينها وبين حزب الله انها لا تدعي البطولة ولا ترفع شعارات المقاومة، ولا احد من قادتها فوق النقد، ولا يدعي رموزها انهم معصومون والاهم من كل ذلك، انهم ليس لهم مرجعية ملزمة نهائية ياتمرون باوامرها كولاية الفقية.
صحيح ان كل الاطراف اللبنانية لها علاقات وتحالفات اقليمية ودولية لكنها مجرد تحالفات وليست تبعية عقائدية ملزمة كالتبعية لولاية الفقيه.
نجاح بدران
[email protected]






#نجاح_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهداء البنزين في امريكا وشهداء الخبز في مصر
- رسالة الى السيد اوباما : لن نقبل باقل من دولة فلسطينية مستقل ...
- اقامة دولة فلسطينية احد شروط تحسين صورة امريكا في العالم
- الحواجز الامنية تحيل واشنطن الى -بغداد- او رام الله
- الشيخ حسن نصر الله يكذب


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجاح بدران - حزب الله لم ينتصر في تموز