أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - إعلاميون وفندقيون وجواسيس














المزيد.....

إعلاميون وفندقيون وجواسيس


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2312 - 2008 / 6 / 14 - 10:05
المحور: حقوق الانسان
    


هل انتهى عصر البحث التقليدي عن الجواسيس الذين يخدمون جهات معادية للعرب؟
هل الجاسوس هو فقط الذي يتبرع بمعلومات عن صفقة أسلحة، أو تغييرات في المناصب، أو زيارات سرية يقوم بها مسؤولون حكوميون؟
في الواقع فقد اختفت تقريبا الأساليب المشار إليها، وأصبح الجاسوس الآن منافسا للوطنيين، ومثقفا يلقي محاضرة عن خطر الاستعمار، وإعلاميا مرموقا يتم تكريمه على مرأى من جمع غفير يصفقون له حتى تدمى أيديهم.
إنه ليس بالضرورة نسخة كربونية من إيللي كوهين، أو هبة عبد الرحمن سليمان أو عزام عزام أو ليفي افرايم أو هشام محجوب أو فارس مصراتي أو سمحان مطير أو سمير عثمان أحمد، لكنه نوع جديد تماما يناسب العصر، ويؤدي مهمته تبرّعا دون أنْ يتلقى في كثير من الأحيان الأوامر أو أدوات التجسس أو الحبر السري أو مظروفا به أجر الخيانة مع نزهة باريسية وسهرة حمراء في المولان روج.
الجاسوس الجديد لا يعمل بالضرورة لحساب إسرائيل، لكنه متطوع بكامل رضاه ووعيه لجهة قد تبدو ظاهريا وطنية، وفي الحقيقة هي سلطة قمعية تمثلها بعثات دبلوماسية لا يدري المرء إنْ كانت إمتدادا للسجون والمعتقلات أو هي فرع أنيق ودبلوماسي لجهاز أمن الدولة.
كوهين الجديد قد يكون موظفا في فندق في الخليج يتبرع لسفارة بلده بمعلومات كاملة عن ضيوف الدولة، وعن تحركاتهم ولقاءاتهم ومضيفيهم وكيفية الحجز وأسماء الموظفين والعاملين لدى المضيف، خاصة إن كان يحتل مركزا رسميا وقياديا.
إنه عين البعثة الدبلوماسية التي لا تحتاج لكتيبات صغيرة تجمع ما فيها من معلومات، إنما هي مهمة بعض موظفي الفنادق، فيكتبون التقارير أو يبلغونها هاتفيا، ولك أن تتخيل هذا الكم الهائل من المعلومات الذي يتدفق على المؤسسات الأجنبية والهيئات والبعثات الدبلوماسية حتى لو أرسلتَ من غرفتك إلى غرفة أخرى مظروفا به رسالة أو كتاب، فكوهين الجديد قادر على ايصال المعلومة لسفارة بلده قبل أن تستيقظ من نومك أو تبدأ أولىَ لقاءاتك.
وقد يكون إعلاميا وطنيا مكرّما من أكبر مضيفيه، وتتفتح له الأبواب، ويُلقى محاضرة في مؤتمر أو ملتقى أو اجتماع فتظن للوهلة الأولى أنك أمام مناضل جهادي يستعد لتفجير نفسه في موكب لمدرعات العدو، فإذا به مكلّف بتقرير يقدمه لأمن الدولة فور عودته لمطار عاصمة بلده.
إنه الإعلامي الجديد الذي يمسك القلم ويفكر في السلطة، ويخط كل حرف وذهنه منشغل بضابط الأمن الذي سيبتسم في وجهه، وربما يقوم بحمايته إنْ غضب عليه رئيسه المباشر.
سألت سائقي في إحدى مرات زياراتي السنوية عن بعض أعداد مجلة ( طائر الشمال ) التي كانت في السيارة، فلم يتلعثم أو يتردد، لكنه قال بوقاحة: لقد أرسلتها إلى سعادة السيد سفير بلدي هنا لكي يطّلع عليها!
سألت صديقا عزيزا ومدير تحرير صحيفة عربية عن هذا الهلع الذي أراه في عيون زملائنا في السلطة الرابعة وهم يجتمعون بعيدا عن الوطن وفي عيد وطني لدولة عربية شقيقة، فقال لي بصراحة أدهشتني: إننا نكتب التقارير ضد بعضنا، ونتوجه فور العودة كل إلى ضابط الأمن المكلف به تلقيّاً وحماية، حتى لو تناول أحدنا طعام العشاء مع معارض في الخارج.
وكوهين الجديد ترتعش أوصاله، وتكاد تنكسر مفاصل ركبتيه إنْ أعطيتَه كتابا يقرأه وفيه مناهضة لسلطات بلده، فهنا تصبح صاحبة الجلالة .. السلطة الرابعة أكثر هشاشة من ورقة شجرة تسقطها نسمة خريف رقيقة.
إنه لا يكتفي بالفزع من الروح الأرنبية المترسخة داخله، لكنه يفكر في موظفي الفندق فكثيرون منهم سيوقظون سعادة السفير من فراشه الدافيء، وربما يفكر الإعلامي بأن تقرير السفارة سيقع بين يدي جهاز الأمن في بلده قبل أن ينبلج صباح جديد.
عندما تتسلم مفتاح غرفتك في الفندق، ويبتسم لك موظف أنيق ومهذب ويكاد يُقَبّل يديك من أدبه الجمّ، فتأكد بأن صورة جواز سفرك قد وصلت لسفارة بلدك قبل أن تشاهدها جهات أمن مضيفك الكريم.
تخيل موجات متدافعة من المعلومات عن مؤتمر عسكري أو أمني أو زيارة مسؤولين أجانب لم تعلنها الصحافة، ويعرف تفاصيلها موظفو الفندق وكوهينوه الجدد!
بعض الدول العربية الثورية تعتمد اعتمادا كبيرا على موظفي الفنادق في دول الخليج وعلى إعلاميين كبار، مقيمين أو زائرين، يتولوّن مهمة غير شاقة، بل يستطيعون أن يُحصوا أنفاس الزائر منذ وصوله إلى مغادرته.
إنهم هجين جديد مكوّن من لقاح أمني مع آخر إعلامي بنكهة دبلوماسية.
( رجلنا في دمشق ) كتاب عن إيللي كوهين قرأت ترجمته النرويجية منذ ربع قرن، والآن يمكنني أن أستعير نفس العنوان فتقول: ( رجلنا في الفندق ) أو ( رجلنا في الملتقى الإعلامي )!
كنت لفترة طويلة أخشى التواجد الآسيوي الكثيف وأعتبره أكبر خطر يحيق بخليجنا العربي، بل لقد خشيت أن يتحول هؤلاء إلى ذراع طويلة لبلادهم الآسيوية التي تضيق بسكانها وفقرها الأرض بما رحبت.
الآن أخاف على خليجنا من الكوهينيين الجدد الذين باضتهم دجاجة الأمن، وفقستهم سفارات بلادهم.أخاف على خليجنا العربي من إعلاميين ووشاة يهمسون في آذان مضيفيهم كما يفعلون مع أجهزة أمن بلادهم، فيقومون بــ ( تطهير ) خليجنا من زائرين وأصدقاء وعشاق له، لكي تتفتح لهم أبواب جديدة، ومجالات أرحب لكل أنواع الوشاية الدنيئة.
إنهم لا يقلّون خطرا عن جواسيس الأعداء الذين أشرنا إليهم، فهم من لحمنا وديننا وعروبتنا ويتحدثون لغتنا، لكنهم يضمرون لنا كراهية حقنتها في صدورهم مشاعر الخوف من السلطة، والرغبة في التعاون معها ضد أبناء وطنهم.



