أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي - مساهمة النظام التعاوني في تفعيل منظمات المجتمع المدني















المزيد.....



مساهمة النظام التعاوني في تفعيل منظمات المجتمع المدني


محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 2337 - 2008 / 7 / 9 - 10:19
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


إعداد وتقديم
مستشار/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
إختصاصي التعاون والتنمية والتدريب

قاعة الاجتماعات – وزارة الرعاية الاجتماعية
الخرطوم في 26 فبراير 2008

المقدمة
أعدوا التعاونيين قبل إنشاء التعاونيات من المفاهيم الاساسية التي إهتم بها التعاونيون في جميع أنحاء العالم ، لأنها من الضمانات التي تمكن من خلق تعاونيات علي مبادئ التعاون وقيمه وأسسه السليمة، فيتحقق لهذه التعاونيات الإستقرار المنشود وتؤدي دورها المطلوب وبالتالي تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها. أن الفكرة التعاونية إذا ما أعيدت صياغاتها في الواقع العملي وفقا هذا الشعار العلمي الذي يعني التثقيف والتوعية بالنظام التعاوني وأهدافه ووسائله ومبادئه المميزة ، ووفقاً للظروف البيئية والموارد واستعدادات السكان في السودان سيكون لهذه الفكرة ضمانات من مبادئها العامة في الاستقرا والاستمرار والنجاح الأكيد. هذا الوضع سوف يجعل الفكرة التعاونية أداة علمية وعملية فاعلة في المجتمع السوداني وفي حياة المواطنين ، وتغييرها للافضل دوما. إن النظام التعاوني إذا ما إهتمت به الدولة في إطار مسئوليتها تجاه المواطن ، سيكون أداة ووسيلة واسلة من وسائل العلاج لكثير من مشاكلنا المزمنة والمتعلقة بالفقر والعطالة وغلاء المعيشة. إن علي الدولة واجبا كبيرا ودورا أكبر يجب أن تطلع به تجاه الحركة التعاونية خاصة في هذه المرحلة ، مرحلة التحول من حالة الحرب الي السلام ، وذلك من منطلق أن واجب الدولة ودورها يتطلب دائما البحث عن أنجع الوسائل والآليات التي تمكن من تحقيق رفاهية المواطن وتطويرإمكاناته المتمثلة في موارد البلاد الأقتصادية. إن التعاونيات المؤسسة بصورة علمية صحيحة والتي تقوم وفقا لأحتياج فعلي يشعر به مؤسسيها ستساهم بفاعلية في تحقيق السلام الشامل العادل وازدهار العمران والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المتوازنة مع المحافظة علي القيم والأخلاق كما أنها تمتلك مقومات العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين الناس وبذلك يتحقق شعار تعاوني آخر هو (الفرد في خدمة الجماعة والجماعة في خدمة الفرد)... إلا أن التعاونيات في هذه الحالة تحتاج إلي متابعة في التطبيق وأن تفرد لها الحكومات حيزاً سياسي وإهتماما حقيقيا ينعكس في أداء وفعالية الأجهزة التنفيذية في كل المستويات.

إن التعاون نظام لتحرير الاقتصاد وإطلاق للقوى المنتجة من عقالها وهو يمكن أن يكون الدواء الناجع لعلاج الكثير من المشكلات اليومية للسوق التي أصبحت اليوم مشكلات مزمنة أدت إلى اختناقات تموينية.. وفي آخر الأمر إلى ضائقة الغلاء.. بل أن الحركة التعاونية بما يمكن أن نضيفه من ثقافة جديدة في الوعي الزراعي والتجاري والإنتاجي، وبما تثري به المواطن من تجارب في المجالات الاقتصادية, وبما تبتدع من وسائل علمية لتطوير الإنتاج والعلاقات الإنتاجية، وبأثرها السلوكي على البناء القومي للمجتمع فإنها وسيلة حية لتعليم الشعب وتربيته... فالشعوب تتعلم بالممارسة وهي تتعلم أسرع عن طريق العمل الجماعي وبصفة خاصة عندما تكون وسيلة العمل الأساسية هي الديمقراطية التعاونية التي تتيح للأعضاء حرية التعبير عن الرأي وتساعد على التوصيل للقرارات الرشيدة عن طريق الحوار الهادف. ثم هي تشعر الأعضاء بأنهم يصنعون مستقبلهم بأفكارهم وتخطيطهم ومجهودهم في العمل مما يجعل الوحدة في الفكر وفي العمل شاملة للتخطيط والتنفيذ. والشعب السوداني عرف ثمار تطبيقات التعاون وله استعداد لتطبيقات جديدة تقدم له احتياجاته وطموحاته في التنمية، كما أن الحكومات يمكنها الاعتماد علي تطبيقات التعاون كوسيلة للتنمية من خلال القدرات الذاتية للأفراد بجمعهم في تجمعات سكنية ، وبما يفيد في إمكانية الوصول إليهم لتقديم الخدمات مثل التعليم والصحة والإحصاء والانتخابات .. الخ. كما أن تطبيقات التعاون من مبادئها وشعارها تعلم الناس أسس الديمقراطية السليمة والحقوق والواجبات وتنمي القيم الفاضلة. إن الثروات القومية السودانية سريعة العائد إذا ما استخدمت فيها الطرق الاقتصادية المعتمدة علي التكنولوجيا وفي مقدمها النظام الاقتصادي التعاوني لامكن إحداث التنمية بأسلوب تطبيقات التعاون الذي لا يكلف الحكومات غير الإشراف والتوجيه. فمثلا مبدأ (الباب المفتوح للعضوية) وكل مبادئها تكفل وتؤمن (الحرية والعدالة والمساواة) . لهذا تتمتع الحركة التعاونية بالأمن والأمان و السلام لها و للملتزمين بمبادئها لانها تأخذ بهذا المبدأ ضمن مبادئها في المجتمع. إن العمل التعاوني يقدم خدماته للبشر دون تفرقة بينهم لأي سبب، كما إنه وسيلة الفقراء أوالضعفاء من أجل العيش العفيف الكريم ، وبما أن "الهوية التعاونية" تؤكد إن أحد أهم مبادئ التعاون هوالحياد السياسي والديني والعرقي فإن التعاون يهدف للبناء والإعمار والتنمية ولا يهدف أبداً إلي الحرب أو الدمار. ونحب أن نقرر هنا أن معالجة مشاكل التعاون في الإطار الحالي للهياكل الأساسية للاقتصاد السوداني لن يحرره من أسر المشاكل التقليدية المزمنة التي ظلت تلازمه وقتاً طويلاً... ما لم تحدث قفزة في التصور وفي التخطيط تضع التعاون موضعاً جديداً وفريداً وما لم يحدث تغيير فعلي وجذري بعيد ترتيب وتنظيم البنية الفوقية للاقتصاد السوداني ليعطي التعاون دوراً طليعياً وأساسياً في الحركة التنموية. إن الحديث عن إزالة سلبيات الحركة التعاونية وهدم السياسات الخاطئة التي سجنت التعاون في إطار ضيق سيكون عبثاً ما لم يصدر من القيادة السياسية العليا بالبلاد قرارات سياسية تصحح بها الأوضاع المقلوبة وتضع التعاون في مكنه المناسب في خارطة الإقتصاد القومي ، إذ ليس من المقبول منطقا أو عقلا أن يستبعد القطاع التعاوني من خطط وإستراتيجيات الدولة والألفية التنموية الثالثة وهو الذي يمثل بعضويته التي تفوق الثلاثة مليون عضوا ، بالإضافة إلي ما يعوله هؤلاء الأعضاء من أسرهم بمتوسط 5 أفراد للأسرة الواحدة ليصيرا لعدد الكلي للتعاونيين وأسرهم 15 مليون مواطن..!!!.

التطبيقات الاقتصاديات التنموية بالسودان في تكوينات الجمعيات التعاونية في النصف الأول من القرن الماضي مكنت من تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مقدرة، علي الرغم من العقبات التي واجهتها مثل ضعف رؤوس الأموال و نظم الإنتاج والتسويق و سياسات الحكومات المختلفة ونقص خبرات الإدارات . ولنا في التجربة الماليزيا أسوة حسنة ، فقد بنت اقتصادها مبتدئة على شجرة زيت النخيل المستجلبة من غرب أفريقيا وتم توطينها ثم على الزراعة الممرحلة الى الصناعات التحويلة مستخدمة التقانات بحيث قفز دخل الفرد إلى اكثر من (5000 )آلاف دولارا بعد إن كان اقل من( 200) دولارا وهى دولةظروفها مشابهة لظروف السودن حيث تضم اثنيات عرقية(مالا يا-صينين –إندونيسين- فلبين –هنود-عرب)واستفادت من التنوع العرقي والتطبيق السليم للنظام التعاوني فأصبحت من النمور الأسيوية. فى السودان عامة ودارفورخاصة ينبغى إن يحدث ما حدث في ماليزيا التي استقلت 1957م - متزامنا مع استقلال السودان 1956م والسودان يمتلك من الثروات ما أوجزت عنه.ولو حدث إنشاء شركات زراعية تعاونية لأهل أقاليم السودان عامةودارفور خاصة مع وضع ضوابط لمسارات الرعي وتم اعتماد إمارات قبلية في نظارات مع وجود فاعل للسلطة الحكومية لتحقق نوع من الاستقرار والثروة ولإنعكس ذلك علي مستويات التعليم والصحة ونتائج أخري كثيرة أفضل من التكلفة التي يتحملها السودان الآن محلياً ودولياً ومنها نفقات الحرب ومهددات الأمن وقطاع الطرق والتدخل الأجنبي ولكان سكان تلك المناطق من أغني الناس علي المستوي الفردي لو تم عن طريق التعاونيات الاستفادة من مصادر الإنتاج المحلية باستغلال الثروات الطبيعية الوافرة فى دارافوربل وكل أقاليم السودان الواسعة .وكذلك الحال في الشرق : إذا ما أنشئت شركات جمعيات تعاونية لإنتاج الملح الميودن – ومصائد للأسماك وتعليبها وتجفيفها، والزراعة في بعض الأودية مثل (وادي تمالا) ومزارع تعاونية في أودية القاش وما حوله حتى صحراء البطانة، وكذلك صناعات مستخلصات الأشجار والعطور ومعاجين الأسنان ومساحيق التجميل وغيرها. كما أن تنمية التعاونيات بجنوب السودان ذوالعشر ولايات يتطلب وضع استراتيجية للحركة التعاونية، يتضمن برامج تعليمية وتدريبية لما تتصف به هذه المنطقة من وضع خاص نتيجة لآثار الحرب المنتهية بإتفاقية السلام، ويمكن للحركة التعاونية أن ترتاد الكثير من المجالات تعاونيات صناعة الغابات تعاونيات الصناعات التحويلية تعاونيات الحرف اليدوية handicrafts تعاونيات الصناعات القروية village industries تعاونيات الصناعات الريفيةrural industries قيام التعاونيات الزراعية ، وخاصة مجال البساتين قيام تعاونيات الصناعات الجلدية . تعاونيات صناعة التماثيل من العاج والابنوس قيام الجمعيات التعاونية لإنتاج محصول الأرز.

هذه الورقة محاولة لتسليط الضوء الساطع علي تاريخ ونشأة الحركة التعاونية العالمية والتعريف بالقيم والمبادئ التعاونية والاسس التي يقوم عليها النظام التعاوني السليم. بالاضافة الي التعرض للتجربة التعاونية السودانية الثرة المتمثلة في دورالجمعيات التعاونية والتي تنتشر بجميع مناطق السودان ، والتي توفر معظمها خدمات جليلة ورائعة تعمل على خدمة المواطنين بتقديم كل ما يخدمهم حسب نشاط كل جمعية وقوة مجلس إدارتها. لقد حققت التعاونيات أثرا إيجابيا وملموسا في حياة المواطنين•بالرغم من الآثار السالبة والمدمرة لتدخل الدولة السافر في أخص وأعمق شئون العمل التعاوني ، بقرارات سياسية متعارضة ومتضاربة مع الرأي الفني والعلمي ، مما كان له سود العواقب علي الحركة التعاونية السودانية. وكان هذا التدخل السافر للدولة سمة ملازمة لكل الحكومات التي حكمت السودان علي تفاوت فيما بينها ، وقد بلغ مدى بعيداً وخطيرا في العهد المايوي البغيض ، أما في عهد "الإنقاذ" فلقد كان هذا التدخل في شئون الحركة التعاونية أشد سفورا وشراسة وضراوة ، وأستهدف مقوماتها ومكتسباتها كادت أن تغتالها معنويا وماديا ، وذلك بإضعافها وتفتيتها وبالسطو علي مكتسباتها وتحويل مهامها الي المنظمات الإنقاذية ، وتشريد الكفاءات الديوانية والشعبية ، وتسليم دفة الأمور الي غير أهلها من خلال لجان التسيير المعينة في مخالفة واضحة وسافرة لكل الأعراف والمواثيق والأسس والمبادئ التعاونية المعروفة والمعمول بها عالميا. لقد تناولنا هذا الموضوع في أربعة أبواب: الباب الأول النشأة والخلفية التاريخية للتعاون ، حيث تضمن الفصل الاول لتعاون الفكرة أسباب وضرورات النشأة ، والفصل الثاني تضمن نشأة وتطورالحركة التعاونية السودانية ، أما الفصل الثالث فتضمن التعريف بالتعاونية وأنواع الجمعيات التعاونية. الباب الثاني الهوية التعاونية ، الفصل الأول عن الشعار التعاوني والقيم والمبادئ التعاونية ، وتحدثنا في الفصل الثاني عن الإدارة التعاونية (مستويات الإدارة في النظام التعاوني - مجلس الإدارة - الإدارة التنفيذية - الانتخابات ) وفي الفصل الثالث تحدثنا عن البنيان التعاوني. أما في الباب الرابع مررنا علي منظمات المجتمع المدني باختصارنرجوا أن يكون غير مخلا ، من خلال الفصل الاول النشأة والتعريف والفصل الثاني نشأة المجتمع المدني في وسط السودان. أما الفصل الثالث مجالات التفعيل ، حاولنا أن نضع مؤشرات لتفاعل منظمات المجتمع المدني مع النظام التعاوني لتفعيل دور هذه المنظمات في المجتمع السوداني.




الباب الأول
النشأة والخلفية التاريخية للتعاون

الفصل الاول
التعاون الفكرة - أسباب وضرورات النشأة

التعاون كظاهرة اجتماعية، قديم قدم البشرية، وشمل العديد(1) من أنماط النشاط الجماعي بين الأفراد المتمثل في العون والتضامن والمساعدة المتبادلة وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية لا يمكن أن تتحقق بالمجهود الفردي، ومورس التعاون بالفطره في كافة المجتمعات منذ الازل وبدى ذلك جلياً من خلال تعاون افراد المجتمع الواحد في اقامة المساكن او جني المحاصيل الزراعية كالقمح والزيتون وفي مناسبات الافراح والاتراح ومعالجة اثار الكوارث الطبيعية والحروب حيث كان الناس يندفعون فطرياً لتقديم العون والمساعدة لصاحب الحاجة ويتوقعون المعاملة بالمثل عند حاجتهم لهذا العون ايضاً .وعليه نستطيع القول ان كلمة التعاون تعني المشاركة والمساعدة المتبادلة والعمل معاً وانه طريقة مثلى لتأدية وانجاز الاعمال بشكل افضل واسرع والتعاون ليس هدفاً بحد ذاته ولكنه وسيله فضلى لبلوغ الهدف . ولسنا هنا بصدد الحديث عن التعاون في صورته (الفطرية)، إنما ينصب حديثاً عن التعاون المنظم كوسيلة وأداة أصلاحية وتصحيحية في المجتمع والذي برز بصورة واضحة في أعقاب الثورة الصناعية بأوربا في منتصف القرن الثامن عشر كرد فعل للمساوئ الناجمة عن فشل الرأسمالية، خاصة بالنسبة للمزارعين والطبقة العاملة، وتمثلت هذه الآثار السيئة للنظام الرأسمالي المتدهور في الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمال، وانتشار العطالة انخفاض وتدني في مستوى المعيشة، استغلال النساء والأطفال في الإنتاج الرأسمالي لانخفاض أجورهم وظهور كثير من الأمراض والعلل الاجتماعية الخطيرة.
ظهر الفكر التعاوني على يد الاشتراكية الطوباوية(2) ويعتبر ( روبرت اوين ) الأب الحقيقي للتعاون والتي مهدت تجاربه الي ظهور اول نموذج تعاوني ناجح عام 1844 في روتشديل – انكلتره وبمبادرة عمالية صرفة وبالتالي ظهور التعاون استهلاكي ثم اعقبها التعاون الانتاجي الحرفي في فرنسا والتعاون الإئتماني في الماني . لقد كان للنظريات الاشتراكية التعاونية الاصلاحية أثر كبير في نجاح التجرية التعاونية وإنتشارها في بقاع العالم المختلفة، ابتداء بالطوباوية الاوينية(1771- 1858) ومجهودات شارل فورييه(1772- 1835) والشركات التعاونية للكنجية ( وليم كنج 1786- 1865) ومساهمات ( لويس بلان 1811- 1882 ، فردنياند لاسال 1825 - 1864) والمدرسة الالمانية الجيدية ( 1847 – 1932 ) والبارانوفسكية ( توكان بارانوفسكي (1865- 1919 ) ونظريات الربح التعاوني في القرن العشرين ، هذا إضافة نظريات "ميلر" التعاونية والتجربة التعاونية الكيبوتسية في إسرائيل. حاول روبرت أوين 1771-1858 "الأب الروحي للتعاون" تطبيق أفكاره الإصلاحية عن طريق جمع جهود العمال تعاونياً، وعلى الرغم من الإخفاقات التي لازمت التجربة إلا أنها كانت كافية لانطلاق التجربة التعاونية العالمية الرائدة لرواد روتشيديل، حيث اجتمع في 15 أغسطس 1843، 28 عاملاً من بينهم امرأة بمدينة روتشيديل الإنجليزية معلنين أول جمعية تعاونية في العالم.. ومن ثم انتقلت التجربة الناجحة إلى بقية المدن البريطانية وإلى بقية دول أوروبا والعالم. وفي بداية سنة 1843م لخص أوين أفكاره في أهمية قيام العمال بجمع مساهمات يقيمون بها وحدات بيعية تقدم لهم السلع التي : يحتاجونها بأسعار معقولة ، ووحدات تقدم لهم مزايا الإنتاج الكبير والتسويق الأوفر والشراء والبيع بما يعود عليهم بنتائج أفضل . وحدد أسس أصبحت نواة لمبادئ التعاون وجدت قبولاً من الطبقة العاملة في انجلترا ، وبناء عليها شهد العام في منتصف عام 1844 بزوغ الحركة التعاونية العالميةً بتأسيس أول جمعية تعاونية ناجحة في العالم هي جمعية رواد روتشديل التعاونية.

قام "رواد روتشديل المنصفين" (Rochdale Equitable Pioneers) بإنشاء أول متجر لهم في تود لين، بروتشديل "وهي بلدة صغيرة في مقاطعة لانكشاير بانجلترا".. وكانت عبارة عن متجراً استهلاكياً ، وبذلك شهد حي (تودلين) في بريطانيا أول عمل اقتصادي تعاوني رشيد (علي أسس حددها روبرت أوين) . وبقيام جمعية روتشديل التي جمع رأسمالها (سنتاً ... سنتاً) من العمال حتى بلغ (26) ستة وعشرون جنيها إسترلينيا. بدأت روتشديل من 1843م / 1845م في التطور ، وبدأ الفكر التعاوني (وأسسه) التي تحولت إلي مبادئ في الانتشار بما حققه التطبيق من نتائج طيبة تخطت مجالات الاستهلاك إلي مجالات أخرى منها المساهمة في إنشاء المساكن العمالية : بعد أن زادت عضويتها وتضاعفت رؤوس أموالها ونمت قدراتها تمكنت من أن تمتلك أكبر أسطول بحري تجاري في العالم في ذلك الوقت. ويذكر الباحثين في مجال التعاون ان سنة 1844 تعتبر نقطة تحول في تاريخ الحركة التعاونية عالمياً حيث أسست اول جمعية تعاونية ناجحة في العالم هي جمعية رواد روتشديل التعاونية ، وروتشديل بلدة صغيرة في مقاطعة لانكشاير بانجلترا ، حيث كانت البلاد تعاني من اثار الحروب النابليونية والتي استمرت (15) سنة وسببت شدائد كثيرة كما كان للثورة الصناعية ضلع كبير والتي احدثت التغير من الاقتصاد الزراعي الى الاقتصاد الصناعي اثر اختراع الآلة البخارية التي تدار بالفحم الحجري مما أدى الى إعادة التوزيع الديمغرافي للسكان والانتقال من ضفاف الانهار ومساقط المياه الى المناطق القريبة من مناجم الفحم الحجري للزيادة السريعة والكبيرة في المصانع المقامة قرب المناجم وتوافر كبير لفرص العمل فيها لاعداد غفيرة وهنا نشأة الحاجة للحصول على المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية والمساكن في المناطق الجديدة واصبح يتطلب ذلك توريد المواد الخام من مناطق نائية وفي ظل هذه الصعاب نشأ صراع الحركات العمالية مع اصحاب المصانع لتوفير هذه المتطلبات . (3) ومن هنا انبعثت لدى عدد من العاملين القاطنين في بلدة روتشديل فكرة انشاء جمعية تعاونية وكانت الحاجة والظروف الاقتصادية والاجتماعية هي المحرك والباعث ، حيث أسست الجمعية من (28) رجلاً جمعوا (16) جنيهاً وفتحوا حانوتاً متواضعاً يحوي السلع الضرورية بحيث يمكنهم من توفيرها لعائلاتهم وبسعر معقول ودون غش بالنوعية او الوزن ، ووضعوا دستوراً (( نظام داخلي )) مكتوب لجمعيتهم تضمن الغايات والاهداف وطريقة جمع المال وتوزيع الارباح واسلوب الادارة وخطة الجمعية ، وتوسعت الجمعية مع النجاح وبمرور الوقت في اعمال الحانوت الى ان اصبح يوفر كافة السلع والملابس واضيفت مطحنة حبوب بعد (5) سنوات واصبح عدد الاعضاء بعد (7) سنوات (600) عضو ومبيعاتهم (13) الف جنية . توالى تأسيس التعاونيات في انجلترا من مختلف الأنواع والغايات وصدر اول تشريع حكومي عام 1852 لادراك حكومتهم آنذاك بأهمية الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأت تؤديه التعاونيات ، وفي عام 1863 أسس أول اتحاد جمعيات تعاوني ضم (48) جمعية لتوريد وتسويق المواد الغذائية والمنزلية بالجملة لاعضاء الاتحاد من الجمعيات وانتخب أحد رواد روتشديل رئيساً للاتحاد وتوالت الحركة التعاونية بانجلترا بالتطور والرقي فأسست اول صحيفة تعاونية عام 1871 ثم رابطة السيدات التعاونية 1883 لتقديم خدمات رعاية الأمومة والطفولة وتحسين أحوال استخدام النساء العاملات في المصانع . وفي نفس فترة ازدهار التعاونيات في انجلترا كانت تزدهر حركة تعاونية للتسليف والتوفير التعاوني الزراعي في المانيا حيث الحيازات الزراعية الصغيرة والمعاناة من السعر المتدني للمنتوجات وارتفاع سعر الفائدة على المبالغ المقترضة للمزارعين من الممولين والتجار مما دفع السيد فريدريك رايفايزن رئيس بلدية لمجموعة من القرى للتفكير بتأسيس اول جمعية تعاونية للتسليف والتوفير بنظام داخلي مكتوب ومتفق عليه وباسهم واشتراكات متواضعة وبوشر باقراض الأعضاء قروض إنتاجية زراعية مشروطة ومراقبة وكانت النتائج إيجابية جداً على المزارعين .وعليه انتشرت هذه الجمعيات في كافة اقطار اوروبا ثم إلى كافة انحاء العالم وتنوعت بتنوع حاجات المجتمعات الاستهلاكية والزراعية والإسكانية والصحية وصيد الأسماك والنقل والتسويق والاعمال النسائية والمدرسية والعمالية واعمال أخرى كثيرة تشمل كافة نواحي الحياة . واستطاع التعاون نتيجة النجاحات التي حققها نقل الاهتمام به من الإطار الوطني إلى الإطار الدولي حيث تم تأسيس الحلف التعاوني الدولي بلندن عام 1895 وقد تم الاحتفال في السادس من يوليو 1995 بمرور مائة عام على تأسيسه وتم ترسيخ تعريف التعاونية بأنها "منظمة ذاتية الإدارة تتكون من أشخاص يتحدون اختياريا لمواجهة احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وأمالهم من خلال مشروع ملكية مشتركة ويدار ديمقراطيا ".

من خلال دراسة الواقع والتأريخ النظري للتعاون والتجربة التعاونية، يتضح أن هناك أنواعا للعمل التعاوني وأشكاله، من أهمها التعاون الزراعي، والتعاون الاستهلاكي، والتعاون الانتاجي الحرفي، والتعاون الإئتماني، وغيرها من المجالات الأخري. ولقد كانت التعاونيات دائما تسعى لتحويل الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة والغير عادلة إلى الأستثمار الكبير القادر على المنافسة وزيادة الأنتاجية، وذلك من خلال تجميع الإمكانات والجهود المشتركة وتوحيدها في وعاء إقصادي وإجتماعي يسمس "الجمعية التعاونية" والتي هدفها النهائي ليس تحقيق لأرباح وانما تقديم الخدمة الجيدة نوعا وكما للأعضاء وغير الاعضاء، أي أن التعاونيات تسعي لتحقيق أهدافها الأجتماعية والأقتصادية في ثوب إنساني من خلال وسائل إقتصادية يستغل فيها الربح المتحقق لمصلحة الأعضاء وغير الأعضاء. فمثلا يشجع التعاون الزراعي المزاعين على الصمود أما الاستغلال وفي فوضى السوق متى ما توفر لهم ضمان سلامة الممتلكات التعاونية التي تخصهم والاشراف والتطبيق الدقيق للمبادئ وللقواعد الأساسية للتعاون وتذليل نشر العمل والنشاط التعاوني وأعتماد مبدأ الأستقلالية الأقتصادية والتنسيق الجيد مع المؤسسات التسويقية والتوافق مع حاجة الأسواق وتأمين التمويل اللازم بأفضل واكفأ معايير العدالة ورفع الأنتاجية كماً نوعاً. ويعتبر التأسيس المدني والديمقراطي الشرط الاساسي للعمل التعاوني السليم لأنه يجنبنا فرض القيادات الحزبية والطائفية والقبلية والعشائرية على الجمعيات التعاونية وبالتالي : ضمان الكفاءة الإدارية ونجاحها والأبتعاد عن البرقرطة وتدني مستويات الأستثمار والمردودية الأقتصادية. ولقد كانت ومازالت بيروقراطية الأجهزة الحكومية ودورها في التلاعب والغش وضعف المراقبة والأشراف والسيطرة علي مقاليد الامور في التعاويات وبالصورة التي تنسجم مع مصالح فئات قليلة، من أكبر العوامل التي أضرت بالتعاونيات وأضعفتها. ولذات الأسباب وغيرها لم يرتق التعاون في بلادنا رغم تجربتنا الطويلة المتددة منذ الثلاثينات من القرن الماصي، في سلم التطور والترقي كما حدث لكثير من التعاونيات في بلاد العالم المختلفة ، حتى كاد ان يفقد المرونة والشفافية والتخصصية ويبتعد عن التعاون الإنتاجي وينحصر في العاونيات الإستهلاكية فقط.


الفصل الثاني
نشأة وتطورالحركة التعاونية السودانية

إن حوالي 80% من سكان السودان يعملون بالزراعة والرعي.. وتشكل الزراعة قبيل مجيء حكومة "الإنقاذ" حوالي 80% من صادرات السودان المباشرة وغير المباشرة وإليها يرجع الفضل في تحقيق حوالي50 % من دخل الحكومة وحتى بعد "الإنقاذ" لا زال دور الزراعة وأهميتها واضحا بالرغم من الإهمال الذي تجده تعتبر الزراعة المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية من الصادرات غير النفطية حيث تساهم بنحو 95% منها. وعلي الرغم من ذلك فهناك غياب للرؤية الإستراتيجية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية التي تعتمد علي القطاع الزراعي محركا لها ،حيث يحصل القطاع الزراعي على نسبة منخفضة من الإنفاق العام (5%عام2004) إذا ما قورنت بما تنفقه دول العالم الثالث (كالهند التي أنفقت 23-39% في العام من الميزانية العامة على الزراعة) التي حققت معدلات تنمية عالية ومستدامة. كما تشير بيانات بنك السودان أن نصيب القطاع الزراعي من التمويل التجاري تدنى حتى بلغ 11% من جملة القروض. بالإضافة إلي ضعف وتذبذب الإنفاق على البحث العلمي حيث كان نصيب البحث العلمي الزراعي 10% من حملة الميزانية العامة المخصصة للقطاع الزراعي والقطاعات الأخرى. لذلك شهدت أواخر العشرينات من القرن الماضي (4) المحاولات الأولى لإقامة شكل تعاوني منظم، وذلك بتشجيع من حكومة المستعمر، ولا جدال في أن البدايات الأولى للحركة التعاونية السودانية كانت زراعية بظهور جمعيات التسليف الزراعي بدلتا طوكر، وبتشجيع من الحكومة لحماية المزارعين من استغلال التجار والمرابين الذين يقدمون سلفيات مجحفة لزراعة القطن الذي توسعت فيه الحكومة، والغرض الأساسي ليس حماية المزارعين ومصالحهم بل ضمان تحقيق إنتاجية عالية مع إمكانية تسويق هذا الإنتاج بما يعود بالمصلحة والدفع للحكومة، ولقد أدى ذلك إلى فشل التجربة واتجاه الحكومة إلى زراعة وإنتاج القطن طويل التيلة بمشروع الجزيرة بالتعامل مع المزارعين مباشرة دون تنظيمهم في شكل جمعيات تعاونية. في عام 1937 تكونت أول جمعية تعاونية بمبادرة شعبية سميت بالشركة التعاونية توالت بعدها التعاونيات في المديرية الشمالية ثم ظهرت أول جمعية تعاونية بمشروع الجزيرة بقرية ودسلفاب لطحن الغلال واستجلاب الجرارات والمحاريث وكان ذلك في عام 1944، وفي العام 1948 اتخذت الحركة التعاونية شكلها القانوني اثر المذكرة التي قدمها (27) المستر كامل للإدارة البريطانية معلنة صدور أول قانون للتعاون بالبلاد، والذي اكتمل في العام 1952. لقد ركز هذا القانون على الجانب الاقتصادي أكثر من الجانب الاجتماعي(28) ، لذلك ولعدة أسباب أخرى لم ينل هذا القانون ثقة الحركة التعاونية الوطنية، فعلى الرغم من أنه في العام 1948 نفسه قد شهد تسجيل أول جمعية تعاونية وهي جمعية ودرملي التعاونية الزراعية، إلا أن ما تم تكوينه من جمعيات تحت هذا القانون قليل ، بالإضافة لقلة وضعف العضوية ومن ثم ضعف أثر التعاونيات اقتصادياً واجتماعياً.

وفي نهاية السبعينيات ظل القطاع التقليدي الهام خارج قطاع التعاون ودائرة التمويل المؤسس وتركزت التسهيلات الائتمانية للبنك الزراعي على المستثمرين من قطاع الزراعة المطرية الآلية، وبدرجة أقل من مشاريع الدولة بالقطاع المروى وفى الزراعة النيلية الصغيرة . وعند ولوج التمويل المؤسس لهذا القطاع ارتبط ذلك باستقطاب العون الأجنبي . ومنذ ثمانينات القرن الماضي واجه القطاع التعاوني تنافساً شديداً من القطاع الخاص ليس فقط بالنظر إلى الموارد الذاتية للقطاع الأخير بل بقدرته على الحصول على الأموال العامة المخصصة للقطاع التعاوني والتغول على الأموال التعاونية ، ثم كانت الطامة الكبرى في اغتيال الحركة التعاونية بقيام "الإنقاذ" في 1989 م. ولاتزال الغالبية العظمى من الجمعيات القاعدية وهى أساس الحركة التعاونية والوحدة الأساسية التي تبدأ منها تعبئة – الموارد وينبغي إن تكون مصب الخدمات والمدافع ، تشكو من توفر التمويل المؤسس على مستواها المحلى ، وسواء عبر تنظيماتها الثانوية أو مباشرة. بالرغم من الأهداف الرسمية المعلنة لإشراف الدولة ورعايتها للتعاون لم تتطور الحركة التعاونية كمكون أصيل لإستراتيجية تنمية طويلة المدى ، وكانت النتيجة تكاثر "بروس" للجمعيات الاستهلاكية في المراكز الحضرية الآهلة بالسكان وخاصة العاصمة للتغلب على مشاكل الندرة في السلع المحلية والمستوردة ونتج عن هذا الوضع أمران ولهما ما يمكن أن نطلق علية مصطلح ابتذال الفكرة التعاونية وتحجيم الدورالاقتصادى الاجتماعي للجهد التعاوني في أذهان الشعب وبالتالي طمس "الهوية التعاونية" وإضعافها، وثانيهما شغل الجهاز الديواني عن متابعة وتقديم الإرشاد والتوجيه الفني للجمعيات الزراعية والاكتفاء بشكل إجراءات التسجيل ومراجعة الحسابات. لقد منح قانون سنة 1973م الجمعيات التعاونية (29) إعفاءات من بعض الضرائب والرسوم كما منحها العديد من المزايا دعما وتشجيعاً لها ولكن الإعفاءات والمزايا جاءت بصورة مطلقة ودون الأخذ في الاعتبار وجود قوانين ونظم أخرى تتعارض معها. ولهذا ظل بعضها حبراً على ورق ولم يجد طريقة للتنفيذ لهذا نقترح استصدار قرار سياسي بإعفاء الجمعيات التعاونية من جميع أو بعض الضرائب والرسوم والعوائد وتأكيد المزايا المتعلقة بمنح أي جمعية تخفيضاً في أجور النقل بواسطة وسائل النقل التابعة للدولة وتخفيضاً بنسبة 5% من إثمان البذور والتقاوي والأسمدة والمبيدات ومستلزمات الإنتاج , وكذلك الأفضلية في المعاملات وفى الحصول على قطع الاراضى اللازمة لإغراضها وفى إسناد الأعمال والخدمات الخاصة بالوحدات الحكومية ومؤسساتها للتعاونيات، و إعطاء أفضلية لتوزيع السلع التموينية لكسر حدة السوق السوداء وتركيز أسعار السلع خاصة الضرورية . لقد كانت البدايات الأولى للحركة التعاونية السودانية، زراعية في شكل تعاونيات تخدم صغار المزارعين بالريف (جمعية ود رملي التعاونية الزراعية سنة 1942م وجمعية ودسلفاب التعاونية الزراعية سنة 1944م وقد حققتا نتائج طيبة لمسها الناس).

