أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهيلة عبد الانيس - عسكرة المجتمع العراقي بين اثار الماضي ومعالجات الحاضر















المزيد.....

عسكرة المجتمع العراقي بين اثار الماضي ومعالجات الحاضر


سهيلة عبد الانيس

الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في المفهوم توارث المجتمع العراقي الكثير من الأزمات من الأنظمة التي حكمته ومن بين المشكلات التي ظهرت للسطح موضوعه العسكرة ، التي باتت تشكل اليوم واحدة من التحديات التي تواجة العراق الجديد وان كانت مشكلة سابقة الا انها جددت نفسها. والعسكرة هنا غير العسكرتارية ، فالعسكرتارية هي حكومة العسكر، وهي مظهر عسكري للحكم الاستبدادي . اما العسكرة فهي عملية الباس المجتمع لباس العسكر، وهي بذلك تعني تحويل الأنماط السلوكية لدى المجتمع الى أنماط تظهر فيها بصمات الحياة العسكرية. وتكون لذلك دوافع ومبررات تتلخص في ظاهرها بالاستعداد لمواجهة خطر عدوان خارجي يهدد البلد، وفي باطنها إحكام السيطرة على إفراد المجتمع وتنظيمهم بهذه الطريقة بغية تحقيق خضوعهم الكامل وسهولة انقيادهم للطبقة الحاكمة. وعليه يتم تغليب الايدولوجيا العسكرية في انساق الدولة وأنماط الحياة العادية. وبهذا فالعسكرة هي نسف للديمقراطية ، باعتبارها قيود ومصادرة للحريات وهذا ما يلوث أجواء الديمقراطية.على هذا يورد الدكتور عبدا لله إبراهيم في كتابه (مفكرة السواد) بالقول ” تبدأ عسكرة المجتمع في كل مرافق الحياة فيختزل وجود المجتمع والايدولوجيا والتاريخ والمصير بشخصية القائد ، الذي تمركزت الأمور كلها حول شخصه". الارث التاريخيوبقدر تعلق الامر بالواقع العراقي فسنجد ان المجتمع العراقي سار في العهود الماضية مسيرة سياسية واجتماعية اتسمت بالبؤس السياسي ومركزية النظرة السلطوية في تسيير شؤون المجتمع وظهرت نتيجة لهذه الرؤى الكثير من الازمات السياسية والاجتماعية في المجتمع العراقي، وقد انتهج النظام السابق منذ ان وصل السلطة الى نهاية عهده سياسة اتسمت بالقسوة وانكار الاخر. واخذ العنف يتزايد ويتلون فيعيث فسادا في النسيج الاجتماعي العراقي الذي بدا متهماً بإرث متمثل بالحروب والصراعات القبلية والسياسية . و يذهب عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي في ذلك بالقول ان المجتمع العراقي لم يتخلص من صراع الحضارة والبداوة وآثاره في الحياة اليومية.فيقول في كتابه (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي): ” إن أهم معالم الثقافة البدوية في الصحراء هو الحرب الدائمة، فالحرب في الحياة الصحراوية هي الأصل، والسلم فيها عرف طارئ وحين ندرس المجتمع العراقي في العهد العثماني نجد هذه الظاهرة موجودة فيه على نمط يكاد لا يختلف في أساسه الاجتماعي عما هو موجود في الصحراء. فقلما كانت تمر مرحلة في العراق دون ان يقع فيها قتال على وجه من الوجوه“.وهذا يدل على ان آثار العنف كانت ومازالت موجودة في الشخصية العراقية وبسبب الحروب والصراعات أصبحت أرضا خصبة لانغراس كل ماله علاقة بالعنف والمجابهة. الغاء الطابع المدني للمجتمع لقد كان للنظام السابق إستراتيجية اعتمدت على إلغاء كل مظاهر الحرية المدنية التي تستطيع ان تبني الإنسان ثقافيا وعصريا واعتمد عوضا عن ذلك على سلسلة من الإجراءات السلطوية الفوقية ذات الصبغة العسكرية التي تلغي ملكة التفكير الحر عند الإنسان ، وظهرت تبعا لهذه النزعة والقائمة على منهجية صارمة من قبل السلطة وأجهزتها ما يسمى بالمنظمات الجماهيرية مثل الطلائع في المرحلة الابتدائية والفتوة في المرحلة المتوسطة وتدريب طلبة الجامعات في فترة العطلة الصيفية الى جانب ما كان يسمى بقواطع الجيش الشعبي وسوقهم بالقوة والإكراه ، كل ذلك وباسلوب عسكري صرف يتم من اوطا المراحل إلى أعلاها ومن خلال ثقافة تعبوية تهيئ الأذهان