أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن رفاعي - ابنتي سارة














المزيد.....

ابنتي سارة


مازن رفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2300 - 2008 / 6 / 2 - 08:48
المحور: الادب والفن
    



لا اعلم لماذا افتح عيني كل صباح على ذكريات الوطن والأحبة في الوطن. دقائق من شريط لذكريات تمر بالخاطر تحتل الزمن مابين الاستيقاظ والنهوض من السرير.
تترائ لي في أحلام اليقظة غرفتي الصغيرة في منزلنا البسيط وكاد اسمع أصوات الباعة المتجولين وصياح الأطفال وحركة الضجيج وأبواق السيارات المزعجة. أشياء افتقدها هنا، أشياء استبدلتها برنين المنبه وهدوء الطبيعة، حفيف أوراق الأشجار، وزقزقة العصافير.
أتسائل وككل صباح إلى أين انتمي إلى جذوري أم إلى واقعي المعاش ويختفي السؤال مع بداية اليوم ليعاودني في الأيام التالية.
ألهتني مباهج الحياة في السنين التي خلت عن هذا السؤال ولكنه اليوم عاد وبقوة بفرض نفسه و في كل صباح وأنا باحث غير واجد الأجوبة السهلة المستحيلة .
آه...................أوف....................................أوف............. كم هي صعبة هذه الحياة وكم هو صعب اتخاذ القرارات. وهل أنا قادر على اتخاذ القرارات؟ وإذا حدث فهل هي ممكنة التنفيذ؟؟
في موطني كنت افتح عيني على الحلم بالهجرة وامتلاك سيارة وزوجة هيفاء القد ترتدي بنطال الجينز وكنت اعتقد إني فرد لا يخطئ، صالح لكل زمان ومكان، عارف ملم بكل الأمور، وان جميع من حولي اقل مني كفاءة وذكاء ولذلك فهم يتآمرون ضدي !
وحتى بعيد فترة من مجيئي هنا كان يتبادر إلى ذهني أننا معشر الرجال الشرقيين لا نخطئ وان قراراتنا صائبة دائما وإذا لم نتمكن من تنفيذها، فالسبب هو الآخرون الذين نعلق عليهم دائما فشلنا سواء أكانوا أفرادا أم مجموعة أو نظام وحتى دولا استعمارية تتآمر على تفشيلنا وحكمتنا.
اكتشفت هنا أني إنسان عادي، قليل المعرفة، محدود الإطلاع، بسيط التفكير، كثير الشك، لااثق بالآخرين وانتقص من إمكانياتهم لا ارضي ذاتي.
بعد أن اكتشفت الداء باشرت العلاج إلى أن تماثلت إلى الشفاء. هنا أعدت تشكيل ذاتي بعد أن تعلمت أن اطرق المواضيع مباشرة دون لف ودوران آو تملق أو تزلف.
هنا تحولت إلى إنسان آخر، تخليت عن الكثير من العادات والتقاليد الموروثة، وألقيتها في سلة مهملات الذكريات
غيرت جلدتي كما يقول لي صديقي رضوان ورغم هذا فمازلت احن إلى الجذور.
ورغم أني احمل جنسية هذا البلد وأتمتع بالحرية فيه، فانا دائما في حالة الدفاع عن الانتماء وخاصة أمام أولادي اللذين يرفضون قبول أراء وعادات غريبة عنهم بعد أن تعلموا حرية الاختيار و الاختلاط وحقنوا بالكثير من العادات، فبات من الصعب ترويضهم وإعادتهم إلى بر الأمان.
الدكتور صادق لا يعاني من هذه المشكلة فأولاده متقوقعين في هذا المجتمع، لا يعرفون من البلد إلا أبنية معدودة "المنزل والمدرسة العربية، منازل الأصدقاء العرب وأماكن التسوق الأسبوعي" لذلك ألقى باللائمة على حين طلبت مشورته واتهمني باني أفسدت أولادي وعلي أن ادفع الثمن في الدنيا والآخرة!!
ابنتي سارة يخابرها صديقها في المدرسة وأنا بنفسي من يرد على الهاتف، ويدعو سارة إلى محادثة صديقها الشاب، ورغم انسلاخي عن الكثير من العادات والتقاليد، ورغم تغيير جلدتي، ورغم انفتاحي، فلازلت شرقيتي وحميتي تداعبني بقسوة، ولازالت أفكاري ترفض الكثير من الوقائع التي تحدث أمامي وربما هذا ما يدفعني إلى إعادة حساباتي كل صباح باحثا عن جوهري الأصلي.
فانا أتصنت إلى حديث سارة مع صديقها والكلمات تنهش من أعصابي، وتخيلاتي تقفز كحصان سارح في السهوب. واجد نفسي مضطرا للتحقيق مع ابنتي متصنعا اللامبالاة ناصحا إياها بمتابعة الدراسة والاهتمام بالحصول على شهادتها الدراسية أولا متمنيا متأملا أن لاتكون أفكاري السوداء واقعا.
الهروب العودة إلى الجذور هو الحل لحماية ابنتي . ولكن هل ترضى سارة الاغتراب؟ وهل ستقبل بواقع جديد ؟ أم أني سأخسرها إلى الأبد.؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبتها ماهو الحل؟ ومن هو المخطئ ؟ وماذا افعل ؟
ذكرياتي الصباحية تدق الباب دون استئذان يفرضها واقع معاش وصراع محتدم .
أتيت هنا وحققت الحلم بان أكون حرا حققت أحلامي واقتنيت سيارة. ورافقت أجمل الفتيات وتزوجت أكثرهم ذكاء وهانا اليوم ابحث لابنتي عن خلاص من ارض أحلامي !!
أتسائل هل تخلصت من سمات شخصيتي الشرقية كما ادعيت؟؟ أم أني لازلت اعتقد أني فرد لا يخطئ صالح لكل زمان ومكان، عارف ملم بكل الأمور وان جميع من حولي اقل مني كفاءة وذكاء ولذلك فهم يتآمرون ضدي !



#مازن_رفاعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغد يوم آخر
- رسالة أم لولدها
- موعد مع الخيانة
- ابو المجاري


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن رفاعي - ابنتي سارة