فى 15/6/1960م تكون اتحاد الحصاد الآلى لجنوب الجزيرة (5) وتم تسجيله تحت الرقم 1200 بعضوية تسعة جمعيات تعمل فى هذا المجال برأس مال قدره( 29,006,184 ) جنيه وذاك لمواجهة الصعوبات والمشاكل التى تجابه المزارعين فى حصاد محصولاتهم وقد بدأ بملكية تسعة حاصدات ماركة " كيس " موزعة على جمعيات التفاتيش، حمد النيل ، حاج عبدالله الرميتاب 2 حاصدة لكل و حصدة واحدة لكل من تفاتيش فحل الغبشان وود نعمان. وقد بدأ بستة حاصدات وتدرج حتى وصل الى ثلاثة وعشرين حاصدة ، تم شرائها من البنك الزراعى بلغت السلفية ( 128,622,200 ) جنيه وقد بلغت فوائد السلفية ( 54,026,400 ) وبذلك وصلت فى 30/6/1977م مبلغ ( 182,688,600 ) جنيه سدد منها فقط مبلغ ( 49,909,397 ) جنيه وهو مبلغ كما تلاحظون اقل من الفوائد على اصل السلفية كما انه يعادل نسبة 38,8% من اصل السلفية وفى موسم 74/1975م آبان تولى السيد صادق أحمد بدرى مهام محافظ مشروع الجزيرة ولإرتباطه التاريخى بهذه الحاصدات فقد وجه بأن تقوم ادارة مشروع الجزيرة بمهام صيانة وتشغيل الحاصدات فى ذلك الموسم وبلغت تكلفة الصيانة والتشغيل لموسم واحد ( 87 الف جنيه ) الامر الذى أثقل كاهله واقعده نهائياً عن أداء أعماله. فى 15/3/1968م بدأ إتحاد الحصاد الآلى لشمال الجزيرة عمله بعضوية (26) جمعية تعاونية للحصاد الآلى فى تفاتيش مختلفة شملت أقسام الشمالى والشمالى الغربى ووادى شعير والمسلمية والقسم الأوسط بعضوية بلغت 18 الف مزارع ، وقد بدأ هذا الإتحاد أعماله بنفسه منذ ذلك التاريخ بعد ان كانت حاصدات الجمعيات تدار بواسطة شركة الحاصدات الزراعية ، وقد إنتقلت مديونية هذه الجمعيات للإتحاد الوليد وقد بلغت حوالى (36) الف جنيهاً ، وقد بدأ الإتحاد أعماله مركزاً على إدارة مشروع الجزيرة كضامن لعمليات الحصاد والبنك الزراعى كممول لها ثم بنك الشعب التعاونى . وفى عام 1970م بلغت جملة الحاصدات التى يديرها هذا الإتحاد (48) حاصدة ثم تقلصت الى (43) فى عام 1974م والسبب التقادم وعدم وجود قطع الغيار، طلب الإتحاد فى عام 1976م تغيير (26) حاصدة منها (14) ماركة ( كلاس ) ممولة من البنك الزراعى ، و (12) حاصدة روسية ممولة من بنك الشعب التعاونى الا انهما لم يوافقا على ذلك ، كما لم يوافقا على بيعها ولنفس الأسباب تقلص عدد الحاصدات العاملة فى عام 1976م ال (17) حاصدة فقط ، ثم تكرم البنك الزراعى بعده بعدد (5) حاصدات جديدة فى ذات العام مما رفع عدد العامل منها الى (22) حاصدة .
.

فى موسم 61/1962م بدأت فكرة إنشاء (6) جمعيات لتسليف وتسويق الفول السودانى بجمعية واحدة بتفتيش درويش بغرض محاربة عمليات الشيل وايجاد سعر مجزى للفول السودانى . وبنجاح هذه الجمعية تناقل المزارعون الفكرة وتزايد عدد الجمعيات حتى أصبح فى موسم 64/1965م عدد (53) جمعية تعاونية على إمتداد مشروع الجزيرة والمناقل وذلك وفقاً لتوجيهات إدارة مشروع الجزيرة بتعميم هذا النوع من الجمعيات . ومن هنا بدأت فكرة تكوين إتحاد يضم هذه الجمعيات المنتشرة على نطاق التفاتيش بالجزيرة والمناقل حتى يسهل تعامله مع البنك الزراعى الذى رفض التعامل مع الجمعيات منفردة . وقد تم تكوين الإتحاد وتم تسجيله تحت الرقم (798) بتاريخ 25/3/1965م ، بدأ الإتحاد يمارس نشاطه فى تمويل عمليات زراعة الفول السودانى وتسويقه . كان لقيام الإتحاد أثره الفعال فى رفع وتنشيط عمليات زراعة الفول السودانى بالمنطقة المروية حيث بدأ الإقبال على زراعة هذا النوع من المحاصيل نتيجة للتحسن الذى طرأ على أسعاره بعد قيام الإتحاد إذ إرتفع سعر الجوال الى واحد جنيه بدلاً من خمسين قرشاً عندما كان يباع للتجار مما أدى الى زيادة دخول المزارعين وتحسين أوضاعهم المعيشية وكنتيجة لهذا التحسن فى دخول المزارعين فقد طرق الإتحاد مجالات اخرى لتطوير الزراعة وتوفير الجهد للمزارع ، ووفق فى ذلك بشراء حاصدات بقرض من البنك الزراعى تم توزيعها على بعض الجمعيات بأسمائها ولم يتم تمليكها لهذه الجمعيات اذ ان البنك الزراعى قد اشترط فى عقد التمليك ان تدفع الجمعية (20%) من قيمة الحاصدات . ظل الإتحاد يمارس نشاطه فى عمليات تسويق وتسليف محصول الفول السودانى وقد صاحب هذه الممارسات بعض السلبيات التى أدت الى إنهيار الإتحاد وتوقفه عن العمل منذ سنوات خلت وأصبح اسماً دون مسمى ومن أبرز العوامل التى أدت الى فشل الإتحاد والقعود به عن أداء

وفي (7) العام 1993تم تكوين الاتحاد التعاوني الحرفي بولاية الخرطوم بعدد (7)جمعيات بالمحافظات الثلاثة الخرطوم وام درمان والخرطوم بحري وتواصلت مسيرة الجمعيات حتى وصلت إلى عدد (27)جمعية تعاونية حرفية بولاية الخرطوم وتم تكوين اتحاد تعاوني بولاية النيل الأبيض بعدد(4) جمعيات وكان يمكن للاتحاد تكوين نواه لقيام اتحاد تعاوني مركزي للحرفيين بالسودان ولكن هنالك أهداف قامت من اجلها هذه الجمعيات لتقديم الخدمات للأعضاء مثال لذلك توفير العمل للحرفيين والاستقرار وتوفير المعدات وإنشاء المجمعات التعاونية ويخصص صندوق لضمان هؤلاء الحرفيين بواسطة الجمعيات ولكن عدم تسهيل هذه الإجراءات عطل الكثير من الجمعيات ولكن بالرغم من ذلك قام الاتحاد التعاوني الحرفي بتصديق لعدد من المجمعات لجمعيات تعاونية حرفية وقام الاتحاد بالتعاون مع جمعية الحرفيين التعاونية بالسجانة وفتح باب التعاون بين التعاونيات وقامت الجمعية بتمويل دراسات الجدوى للجمعيات الآتية: جمعية الحرفيين بشرق النيل /جمعية فني الشاحنات بالخرطوم /جمعية الخياطين بالديوم الشرقية الخرطوم. وتم التصديق لجمعية الحرفيين التعاونية بالسجانة بواسطة الاستثمار لعدد (2)مجمعات الأول بالسوق المحلى بمساحة (20)ألف متر مربع ـ والثاني (25)ألف متر مربع . ويسعي الاتحاد دائما للبحث عن تمويل مناسب تتوفر به كل الضمانات اللازمة للتمويل طويل الأجل لتشييد هذه المجمعات التي أصبحت واقعا الآن وقد تم التصديق لجمعية الشاحنات بمساحة (57) ألف متر مربع وجمعية شرق النيل بمساحة (30) ألف متر مربع وتم تأهيل جمعية بائعات الأطعمة والمشروبات بالسوق الشعبي الخرطوم. لقد تكللت مجهودات التعاونيين و(8) الزراعيين منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي بإقليم كردفان من خلال محاولات المركز الإقليمي للتنمية و التدريب التعاوني مع البنك الزراعي و الغابات بالأبيض والتي بدأت في الثمانينات من القرن الماضي، والتي شهدت بنهايات العام 2005 قيام هذا الإتحاد العملاق، وهو ثمرة لجهود مضنية للمزارعين المنتجين للصمغ العربي و التعاونيين و الزراعيين. يغطي هذا الإتحاد منطقة حزام الصمغ العربي والذي تبلغ مساحته "7،870،000" فدان ويضم في عضويته تسع إتحادات ولائية ويبلغ عدد الجمعيات التعاونية المسجلة تحتها حتي الآن حوالي "1600" جمعية بأكثر من (1.500,000) مليون و خمسمائة الف عضو تعاوني وإن 30% من الأعضاء نساء عاملات يملكن حيازات ولهن دور إيجابي في الإنتاج و الحماية.

في المجال الزراعي بلغت نسبة التعاونيات الزراعية 59% في العام 52-1953 من إجمالي العدد الكلي والتعاونيات الاستهلاكية 3% فقط، ولكن منذ العام 55-1956 انقلبت وأصبحت النسبة 34% للتعاونيات الاستهلاكية وتقلصت نسبة التعاونيات الزراعية إلى 48%. على أن القفزة الكبرى فيما يتعلق بالكم دون الكيف، كانت في منتصف السبعينات إبان الحكم المايوي.. حيث تضاعفت في العام 1975 عدد التعاونيات إلى 9 مرات عما كانت عليه في العام 54-1955 وتضاعفت العضوية 14 مرة ثم توالى التضاعف في العام 79-1980 ليصل عدد التعاونيات إلى 4868 جمعية تعاونية بعد ما كان 2135 عام 1975، ثم قفز العدد إلى 8332 عام 1993 ثم إلى أكثر من 9000 جمعية عام 1995 وبلغ عدد التعاونيات الاستهلاكية حوالي 80% من إجمالي العدد الكلي للتعاونيات السودانية(عدد الجمعيات حتي 2007 حوالي 10000 جمعية تعاونية) ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلي تدهور التعاونيات وبخاصة التعاونيات الإنتاجية الحرفية والزراعية إغفال الدولة "للهوية التعاونية" وللدور الحيوي والبارز للتعاون بعدم إسناد دور يذكر للتعاونيات في خطط وبرامج التنمية , بالإضافة إلي المشاكل المتعلقة بعدم استخدام التكنولوجيا الزراعية والاعتماد في الغالب علي التكنولوجيا المستوردة والتي كثيرا ما لاتكون ملائمة للواقع السوداني. والحقيقة إن الحركة التعاونية نشأت في الزراعة ثم أصبحت بشكل متزايد استهلاكية التوجيه وتجنح للتمركز في المراكز الحضرية، "فالهوية التعاونية" ريفية زراعية تضامنية وإنتاجية.إن التعاونيات الزراعية محدودة الأثر في الإنتاج والمنتجات والمدخلات الزراعية وفى التصنيع الزراعي ، و تواجه مشاكل ومعوقات كثيرة ، وخير مثال لذلك التعاونيات الإنتاجية الزراعية المنضوية تحت الإتحاد العام النوعي التعاوني لمنتجي الأصماغ الطبيعية.
لقد أدرك المستعمر الإنجليزي (9) أن : (الحركة التعاونية حركة إجتماعية اقتصادية تجمع الناس حول فكرة رفع قدراتهم وقد حدث ذلك في إنجلترا ، بدأوا يفكرون في كيفية السيطرة عليها لتكون في إطار تحقيق أماني الناس دون تكوين قوة غير مرغوب فيها) . وليتم السيطرة عليها كان يتطلب الأمر موقفين : الأول : إنشاء إدارة حكومية تشرف عليها وتراقب عملها ، والثاني : قانون يحكم أعمالها . فان كانت لإصلاح حال الناس دون تكاليف علي الحكومة ، فالتكون وإن أمكن تسخيرها لزراعة القطن المطلوب في لانكشير ويوركشير– فليكون وعلي أن لا تتجاوز مثل هذا الاتجاه. وتعتبر الحركة التعاونية السودانية من أول ثلاثة حركات قدمت خدمات اقتصادية لمؤسسيها في العالم العربي والقارة الإفريقية . وكما قدمنا فإن الحاكم العام وسكرتيريه يعلمون أن الفكر التعاوني يجمع الناس ويوحدهم نحو أهداف اقتصادية واجتماعية باعتبار أن التعاون الاقتصادي أصلاً إنجليزي الفكر و التطبيق – ولو أن بعض مبادئ التعاون مثل ديمقراطية الإدارة – ربما تجمع الناس حول فعل سياسي يناهض وجودهم كنظام حاكم (مستعمر) . كما أن باب العضوية المفتوح قد يترتب عليه قيام تنظيمات تستهدف تواجد النظام الحاكم وتواجهه (بمقاتلين متطوعين مثلاً) .لذلك كان طبيعياً أن يقر مجلس الحاكم العام (تقنين) تطبيقات التعاون التي وجدت من بدايات شعبية – وكذلك التي ستبدأ مستقبلاً – بحيث يمكن السيطرة عليها وتسخيرها في خدمة أهداف لا تتعارض مع أهدافه كنظام حكم ، مثل زيادة إنتاجية القطن ، مع زيادة وتنوع المحاصيل الأخرى مثل الذرة والفول ... الخ . في تطبيقات الجمعيات الزراعية . وكذلك إنشاء إدارة حكومية تشرف علي تنفيذ القانون وتتبع للسكرتير الإداري . لقد تم منذ الإستقلال وضع الكثير من الخطط والبرامج والسياسات الهادفة لتنمية القطاع التعاوني ولكن لم يكتب لهذه الخطط إلا نجاحاً محدوداً وذلك لعدة أسباب أهمها ، عدم الإسقرار السياسي، وإتباع منهج التنمية من أعلي إلي أسفل دون الإهتمام بالمشاركة الفاعلة للمعنيين بالتنمية في تحديد الأولويات وإعداد برامج التنمية وتنفيذها، بالاضافة الي المشاكل والمعوقات التي تواجه الحركة التعاونية من داخلها مثل الفساد وضعف التدريب وسوء الادارة.

التشريع التعاوني
بدأ التشريع التعاوني بصدور قانون التعاون لسنة 1948م وكان قانوناً مرناً وجامعاً . اهتم بالعمل التعاوني مركزاً علي الجوانب الإدارية والمالية للجمعيات التعاونية عبر فصوله التي تناولت تكوين الجمعيات .. من دراسات الجدوى .. والتصديق علي قيامها والتسجيل وطرق جمع الأموال من المساهمين وإيداعها في المصارف وبداية العمل وتكوين مجالس الإدارات وانعقاد الجمعيات العمومية وطرق إدارة الجمعيات العمومية والنصاب القانوني – ومهام وواجبات أعضاء الجمعية ومجلس الإدارة – والدفاتر والارانيك التي تضبط العمل الإداري والمالي – وصلاحيات مسجل الجمعيات التعاونية وأنواع الجمعيات التعاونية – وإعداد الحسابات الختامية لها وعرضها علي مجالس إداراتها . وكان قانوناً يحصن الجمعيات التعاونية ويحفظ استقلاليتها ويحصر مهامها في العمل التعاوني الاقتصادي والاجتماعي .
ب. لكن اعتباراً من سنة 1972م تمت عدة تعديلات لقانون التعاون لسنة 1948م . ولم يتحقق له أي نوع من الاستقرار والاستمرارية للتشريع التعاوني في السودان. لقد منح قانون سنة 1973م الجمعيات التعاونية اعفاءات من بعض الضرائب والرسوم كما منحها العديد من المزايا دعما وتشجيعاً لها . ولكن الاعفاءات والمزايا جاءت بصورة مطلقة ودون الاخذ فى الاعتبار وجود قوانين ونظم اخرى تتعارض معها . ولهذا ظل بعضها حبراً على ورق ولم يجد طريقة للتنفيذ لهذا اقترح فى مشروع القانون الجديد اعطاء السلطة لرئيس الوزراء بتوصية من الوزير بموجب قرار يصدرة اعفاء الجمعيات التعاونية من جميع أو بعض الضرائب والرسوم والعوائد المبينه فى هذه المادة . وجاء عن المزايا الواردة لاالواردة فى البند 2 من المادة 41 انه يجوز لرئيس الوزاراء بموجب قرار يصدره ان يمنح أى جمعية تخفيضاً فى اجور النقل بواسطة وسائل النقل التابعة للدولة وتخفيضاً بنسبة 5% من اثمان البذور والتقاوى والاسمدة والمبيدات ومستلزمات الانتاج , وكذلك الافضلية فى المعاملات وفى الحصول على قطع الاراضى اللازمة لاغراضها وفى اسناد الاعمال والخدمات الخاصة بالوحدات الحكومية ومؤسساتها .ونصت المادة كذلك على اعطاء الجمعيات التعاونية افضلية فى توزيع السلع التمونية تمشياً مع سياسة الدولة فى كسر حدة السوق السوداء وتركيز اسعار السلع خاصة الضرورية . كما انها قننت القرار الذى اصدرة السيد رئيس الاتحاد الاشتراكى السودانى القاضى بأسناد جميع أعمال الشجن والتفريغ والحليج للجمعيات التعاونية القائمة فى منطقة انجاز هذه الاعمال . ويعتبر ذلك حقاً اكتسبته الحركة التعاونية ولكن هذه الحقوق سلبت بعد صدور قانون التعاون لسنة 1982 م ، وجاء قانون 1999 م ليقضي علي البقية الباقية.

ونذكر أن التعديلات كانت دائماً تتم بحجة المواكبة أو الأخذ بالمستجدات في تطور الحركة التعاونية السودانية في نواحي عديدة منها تغيير حجم التكوينات التعاونية سواء من حيث رؤوس الأموال أو الأهداف ومنها دخول العمل التعاوني مجالات جديدة . ولكن في رأيي (أن القانون هو القانون والجمعية التعاونية هي الجمعية التعاونية) . أياً كان الغرض وأياً كان الهدف وأياً كان الحجم ... وأن قانون التعاون يجب أن يكون اتحادياً ومن المهم التراجع عن القوانين الولائية التي حول إليها الآن وتناولت التعديلات فيما تناولت شكل البنيان التعاوني وتغييره أكثر من مرة – وكيفية تنظيمه ومهامه – ومنح الجمعيات التعاونية امتيازات أو إلغاء هذه الامتيازات ومدي اعتبار أموال الجمعيات أموال عامة ... وتحديد الحد الأدنى لعضوية وأسهم الجمعية التعاونية وسحب سلطات مسجل الجمعيات التعاونية إلي الأقاليم من رئاسة الديوان الحكومي بالخرطوم وتفويضه لوزراء المالية في الولايات. إن حالة الاستجابة لمرحلة (10) ما بعد السلام ومتطلباتها في السودان حيث تستلزم إعادة النظر في الأجهزة الحكومية ودورها المطلوب .. يكون من الضروري أن يشمل ذلك الحركة التعاونية السودانية سواء قانون التعاون أو كفاءة الجهاز الديواني الحكومي التعاوني من حيث الإمكانات ابتداءاً من القوي البشرية وانتهاءاً بالعربات والمكاتب وعلاقته كديوان بالتشكيل الوزاري .. وتكوينات تراكمات الحركة التعاونية الشعبية ، الموجودة ... ويستلزم تقويم معوقاتها وحل مشاكلها. أن أهم التعديلات التي تمت علي قانون التعاون لسنة 1948م ليس فيها تعديل يتمتع بالحجة المقبولة إلا تعديل سنة 1972م . أما ما عداه من تعديلات فهي تعديلات سريعة ومتلاحقة وهي قد تمت في السنوات (1975م) و (1976م) بعد نحو عام و (1990م) و (1999م) بعد نحو (9) سنوات . ومن المطلوب قانون موحد حاكم وشامل قابل للاستمرارية لكي لا يحدث إرباك للعمل التعاوني وينطلق من مبادئ التعاون والأهداف القومية للتنمية .فلقد كانت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية تدار ببعض أعضاء مجالس الإدارة أو بعض العاملين باعتبار أن المهام شراء وبيع وحسب .. ولكن أصبح الشراء والبيع علماً نفذ من صدور الخبراء إلي بطون الكتب وفي الأكاديميات وأصبحت الإدارة وفروعها علم يدرس في الأكاديميات والجامعات وبرزت الإدارة العلمية والإدارة الأجيرة واستخدمت بشكل واسع خاصة في الاقتصاد الرأسمالي الذي يعتمد الحرية والبقاء للأقوى وأحد أهم أسباب القوة الاعتماد علي الإدارة العلمية . وهذا يفسر سبب تعثر كثير من المنظمات التعاونية .ثم تطور الجهاز الديواني الحكومي الذي نشأ كقسم ثم إدارة ثم مصلحة تتبع السكرتير الإداري سنة 1948م – إلي قطاع ، ثم وزارة للتنمية الريفية ، ثم قطاع ثم وزارة . وتداول تبعيته عدد من وزارات الحكومة مثل : وزارة الحكم المحلي و وزارة الرعاية الاجتماعية ووزارة التجارة ووزارة التخطيط ، ثم وزارة مستقلة ، ثم تبعية مرة أخرى للوزارات الاقتصادية ، أو الاجتماعية أو الحكم المحلي ويتبع حاليا وزارة التجارة الخارجية تحت مسمي أمانة التعاون .


الفصل الثالث
أنواع الجمعيات التعاونية
الجمعية التعاونية
جاء في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي (11) {إن التعاونيات عبارة عن مجموعات أولية تضم مجموعة من الأشخاص لإدارة مصالحهم الاقتصادية بصورة جماعية وعلي الأسس التعاونية الديمقراطية لكل عضو صوت واحد بغض النظر عن ما يملكه من رأسمال في التعاونية أي "رجل واحد صوت واحد" }. والجمعية التعاونية منظمة(12)عادلة ينشئها الأفراد لتباد المساعدة بقصد رفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي . فالتعاون هو تجميع واتحاد، لبعض الأشخاص وجهودهم بغرض تحقيق هدف مشترك وذلك عن أقصر الطريق وبأقل تكلفة وعلي أحسن وجه وهذا الهدف ينتهي إلي رفع المستوي الاجتماعي للأعضاء عن طريق زيادة الدخل أو الاقتصاد في التكاليف والسبيل إلي تحقيق هدف الأعضاء المتعاونين هو إنشاء منظمة اجتماعية تعمل بوسائل اقتصادية. المنظمة التعاونية ليس هدفها التخفيف من الموقف الذي خلقه الاقتصاد التجاري بل هو أكثر من ذلك – إذ يتلخص هدفها في ماهية وتحرير أعضائها من السيطرة الاجتماعية والاستغلال الاقتصادي اللذين يتمتع بهما المسيطرون علي المواقع الإستراتيجية التي خلقها الاقتصاد التجاري مما يرفع من مستوي معيشة أعضائها المتعاونين بزيادة دخولهم الحقيقية بمختلف الوسائل الإنتاجية والتسويقية الاقتصادية، ولذلك تتميز المنظمة التعاونية عن المنظمات الأخرى من حيث أهدافها ومن حيث الطرق التي تتبعها لتحقيق هذه الأهداف. وتحقيقا لهذه الأهداف يجب أن تقوم أية منظمة تعاونية علي أساس عنصرين أساسيين اجتماعي،اقتصادي يفسران علي أن المنظمة التعاونية تتكون من: ترابط بين أشخاص أدركوا وما زالوا يدركون أن هناك تشابها بين بعض احتياجاتهم وان إشباع هذه الحاجة بالأسلوب التعاوني وبتكوين منشأة تعاونية يكون أحسن بكثير من إشباع هذه الاحتياجات بالطرق الفردية.(2)منشأة اقتصادية لها هدف مطابقا تماما للحاجيات التي يراد إتباعها وهكذا تري أن الروابط هو أصل الفكرة التعاونية وهو السبب المباشر في وجود المنظمة التعاونية.
أنواع الجمعيات التعاونية في السودان (13)
1/ الجمعيات التعاونية الزراعية (جمعيات ري):
تستحوذ الولاية الشمالية على أكبر عدد من هذا النوع بحوالي 117 جمعية وتزرع هذه الجمعيات عدة محاصيل منها على سبيل المثال لا الحصر (القمح كمحصول رئيسي والنخيل والذرة، والبقوليات بأنواعها المختلفة مثل الفول المصري والعدس والحمص والترمس بالإضافة إلى زراعة جميع أنواع التوابل). الخدمات الزراعية التي تقوم بتقديمها بعض هذه التعاونيات لأعضائها تتمثل في خدمات (الري، الحراثة، تقديم مدخلات الإنتاج مثل التقاوي والبذور والخيش والسماد) مقابل ثمن يدفعه عضو الجمعية بعد بيع محصولاته، أما فيما يختص بالعمليات التسويقية فقد تقوم بعض الجمعيات أحياناً بعمليات التسويق بعد خصم مصروفاتها الخاصة بالتخزين والترحيل والتعبئة والنقل... الخ، مما يؤكد أن التعاونيات لا تمتلك أجهزة تسويقية تعاونية ذات كفاءة عالية بالفهم العلمي المتعارف عليه.
2/ جمعيات الزراعة الآلية التعاونية:
يوجد هذا النوع من الجمعيات في ولايات (النيل الأزرق والنيل الأبيض والجزيرة وشمال كردفان) وحسب الإحصائيات الرسمية التي أصدرتها الجهات ذات الاختصاص فقد بلغ عدد هذه الجمعيات حوالي 154 جمعية بعضوية قدرها 9793 يبينها الجدول 2 التالي:

جدول 2 جمعيات الزراعة الآلية التعاونية
رقم الولاية عدد الجمعيات العضوية
1 النيل الأزرق 114 4199
2 النيل الأبيض 32 3951
3 الجزيرة 5 -
4 شمال كردفان 7 1643
جملة 158 9793
أغلب أعضاء مثل هذا النوع من التعاونيات أفراد لا يقيمون في مناطق عملها فضلاً عن أنهم فئات لا تمتهن الزراعة كحرفة وتدار هذه الجمعيات بواسطة وكلاء لها يتواجدون أثناء فصل الخريف فقط بأرض تلك الجمعيات. رغم النجاحات التي حققتها هذه التعاونيات في توفير محصولي الذرة والسمسم خاصة إلا أنها قد واجهتها صعوبات كثيرة في مجال صيانة الآليات والتمويل، ومشاكل مالية أخرى بينها والبنك الزراعي السوداني عند تسديد القروض وفوائدها.
3/ جمعيات الحصاد الآلي التعاونية:
تنفرد ولاية الجزيرة بوجود هذا النوع من التعاونيات التي أسست وقامت في منتصف الستينيات على مستوى 31 تفتيش بمشروع الجزيرة والمناقل حيث سجلت عدد 23 جمعية تعاونية بالجزء الشمالي للمشروع وعدد 8 أخرى بالجزء الجنوبي منه وقد بلغت عضوية هذه الجمعيات 21760 مزارعاً وقام البنك الزراعي السوداني بتمليك تلك الجمعيات حاصدات (روسية وألمانية) الصنع. مهمة هذه الجمعيات تنحصر في توفير خدمات الحصاد الآلي لأعضائها على وجه الخصوص ولغير أعضائها على الوجه الأعم وذلك عن طريق ما تمتلكه من حاصدات لمحصول (القمح والذرة). مشاكل كثيرة اعترضت مسيرتها تمثلت في مشاكل متعلقة بإدارتها وأخرى تتعلق بالجانب الفني من عدم توفر الورش اللازمة لصيانة الآلات فضلاً عن عدم توفر قطع الغيار اللازمة، بالإضافة إلى النقص الواضح في الفنيين والمهنيين اللازمين لإدارة تلك الحاصدات وصيانتها الدورية، أدى ذلك إلى توقف كل الحاصدات تقريباً وذلك قبل أن تتمكن من سداد قروض شرائها للبنك الزراعي السوداني وبالتالي توقفت تلك الجمعيات، كما أن البنك الزراعي برغم تمويله لشراء هذه الحاصدات (بنظام البيع الإيجاري) إلا أنه لم يتابع (وكلاء) هذه الحاصدات للتأكد من توفيرها لقطع الغيار، أضف إلى ذلك التباطؤ في تقديم سلفيات التشغيل الموسمية، الأمر الذي أدى إلى تعطيل الجمعيات عن العمل منذ بداية الموسم الزراعي. الجدير بالذكر أن تلك الجمعيات أسست اتحاداً نوعياً يرعى شئونها إلا أنه فشل في استمرارية هذه الجمعيات.
4/ جمعيات التسليف والتسويق التعاونية الزراعية:
أولاً: تجربة ولاية الجزيرة:
بلغ عدد جمعيات التسليف والتسويق التعاونية 51 جمعية موزعة على مستوى تفاتيش مشروع الجزيرة والمناقل، قامت تلك الجمعيات في أوائل الستينيات من القرن العشرين بعضوية بلغت في مجملها حوالي 11893 عضواً وضمهما اتحاد تعاوني يرعى شئونها، هذه الجمعيات ساهمت في الوقوف أمام مشكلة "الشيل" بمشروع الجزيرة والمناقل، وقد استطاعت إلى حد بعيد حل هذه المشكلة في أول موسم زراعي لعملها (60/1961م) الأمر الذي شجع كثيراً على زراعة محصول (الفول السوداني) وتحسين أسعاره في ذلك الوقت.
لقد أدى نجاح هذا النوع من التعاونيات لدخول (اتحاد المزارعين) بثقله لنشرها في ذلك العهد مما أدى إلى أن تفقد أهم مقوماتها وهو الاشتراك الاختياري في عضويتها.
ثانياً: تجربة ولاية شمال كردفان:
جمعيات التسليف التعاونية في شمال كردفان بدأ قيامها في الموسم الزراعي 77/1978م أي بعد جمعيات ولاية الجزيرة، ولقد بلغ عددها 39 جمعية بعضوية بلغت 5399 عضواً، وذلك بعد دراسات مطولة ومتأنية ما بين إدارة التعاون بالولاية وإدارة البنك الزراعي السوداني (فرع مدينة أم روابة) والإدارة الزراعية بالولاية، شملت تلك الدراسات جميع جوانب هذه التجربة والعوامل التي تساعد على نجاحها، واستطاع البنك الزراعي فعلاً أن يمول في موسم 77/1978م جمعيتين فقط على اعتبار أنها "تجربة" فأعطى هاتين الجمعيتين قروضاً للنظافة الأولى والثانية والحصاد، وعندما أثبتت التجربة نجاحها قام البنك في التوسع في عمليات الإقراض لباقي الجمعيات، وبالتالي ارتفع حجم تعامل البنك مع الجمعيات من 15.000 جنيه في موسم 77/1978م إلى 600.000 جنيه في موسم 81/1982م مما جعل تجربة تلك التعاونيات.
5/ الجمعيات التعاونية للإنتاج الزراعي الحيواني (تربية دواجن وأبقار):
تقع الجمعية جنوب جبل أولياء على بعد 45 كليومتر من العاصمة القومية الخرطوم وقد تم تسجيلها وفق قانون التعاون بتاريخ 8/7/1976م تحت رقم تسجيل 3013 برأسمال قدرة 802.000 جنيه، بعضوية بلغت 126 عضواً، ومساحة قدرها 240 فدان.
قامت الجمعية بمبادرة شعبية من أهالي المنطقة لتحقيق عدة أهداف أهمها: النهوض بالمنطقة اقتصادياً واجتماعياً وخلق نوع من الاستقرار للأهالي والحد من الهجرة الداخلية والخارجية. كما قامت الجمعية في بداية نشاطها بحفر آبار جوفية بلغت في جملتها 7 آبار لتوفير المياه للمشروع وقامت بإدخال شبكات الكهرباء. وأسست الجمعية حوالي 34 حظيرة دواجن، وقامت بتصنيع علف الدواجن من داخل المشروع بطحن الذرة والمواد البروتينية المضافة محلياً. بلغت سعة الحظائر 15.500 دجاجة بإنتاجية قدرت بحوالي 75.000 بيضة في الأسبوع. فضلاً عن أن الجمعية استجلبت من السوق عدد من الأبقار وزعتها على بعض أعضاء الجمعية بأقساط مريحة. بجانب ذلك قام مجلس إدارة الجمعية بتخصيص مساحة من الأرض لزراعة الخضروات.
6/ الجمعيات التعاونية لمنتجات اللبن:
الجمعيات التعاونية على ولاية الخرطوم على أساس أن بها عدد (7) جمعيات تعمل في هذا المجال وولاية الجزيرة التي تتميز بوجود جمعية تعاونية للبن بمنطقة بركات رئاسة مشروع الجزيرة والمناقل تلك الجمعية والتي قامت بمنحة إيرلندية قدرها (2.5) مليون دولار في شكل معدات وآليات معمل لبن البسترة وعمليات تصنيع اللبن. تقع أغلب تعاونيات لبن ولاية الخرطوم بمنطقة شرق النيل وأكبر جمعياتها هي جمعية حلة كوكو التعاونية للبن التي أسست في العام 1966م وهي أكثرها شهرة وتبلغ عضويتها (684) عضواً في مساحة أرض تبلغ (1535) فدان ويبلغ عدد أبقار تعاونيات الخرطوم مجتمعة حوالي (19367) بقرة ما بين الأبقار المهجنة والمحلية تنتج حوالي (28775) طن لبن في اليوم ويشكل إنتاج جمعية حلة كوكو للبسترة التابع للمؤسسة الفرعية للبن التابعة لوزارة الثروة الحيوانية، ذلك المعمل والذي كان يجب أن تمتلكه جمعية لبن كوكو التعاونية حسب اتفاق سابق وبعد فترة من التشغيل انتهت تلك الفترة ولم يتم التسليم وتمليك الجمعية له حتى الآن. أما فيما يختص بجمعية لبن بركات التعاونية فقد قامت على مستوى (44) قرية تبعد عن موقع المعمل على بعد (20) كليومتر وتوجد في عدد (4) تفاتيش زراعية على مستوى مشروع الجزيرة والمناقل هي تفاتيش (درويش – حمد النيل – بركات – سيدفار) وقد ساعدت هذه الجمعية في سد الفجوة من اللبن بولاية الجزيرة وقامت بتصنيع اللبن مما ساعد على تحقيق الأمن الغذائي من هذه السلعة بالولاية فضلاً عن أن الجمعية ساعدت كثيراً في تحسين إنتاج الأبقار في تلك القرى بالرعاية البيطرية وتحسين وتنوع نوع الأعلاف المقدمة لقطيع الأبقار التي تمد المعمل بإنتاجها.
7/ جمعيات صائدي الأسماك التعاونية:
ينتشر هذا النوع من الجمعيات في ولاية (الخرطوم، البحر الأحمر، النيل الأبيض، حلفا القديمة) تساهم تلك الجمعيات في توفير سلعة الأسماك في السوق بأسعار مناسبة ومقبولة إلا أنها تعاني من ضعف رأس المال وقلة التمويل والاعتماد على وسائل صيد تقليدية ولا تمتلك الوسائل الحديثة لصيد الأسماك.
8/ جمعيات التصنيع الزراعي التعاوني (صناعات تحويلية):
سوف نركز في هذا الجزء لتجربتان لهذا النوع من الجمعيات هما:
(1) تجربة مؤسسة مزارعي الجزيرة والمناقل بواسطة اتحاد المزارعين بعضوية تبلغ حوالي (110.000) مزارع على امتداد مشروع الجزيرة والمناقل وقد قامت تلك المؤسسة بتأسيس مطاحن قور كبرو الذي بدء إنتاجه في العام 1968م لتصنيع محصول القمح بطاقة إنتاجية بدأت بطحن (60) طن في اليوم ثم ارتفعت إلى (120) طن دقيق يومياً وإلى (240) طن دقيق يومياً، ساهم في سد الفجوة الغذائية من هذه السلعة، كما قامت المؤسسة بتشييد مصنع للغزل والنسيج بمنطقة الملكية (لم يعمل) ومصنع للأعلاف بطاقة إنتاجية تبلغ (36) طن في اليوم.
(2) أما فيما يختص بمطاحن حلفا الجديدة التعاونية فقد قام اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية بتشييدها في العام (1971م) بطاقة إنتاجية تعادل (80) طن في اليوم ثم ارتفعت إلى (120) طن في اليوم نتيجة التحديث الذي طال المطاحن، كما بذل الاتحاد جهوداً في قيام ورش لصيانة الآلات الزراعية التي ملكها أعضاؤه ومعاصر للزيوت، وتصنيع المنتجات الزراعية والحيوانية والقيام بعمليات التسويق وسعى لإنتاج الشعيرية والمكرونة فضلاً عن صناعة الأعلاف، كما قام الاتحاد بتقديم خدماته في المجال الاجتماعي حيث ساهم في تشييد البنى التحتية للمدينة كالطرق والمدارس والصحة وخلافه.
9/ الجمعيات التعاونية الزراعية لخريجي كليات الزراعة:
نبعت الفكرة من داخل مؤتمر خريجي كليات الزراعة غير المستوعبين منذ العام 1982م والذي انعقد بدار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في 27/4/1985م، لتأسيس تلك الجمعيات، وشكلت لجنة من (15) عضواً لتنفيذ الفكرة وعقدت عدة اجتماعات وأجريت دراسات في ذلك الجانب إلى أن صدر قرار من مجلس الوزراء بالرقم (158) بتاريخ 15/12/1985م في هذا الخصوص بموجب هذا القرار تم تخصيص أراضي لتلك الجمعيات على أن يتم تسجيل الأراضي الممنوحة لها باسم وزارة الزراعة على أن تكون الحيازة الزراعية بالقطاع المروي ما بين (20-40) فدان وبالقطاع المطري ما بين (300-500) فدان، بجانب التزام الحكومة بتوفير التمويل اللازم من قبل وزارة المالية والاقتصاد الوطني لهذه الجمعيات.

