أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مستخدم العقل - الخطأ العلمي في فكرة الكتب السماوية عن وظيفة القلب















المزيد.....

الخطأ العلمي في فكرة الكتب السماوية عن وظيفة القلب


مستخدم العقل

الحوار المتمدن-العدد: 2300 - 2008 / 6 / 2 - 11:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


استكمالاً للمقال السابق عن فكرة القرآن عن السماء (والظن بأنها مجرد سقف أزرق اللون) فهذا المقال يتحدث عن فكرة كلٍ من الكتاب المقدّس والقرآن عن القلب وكيف أن تلك الكتب لم تخرج عن الفكرة الخاطئة التي كانت سائدة في وقت (نزولها) وذلك بالتصوّر - خطأ - أن القلب هو محل التفكير والعواطف واتخاذ القرار. فمن المعروف أنه لعدة قرون ظلت وظيفة مخ الإنسان غير معروفة حتى أن قدماء المصريين كانوا يستخرجونه من الجثة قبل تحنيطها ويلقون به بعيدا (بينما كانوا يعيرون القلب أهمية كبيرة للغاية). وقد اعتبر أطباء اليونان القدامى (أمثال أرسطوطاليس) أن الوظائف العقلية (كالتفكير والعواطف واتخاذ القرار) تتم في القلب وليس في المخ. وبالرغم من أن جالين (الذي وُلد في القرن الثاني بعد الميلاد) كان من أوائل من وضع نظرية أن التفكير والعواطف يقعوا في المخ وليس القلب، إلا أن نظريته تلك لم ترَ النور إلا على يد فيساليوس في عصر النهضة (القرن السادس عشر). وبالتالي فمن المعروف أنه حتى عصر النهضة (وحتى فيما بعد ذلك) فإن الناس كانوا يعتقدون أن التفكير والعواطف محلهم القلب وليس العقل.

أما عن الكتاب المقدّس فقد تحدّث أيضاً عن القلب باعتباره مركز التفكير والعواطف، ففي إنجيل متى ( (13:15نجد التالي "لأن قلب هذا الشعب قد غلظ و اذانهم قد ثقل سماعها و غمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم و يسمعوا باذانهم و يفهموا بقلوبهم و يرجعوا فاشفيهم"، وكذلك في إنجيل يوحنا (41:12) نجد التالي "قد أعمى عيونهم و أغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم و يشعروا بقلوبهم و يرجعوا فاشفيهم". وتجدر هنا ملاحظة أن كلا الإنجيلين (متى ويوحنا) قد تم كتابتهما قبل عام 100 ميلادية (أي قبل نزول القرآن بمئات الأعوام).

فهل خرج القرآن عن المفاهيم العلمية الخاطئة التي كانت سائدة في وقت (نزوله)؟

للإجابة عن ذلك التساؤل يجب ملاحظة أن القرآن مليء بالآيات التي تتحدث عن القلب كمركز للتفكير والعواطف واتخاذ القرار، مثال ذلك الآيات التي تتحدث عن إلقاء الرعب في قلوب الكافرين أو عن أن الله قد ختم على قلوبهم فلا يعقلون (آل عمران 151 – الأعراف 101 – يونس 74 – الروم 59) وغيرها من الآيات، وبالطبع فقد يقول قائل إن مثل تلك الآيات هي من التعبيرات الشعرية ليس إلا، إلا أن هناك آيتين في القرآن تتحدثان صراحة أن مركز التفكير واتخاذ القرار في الإنسان يقع في القلب (وليس المخ). الآية الأولى هي الآية 179 من سورة الأعراف التي تقول (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). أما الآية الثانية فهي الآية 46 من سورة الحج: والتي تقول (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، فالآيتين تتحدثان عن أن الإنسان يفقه بعقله، تماما كما يبصر بعينيه أو يسمع بأذنيه.