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت متهم لأنك تحب وطنك .. سورية!
- رسالة مفتوحة إلى فيصل القاسم
- فيصل القاسم يعلن وفاتي في الثلاثاء الأسود
- بعد اطاحة الطاغية مبارك .. البيان رقم واحد
- دعوة لتحريض الإخوان المسلمين ضد المرشد العام
- بيان الثلاثين نصيحة للعصيان المدني في 4 مايو
- 4 مايو .. نهاية طاغية في عامه الثمانين
- خطوات ضرورية قبل القبض على مبارك ومحاكمته
- الغضب الشعبي المصري في 6 ابريل
- النرويج .. الآن يمكنني الحديث عنها
- لا تصدقنا يا رسول الله فنحن كاذبون
- دماء السودان في رقبة البشير
- سيدي الرئيس .. استحلفك بالله أن تستقيل
- الكوارث المنسية في الصحراء المغربية
- جوانتانامو .. العار الأمريكي والصمت العربي
- مبروك .. ليست هناك أماكن شاغرة في مسقط
- الحروب الصليبية العنكبوتية .. شروط النصر وعلامات الهزيمة
- حوار بين مواطن مصري و .. ضابط شرطة
- حقوق السوريين في خوف أقل
- المراحيض في خيمة العقيد


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - إعلاميون وفندقيون وجواسيس