الجدول رقم (4) يبين إحصائية لبعض الجمعيات التعاونية الزراعية للخريجين
رقم اسم الجمعية عضوية الجمعية مساحة الأرض (فدان) القطاع الزراعي المنطقة
1 الخرطوم 129 2200 المروي شرق النيل – العيلفون
2 الدمازين 174 2250 المطري الدمازين مشاريع الزراعة المطرية
3 القضارف 42 20000 المطري القضارف مشاريع الزراعة المطرية
4 المكابراب 200 20000 المروي جنوب مدينة الدامر
5 أبو نعامة 129 1200 المروي أبو نعامة
جملة 674 45650


الجمعيات التعاونية النوعية :- وهي جمعيات ذات خصوصية وأهمها جمعيات الإنتاج الحيواني والجمعيات الحرفية وجمعيات الجزارة والخضر والفاكهة وجمعيات الإسكان وجمعيات النقل والترحيل . ونكتفي بأعدادها العاملة مع استبعاد المتوقفة توضيحاً للصورة الإجمالية للحركة التعاونية السودانية حالياً .أن جمعيات النقل والترحيل علي أهميتها وقد بدأت بالجمعيات الخاصة باللواري السفرية لنقل البضائع من بورتسودان – لكن لو تم تجميع قدرات الحركة التعاونية لتحويلها لجمعيات لنقل احتياجات الجمعيات التعاونية لحققت جدوى لتنميتها إلي جانب النقل لغير الحركة التعاونية وتم تكوين أغلب هذه الجمعيات في فترة أزمات الوقود التي ضربت البلاد في النصف الأول من السبعينيات من القرن الماضي .
الجمعيات الحرفية :-
ويتركز أغلبها علي قلتها في جنوب وغرب دارفور وغرب وشمال كردفان – وأغلبها تعمل في حرف الجلود : مثل صناعة المراكيب ولها مردود اقتصادي لا بأس به ومردود اجتماعي – حيث توفر بدائل للأحذية المستوردة ، كما أن معظم السودانيين يستخدمونها إضافةً إلي صناعة السكاكين والسيوف . أما في الخرطوم فتتركز الجمعيات الحرفية في مجالات النجارة والحدادة والسباكة وتوصيلات الكهرباء وبعض الصناعات اليدوية الحرفية في السودان تحتاج إلي انتباه وإعادة تنظيم حيث أن الدخل القومي – والفردي يمكن أن يكون كبيراً خاصةً من الصناعات الحرفية لمنتجات مثل الأخشاب في صنع الأثاثات والجلود لصناعة المنتجات الجلدية وغيرها في شكل ورش جمعيات تعاونية وسيكون لها مردود اجتماعي في خلق عمالة طيبة ، وكذلك مردود اقتصادي بتوفير سلع هامة مع زيادة الدخل الناتج عن تنمية الحرف .
.جمعيات الإسكان :-
ما زالت قليلة الأثر الاقتصادي والاجتماعي وقليلة العدد رغم أن الإسكان بالطريقة العلمية والصحية يمثل مشكلة قومية ولذلك يمكن أن يتم تطوير جمعيات الإسكان وزيادتها لتقدم حلول مرضية لمشكلة السكن وتحقيق مردود في التنمية الاقتصادية والاجتماعية . بتجميع البنائين وتنظيمهم مما يعود عليهم وعلي المجتمع بما يرجوه من تنمية .
الجمعيات الأخرى :-
هي جمعيات غير متكررة مثل جمعيات الخياطين وصانعي الأختام والتحف وصناعات الزعف وتلوين المنسوجات والزجاج وإنتاج اللوحات والبراويز .. وهي يمكن في حالة زيادتها وتنميطها أن تدخل ضمن الحرف . ومردودها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي له أثره المفيد في التنمية بما في ذلك تشغيل عمالة يتم تدريبها .
الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحركة التعاونية السودانية في إحداث التنمية (14)
سوف نتناول هذه الآثار في شيء من الإيجاز لأهم مفردات الحجم الكلي للعمل التعاوني مع استبعاد الجمعيات المتوقفة والمتعطلة ويتضمن ذلك :- بعض الإحصاءات عن الجمعيات النوعية ورؤوس أموالها وعضويتها وبعض الإحصاءات عن أنواع الجمعيات وتوزيعها الجغرافي في أقاليم السودان المختلفة. ويمكن الوقوف أيضا علي المردود في الآثار التطبيقية للعمل التعاوني علي الواقع الاجتماعي والاقتصادي في مواقع التطبيق بتناول الوسائل التقليدية التي كانت سائدة في الإنتاج ونماذج النقلة التي أحدثها التطبيق التعاوني في تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية في السودان.

أنواع الجمعيات التعاونية وما حققه كل نوع من نتائج إيجابية وآثار اقتصادية واجتماعية بالسودان

أولاً : الجمعيات التعاونية الزراعية:-
مسلسل الولاية العدد العضوية رأس المال ج
1 الخرطوم 86 25.337 487.981.843
2 الجزيرة 24 5.200 5.594.580
3 النيل الأبيض 52 8831 2.926.765
4 الشمالية 142 42.000 17.500.550
5 نهر النيل 18 4.784 2.049.255
6 القضارف 77 2100 900.000
7 غرب كردفان 98 11205 49.159.265
8 شمال كردفان 137 4980 5.650.500
9 غرب دارفور 13 12800 109.000
10 جنوب دارفور 84 10700 183.368
الجمـــــــــــــلة 731 90.137 56.355.371

أ/ في الجانب الإحصائي :- بدون الدخول في تفاصيل تحليلات إحصائية كثيرة نشير من الجدول أعلاه إلي أن الجمعيات الزراعية بالري تتركز في الشمالية والخرطوم والنيل الأبيض . وجمعيات الزراعة المطرية في شمال كردفان وغرب كردفان وجنوب دارفور والقضارف جملة الجمعيات الزراعية 731 جمعية وعضويتها 90137 مساهماً .

ب/ ما هي الوسائل التقليدية التي كانت سائدة في الزراعة قبل وجود هذه الجمعيات؟

في مناطق الزراعة النيلية كان المزارعين يستخدمون السواقي ويديرونها بالأبقار وفي فترة انخفاض النيل يقيمون أكثر من ساقية حتى يوصلوا المياه إلي المزارع وترتب علي ذلك ما يلي : إنشغال المزارعين وأطفالهم وأسرهم من الفجر حتى الليل للحصول علي كمية مياه قليلة لري مساحات محدودة من الأرض الزراعية وإجهاد تام للمزارعين وأسرهم وتردي في الحالة الصحية والدخل المحدود في مقابل جهود كبيرة وزمن كثير يهدر.

ج/ الآثار الاقتصادية والاجتماعية من تطبيقات الجمعيات التعاونية الزراعية :-
أ. منذ النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي أنعتق بعض المزارعين تدريجياً نتيجةً لإنتشار الجمعيات التعاونية – خاصةً في شمال السودان من العمل التقليدي لري الأراضي الزراعية بالسواقي والشواديف وترتب علي ذلك نتائج اقتصادية منها :-
1. الحصول علي كميات وفيرة من المياه في زمن وجيز مكنهم من زراعة مساحات كبيرة وتنويع في المحاصيل . وانعكس ذلك بزيادة متوسط دخل بعض المزارعين عما سبق .
2. أدخلت لأول مرة زراعة البساتين خاصةً القريب فروت والليمون واليوسفي والموز والليمون الحلو في مناطق عديدة .
3. أمكن لبعض المزارعين التفرغ لأعمال اقتصادية غير الزراعة وشملت تربية الحيوان والسفر لاستجلاب فسائل النخيل وزراعتها في شمال السودان .
4. إنعتاق الأبقار من العمل في السواقي مما ساعد في تحسن صحة الحيوان ومنتجاته بزيادة النسل والألبان .
5. حصل بعض المزارعين علي أنماط إضافية من التكنولوجيا ابتداءً من الوابورات الرافعة للمياه وبذاتها استخدمت لتوليد الكهرباء والإنارة ثم المحاريث مما انعكس علي اقتصادياتهم بشكل إيجابي .
ب.نتائج اجتماعية منها :-
a. فائض من الزمن استخدمه المزارعين إضافة إلي أعمال اقتصادية أخرى في العلاقات الاجتماعية مثل الذهاب إلي النوادي والاستماع إلي الإذاعات مما أدي لإرتفاع الوعي .
b. ساهمت الجمعيات الزراعية في إنشاء المدارس والأندية الرياضية ويكفي الإشارة إلي أن (60%) من المدارس والأندية في السودان حتى الآن أنشئت بجهود شعبية أغلبها مساهمات من الجمعييات التعاونية – ونذكر أن إنشاء المدارس بجهود أهلية بدأها نادي الخريجين كأسلوب سلمي لمقاومة الاستعمار .
c. الكثير من أبناء المزارعين بعد أن كانوا يقضون كل النهار وبعض الليل في (تكل السواقي) .. وجدوا التفرغ والذهاب إلي المدارس مما زاد نسبة التعليم وقصر ظل الأمية في المجتمع .
d. استراح كثير من المزارعين وأبنائهم من الجهد المضني في الزراعة التقليدية وكسبوا جوانب صحيةوثقافية ورياضية بارتياد الأندية كما انعكس ذلك علي الآداب والفنون كأغاني الطمبور وكرة القدم .
ونوجز ذلك من خلال الأمثلة المذكورة : أن الجمعيات التعاونية الزراعية مكنت أغلب قطاعات المزارعين من الحصول علي مردود تمثل في آثار اقتصادية واجتماعية شكلت ارتفاع في المستويات الفكرية والثقافية والصحية والمعيشية والمالية وهذا هو جوهر معايير التنمية (الجانب الأخلاقي و الجانب الاقتصادي للإنسان) .

ثانياً : الجمعيات التعاونية الاستهلاكية :-
مسلسل الولاية العدد العضوية رأس المال ج
1 الخرطوم 1089 319.643 71.131.473
2 الجزيرة 972 298.000 4.376.781
3 النيل الأبيض 449 95.815 13.374.952
4 سنار 273 351.350 13.360.800
5 الشمالية 347 77.000 8.569.760
6 نهر النيل 106 29117 7.153.380
7 القضارف 183 107.200 2.440.000
8 غرب كردفان 77 46616 2.042.970
9 غرب دارفور 422 169.200 1.793.700
10 جنوب دارفور 667 158.992 11.881.752
الجمـــــــــــــلة 4.585 1.652.993 175.472.268

في الجانب الإحصائي:- أن جملة الجمعيات الاستهلاكية 4.585 جمعية تبلغ عضويتها 1.652.933 مساهم، وتتركز أغلب الجمعيات في المدن الكبيرة .. وتزداد تشتتاً كلما ابتعدنا من المدن إلي الريف .
ب/ ما هي الوسائل التي كان يحصل بها المواطنين علي احتياجاتهم الاستهلاكية . قبل انتظامهم في جمعيات تعاونية استهلاكية ؟
1. التجار بطبيعتهم يميلون إلي المكاسب دونما مراعاة لجودة السلع . وتركيبة المجتمع الاقتصادية في المدن إما موظفين أو أصحاب حرف وإذا اتجهنا للريف نجدهم مزارعين ورعاه أو معتمدين علي تحويلات ذويهم المالية للحصول علي السلع .
2. كثيراً ما يلجأ الموظفين والعمال إلي (الدين) انتظاراً للمرتبات لسداد قيمة ما يحصلون عليه من سلع من التجار . وفي الريف كثيرا ما يضطر المزارع للحصول علي السلع مقابل منتجات زراعية (بالشيل)
3. في كل الحالات البيع بالأجل يتم بأسعار مرتفعة عن البيع نقداً كما أن البيع بالأجل يتضمن أرباح كبيرة .
ج/ الآثار الاقتصادية من تطبيقات الجمعيات التعاونية الاستهلاكية :-
1. مع بداية سنة 1960م بدأ تفاقم ارتفاع الأسعار مع اختلاف معدل التبادل التجاري بين السودان والعالم وبدأت تتناقص قيمة العملة الوطنية في مواجهة العملات الأجنبية (معدل التبادل التجاري) وهو (قيمة الصافي القومي الإجمالي كنسبة إلي الواردات) ، من صادرات السودان . والسبب الرئيسي في ذلك هو استمرار انخفاض أسعار الخامات ومنتجات الأرض مقابل المنتجات الصناعية إضافةً إلي استخدامات منتجات صناعية (كالألياف في صناعة المنسوجات بدلاً عن القطن) .. وكان الجنيه السوداني = 3.33 دولاراً .. وتحول الأمر الآن فأصبح الدولار = 2700 جنيهاً سودانياً .. واستمرت الندرة إضافة إلي تفاقم التضخم وزادت مشكلة ارتفاع الأسعار بدخول أنشطة طفيلية لم تكن معروفة في التجارة بالسودان مثل (السمسرة والتخزين الضار) مما جعل الناس يجأرون من الضيق الناتج عن ارتفاع مستمر في الأسعار مع محدودية الموارد والدخول الفردية المتدنية بل وصل الحد في منتصف السبعينيات أن بات أو قضي الناس الليل في المدن جوار المخابز من أجل الحصول علي بعض الأرغفة لا تتجاوز العشرة . ولذلك نشطت حركة تكوين الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في الفترة من سنة 1960م حتى 1981م وقدمت حلول مرضية وطمأنينة اقتصادية للناس .
2. اعتمدت الحكومات علي الجمعيات التعاونية الاستهلاكية كلياً في توزيع السلع الاستهلاكية الضرورية وقدمت الجمعيات التعاونية مواجهات ناجحة في مجالات توفير الكثير من السلع بأسعار معقولة ومنها (السكر – الزيوت – الصابون – الشاي – البن – الأرز – الدقيق – العدس - الصابون) وقضت علي الندرة المفتعلة التي يصنعها السماسرة .
3. في بداية السبعينيات من القرن الماضي حدثت قرارات تأميم ومصادرة – وتغيير للعملة . مما أدي بأصحاب رؤوس الأموال لتهريبها للخارج وحدث شبه توقف في استيراد السلع الاستهلاكية وارتفعت أسعار الوقود والدقيق وكثير من السلع بل كان من الصعوبة بمكان في بعض الأحيان الحصول علي ضروريات كثيرة .. وتمكنت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية من تأمين الموقف للناس .
4. تم إنشاء العديد من الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في مواقع العمل في الفترة من (1960- 981م) وقدمت خدمات لتجمعات عمال وموظفي الحكومة – مثل النقل والترحيل والعلاج وأمثلة لذلك(جمعية عمال السكة حديد في عطبرة – وبابنوسة - وبورتسودان) إضافةً إلي توفير السلع الاستهلاكية بأسعار معقولة الشيء الذي وفر كثيراً من الجهد والوقت وترتب علي ذلك استقرار اقتصادي واجتماعي للعمال (نسبياً) .
5. ساهمت وتساهم الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في بناء المؤسسات الأهلية مثل المدارس والمراكز الصحية وفي درء الكوارث في فيضان النيل الذي حدث عدة مرات كان أخرها سنة 1988م . كما تساهم الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في كل المناسبات القومية والوطنية .
6. إن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية فوق أنها حققت الطمأنينة بتوفير السلع وعدالة توزيعها . فهي توسع مواعين الإنتاج وينطبق عليها تعريف التسويق الحديث.

ثالثاً : الجمعيات التعاونية لطحن الغلال :-
أ/ في الجانب الإحصائي :-
مسلسل الولاية العدد العضوية رأس المال ج
1 الخرطوم 28 5.325 2.064.683
2 الجزيرة 146 37.240 16.132.636
3 النيل الأبيض 92 15.317 1.319.285
4 سنار 8 2.000 720.500
5 الشمالية 40 3.500 4.560.580
6 نهر النيل 35 6.337 14.109.733
7 القضارف 63 34.200 780.000
8 غرب كردفان 81 28.022 4.068.520
9 شمال كردفان 89 29.560 198.050
10 غرب دارفور 93 77.500 488.000
11 جنوب دارفور 45 23.663 135.222
الجمـــــــــــــلة 720 262.664 44.455.509
1. يوجد في السودان 720 جمعية تعاونية لطحن الغلال يبلغ عدد مساهميها
(262.664) عضواً .
2. تتركز الجمعيات التعاونية لطحن الغلال في كل من الجزيرة والنيل الأبيض وغرب وشمال كردفان ودارفور وجنوب كردفان مع وجودها في باقي الأقاليم .
ب/ ما هي الوسائل التقليدية التي كانت متبعة لطحن الغلال قبل إنشاء هذه الجمعيات ؟
أ‌. كان النساء يعملن لطحن قليل من الغلال (ذرة ، دخن) (بالمرحاكة) وهي موجود حتى الآن في بعض أنحاء السودان الطرفية .. وكان يستغرق هذا العمل معظم وقتهن ويهلك صحتهن . كما أن أطفالهن يحبون في التراب وتتلوث أجسادهم في بكاء مستمر الشيء الذي أفقد الأطفال رعاية الأمومة ونشأت الطفولة عليلة الجسد وكثيراً ما انتشرت الإصابات بالعمى في سن الطفولة .. التي لم تجد لبن ثدي الأمومة بصورة طبيعية نتيجة لعمل المرأة في (المرحاكة من الصباح حتى المساء) لتطحن قليلاً من الغلال لعمل خبز الأسرة .. وهذا الطحين لم يكن بمستويات الجودة المعروفة من عدة نواحي منها النظافة علي الأقل.
(لقد قرأت تقريراً في أواخر الستينيات صدر في سنة 1950م : يقول (إن معظم أمراض النساء وأمراض العيون عند الأطفال سببه تعلق المرأة في المرحاكة من الصباح حتى المساء لإيجاد خبز الأسرة في أجزاء واسعة من السودان خاصةً وسط وغرب السودان) ولابد من إيجاد بديل مناسب للوقاية من الأمراض التي تترتب علي هذا الأسلوب من نواحي صحية .
ب‌. لقد شهدت وزارة التعاون تحريكاً واسعاً لمفتشي ومساعدي ومفتشي وضباط التعاون بالتنقلات إلي أقاليم الغرب والشمال والشرق... وجابوا الفيافي والسهول والوديان خاصةً في غرب السودان في الفترة من سنة 1973م حتى نهاية سنة 1982م تقريباً ولم يجدوا أي تجمع بشري إلا وأنشاوا له جمعية تعاونية لطحن الغلال . ولذلك نجد نحو (70% من جملة هذه الجمعيات كونت في هذه الفترة) .
ج/ الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت في التنمية بانتشار جمعيات طواحين الغلال :-
إن قيام أي طاحونة يلزمها ماء للتبريد .. وفي أواسط الغرب حيث تتعذر المياه ، ولما كان أهل الفرقان أغلبهم رحل ورعاة استقروا وأنشأوا قري ثابتة حول صوت ماكينة الطاحونة التعاونية مع وجود الماء .. وكانوا ولا زالوا يرحل بعضهم من أجل المرعي لكنه يعود (للفريق) .. والاستقرار.
كما تمكنت الحكومات من الوصول إلي قري ثابتة وأوصلت لها خدماتها الضرورية بإنشاء مدارس الأساس مما زاد الوعي و ساهم في محو الأمية ، ثم تم إنشاء العديد من المراكز الصحية الثابتة في تلك القرى مما أدي لارتفاع المستوي الصحي .. وعرفت تلك القرى النوادي وعرف بعضها الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية للمراكز الصحية لحفظ الأمصال والمدارس وارتبط الناس بالعالم من خلال مشاهدة التلفزيون والإذاعات مما زاد الوعي كما حدث ارتفاع المستوي الصحي للنساء والأطفال ووجدت الطفولة رعاية الأمومة بشكل أفضل للإنسان .
لقد مكن هذا حصول الناس علي دقيق عالي الجودة وأكثر نظافة في زمن وجيز من الطواحين ، وجدت النساء بعض الوقت وحملن السلاليك والمولوديا وزرعن في مواسم الخريف الشيء الذي زاد من مستوي دخل الأسرة. وحولت الطواحين التعاونية (المراحيك) إلي متاحف التراث ... لدرجة أن كثير من أجيال اليوم لا يعرفونها أو يسمعوا بها . وهي عبارة عن حجر (مقعر) تقوم النساء بغسله كل صباح وفيه حجر صلب مستدير يستخدم كأداة طحن يدوية ... وتسكب الغلال المبلولة من الليل في الحجر ويتم طحنه حتى يصير عجيناً . وكذلك (الرحى) وهي حجرين أسفل وأعلي – وفي الأعلى ثقب ولها يد ويتم سكب الحبوب من الثقب يتم إدارة الحجر فيتم طحن الغلال يدويا ً ويعكس ماسبق تحقيق اهداف تنمية اقتصادية واجتماعيةوثقافية وانسانية .
رابعاً : الجمعيات التعاونية النوعية :-
1. وهي جمعيات ذات خصوصية وأهمها جمعيات الإنتاج الحيواني والجمعيات الحرفية وجمعيات الجزارة والخضر والفاكهة وجمعيات الإسكان وجمعيات النقل والترحيل، ونكتفي بأعدادها العاملة مع استبعاد المتوقفة توضيحاً للصورة الإجمالية للحركة التعاونية السودانية حالياً .
إحصائية الجمعيات – النوعية
مسلسل الولاية إنتاج حيواني خضر وفاكهة وجزارة نقل وترحيل حرفية إسكان أخرى
1 الخرطوم 12 8 - 28 3 35
2 الجزيرة 22 1 3 5 - 8
3 النيل الأبيض 6 2 4 2 7
4 سنار 9 6 5
5 الشمالية 4 3 2 - - 4
6 نهر النيل 2 1 1 - - 6
7 القضارف 2 2 1 - - 3
8 غرب كردفان - 0 1 8 9
9 شمال كردفان - 1 - 6 6
10 غرب دارفور - - 2 10 3
11 جنوب دارفور - 3 2 18 4
الجمـــــــــــــــــلة 57 21 22 75 5 90

ب/ ما هي الوسائل التقليدية في المجالات الخاصة بالجمعيات النوعية ؟
ما زال الإنتاج الحيواني يعتمد علي الملكية الفردية للمزارعين ويعتمد علي الحيوانات الملازمة لهم علي ضفاف النيل . أما في مناطق غرب السودان والبطانة وأجزاء من النيل الأبيض والأزرق فيقوم الرعاة بالاحتراف في تربية الماشية .في كل الأحوال ورغم تمتع السودان بثروة حيوانية هائلة إلا أنها لم تجد الانتباه لاسباب منها نقص التوعية للمزارعين والرعاة في شأن تغذية الحيوان بالأعلاف وتحسين السلالات والتصنيع الحيواني وربط الحيوان بالدورة الزراعية – فيما عدا الجهود الحكومية في تطعيم الماشية ووقايتها من الأمراض .
وبدأت فكرة جمعيات الإنتاج الحيواني وهي ما زالت في البدايات في كل من الخرطوم والنيل الأبيض – استناداً إلي الأعلاف من تجارب البحث العلمي ومنتجات الأغذية من المولاس ومكعبات من مستخلصات القصب في صناعة السكر والأمباز الناتج من حلج الأقطان وعصر الزيوت من بذرة السمسم والقطن .
بالنسبة لجمعيات الجزارة وجمعيات الخضر والفاكهة – تركز أغلبها في مواقع العمل وأخذت الشكل التسويقي وليس الإنتاجي وتحتاج إلي انتباه وتوعية لإنشاء جمعيات للخضر والفاكهة (زراعية كزراعة متخصصة في بعض المناطق كبداية مثل جبل مرة – والجزيرة والنيل الأبيض والأزرق والجنوب) .
أن جمعيات النقل والترحيل علي أهميتها وقد بدأت بالجمعيات الخاصة باللواري السفرية لنقل البضائع من بورتسودان – لكن لو تم تجميع قدرات الحركة التعاونية لتحويلها لجمعيات لنقل احتياجات الجمعيات التعاونية لحققت جدوى لتنميتها إلي جانب النقل لغير الحركة التعاونية وتم تكوين أغلب هذه الجمعيات في فترة أزمات الوقود التي ضربت البلاد في النصف الأول من السبعينيات من القرن الماضي .
1. الجمعيات الحرفية :-
يتركز أغلبها علي قلتها في جنوب وغرب دارفور وغرب وشمال كردفان – وأغلبها تعمل في حرف الجلود : مثل صناعة المراكيب ولها مردود اقتصادي لا بأس به ومردود اجتماعي – حيث توفر بدائل للأحذية المستوردة ، كما أن معظم السودانيين يستخدمونها إضافةً إلي صناعة السكاكين والسيوف. أما في الخرطوم فتتركز الجمعيات الحرفية في مجالات النجارة والحدادة والسباكة وتوصيلات الكهرباء وبعض الصناعات اليدوية الحرفية في السودان تحتاج إلي انتباه وإعادة تنظيم حيث أن الدخل القومي – والفردي يمكن أن يكون كبيراً خاصةً من الصناعات الحرفية لمنتجات مثل الأخشاب في صنع الأثاثات والجلود لصناعة المنتجات الجلدية وغيرها في شكل ورش جمعيات تعاونية وسيكون لها مردود اجتماعي في خلق عمالة طيبة ، وكذلك مردود اقتصادي بتوفير سلع هامة مع زيادة الدخل الناتج عن تنمية الحرف .
7. جمعيات الإسكان :-
ما زالت قليلة الأثر الاقتصادي والاجتماعي وقليلة العدد رغم أن الإسكان بالطريقة العلمية والصحية يمثل مشكلة قومية ولذلك يمكن أن يتم تطوير جمعيات الإسكان وزيادتها لتقدم حلول مرضية لمشكلة السكن وتحقيق مردود في التنمية الاقتصادية والاجتماعية . بتجميع البنائين وتنظيمهم مما يعود عليهم وعلي المجتمع بما يرجوه من تنمية .
8. الجمعيات الأخرى :-
هي جمعيات غير متكررة مثل جمعيات الخياطين وصانعي الأختام والتحف وصناعات الزعف وتلوين المنسوجات والزجاج وإنتاج اللوحات والبراويز .. وهي يمكن في حالة زيادتها وتنميطها أن تدخل ضمن الحرف . ومردودها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي له أثره المفيد في التنمية بما في ذلك تشغيل عمالة يتم تدريبها .
خامساً : البنيان الاتحادي التعاوني الذي يتكون من :-
1. الجمعيات الأولية في الأحياء والقرى .
2. الاتحادات التعاونية في المستوي المحلي والولائي .
3. الاتحاد التعاوني علي مستوي القطر (الاتحاد التعاوني القومي) .
يتضح الغرض من خلال تكوينه فهو حلقة هرمية تمددت عضويته في سلسلة .. تشكل صورة مكتملة للحركة التعاونية السودانية تهدف لتوفير الاحتياجات للقاعدة مثل المعدات التكنولوجية والبذور المحسنة والأسمدة ... والسلع ... الخ ، ويمكن تلخيص مهام الاتحاد علي مستوي القطر (الاتحاد التعاوني القومي) في :-
1. المساهمة في تنفيذ خطة الدولة في القطاع التعاوني .
2. تجميع العمل التعاوني والنظر في المسائل التي تواجهه بهدف إيجاد الحلول .
3. المساهمة في نشر الحركة التعاونية ودعمها وربطها بالجماهير وإيجاد القيادات الصالحة .
4. إسداء الرشد بالنصيحة نحو تطوير الحركة التعاونية .
5. التنسيق بين الاتحادات التعاونية وإدارة العمل التعاوني الحكومي في المسائل الخاصة برعاية الجمعيات التعاونية .
6. تبادل الخبرات علي النطاق الدولي والإقليمي وتشجيع ورعاية الدراسات التعاونية .
7. العضوية نيابةً عن الحركة التعاونية القومية في الحلف التعاوني الدولي .
وبديهي أن مجالس إدارات الاتحادات التعاونية منتخبة من عضويتها القاعدية بمعني أن مجلس إدارة الاتحاد علي مستوي القطر منتخبة من مجالس إدارات الاتحادات الولائية . كما أن عضوية مجالس الاتحادات الولائية منتخبة من أعضاء مجالس إدارات الاتحادات المحلية في كل ولاية .
ب/ ما هو الأسلوب الذي كانت تتبعه الجمعيات التعاونية قبل البنيان الاتحادي ؟
1. كانت الجمعيات تحصل علي احتياجاتها مثل الوابورات والاسبيرات ومختلف التقنيات من الموردين وتجار الإجمالي بالنسبة للسلع الاستهلاكية ويضع الموردين نسب أرباح عالية . كما يدفعون ضرائب يحملونها للمستفيد ومنها الجمعيات التعاونية .
2. كانت الجمعيات تتعرض لشروط وضغوط الموردين في السداد وأحياناً فرض أنواع السلع . تحقيقا لأهدافهم التسويقية .
3. تعرضت الجمعيات التعاونية الإنتاجية لما يتعرض له كثير من المنتجين من قبل السماسرة وتجار الشيل والسلم . الشيء الذي يقلل من الحصول علي فوائد الإنتاج خاصةً في الزراعة .
ج/ الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت تنموياً بتطبيق النظام الاتحادي :-
1. بمجرد بدأ البنيان الاتحادي في صورته الأولي قبل تطويره حيث بدأ (الاتحاد التعاوني المركزى)ووضح كرمز اتحادى يرعى قواعدها .
2. ) . وضحت الوفورات التي تحققها الجمعيات التعاونية – حيث استفادت من الإعفاءات الواردة في قانون التعاون بالنسبة ، لما تستورده من احتياجاتها الشيء الذي قلل تكلفة الحصول علي السلع .
3. حصلت الجمعيات التعاونية علي وفورات الشراء برؤوس أموال كبيرة ثم استلام حصصها من السلع بأسعار أقل .
4. حصلت الجمعيات التعاونية علي خدمات المتخصصين في الشراء من خلال البنيان الاتحادي .
5. أصبح للجمعيات التعاونية ممثل دائم هو الاتحاد التعاوني القومي بين مؤسسات القطاعين العام والخاص داخل الدولة وخارجها وأمكنها تحقيق ذاتها عبر البنيان التعاوني . مثل التفاوض مع شركات القطاع العام والخاص وتخصيص نسب من الإنتاج من مصانعها للحركة التعاونية في فترات زمنية محددة بأسعار معقولة .
6. دخلت الجمعيات التعاونية في الحركة الاقتصادية المحلية والدولية من خلال البنيان الاتحادي الذي يقيم العلاقات الاقتصادية المتكافئة .
7. حصلت الجمعيات التعاونية علي كثير من السلع والخدمات بسداد مؤجل أو بتقسيط مريح وأسعار معقولة من خلال الاتحادات .
ومن جملة المكتسبات التي قدمتها حدث تنمية اقتصادية واجتماعية ليس فقط للحركة التعاونية ولكن أيضاً للمجتمع . حيث يحصل القطاعين العام والخاص علي منافذ توزيع تسويقية بشروط عادلة للطرفين – مما يزيد من توفير الاحتياجات الضرورية بأسعار معقولة وينعكس علي الإنتاج بالزيادة والاستقرار في الأسعار مع عرض المنتجات وتشغيل عمالة في النشاط الاقتصادي سواء القطاع العام أو الخاص أو التعاوني . مما يزيد مستوي الدخل الفردي والقومي – كما يتحقق للمجتمع الوفرة وهي عكس الندرة نتيجة الحركة الاقتصادية التي تحدثها الاتحادات التعاونية في علاقاتها مع المؤسسات الاقتصادية المحليةوالدولية – وقواعدها في الداخل .

الباب الثاني
الهوية التعاونية

الفصل الأول
الشعار والقيم والمبادئ التعاونية

عرف الشعب السوداني ثمار تطبيقات التعاون وله استعداد لتطبيقات جديدة تقدم له احتياجاته وطموحاته في التنمية، كما أن الحكومات يمكنها الاعتماد علي تطبيقات التعاون كوسيلة للتنمية من خلال القدرات الذاتية للأفراد بجمعهم في تجمعات سكنية ، وبما يفيد في إمكانية الوصول إليهم لتقديم الخدمات مثل التعليم والصحة والإحصاء والانتخابات .. الخ. كما أن تطبيقات التعاون من مبادئها وشعارها تعلم الناس أسس الديمقراطية السليمة والحقوق والواجبات وتنمي القيم الفاضلة. إن الثروات القومية السودانية سريعة العائد إذا ما استخدمت فيها الطرق الاقتصادية المعتمدة علي التكنولوجيا وفي مقدمها النظام الاقتصادي التعاوني لامكن إحداث التنمية بأسلوب تطبيقات التعاون الذي لا يكلف الحكومات غير الإشراف والتوجيه. فمثلا مبدأ (الباب المفتوح للعضوية) وكل مبادئها تكفل وتؤمن (الحرية والعدالة والمساواة) لهذا تتمتع الحركة التعاونية بالأمن والأمان و السلام لها و للملتزمين بمبادئها لانها تأخذ بهذا المبدأ ضمن مبادئها في المجتمع. إن العمل التعاوني يقدم خدماته للبشر دون تفرقة بينهم لأي سبب، كما إنه وسيلة الفقراء أوالضعفاء من أجل العيش العفيف الكريم. إن التعاون يهدف للبناء والإعمار والتنمية ولا يهدف أبداً إلي الحرب أو الدمار، ولا ينتهز ظروف الحرب ليحقق الأرباح كما يحدث في النظم الاقتصادية الأخرى ومنها النظام الرأسمالي. تؤكد "الهوية التعاونية" إن أحد أهم مبادئ التعاون هوالحياد السياسي والديني والعرقي وهنا مهمته كمهمة الطبيب الذي يعالج، فيعالج الجريحين المتحاربين دون انحياز. وتتبلورالهوية التعاونية وتظهر في مقومات ومكونات الحركة التعاونية ومبادئها المشكلة والمجسدة للصبغة والصفة التعاونية المميزة للعمل التعاوني المنظم و المتمثلة في: الشعار التعاوني القِيَم التعاونية المبادئ التعاونية (مبادئ الحلف التعاوني الدولي).