والعقول لتنفيذ الأوامر الفوقية ومن غير اي اعتراض او نقاش ، الامر الذي تعززت من جرائه حالة التشنج والعنف في المجتمع العراقي مما ولد: - توتر المزاج العام للمجتمع وسرعة الاستثارة بسبب الحالة العسكرية وثقافة العنف التي تشبع بها الشباب بسبب الحروب والتنازع وأسلوب استخدام القوة واستعراضها، وقد تزاوج هذا التوتر والمزاج مع المفاهيم والقيم القبلية ذات الجذور البدوية الشائعة الى حد كبير ولو بدرجات متفاوتة بين مناطق العراق الجغرافية. - فقدان فرص التعليم لكثير من الشباب، حيث حاجة الحروب الى وقود وان وقودها هم البشر وهم العسكريون الشباب خاصة . - تدني المستوى المعاشي بسبب توجهات الدولة العسكرية وانشغالها بالحروب. - خلق جيوش من العاطلين عن العمل بعد تسريحهم، حيث يستبعد ان يكونوا قد تعلموا حرفا تفيدهم في حياتهم المدنية. من ثقافة العسكرة الى ثقافة الارهاب بعد سقوط النظام 2003 شهد العراق بداية ظهور إمكانية بناء نموذج دولة من طراز جديد في المنطقة ظهر الى جانبه الإرهاب والعنف واستشرى بشكل كبير وهكذا شهد العراق اعمالا ارهابية كرد فعل على التجربة الديمقراطية ، ولقد ساهمت عسكرة المجتمع التي اتبعها النظام السابق في توسيع هذا الارهاب والعنف لان ثقافة العسكرة والتجييش قد اصبحت عاملا معرقلا للسلام الاجتماعي الذي يبغيه العراقيون ، وكما تقول احدى المقولات الفكرية: الافكار القديمة لا تموت ابدا في اوقات التحولات الديمقراطية . وهذا ما نراه حاليا في مجتمعنا العراقي ومرده الكثير من الإرهاب والعنف الموجود في المجتمع حيث نرى ثقافة العسكرة تغذي بفعالية العنف المستشري الى جانب العنف والإرهاب المستورد ، وهكذا وإمام سيادة مثل هذه الثقافة تشبع فضاء الحياة العراقية بالعسكرة الى ان سقط النظام وتوقعنا ان تختفي هذه المظاهر من المجتمع العراقي لكن وللأسف لم يحدث ما تمنيناه فمازالت مظاهر العسكرة بشقيه (السلبي والايجابي) في الشارع العراقي واضحة بشكل كبير فهناك الميلشيات وهناك مجالس الإسناد وهناك مجالس للعشائر وهناك مجالس للصحوة ولا يكاد يخلو شارع من هذه المظاهر . ربما يكون الحال مختلف عن السابق وهي ان النظام في السابق فرض هذا الجو على المجتمع حفاظا على وجوده لكن الأمر اليوم يختلف فلاعمال الإرهابية وعدم الاستقرار الأمني او ضعفه اوجد لنا عسكرة من نوع اخر ولسبب اخر الا وهو حماية النفس وبهذا لجاء الفرد الى حماية نفسه بنفسه وهنا تكمن المشكلة الكبرى فغياب الأمن والإعمال الإرهابية ساعدت على تنشيط عسكرة المجتمع من جديد . وعلية يمكن القول وكتحصيل حاصل إن ضعف تطبيق القانون في منطقة من المناطق ما اوجد وسائل ضبط بديلة من اجل الحفاظ على النظام الاجتماعي فيه. وهكذا اطلت العشيرة برأسها كل مرة يغيب فيها القانون لتأتي لنا بقوانينها الكيفية المعروفة في المجتمع العراقي " حالة البداوة" . ولا غرابة أن نرى أو نسمع ب" تجمع عشائر بغداد أو عشيرة فلان في بغداد" مثلا أو المدن العراقية الأخرى، وهو امر مؤسف نصل اليه لحفظ الأمن في العراق عامة. حيث مدن ومراكز حضرية عمر بعضها آلاف السنين والآخر مئات السنين في الأقل ولا زالت تلوذ بالعشائر. خريطة طريق للانعتاق من ثقافة العسكرة لذلك نرى ان جزءا كبيرا من ضرورة معالجة هذا العنف ينبغي ان يوجه الى معالجة هذه الثقافة وإيجاد بدائل حضارية لهذه الثقافة وهذا أمر هام جدا ينبغي العمل عليه من كل الجهات السياسية والمجتمع المدني ومراكز البحوث والدراسات وهو ضرورة أنية وإستراتيجية من اجل المساهمة في إيجاد مجتمع امن ومسالم ولجميع العراقيين . وفي الحقيقة ان ثمة أمورا ايجابية تساعد في إمكانية معالجة هذا الارث السلبي ولجميع العراقيين، وذلك يتمثل في:1- البديل المؤسسي المدني : ان العراق الجديد المعاصر تشكلت مؤسساته من خلال إلية حضارية شرعية وهي الديمقراطية