أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضوان ايار - شرود ابدي














المزيد.....

شرود ابدي


رضوان ايار

الحوار المتمدن-العدد: 2349 - 2008 / 7 / 21 - 08:53
المحور: الادب والفن
    



توقفت الحافلة المهترئة في محطتها كالعادة متأخرة بنصف ساعة أو أكثر، لازال أمامي ربع ساعة أخرى من المشي أو الجري حسب ما تقتضيه الظروف،تأبطت حقيبتي و انطلقت أسابق الدراجات و سيارات الأجرة.وصلت متأخرا ولم تكن طبعا المرة الأولى فقد اعتاد الجميع على هوية آخر من يلتحق ، ليس من عادة مدير المؤسسة أن يمطرني توبيخا لكن فقط عيناه كانت توحي بذلك دوما. صعدت إلى قاعتي في الطابق العلوي وهناك لم أجد سوى تلميذة واحدة... انزوت وحدها في ركن القاعة، ووكأنها في حديقة عمومية شرعت في الغناء بصوت مسموع .كنت متعبا من كثرة المسير مع ذلك لم أشأ أن أزعج هدوءها فتسمرت قرب الباب دون حراك علي استمتع بالمشهد أكثر.استمرت في الغناء،مسكينة كانت تعتقد أنها وحيدة فعلا، بين يديها على ما يبدو البوم صور تقلب صفحاته على مهل و في كل مرة كانت تطلق تنهيدة طويلة جدا وتعود بعدها للغناء من جديد، في لحظة طائشة رق قلبي لحالها ولحالي فتنهدت أنا أيضا .

-سمح لي ا أستاذ ما شفتكش

-ما شي مشكل

جلست التقط أنفاسي. تشتت تفكيري، فمرة أفكر في ما يمكن ان يكون استهلالا لدرس اليوم و مرة أفكر في طريقة تمكنني من توفير ثمن السيارة التي ستزيح عني احراجات "الاوطوسطوب" وتراكل الفلاحين صبيحة كل سوق أسبوعي.....

دخل التلاميذ فرادى و جماعات، جلهم تأخروا. صراحة لا أعرف ماذا أصاب هذا الجيل إحساس بالغربة يجسدها هندامه ،فوران عاطفي وطاقة ليبيدية عصية على الفهم بالأحرى التحكم، بعضهم يسوق دراجات نارية ضخمة على عجلة واحدة ، وبعضهم يرقص على رأسه في جو من التصفيق و الحشيش والموسيقى الصاخبة، إدمان وسب للرب و أشياء أخرى...أتذكر يوم قال "جاك شيراك" أن ليس هناك أصعب من خروج المراهق إلى الشارع للاحتجاج ، عجيب ،مراهقينا يحتجون كل يوم و في كل مكان إذن بلا مبالاتهم و بقيمهم المستوردة ولا أحد يفهم الرسائل...كلفت أحدهم بمسح السبورة وكتابة التاريخ و عنوان الدرس و بالصدفة اكتشفت لماذا كان أساتذتنا يصرون كل صباح على أن يتقدم احدنا إلى السبورة لتسجيل تاريخ اليوم. كنت اعتقد أيام "المدرسة المركزية"و "أسي بنسالم" أن الأمر لا يتجاوز كونه رغبة من المدرس في إشراكنا في بناء الدرس. لكن يبدو أن الأمر غير ذلك مطلقا، ربما قد يتعلق الأمر فعلا بنسيان دائم و متواصل للتاريخ، ورغبة لبقة في التذكر. ما جعلني ابلغ هذا الاستنتاج أني هذا الصباح وقفت مشدوها حينما كتب احد تلامذتي تاريخا لم أكن أتوقعه.استغربت كل تلك الفطنة التي حباه الله بها، كما استغربت كل هذا الشرود والتيه الذي حباني الله به أيضا. أترى الشرود نتيجة لتعب "لانافيت" أم انه خلل فطري و موروث؟ صراحة لا اتفق مع التفسير الأخير فوالدي بشهادة "العدو والصديق" يتميز بذكاء مثير للدهشة فهو غير متعلم ومع ذلك يمتهن إصلاح الأجهزة الالكترونية العادية و "تركاب البارابولات" و أحيانا حتى إصلاح الحواسيب . و له قدرة خارقة على حفظ الكلمات التي يستعين بها في عمله سواء باللغة الفرنسية أوالانجليزية...لم اشأ ان يسرقني السهو من جديد فلملمت عظامي و قمت إلى السبورة..و بعد تهدئة القوم بدأ درس الفلسفة.



#رضوان_ايار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة
- قصص قصيرة
- معطلة و ليشربوا البحر


المزيد.....




- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضوان ايار - شرود ابدي