الشعار التعاوني
الشعار التعاوني المتفق عليه دولياً (15) الثلاث حلقات المتصلة والتي تعني ( اتحاد ، قوة ، عمل ) وأينما شوهد هذا الشعار على اللافتات والمباني في مدن وأرياف العالم يتذكر المرء ان هذا موقع او مقر لتعاونية ما أو للإدارات التعاونية . وتعتبر التعاونيات Co-operatives نوع من أنواع التنظيم ترتبط فيه جماعه من الناس ارتباطاً اختيارياً بصفتهم الإنسانية على قدم المساواة لإعلاء شأن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. عبارة بصفتهم الإنسانية هذه تعني ان ينضم العضو للجمعية دون أي تأثير أو حسبان لمركزه المالي او الاجتماعي او السياسي او الديني كما ان هذه المراكز لا تعطيه أية امتيازات في الجمعية على الآخرين. الشعار الدولي للتعاون يتشكل من ، ثلاثة حلقات دائرية متساوية تبدأ بالحلقة الأولي إلي أعلي والثانية والثالثة إلي أسفل متوازيتان والحلقات الثلاثة متداخلة. إذا تأملنا شعار التعاون نجد أنه رمز الفلسفة التعاونية، باعتبار أن لها شعار ومبادئ، ويرمز شعار التعاون إلي: مصدر القرارات، وتكوينات رؤوس الأموال، وتماسك الجماعات، والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات. ويلخص في ثلاثة دوائر ترمز إلي الشمول والاتساع والإرتباط بأقدار متساوية في الحقوق والواجبات وتم كما قدمت اختيار هذا الشعار في مسابقة من بين العديد من الشعارات تقدم بها فناني أوربا. وللشعار جوانب عديدة :فالحلقة الأولي ترمز إلي رأس المال واليسرى إلي العائد علي رأس المال واليمني إلي العائد علي المعاملات (توجه مالي) ، أما الدائرة العليا فتمثل الجمعية العمومية واليمني مجلس الإدارة واليسرى والإدارة التنفيذية (توجه إداري). وللشعار أيضا قيم معنوية، حيث تمثل الدائرة العليا تمثل الحرية واليمني تمثل العدالة واليسري تمثل المساواة . (إنسانية الإنسان) .ونعلق علي القيم المعنوية في موضوع الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات. ونشير إلي أن الآلاف قد سقطوا في الحروب منذ أن عرفت البشرية الحياة علي الأرض من أجل واحدة أو أكثر أو الثلاثة قيم المذكورة كما شهدت بلاد كثيرة ثورات من أجلها أو أي منها كهدف ونذكر منها (فرنسا) التي صمم فيها شعار التعاون.
ومن أهمه معاني الشعار
(1) تمييز المؤسسات التعاونية بعلامة واضحة كعلامة تجارية تسجل عند السلطات الحكومية ويتم التعامل بها في المكاتبات والعقود.
(2) إن المنشأ التعاونية التي تحمل الشعار أنشئت وفقاً لضوابط ولها أهداف ومبادئ
(3) أن المنشأة أو المؤسسة التعاونية التي تحمل الشعار تتميز بأنها مشهرة وأهدافها معلنة ولها رأسمال ومؤسسين . ارتضوا النظام التعاوني ولها نظام إداري ومالي ومحكومة بلوائح وقوانين، وتعمل في ظل شعار لتحقيق أهداف مشروعة، وملتزمة بالمبادئ التي يشير إليها الشعار
(4) وبعد ذلك كله فإن الشعار يتمشى أو يتميز بميزات كل أفكار المجتمعات علي اختلافها فكل مجتمع بشري يجد فيه التفسير الذي يرضي تطلعاته المعنوية والاجتماعية والاقتصادية .
"إتِّحاد وخِدْمَة وتَمْثيل التعاونياتِ حول العالم"، هو شعار الحلف التعاوني الدولي الذي تأسس في 1895، وهو شعار يصور حمائم السلام يخرج من قوس قزح - رمز الحركة التعاونيه ويمثل وحدة عضوية الحلف المتنوعة. وقد صممت أصلا للاحتفال بلمؤتمر المئوي للحلف عام 1995. وهو منظمة مستقلة ، وغير حكوميه تمثل التعاونيات في العالم. وهي اكبر منظمة غير حكوميه في العالم. اعضاء الحلف من المنظمات العاملة في كل القطاعات بما فيها الزراعة النشاط المصرفي ومصائد الاسماك والصحة والاسكان والصناعة والتأمين والسياحة والتعاونيات الاستهلاكيه. حاليا ، يمثل الحلف 220 عضو منظمة من 90 بلدا تمثل اكثر مايقارب المليار شخص فى جميع انحاء العالم. للحلف اولويات وانشطه تركز على النهوض والدفاع المشترك للهوية التعاونية والتعبير عنها بصورة صحيحة، وضمان خلق تعاونيات قوية وفاعلة معترف بها من خلال تفعيل قدرتها على المنافسة في السوق. الحلف يثير الوعي التعاونيات. وهي تساعد الافراد والسلطات الحكوميه والمؤسسات الاقليمية والدولية المشاركين فهم النموزج التعاوني الصحيح ويضمن ان السياسة الصحيحه توجد بيئة لتمكين التعاونيات من اجل ان تنمو وتزدهر. وهو صوت الحركة التعاونيه الذي يساعد اعضائها في الضغط من اجل تشريعات جديدة وأكثر ملاءمة للاجراءات الاداريه التي تحترم الحركة التعاونية ومبادئها وقيمها، من خلال تقديم الدعم السياسي فضلا عن الخبرة التقنيه لتمكين التعاونيات من التنافس على اساس متكافئ. ويزود الحلف اعضائها الرئيسيين المعلومات ، وأفضل الممارسات والاتصالات، من خلال منشوراته المختلفة كما ينظم الاجتماعات وحلقات العمل لمعالجة القضايا الرئيسية التي تؤثر على التعاونيات ويتيح مناقشة التعاون بين المشغلين من جميع انحاء العالم. إضافة الي ذلك يسهل الحلف الاتصالات بين التعاونيات لاغراض تجارية ، وتبادل معلومات الاستخبارات فى طائفة واسعة من المجالات ، وبتقديم المساعدة التقنيه الى التعاونيات من خلال برنامجها الانمائي، وتعزز بناء القدرات والدعم المالي ، وتسهل ودعم خلق فرص العمل والحد من الفقر وبرامج تمويل المشاريع الصغيرة في جميع انحاء العالم.
ألوان الطيف تعبر وتدل علي الآتي : اللون الأصفر يمثل التحدي والاحمر يرمز للشجاعه. البرتقالي عرض لرؤية الاحتمالات والتوقعات المستقبلية، الاخضر يمثل النمو- لنمو في حجم العضويه وفهم اهداف وقيم التعاون. السماء الزرقاء تقترح آفاق بعيدة ، والحاجة الى توفير التعليم ومساعدة التعساء والسعي نحو الوحدة العالمية. كما الكحلي يوحي بالتشاؤم ، يذكرنا بأقل الناس حظا في العالم الذين هم في حاجة الى الاستفادة من التعاون، أما البنفسج فهو لون الدفء والجمال والصداقه.
القِيَم التعاونية
والقيم التعاونية تتعلق بقيم المساعدة الذاتية والاعتماد علي النفس ، المسؤولية الذاتية ، الديمقراطية ، العدالة والمساواة والتضامن.

المبادئ التعاونية (مبادئ الحلف التعاوني الدولي)
أكدت الحركة التعاونية(16) شعبيتها على مر العصور وانتمائها لمصلحة الأفراد والجماعة لتحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها, واستطاع التعاون نتيجة النجاحات التي حققها نقل الاهتمام به من الإطار الوطني إلى الإطار الدولي حيث تم تأسيس الحلف التعاوني الدولي بلندن عام 1895واحتفل في يوليو عام 1995بمرور مائة عام على تأسيسه وتم ترسيخ تعريف التعاونية بأنها منظمة شعبية طوعية ذاتية الإدارة تتكون من أشخاص يتحدون بمحض اختيارهم لمواجهة احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وأمالهم من خلال مشروع ملكية مشتركة ويدار ديمقراطيا.
وقد اعتمد الحلف التعاوني الدولي المبادئ التعاونية التالية :
1- العضوية الاختيارية المفتوحة : التعاونيات منظمات مفتوحة لكل الأشخاص دون تميز جنسي أو اجتماعي أو عرقي أو سياسي أو ديني وتتمتع التعاونيات بالحياد تجاه الجميع . مبدأ الباب المفتوح للعضوية يحقق الإحساس والشعور بالملكية الخاصة للفرد في إطار الجماعة إضافةً إلي ما يقدمه لقدراته في العمل بالمشاركة فكرياً وعملياً ومالياً ثم بما في ذلك الترشيح والانتخاب في مجالس الإدارات .
2- الإدارة الديمقراطية للتعاونيات: التعاونيات منظمات ديمقراطية يحكمها أعضاؤها ويشاركون في سياساتها واتخاذ القرارعن طريق ممثليهم المنتخبين ديمقراطيا والممثلين مسئولين أمام ناخبيهم وللأعضاء حقوق تصويت متساوية عضو واحد صوت واحد وعلى المستويات الأعلى تدار التعاونيات وتنظم بأسلوب ديمقراطي. ويعطي مبدأ ديمقراطية الإدارة الحق لجميع الأعضاء في المشاركة في إدارة الجمعية وفقاً لضوابط ديمقراطية عادلة فيتعلم الناس الديمقراطية الحقيقية الخالية من المؤامرات والصراعات.

3- مساهمة العضو الاقتصادية : يساهم الأعضاء بعدالة في رأس مال تعاونيتهم الذي يكون ملكية تعاونية , ويتلقى الأعضاء تعويضا عن رأس المال المسهم ويمكن تخصيص الفائض لتطوير التعاونية و دعم الأنشطة الاخرى التي يوافق عليها الأعضاء ويوزع الباقي على الأعضاء بنسبة تعاملهم مع التعاونية . ويقدم مبدأ العائد علي المعاملات الشعور بالمسئولية تجاه الممتلكات عند الأعضاء بما يؤكد توزيع الفائض علي جميع الأعضاء وفق الأسس العادلة ومبدأ العائد علي رأس المال يحرر المال من الربا ويوظفه في سبيل تحقيق أفضل أداء مالي للفرد والمجتمع وهو مردود ربحي ملائم للأسهم يفوق معدلات الاستثمار في كل قطاعات النشاط الاقتصادي إذا ما قورن مردود السهم بقيمته في أي نشاط اقتصادي غير النشاط الاقتصادي التعاوني ..

4- الإدارة الذاتية المستقلة :التعاونيات منظمات ذاتية الإدارة يديرها أعضاؤها ويؤمنون تمويلها المالي ويمكن لهم التعاون مع منظمات اخرى أو مع الحكومات سواء بالإدارة أو التمويل شرط تأكيد الإدارة الديمقراطية لأعضائهم والمحافظة على التحكم الذاتي التعاوني . كما أن مبدأ الحياد السياسي والديني والعرقي مبدأ يقاوم التفرقة ويدعو لتوحيد البشرية يعتبر مبدأ الحياد السياسي والديني والعرقي من المبادئ الجديدة وقد أخذت به كثير من الدول كما لم يؤخذ به في بعضها .ويعتبر الحياد السياسي والديني والعرقي من أهم الوسائل التي مكنت الجمعيات التعاونية من العمل بحرية في كنف النظم السياسية ووسط الأثنيات العرقية والأيدلوجيات الفكرية والدينية ولذلك وجد العمل التعاوني في الدول التي تطبق النظام الاقتصادي الرأسمالي (الغرب خاصة) والدول التي تطبق النظام الاقتصادي الاشتراكي (دول شرق أوربا خاصة) . و يوجد العمل التعاوني في الدول التي تعتقد في الأديان السماوية بمختلف عقائدها .وقد نودي بمبدأ الحياد السياسي والديني والعرقي عبر الحلف التعاوني الدولي ولذلك نجده في دستور الحركة التعاونية العالمية وفي القوانين المحلية للتعاون في أغلب الدول .

5- التعليم والتدريب والإعلام : (17) تقدم التعاونيات التدريب والتعليم لأعضائها بالتعاونيات ولقياداتها المنتخبة ومديرها وموظفيها ليستطيعوا أن يساهموا بفعالية لتنمية تعاونياتهم ، مع تنوير الرأي العام عن طريق الإعلان والإعلام وخاصة الشباب وقادة الرأي عن طبيعة ومزايا التعاون عن طريق التثقيف والتوعية التعاونية. ثم إن مبدأ التعليم والتدريب التعاوني مبدأ يقاوم الجهل. يعتبر أحد أهم المبادئ التعاونية – لإيجاد الوعي عن العمل الإداري والمالي والاجتماعي والاقتصادي لأعضاء الجمعيات مما يساعد علي نمو الحركة التعاونية من ناحية – ومن أخرى رفع المستوي الفكري للعضو باعتباره (إنسان : لأن التعليم مطلوب للإنسان – ويحفظ إنسانيته من خلال مردود التعليم اجتماعياً واقتصادياً) .وتتضمن تشريعات التعاون في بعض الدول تخصيص نسبة من صافي الأرباح القابلة للتوزيع لأغراض التعليم والتدريب التعاوني . باعتبار أن التثقيف التعاوني أحد مسئوليات الجماعات المتعاونة في نشر الفكر مما يقود إلي رفع القدرات لأعضاء الحركة التعاونية وهو بمثابة استثمار مستقبلي .وتوجد في كثير من الدول مدارس ومعاهد وجامعات متخصصة للتعليم والتدريب التعاوني لإيجاد متخصصين في اقتصاديات التعاون ومتخصصين في الإدارة التعاونية وكذلك في التمويل التعاوني . والمحاسبة التعاونية ... الخ .إضافةً إلي مستويات أدني لتعريف الأعضاء والمساهمين بحقوقهم وواجباتهم . وكذلك مجالس الإدارات فيما يتعلق بالسياسات واستراتيجيات العمل التعاوني .. ومن ذلك معايير المقارنات للميزانيات وطرق التحليل المالي وأساليب اختيار العاملين وأسس العلاقات العامة والمفاوضات وعقد صفقات الشراء والبيع . ونظم المخازن إضافةَ إلي برتوكول تمثيل جمعياتهم في اجتماعات المؤسسات التعاونية المحلية والإقليمية والدولية .. إضافةً إلي أساليب التسويق كمصادر الخامات والسلع الأجود وعناصر الجودة وعلم المنتجات ومواقع إنتاجها ... الخ .ونشير إلي أن منظمة العمل الدولية قد أمنت علي ضرورات التعليم والتدريب التعاوني ورصدت لذلك أموال تهدف إلي المساعدات في مجالات إنشاء عدد من معاهد التدريب في الدول الفقيرة للتعليم والتدريب التعاوني . (ومثال لذلك تم إنشاء أربعة معاهد في السودان لهذا الغرض) .

6- التعاون بين التعاونيات : تخدم التعاونيات أعضاءها بكفاءة أكثر وتقوى الحركة التعاونية بالعمل سويا من خلال المؤسسات والمنظمات والإتحادات التعاونية المحلية والإقليمية والدولية. كما أن مبدأ التعاون بين التعاونيات يمكن من تكوين المزيد من المنظمات التعاونية والمؤسسات الفاعلة في المجالات التعاونية وينمي قدرات الحركة التعاونية استثماراً واستشارةً وتبادلاً للخبرات .
إن اشتراك الجمعيات التعاونية في أهداف عامة واحدة يجعل تعاونها مطلب مهماً لما يوفره من ميزات منها علي سبيل المثال :-
مجالات تبادل المعلومات عن الأسواق ومصادر الشراء .
مجالات الشراء والبيع عبر منظومة اتحادية (التسويق) .
مجالات التمويل والقروض .
مجالات النقل والتخزين .
مجالات نشر الفكر التعاوني .
مجالات تبادل الخبرات الإدارية والفنية .
مجالات مواجهة المشكلات المشتركة مثل مكافحة الآفات الزراعية .
مجالات الحصول علي استخدام التقانات ... الخ من مجالات كثيرة .
ولعل البنيان التعاوني الاتحادي هو أحد أهم الوسائل لتستفيد جمعيات قاعدته من مبدأ التعاون بين التعاونيات وكذلك البنوك التعاونية ومؤسسات التمويل والتسليف والتأمين التي تقام علي أسس تعاون بين التعاونيات مما يفتح الآفاق للعمل التعاوني المشترك خاصةً تحت إشراف إدارة وإرادة سياسة لأجهزة التعاون الحكومية إذا اعتمد التعاون كأحد أهم أساليب التنمية مما يقتضي التخطيط والمتابعة من قبل تلك الأجهزة .

7- الاهتمام بالمجتمع : (18)تعمل التعاونيات من أجل التنمية الإجتماعية المتواصلة فتقدم خدماتها في مجال الصحة والتعليم وتوفير مياه الشرب..... الخ لمجتمعاتها من خلال سياسات يوافق عليها الأعضاء. وتعبر المبادئ التعاونية عن دستور الحركة التعاونية (الدولي العالمي) جيث يشمل مضمون الدستور مجموعة من المبادئ التي تهتدي بها كل الجمعيات التعاونية في تحقيق أهدافها في العالم. إن عدم مراعاة "الهوية التعاونية"و التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلي عواقب وخيمة وضارة تذهب بالصفة التعاونية والشعبية والديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات ، كما أنها تؤدي إلي الفشل و الإخفاق الذريع. إن عدم إتباع المبادئ والأسس التعاونية التي أنشأت علي أساسها الكثير من المشاريع التعاونية وبصفة خاصة الجانب الإداري ، انعكس سلبا علي الأداء وبصفة خاصة في المجال التسويقي ، إذ اعتمدت هذه المشاريع في إدارتها علي أساس التعيين من قبل الوزير المختص مما يتنافى مع المبادئ والقوانين التعاونية. وذلك لأن التعاونيات ووفقا للمبدأ الثاني من المبادئ التعاونية ، منظمات ديمقراطية، يتحكّم بها أعضاؤها الذين يشاركون بفعالية في وضع السياسات واتخاذ القرارات. ولقد أثبتت التجارب العالمية أن مراعاة التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلى الاحتفاظ بالصفة التعاونية والشعبية للتعاونيات والحفاظ أيضا علي الديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تجنب التعاونيات الفشل و الإخفاق في تحقيق أهدافها. لقد كان للالتزام بالمبادئ التعاونية وبخاصة الديمقراطية، الأثر الكبير في استمرار الحركة التعاونية الأوروبية وتقدمها عالميا.


الفصل الثاني
الإدارة التعاونية
ديمقراطية الإدارة "الادارة الديمقراطية"
إن طبيعة الأساس الديمقراطي لتكوين الجمعية التعاونية تتطلب (19) وضع السلطة الرئيسية في الجمعية في يد الاجتماع العام الذي يحق لجميع الأعضاء الاشتراك فيه والإدلاء بأصواتهم علي قدم المساواة ، وهذا ينطبق علي الجمعيات التعاونية علي اختلاف أنواعها ، وهناك مسائل معينة من اختصاص الاجتماع العام وحده وهي كالآتي :
1) انتخاب مجلس الإدارة .
2) النظر في الميزانية العمومية السنوية بالإضافة لأية توجيهات من قبل مسجل التعاون .
3) توزيع الفائض حسب ما نصت عليه اللائحة .
4) تأييد قبول الأعضاء الجدد الذين يختارهم مجلس الإدارة .
5) تحديد مدي ما يمكن للجمعية أن تفترضه من غير الأعضاء .
6) تعديل اللوائح طبقاً للإجراءات الخاصة بذلك وبالإضافة إلي الاجتماع العام السنوي فقد يجد من الأمور من حين لآخر ما يستدعي عقد اجتماعات عامة في موضوع بعينه ، ويجوز دعوة الاجتماع العام لأغراض تعليمية كتنظيم الندوات وعرض الأفلام .
إن الاجتماعات السنوية العامة في بعض الجمعيات التعاونية غالباً ما تقتصر علي الطابع الرسمي الأمر الذي يبعث علي السأم في نفوس الأعضاء وأحياناً يكون نسبة الحضور لهذه الاجتماعات ضئيلة جداً فتجدهم مشغولين ص. 298 ص أثناء الاجتماعات بتجاذب بعض الحديث في أمورهم الشخصية وأحياناً نجد أن الذي يتولي الحديث في هذه الاجتماعات عضواً أو قلة بينما تظل البقية منكمشة علي نفسها ، إذن ما هي السباب لهذا كله؟ وما الذي يجب عمله لجعل هذه الاجتماعات شيقة ومفيدة بالنسبة للأعضاء ؟ وأكثر من ذلك فإن هذه الاجتماعات العامة تهدف أيضاً إلي تنمية الروح الديمقراطية في إدارة شئون الجمعية وروح التضامن بين الأعضاء وقـد يحدث في بعض الحالات أن ينقسم الأعضاء إلي تكتلات ... تتصارع للاستيلاء علي السلطة في الجمعية ، وفي هذه الحالة هل ترجع الخلافات في الرأي إلي الطريقة التي تسير بها الجمعية وأهدافها أم يرجع ذلك إلي أسباب أخري ؟ أن انتخاب مجلس الإدارة يأتي في الصدارة بالنسبة للواجبات المنوطة بها الجمعية العمومية فما هي القواعد التي تتبع لانتخاب مجلس الإدارة ؟ وما هي المبادئ التي يجب أن يسترشد بها الأعضاء عند انتخاب مجلس الإدارة ؟ وكل جمعية تعاونية تشمل علي بعض القواعد .. المتعلقة بالاجتماع العام فمثلاً من الذي له سلطة دعوة الاجتماع العام وما هي مدة الإخطار للاجتماع العام ؟ أن الإجابة علي جميع هذه الأسئلة موجودة باللائحة الداخلية للجمعية .
أن المبادئ العامة للإدارة التعاونية مقارنة بإدارة (20) المؤسسات التجارية الخاصة والمؤسسات الحكومية تختلف اختلافاً بيناً وواضحاً. فبينما نجد أن المؤسسات التجارية الخاصة تعتبر الحصول على أكبر ربح هو المقياس السائد، فإن الجمعية التعاونية لها حافزان: الربح والخدمة. إذ أن للمؤسسة الحكومية أيضاً حوافز الربح والخدمة وأيضاً حافز التنمية. ولكن المؤسسات تدار من أعلى، والجمعية التعاونية تتضمن عاملاً قوياً هو اشتراك أعضائها في إدارتها. ومن المؤكد أن مشاركة الأعضاء هو أهم سمات المؤسسة التي يجب أن يضعها في الاعتبار كل من يهتم بنشر الفكر التعاوني لأنه من صميم "الهوية التعاونية". ولقد فشلت الحركة التعاونية في كثير من الدول النامية لأن الفكر التعاوني قد فرض على الناس فرضاً، حيث نجد أن الأعضاء قد حصلوا على المسئوليات الاقتصادية ولم يحصلوا على المشاركة الضرورية في صنع القرارات أو الشعور الضروري بالمسئولية التضامنية،لاعتقاد البعض استحالة تعليم الفلاحين والمواطنين الأميين ليشاركون مشاركة فعالة في إدارة الجمعية التعاونية ولا اعتقد أن هذا صحيح، زد على ذلك فإن فكرة التعاون تتفق تماماً مع التنظيم التقليدي للمجتمع القبلي.
الديمقراطية التعاونية
إن التعاون نظام لتحرير الاقتصاد وإطلاق للقوى المنتجة من(21)عقالها وهو يمكن أن يكون الدواء الناجع لعلاج الكثير من المشكلات اليومية للسوق التي أصبحت اليوم مشكلات مزمنة بل أدت إلى اختناقات تموينية.. وفي آخر الأمر إلى ضائقة الغلاء.. بل أن الحركة التعاونية بما يمكن أن نضيفه من ثقافة جديدة في الوعي الزراعي والتجاري والإنتاجي، وبما تثري به المواطن من تجارب في المجالات الاقتصادية, وبما تبتدع من وسائل علمية لتطوير الإنتاج والعلاقات الإنتاجية، وبأثرها السلوكي على البناء القومي للمجتمع فإنها وسيلة حية لتعليم الشعب وتربيته. فالشعوب تتعلم بالممارسة وهي تتعلم أسرع عن طريق العمل الجماعي وبصفة خاصة عندما تكون وسيلة العمل الأساسية هي الديمقراطية التعاونية التي تتيح للأعضاء حرية التعبير عن الرأي وتساعد على التوصيل للقرارات الرشيدة عن طريق الحوار الهادف.. ثم هي تشعر الأعضاء بأنهم يصنعون مستقبلهم بأفكارهم وتخطيطهم ومجهودهم في العمل مما يجعل الوحدة في الفكر وفي العمل شاملة للتخطيط والتنفيذ. إن جوهر التعاون وطبيعته وظروف نشأته تقضي بحرية واستقلال ومساواة أعضاء التعاونية وتسيير ورقابة جمعيتهم التعاونية وهو ما يعبر عنه ويترجمه مبدأ الديمقراطية التعاونية الذي يعني الاعتراف بالسلطة العليا وعلي قدم المساواة لكافة الأعضاء الذين تكونت منهم ومن أجلهم الجمعية التعاونية فيكون لهم حق وسلطة قيادتها وتقرير مصيرها بحيث لا تكون حركة جمعيتهم مفروضة بواسطة سلطة خارجية وإنما تكون هذه الحركة خاضعة للإرادة الجماعية للأعضاء كما تكون معبرة عن مصالحهم ومشبعة لحاجاتهم المشتركة والتي تكونت الجمعية بغرض إشباعها أفضل إشباع ممكن. يتحقق ذلك في الواقع العملي عن طريق ممارسة الأعضاء لحقوقهم وسلطاتهم كمنتجين وزراعيين وكأعضاء تعاونيين من خلال تشكيلاتهم الديمقراطية وأهمها الجمعية العمومية ومجلس الإدارة. ولا شك إن الديمقراطية التعاونية تعتبر بمثابة الأصل التعاوني العام الذي يتعين احترامه كقاعدة عامة تحكم الجمعيات التعاونية بكافة أنواعها.

مستويات الإدارة في النظام التعاوني
مستوي الجمعية العمومية للمساهمين ، وهي أعلي قمة للإدارة في الحركة التعاونية حيث يتم فيها التصويت الحر المباشر علي مقترحات أو موضوعات يطرحها عضو ويتخذ القرار بناءً علي نتيجة الأغلبية المطلقة في الأصوات ويتعين علي جميع المساهمين الحاضرين الإدلاء بآرائهم وعلي الذين لا يوافقون علي إجماع الرأي (رأي الأغلبية) الامتثال له باعتبار أن رأيهم هو رأي الأقلية – كاعتماد لمبدأ الديمقراطية وتنفيذاً له ، هذا رغم أنه في بعض الأحوال لا يكون رأي الأغلبية في الجمعية العمومية صحيحاً أو لصالح أفراد دون صالح الجمعية خاصةً في البلاد النامية والشرق ، وفيه خصوصية القبلية والعلاقات الاجتماعية . حيث ربما يتخذ القرار بالأغلبية ، لمجرد العاطفة أو التعاطف ، أو الكرم ، أو نتيجة المعلومات المغلوطة أو الناقصة خاصة وأن أغلب الأغلبية (أمية) الي غير ذلك من الأسباب . وفي كل الأحوال علي الأقلية الامتثال لرأي الأغلبية وفقاً لروح الديمقراطية . ونذكر أن لكل مساهم (صوت واحد) مهما بلغت عدد أسهمه . علي عكس الشركات المساهمة في النظام الرأسمالي : (وهذا يعكس ديمقراطية العمل التعاوني المتمثل في صوت واحد للفرد مهما كانت عدد الأسهم) التي يمتلكها علي عكس مساهمي الشركات المساهمة أو شركات الأشخاص في النظام الرأسمالي .

مجلس الإدارة
إن الجمعية التعاونية هي ملك للأعضاء الذين يتساوون (22) جميعهم في المشاركة في إدارة شئون الجمعية التعاونية .ومع ذلك فأنة ليس من المعقول أن يقوم كل عضو بإعطاء توجيهات في جميع الأمور . كما انه من غير الممكن للأعضاء أن يعقدوا اجتماعات في كل ما يجب أن يعمل وما لا يعمل في كل وقت لتوجيه النشاط اليومي في الجمعية وحتي لو كان ذلك ممكناً فان الاجتماع العام لا يصلح مجالاً لمناقشة كل المسائل التي تتعلق بسير الجمعية بصورة مفضلة . ولهذا السبب تعمل كل جمعية علي انتخاب مجلس للإدارة من عدد محدود من أعضائها من السهل أن يجتمعوا فيما بينهم من وقت لآخر لمناقشة المسائل التي تعرض عليهم بواسطة الضباط التنفيذيين أو موظفي الجمعية أو أعضاء مجلس ألإدارة أنفسهم لكي يتخذوا قرارات بشأنها ويصدروا توجيهاتهم للموظفين عموماً لإدارة أعمال الجمعية وفقاً لما نصت علية اللوائح الداخلية وتوصيات الاجتماع العام . مجلس الإدارة بالجمعية التعاونية مفوض من الجمعية العمومية ومنتخب ، وأعضاؤه هم من بين المساهمين ، ويتم انتخابهم انتخاباً مباشراً بناءً علي ترشيحهم ويتراوح عددهم عادةً من (7 إلي 12 شخصاً) ; ويتوقف عددهم عادةً علي حجم الجمعية من حيث رأس المال والأهداف .ويتم انتخاب مجلس الإدارة لدوره أو أكثر ... أقلها سنة ، وقد تصل دورة مجلس الإدارة إلي أربعة سنوات . ويتم ترتيب الأصوات التي حصل عليها مرشح ويكون المجلس وفق أعلي الأصوات عدداً . وفي بعض الدول يكون من أصحاب الأصوات الأعلى للترتيب بعد مجلس الإدارة مجلس ظل يسمي (مجلس الرقابة) وتكون مهمته رقابية ويحل صاحب أكبر عدد من الأصوات في الاحتياطي محل أي عضو في مجلس الإدارة تنتهي عضويته لأي سبب كالاستقالة أو الوفاة مثلاً . وتعارف المجتمع التعاوني علي اختيار أفضل العناصر من بين المساهمين للقيام بمهام عضوية مجلس الإدارة ، وذلك من حيث حسن السيرة والعلاقات الحسنة والأمانة والموضوعية والعقل الرشيد . ولكن مع ذلك تأخذ بعض الدول بشروط يتم بناءاً عليها ترشيح العضو المساهم من بين المساهمين لمجلس الإدارة وتحدد ذلك في تشريعاتها التعاونية.
واجبات مجلس الإدارة :- (23)
• الإشراف علي أداء الجمعة لتحقيق أهدافها ويتضمن ذلك رسم السياسة التي تحقق هذه الأهداف التي من أجلها تم إنشاء الجمعية .
• تمثيل الجمعية نيابةً عن المساهمين مع كافة الأطراف في علاقات المجتمع المدني داخل البلاد وخارجها .
• التقاضي والمثول أمام السلطات الأمنية والجنائية والمدنية والمحاكم فيما يتعلق بأعمال الجمعية .
• اتخاذ القرارات في اجتماعات دورية بأغلبية أصوات أعضاء المجلس في الموضوعات ذات الصلة بأهداف الجمعية .

يكون مجلس الإدارة في أغلب الحالات من :-
1. رئيس ونائب له .
2. سكرتير ونائب له .
3. أمين صندوق ونائب له .
4. أمانات : -مثل ، أمانة للعلاقات العامة ... الخ ، وحسبما تقتضيه أعمال الجمعية .
ويتم شغل مناصب مجلس الإدارة (المكتب التنفيذي) بعد الانتخابات بنسبة عدد الأصوات في الانتخاب العام ، بالتراضي بعد تسمية منصب الرئيس والسكرتير وأمين الصندوق بالانتخاب الحر المباشر . ويتم العمل في مجلس الإدارة عبر اجتماعات دورية أسبوعية أو شهرية أو طارئة حسبما تحدده اللوائح الداخلية للجمعية . ويتم تدوين محاضر اجتماعات مجلس الإدارة في سجل يتضمن جدول الأعمال والقرارات المتخذة . ومجلس الإدارة هو واجهة المساهمين ، والمرجعية لهم عند طلب أي مساهم لمعرفة أي موضوع و يقدم له الرد عبر سكرتير مجلس الإدارة إذا كان لا ينتظر مساءلة المجلس في الجمعية العمومية . ويقوم مجلس الإدارة بعرض نتائج أعماله للجمعية العمومية للمساهمين والتي تعقد في نهاية كل سنة مالية ، ومن ذلك أن يعرض عليها الحسابات الختامية والميزانية العمومية مع خطاب الدورة ، ويقدم خطاب الدورة رئيس مجلس الإدارة . أما الحسابات فيقدمها أمين الصندوق ، أو جهة ذات اختصاص – ففي بعض الدول يقدمها مسئول من الجهاز الحكومي المشرف علي الجمعيات التعاونية : وفي دول أخرى يقدمها مراجع قانوني .

الإدارة التنفيذية
والإدارة التنفيذية هي مجموعة العاملين ويشمل طاقم العمل المهني المحترف الذي يعمل بأجر في مجالات تخصصات الإدارة التنفيذية التعاونية ويشمل شاغلي وظائف أهمها :-
1. المدير التنفيذي وسكرتارية له .
2. مدير المشتريات وموظفي المشتريات .
3. مدير المبيعات ووظائف المبيعات .
4. مدير المخازن ووظائف المخازن .
5. مدير الإنتاج ووظائف الإنتاج .
6. إضافةً إلي وظائف عمالية مثل الخفراء والفراشين والسائقين والمراسلات وفي بعض الحالات يتولى أعضاء مجلس الإدارة رئاسة العمل التنفيذي ، وفي أخرى يتولى الأعضاء الإشراف والرقابة علي مديري الإدارة التنفيذية ويتعاون معهم في تسيير مهام الإدارة .

