أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شذى الشبيبي - ذاكرة امرأة عراقية.....من رماد الموت صنعت حياة جديدة















المزيد.....

ذاكرة امرأة عراقية.....من رماد الموت صنعت حياة جديدة


شذى الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 2324 - 2008 / 6 / 26 - 11:47
المحور: سيرة ذاتية
    


نار.. نار.. نار.. نار
تحرق اجواء الصحراء
تحفر اخدودا في الاعماق
ينزف الاف الفرسان
احداق تلمع في الظلمة
ترسم خارطة الوطن
المعشوق
بدم وعويل وصهيل
السيدة احلام (ام سيف) شابة عراقية تحمل قدرا من الجرأة والشجاعة هما زادها وسلاحها في هذا الزمن، في ذاكرتها ذاكرات تتشابه في انها تكاد لاتدنو من الفرح، فقد كانت والدة زوجها رحمها الله المعيل الوحيد لأولادها بعد ان توفي زوجها مبكرا تاركا لها خمسة اولاد كبيرهم في مرحلة المدرسة،

وبالكفاح المضني، استطاعت ان يكون لها بيتا تملك سقفه وجدرانه وبابا تغلقه على نفسها واولادها بعيدا عن الآخرين باعتبارها امراة وحيدة ومسؤوليتها كبيرة، كل طموحها ان ترى ابناءها بعيدا عن حزب السلطة والسياسة ومشاكلها...
ومع ذلك لم تنج، فسرعان مااشتعلت الحرب مع ايران ليستشهد ابنها (حامد) وهو في ريعان الشباب ويترك زوجته الشابة وطفلتها الرضيعة (سماح) تترعرع بين حضن جدتها وبيت جدها لامها.. بينما اصيب ابنها الاكبر والذي كان قد ترك المدرسة ليعمل ويعين والدته على المعيشة..
اصيب ليصبح في الهوية (معوق)، وقبل ان تفوق من صدمتها اصيب ابنها (علي) والذي كان موظفا في المصرف الزراعي في كربلاء بمرض عضال وهو في الجبهة حيث كان اختصاصه هناك (مركب صواريخ) وبمرور الزمن تفاقم المرض وساءت حالته وتبينت نتيجة التحاليل والفحوصات ان اصابته بالمرض كانت نتيجة تعرضه المباشر للمواد السامة والمتفجرة واشعاعاتها من الاسلحة.
وبناءا على ذلك تم تسريحه من الخدمة العسكرية ليرقد في الفراش ويكون تحت رعاية الاطباء على حسابه الخاص حتى وفاته، فترك بنتين وزوجته شابة تكفلت بتربيتها لأن التقاعد الذي تحصل عليه لم يكن يكفي لأطعام (قطه)..
تشبثت (ام فؤاد) بابنها الصغير (زهير) لأنه اصبح كل املها وارادت ان تحافظ فيه على صورة من فقدتهم.
وفي عام 1991 وبعد دخول (الحرس الجمهوري) الى مدينة كربلاء تمت مداهمة البيت واعتقال ولديها (فؤاد) و (زهير عبد الحسين الكاظمي) وبعد فترة من احتجازهم في (فندق حي الحسين) مع التعذيب والضرب حيث كانوا يمدونهم على الارض ويسحقوا على صدورهم (بالبسطال) حد الاغماء، تم اخلاء سبيل (فؤاد) بسبب (عاهته) على اساس انه لايستطيع حمل السلاح مما نفى احتمال مشاركته في الانتفاضة، ثم رحل (زهير) الى الرضوانية مع العشرات بل المئات من الشباب والشيوخ والصبيان، وكما تقول احلام (ام سيف) زوجة زهير انهم في ذلك الوقت فقط عرفوا مكانا اسمه (الرضوانية) حيث لم يسمعوا به سابقا.
هناك طبعا وحسب مانقل (زهير) لأهله كان التعذيب اصعب من ان يوصف، اما التحقيق فكان يجري على اساس التعرف عليهم من قبل (مشخصين) يتعرفون على المعتقلين وبناء عليه يحكم على المعتقل وينفذ في الحكم فورا، وقد تعرف احد (المشخصين) على (زهير) الذي لم يتجاور عمره حينها العشرين ولم يكن قد تزوج بأنه كان من ضمن الموجودين في (مستشفى الولادة) فوجيء (زهير) بالتهمة المنسوبة اليه لأنه فعلا تطوع مع مجموعة من شباب المدينة بحماية (مستشفى الولادة) كمسألة انسانية في تلك الظروف العصيبة، ومنعوا تطاول مرضى النفوس على المستشفى والعبث بالممتلكات والاجهزة الطبية وغيرها..
