خالد عبد القادر
الحوار المتمدن-العدد: 2291 - 2008 / 5 / 24 - 09:05
المحور:
القضية الفلسطينية
في الاجتماع الديموغرافي الصهيوني في اسرائيل يوجد صراع داخلي, وفي القومية الفلسطينية المشتتة ديموغرافيا يوجد, كذلك, صراع داخلي وفي كل منهما ايضا اتحاد داخلي لكن النتائج المترتبة على ذلك متباينة الاتجاه بينهما .
فالصراع داخل الظاهرة الديموغرافية الصهيونية , هو رافعة الانجازات التي تحققت حتى اللحظة واخدت صورة
• كينونة وتوسعية دولة اسرائيل وسوقها العالمية سياسيا واقتصاديا
• موقعها المؤثر في الصراع العالمي والتنافسية العالمية العالية على الحفاظ على امنها واستمراريتها
• الموقع المتميز لها في وضع اختلال ميزان القوى في المنطقة
• امن عسكري متميز يتسع مجال نصف قطره الفاعل والمؤثر ليطال وسط اوروبا
• قدرة عالية على التناغم مع مستجدات ومتغيرات الصراع الدولي ونتائجه الحاسمة
• الدخول المبكرلتنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج الصهيوني الاستراتيجي في التحول الى مركز قوة عالمي
في المقابل نجد ان الصراع الداخلي في القومية الفلسطينية انتهت نتائجه الى الصورة التالية
• مراوحة الانجاز الفلسطيني بين سقف التحقيق وسطح الاجهاض تبعا لما تنتهي اليه تناغمات حركة الاطراف الاقليمية والعالمية
• استمرار خضوع القومية الفلسطينية لبرنامج الالغاء المتعدد المواقع عبر استنساخ الهوية القومية
• استمرار ارتهان حركتنا القومية لتجاذبات الصراع الاقليمي والعالمي
• استمرار افتقاد الانجاز الفلسطيني لقيمته الحقيقية في مجال التوظيف والتاثير في حركة الصراع الاقليمية والعالمية
انها صورة حالة ضعف الظاهرة الطبيعية المتكونة والمستقرة تاريخيا امام وحيال الظاهرة المصنعة في مختبر التخطيط الاستعماري التي تستدعي اشد حالات الحزن الذي يتفوق على الحزن الرومانسي الداعي الى الانتحار, وهو الانتحار الذي اخذ مؤخرا شكل الدعوة للالتحاق بالعدو اسرائيل والتي تتمم تحقق الدعوة المتحققة بنسبة عاليا مسبقا دعوة الالتحاق بالقوميات العربية , وفي كلاهما انتحار قومي فلسطيني جماعي , لكن ما يتوفر للظاهرة الطبيعية , لا تستطيع حتى اللحظة المختبرات الاستعمارية توفيره للظاهرات التي تنتجها وهو المقاومة والحصانة الطبيعية المكتسبة تاريخيا ومن خبرة التعرض للتاثير الخارجي وهي مناعة ومقاومة تشكل عاملا من عوامل التميز القومي الفلسطيني , وتمنحه قوة الاستمرار القومي المستقر التي لا تتوفر الا في القوميات طبيعية وتاريخية التكون والتشكل لذلك كان الاصدق ياسر عرفات حين شبه القضية الفلسطينية بطائر الفينيق وجعله رمزا من رموز الشعار القومي الفلسطيني . ولسنا هنا بصدد ممارسة تقليد (عربي) سلبي من طابع الاعتياش على انجاز الماضي , بل بصدد استخلاص العبرة من مقارنة وضع وحركة الظاهرة الطبيعية ووضع وحركة الظاهرة الاصطناعية .
فالظاهرة الاصطناعية اسرائيل ولدت من رحم البرنامج الاستعماري البريطاني , اي انها من بدئها تملك الوحدة البرنامجية فهي بالتالي تنفيذية المهمة , وهذا هو الشرط الاساس في المواطنة الاسرائيلية , وفي ذلك نجد مستوى تناغم وتحالف الوجود الاسرائيلي والبرنامج الاستعماري العالمي اي كان المركز المتفوق من مراكزه حتى لو كان ( عربيا ) وفيما يلي ذلك من توسع صهيوني في برنامجية وجود اسرائيل فهو موضوع خلاف وصراع مع مراكز الاستعمار العالي , لكن البرنامجية الصهيونية التوسعية وخلافها مع البرنامجية الاستعمارية العالمية لا يلغي اس وحدة المجتمع الصهيوني في اسرائيل وعلى الاخص في ظل المكتسبات التي تعود على افراده عبر تجريد الفلسطيني من ملكيته وهويته ومنحها للفرد الصهيوني .
اما الظاهرة الطبيعية الفلسطينية فقد ولدت واكتسبت خصائصها من حالة تقاطع لوجستية موقعها الجغرافي مع حركة الاتصال العالمية وتعرضت لتأثيراته التاريخية وكان من اهم هذه الخصائص , استقرار وتمدد الحالة الاستعمارية على مدى طول التاريخ الفلسطيني الى درجة اصبح معها شكل التحرر الفلسطيني هو الانتقال من حالة سيطرة مركز استعماري عالمي الى سيطرة مركز استعماري عالمي اخر
• انتهازية عالمية في التعامل مع القضية الفلسطينة تاريخيا وهي انتهازية مابين حد توظيف الجهد الفلسطيني في الصراع بين المراكز الاستعمارية وحد رفض قبول الاستقلال القومي الفلسطيني
• تجريد القومية الفلسطينية من قوتها في صورة تجريدها من المركزية السياسية ودورها التاريخي كادارة للنظام القومي ومحققة لامنه وحافظة لخبراته وموظفة لناتجه
• تجريدها من استقلالية الوعي الوطني واستبداله بوعي زائف عبر تعميق دور المركز الديني طبقيا وسياسيا الى درجة ان يكون بوابة شرعية للخيانة الوطنية بحجة الولاء الديني فوق الوطني للمراكز العالمية للاديان وهي طبعا مراكز استعمار عالمي
ليس من المستغرب اذن ان تعاني الظاهرة الطبيعية المعاناة التي يشهدها الفلسطينيون في ظل ما لحق بهم تاريخيا من تأهيل لتقبل مثل هذه السلبيات فهذا امر طبيعي ان نستنتج من الاسباب الموضوعية بتاريخيتها نتائج موضوعية منسجمة معها في الوقت الراهن , لكن ما هو غير طبيعي في المسالة هو السماح باستمرار هذه الالية السلبية المدمرة النتائج في الوضع الفلسطيني , وعلاج ذلك بسيط وهو التحلي بالعلمية والتخصص في قراءة التاريخ والوضع الفلسطيني وعبر ذلك يمكن للنخبة النظرية السياسية الفلسطينية استعادة الوعي القومي الفلسطيني والعمل على ترسيخه اجتماعيا وذلك ليس بهدف ايقنته وتقديسه بل من اجل ان يشكل المرشد العلمي لبرنامجية واستراتيجية وتاكتيك فلسطينيين وحينها حينها فقط يمكن القول ان عملية التحرير الفلسطينية والاستجابة للتطلعات الانسانية الفلسطينية من قبل النهج القيادي الفلسطيني قد بدأت ووضع حجر اساس بناء الانجاز الفلسطيني الراسخ
#خالد_عبد_القادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