مهام الإدارة التنفيذية :-
يتلخص مهام الإدارة التنفيذية في تسيير دولاب العمل في المؤسسة التعاونية لصالح جماعة المساهمين – ووفقاً لسياسات مجلس الإدارة المنتخب من بين المساهمين – وتسيير العمل بمهنية متخصصة وفقاً للأصول العلمية حيث يوجد تخصص محاسبي وتخصص مشتريات وتخصص مخازن وتخصص مبيعات ... الخ مع مراعاة تنفيذ القوانين المحلية السارية في المجتمع ، مثل قانون (الصحة) و (البلدية) ... الخ وذلك إضافةً إلي قانون التعاون الساري وقرارات مجلس الإدارة .وتعمل الإدارة التنفيذية علي الوصول لأهداف الجمعية التي تمثل وتحقق أغراض المساهمين بأقل تكلفة ممكنة وأكبر كفاءة وأقصر زمن ممكن . ويعني ذلك تنظيم مدخلات العمل من قبل الإدارة التنفيذية من الجهود البشرية والآلات والخامات ورؤوس الأموال وفقاً للمعايير المهنية للكفاءة الإدارية (أقل تكلفة + أجود منتجات أو خدمات × أقصر زمن) .
وتكمن جوانب ديمقراطية الإدارة في الإدارة التنفيذية في :-
1. وضوح القوانين واللوائح المنظمة للعمل .
2. عدم تناقض قرارات مجلس الإدارة .
3. التنظيم المالي والإداري الجيد للجمعية .
4. عدم تداخل أعمال مجلس الإدارة مع أعمال الإدارة التنفيذية .
5. توفر قدر من الكفاءة في شاغلي مقاعد الإدارة التنفيذية .
6. توفر قدر من الثقة بين قيادات الإدارة التنفيذية مع بعضهم البعض ، ومع مجلس الإدارة من ناحية أخرى .
7. عدم تعالي وسيادية أعضاء مجلس الإدارة علي أعضاء الإدارة التنفيذية .
8. منح أعضاء الإدارة التنفيذية حقوقهم الواضحة الأدبية والمالية ليتفرغوا لمهامهم وفقاً لضوابط محددة سلفاً مع ضمانات قانونية تحميهم من تعسف أعضاء مجلس الإدارة .

الانتخابات الديمقراطية الحرة (24)
لجأت الحركة التعاونية في بريطانيا ، بعد نيف ومائة عام من الخبرات أو التجارب ، إلي عدة طرق تتبع لضمان انتخاب أصلح الأشخاص لعضوية مجلس الإدارة . فبعض الجمعيات كانت تطلب من كل مرشح أن يوافيها ببيان عن أهدافه ومؤهلاته ، ثم تقوم بطبع هذا البيان علي نفقتها الخاصة ، وتوزعه علي الأعضاء ، وبعضها كان ينظم عقد اجتماعات خاصة قبل اجتماع الجمعية العمومية التي ستقوم بانتخاب مجلس الإدارة ، فيدعو الأعضاء لحضور الاجتماعات ثم يقوم المرشحون بإلقاء كلماتهم ، ثم تعطي لأعضاء الجمعية فرصة سؤالهم ثم يعطون أصواتهم لمن يعتقدون أنه أصلح للقيام بأعباء المنصب . وقد نبذة غالبية الجمعيات التعاونية البريطانية عادة ترشيح أسماء الأعضاء لعضوية مجلس الإدارة انتخابهم في نفس الجلسة ، وصارت تطلب ممن يرغبون في ترشيح أنفسهم للعضوية أن يقيدوا أسمائهم قبل حوالي شهر من تاريخ اجتماع الجمعية ، بل أكثر من هذا عمدت إلي أن تذكر أسماء المرشحين ومن يزكون ترشيحهم مع بطاقة توجيه الدعوة إلي الاجتماع الذي سيجري فيه الانتخاب ثم يقوم سكرتير الجمعية بفحص الترشيحات والتأكد من أنها سليمة وأنها تمت طبقاً للقوانين التعاونية والنظم الداخلية للجمعيات وعندما تعقد اجتماعات الجمعيات العمومية تؤخذ الأصوات بطريقة الاقتراع السري. وتلجأ بعض الجمعيات التعاونية الإنجليزية إلي وضع صناديق الانتخاب في الجمعيات قبل موعد عقد جلسة الجمعية العمومية بيوم أو يومين حتى يتسنى للأعضاء أن يدلوا بأصواتهم عند ترددهم علي الجمعية ، أو عند ما تسنح الفرصة ؛ ولزيادة ثقة الأعضاء بعدالة الانتخابات رأت أن يكون لديها مراقبون للصناديق لمراقبة الأعضاء وهم يدلون بأصواتهم ؛ وأطلقت عليهم اسم Scratineers ، ووكلت إليهم القيام بعد الأصوات في الجمعية العمومية تحت إشراف رئيس الجلسة. بل لجأ النظام التعاوني في بريطانيا الي امتحان المرشحون لأعضاء مجلس الإدارة ‘ وفي ذلك يقول " بروفوسور هل " أن طلب امتحان لعضوية مجلس الإدارة في الجمعيات التعاونية في إنجلترا قد ازداد بإلحاح خلال السنوات الأخيرة ، لذلك يقوم الإتحاد التعاوني البريطاني بإعطاء دراسات تؤهل العضو لأن يكون أكثر فهماً للواجبات الملقاة علي عضو مجلس الإدارة ، وتقام هذه الدروس بمدارس في نهاية الأسبوع Week end Schools أو عن طريق تنظيم فصول خاصة لأعضاء مجلس الإدارة المرتقبين ، ثم يعقد بعد ذلك امتحان للأعضاء لمعرفة مدي ما استفادوه من هذه الدراسات ، فإذا اجتاز المرشح الامتحان بنجاح كان ذلك دليلاً علي أنه أكثر نفعاً للجمعية من غيره . والرأي الغالب أن نجاح العضو في مجلس الإدارة يعتمد علي صفات كثيرة لا يمكن معرفتها عن طريق الامتحان ، فهي مثلاً لا تعتبر درجة ولاء الشخص وإنما تعرف درجة هذا الولاء بالنظر إلي مشتريانه وأفعاله كذلك لا توضح لنا هذه الاختبارات شيئاً عن أمانته ، أو عن قوة روحه التعاونية فهو قد ينجح في الامتحان ومع ذلك لا يكون أميناً ، أو متحلياً بروح تعاوني حق . لذلك يحسن أن يبذل الأعضاء بعض الجهد في الاستعلام والتحري عن الذين سيضعون في أيديهم أمور جمعيتهم ، وعلي ضوء ما سيفر عنه تحرياتهم واستفساراتهم ، يستطيعون انتخاب الأصلح من بين الذين اجتازوا امتحان الدراسات المنظمة.

يري الكثيرون في بريطانيا أنه ينبغي أن يفسح للمرأة مجال أوسع في مجلس إدارة الجمعيات التعاونية لتدخل عضواً فيها ، فإن أهداف المرأة تتلاقي مع أهداف الحركة التعاونية الاستهلاكية في (25) كثير من النواحي بذلك لأن الحركة التعاونية الاستهلاكية تهدف في جملتها إلي توفير احتياجات الأعضاء من مأكل وملبس وأدوات منزلية ومسكن وما إلي ذلك من أنواع السلع والخدمات الاستهلاكية بأسعار في متناول مقدرة الأعضاء المالية وهذه السلع والخدمات تتصل بمهام ربة البيت من حيث يقع علي عاتقها العمل علي توفير أعلي قدر من الرفاهية لأعضاء الأسرة في حدود دخلها ، ومن ثم يرون أنه يجب أن يمتد نشاط المرأة حتى تشارك مشاركة فعالة في الحركة التعاونية الاستهلاكية عن طريق الانضمام إلي عضويتها والعمل في اللجان المختلفة بها، وترشيح نفسها لعضوية مجلس الإدارة إذا توافرت لديها الكفاية لأداء الواجب . ولقد قامت المرأة بنصيب فعال في الدولة التي تقدمت فيها الحركة التعاونية الاستهلاكية ففي إنجلترا وهي مهد التعاون الاستهلاكي " تعتبر المرأة عضواً في غاية الأهمية لتقدم الحركة التعاونية الاستهلاكية " ويطلق عليها هناك والمرأة ذات السلة The Woman with the Basket ويلاحظ أن الدور الذي تقوم به يتسع رويداً رويداً ، فقد دلت إحصاءات الهيئة النسائية التعاونية Woman’s Cooperative علي أن 117 من أعضائها أعضاء في مجلس إدارة الجمعيات و 192 أعضاء في اللجان التعليمية ، وأن لها عضواً في كل من الحزب التعاوني البريطاني ، والجمعية المتحدة للخبر ، والاتحاد التعاوني البريطاني ، أما شعار هذه الهيئة التعاونية النسائية الذي تنادي به دائماً في حملاتها فهو " أسعار مخفضة ... وعائد أقل " .
وتقول مسز فلورنس Mrs. Florance نائبة (26) جمعية لندن التعاونية ، وهي تضم مليون عضو: إن كثير من الخدمات الاجتماعية التي تعمل الآن في خدمة الجمهور كانت بفضل جهود هذه الهيئة علي مر السنين. وقد تأسست الهيئة التعاونية النسائية عام 1882 ، ولها فروع محلية وهي تهدف إلي خلق راي عام في صالح الحركة التعاونية كما تعمل من أجل السلام. ويقول هل – ووتكنز " إنه لا توجد هيئة ساعدت علي نشر الحركة التعاونية في بريطانيا مثل الهيئات النسائية ، فقد كانت تفتح أبوابها لجميع النساء من جميع الطبقات ، وأدت خدمات جليلة للطبقات العاملة من النساء ، وهيأت لهن أن يأخذن مكانهن اللائق بهن تحت الشمس ، وقد ساعدتهن الحركة التعاونية فخصصت لهن مكاناً في مجلتها ( ركن المرأة ) وقد ساعدت هذه الهيئة علي أخذ بيد المرأة ورفع مستواها الأدبي في جميع أطوارها ، سواء أكان ذلك في المنزل أم في الحانوت ، أم في المصنع ، أم في الحكومة ، ووجهت نظر الحكومة إلي وضع قوانين لحماية المرأة ودعون إلي عدم حرمان الأطفال من التعليم الذي يحول دونه العمل ف المصانع ، وشاركت في الجهود التي بذلت لأعضاء المرأة حتى الانتخاب .
مدة العضوية بالمجلس : تنص القوانين النظامية للجمعيات علي مدة العضوية في مجلس الإدارة بحيث لا تتجاوز فترات معينة ، وتلجأ بعض الجمعيات إلي أن تجري انتخاب أعضاء المجلس بمعني أنه لا ينبغي أن ينتخب أعضاء المجلس جميعاً مرة واحدة ، بل ينبغي أن ينتخب بعضهم في الاجتماع الذي يعقد في شهر يناير ، والبعض في الاجتماع الثاني الذي يعقد في شهر أبريل ، والبعض الاجتماع الذي يعقد في شهر يوليو والآخر ينتخب في الاجتماع الذي يعقد في شهر أكتوبر . والسبب في ذلك أنهم يريدون أن يوجهوا اهتمام الأعضاء إلي اجتماعات الجمعية العمومية ومتى تنعقد هناك أربع مرات سنوياً . والغالبية العظمي من الجمعيات التعاونية في بريطانيا ليست من أنصار بقاء أعضاء مجلس الإدارة في مناصبهم فترة طويلة وذلك حتى لا يظل هؤلاء الأعضاء قابضين علي زمام الوظائف في المجلس لا يتغيرون ولا يتبدلون ، وذلك خشية أن تكون إدارة بعضهم للجمعية غير سليمة . لذلك حاولت بعض الجمعيات بالإضافة إلي تجزيء الفترات التي ينتخب فيها أعضاء المجلس اقتراح استخدام عدة وسائل تنظيمية في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة منها أنه إذا كان عدد أعضاء مجلس الإدارة سبعة مثلاً، أن ينص في القوانين النظامية علي أن تنتخب الجمعية العمومية الأولي للمؤسسين بعد النشر عن الجمعية – ثلاثة أعضاء من الأعضاء السبعة لمدة سنة وعضوين لمدة سنتين وعضوين لمدة ثلاثة سنوات ، وبعد ذلك يجدد انتخاب المقاعد التي تنتهي مدتها لمدة ثلاثة سنوات . ولتبيين هذا النظام ينتخب سبعة أضاء في السنة الأولي ، وثلاثة أعضاء في السنة الثانية وعضوان في السنة الثالثة ، وعضوان في السنة الرابعة ثم يتوالي تكرار الانتخاب بعد ذلك سنوياً طبقاً لهذه الأعداد 3-2-2 وهكذا دواليك. و تنتخب الجمعية العمومية أربعة من سبعة لمدة سنة ، وثلاثة الآخرين لمدة سنتين ثم يعاد انتخاب المقاعد جميعها بعد نهاية مدتها لمدة سنتين ، أي أن المقاعد في التجديد أن يتم دورياً كل سنتين . ومن قبيل الاستثناء يحدد نصف عدد المقاعد تقريباً بحيث تكون مدة الانتخاب الأول لها عام واحد . ولتطبيق هذا النظام ينتخب سبعة أعضاء في السنة الأولي وأربعة في السنة الثانية وثلاثة في السنة الثالثة ، ثم يتوالي الانتخاب بعد ذلك في السنتين المتعاقبة 3- 4 وهكذا دواليك.
وهناك طريقة أخرى ينص عليها القانون النظامي للجمعية ، وهي تقسيم مقاعد أعضاء مجلس الإدارة إلي أنواع ، النوع الأول تكون مدة عضو مجلس الإدارة فيه عاماً واحداً ، والنوع التالي تكون مدة العضوية فيه عامين ، والنوع الثالث تكون مدة العضوية ثلاثة أعوام ، فإذا كان عدد أعضاء مجلس الإدارة في الجمعية مثلاً خصصت ثلاثة مقاعد ينتخب من يرشحون لشغلها مدة سنة ثم تنتهي عضويتهم في نهاية السنة ، ويكون علي الجمعية العمومية في اجتماعها السنوي أن تعيد انتخاب أو تستبدلهم بغيرهم ، ويخصص مقعدان ينتخب من يرشح لشغلها لمدة سنتين ، أي أن مدة عضويتهما في المجلس تستمر عامين ، وفي نهاية هذه المدة يكون علي الجمعية العمومية في اجتماعها السنوي أن تعيد انتخابهما أو استبدالهما بعيرهما ، كذلك يخصص مقعدان ينتخب من يرشح لشغلها مدة ثلاثة سنوات ، أي أن مدة عضويتها بالمجلس تستمر لمدة ثلاثة سنوات ، وفي نهاية هذه المدة يكون علي الجمعية العمومية في اجتماعها السنوي أن تعيد انتخابهما أو تستبدلهما بغيرهما . ولتطبيق هذا النظام ينتخب سبعة أعضاء في السنة الأولي ، وينتخب ثلاثة أعضاء في السنة الثانية ، وخمسة أعضاء في كل من السنوات الثالثة والرابعة والخامسة ، وثلاثة في السنة السادسة ثم يتولي بعد ذلك تكرار انتخاب أعضاء مجلس الإدارة في الجمعيات العمومية علي التوالي الستين طبقاً للأعداد الآتية : 7 – 3 – 5 – 5 – 5 – 3 وهكذا وهكذا دوليك. قد تكون هذه الطريقة معقدة بعض الشيء ، ولكنها أفضل من غيرها لما تتمتع به من مميزات كثيرة . فإنها تحول دون أن يتغير أعضاء مجلس الإدارة جميعاً عقب السنة الأولي ، ومن ثم يمكن تجنب الوقوع في أخطاء سبق ارتكابها وهي ناحية أخري تمنع استمرار أعضاء مجلس الإدارة جميعاً مراكزهم مدة طويلة ، كما تسمح في نفس الوقت من تجربة أشخاص جدد كل سنة لمدة عام واحد ، فإذا أثبتوا جدارة في القيام بأعباء وظائفهم استطاع أعضاء الجمعية انتخابهم بعد ذلك في المقاعد ذات المدة الأطول.
وتنص معظم الجمعيات التعاونية التجزيئية في بريطانيا قوانينها النظامية علي أن تكون مدة العضوية لمجلس الإدارة أما سنة أو سنتين ، هناك كثير من الجمعيات لا تسمح لعضو مجلس الإدارة أن يستمر في مقعدة في المجلس مدة ستة سنين متتالية ـ وبعد مضي فترة معينة تتراوح بين الستة أشهر وسنة يسمح له بأن يرشح مرة ثانية. والواقع إن التغيير الكثير في أشخاص مجلس الإدارة مع توافر الكفايات اللازمة ، ليس في مصلحة الجميع ، لأنه يعرقل سير تقدم الجمعية في سياستها المرسومة ، ثم إن أعضاء مجلس الإدارة الذين يعملوا في فترة معينة وتتوفر فيهم الكفايات اللازمة تسود بينهم روح الفريق في العمل كما هو المرغوب فيه والمطلوب داخل المجلس ، كما إنهم يكتسبون مزيداً من الخبرات والبصر بأمور الجمعية ومشاكلهم . وهذا يجعلهم أكثر من غيرهم علي حلها ولذلك يجب أن لا تلجأ الجمعيات العمومية إلي تغيير أعضاء مجالس إداراتها إلا أذا تبين لها وجود عناصر أصلح وعلي استعداد أقوي للمساهمة في نجاح الجمعية وتقدمها ويلاحظ كذلك أو من المحتمل وصول بعض الأشخاص إلي عضوية مجلس الإدارة ، ثم لا يكون بعد ذلك نشاط في الجمعية وهؤلاء يجب علي الجمعية العمومية أن تعمل علي استبدالهم بغيرهم .

أما ما يقال عن المدة القصيرة من أنها لا تساعد علي رفع مستوي الكفاية في الجمعية ، فهو مردود بأنه إذا أظهر أعضاء مجلس الإدارة الذين يشغلون مراكزهم لفترة قصيرة كفاية في العمل واستعداد للمضي فيه ، فليس ما يمنع أعضاء الجمعية عند إنتهاء الفترة إعادة انتخابهم مرة وأثنين وثلاثاً ومن ثم أري أن لا تضمن القوانين النظامية للجمعيات التعاونية للاستهلاك وجوداً تمنع مثل هذا التكرار ، كما ويجب أن يأخذ في الاعتبار أنه كما كانت مدة العضوية في مجلس الإدارة قصيرة ، كان ذلك أقرب إلي مفهوم الديمقراطية . وهنا من يري أنه لا إذا نصت القوانين النظامية للجمعيات علي بقاء أعضاء مجلس الإدارة لمدة طويلة وكانت تصرفات المجلس لا تحوز ثقة الأعضاء فإن في وسعهم أن يقترحوا قراراً بلوم المجلس Vote of Censure فإذا حاز الاختراح أغلبية الأصوات ، وجب علي المجلس أن يستقيل إذا كان يحترم نفسه . كما يري أنه إذا كان هناك بعض أعضاء المجلس قد تمنعهم ظروف السن أو الصحة من القيام بواجباتهم بصورة فعالة ، فإنه يمكن التغلب علي ذلك عن طريق النص في القوانين النظامية علي أن الأعضاء الذين بلغوا سناً معينة يمنعون من ترشيح أنفسهم في المجلس حتى نهاية العام . غير أن هناك أيضاً من يميل إلي استثناء ذوي الكفايات من أعضاء مجلس الإدارة من شروط السن إذا كانت حالتهم الصحية تمكنهم من القيام بأعباء وظائفهم.


الفصل الثالث
البنيان التعاوني
يعتبر التعاون في ما يتعلق بمكانة التعاون في التركيب الهيكلي لأجهزة الدولة قسماً تابعاً لإدارة قطاع الخدمات. الخلاصة أن الحركة التعاونية وضعت في قطاع الخدمات تركيزا علي نشاطها الخدمي مما أدي الي إهمال النشاط الإنتاجي لحركة التعاونية وعدم التركيز. ولقد أدي هذا الوضع الشاذ الي التركيز علي الجانب الخدمي للتعاونيات وأفقدها علاقاتها مع القطاعات الأخري و التي تتشابه مع منا شطها. فالواقع التعاوني يؤكد عدم وجود صلات حقيقية واضحة للحركة التعاونية بقطاع الصناعة بالرغم من وجود التعاونيات الحرفية، وصلتها بقطاع الزراعة ضعيفة بالرغم من أنها تضم تعاونيات زراعية منتجة. هذا قبل ظهور "الإنقاذ" أما بعدها فلقد التعاون وخاصة التعاون الزراعي حتي تلك الأهمية النسبية التي كان يتمتع بها سابقا.
تنقلت تبعية الجهاز الحكومي الديواني للحركة التعاونية بين الوزارات ... منذ إنشائه وفيما يلي التطور لذلك :- السكرتير الإداري - وزارة الحكومات المحلية - وزارة الشئون الاجتماعية والعمل - وزارة التخطيط الاقتصادي - وزارة التجارة والتعاون والتموين - وزارة التعاون والتنمية الريفية - وزارة المالية والاقتصاد الوطني - وزارة التعاون - وزارة التجارة والتموين - وزارة التجارة والصناعة - وزارة التجارة الخارجية (حالياً) . وفي حالة التبعية للوزارات يتعدل الاسم فتارة مصلحة التعاون وتارة قطاع التعاون ... الخ الآن الأمانة العامة للتعاون.
الجهاز الإداري الحكومي المختص بالتعاون "الأمانة العامة للتعاون" (27)
• الإدارة القانونية والتسجيل: ومهمتها تسجيل الجمعيات التعاونية وإصدار شهادات التسجيل والنظر في الموضوعات القانونية ذات الصلة بالعمل التعاوني الشعبي والحكومي – وللمسجل سلطات قضائية .
• إدارة المتابعة والعمل الميداني : وهي أم إدارات العمل التعاوني : من حيث المهام أو عدد العاملين في الجهاز الإداري الحكومي التعاوني . وتتلخص مهمتها في متابعة الجمعيات التعاونية ونموها بداءً بإجراءات التكوين وإنتهاءً بالجمعيات العمومية – وانتخاب مجالس الإدارات .
• إدارة الخدمات التعاونية : وتتلخص مهمتها في تقديم كافة الخدمات التي تحتاجها كل إدارات الجهاز الحكومي التعاوني : مثل العربات والوقود والإنارة والمياه ومشتريات الأوراق وطباعة الأرانيك التعاونية وتوزيعها والتجهيز للمأموريات والمشاركة فيها ..الخ .
• إدارة التوعية التعاونية والتدريب: ومن مهامها الإعداد للسمنارات والمؤتمرات والندوات التعاونية والإشراف علي البرامج الإذاعية والتلفزيونية ذات الصلة بالعمل التعاوني ومساعدة المدارس والمعاهد التي تهتم بالتدريب التعاوني ونشر الكتيبات التعريفية بالعمل التعاوني وإعداد التقرير السنوي للأداء التعاوني الحكومي والشعبي علي مستوي الدولة والمشاركة في تمثيل العمل الحكومي التعاوني داخل وخارج البلاد .
• إدارة شئون العاملين : وتهتم بالعنصر البشري داخل ديوان الجهاز الإداري التعاوني الحكومي ابتداءً من التعيين والتدريب والعلاوات والمرتبات والإجازات وفوائد ما بعد الخدمة والتنقلات وتوقيع الجزاءات في المخالفات ... الخ
• إدارة الحسابات والمراجعة : وتهتم بحسابات المرتبات والتسيير الخاصة بالعمل التعاوني حسب فصول الميزانيةوتنقسم الإدارة لقسمي الحسابات والمراجعة ومن قسم المراجعة تحصل الجمعيات علي
وتعتبر دراسة الجهاز الإداري الحكومي (28) المختص بالتعاون "أمانة التعاون" وإعادة تنظيميه ظاهرة مستمرة ومتكررة في الإدارة العامة علما إنه ليس هناك أسلوب علمي محدد حول كيفية عمل التنظيم وإعادة التنظيم الإداري لأي جهاز إداري، لكن هناك مبادئ وأسس عامة في أدبيات الإدارة، ونظريات التنظيم الإداري، يسترشد بها خبراء التنظيم عند إعداد تنظيم أي جهاز إداري جديد، أو إعادة التنظيم والهيكلية الإدارية لأجهزة الدولة بشكل شامل أو لجهاز قائم بحد ذاته. وقد ركزت نظريات التنظيم الإداري الأولى على الفاعلية الإدارية كهدف وحافز رئيسي لإعادة التنظيم بينما تركز النظريات الحديثة على أن الهدف والحافز الرئيسي وراء عملية التنظيم وإعادة التنظيم في الجهاز الإداري الحكومي هو سياسي بالدرجة الأولى. ويتمثل ذلك في إبراز أولويات الحكومة، وتوحيد السياسات العامة، وتحسين كفاءة البرامج، وإعادة توزيع السلطة داخل الجهاز، وتغيير في المستويات الإدارية لبعض الإدارات، وخلق وظائف جديدة، وإعادة توزيع للموارد المالية والبشرية لتتناسب مع الأوضاع الجديدة ولتسهل وتسرع من عملية اتخاذ القرارات. ومن الضرورة تنظيم أجهزة الإدارة الحكومية الحديثة بأسلوب علمي حديث بحيث تكون لديها القدرة والمرونة الكافية لتحويل خطط وبرامج الحكومة المختلفة إلى نتائج واقعية وملموسة وتستطيع أن تستجيب بالسرعة المطلوبة والوقت المناسب لاحتياجات الأفراد والمجتمع وحل مشاكل البيئة التي تعمل بها. ويجب التأكد في هذا المجال من أن التنظيم وإعادة التنظيم عملية مستمرة ومتحركة وليست عملية ثابتة أو جامدة تهتم فقط بتفويض السلطات، ورسم الهيكل التنظيمي، ووصف الوظائف وهي بالطبع أشياء مهمة بل يجب أن تركز اهتمامها في تصميم هيكل تنظيمي مرن يسهل من رسم السياسات وتنفيذ الخطط والبرامج واتخاذ القرارات الإدارية المعقدة والمهمة بالسرعة المطلوبة والوقت المناسب. خصوصا وأنها تعمل في بيئة عمل سريعة الحركة والتقلبات والتغيير، هذا بالإضافة إلى ضمان وجود عامل الكفاءة والفاعلية الإدارية ورضا العاملين والموظفين في الجهاز الإداري.

البنيان التعاوني الشعبي
تأسيس التعاونيات
ومن المؤكد أن مشاركة الأعضاء هو أهم سمات المؤسسة التي يجب أن يضعها في الاعتبار كل من يهتم بنشر الفكر التعاوني. ولقد فشلت الحركة التعاونية في كثير من الدول النامية لأن الفكر التعاوني قد فرض على الناس فرضاً، حيث نجد أن الأعضاء قد حصلوا على المسئوليات الاقتصادية ولم يحصلوا على المشاركة الضرورية في صنع القرارات أو الشعور الضروري بالمسئولية التضامنية. وكثيراً ما ماقيل علي أنه من المستحيل تعليم الالمزارعين الأميين كيف يشاركون مشاركة فعالة في إدارة الجمعية التعاونية. ولا اعتقد أن هذا صحيح. زد على ذلك فإن فكرة التعاون تتفق تماماً مع التنظيم التقليدي للمجتمع القبلي. وفي رأي فليس هناك معنى لمحاولة إنشاء (29) حركة تعاونية، ما لم يكن من الممكن دفع أعضائها إلى العمل بطريقة إيجابية. وبالتالي فإن الشروع في إقامة جمعية عملية بطيئة فالأعضاء يحتاجون إلى وقت أطول للتعود على فكرة المشاركة ولكن لا داعي للعجلة. وكثير من البرامج الطموحة جداً والتي نفذت بأسرع مما يجب أساءت لإسم التعاونيات في كثير من الدول النامية. وثمة أهمية أخرى لمشاركة الأعضاء هي أن عدد أعضاء كل جمعية يجب أن يكون محدوداً والحقيقة التي تذكر دائماً هي أنه توجد كثير من المشاحنات بين مجموعات الأعضاء إذا كانت الجمعية أكبر مما يجب، و النتيجة هي انعدام المسئولية تجاه الجمعية.

ويتوقف نجاح الجمعيات التعاونية إلى (30) حد كبير علي مدى دقة وشمول عمليات البحث أو الدراسة التي قد تسبق عملية تكوينها أو إنشائها ، فكلما تعددت النواحي التي تمسها عمليات البحث أو الدراسة من ناحية ، وكلما كانت الدقة والأمانة هما رائدا القائمين بالاشراف علي هذه العمليات أو تنفيذها من ناحية أخرى ، كلما أمكن تجنب الكثير من الأخطاء , والقضاء علي الكثير من العوامل الهدامة ، التي تسببت فيما مضي في فشل عشرات ، بل مئات الوحدات من الجمعيات التعاونية . ولا تقتصر النتائج السيئة لفشل العمل التعاوني علي مجرد الخسارة المادية أو الأدبية التي قد تلحق بالأعضاء المعنين به بصورة مباشرة فحسب ، بل أنها كثيرا ما قد تتعدي ذلك أيضا إلي إشاعة جو من عدم الثقة في مدي قدره التعاونيات علي تحقيق أهدافها ، ومن شأن مثل هذا الأمر أو ذاك أن يؤدي في النهاية إلي عزوف الأفراد أو الهيئات ، عن مساندة الحركة التعاونية أو تعضيدها من ناحية ، تماماً كما وقد يؤدي كذلك أو بالمثل إلي نجاح التجار أو الوسطاء الرأسماليين ، في التشهير أو التنديد بقدرتها من ناحية أخرى . هذا ماحدث للحركة التعاونية السودانية ، والتي فقدت نتيجة للتجارب الخاطئة بقيام تعاونيات ضعيفة وعلي أسس غير سليمة وغير علمية وبعيدة عن الواقع ، وخاصة في التعاون الزراعي. ويرجع ذلك بصورة أساسية لغياب الرؤيا السياسية العميقة النافذة ، والتصور العلمي السديد ، ثم بعد ذلك تأتي بقية الأسباب والتي تعتبر في وجهة نظرنا أسباب تابعة للسببين السابقين كما سنري لاحقا. يخضع تأسيس التعاونيات واتحادتها للإجراءات القانونية التي يتم تبسيطها (31) من خلال "الدليل في تأسيس التعاونيات و تكوين ملفات طلبات الترخيص لذلك تهتم الدول بهذا لأنه يتضمن مسلسل تأسيس التعاونيات واتحاداتها في مرحلة ما قبل التأسيس كما يركز علي الاهتمام بالتوعية والتثقيف من خلال الاجتماعات التمهيدية قبل وإتباع الحكمة التعاونية "أعدوا التعاونيين قبل إنشاء التعاونيات". إذا تم ذلك بكفاءة فلا شك إن مرحلة التأسيس سوف تكون ناجحة وسف يتم تكوين الجمعية العامة ا لتأسيسية و إجراءات ا لترخيصبصورة علمية صحيحة. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الوثائق ا لواجب تضمينها في ملف طلب الترخيص للتعاونية أو الاتحادوهي: ورقة الحضور في الاجتماع العام التأسيسي، ومحضر مداولات الاجتماع العام التأسيسي، والنظام الاساسي ولائحة تنظيم العمل، واللائحة الداخلية ، ثم شهادة إيداع رأس المال في أحد البنوك. بالاضافة الي الوثائق الخاصة مثل شهادة ممارسة المهنة وشهادة الإعفاء من الضريبة الحضرية او شهادة عدم ملائمة أو السكن بالنسبة لتعاونيات الإسكان. ولأن ا لمؤسسة التعاونية مشروعا اقتصاديا و اجتماعيا و تربويا وبالتالي فان العضو لا يعتبر شريكا فحسب يساهم بتقديم حصة مالية أو عينية بل متعاونا أي انه يشارك في نشاط التعاونية التي ينتمي إليها و يملكها أموالا أو خدمة أو عملا و تحدوه إرادة التضامن مع أعضائها. ومن أهم ما يخطر ببال الراغب في إنشاء تعاونية أو اتحاد هو التساؤل عن كيفية تكوينها والوثائق الواجب تضمينها في ملف طلب الترخيص, لهذا فان دور الدليل هو الإجابة عن هذا التساؤل وذلك بتوضيح الإجراءات الواجب القيام بها.
التأسيس الجيد والسليم للتعاونيات يساهم في خلق البنيان التعاوني الشعبي الذي يتكون في السودان من أربعة مستويات:- الجمعيات التعاونية الأولية في الأحياء والقرى، الاتحادات التعاونية علي المستوي المحلي، الاتحادات التعاونية علي المستوي والولائي،الاتحاد التعاوني علي مستوي القطر (الاتحاد التعاوني القومي). بالإضافة إلي ذلك توجد ثلاث إتحادات تعاونية متخصصة وهي: أ- الإتحاد التعاوني الحرفي(ولاية الخرطوم ومقره الخرطوم). ب- الإتحاد العام النوعي التعاوني لمنتجي الأصماغ الطبيعية ومقره الخرطوم. ج- الإتحاد التعاوني للتجاريين ومقره أمدرمان. ولتوضيح الصورة لذهن القارئ نفيد بأن السودان مقسم إلى ولايات (25 ولاية) وكل ولاية إلى محليات (110 محلية) ويوجد في العاصمة الاتحادية الخرطوم الاتحاد التعاوني القومي والإتحاد التعاوني الولائي لولاية الخرطوم وهذا بدوره يتكون من اتحادات محلية وهي: الاتحاد التعاوني لشرق النيل – والاتحاد التعاوني غرب النيل – والاتحاد التعاوني بين النيلين وتحت كل اتحاد محلي قاعدته من الجمعيات في أحياء المحلية. وهكذا في كل محليات ولايات السودان، وجملة البنيان نحو(135) اتحاداً. من البديهي والمفترض أن تكون مجالس إدارات الاتحادات التعاونية منتخبة من عضويتها القاعدية بمعني أن مجلس إدارة الاتحاد علي مستوي القطر منتخبة من مجالس إدارات الاتحادات الولائية، كما أن عضوية مجالس الاتحادات الولائية منتخبة من أعضاء مجالس إدارات الاتحادات المحلية في كل ولاية، ولكن هذا لم يحدث منذ عام 1989 إلا في قلة من الاتحادات المحلية الولائية.
يتكون البنيان التعاوني من :-
4. الجمعيات الأولية في الأحياء والقرى .
5. الاتحادات التعاونية في المستوي المحلي والولائي .
6. الاتحاد التعاوني علي مستوي القطر (الاتحاد التعاوني القومي) .
الغرض من البنيان التعاوني :-
يتضح الغرض من خلال تكوينه فهو حلقة هرمية تمددت عضويته في سلسلة .. تشكل صورة مكتملة للحركة التعاونية السودانية تهدف لتوفير الاحتياجات للقاعدة مثل المعدات التكنولوجية والبذور المحسنة والأسمدة ... والسلع ... الخ ، ويمكن تلخيص مهام الاتحاد علي مستوي القطر (الاتحاد التعاوني القومي) في :-
8. المساهمة في تنفيذ خطة الدولة في القطاع التعاوني .
9. تجميع العمل التعاوني والنظر في المسائل التي تواجهه بهدف إيجاد الحلول .
10. المساهمة في نشر الحركة التعاونية ودعمها وربطها بالجماهير وإيجاد القيادات الصالحة .
11. إسداء الرشد بالنصيحة نحو تطوير الحركة التعاونية .
12. التنسيق بين الاتحادات التعاونية وإدارة العمل التعاوني الحكومي في المسائل الخاصة برعاية الجمعيات التعاونية .
13. تبادل الخبرات علي النطاق الدولي والإقليمي وتشجيع ورعاية الدراسات التعاونية .
14. العضوية نيابةً عن الحركة التعاونية القومية في الحلف التعاوني الدولي .

