أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد بوزكَو - أكوام عظم في الأرض.. واِثْري* في السماء














المزيد.....

أكوام عظم في الأرض.. واِثْري* في السماء


محمد بوزكَو

الحوار المتمدن-العدد: 2311 - 2008 / 6 / 13 - 11:19
المحور: حقوق الانسان
    


في الأسابيع الماضية استطاع اثري الريف الطلوع في السماء مشعلا بريقا فريدا.. وقد بين أن الريف يزخر بطاقات متجددة كانت خامدة أو أًريد لها أن تخمد.. لكن بمجرد الانتهاء من بناء المركب الرياضي تم بناء فريق شرس بدا وكأنه خرج من صلب الاسمنت المسلح الذي استعمله السيد العزوزي في "اِبيلان" الملعب..
اثري الريف طلع إلى القسم الأول لكرة السلة، وزوق السماء بضياء باهر...
وقبل أيام من ذلك طلعت نجوما أخرى خارقة صمت الكذب.. رفات نجوم قتلهم رصاص عهد الرصاص.. وبدل أن يطلعوا في السماء طلعوا من غياهب أرض اغتصبوها حفرا بالجارفات وخنقوها بوضع أبناء لها في رحمها وهم جثة هامدة.. شباب كان يحمل قلم الرصاص متوجها لداره فإذا بالرصاص يحمله عنوة إلى الدار الأخرى..
طفل لم يكن له من متعة سوى أن يلعب "بولار" فاسترخصوا عليه ذلك وسرقوا منه طفولته دون أن يتمكنوا من حرمانه من أدوات لعبه التي اصطحبها معه في جيبه.. عله يجد مكانا آخر للعب..
شاب بدل أن يقبل على الحياة قلبوه في الحياة.. غرسوه في الأرض كما تغرس البطاطس وفي جيبه بطاقة تعريفه الوطنية.. تمسك بتعريفه وبوطنيته كبطاقة شرف... لكن الرصاص حوله إلى نكرة لا وطن له غير تراب القشلة البارد ولا بطاقة لديه سوى الفراغ.. فلم يكن إلا دودا وكومة عظم...
شباب ورجال أكلهم ترابهم.. جثث تحولت إلى أسمدة لإنعاش النبات.. عظام قاومت سلطة الزمن بعد أن قهرتها سلطة البشر.. فاسطع يا "اثري" في السماء وأرسل أشعة الحقيقة على هذا الريف..
كان ذات خميس أسود.. كنت "زوفريا" على صغر سني.. أكتري بيتا مع أبناء قريتي الصغيرة قرب "بوبلاو".. كنا نحط كالطائرات كل صباح في ثانوية المطار.. لنحصل المعرفة.. إلا ذلك الصباح عوض التحصيل المعرفي حصلنا أمام جحافل من مختلف القوات العسكرية بعضنا تمكن من الانفلات والبقاء في دار الفناء وبعض منا فنا عمره وانتقل إلى دار البقاء.. وأصبح تحصيل حاصل..
أبي أراد أن يتفقدني.. شدَ الكار وهوَد من قريتنا إلى المدينة.. وبعد أن سلم لي بعض النقود انصرف مطمئنا على كوني لازلت حيا بعد أن نصحني بأن أعمل عقلي... أعرف أن لدي عقل.. لكن لا أعرف كيف علي أن اعملُه.. هكذا قلت في قرار نفسي وودعت والدي الذي بدا لي أن لا عقل له، هو الذي أتى في يوم الرصاص لزيارتي..
قصة ذلك اليوم ستظل موشومة.. عساكر يخيطون الشوارع.. سيارات إسعاف تخترق الصمت.. وجوه صفراء تعكس لون الشمس.. وريحة الموت تنبعث من الأزقة ممزوجة بلون الرصاص..
الآن طلعت ريحة أخرى، ريحة أكوام عظم دفنت خلسة.. بعد أن أزهقوا روحها خلسة.. أكوام عظم كانت قبل ذاك الخميس إخوة لنا.. أبناء لنا.. أحفادا لنا..أصدقاء لنا.. فإذا بهم ذاكرة لنا..
أكوام عظم قاموا كي يقاوموا النسيان.. قاموا ليصيحوا.. القتل لا يَقتُل.. والموت لا يعني الفناء.. كما أن الحياة لا تعني دائما العيش..
كرة السلة دخلت سلة الذكريات.. ورفات أدخلوها سلة المهملات..
شباب انتصر بالريف للرياضة.. ورصاص في الريف اختصر الحياة..
زغرودة لسلة الآن.. كانت يوما للموت زغرودة..
صاحت "باثري" حناجر .. ورصاص أسكت حناجر..
12 يناير عيدنا.. وبعد أسبوع صار عزاؤنا..
قبلنا بعيدك يا يناير.. وما قبلنا بغير الحياة في يناير..
فلا من قُتل يُنسينا في الحياة.. ولا الحياة تُنسينا في من قُتل..
ويبقى السؤال..
كيف نصَيِر الموت حياة..؟
أو..
كيف نواجه النسيان..؟
كي لا ننسى.. علينا أن نتذكر الطريق الذي قطعناه..
كي لا ننسى علينا أن ننام قيللا..
كي لا ننسى.. علينا أن ننسى النسيان..
كي لا ننسى..
سطع "اثري" في سمائنا ليرسل نورا فاضحا.. كاشفا حقيقة الكذب...
كي لا ننسى.. علينا أن ننبش قبورنا...
..وأن نعطي الكلمة لجثثنا...

* النجم



#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ختان المرأة بالمركب الثقافي بمناسبة عيد المرأة
- أني كتبتُكِ وقرأتُكِ غدا...
- الرابطة المنحلة... فكريا
- تلفزتنا... قد نشاهدك لكننا لا نراك
- ماذا لو ذبح ابراهيم اسماعيل...
- التعريب...التغريب
- المغرب وطن لنا أم موطن لنا؟
- متاهة


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد بوزكَو - أكوام عظم في الأرض.. واِثْري* في السماء