بالإضافة لذلك فهناك أيضاً الآية الأولى من سورة الشرح التي تقول (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) والتي ورد في تفسيرها القصة الشهيرة الواردة بالصحيحين (البخاري ومسلم) عن جبريل الذي أخرج قلب الرسول وغسله بماء زمزم ثم حشاه بالحكمة والأيمان (تماماً كما تقوم ربة البيت البارعة بحشو ثمرة الكوسة) وذلك قبل أن يسري به في ليلة الإسراء. فنصّ الحديث من صحيح البخاري يقول (حدثنا ‏هدبة بن خالد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏همام بن يحيى ‏ ‏حدثنا ‏ ‏قتادة ‏ ‏عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏عن ‏ ‏مالك بن صعصعة ‏ ‏رضي الله عنهما ‏أن نبي الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حدثهم عن ليلة أسري به بينما أنا في ‏ ‏الحطيم ‏ ‏وربما قال في ‏ ‏الحجر ‏ ‏مضطجعا إذ أتاني آت فقد ‏ ‏قال ‏ ‏وسمعته يقول ‏ ‏فشق ما بين هذه إلى هذه ‏ ‏فقلت ‏ ‏للجارود ‏ ‏وهو إلى جنبي ما ‏ ‏يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقول من قصه إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم ‏ ‏أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد). أما نصّ الحديث من صحيح مسلم فهو يقول (‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏فرج سقف بيتي وأنا ‏ ‏بمكة ‏ ‏فنزل ‏ ‏جبريل ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ففرج صدري ثم غسله من ماء ‏ ‏زمزم ‏ ‏ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه).
من الآيات والأحاديث الصحيحة الواردة عاليه نجد أن القرآن لم يخرج عن الخطأ العلمي الذي وقع فيه الكتاب المقدّس حيث يبدو أن جميع تلك الكتب السماوية لم تخرج عن المفاهيم العلمية التي كانت سائدة في عصر (نزولها)، ولكن المؤلم في الأمر هو أن (أساطين) الإعجاز العلمي القرآني (وعلى رأسهم الشيخ عبد المجيد الزنداني) حاولوا مداراة ذلك الخطأ العلمي الواضح بقولهم إن القرآن – بعكس الكتاب المقدّس – قد تنبأ علمياً بأن التفكير واتخاذ القرار يتم في المخ وليس في القلب واستدلوا على ذلك بالآية 15 من سورة العلق التي تقول (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ) وكذلك الآية 16 التي تليها والتي تقول (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ). وللأسف فإن مثل تلك المقولة تتجاهل جميع تفسيرات القرآن التي تؤكد أن المقصود بالآيتين هو إذلال ابي جهل (الذي نزلت فيه الآية)، فعلى سبيل المثال فإن تفسير الطبري يقول (" لنسفعا " أي لنأخذن " بالناصية " فلنذلنه . وقيل : لنأخذن بناصيته يوم القيامة , وتطوى مع قدميه , ويطرح في النار , كما قال تعالى : " فيؤخذ بالنواصي والأقدام " [ الرحمن : 41 ] . فالآية - وإن كانت في أبي جهل - فهي عظة للناس , وتهديد لمن يمتنع أو يمنع غيره عن الطاعة . وأهل اللغة يقولون : سفعت بالشيء : إذا قبضت عليه وجذبته جذبا شديدا . ويقال : سفع بناصية فرسه . قال : قوم إذا كثر الصياح رأيتهم من بين ملجم مهره أو سافع وقيل : هو مأخوذ من سفعته النار والشمس : إذا غيرت وجهه إلى حال تسويد ; كما قال : أثافي سفعا في معرس مرجل ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع والناصية : شعر مقدم الرأس . وقد يعبر بها عن جملة الإنسان ; كما يقال : هذه ناصية مباركة ; إشارة إلى جميع الإنسان . وخص الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته . وقال المبرد : السفع : الجذب بشدة ; أي لنجرن بناصيته إلى النار . وقيل : السفع الضرب ; أي لنلطمن وجهه . وكله متقارب المعنى . أي يجمع عليه الضرب عند الأخذ ; ثم يجر إلى جهنم). ومن هنا نرى ان كلمة "الناصية" لاتعني اكثر من الإذلال، اي ان الله سيذلّ من لم ينته عن الكفر، وهذا المعنى يتطابق مع الكثير من المراجع التاريخية التي تؤكد أن العرب كانوا قبل الاسلام قد اعتادوا على إذلال العدو عن طريق القبض على ناصية رأسه او قص ناصيته كما فعل الحارث بن عباد ، وهو من شعراء الجاهلية، اثناء حرب البسوس ، حين اسر المهلل (وكان قد قتل ابن الحارث قبل ذلك)، فقد قام الحارث بجز ناصية المهلل وتركه علامة على الاذلال وهو أكبر من القتل. كذلك فقد قال الشاعر القديم (وكنت إذا نفس الغوي نزت به *** سفعت على العرنين منه بميسم ونصوته). وقد جاء بمعجم لسان العرب ان كلمة " نصوته" تعني قبضت على ناصيته، و كذلك ورد في سيرة هشام أن النجاشي (ملك الحبشة) قد أقسم الايدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته. ونفس الرواية مذكورة أيضاً في كتاب "الكامل في التاريخ". وبالتالي فإن جميع تلك المراجع التاريخية تؤكد بما لايدع مجالاً للشك بأن المقصود بالآيتين هو إذلال أبي جهل ليس إلا، وبالتالي يكون القرآن قد وقع في نفس الخطأ العلمي الشائع في وقت (نزوله) حين تصوّر الناس في وقتها أن التفكير والعواطف واتخاذ القرار يقعوا جميعاً في القلب وليس في المخ.

إنني أشعر بالحزن والأسى حين أرى تناحر الأديان والطوائف الدينية بعضاً ببعض وحين أرى القتلى يتساقطون من أجل كتب سماوية لم تخرج في أفكارها عن أخطاء العصور التي ظهرت فيها، فهل يمكن أن يأتي الوقت الذي ينتهي فيه مثل ذلك الهوس الديني وأن ينظر الناس لتلك الكتب كما ننظر الآن لكتاب الموتى المصري القديم والذي لم يخرج أيضاً عن نفس الخطأ الذي وقعت فيه تلك الكتب جميعها؟



#مستخدم_العقل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن للقرآن أن يكون دستوراً للعالم؟
- هل تعريف القرآن للسماء هو الحقيقة المطلقة؟
- النظرة التشريعية للأنثى في فقه المواريث الإسلامي
- هل يمكن للشريعة الإسلامية أن تجد لها مكانا بين القيم العلمان ...
- جهاد الرسول مع بني قينقاع - صورة أخرى لثقافة الإرهاب التي تس ...
- ثقافة الإرهاب تحاصرنا في المدرسة والمسجد
- الحور العين هي إهانة للشعور الإنساني
- نقد النص المقدّس هو طريقنا الحقيقي للقضاء على الإرهاب


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مستخدم العقل - الخطأ العلمي في فكرة الكتب السماوية عن وظيفة القلب