وبديهي أن مجالس إدارات الاتحادات التعاونية منتخبة من عضويتها القاعدية بمعني أن مجلس إدارة الاتحاد علي مستوي القطر منتخبة من مجالس إدارات الاتحادات الولائية . كما أن عضوية مجالس الاتحادات الولائية منتخبة من أعضاء مجالس إدارات الاتحادات المحلية في كل ولاية .وأستطاعت التعاونيات أن تهئ سبل العيش لعدد كبير من العائلات الريفية على مستوى جميع ولايات السودان الشمالية (16) ولاية سوا أكان ذلك في شكل مهنة أساسية أو مهنة إضافية full time or part time jop وساعدت على رفع مستوى المعيشة ، وإيقاف الهجرة ، وتهيئ المجال لقيام صناعات تعاونية كبيرة بالريف السوداني .

معاهد التدريب التعاوني القومي :-
لأغراض التعليم والتدريب التعاوني تم في منتصف السبعينات من القرن الماضي إنشاء أربعة معاهد للتدريب القومي التعاوني بمساعدة منظمة العمل الدولية في كل من الخرطوم – عطبرة – بورتسودان – الأبيض وتضم قاعات محاضرات ومكتبات ومكاتب إدارية .
لقد قدمت هذه المعاهد دوراً مهماً في تدريب موظفي وضباط التعاون الجدد عند التعيين وكذلك أعضاء مجالس إدارات الاتحادات والجمعيات التعاونية من كل أقاليم السودان وهم ينزلون في داخلياتها ويستمرون فى دورات التدريب من (3) أسابيع – إلي ثلاثة أشهر .
بنك التنمية التعاوني الإسلامي :-
تم في النصف الثاني من السبعينات إنشاء بنك التنمية التعاوني الإسلامي لأغراض تمويل الجمعيات والاتحادات والمؤسسات التعاونية بمساهمات من الجمعيات والاتحادات التعاونية . وتم انتداب مفتشين من وزارة التعاون آنذاك ودربوا علي أعمال البنوك وظلوا يسيرون العمل بالبنك إلي أن جاءت فكرة الخصخصة وتم التخلص منهم وإنصرف البنك للقيام بمهام البنوك التجارية وخرخ عن دائرة العمل التعاوني لانه أصبح مسجلا وفقا لقانون الشركات، وليس قانون التعاون، وبذلك فقد صفته التعاونية رغم أنه يحمل صفة "التعاوني".

العلاقة بين الدولة والحركة التعاونية
هناك دول تعمل لحماية مصالح السواد الأعظم من الشعب وبالتالي (32) لا خلاف لها مع الحركة التعاونية.. بل العكس هو الصحيح إذ نجد أن مثل هذه الدولة تحتضن الحركة التعاونية وتساعدها في الوقوف على قدميها.. ولا غرابة في ذلك لأن النشاط التعاوني في ظل مثل هذه الدولة هو بالتأكيد نشاط مساعد ومكمل ومتمش مع الخطة الاقتصادية والسياسية للدولة بل هو جزء لا يتجزأ من تلك الخطة. وهناك دول تستولي فيها على وسائل الإنتاج حفنة من الأفراد وهي التي تتحكم في دفة الحكم.. وهذه الطبقة لا تتماشى مصالحها مع مصالح السواد الأعظم للشعب بل تتعارض معها وذلك لأنها لا تقوم بالإنتاج وإنما تسيطر على نتائجه حارمة المنتجين الحقيقيين من ذلك، وذلك لأنها تمتلك وسائل الإنتاج وتضع قوانين ونظم لتحديد علاقات بصورة كافية وكفيلة جداً بأن تضمن لتك الحفنة الاستيلاء على مجهودات المنتجين وابتزازهم.. فإن كانت الجمعيات التعاونية تأتي لتحقيق أو إلغاء ذلك الاستغلال فمما لا شك فيه أنها لن تجد ترحيباً من مثل تلك الدولة للتعارض الواضح في الهدف.
إن أسوء الدول تلك التي تستند علي الأسس الفاشية والشمولية ، ويعرف خلدون النقيب الشمولية بأنها: (ليست نظام للحكم فحسب ، وإنما هي التعبير السياسي عن نظام اقتصادي اجتماعي تمدد الدولة فيه إخطبوط تسلطها إلي النظام الإقتصادي فتحتكر وسائل الإنتاج ، وإلي النظام السياسي فتحتكر وسائل التنظيم ، والي النظام الإجتماعي فتقدم نفسها بديلا عن مؤسساته ، وتستبدل الأيدلوجيات المتنافسة بأيدلوجيات التسلط والإرهاب وقيمه الأصيلة بقيم الإستهلاك ألمتعي ، وحضارته بحضارة الخوف و الرعب) ومن ذلك يتضح أن النظام الشمولي نظام لايعترف بالآخر ويتعسف في معاملة المختلفين معه أيدلوجيا إذ يستند في تفاعله مع أفراد المجتمع علي القمع والقهر. وأن كل نشاط يقع خارج نطاق الحزب أو الدولة لا يحظى بالإعتراف من قبلها ، فضلا عن سيطرتها المطلقة علي وسائل الإعلام كواحدة من القنوات التي تمارس عبرها تأثيرا علي أفراد المجتمع في محاولة لإلغاء ثقافتهم وتذويبها في إطارها الأمر الذي يؤدي لأن تكون الدولة و الحزب وآلياته هي الجهات الوحيدة الموجودة علي الساحة السياسية مما يكرس الأحادية وعدم الإعتراف بالمكونات الأخري التي يمكن أن تشكل عنصرا فرعيا داعما للنظام السياسي الرئيسي وذلك من قبيل الأحزاب والأيدلوجيات المغايرة للأيدلوجية الرئيسية وجماعات الضغط والدستور الذي يساهم كل المجتمع بمختلف قطاعاته في وضعه. والسمات العامة للنظام الشمولي تتمثل في حزب سياسي مسيطر له أيدلوجية شاملة تحدد شكل الدولة والمجتمع ، من خلال مؤسسة بوليسية ذات طابع تعسفي و سيطرة علي وسائل الإتصال الجماهيري والهيمنة علي المؤسسة العسكرية والإقتصاد والتوسع خارج الحدود.ولكل ذلك فإن إتخاذ القرار السياسي في السودان لايتم عبر المؤسسات الرسمية التي حددها الدستور إنما يتم خارجها. بمعني أن القرارات يتم إتخاذها خارج المؤسسات الدستورية بغض النظر عن النظام الحاكم. وفي هذا الإطار يمكن التمييز بين صناعة القرار Decision Making وبين إتخاذ القرار Decision Taking فصناعة القرار تتم خارج المؤسسات الرسمية وإتخاذ القرار تقوم به المؤسسات المعنية ولكن بدون أن يعطيها صناع القرار إلا خيارا واحدا و من هنا أتت التبعية وأصبح القرار من خارج المؤسسات ، مما يمكن ويزيد من إستبداد الدولة وشخصنتها وتسلطها . ومن معالم الاستبداد أن تنتقل الدولة من كونها تعبيرا عن جماعة وأداة للحكم بين الناس إلى التمركز حول شخص الحاكم، والتعبير عن مصالح نخبة ضيقة من بطانته، دونما اعتبار للناس ومصالح المواطنين، فلا يبقى ثمة وجود لقوى سياسية اجتماعية تتجاوز إرادة الدولة وهيمنتها. وتعني شخصنة الدولة أن النظام السياسي والاقتصادي والبيروقراطي بمؤسساته يتحول من نظام قانوني يناط به الفصل بين الناس بالعدل وإدارة دولاب الحكم، إلى الاندماج في المؤسسات القائمة على التنفيذ المحض لإرادة الحاكم المستبد، وخاضعة للإرادة الشخصية المتوحدة المتسيدة على قمة هرم الدولة. وتسود في هذا النظام التفسيرات والاجتهادات التي تدعم الوضع القائم، وتفرغ الدلالات القانونية المرتبطة بعمومية القاعدة القانونية وتجريدها، فتفرغ القانون من هذا المحتوى الموضوعي ليصير ذا مؤدى شخصي ومتشخصن لصالح أفراد وأناس بعينهم ذوي علاقات شخصية برأس الدولة ومن يحيطون به.

أما في ما يتعلق بمكانة التعاون في التركيب الهيكلي لأجهزة الدولة يعتبر التعاون قسماً تابعاً لإدارة قطاع الخدمات. ولقد ضعت الحركة التعاونية في قطاع الخدمات تركيزا علي نشاطها الخدمي مما أدي إلي إهمال النشاط الإنتاجي للحركة التعاونية وعدم التركيزعليه. ولقد أدي هذا الوضع الشاذ إلي التركيز علي الجانب الخدمي للتعاونيات وأفقدها علاقاتها مع القطاعات الأخري و التي تتشابه مع منا شطها. فالواقع التعاوني يؤكد عدم وجود صلات حقيقية واضحة للحركة التعاونية بقطاع الصناعة بالرغم من وجود التعاونيات الحرفية ، وصلتها بقطاع الزراعة ضعيفة بالرغم من أنها تضم تعاونيات زراعية منتجة. هذا قبل ظهور "الإنقاذ" أما بعدها فلقد فقد التعاون وخاصة التعاون الزراعي حتى تلك الأهمية النسبية التي كان يتمتع بها سابقا. ويظهر ذلك بصورة واضحة لا لبس فيها , بإسقاط التعاون بإعتباره أداة أونظاما للتغيير والتنمية والنماء ، من أي خطط أو إستراتيجيات تضعها الدولة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية مثل: برنامج الألفية الثالثة ، وبرامج محاربة الفقر ، وحتي برامج مايطلق عليه "النهضة الزراعية" أو "النفرة الخضراء".
إن ما نحتاجه في السودان أن يكون التعاون ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني فيساهم بجدارة في الاستثمارات الضخمة في مجالات الصناعة والزراعة والتعدين بعد أن ظل دوره هامشياً في استثمارات ضعيفة وبعيدة من التأثير المباشر والقوى على الحركة لاقتصادية للبلاد. وأن توفر له حرية الحركة بسهولة ضمن البرامج التنموية للبلاد. ويجب أن تحتوي هذه البرامج على اعتبار أساسي لدور التعاون في جميع مناحي العمل بل أن ارتباط التعاون بعملية التنمية الاقتصادية ومشاركته في جهود الاستثمار والبناء ومساعدة الدولة له لهو أمثل أسلوب لتحويل السلطة والفعالية الحقيقة في الجانب الاقتصادي للجماهير. والسلطة الاقتصادية هي السلطة الأقوى إذ بها تكون وسائل الإنتاج مملوكة للجماعة لا للدولة، وبها يتوقف إلى حد كبير دفع روح الحافز للعمل إذ يزداد انتماء الأفراد للعمل الإنتاجي ، ولابد في هذه الحالة ألا تنظر للعمل التعاوني باعتباره عملاً في إطار المنظمات التطوعية لا تتدخل فيه الدولة إلا بمقدار، إذ أنه من الضروري في حالة اعتباره قطاعاً رائداً أن يجمع بين الصفة التطوعية والاختيارية، وبين التدخل من جانب الدولة في عمليات التمويل والخبرة وترشيد الأداء الإداري والحسابي، على أن يحدد ذلك بواسطة قانون لا بتجريد التعاون من صفته كعمل شعبي.

































الباب الرابع
منظمات المجتمع المدني

الفصل الاول
النشأة والتعريف


مع انهيار نظم الحكم الشمولية في أواخر الثمانينات في شرق أوروبا وبعض دول العالم الثالث وتزايد الاتجاه نحو الديمقراطية برزت الدعوة إلى المجتمع المدني كمصطلح جديد في الوطن العربي والذي لم يكن متداولا من قبل في خطابنا العام أو يحظ باهتمام الباحثين وقد تمت دراسة وتحليل المصطلح من قبل المثقفين واختلفت المواقف ، وكان له كثير من المؤيدين ينطلقون من تأييدهم من أن التطور الديمقراطي للمجتمعات العربية وتحديثها يتطلب قيام تنظيمات غير حكومية تمارس نشاطا يكمل دور الدولة ويساعد على إشاعة قيم المبادرة والجماعية والاعتماد على النفس ما يهيئ فرصا أفضل لتتجاوز هذه المجتمعات مرحلة الاعتماد على الدولة في كل شيء ، وكذلك تصفية أوضاع اجتماعية بالية موروثة من العصور الوسطى وهناك العديد من المجتمعات العربية تشهد بالفعل جهود حثيثة للتوسع في تكوين هذه التنظيمات والمؤسسات وذلك للدور الذي ستلعبه في تطور المجتمعات العربية.

نشأة المجتمع المدني
نشأ مفهوم المجتمع المدني لأول مرة في (33) الفكر اليوناني الإغريقي حيث أشار إليه أرسطو باعتباره مجموعة سياسية تخضع للقانون أي انه لم يكن يميز بين الدولة والمجتمع المدني ، فالدولة في التفكير السياسي الأوروبي القديم يقصد به مجتمعاً مدنياً يمثل تجمعا سياسيا أعضاؤه من المواطنين الذين يعترفون بقوانين الدولة ويتعرفون وفقا لها. ثم تطور المفهوم بعد ذلك في القرن الثامن عشر مع تبلور علاقات الإنتاج الرأسمالي، حيث بدأ التمييز بين الدولة والمجتمع المدني فطرحت قضية تمركز السلطة السياسية وان الحركة الجمعياتية هي النسق الآخر للدفاع ضد مخاطر الاستبداد السياسي. وفي نهاية القرن الثامن عشر تأكد أن الفكر السياسي الغربي ضرورة تقليص هيمنة الدولة لصالح المجتمع المدني الذي يجب أن يدير بنفسه أموره الذاتية والا يترك للحكومة إلا القليل. وفي القرن التاسع عشر حدث التحول الثاني في مفهوم المجتمع المدني حيث أعتبر كارل ماركس أن المجتمع المدني هو ساحة الصراع الطبقي، وفي القرن العشرين طرح أنطونيو غرامشي مسألة المجتمع المدني في أطار مفهوم جديد فكرته المركزية هي أن المجتمع المدني ليس له ساحة للتنافس الاقتصادي بل ساحة للتنافس الأيديولوجي منطلقاً من التمييز بين السيطرة السياسية والهيمنة الأيديولوجية وفي مجتمعنا العربي قامت بعض مؤسسات المجتمع المدني منذ أكثر من مئة عام مع تأسيس الجمعيات الأهلية في القرن التاسع عشر والنقابات العمالية والمهنية في بداية القرن العشرين وكذلك الجمعيات التعاونية.
ارتبطت نشأة المجتمع المدني في السياق الاوروبي بتطور وتغلغل اقتصاد السوق الرأسمالية -الذي يقوم على الحرية والمساواة في التبادل السلعي بين الفاعلين في السوق- في المجتمع وتفكك العلاقات الأولية التى تقوم عليها المجتمعات ومراكز القوى الإقطاعية والكنسية المتحالفة مع الحكام من ملوك وأمراء، ونتيجة لصعود فئات اجتماعية واقتصادية وسياسية جديدة فى المجتمع لها مصالحها التى تتنافى مع مصالح التحالفات سابقة الذكر. إذ تحاول هذه الفئات الجديدة أن تتجمع فى منظمات تتعدى الولاءات الاولية لتحمي مصالحها وتواجه بها القوى الاجتماعيةالمعارضة والمناهضة لهذه المصالح ومحاولاتها المعارضة للتغيير، وللإبقاء على الاوضاع كما هى فى علاقات السلطة والثروة حماية لمصالحها التى كانت تخضع لها الفئات الاجتماعية الاخرى بطرق ووسائل قمعية، موظفة فى ذلك سلطة الدولة وايدولوجية الكنيسة، حارمة هذه الفئات من حقوق اساسية مثل المساواة فى حقوق المواطنة من انتخابات، وحرية التنظيم، وحرية التعبير والعقيدة، وحرية الاجتماعات والتنقل، وحرية الملكية الفردية، وقد سبقت مطالبات هذه الفئات الثورات المختلفة فى الدول الغربية، منها الثورة الفرنسية 1789م، التى اعلنت مبادئ المساواة والحرية والإخاء، معلنة انتصار القيم الليبرالية والفئات البرجوازية الاجتماعية الصاعدة ضد تحالف الإقطاع والملوك والكنيسة.. (34) يشير دكتور عدلان الحاردلو في ورقته: «ملاحظات أولية عن المجتمع المدني السوداني» في مجلة «محاور» المجلد الأول العدد الأول يوليو 1998 التي تصدر عن مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية بجامعة أم درمان الأهلية، الى أن ظهور نظرية المجتمع المدني في أوروبا، كان جزءاً من الأيدولوجية الليبرالية التي ارتبطت بتطور منظور الرأسمالية في مراحلها الأولى مع نشوء المدن الأوروبية خلال القرن الثالث عشر الميلادي حين بدأ الحرفيون ينظمون أنفسهم في منظمات مطالبين عبرها بمساحة من الإستقلال أبعدت مجالات عملهم عن سلطة الملوك المطلقة في ذلك الزمان. وبذلك صارت هذه المنظمات الطوعية المهنية مجالاً موازياً لمجال الدولة دون أن تكون بديلاً لها، وهكذا أصبح هذا المجال بفعل هذه التنظيمات حاجزاً ضد هيمنة الدولة الكاملة على المجتمع وسلطاتها المطلقة. إذ ضمنت هذه التنظيمات الأمان الشخصي وعدم التسلط من جانب الحكام ودرء العنف السلطوي، كما ضمنت لأعضائها حقوقاً قانونية مثل حق الملكية.
إن لمفهوم المجتمع المدني Civil society تأريخ طويل. نضج في الغرب على يد الفيلسوف العظيم ارسطوطاليس والذي دعا بمفهومه "الناقص" الى تكوين مجتمع سياسي(البرلمان) تسود فيه حرية التعبير عن الرأي و يقوم بتشريع القوانين لحماية العدالة والمساوات الا ان المشاركة تقتصر في هذا المجتمع السياسي على مجموعة من النخب في المجتمع دون اعطاء الحق للمرآة و العمال و الغرباء عن المشاركة و حق المواطنة. وامتدادا لنفس الفكرة التي تدعو الى ضرورة المجتمع السياسي ساهم لوك John Lock "القرن السابع عشر" باكتشافه قدرة الانسان الكامنة في الدفاع عن نفسه و حريته و عن ممتلكاته و القدرة على تدمير الاخرين. لذلك اقترح لوك بضرورة قيام المجتمع السياسي ذات سلطة تنفيذية و صلاحيات لمعالجة الخلافات وتنظيم حالة الفوض وايجاد حلول للنزعات التي ممكن ان تنشأ. بسعيه هذا اراد لوك ا ن يستبد ل الصيغة الملكية بصيغة اكثر ديمقراطية الا و هي المجتمع السياسي ذات قوانين و شريعة. ظلت مفاهيم المجتمع المدني عائمة الى ان جاء شيخ الفلاسفة هيجل Hegel "القرن التاسع عشر" حيث ادرج المجتمع المدني ما بين مؤسسات الدولة (ذات السلطة) و المجتمع التجاري-الاقتصادي (القائم على اساس الربح) سعيا منه لرفع قدرة المجتمع على التنظيم و التوازن. ان مناقشة هيجل للمجتمع المدني ترجع الى آثار دراسته لفكر آدم سميث Adam Smith و نظريته"دعه يعمل، دعه يمر Laisser-Faire, et Laisser passer" و هي اساس الفكر الاقتصادي عند الطبيعيين او الفزيوقراطيين الذين يذهبون الى أن رخاء الدولة يعتمد على تركها لحرية التجارة ، و حرية الافراد لكي يحققوا بقدر المستطاع أهدافهم الانانية الخاصة. (35) وعلى نفس خطي هيجل سعى المفكرالاشتراكي انطونيوغرامشي Antonio Gramsci (1891-1937)الى تطوير هذا المفهوم من خلال زج المثقف العضوي في عملية تشكيل الراي و رفع المستوى الثقافي. في ذلك كانت دعوته ملحة الى ضرورة تكوين منظمات اجتماعية و مهنية نقابية و تعددية حزبية لهدف اجتماعي صريح يضع البناء الفوقي في حالة غير متنافرة مع البناء التحتي و ايجاد طريقة للتفاعل الحيوي المستمر بينهما.كل ذلك لا يكتب له النجاح الا بقيام و توسع الديمقراطية حيث الديمقراطية و المجتمع المدني و جهان لعملية اجتماعية واحدة. كتب المفكر الايطالي روبرت بوتنام Robert Putnam "كلما تواجدت مؤسسات المجتمع المدني وادت دورها كلما كانت الديمقراطية اقوى و اكثر فعالية". والعكس هو صحيح! يقول غرامشي في احد النصوص الهامة من دفاتر السجن: "ما نستطيع ان نفعله حتى هذه اللحظة، هو تثبيت مستويين فوقيين اساسيين، الاول المجتمع السياسي او الدولة. و الثاني يمكن ان يدعى المجتمع المدني، الذي هو مجموعة من التنظيمات.
يحتوي المجتمع المدني عند غرامشي على العلاقات الثقافية – الايديولوجية ، و يضم النشاط الروحي – العقلي. واذا كان صحيحا ما قاله ماركس من ان "المجتمع المدني هو البؤرة المركزية و مسرح التاريخ " فان الجتمع المدني هو اللحظة الايجابية و الفعالة في التطور التاريخي، و ليس الدولة كما ورد عند هيجل. غير ان اللحظة الايجابية و الفعالة، اي المجتمع المدني تمثل الظاهرة التحتية (القاعدة) عند ماركس ، بينما هي عند غرامشي لحظة فوق بنيوية (بناء فوقي). و تمكن غرامشي، بعد انشغاله المطول بقضاية الثقافة و تعمقه بمفهوم المثقفين، ان يقوم بالتفرقة الشهيرة بين المثقف التقليدي و المثقف العضوي ،ودور الاخير في عملية الهيمنة. في النص المقتطف من "الماضي و الحاضر" يتكلم غرامشي عن المجتمع المدني كما يفهمه هيجل ، و سرعان ما يوضح انه يعني به " الهيمنة الثقافية والسياسية ، حيث تمارس الطبقة الاجتماعية هيمنتها على كامل المجتمع كاحتواء اخلاقي للدولة. وبهذا اعتبر غرامشي المجتمع المدني فضاء للتنافس الايديولوجي. فاذا كان المجتمع السياسي حيزا للسيطرة بواسطة الدولة ، فان المجتمع المدني هو فضاء للهيمنة الثقافية الايديولوجية، ووظيفة الهيمنة Hegomony هي وظيفة توجيهية للسلطة الرمزية التي تمارس بواسطة التنظيمات التي تدعي انها خاصة مثل النقابات و المدارس ودور العبادة و الهيئات الثقافية المختلفة. فالمجتمع المدني لدى غرامشي هو مجموعة من البنى الفوقية مثل: النقابات، والاحزاب، والصحافة، و المدارس، والادب والتنظيمات الحرة الاخرى. و يقول المفكر الالماني المعاصر هابرماس: ان وظائف المجتمع المدني تعني لدى غرامشي الرأي العام غير الرسمي ( اي الذي لايخضع لسلطة الدولة). و بهذه الطريقة بقية غرامشي متأثرا بماركس الذي تحدث عن هذا الرأي العام عندما وصفه قائلا:(ان النظام البرلماني يعيش من النقاش ، فكيف بمنع النقاش؟ ان كل مصلحة ، وكل مؤسسة مجتمعية تتحول مع الزمن الى افكار، ويجب ان تعالج بهذه الصفة، فكيف يسمح لمصلحة ما، او مؤسسة ما ان تعتبر نفسها فوق التفكير، و تفرض نفسها عقيدة غير قابلة للنقاش.

تعريف المجتمع المدني
يعرف المجتمع المدني بأنه جملة (36)المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال نسبي عن سلطة الدولة وعن ارباح الشركات في القطاع الخاص، اي ان المجتمع المدني عبارة عن مؤسسات مدنية لاتمارس السلطة و لاتستهدف أرباح اقتصادية ، حيث يساهم في صياغة القرارات خارج المؤسسات السياسية ولها غايات نقابية كالدفاع عن مصالحها الاقتصادية والارتفاع بمستوى المهنة و التعبير عن مصالح اعضائها، و منها أغراض ثقافية كما في اتحادات الادباء و المثقفين والجمعيات الثقافية والاندية الاجتماعية التي تهدف ال نشر الوعي وفقا لما هو مرسوم ضمن برنامج الجمعية. اذن المجتمع المدني هو مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملاء المجال العام بين الاسرة و الدولة لتحقيق مصالح افرادها ملتزمة في ذلك بقيم ومعاير الاحترام والتراضي والتسامح والادارة السلمية للتنوع والخلاف. للمجتمع المدني نتاجات اهمها: الثقة و التسامح، الحوار السلمي، الثقافة، والمرونة. و يعتبر تبني هذه القيم واتباع السلوك الذي يتوافق معها هو اضافة لرأس المال الاجتماعي Soacil Capital ، وهو ما يوفر في النهاية الفعالية للمجتمع المدني. حيث ان هذه القيم تمثل جوهر الديمقراطية، اذ يستحيل بناء مجتمع مدني دون توافر صيغة سلمية لادارة الاختلاف والتنافس والصراع طبقا لقواعد متفق عليها بين الاطراف، ويستحيل بناء مجتمع مدني دون الاعتراف بالحقوق الاساسية للانسان خاصة حرية الاعتقاد والرأي والتعبير والتجمع والتنظيم، مع الاعتراف واحترام القيم السابقة وبذل كل الجهود من اجل تطوير التجربة الديمقراطية والحفاظ على ديمومتها. حيث ان بناء المجتمع الديمقراطي يتطلب عمل دؤب و وقت طويل لانشاء كل ما هو ظروري من المؤسسات التي تعتبر حجر الزاوية في بناء التجربة الديمقراطية.

المجتمع هو الإطار الأشمل الذي يحتوي البشر وينظم العلاقة بينهم في إطار اقتصادي واجتماعي محدد ويتطور من خلال علاقة فئاته ببعضها وصراعاته، والمجتمع السياسي: هو مجتمع الدولة الذي يتكون من الدولة وأجهزتها والتنظيمات والأحزاب السياسية التي تسعى للسيطرة عليها أو الضغط عليها. والمجتمع المدني عبارة الأفراد والهيئات غير الرسمية بصفتها عناصر فاعلة في معظم المجالات التربوية والاقتصادية والعائلية والصحية والثقافية والخيرية وغيرها. وبذلك فالمجتمع المدني هو نسيج متشابك من العلاقات التي تقوم بين أفراده من جهة وبين الدولة من جهة أخرى، وتقوم على تبادل المصالح والمنافع والتعاقد والتراث والتفاهم والاختلاف والحقوق والواجبات والمسؤوليات ومحاسبة الدولة لجميع الأوقات التي يستدعي فيها الأمر محاسبتها. ويعرف المجتمع المدني بأنه مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة بين مؤسسات القرابة ومؤسسات الدولة التي لا مجال للاختيار في عضويتها وتنشأ لتحقيق مصالح أفرادها أو لتقديم خدمات للمواطنين أو للممارسة أنشطة إنسانية متنوعة وتلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والمشاركة والادارة السليمة للتنوع والاختلاف، وهو مجمل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي تتصف لكونها غير حكومية وغير أرثيه ولا تهدف إلى الربح وطوعية الانتماء إليها وحداثة في بنيتها وتكوينها. والمنظمات غير الحكومية هي من ظواهر المجتمع المدني الحديث، ومن سمات هذه المنظمات انها تهتم بقضايا محدودة ذات أثر كبير بالنسبة لعامة الناس قد يكون من الناحية الاقتصادية والسياسية وغيرها، وهي ليست أمنا للأنظمة وإنما أمن للناس وتأمين احتياجاتهم الاجتماعية في بحر هائل من الطاقات المتوفرة لدى الناس وفي شتى أنحاء العالم بالإضافة الى أن هذه المنظمات طوعية في الأساس وتعتمد على مختلف البلدان أي أنها تجمع أناساً وهذه المنظمات عادة تكون عابرة للحدود السياسية، فالمنظمات غير الحكومية المتوفرة ومقدار انتشارها وحريتها الدليل الأكبر للحرية السياسية للدول. (37)
عناصر تكوين المجتمع المدني
من الممكن ان نجد تعاريف عديدة للمجتمع (38) المدني الا انها لا تخرج عن توافر اربعة عناصر اساسية: يمثل العنصرالاول بفكرة "الطوعية" او بكلمة اخرى المشاركة الطوعية التي هي بالاساس الفعل الاداري الحر او الطوعي، وبهذه الطريقة تتميز تكوينات و بنى المجتمع المدني عن باقي التكوينات الاجتماعية المفروضة او المتوارثة تحت اي اعتبار. العنصر الثاني هو ان المجتمع المدني منظم: وهو بهذا يختلف عن المجتمع التقليدي العام بمفهومه الكلاسيكي. حيث يشير هذا الركن الى فكرة"المؤسسية" التي تطال مجمل الحياة الحضارية تقريبا، والتي تشمل االحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية. العنصر الثالث يتعلق "بالغاية" و "الدور" الي تقوم به هذه التنظيمات، والاهمية الكبرى لاستقلالها عن السلطة وهيمنة الدولة. من حيث هي تنظيمات اجتماعية تعمل في سياق وروابط تشير الى علاقات التضامن والتماسك او الصراع والتنافس الاجتماعي. حيث ان المجتمع المدني هو مجتمع اخلاقي وسلوكي ينطوي على قبول الاختلاف والتنوع بين الذات والاخرين، وعلى حق الاخرين في ان يكونوا منظمات مدنية تحقق وتحمي وتدافع عن المصالحهم المادية والمعنوية، والالتزام في ادارة الخلاف داخل وبين مؤسسات المجتمع المدني وبينها، وبين الدولة بالوسائل السلمية، وفي ضوء قيم الاحترام والتسامح والتعاون والتنافس والصراع السلمي. اخر هذه العناصر يكمن في ظرورة النظر الى مفهوم المجتمع المدني باعتباره جزءا من منظومة مفاهمية اوسع تشمل على مفاهيم مثل: الفردية، المواطنة، حقوق الانسان، المشاركة السياسية، والشرعية الدستورية...الخ

ويعتبر أي مجتمع بمثابة نسق اجتماعي شامل يتكون من وحدات مترابطة فيما بينها ترابطاً وظيفياً، وكل وحدة من هذا النسق تقوم بدورها في إطار النسق ( النظام ) الاجتماعي الشامل ، أي أن أي مجتمع هو مجوعة من الأفراد تتواجد في تنظيمات ومؤسسات مختلفة للقيام بأعمال مختلفة لتحقيق أهداف محددة، وبالتالي فإن المجتمع المدني هو مجموعة من الأفراد المكونين لتنظيمات ومنظمات مدنية تعمل كل منها لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف التي أنشئت من أجلها. المجتمع المدني يتكون من مجموعة من المكونات هي: (1) البيئة الطبيعية : وهي كل ما يتعلق بالمنطقة التي يشغلها المجتمع من حيث التكوين والموقع والتضاريس وما يحيط بها من ظروف طبيعية ومناخية. (2) البيئة الاجتماعية: وهي المناخ الاجتماعي الذي يعيش في ظله أفراد المجتمع ويرجع الفضل للبيئة الاجتماعية في نقل التراث الاجتماعي والثقافي، وهي بدورها تتكون من مجموعة من العناصر هي : اللغة، والعادات والتقاليد، والعرف، والتراث الثقافي والحضاري.(3) السكان:وهم مجموعة من الأفراد الذين يشكلون الطاقة البشرية في المجتمع.(4) العلاقات الاجتماعية: وهي العمليات والتفاعلات الناجمة عن تفاعل الأفراد في البيئتين الطبيعية والاجتماعية، وهي من أهم ضرورات الحياة.
شروط وعناصر إنشاء المنظمة الفعالة (39)
• الثبات أو الاستقرار Stability : وهو قدرة المنظمة على الحفاظ على وظائفها أو زيادتها.
• التكامل Integration : وهو قياس قدرة المنظمة على زيادة معدل التفاعل بين مختلف وظائفها وإداراتها والتحكم في الصراعات الداخلية وزيادة الاتصالات فيما بينها.
• الطواعية Voluntarism: وتعني قدرة التنظيم على تحقيق رضا الأعضاء وإثارة الرغبة لديهم في الاستمرار والبقاء بالمنظمة.
• الإنجاز Achievement: ويعني النتيجة النهائية لنشاط التنظيم وهو محصلة العناصر الثلاث السابقة.
وهناك عناصر(40) كثيرة يجب توافرها فى أى منظمة وأهم هذه العناصر الأفراد هم العنصر الجوهري في المنظمة وهم الذين يتفاعلون مع بعضهم البعض ويصنعون المنظمة من خلال هذا التفاعل كما أنهم يمثلون الموارد البشرية التي لها تأثيرها الكبير على المنظمة من خلال القدرة على الفعل والتأثير فى الاخرين.
- تمثل الإدارة العقل الذى تسير بمقتضاه المنظمة فهي التي تصدر القرارات وترسم الخطط، وتنظم وتحكم علاقات الأفراد، وتوجه الطاقات والقدرات لبلوغ الأهداف والغايات المنشودة وتتابع سير العمل وتقيم النتائج وكل ذلك من خلال قوة الإدارة وتأثيرها فى أعضاء المنظمة.
- المسئولية والمحاسبة بحيث عن طريقهم يمكن فرض لوائح وقواعد المنظمة بهدف إلتزام الفرد للتقاليد وأنماط السلوك الجماعية ذات الأهمية لأداء المنظمة لوظيفتها على نحو مستقر.
- الاتصال أحد العناصر الفعالة فى المنظمة، فلا تستطيع المنظمة تحقيق شئ بدون عنصر الاتصال باعتباره العملية التى يتم من خلالها انتقال المعلومات والقرارت والتوجهات بين أعضاء المنظمة.
- الادوات والتكنولوجيا وهى الوسائل التى تستخدمها المنظمة فى أداء عملها وذلك حسب مجال وطبيعة نشاطها وتخصصها.
وتعتبر منظمات التنمية الريفية في الريف من الأشكال الهامة لرأس المال الاجتماعي الريفي والذي يمكن من خلالها القيام بأعمال الجهود الذاتية الجماعية وتحقيق التنمية الريفية، ويهدف صغار المنتجين وعمال الريف الذين يعانون من نقص المدخلات، وخدمات الأسواق والخدمات الحكومية إلى العمل بصورة أكثر كفاءة من خلال منظماتهم على تحسين سبل معيشتهم والقيام بأعمال أخرى بالجهود الذاتية لتحسين مجتمعاتهم المحلية. كما تصل هذه المنظمات غير الحكومية إلى عدد أكبر من السكان وتسليم الخدمات بقدر أكبر من الفعالية، إلا أن هناك مزايا اجتماعية سياسية أيضا، فمن خلال هذه المجموعات يمكن أن ينتخب سكان الريف قادتهم ويقومون بتعبئة مواردهم الخاصة لتحسين سبل معيشتهم ومجتمعاتهم المحلية وبذلك يتعلمون قيمة التعاون والمشاركة والتعدد , ويؤدي ذلك إلى التوازن الاجتماعى والسياسي ويساهم في تحسين نجاح خطط الدولة التنموية ويطور المؤسسات الأكثر استقراراً وديمقراطية التي من شأنها أن تخدم مصالح سكان الريف.