بعد ثلاثة ايام من الضرب والتنكيل والقتل العشوائي في الرضوانية جاء (صدام كامل) للتحقيق معهم.. فكانوا ينادون بالاسماء لكي يمثل من يسمع اسمه للاستجواب من قبله، فكان من يذهب للتحقيق لايعود، فاعتقد المعتقلون ان من لايعود قد يكون افرج عنه، ولكن فيما بعد اكتشفوا ان تلك المجاميع اعدمت بامر (صدام كامل).
تقول ام سيف: مارسوا معهم هناك كل انواع التعذيب الوحشي، فكانوا يعلقوهم على (سيباط عنب) لمدة ست ساعات متواصلة.. كما انهم كانوا يأتون ببراميل نفط او بنزين فارغة ويامرون المعتقل بالدخول فيها ثم يقومون باشعالها...
ولان عدد المعتقلين اكثر من المعقول كانوا يقومون بصفهم في طابور ورميهم بالنار ثم ياتي الشفل ليحملهم.. وحينما وجدوا ان هذه الطريقة غير مجدية مع الاعداد الغفيرة قاموا بفتح اخدود في الارض يشبه النفق يتم انزال المعتقلين فيه ثم ياتي الشفل ليهيل التراب عليهم ويدفنهم وهم احياء..
وحينما تبقى عدد قليل جدا منهم احياء ولكن اشبه بالاموات نتيجة الظروف القاسية والتعذيب وشحة الطعام وانعدام النظافة، وبعد ثمان اشهر في الرضوانية، ابلغهم احد المسؤولين هناك، بان الفرج قريب وسيتم ترحيلهم الى بغداد ليطلق سراحهم، ولكنهم لم يصدقوا بل اعتقدوا العكس وان نهايتهم اقتربت كالذين سبقوهم وفعلا تم تسفيرهم الى (الرقم واحد) في الحارثية، هناك جاؤوهم بشفرات حلاقة وصابون وسمحوا لهم بالاستحمام بعد تسعة اشهر !!!
في بغداد قاموا بفصل (الفايلات).. وحينما لم افهم ماقالته ام سيف بشأن عزل الفايلات، شرحت لي ذلك بانهم يسالوهم (منو الهوس) و (منو القائل) اي فصلهم الى فريقين، فريق (المهوسين) وابلغهم بان الرجل الذي شتموه وهتفوا ضده وهو (الرئيس) عفى عنهم وامر باخلاء سبيلهم كرما منه.
عاد (زهير) الى امه التي نسي حتى صورتها خلال تلك الفترة التي قضاها وسط الموت اليومي في الرضوانية..
وحينما رأت والدته (ام فؤاد) ان ابنها عاد لها شبحا وقد ساءت صحته النفسية والجسدية قررت اخراجه من ذلك الجو المشحون بالموت والدمار لعله ينسى ماحدث وبذلك سافر الى الاردن والقاهرة وعمل كسائق على طريق بغداد -مان، وبقي يعمل كذلك لتعاني زوجته ام سيف وتحمل مسؤولية اربعة اولاد في ظروف قاسية وزوج غائب اغلب الاحيان وسكن ايجار كان ذريعة قوية لصاحب الملك ليدق بابها بين الحين والآخر بدون مراعاة لظروفها كأمراة وحيدة وشابة مع اطفالها متجاوزا كل حدود الاخلاق والتقاليد والاعراف ليطالبها مرة بزيادة الايجار ومرة بتوفير ايجار سنة ومرة..... حتى فاض الكيل بها وذات مرة تقول ام سيف: كان زوجي في طريق خارجي وصاحب الملك لاياتي لأحد حينما يشعر ان صاحب البيت غير موجود، وحالما سمعته يكلم ابني (تحزمت بعباءتي) وخرجت له وكنت على استعداد حتى لضربه لانه لم ينفع معه لا الاحترام ولا الصوت الواطي وكانت النية السيئة والدنيئة تنطق بعيونه وبعدما لقنته درسا بالادب وكيف يعامل المرأة ومن انا انسحب خائفا متسترا من الفضيحة امام الناس والمنطقة.. دخلت بيتي (والحديث لازال لأم سيف) واخذتني رغبة في البكاء مع اطفالي الاربعة وفكرت لابد من حل لأخرج من هذه المحنة وقررت بيع كل ما املك من حلي قليلة واثاث منزل واشتريت قطعة ارض صغيرة وبسعر مناسب خارج المدينة و (شديت حزامي) وجهزت مواد بناء بسيطة (شيش وبلوك) وخلال شهر كنت قد انهيت بناء بيتي الصغير البسيط بعيدا عن المشاكل وحاجة الآخرين..



#شذى_الشبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة امرأة عراقية..... سنوات الرعب بين ديالى وكربلاء
- ذاكرة امرأة عراقية-أعدموا خطيبها واغتصبوها ثم اتهموها بالجنو ...
- ذاكرة امرأة عراقية / أم جليل ومحنة السؤال
- ذاكرة امرأة عراقية


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - شذى الشبيبي - ذاكرة امرأة عراقية.....من رماد الموت صنعت حياة جديدة