أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن رفاعي - موعد مع الخيانة














المزيد.....

موعد مع الخيانة


مازن رفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2011 - 2007 / 8 / 18 - 10:41
المحور: الادب والفن
    



يوم عادي لا يميزه عن غيره من الأيام سوى أنه سيشهد لقائي الأخير بها. وكعادتي وفي كل لقاء أحاول أن أستحضر بعض الخواطر الجديدة لأعبر لها عن مكنون قلبي. مضيفا بعض التوابل لمشاعري وأحاسيسي ليكتسب لقاءنا نكهة المحبين وطعم العشق والوله.


"اشتقت إليك أيتها الحنونة الجميلة، وكنت أشتاق قبلك للطرف الآخر من الماء، فقد كنت بعيدة ومجهولة أيتها المتمردة الطليقة."


في الطريق إلى لقائنا المعتاد، يجتر الفكر ذكريات تعارفنا ويلوكها بسعادة .

على درجات العمر صعدت أمامي من الطفولة إلى الشباب. رأيتها تورق وتزدهر وتمتلئ ثمارها بالأنوثة. وبمرور السنين ازداد نهمي لتذوقها واستحواذها، ونمت أحلامي بوصالها، إلى أن أتى اليوم الموعود. يوم الاعتراف.


أذكر حينها كيف أن القلب طار فرحا يريد الخروج من بين الأضلاع، ليحلّق من السعادة. الكلمات تسابقت منسابة عذبة لتصل إلى أسماعها. المشاعر والأحاسيس أكسبا خدّيها الاحمرار. عيناها تهاوتا إلى الأرض خجلا وحياء.


تعددت لقاءاتنا وتحولت قصتنا شعرا على الدفاتر، ورسما على القلوب، ولحنا في أغنية حياتي. كتبت لها ما لم يكتبه غيري، وما لم أكتبه أنا لغيرها.


ذات يوم أتتني رافلة في ثوب البراءة، وانهارت أمامي باكية معترفة بأنها خاطئة، لا تستحق كل هذا الحب. حدثتني عن بحار هائجة، وأمواج قاتلة، وسفن غارقة. حدثتني كيف حازت على الإثم والخطيئة في لحظة تهور عابرة، وكيف أنها تبحث عن حب يدفئها، وعقل يفهمها، وقلب يسامحها.


أحلامي المؤودة تناثرت على ضريحها أفكار سوداوية. تحطمت الآمال بمطرقة الآلام وبدا المستقبل ضبابيا.


حدثتني عن آهاتها وأحزانها، عن الندم والألم، عن الغفور الرحيم، عن التوبة النصوح.


على باب حبها وقفت مشدوها كطير جريح يرتفع ويهبط، ولا يقوى على الدخول. في ليلة ذاك اليوم تعرفت على الأرق وسهرت معه حتى مطلع الفجر.


في اليوم التالي جمعت الحنان والحب، الذكريات الجميلة، هتكت عذرية الفكر واللغة، وخاطبتها. قلت لها:


"من يحب لا يكره، ومن يملك دفء الحب لا يهمه قسوة وبرودة العذاب، ورب العباد غفور رحيم، فكيف وأنا عبد من عباده؟ لقد أدمنت حبك، فلا مهرب من الإدمان. لنحرق مراكبنا المتهرئة، ولنبحر سوية بمركب جديد، مبتعدين عن شواطئ المعاناة والآلام، لنبحر بحثا عن شاطئ جديد للأمان، و سأكون طبيبك المداوي، سأشفيك من أمراضك، وأطلقك من قفص الماضي."


يومها تعانقت أفكارنا، والتحمت شفاهنا، والتصقت أجسادنا.


مرّ أكثر من شهرين، ومع كل لقاء كنا نبتعد عن الآلام والأحزان، ونقترب من السعادة والآمال. وها نحن اليوم نلتقي في يوم عادي لا يميزه عن غيره من الأيام سوى أنه سينحت في الذاكرة مكانه بين الأيام.


اليوم كانت ترتدي وعلى غير العادة وشاحا أسود يزين رقبتها البيضاء. جلسنا على زاوية المقهى الذي سيظل شاهدا على قصة حب لم تكتمل.


عيناي وكالعادة كانتا تتأملا وجهها وتعانقا كل خلية من خلاياها، وفي غفلة من الزمن التفتت إلى الطرف الآخر. فابتعد الوشاح عن آثار جريمتها، علامة الخيانة الحمراء على رقبتها نظرت إليّ محدقة بتحدٍ. خفقات قلبي ازدادت. جملتي العصبية تحفزت. بوصلتي الداخلية فقدت الاتجاهات.


طلبت منها خلع الوشاح برقة، ومن ثم بلهجة آمرة نزقة، تحررت العلامة وخرجت من تحت ظلام الوشاح الذي فرض عليها، فبدت واضحة تحت ضوء النهار.


سألتها من زرع هذه العلامة هنا؟ وبلهجة امتزجت فيها مشاعر الغيرة مع المزاح والحيرة والتساؤل تماديت متسائلا: "هل التقيت به؟"


إيماءة مكسورة الوجدان كانت كصاعقة انقضت على مشاعري وكقنبلة نووية تنفجر في رأسي.


انهالت الأسئلة بعدها: "كيف؟ ولماذا؟ ولم؟ وأين؟ ومتى؟"


عذرها الأقبح من ذنبها، ردها اللاإنساني، اللامبالي، لا يزال يتردد على أسماعي كمعزوفة جنائزية.


أجابت بهدوء إجرامي: "طلب مني موعدا، لقاء وداع، وألح. رفضت. فلمّح لي مهددا أنه سيكون لقاء الوداع، فوافقته خوفا وخشية، تحدثنا وتصافينا، وقبلني قبلة أخيرة تاركا تلك العلامة. ولكن أقسم بأغلى ما أملك أن كل شيء انتهى بيننا، كان لقائي الأخير به."


وانهارت دموعها. لا أدري أكانت دموع خوف؟ أم دموع ندم؟ أم كلاهما؟

قلت لها مودعا: "نعم، كل شيء انتهى."


مساء الحزن، مساء الغدر والخيانة، وصمت، أغلقت فمي، وجعلت عينيّ تصرخ.


اليوم تعرفت على الغدر، ولأول مرة في حياتي، اليوم اكتسبت صداقات جديدة. ها هي الخيانة تصادقني، وها هو الأرق صديقي يعود إلى زيارتي، وها هي الليالي تسامرني، فأباري نجومها بالأرق.


اليوم كتبت لها آخر رسائلي التي لم تستلمها. على أنغام أغنية لست قلبي لعبد الحليم حافظ


كيف يا قلب ترتضي طعنة الغدر في خشوع؟

وتداري جحودها في رداء من الدموع؟

لست قلبي وإنما خنجر أنت في الضلوع.


كتبت لها: "لا، لست لي ولا حبك لي. أنت ورد ما به رائحة. لونه الأحمر أدمى مقلتيّ



#مازن_رفاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابو المجاري


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن رفاعي - موعد مع الخيانة