وظائف المجتمع المدني

المجتمع المدني من وجهة نظر(41) الطبقات الحاكمة هو وسيلتها لاستكمال سيطرتها على المجتمع من خلال آلية الهيمنة الأيدلوجية الثقافية حيث لاتسعفها آلية القمع باستخدام أجهزة الدولة في ضمان السيطرة الكاملة على المجتمع ولكن المجتمع المدني من وجهة نظر الطبقات المحكومة هو ساحة للصراع تستطيع من خلاله إن ترسي أساسا هيمنة مضادة تمكنها من توسيع نطاق تأثيرها في المجتمع والدفع في اتجاه توسيع الهامش المتاح لها للحركة والتأثير وبلورة آليات ديمقراطية تسمح بتسوية المنازعات سلميا، وتعمق عملية التطور الديمقراطي للمجتمع وقد تبلورت في هذا الإطار خمس وظائف أساسية تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق هذا الدور هي:
(1) وظيفة تجميع المصالح: حيث يتم من خلال مؤسسات المجتمع المدني بلورة مواقف جماعية من القضايا والتحديات التي تواجه أعضاءها وتمكنهم من التحرك جماعيا لحل مشاكلهم وضمان مصالحهم على أساس هذه المواقف الجماعية.
(2) .وظيفة حسم وحل الصراعات: حيث يتم من خلال مؤسسات المجتمع المدني حل معظم النزاعات الداخلية بين أعضائها بوسائل ودية دون اللجوء إلى الدولة وأجهزتها البيروقراطية وبذلك فان معظم مؤسسات المجتمع المدني تجنب أعضاءها المشقة وتوفر عليهم الجهود والوقت وتسهم بذلك في توفير وتقوية أسس التضامن الجماعي فيما بينهم.
(3) زيادة الثروة وتحسين الأوضاع: بمعنى القدرة على توفير الفرص لممارسة نشاط يؤدي إلى زيادة الدخل من خلال هذه المؤسسات نفسها مثل المشروعات التي تنفذها الجمعيات التعاونية الإنتاجية، والنشاط الذي تقوم به الجمعيات التعاونية الاستهلاكية والمشروعات الصغيرة والمدرة للدخل التي تقوم بين الجمعيات الأهلية ومشروعات التدريب المهني التي تقوم بها النقابات مما يمكنهم من شروط عملهم وزيادة مدخولهم وعلى العكس من ذلك فان سوء الأحوال الاقتصادية يشغل الناس في البحث عن لقمة العيش فلا يتوفر لهم الوقت الكافي للمشاركة السياسية ما يعطل التطور الديمقراطي للمجتمع لانصراف الناس عن الاهتمام بقضايا المجتمع العامة والمشاركة في حلها..
(4) إفراز القيادة الجديدة: بتطور المجتمع وتنظيم حركته بقدر ما يتوفر له من قيادات مؤهلة للسير به إلى الأمام باستمرار ولكي يواصل المجتمع تقدمه فانه في حاجة دائمة لإعداد قيادات جديدة من الأجيال المتتالية وتكوين القيادة الجديدة بهذا المفهوم يبدأ داخل مؤسسات المجتمع المدني في النقابات والجمعيات والمنظمات الشبابية والنسائية حيث تعتبر المجتمع لمدني في الحقيقة المعين الذي لا ينضب للقيادات الجديدة ومصدر متجدد لإمداد المجتمع بمضامين تجتذب المواطنين إلى عضويتها وتمكنهم من اكتشاف قدراتهم من خلال النشاط الجماعي وتوفر لهم سبل ممارسة القيادة من خلال المسؤوليات الموكلة إليهم.
(5) إشاعة ثقافة مدنية ديمقراطية: من أهم الوظائف التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني إشاعة ثقافة مدنية ترسي في المجتمع احترام قيم النزوع للعمل الطوعي والعمل الجماعي ، وقبول الإختلاف والتنوع بين الذات والآخر وإدارة الخلاف بوسائل سلمية في ضوء قيم الاحترام والتسامح والتعاون والصراع السلمي مع الالتزام بالمحاسبة العامة والشفافية وما يترتب على هذا كله من تأكيد المبادرة الذاتية وثقافة بناء المؤسسات وهذه القيم في مجملها قيم الديمقراطية .
دور المجتمع المدني في بناء الديمقراطية
يخطأ البعض باتخاذهم موقفا سلبيا من الدعوة إلى تقوية المجتمع المدني لأنهم تصوروا انه يقتصر على تلك المنظمات غير الحكومية التي تأسست حديثا في سياق العولمة ونشطت في بداية تأسيسها وفق أجندة خارجية حددت موضوعاتها مؤسسات التمويل الدولية الرأسمالية ومنظمات غير حكومية في البلدان الرأسمالية المتقدمة وغاب عن هؤلاء أن المجتمع المدني يضم العديد من المنظمات الشعبية والجماهيرية وهي قائمة في المجتمعات العربية منذ أكثر من مائة سنة مع تأسيس الجمعيات الأهلية في القرن التاسع عشر والنقابات العمالية والمهنية في بداية القرن العشرين وكذلك الجمعيات التعاونية إلى آخر هذه المنظمات لتي تدخل في إطار المجتمع المدني. والمجتمع المدني هو مجتمع مستقل إلى حد كبير عن إشراف الدولة المباشر فهو يتميز بالاستقلالية والتنظيم التلقائي وروح المبادرة الفردية والجماعية والعمل التطوعي من اجل خدمة المصلحة العامة والدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة، وتزداد أهمية المجتمع المدني وتنضج مؤسساته لما يقوم به من دور في تنظيم وتفعيل مشاركة الناس في تقرير مصائرهم. وأيضا في مواجهة السياسات التي تؤثر في معيشتهم وتزيد من افتقارهم. هذا بالاضافة الي دوره في نشر ثقافة خلق المبادرة الذاتية وثقافة بناء المؤسسات وثقافة الإعلاء من شأن الوطن، والتأكيد على إرادة المواطنين في الفعل التاريخي وجذبهم إلى ساحة الفعل التاريخي والمساهمة بفعالية في تحقيق التحولات الكبرى للمجتمعات حتى لا تترك حكرا على النخب الحاكمة.


المجتمع المدني و الدولة
هناك تصورات عديدة للدولة (42) الا انه الفكر السياسي الحديث الممتد من هوبز الى هيجل له ثلاثة تصورات رئيسية للدولة:
الدولة السياسية بوصفها نفيا راديكاليا تلغي السلطة الطبيعية وتتغلب عليها. وهي بهذا المعنى تجديد بالمقارنة مع مرحلة التطور البشري التي تسبق الدولة(هوبز- وروسو) والدولة بوصفها حفظا وتنظيما للمجتمع الطبيعي، وهي وفقا لهذا التحليل ليست بديلا عن المرحلة التي سبقتها فقط، بل سيرورة تقوم بتنشيطها واكمالها(لوك- كانط) واخيرا الدولة باعتبارها حفظا وتعاليا Transcentendal لمجتمع ما قبل الدولة(هيجل)، وذلك بمعنى ان الدولة برهة جديدة لاتكمل البرهة التي سبقتها، ولا تكون مؤسسة على النفي المطلق. و بينما تستبعد دولة هوبز وروسو الى حد كبير دولة الطبيعة، اي السلطة المنظمة للمجتمع في مرحلته الطبيعية، فان دولة هيجل تحتوي على المجتمع المدني. وبهذا تكون مختلفة عن دولة "لوك" ايضا التي تحتوي المجتمع المدني لا لتتعالى به، وانما لتسوغ وجوده واهدافه. وبالمقارنة مع مع العناصر الثلاثة المذكورة وعبر نقدها يمكن اشتقاق العناصر الاساسية في مذهب "ماركس" عند الدولة وهي الدولة بوصفها جهازا قمعيا عنف مركز ومنظم في المجتمع) . الدولة بوصفها وسيلة للطبقة المسيطرة وفقا للقول الشائع:(ان الدولة هي اداة سيطرة طبقة على طبقة اخرى". الدولة بوصفها ظاهرة فرعية او ثانوية بالعلاقة مع المجتمع المدني. ووفقا لهذه الظاهرة، ليست الدولة هي التي تكيف وتنظم المجتمع المدني، بل المجتمع المدني هو الذي يكيف الدولة و ينظمها. و هذا ما دعاه غرامشي "الدولة الموسعة" اي المنظومة السياسية، بشقيها المدني و السيلسي. حيث يمكن ان يكون الجتمع المدني مساندا للدولة او معارضا لها. في الحالة الاولى يشكل الجتمع المدني مصدر الشرعية عبر مشاركة منظمات وفئاته الاجتماعية المختلفة في صنع القرار. اما في الحالة الثانية التي تتصدى فيها الدولة بجهازها ومؤسساتها القمعية لكل اشكال التغير، فتبدو الدولة وكان المجتمع وجد من اجلها لا العكس. لهذا فان مدى تطور المجتمع المدني يرتبط بمدى تطورسياسات وتشريعات الدولة في مواجهة المجتمع المدني، ومدى توافر مرجعية قانونية مقبولة ودور الدولة في تسهيل او اعاقة الثقافة المدنية Civil culture . ارى من الظروري ان اشير الى نقطة مهمة جدا الا وهي ان المؤسسية تعتبر الحجر الاساسي في بناء الجتمع المدني وقد يكون من المهم ايضا تبيان الفارق بين العمل المدني كمؤسسة Institution ، وكتنظيم Organizationالمؤسسة هي مجموعة قوانين راسخة يتم وضعها لمقابلة المصالح الجماعية، وهي تنظيمات تتمتع بشرعية لاشباع حاجات الناس و الدفاع عن حقوقهم عبر الزمن. ومن هنا فان تطويرها ياتي في اطار التغيرات في البنية الاجتماعية. اما تعريف المنظمات فهي وحدات اجتماعية ذات غرض ودور محدد داخت اطار مؤسسي اوسع، وان تطويرها لايؤدي بالضرورة الى التغيرات في البنية الاجتماعية. اذن المجتمع المدني يلعب دور فعال Actor ، ويسهم في التاثير على صنع التغير الاجتماعي والسياسي وفي الاتجاه الذي يؤدي الى تصعيد مستوى الوعي وغرس روح العمل الجماعي والتزويد بمهارات السياسية و العمل على تطوير القدرات و تبادل الخبرات في مجال الدفاع عن الحق العام و المنفعة الجماعية Collective benefit . ان تطوير مؤسسات المجتمع المدني سند اساسي لاحداث التغير وتاثير على مستويات الوعي وقدرته على العمل الجماعي. وهو ايضا سند اساسي لديمومة النظام الديمقراطي و تطويره حيث ان الديمقراطية ليست هدف سياسي يمكن تحقيقه والوصول اليه لمرة واحة فقط وانما هي عملية حيوية يجب تنميتها والحفاظ عليها والاستمرارفي تطويرها.


الفصل الثاني
نشأة المجتمع المدني في وسط السودان

درج الكتَّاب عادة على تأريخ بدايات المجتمع المدني في السودان (43) بنشأة الحركة الوطنية التى من أهم معالمها مؤتمر الخريجين في ثلاثينيات القرن الماضي، وهذا مدخل سياسي لتحليل نشأة المجتمع المدني يغيب عنه الجانب الإقتصادي. فالمدخل الإقتصادي السياسي الاجتماعي يوضح غير ذلك، فالمفهوم الاقتصادي السياسي يحلل تطوُّر المجتمع المدني بنمو اقتصاد السوق الرأسمالي وبصعود طبقات اجتماعية في مواجهة طبقات ما قبل الرأسمالية، أي الطبقات الإقطاعية. وسنتناول السياق السوداني لنشأة منظمات المجتمع المدني من مدخل الإقتصاد السياسي هذا اعتماداً على تيم نبلوك في كتابة «صراع السلطة والثروة في السودان»، «الخرطوم يناير 1994 م، ص 11- 18» ترجمة الفاتح التجاني ومحمد علي جادين. ارتبطت نشأة وتطور منظمات المجتمع المدني في السودان بتطور اقتصاد السوق الذي لعب فيه التجار دوراً رائداً بعد تفكك الدولة السنارية التي بسطت نفوذها في معظم مناطق السودان الشمالي في عام 1504م. لقد كان السلطان يتحكم في التجارة الداخلية وخاصة في سلعتي الذهب والرقيق. فكان هذا التحكم هو أساس التشكيلة التجارية ما قبل الرأسمالية التي يقوم فيها الحكام بتنظيم العمليات التجارية بهدف إستغلال الفائض الإقتصادي في الإستهلاك البذخى لسلاطين سنار، الذين كانوا ينظمون القوافل التجارية في القرن السادس عشر. لقد بدأ تفكك سلطنة سنار 1659-1706م، بتمرد في منطقة الشايقية التي انفصلت عن سلطة السلطنة، مما ادى الى فك قبضة السلطان على التجارة، فأدى تفكك سلطنة سنار الى تعزيز سلطة التجار.
في بداية القرن الثامن عشر، انتشر في السلطنة خمسة عشر مركزاً تجارياً أهمها شندي، وأربجي، وبربر، والدامر، وسواكن، وودمدني، وسنار العاصمة، ودرج التجار في هذه المراكز على تنظيم أنفسهم تحت قيادة ما سمي بـ «سر التجار»، الذي يقومون هم باختياره. وقد حمى هذا التنظيم مؤسسة التجار من الفوضى التي عمت بعد انهيار سلطنة سنار، فحافظت على وضعها ونفوذها وتماسكها. وقد كان جزءاً من هذا التطور الإقتصادي الإقليمي، ظاهرة الملكية الخاصة للأراضي التي كانت تعتبر ملكية جماعية، وبذلك صارت الأرض سلعة تباع وتشترى وتستعمل بالإيجار عن طريق المشاركة في الانتاج بسبب تغلغل اقتصاد السوق، وقد حكم علاقة التجار والزراع نظام الشيل في التسليف الذي كان نظاماً استغلالياً بالرغم من أنه كان يساعد في عملية الإنتاج وتسويق السلع. ويرجع نظام الشيل الى الانتاجية المنخفضة للمزارعين والتذبذب في انتاجهم مما يعرضهم الى نقص حاد في الغذاء في كثير من الإحيان، مما يضطرهم لاقتراض كميات معينة من الحبوب من التجار ليسلم المزارع التاجر كميات أكبر من هذه الكميات مقابل الدفع العيني المقدم. ثم توسعت التجارة في عهد الحكم التركي نتيجة لأهداف هذا الحكم التي تركزت في السيطرة على ثروات السودان، بالحصول على موارد بشرية في شكل مجموعات من الرقيق لتوظيفها في المشاريع الزراعية والصناعية المختلفة في مصر، ولبناء جيش قوي في مواجهة السلطان العثماني. هذا بالاضافة الى الحصول على الموارد الاخرى مثل الذهب. وكان نتاج هذه الأهداف تطوير وتحسين شبكة المواصلات اللازمة للتوسع التجاري. فقد أدخل اسطول البواخر النيلية فانتعش النشاط التجاري داخل السودان وكذلك مع مصر. كما تم انشاء خط سكك حديدية في سبعينيات القرن التاسع عشر من مصر السفلى الى مصر العليا وبناء خط محلي قرب مدينة وادي، حلفا مما سهل التجارة مع مصر. ثم كان كذلك تحسين ميناء سواكن مما زاد من عدد السفن وتحسين خدمات التلغراف، وقام الجيش التركي المصري بفتح وإعادة بناء طرق المواصلات، كما تحسَّنت وسائل الري من الشادوف الى الساقية مما زاد في المساحات المزروعة والانتاجية. وبعد 1838م بدأت الدولة في التخلي عن احتكار التجارة الخارجية، نتيجة لضغوط القوى التجارية الأوروبية، فدخلت النشاط التجاري فئة جديدة من التجار من اوروبا، من بريطانيا والنمسا وايطاليا وغيرها، وكان بعض هؤلاء يعملون وكلاء لشركات تجارية في بلادهم. وهكذا صارت الخرطوم مركزاً تجارياً لمنتجات عديدة منها العاج، والصمغ العربي وريش النعام، ورافق ذلك انشاء قنصليات تحمي مصالح هؤلاء التجار كما كانت تمارس النشاط التجاري أحياناً. وحين وصل نشاط التجار الأجانب قمته في خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر كونوا الغرفة التجارية، ثم مصرفاً تجارياً باسم بنك السودان (Banque du Sudan). وارتبط بهذا التطور التجاري نمو طبقي من التجار المحليين الكبار كوكلاء وعملاء للتجار الأجانب. وقد صاحب ذلك إنشاء البعض جيوشاً خاصة تحمي مصالحهم. وهكذا أدى انتشار وتغلغل اقتصاد السوق الى بروز وصعود طبقات اجتماعية جديدة نظمت نفسها في كيانات مستقلة لحماية مصالحها.
قامت القوى الإستعمارية بإعادة تشكيل الإقتصاد السوداني بهدف تلبية مصالحها واحتياجاتها من انتاج القطن لمد صناعة القطن في مصانع لانكشير لمواجهة المنافسة الحادة من ألمانيا والولايات المتحدة، مركزة على انتاج الأقمشة الرقيقة المعتمدة على القطن طويل التيلة، فكان نتيجة ذلك انشاء مشاريع مختلفة مرتبطة ببعضها لتلبية هذه الإحتياجات وعلى رأسها مشاريع زراعة القطن. فنشأ مشروع الجزيرة ومشروع النيل الأبيض ومشروع القاش ومشروع البركة ومشاريع الطلمبات ومشاريع الزراعة المطرية وخزان سنار والسكك الحديدية وميناء بورتسودان ومؤسسات التعليم التي مدت هذه المشاريع بالقوى العاملة. فتغلغل اقتصاد السوق والعمل بأجر بصورة مكثفة في المجتمع السوداني. وصحب هذه المشاريع تطور القطاع الخاص في الزراعة والصناعة والنقل على الأخص. فكانت نتيجة هذا التطور نمو فئات اجتماعية مختلفة أهمها أصحاب المرتبات من الموظفين والعمال الحضريين والتجار. ترد أعداد هذه الفئات في نهاية فترة الإستعمار في كتاب تيم نبلوك «صراع السلطة والثروة في السودان» «ص90-95». فكان أصحاب المرتبات بين الموظفين عام 1956 «52.854»، معظمهم منظمون في نقابات، والعمال الحضريون، «346.253»، اما التجار فكان عددهم «66.832»، وكان كبارهم منظمين في الغرفة التجارية. والعمالة الزراعية: المزارعون/ المستأجرون في الزراعة المروية "115.440".
كانت المعالم الأساسية في التطور الإجتماعي الإقتصادي في فترة الإستعمار هي في الواقع معالم تطور المجتمع المدني في السودان في هذه الفترة. بدأت بالحركة الطلابية عام 1903م في كلية غردون، ثم مدرسة وادى سيدنا عام 1944م، مروراً بمدرسة حنتوب وخور طقت حتى انتهت بجامعة الخرطوم عام 1956م. تطورت هذه الحركات عبر عملها السياسي فكان أول اضراب في كلية غردون عام 1937م، وتكونت جمعية الثقافة والاصلاح في المدارس العليا/ كلية غردون عام 1938م، ثم تكوين اتحاد الطلاب في المدارس العليا برئاسة أحمد خير ومبارك زروق نائباً له وعبد المجيد إمام سكرتيراً للاتحاد عام 1941م، وكان عبد المجيد إمام رئيساً ايضاً لجمعية الثقافة والإصلاح. ثم كانت أول مظاهرة طلابية في عام 1946م، حتى وصلت هذه الحركة الى تكوين الاتحادات الاقليمية 19521953 - .
ويعتبر تعليم النساء من الخطوات الفاعلة في تطور المجتمع المدني في السودان. بدأ في العام 1907م في مدرسة الخرطوم الأولية وتواصل وتطور عبر الجهد الأهلي المدني في مدرسة رفاعة للبنات عام 1911م، ثم كلية المعلمات 1921م حتى تكوين الإتحاد النسائي عام 1952م. وكانت هناك جمعية اللواء الابيض في 1924م، وهي من نتائج نظام العمل بأجر الذي انخرط فيه السودانيون من كل أنحاء السودان ليعملوا في جيش الاستعمار. اما الحركة العمالية فبدأت بعد عام 1899م واكتمال السكة الحديد من حلفا الى بحري التي مهَّدت لانسلاخ العاملين فيها من المجتمع القبلي والدخول في المنظومة الاقتصادية الجديدة. «راجع كتاب د. يوشيكو كوريتا: علي عبد اللطيف وثورة 1924 - ص27-31، للمقارنة بين وعي التجار والعاملين بأجر». فكان اول نادٍ للعمال بالخرطوم عام 1934م، ثم في ام درمان 1939م، ثم جاء قانون النقابات عام 1948م، وتلاه البدء في تسجيل النقابات عام 1949م. وكان عدد النقابات المسجلة في ذلك العام «5» نقابات وصلت عام 1951م الى «86» نقابة، ثم ارتفعت عام 1954م الى «123» نقابة بعضوية «87.355» عاملاً. ونفذ العمال اضراباً عام 1946م، ثم آخر عام 1948م بسبب الاجور. وتكوَّن اتحاد عام للعمال عام 1950م، الذي عارض اتفاقية تقرير المصير عام 1953م، التي كان لليسار موقف رافض لها.

حركة المزارعين التي مهَّد لها عام 1904 قيام شركة السودان الزراعية التجريبية، ثم مشروع الزيداب عام 1906 وبناء خزان سنار عام 1914 الذي أكتمل عام 1925 وقيام مشاريع القاش وطوكر وجبال النوبة. وفي عام 1924 قام المزاعون في الجزيرة بأول اضراب احتجاجاً على التلاعب في عائدات الإنتاج. وفي عام 1925 بدأ مشروع الجزيرة بـ «240.000» فدان وصلت عام 1956 الى مليوني فدان. وأضرب المزارعون في المشروع عام 1944 اضراباً عاماً لمواجهة التلاعب في مال الإحتياطي. وبتصدير القطن تعمق دمج اقتصاد السودان في السوق العالمية بصورة مؤسسية ومنظمة. وتبع ذلك تصدير الصمغ العربي الذي صار السودان المصدِّر الرئيسي له في العالم عام 1930، فتم عبر ذلك دمج صغار منتجي الصمغ العربي التقليديين في السوق العالمية. وتكونت عام 1947 هيئة ممثلي المزارعين، وعام 1952 هيئة مزارعي الجزيرة. وانتخب شيخ الأمين عام1953 رئيساً لها فكانت بداية نشاطه السياسي. في العام 1901 بدأت الحركة السياسية والثقافية بمعهد ام درمان العلمي، ثم نادي الخريجين عام 1918، وبعده مجلة حضارة السودان عام 1920، وجمعية الاتحاد السوداني في ذات العام. في نهاية العشرينيات تكوَّنت الجمعيات الثقافية من الموظفين العاملين بأجر والتجار متجاوزين علاقات الدم والتعالي القبلي محققين بذلك مبادئ وقيم المجتمع المدني في قبول الآخر والمساواة في تنظيمات طوعية حديثة. فكانت جمعية ابوروف عام 1927 وجمعية الفجر كشكل ثقافي للحركة الوطنية. ثم في عام 1938 تكوَّن مؤتمر الخريجين وبعده بعام -1939- تأسس معهد القرش الصناعي بمبادرة شعبية وجهد أهلي صرف. وشهدت سنوات منتصف الأربعينيات نشاطاً سياسياً ابتدأ بمذكرة الخريجين عام 1943 حول التطور الإقتصادي، وفي ذات العام تأسس حزب الأشقاء ليدعو الى الوحدة مع مصر، وفي عام 1945 تأسس حزب الأمة بتوجهه للاستقلال والسودان للسودانيين. وفي بداية الخمسينيات -1951- تأسس الحزب الجمهوري برئاسة الاستاذ محمود محمد طه. في العام 1927 بدأت الحركة التعاونية كجزء مهم من منظمات المجتمع المدني المصلحية بجمعيات التسليف التعاوني بمشروع دلتا طوكر، تلاها في العام 1935 التعاون الانتاجي بقيام طاحونتين تعاونيتين في رفاعة. ثم الكناتين التعاونية في 1936، وفي الاربعينيات والخمسينيات امتدت جمعيات التسليف التعاوني لتشمل شندي وبربر وتأسست الشركات التعاونية بالشمالية. وفي العام صدر 1948 قانون الجمعيات التعاونية الذي استمر حتى عام 1973م.

وفي تلك الفترة نشأت النوادي الرياضية فتأسس نادي أهلي ود مدني ونادى الهلال ونادى المريخ ونادى الموردة ونوادٍ أخرى كثيرة تفتقر الى التوثيق الدقيق. وكان النشاط الرياضي يتميز بالتطوع الى أن تغلغل اقتصاد السوق في رياضة كرة القدم فصار اللاعبون محترفين يباعون ويشترون كأي سلعة تجارية. وشهدت تلك المرحلة نشاط الفنانين السودانيين في مجال الغناء. وصار الغناء سلعة للمحترفين تباع وتشترى، فكان إضراب فناني الغناء في عام 1952 بسبب استحقاقاتهم في الإذاعة. وكان الفن قبلاً يقدم طوعاً في جوقات غناء الهواة في المجتمعات المحلية وما زال كذلك في المجتمعات المحلية التقليدية.. وبدأ في تلك الفترة تكوين نقابات المهنيين من مهندسين وأطباء ومحامين ومعلمين. التي قادت فيما بعد ثورة اكتوبر 1964 التي مهَّدت لتكوين الكيانات الاقليمية في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق التي سبقها مؤتمر البجا عام 1958 ضد تهميش هذه المناطق. ذلك التهميش الذي افرزته الرأسمالية الطرفية ((PERIPHERAL CAPITALISM.اما في مرحلة الحكم الوطني ما بعد الاستعمار فقد نشطت الحركات الإقليمية في الستينيات فتكونت جمعيات تنمية القرى في المراكز الحضرية التي هاجمها البعض ودافع عنها الاستاذ المرحوم عبد الخالق محجوب بما عرف عنه من بعد نظر. لتستمر بقوة عملية التمدن في السبعينيات وتظهر القضايا والمشاكل البيئية والإجتماعية كقضايا الأطفال المشردين. وتكوَّنت الجمعية السودانية لحماية البيئة عام 1976، وارتبط بذلك قيام الجمعيات الاجتماعية الاصلاحية. وشهدت الثمانينيات ظواهر النزوح الجماعي نتيجة للحرب الأهلية والكوارث الطبيعية فتكوَّنت جمعيات طوعية خدمية تقوم بتقديم الخدمات للنازحين. وتأسست الجمعيات الدفاعية كالجمعية السودانية لحقوق الإنسان في عام 1986 التي كان من مؤسسيها البروفيسور محمد عمر بشير لتزدهر في التسعينيات نتيجة للحكم الشمولي بعد هامش الحرية النسبي الذي اتاحه النظام عقب اتفاقية السلام في 1997..

الفصل الثالث
مجالات التفعيل

تعتبر السياسات الكلية للدولة(44) في محاربة الفقر من الاهمية بمكان لانه في إطارها تعمل منظمات المجتمع المدني. فالمنظمات الطوعية مثل النقابات والتعاونيات والمنظمات المهنية، لا يمكن أن تحل محل الدولة ، بل يجب أن تكمل دورها، بدءا بالمشاركة في وضع السياسات الكلية وإنتهاءا بطبيق هذه الساسات في الواقع. وفي ذلك بداية لتطبيق مبدأ المجتمع يقود الدولة الذي تسعي لتحقيقه أغلب الاتجاهات والمدارس السياسية. ولما كان التعاون في العصر الحديث يؤدي دوراً كبيراً في تنمية وتطوير المجتمعات الانسانية على الصعيد الدولي بصفة عامة وفي المجتمعات النامية بصفة خاصة فلا بد ان يأخذ القطاع التعاوني مكانته في الاقتصاد القومي بتمكينه من تحقيق قدر من الاكتفاء المالي والاداري بصورة تمكن من الإعتماد عليه كقوة لا يستهان بها في تنفيذ السياسة الزراعية وتأدية الخدمات المختلفة لملايين المزارعين وفي زيادة الانتاج وتكوين المجتمع السليم في الريف . لقد اصبح الأسلوب التعاوني اساساً لتنظيم النشاط الاقتصادي وتطوير المجتمع إلى وضع تسوده الديمقراطية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية مما يحتم علينا البحث الجاد في كيفية الوصولً إلى الأسلوب التعاوني الأمثل بما يمكن تأدية التعاون لرسالته وتحقيق أهدافه في بلادنا.