التي قامت من خلالها كل المؤسسات الحالية من مجلس رئاسة ومجلس الوزراء والبرلمان وهذه النسق من المؤسسات الديمقراطية لها إمكانية هائلة في معالجة هذا الإرث السلبي ولان المواطن اليوم قد لمس جيدا مساوئ العسكرة وحكم العسكر وهذا يساعدنا كثيرا في ايجاد مناخ ملائم لتفاعل المجتمع مع توجهات هذه المؤسسات الديمقراطية كي نوحد ارضية ونخلق مناخ جديد يعتمد الانفتاح على كل الافكار المدنية الانسانية التي هي فقط من تستطيع ان توجد مواطنا فعالا يستطيع المساهمة في بنـــــــاء المجتمع على اسس سليمة تعتمد حقوق الانسان والحرية ونظيراتها من القيم الاخرى التي تصب في نفس الهدف.2- دور نخب الثقافية: على النخبة المثقفة في العراق توجيه دفة الحكم المقبل باتجاه تاسيس قيم وتقاليد بل ممارسات فعلية للديمقراطية وتنميتها من خلال المؤسسات التعليمية وافساح المجال لمؤسسات المجتمع المدني لان تلعب دورا كبيرا في ذلك، تلك القيم التي تبنى على اسس مغايرة الى حد كبير لما هو سائد من قيم العنف والتعسف ومصادرة الآخر والتي ساهمت الديكتاتورية وعسكرة المجتمع في ترسيخها في الذهنية والممارسة الحياتية للمواطن العراقي.3- المراجعة الشاملة للمنظومة القيمية للمجتمع العراقي ورصدها ومحاولة التأثير فيها في العمق. من خلال تفكيك البنى القبلية ومفاهيمها ومنظومتها السلطوية، وذلك بمحاولة اختراقها عن طريق تحرك الأحزاب لكسب الأفراد القبليين وخاصة ذوي النفوذ منهم ويجدر هنا الحذر من قبلنه (نسبة إلى القبيلة) الأحزاب، بل الهدف هو جعل ولاءات المنتمين للأحزاب وهو ميكانزم هام يحقق هدفا مزدوجا يتضمن إضافة إلى ما ذكر ضمان أصوات أكثر حين تدق ساعات الحسم والاحتكام إلى الورقة الانتخابية بدلا من رصاص البنادق.4- بناء المواطنة : لابد هنا من التركيز على بناء المواطن العراقي بصورة صحيحة بعيدة عن سياسة العنف من خلا ل السياسات الشاملة الاتية: الجانب الامني : استقرار الوضع الأمني تماما ثم وضع خطة مثالية تسعى الدولة لتطبيقها والاولى لهذه الخطةالجانب الاقتصادي : رسم خطط لتنمية شاملة تتضمن جوانب الحياة العديدة ومنها الاقتصادية من اجل إنقاذ الشباب من الوقوع في حبائل الحركات الإرهابية والمتطرفة التي تغذي دائرة العنف.الجانب الثقافي: العمل على نشر ثقافة مدنية عامة شاملة قائمة على أساس الانتماء للوطن أولا والوطن هنا يعني الشعور بالأمان .الجانب التعليمي: البدء بإصلاح مناهج التعليم وتخليصها من كل صور العنف وقصصه لاسيما التواريخ العربية المليئة بقصص القتال والمعارك والانتباه الى ما هو ثقافي وأنساني في ذلك التاريخ، ولابد من إيصال كل المعاني المراد إيصالها عبر العملية التربوية بلغة خالية أيضا من مفردات العنف.الجانب القانوني: سن قوانين تجرم العنف بأنواعه ومنه (العنف الأسري او العشائري ) القائم على قواعد وقيم قبلية تتعلق بغسل العار والثأر واستخدام العنف داخل الاسرة بحجة التربية مثلا وغيرها. 5- الفصل بين المؤسسة المدنية والعسكرية في نطاق الدولة: من المهم عدم إقحام الجيش في السياسة أو تدخله، وعليه لابد من إبعاد الجيش عن التدخل في السياسة. إن العراق اليوم على أعتاب مرحلة تتطلب البناء على قواعد علمية وقيم العدالة الاجتماعية والديمقراطية. ولا يتحقق ذلك دون جهود وتضحيات كبيرة مبنية على أساس محاولة نسيان الماضي وأزماته والاستفادة من تجارب الأمم الكبرى التي نهضت من حطام الحروب وويلاتها وبنت أمجادها بجهود أبنائها ولنا في ألمانيا واليابان مثلا واضحا .



#سهيلة_عبد_الانيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام في مستقبل العلاقة الايرانية الاميركية
- في اسباب العنف الطائفي وجذوره


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهيلة عبد الانيس - عسكرة المجتمع العراقي بين اثار الماضي ومعالجات الحاضر