أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مستخدم العقل - هل يمكن للشريعة الإسلامية أن تجد لها مكانا بين القيم العلمانية المعاصرة















المزيد.....

هل يمكن للشريعة الإسلامية أن تجد لها مكانا بين القيم العلمانية المعاصرة


مستخدم العقل

الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 09:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظهرت في السنوات الأخيرة مقولة (الإسلام هو الحل) التي يتبنّاها دعاة الإسلام السياسي حين يحاولون إقناعنا بأن الشريعة الإسلامية لديها الحلّ السحري لكل المشاكل السياسية والاجتماعية التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية. فأصبح الإسلام في ذلك مثله مثل أقراص الحديد التي كان أطباء المستشفيات العامة يصفونها في الماضي لعلاج أي مرض، فالإسلام هو الحلّ للفساد وللعنصرية و للفقر ولتفشّي الجهل ولقلة انتاجية الفرد ولغير ذلك من الأمراض الاجتماعية والسياسية التي تغرق فيها مجتمعاتنا.

فهل حقّا يمكن للإسلام أن يكون حلا لكل تلك الأمراض؟

للإجابة على هذا السؤال سأستعرض هنا شريعة الزواج والطلاق الإسلامية التي هي واحدة من أقدم الشرائع المترسخة في العالم الإسلامي وأقواها تأثيراً بحيث لاتكاد توجد دولة إسلامية لاتطبّقها (باستثناء تركيا وتونس)، والهدف هنا هو أن نقارن ماأتت به الشريعة الإسلامية مع ماأتت به قوانيننا الوضعية المعاصرة في الدول العلمانية بحيث تعطينا تلك المقارنة مؤشّرا على مدى نجاح الشريعة الإسلامية في حل مشكلاتنا.

إن شريعة الزواج في رأيي يجب أن تخضع للظروف الاجتماعية والبيئية والثقافية وهي ليست في حاجة الى قوانين سماوية مقدّسة. فالشريعة التي تصلح لمجتمع صناعي متقدم قد لاتصلح لمجتمع آخر يعتمد على الزراعة مثلا وبالتالي فإننا نجد اختلافا في قوانين الزواج والطلاق بين كل بلد علماني وآخر والهدف في النهاية هو حفظ حقوق الزوجين والأطفال. وعموما فإن قوانين الزواج الوضعية العلمانية يغلب عليها طابع العدالة والمساواة فنجد مثلا أن أي طرف يحقّ له طلب الطلاق في حال لو اكتشف خيانة الطرف الآخر له - كمثال لذلك أن الزوجة يحقّ لها طلب الطلاق إذا ما اكتشفت خيانة زوجها لها، وبالطبع فمثل هذا الشرط لايوجد في تشريع الزواج الإسلامي الذي يبيح للزوج أن يتزوج بأكثر من واحدة بل وأن يمتلك الجواري وملكات اليمين ويمارس معهن الجنس كما يشاء دون أن يحقّ لزوجته أن تطلب الطلاق بسبب ذلك (لاحظ أننا نتحدث هنا عن النص التشريعي وليس عن التطبيقات المتبّعة حاليا في بعض الدول الإسلامية).

مثال آخر للمقارنة هو أن معظم قوانين الطلاق الوضعية العلمانية تعتبر أن أي دخل مادي تحقّق للأسرة أثناء الزواج هو دخل مشترك للزوجين بغض النظر عمّن اكتسبه منهما طالما أنهما يتقاسمان مهام ومسئوليات الأسرة والأطفال معا وبالتالي فعند الطلاق يتم تقييم جميع الأموال والممتلكات التي اكتسبها كلا الزوجين خلال فترة الزواج (فقط) ويتم قسمة ذلك مناصفة بين الزوجين، وايضا فمثل هذا الشرط لايوجد في تشريع الزواج الإسلامي حيث أن النصوص التشريعية القرآنية لايعطي أية حقوق للزوجة عند طلاقها بخلاف مؤخر الصداق (إن وجد)، ولعلكم تلاحظون أنه لدرء هذا النقص فقد ابتكر المشرّعون إلزام الزوج بالنفقة على زوجته لمدة محدّدة تختلف بين كل بلد وآخر نظرا لعدم وجود نصوص صحيحة وصريحة في هذا الشأن.