المنهج التعاونى فى التنمية
يتميز المنهج التعاونى فى التنمية(45) أنه لا يتحرك بدافع الربح كحالة منهج المشروع الخاص أو بأوامر فوقية من السلطات كحالة منهج المشروع الحكومى ، ولكنه يتحرك بدافع اشباع الاحتياجات ( حاجة المستهلك للسلعة أو الخدمة وحاجة المنتج الى تشغيل قوة عمله ومدخراته المحدودة ) الأمر الذى يرتب رشادة استخدام الموارد ، بما يمكن المخطط فى حالة شيوع الاخذ بالمنهج التعاونى من امكانية اشباع احتياجات أكثر بموارد أقل. أيضا يمكن المنهج التعاونى من امكانية التنمية حيثما تواجدت التجمعات البشرية واينما تباعدت هذه التجمعات ومهما كانت اعدادها والبيئة التى تعيش فيها وهو أمر قد يعجز عنه المشروع الحكومى حينما يقف حائل التكلفة المالية العالية فى احباط جدوى مشروع فى منطقة بعيدة أو قليلة السكان ، ولا يقبل عليه القطاع الخاص حينما تبين دراسات التكلفة / الربحية عدم جدوى هذا المشروع من ناحية الربحية ، ولهذا فالمنهج التعاونى يصير هو الاقرب ملائمة حين تكون التنمية المستهدفة تنمية متوازنة اقليميا. كما أن المنهج التعاونى هو الأقرب صلة بمفهوم التنمية البشرية التى تنصرف الى أنها تنمية الانسان بالانسان وللانسان بهدف توسيع الخيارات وتعتمد كمقومات لها الصحة والدخل والتعليم وهى أيضا مؤشراتها ، فالتعاونية تقوم على تجميع الجهود الصغيرة والاموال القليلة فى كيان تعاونى كبير يقوم على استخدام هذه الجهود والاموال دون أن يلغى الصفة الخاصة للملكية ، وهى تحقق اذا مزايا الانتاج الكبير ووفورات الحجم برغم ضآلة المشاركات ، ومن ثم لا يقف ضعف الادخار عائقا أمام التعاونية. ومع قيام التعاونية على منهج اشباع الاحتياجات فإنها تتجه بداية الى مراكمة الاصول الانسانية ، ولهذا كان التعليم والتدريب مبدأ تعاونى أساسى مما يوفر للانسان أحد أهم هذه الاصول الانسانية وهو المعرفه ، كما إن إشباع الاحتياجات بما يترتب عليه من رشادة استخدام الموارد يرفع الدخل الحقيقى للفرد وهو بهذا يوفر المقوم الثانى للتنمية البشرية، ويؤدى ارتفاع دخل الفرد الحقيقى الى امكانية أكبر فى الانفاق الصحى مما يوفر المقوم الثالث لهذه التننمية.
والمنهج التعاونى فى التنمية هو الاقرب صلة ايضا بالتنمية المستدامة ، حيث يعتبر الحفاظ على السلامة البيئية ومراعاة حقوق الاجيال القادمة فى الموارد الطبيعية قيمة مترتبة على انطلاق الجمعيات من مبدأ اشباع الاحتياجات ، ولما كان المنهج التعاونى يمكن من العمل الانمائى اينما تواجدت التجمعات البشرية ويقوم على حشد الموارد البشرية اساسا فهو الاقدر من غيره على تحقيق التنمية الريفية والتنمية المحلية ، حيث كل فرد فى كل تجمع بشرى وفقا لهذه التنمية التعاونية يشارك بجهده وماله ومن ثم يتم احداث التنمية من القواعد وبالمشروعات التى ترى هذه التعاونيات أنها فى حاجة اليها، وتبدأ هذه المشروعات بتلك التى تولد الدخل ( تعاونيات زراعية وتعاونيات الحرفيين وصائدى الاسماك ) أو توفر الانفاق ( تعاونيات السلع والخدمات الاستهلاكية وتعاونيات الاسكان ) أو توفر المعرفة والمهارات ( جمعيات الخدمات التعليمية ) كما يمكن هذا ايضا من التنمية السياسية عن طريق اعمال الديمقراطية فى مختلف وحدات البينان التعاونى. ولكل هذه الاسباب تمكنت المجتمعات الاكثر تقدما من الاستقرار لان التعاونيات النشطه فيها تكفلت بالتنمية الريفية والتنمية المحلية وتكاملت مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمشروع الحكومى فاستحقت أن تكون شريكا تنمويا أساسيا.
أنشطة التعاونيات والقطاع الخاص
بينما تعد الجمعيات التعاونية الزراعية ، وجمعيات الثروة المائية ، والجمعيات التعاونية الانتاجية هى تجمعات صغار منتجين فى مجالات النشاط الزراعية وصيد الاسماك والانتاج الصناعى ، فإن التعاونيات الاستهلاكية وتعاونيات الاسكان هى تجمعات لمستهلكين لتنظيم حصولهم على ما يشبع احتياجاتهم من سلع وخدمات بالجودة الاعلى والسعر الاقل ، وعلى هذا يمكن تقسيم التعاونيات فيما يتعلق بالعلاقة مع القطاع الخاص الى تعاونيات تتكامل فى الدور وهى تعاونيات المستهلكين حيث القطاع الخاص هو المورد سواء كان منتجا أو مستوردا أو موزعا أو مقاولا وتعاونيات المستهلكين هى الموزع ، وهى فى شأن التوزيع قد ينظر اليها القطاع الخاص القائم بذات النشاط على أنها تستقطع جزءا من مساحة السوق خاصة فيما يتعلق بسلع الطبقات الفقيرة ، بينما النوع الآخر من التعاونيات هو تعاونيات المنتجين وتتسم علاقاتها مع القطاع الخاص بالتنافس رغم أنها جزء منه غير انه يختلف فى الشكل الذى ينتظم فيه ، بينما القطاع الخاص الآخر إما مشروع فردى او شركة فالقطاع الخاص فى التعاون هو جمعية تعاونية تخضع لقانون التعاون ، ومن ثم فالتعاونيات الاستهلاكية النشطة باعتبارها تتكامل مع القطاع الخاص يمكن أن تؤدىدورا كبيرا فى تشغيل القطاع الخاص الذى يتكامل معها ، يساعدها فى ذلك الانتشار الكبير الذى تمثله التعاونيات الاستهلاكية فهى تملك أكبر شبكة لتوزيع السلع الاستهلاكية.
وعلى هذا يمكن صياغة علاقة الشراكه وهى غير معلنه ولكنها قائمة فى نشاط التعاونيات كالآتى :
الدولة أقصى درجات الهيمنه مع أقل درجات التمكين – التعاونيات حشد جهود صغار المنتجين ومدخراتهم وتنظيم حصول المستهلكين على احتياجاتهم من السلع والخدمات – القطاع الخاص مورد سلع وخدمات للتعاونيات ، ومن هذه العلاقة الثلاثية أمكن لكل قطاع أن يمارس نشاطه. وقد أتسمت علاقة الدولة بالتعاونيات بطابع الهيمنه الذى يعد من موروثات الفترة التى كانت الدولة فيها اللاعب الرئيسى فى النشاط الاقتصادى فنظرت للتعاونيات رغم أنها منظمات مجتمعية لا تقيمها الدولة بينما يقيمها أعضاء هذه التنظيمات ، نظرت اليها على أنها منظمات مساعدة لها ، كما أن الدولة قد بررت الهيمنه أيضا بأنها فى مقابل التمكين الذى أتاحته للتعاونيات ، برغم أن معظم مواد القوانين التى تنظم عمل التعاونيات وتتعلق بالتمكين هى مواد معطلة لم يجرى العمل بها اطلاقا. إن مجال عمل التعاونيات هو نفس المجال الذي تعمل فيه الجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني الأخري، وبصورة عامة يمكن تحديد دور الجمعيات الطوعية في تحقيق التنمية ومحاربة الفقر والعطالة في الآتي: (46)
2- المناصرة (Advocacy)
3- التأثير علي البحث العلمي وتوجيهه لحل مشاكل الفقراء
4- تمليك الموارد بأنواعها المختلفة للفقراء
5- التنمية البشرية
6- التنظيم والبناء المؤسسي والتشبيك
7- الخدمات
التعاونيات والتخفيف من حدة الفقر (47)
(1) التعاونيات تجمع أفراد المجتمعات المحلية فى شكل فعال من أشكال التساند الاجتماعى إما كمنتجين ليس لاى منهم القدرة على الانتاج منفردا (تعاونيات الانتاج الحرفى والزراعى والسمكى) أو كمستهلكين لا يستطيع أى منهم فى حدود قوته الشرائية المحدودة أن يتعامل مع السوق العادى وأسعاره العالية(تعاونيات الاسكان والاستهلاكية للسلع والاستهلاكية للخدمات) ومن ثم فالتعاونيات تخلق أنشطة مولدة للدخل أو تعظم الاستفادة للقوة الشرائية للاعضاء ، وفى كلتا الحالتين فإنها تسهم بشكل فعال فى الحد من ظاهر الفقروتخفيف أثارها.
(2) التعاونيات تقدم جزء من الفائض الذى تحققه ( يبلغ 5% من صافى الفائض فى كثير من القوانين ) للبيئة المحلية وهى بهذا ترفع من المستوى الاقتصادى والاجتماعى بهذه البيئة.
(3) قدرة التعاونيات على الوصول الى الفقراء فى مناطقهم المختلفة ، فالتعاونية نتاج تجمع أفراد لا يستطيع أى منهم منفردا أن يحل مشكلته ، وبينما لم تستطع الشركات والهيئات والمنظمات العامة أن تصل الى هؤلاء الفقراء لأن التواجد الرسمى يكاد يكون منعدما فى العشوائيات، وبينما لا يجد القطاع الخاص حافزه الربحى للعمل فى هذه المناطق تبرز أهمية التعاونيات سواء فى مجال السلع أو الخدمات كالألية الوحيدة المنطقية.
(4) وتحتاج التعاونيات الاستهلاكية لتحقيق فعالية حضورها فى هذه المناطق الى تعويض من الدولة حيث أن التعاونيات فى هذه الحالة تؤدى أدوارا كان لزاما على الدولة تقوم بها ، وفى مقابل ما يترتب على القيام بهذا الدور من استقرار اقتصادى واجتماعى وأمنى.
(5) أن التعاونيات وهى لا تستهدف الربح تعظم القوة الشرائية للمتعاملين معها وتقدم لهم بالتالى إحدى صور الدعم ، وتجعلهم أكثر قدرة على اشباع احتياجاتهم ، ومن ثم يقترب الكثيرين من خط الفقر بل ويتخطونه من جراء تعاملهم مع التعاونيات.
(6) تقدم التعاونيات مجالات لبيع منتجات الأسر الفقيرة ، ومن ثم توفر لها استقرار مصدر الرزق ، أيضا المشروعات القائمة على القروض الصغيرة أو القروض متناهية الصغر التى يلجأ اليها الصندوق الاجتماعى للتنمية وتعانى مشاكل تسويقية حادة تجد فى التعاونيات متنفسا لها لعلاج هذه المشكلة.
(7) تحتاج هذه المناطق الى تعاونيات فى مجال الخدمات المختلفة كالخدمات التعليمية والخدمات الصحية وخدمات البيئة وخدمات النقل ، وبدون هذه التعاونيات تظل حاجة هذه المجتمعات الى تلك الخدمات بدون إشباع.
(8) إذا كانت الجمعيات الخيرية قد قامت بدور التصدى لهذه الظاهرة ، إلا أن ارتباط البعض منها باتجاهات سياسية أو دينية عليها تحفظات أمنية ، يجعل الباب مفتوحا أمام التعاونيات الاستهلاكية لملأ الفراغ الناتج عن انسحاب تلك الجمعيات بينما لا يوجد دور حكومى.
التعاونيات وقضية البطالة :
تشير البيانات الرسمية الى ارتفاع معدل البطالة الى أكثر من 9.9% فى في بعض الدول هذا مع عدم وجود نظام إعانة للعاطلين عن العمل الأمر الذى يؤدى الى تزايد الاتجاه الى العنف والجريمة، وتتميز البطالة فى بلدان العالم الثالث بأنها تجمع أنواع البطالة المختلفة وترتفع نسبة البطالة بين الشباب كما ترتفع هذه النسبة بين المتعلمين الأمر الذى يعنى إهدار أهم عناصر الانتاج فى المجتمع.
وتستطيع التعاونيات أن تسهم فى الحد من مشكلة البطالة بالآتى :
1) إقامة مجمعات تعاونية استهلاكية جديدة، وإدخال أنشطة جديدة ، وعلى سبيل المثال فإدخال نشاط التعبئه والتغليف فى التعاونيات الاستهلاكية ، وإدخال نشاط خدمة تصوير المستندات فى هذه الجمعيات يخلق آلاف فرص العمل ، وإدخال نشاط بيع الخضروات والفواكه يوفر آلاف أخري من فرص العمل ، وإدخال نشاط بيع الاسماك ونشاط بيع اللحوم يوفر هو الآخر فرصا أكبر للعمل.
2) أيضا تسهم التعاونيات فى الحد من مشكلة البطالة عن طريق زيادة طلبها فى السوق من المنتجات الصناعية والزراعية مما يؤدى الى زيادة تشغيل المنشآت القائمة بهذا الانتاج وإتاحة فرص عمل إضافية فيها.
3) كما أن التعاونيات من خلال الانشطة التدريبية تقوم بإصقال مهارات العناصر البشرية المستهدفة بالتدريب ومن ثم تأهيلها للإلتحام بفرص العمل التى تحتاج مثل هذه المهارات.
4) ويتبنى الدعوة لانشاء جمعيات تعاونية للخدمات فى مجالات البيئة، والخدمات التعليمية ، والخدمات الصحية، وخدمات النقل، والخدمات السياحية ، والخدمات الثقافية، وغير ذلك من المجالات المختلفة التى تغطيها الخدمات من شانه أن تتيح مزيد من فرص العمل ويحد من مشكلة البطالة.
6) تجمع الراغبين فى العمل فى شكل من أشكال التعاون الحرفى أو الزراعى أو السمكى ، ومن الجدير بالذكر أنه تم تنفيذ مشروع نشر الصناعات الحرفية لاتاحة فرص عمل جديدة للشباب بالتعاون بين الاتحاد التعاونى الحرفي ومنظمات المجتمع المدني وجهات الاختصاص. وذلك في شكل مشروعات تستهدف خلق فرص عمل للشباب واعداد جيل جديد من صغار رجار الاعمال، من خلال الإتزام بتوفير المقومات الاساسية لنجاح الانشطة الجديدة ومن بينها التمويل المباشر وتبنى برامج تدريب المستهدفين وتقديم المعونة الفنية لتحسين مواصفات المنتجات والترويج الاجتماعى للمشروع لاجتذاب أكبر عدد ممكن من الافراد من الانضمام اليه.
التعاونيات والتنمية المحلية :
1) الجمعيات التعاونية بالمحليات يمكن أن تكون منافذ رئيسية لتسويق منتجات شباب الخريجين والتعاونيات الانتاجية الحرفية والزراعية والسمكية بنظام المشاركة بين المنتج والجمعية ، ويمكن أن ترعى الدولة ذلك بالاشتراك مع الاتحادات التعاونية وتوفير أماكن العرض الملائمه والعمالة المدربه لادارتها والنظام الذى يمكن المنتج من الحصول على عائد يحفزه على الاستمرار فى الانتاج وتطويره ويتيح للجمعية فائضا يجعلها تتوسع فى هذا النظام بما يعود بأكبر الأثر فى الحد من ظاهرة البطالة.
2) الجمعيات التعاونية بالمحليات يمكن أن تكون منافذ رئيسية لتسويق المنتجات الريفية خاصة منتجات التعاونيات الزراعية بما يؤدى الى حماية المنتج الزراعى من استغلال الوسطاء ويقدم حماية إيجابية لمستهلك المدينة فى الحصول على هذه المنتجات بأسعار معقوله.
3) يمكن ان تنشط الحركة التعاونية الاستهلاكية والاسكانية فى المناطق المتأثرة بالحرب والكوارث الطبيعية بما يؤدى الى تنمية قيم التضامن من ناحية وتثبيت السكان فى هذه المناطق من ناحية أخرى فضلا عن حماية هؤلاء السكان من المغالاة فى أسعار السلع الاستهلاكية أو تعرضهم لاستهلاك سلع رديئة.
4) يمكن أن تنشط الحركة التعاونية الاستهلاكية والاسكانية فى المناطق الشعبية والعشوائية باعتبارها الموزع الرئيسى لسلع الطبقات الفقيرة والذى يوفر لهذه الطبقات مسكن ملائم فى حدود قدرتها وبما يسهم فى تنمية هذه المناطق عن طريق مشاركة أفرادها فى توفير احتياجاتهم من خلال الإطار التعاونى.
5) تحتاج المجتمعات المحلية الى تحقيق معدل سريع لانتشار جمعيات الخدمات التعاونية الاستهلاكية والانتاجية فى مجالات خدمة البيئة والمجالات التعليمية والصحية ومجالات نقل الركاب فى ربوع المحافظات بما يؤدى الى تحسين مستوى هذه الخدمات وتهذيب أسعارها.
6) من الضرورى أن يوجد توجه لدعم العلاقة التبادلية القوية بين التعاونية والمحليات نظرا لما يمكن أن يؤديه كلاهما للآخر من فرص تؤدى الى تنميته ، وفى هذا يرجى أن تعطى المحليات للتعاونيات أولوية فى توفير متطلباتها من الأثاث المكتبى وأدوات النظافة والادوات الكتابية ومستلزمات الوحدات الصحية والمستشفيات، طالما كانت الأسعار التى تقدم بها هذه السلع فى مستوى أسعار المنافسين أو أقل ولا تقل جودة عنه.
(8) ضرورة رعاية أجهزة الحكم المركزي والمحلى للجمعيات التعاونية الطلابية نظرا للدور الكبير المنوط بها فى تربية النشء ، بتقديم كافة ما تحتاجه من دعم تدريبى وتوجيه وفرص نمو وأعمال تحفيز الطلبة المتفوقين فى مجال التعاونيات.

الخاتمة
تعتبر المنظمات الريفية مثل التعاونيات الريفية التي تدار وتمول بمعرفة الأعضاء، وروابط المنتجين الزراعيين وعمال الريف، وصناديق الائتمان الريفية، وروابط النساء والشباب، وغير ذلك من مجموعات الجهود الذاتية من الأشكال الهامة لرأس المال الاجتماعي الريفي الذي يمكن من القيام بأعمال الجهود الذاتية الجماعية وتيسير تحقيق التنمية الريفية يهدف صغار المنتجين وعمال الريف والذين يعانون من نقص المدخلات، وخدمات الأسواق والخدمات الحكومية إلى العمل بصورة أكثر كفاءة من خلال منظماتهم على تحسين سبل معيشتهم والقيام بأعمال أخرى بالجهود الذاتية لتحسين مجتمعاتهم المحلية. كما تصل الحكومات ووكالات المنظمات غير الحكومية إلى عدد أكبر من السكان وتسليم الخدمات بقدر أكبر من الفعالية. إلا أن هناك مزايا اجتماعية سياسية أيضا. فمن خلال المجموعات، ينتخب سكان الريف قادتهم ويقومون بتعبئة مواردهم الخاصة لتحسين سبل معيشتهم ومجتمعاتهم المحلية وتعلم قيمة التعاون. ويؤدي ذلك إلى التقليل من مخاطر الصراع ويساهم في تحسين التيسير الإداري المحلي وتطور المؤسسات الأكثر استقرارا وديمقراطية التي تخدم مصالح سكان الريف.
ولذلك يجب أن تساعد الحكومات الجهود الداعمة لمصلحة التنمية المستدامة وذلك بالترويج لتطبيق اللامركزية ودعم منظمات المزارعين وسكان الريف وتعزيز قدراتها على المشاركة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية في تحديد وتنفيذ سياسات وبرامج التنمية الريفية فضلا عن الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. ومن التجارب العالمية تقدم المساعدات في شكل مشورة في مجال السياسات وخطوط توجيهية ومواد تدريبية في المجالات الرئيسية الثلاثة، أولا: تنمية التعاونيات الريفيةبالمشورة في مجال السياسات، والتدريب على إصلاح التعاونيات، وإدارة الأعمال التعاونية، وتمويل التعاونيات، ونظم معلومات الأعمال التجارية الخاصة بهذه التعاونيات. ثانيا : تطوير مجموعات الجهود الذاتية بتقديم المساعدات والتدريب بشأن تشكيل المجموعات وإدارة المنشآت وتحقيق المدخرات والروابط المشتركة بين المجموعات. ثالثا :الترويج للشراكات مع المنظمات الريفية والمنظمات غير الحكومية والحكومات لتحسين تبادل المعلومات والتعاون في تحقيق التنمية الريفية المستدامة والأمن الغذائي.
تضع الدولة السياسات العامة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والتنموي بواسطة الأجهزة العليا ممثلة في مجلس الوزراء والوزارات المختلفة، وتصاغ في شكل أهداف عامة يتولى تفسيرها وتنفيذها المختصون في أجهزة الدولة بدءً من الوزراء ووزراء الدولة نهاية بصغار الموظفين، حتى يسهل التفاعل معها وتطبيقها من قبل المواطنين.. وكلما كانت درجة الوعي والتعليم والثقافة كبيرة، كلما كانت الصلة والعلاقة بين القمة) المسئولين بأجهزة الدولة) والقاعدة (المواطنين) قوية، والتفاعل إيجابياً والمردود كبيراً .ولا شك أن ضعف الثقافة والتعليم والتدريب في المجالات المختلفة ومنها المجال التعاوني قد أثر تأثيراً سلبياً على دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالصورة المطلوبة.. ومعلوم للجميع الآثار المدمرة (للأمية الأبجدية) التي يعاني منها أكثر من 80% من السكان بما فيهم العضوية التعاونية والتي تقدر بحوالي 5 ملايين سوداني.. إلا أن الحركة التعاونية السودانية تعاني من انتشار) الأمية التعاونية) بين التعاونيين وغير التعاونيين خاصة كبار المسئولين في الأجهزة الحكومية، بل في كثير من الأحيان الوزراء الذين يتعاقبون على تلك الوزارات التي تسير دفة العمل التعاوني والذين لا يؤمنون بالتعاون، ويتعاملون مع الواقع التعاوني، بأنه مهمة مفروضة عليهم، فيكون أداؤهم ضعيفاً وحماسهم فاتراً وانفعالهم مع القضايا التعاونية دون الطموح. إن الحركة التعاونية السودانية بعيدة كل البعد عن دائرة اهتمام الغالبية العظمى من الوزراء والمسئولين، ويرجع ذلك الي عدم الماهم ومعرفتهم بالفكر التعاوني وأدبياته ومبادئه مما يجعلهم عاجزين عن بذل أي جهد للارتقاء بالحركة التعاونية والعمل لتنمية وتطوير وحداتها، بدءً بالعضوية التعاونية مروراً بالتعاونيات ونهاية بإتحاداتها ومؤسساتها ومنظماتها المختلفة. ولا يخامرني أدنى شك في جهل الكثير من هؤلاء الوزراء والمسئولين بمحتوى الوثائق الدولية والعالمية الخاصة بالحركة التعاونية، كتلك التي يصدرها الحلف التعاوني الدولي ICA ومنظمة العمل الدولية ILO، بل وحتي واقع وتاريخ الحركة التعاونية الثر... هؤلاء هم العقبة الكئود أمام تطوير وتقدم (التعاون) ببلادنا.
إننا كتعاونيين ندعو ونتمسك بقول الخبير التعاوني السويدي الأستاذ هـ. آلون (إذا أتيحت لنا فرصة أن نبدأ حركتنا من جديد، وكان علينا أن نختار بين أحد شيئين: البدء دون رأس مال، ولكن لموظفين وأعضاء مستنيرين، أو البدء برأس كبير وموظفين غير واعين، فإن تجاربنا تملي أن نختار الطريق الأول)، وهذا ما ندعو له نحن من منطلق إيماننا بأهمية نشر الوعي والثقافة التعاونية، لأن التعاون حركة اقتصادية تسعى لتحقيق أغراضها وأهدافها بوسائل تعليمية.. وإذا عكسنا العبارة، وقلنا إن التعاون حركة تعليمية تسعى لتحقيق أغراضها وأهدافها بوسائل اقتصادية، لاستقام المعنى في الحالتين.. فقط نرجو من الحكومة الاتحادية أن تختار من يعي ويدرك ويستوعب التعاون باعتباره وسيلة من الوسائل المهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفقر.. نحن في انتظار هذا (الوزير العالم) بتخطيه لحاجز (الأمية التعاونية) لنضع يدنا في يده متعاونين لتحقيق أهدافنا، فالناس بخير ما تعاونوا..
إن دعم المجهود التعاوني والعمل على إشعاعته وتعميمه لجميع القطاعات، مع ضمان التنسيق اللازم بين مختلف المصالح المعنية والأطراف المكونة للقطاع التعاوني ، مسئولية سياسية في المقام الأول ولابد للقيادة السياسية بالبلاد من النظر للقطاع التعاوني وخاصة الإنتاجي (التعاون الزراعي) باعتباره قطاعا فاعلا ومؤثرا مثله مثل القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المختلط. علي أن الاهم من ذلك هو مشاركة وتفاعل منظمات المجتمع المدني مع المنظمات التعاونية بمستوياتها وأنواعها المختلفة والاستفادة من الرصيد الهائل لهذه المنظمات ماديا ومعنويا مما يتيح فرصة لمنظمات المجتمع المدني تفعيل برامجها وجعلها أكثر واقعية. الفرصة كبيرة لمساهمة النظام التعاوني في تفعيل منظمات المجتمع المدني ، وذلك لما يتمع به هذا النظام من مقومات وأسس ومبادئ تتوافق مع ضوابط العمل الطوعي الذي ترتكز عليه منظمات المجتمع المدني.
للخروج من مشاكل المجتمع السوداني الراهنة ، لابد من إشاعة الحريات والممارسة الديمقراطية ومحاربة الفساد والمفسدين والسعي قدما في الطريق الجاد نحو تحقيق السلام الشامل والعادل لشعبنا الكريم العزيز. ويتطلب هذا دوروفهم سياسي وقيادي رشيد وجديد ، مع تصور كامل لما يمكن أن يقوم بهالنظام التعاوني بمشاركة منظمات المجتمع المدني من دور حقيقي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا.

















الملاحق
ملحق (1)
الجمعيات التعاونية الزراعية حتي العام 2005م
مسلسل الولاية العدد العضوية رأس المال ج
1 الخرطوم 86 25.337 487.981.843
2 الجزيرة 24 5.200 5.594.580
3 النيل الأبيض 52 8831 2.926.765
4 الشمالية 142 42.000 17.500.550
5 نهر النيل 18 4.784 2.049.255
6 القضارف 77 2100 900.000
7 غرب كردفان 98 11205 49.159.265
8 شمال كردفان 137 4980 5.650.500
9 غرب دارفور 13 12800 109.000
10 جنوب دارفور 84 10700 183.368
الجمـــــــــــــلة 731 90.137 56.355.371
المصدر: محمد عبد الرازق سيد أحمد - تطبيقات اقتصاديات التنمية في تكوينات الجمعيات التعاونية بالسودان1945م – 2005م - رسالة ماجستير (أكاديمية السودان للعلوم برامج البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. وزارة العلوم والتقانة + معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية – الخرطوم - سبتمبر 2005م

ملحق (2)
الجمعيات التعاونية الاستهلاكية حتي العام 2005م
مسلسل الولاية العدد العضوية رأس المال ج
1 الخرطوم 1089 319.643 71.131.473
2 الجزيرة 972 298.000 4.376.781
3 النيل الأبيض 449 95.815 13.374.952
4 سنار 273 351.350 13.360.800
5 الشمالية 347 77.000 8.569.760
6 نهر النيل 106 29117 7.153.380
7 القضارف 183 107.200 2.440.000
8 غرب كردفان 77 46616 2.042.970
9 غرب دارفور 422 169.200 1.793.700
10 جنوب دارفور 667 158.992 11.881.752
الجمـــــــــــــلة 4.585 1.652.993 175.472.268
المصدر: محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق
ملحق (3)
الجمعيات التعاونية لطحن الغلال حتي العام 2005م
مسلسل الولاية العدد العضوية رأس المال ج
1 الخرطوم 28 5.325 2.064.683
2 الجزيرة 146 37.240 16.132.636
3 النيل الأبيض 92 15.317 1.319.285
4 سنار 8 2.000 720.500
5 الشمالية 40 3.500 4.560.580
6 نهر النيل 35 6.337 14.109.733
7 القضارف 63 34.200 780.000
8 غرب كردفان 81 28.022 4.068.520
9 شمال كردفان 89 29.560 198.050
10 غرب دارفور 93 77.500 488.000
11 جنوب دارفور 45 23.663 135.222
الجمـــــــــــــلة 720 262.664 44.455.509
المصدر: محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق

ملحق (4)
إحصائية الجمعيات – النوعية حتي العام 2005م
مسلسل الولاية إنتاج حيواني خضر وفاكهة وجزارة نقل وترحيل حرفية إسكان أخرى
1 الخرطوم 12 8 - 28 3 35
2 الجزيرة 22 1 3 5 - 8
3 النيل الأبيض 6 2 4 2 7
4 سنار 9 6 5
5 الشمالية 4 3 2 - - 4
6 نهر النيل 2 1 1 - - 6
7 القضارف 2 2 1 - - 3
8 غرب كردفان - 0 1 8 9
9 شمال كردفان - 1 - 6 6
10 غرب دارفور - - 2 10 3
11 جنوب دارفور - 3 2 18 4
الجمـلة 57 21 22 75 5 90
المصدر محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق

ملحق (3)
أصول واستثمارات المؤسسات التعاونية حتي العام 2005م
مسلسل المؤسسة الأصول الثابتة بالدينار الاستثمار بالدينار
1 الاتحاد التعاوني القومي 11.785.737 18.218.275
2 المؤسسة التعاونية التجارية 5.734.835 53.771.100
3 مؤسسة التنمية التعاونية 60.000 1.993.532
4 المؤسسة التعاونية القومية للمزارعين 1.904.262 3.221.639
5 المؤسسة المركزية التعاونيين للعاملين 1.782.577 36.146.280
6 مؤسسة العاملين للتجارة والخدمات السكة حديد 7.204.436 13.574.568
7 مؤسسة خدمات الشركة والسكة حديد عطبرة 1.063.623 3.690.532
8 مؤسسة نواب المجلس الوطني 32.500 2.767.925
9 الاتحاد التعاوني / اتحاد النقل البري 246 601.881
10 اتحاد النجارين التعاوني 2.450.448 8.958.435
11 بنك التنمية التعاوني الإسلامي 000.000.000 000.000.000
12 المؤسسة التعاونية الاقتصادية العسكرية 000.000.000 000.000.000
المصدر: محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق

الجدول رقم (4) يبين إحصائية لبعض الجمعيات التعاونية الزراعية للخريجين
رقم اسم الجمعية عضوية الجمعية مساحة الأرض (فدان) القطاع الزراعي المنطقة
1 الخرطوم 129 2200 المروي شرق النيل – العيلفون
2 الدمازين 174 2250 المطري الدمازين مشاريع الزراعة المطرية
3 القضارف 42 20000 المطري القضارف مشاريع الزراعة المطرية
4 المكابراب 200 20000 المروي جنوب مدينة الدامر
5 أبو نعامة 129 1200 المروي أبو نعامة
جملة 674 45650


: المصدر: محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق



الهوامش

(1) محمد الفاتح عبد الوهاب، خبير تعاوني، "الحركة التعاونية السودانية .. اغتيال أم انتحار...!!" ، مقال بجريدة السوداني الغراء ، الخرطوم ، العدد 199 بتاريخ مارس 2006

(2) أنظر بتفاصيل أكثر لموقع الحلف التعاوني الدولي http://www.ica.coop

(3) http://www.ica.coop مصدر سابق

(4) د. حسن الوديع السنوسي ، تطور الحركة التعاونية السودانية ، مؤتمر التنمية التعاونية الشاملة ، المركز القومي لتدريب التعاونيين ، الخرطوم ، السودان ، 22-26 فبراير 1987 م. ص. 3 -6

(5) اتحاد الحصاد الآلى لجنوب الجزيرة - الاقليم الاوسط - وزارة المالية والاقتصاد - ادارة التعاون - سمنار الجمعيات التعاونية للخدمات الزراعية بالمنطقة المروية (من اجل خدمات زراعية افضل- المنعقد بقاعة ادارة مشروع الجزيرة والمناقل ببركات فى الفترة من 4 ابريل – 8 ابريل 1982م

(6) على محمد المبارك م. المدير الزراعى للميزانية آفاق تعاونيات الخدمات الزراعية بمشروع الجزيرة سمنار حول جمعيات الخدمات الزراعية التعاونية بالمنطقة المروية مارس 1982م

(7) محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي ، نبذة تعريفية عن الاتحاد التعاوني الحرفي بولاية الخرطوم وبرنامج العمل حتى العام 2006م ، الخرطوم 2005م

(8) محمد عبد الرازق سيد أحمد - تطبيقات اقتصاديات التنمية في تكوينات الجمعيات التعاونية بالسودان1945م – 2005م - رسالة ماجستير (أكاديمية السودان للعلوم برامج البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. وزارة العلوم والتقانة + معهد الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية – الخرطوم - سبتمبر 2005م ص . 221

(9) محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق

(10) ) http://www.ica.coop مصدر سابق

(11) فخري شوشة (دكتور) ، محاضرات في مبادئ علم التعاون – المعهد العالي للتعاون الزراعي – شبرا الخيمة – القاهرة 1978م ص. 7

(12) عبد العزيز علي البحيري

(13) محمد عبد الرازق سيد أحمد - مرجع سابق ، لقد إعتمدنا في هذه الناحية للكتابة الجيدة والمرتبة للكاتب وهو موظف تعاوني قديم عاصر العهد الاول لنشأة وتكوين التعاونيات في السودان وساهم في إنشاء وتأسيس بعضها ، كما أن له تجربة واسعة وثرة من خلال عمله بالتعاونيات بدول الخليج. ص. 249 - 260

(14) www.ica.coop مصدر سابق

(15) منشورات منظمة العمل الدولية ، "التعاونيات" مقتطف من البيان حول الهوية التعاونية، الذي اعتمدته الجمعية العامة للاتحاد الدولي للتعاونيات، 1995 ، منظمة العمل لدولية ، مكتب العمل الدولي ، الطبعة الأولى ، جنيف – سويسرا – 2000 أنظر http://www.ilo.com

(16) محمد الفاتح عبد الوهاب (محاضر) ، المبادئ التعاونية ، المركز الاقليمي للتنمية والتدريب التعاوني ، الابيض اقليم كردفان ، 1981م ص. 12

(17) أنظر بتفصيل أكثرمحمد الفاتح عبد الوهاب (محاضر) ، المبادئ التعاونية ، مرجع سابق

(18) د. كمال حمدي أبوالخير ، النظم التعاونية في الدول المختلفة ، المطبعة العالمية 16 , 17 ش ضريح سعد زغلول ، القاهرة ، 1980 م. ص. 297

(19) .محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي ، الحركة التعاونية السودانية وفرص التنمية المهدرة "التعاون الزراعي نموزجا" ورقة مقدمه لمؤتمر مركز الأرض حول "مستقبل التعاون الزراعى فى ضوء التغيرات السياسية الراهنة إهدار حق التنظيم للفلاحين فى مصر.... مسئولية من ؟"، 8/9 يونيو 2007 ، فندق رويال جاردنز – القاهرة – مصر ، ص 18

(20) د. فرح حسن آدم ود. كامل إبراهيم حسن ، الحركة التعاونية بين النظرية و إمكانية التطبيق ، المجلس القومي للبحوث ، مجلس لأبحاث الاقتصادية والاجتماعية ، الخرطوم – يناير 1980م

(21) محمد الفاتح عبد الوهاب (محاضر) ، الحركة التعاونية : النشأة والتطور ، المركز الإقليمي للتنمية والتدريب التعاوني ، الأبيض ، السودان ، 1984. ص. 10

(22) محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق

(23) د. كمال حمدي أبوالخير ، النظم التعاونية في الدول المختلفة ، المطبعة العالمية ، مرجع سابق ص. 206 - 218

(24) Co-operatives the British Achlevenent by : Paul Greer. Harper and Brothers Publishers : New York 1955 PP. 89-90

(25) Hlstory of Co-operation by : Emory S. Bogardus. The Co-operative leagye og U.S.A Chlcago-Washington , 1955,P.16

(26) محمد الفاتح عبد الوهاب (محاضر) ، الحركة التعاونية : النشأة والتطور ، مرجع سابق زكره ص. 8


(27) محمد عبد الرازق سيد أحمد ، مرجع سابق

(28) محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي ، خبير تعاوني وإختصاصي التعاون والتنمية الريفية ، تطوير وتنمية الجهاز الإداري والحكومي المختص بالتعاون "الطريق نحو إصلاح تعاوني عاجل" ، ورقة عمل مقدمة الي مؤتمر مديري إدارات التعاون بالولايات ، قاعة الإجتماعات بالأمانة العامة للتعاون ، الخرطوم ، 7- 8 أبريل 2007م. ص. 9


(29) محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي ، ،الحركة التعاونية السودانية وفرص التنمية المهدرة "التعاون الزراعي نموزجا" ‘ورقة مقدمه لمؤتمر مركز الأرض حول مستقبل التعاون الزراعى فى ضوء التغيرات السياسية الراهنة إهدار حق التنظيم للفلاحين فى مصر.... مسئولية من ؟ المنعقـدة بفندق رويال جاردنز يوم 8/9 يونيو 2007 العنوان : 122 ش الجلاء برج رمسيس القاهرة ت/ف :[email protected] - [email protected] http://www.lchr-eg.org ص. 9

(30) د. محمد عبد الودود خليل ، الإطار العام لاقتصاديات التعاون ، دار المعارف – القاهرة 1980م. ص.

(31) محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي‘الجمعية التعاونية النموزجية ، الاتحاد التعاوني الحرفي ولاية الخرطوم ، الخرطوم ، 2006م ، ص. 3

(32) محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبى ، آثار القرار السياسي على دور ومستقبل التعاون الزراعي ، ورقة عمل مقدمة الي ورشة عمل"دور ومستقبل التعاون الزراعي والزراعة التعاونية" ، وزارة الزراعة و الغابات الخرطوم، 30/8/2006 ص 15

(33) علي الشبوط مؤسسات المجتمع المدني الـمهمات والرسالةhttp://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=copy&sid=35061

(34) عبد الرحيم أحمد بلال http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147503903

(35) http://www.arabtopics.com/modules/news/article.php?storyid=108 فريد باسيل الشاني المجتمع المدني بقلم مهند بتاريخ 20/5/2003

(36) http://www.arabtopics.com/modules/news/article.php?storyid=108 مرجع سابق

(37) http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=copy&sid=35061 مرجع سابق

(38) http://www.arabtopics.com/modules/news/article.php?storyid=108 مرجع سابق

(39) دكتور/ محمد سيد محمد دور المجتمع المدني في دعم حقوق الفلاحين لإنشاء منظماتهم المستقلة ورقة مقدمه لمؤتمر مركز الأرض حول "مستقبل التعاون الزراعى فى ضوء التغيرات السياسية الراهنة"إهدار حق التنظيم للفلاحين فى مصر.... مسئولية من ؟ المنعقـدة بفندق رويال جاردنز يوم 8/9 يونيو 2007- 122 ش الجلاء برج رمسيس القاهرة بريد إلكترونى - [email protected] [email protected] http://www.lchr-eg.org

(40) د.أسامة بدير وسامى محمود ، منظمات المجتمع المدنى وتنمية الريف، مركز الأرض لحقوق الانسان سلسلة المجتمع المدنى العدد رقم (24) القاهرة ابريل 2007العنوان : 122 ش الجلاء – برج رمسيس – الدور السابع – القاهرة ت /ف: 5750470 EMAIL : Lchr @ Thewayout-net [email protected] http://www.Lchr-eg.org Website

(41) http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=copy&sid=35061 مرجع سابق

(42) د.أسامة بدير وسامى محمود ، منظمات المجتمع المدنى وتنمية الريف ، مرجع سابق

(43) http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=214750390 عبد الرحيم أحمد بلال مرجع سابق

(44) عبد الرحيم أحمد بلال ، القضية الاجتماعية والمجتمع المدني في السودان ، دار عزة للنشر والتوزيع ، الخرطوم ص.ب 12909 ، 2005م ص 133

(45) أ/ مدحـــــت أيــــوب مدير عام الاتحاد العام للتعاونيات - التعاونيات المصرية وآفاقها المستقبلية المنعقـدة بفندق رويال جاردنز يوم 8/9 يونيو 2007

(46) عبد الرحيم أحمد بلال ، القضية الاجتماعية والمجتمع المدني في السودان ، مرجع سابق ص 135

(47) أ/ مدحـــــت أيــــوب مدير عام الاتحاد العام للتعاونيات ، مرجع سابق









#محمد_الفاتح_عبد_الوهاب_العتيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بنك الأسرة تحت التأسيس-ولادة متعثرة أم إجهاض مع سبق الإصرار ...
- تعاونيات الإقراض والادخار…. ضرورة ملحة لتمويل صغار المنتجين
- بناء السلام من خلال التعاونيات
- بنك الأسرة الفرصة والأمل
- الإتحاد التعاوني الحرفي – ولاية الخرطوم
- الحركة التعاونية السودانية وفرص التنمية المهدرة
- بنك الأسرة الفرصة الأخيرة في الزمن الضائع
- دور جديد للدولة في دعم التعاونيات الزراعية المنتجة
- دور جديد للدولة لدعم التعاونيات


المزيد.....




- شركة إيرانية تستعد لتوريد الغاز إلى العراق لمدة 5 سنوات
- مسؤول إسرائيلي: ندعم مصر بالغاز بشكل غير مسبوق
- مساع لتطوير البنية التحتية للغاز بالمغرب
- خبراء تأمين: الخسائر المالية لهجوم موسكو قد تصل إلى 108 ملاي ...
- مصر تبيع أراض جديدة بالدولار
- روسيا.. مالك -كروكوس- يكشف تكلفة إعادة بناء القاعة المحترقة ...
- ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية
- إنتاج الآيس كريم في روسيا يسجل مستوى قياسيا
- العراق يوقع عقدا لاستيراد الغاز من إيران لمدة 5 سنوات
- بسبب ضغط مبيعات العرب.. البورصة المصرية تتعرض لخسارة كبيرة


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي - مساهمة النظام التعاوني في تفعيل منظمات المجتمع المدني