خلاصة القول أن تشريع الزواج الإسلامي لم يهتم كثيرا بحقّ الزوجة في طلب الطلاق أو بحقوقها المالية بعد الطلاق وترك ذلك لاجتهادات المشرّعين الخاضعة للشد والجذب بين حماة الدين من جهة وجماعات حقوق الإنسان من جهة أخرى، ولعلنا نذكر المعارضة الإسلامية الشديدة لقانون الزواج المصري الذي صدر في سبعينيات القرن الماضي والذي أطلقوا عليه تهكّما لقب (قانون جيهان السادات) وذلك بسبب المواد التي أضيفت له والتي وضعت بعض القيود الطفيفة على حرية الرجل في الزواج بأكثر من واحدة وأعطت للمطلّقة بعض الحقوق المالية التي لم ينزل بها الله من سلطان.

الغريب في الأمر أنه بينما أغفل التشريع الإسلامي (من واقع نصوص القرآن والسنّة) الكثير من المواد الهامة نراه يركّز بشدة على أشياء أخرى شكلية وأقل أهمية بكثير مثل شرط وجود وليّ للزوجة (وكأنها قاصر لاتستطيع تزويج نفسها) أو شرط وجود شاهدين من المسلمين. ولعلنا نلاحظ أن هذين الشرطين هما من واقع أحاديث صحيحة. أما بالنسبة للقرآن فمن خلال قراءتي له وجدت أن الشرط الوحيد الذي يشترطه القرآن لصحة الزواج هو أن تأتي زوجتك أجرها. بالطبع قد تكون هناك شروط أخرى لصحة الزواج مثل الوليّ والإشهار ولكنها جميعا شروط مأخوذة من السنّة أو من مصادر أخرى أقل أهمية من القرآن ممّا يدل على أن تلك الشروط لاترقى في الأهمية الى أهمية الأجر. فمن ضمن الآيات التي أكّدت على أهمية دفع أجر الزوجة الآية 25 من سورة النساء التي تقول (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وكذلك الآية 5 من سورة المائدة التي تقول (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) والآية 4 من سورة النساء التي تقول (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) والآية 10 من سورة الممتحنة (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، أما الآية 24 من سورة النساء فهي تحتاج لمقال مستقل حيث أنها تجعل من زواج المتعة شيئا مباحا. أي أنه يحق للرجل أن يضاجع أي امرأة يرغبها طالما اتفق معها على أن يدفع لها أجرها لمدة محددة، فالآية تقول (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).

قراءتي للآيات عاليه تؤكد لي أن دفع أجر الزوجة هو أهم ركن في الزواج (وذلك من وجهة نظر التشريع الإسلامي). فموافقة الزوجة أو أهمية التكافؤ العقلي والفكري أو ضرورة بناء المجتمع وتكوين الأسرة على أسس أخلاقية واجتماعية سليمة أو غير ذلك من الأمور يمكن الاستدلال عليه من السنّة أو من أي مصادر تشريعية أخرى أقل أهمية من القرآن (أو قد لايوجد في أي مصدر تشريعي على الإطلاق). أما ماذكر في القرآن فهو فقط الأجر الذي يجب عليك أن تدفعه للزوجة مقابل نكاحها.

ألا تثير هذه المفارقة العديد والعديد من علامات الاستفهام؟

حين نقرأ الآية 25 من سورة النساء مرة أخرى نراها تقول (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)، فإن ذلك يذكّرني بما يفعله الشخص الذي لايستطيع استئجار شقة كبيرة يحلم بها فيضطر الى أن يسكن في شقة صغيرة في المبني الذي يملكه وورثه عن والده. وللتأكيد على هذا التشبيه تعالوا نقرأ فتوى الدكتور وهبة الزحيلي (المنشورة على موقع الإسلام سؤال وجواب) والتي تقول (قرر فقهاء المذاهب الأربعة أن الزوج لا يجب عليه أجور التداوي للمرأة المريضة من أجرة طبيب وحاجم وفاصد وثمن دواء ، وإنما تكون النفقة في مالها إن كان لها مال ، وإن لم يكن لها مال وجبت النفقة على من تلزمه نفقتها [كالابن والأب ومن يرثها من أقاربها] لأن التداوي لحفظ أصل الجسم ، فلا يجب على مستحق المنفعة ، كعمارة الدار المستأجرة ، تجب على المالك لا على المستأجر).

فهل يمكن لمثل ذلك المفهوم عن الزواج والطلاق أن يجد مكانا في وسط قيمنا العلمانية المعاصرة؟



#مستخدم_العقل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جهاد الرسول مع بني قينقاع - صورة أخرى لثقافة الإرهاب التي تس ...
- ثقافة الإرهاب تحاصرنا في المدرسة والمسجد
- الحور العين هي إهانة للشعور الإنساني
- نقد النص المقدّس هو طريقنا الحقيقي للقضاء على الإرهاب


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مستخدم العقل - هل يمكن للشريعة الإسلامية أن تجد لها مكانا بين القيم العلمانية المعاصرة