أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الفرد عصفور - ستينية النكبة والتراجعات العربية















المزيد.....

ستينية النكبة والتراجعات العربية


الفرد عصفور

الحوار المتمدن-العدد: 2282 - 2008 / 5 / 15 - 11:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


بالتاكيد الذكرى الستون لنكبة فلسطين ذكرى اليمة وصعبة تذكر بضياع البلاد وتشرد العباد وازهاق ارواح ودمار مستقبل. ولكنها يجب ان تكون فرصة لاعادة التفكير ومعرفة المحطات الرئيسية التي مرت بها القضية الفلسطينية واين كان التقصير واين كان الاخفاق بدون توجيه اللوم لاحد سوى للعقل العربي الذي يبدو انه لا يتعلم لا من تجاربه ولا من تجارب الاخرين.

فالهزائم التي تعرض لها العرب كانت قاسية جدا لكنها لم تكن وليدة الصدفة ولا نتيجة اخطاء سياسية بقدر ما كانت حسابات خاطئة واستسلام للسهل واليسير من المواقف التي ترضي الجماهير بصورة مؤقت لكنها ضيعت ما يمكن ان يكون مستقبلا عربيا أفضل.

كانت الاخطاء وسوء التقدير سمة اساسية للسياسة العربية منذ بداية القضية. فكيف يمكن لقضية ان تستمر مئة سنة ونكبة متواصلة منذ ستين سنة ان تظل تراوح مكانها بدون اي نتيجة ايجابية للناس؟

هذه السنوات الطويلة والقاسية كانت مليئة بالفرص الضائعة التي انتجت اخطارا تفوق الاخطار التي كانت تامل ان تتجنبها. وكل حرب نشبت بسبب القضية الفلسطينية او نتيجة لها كانت ايضا سببا للحرب التي تليها وان لم تفرز اي حرب في المنطقة رابحين وخاسرين بل اوهاما ويأسا ومزيدا من التراجع.

الغريب في الامر ان العرب الذين اخذوا على عهدتهم حماية الفلسطينيين واعادة ديارهم لهم كانوا الاكثر تقصيرا والاكثر ترددا والاسوأ تقديرا لظروف العالم السياسية وموازين القوى الدولية. وانغمسوا في تحالفات دولية واقليمية ليس لهم فيها مصلحة عليا بل كانوا تابعين ومأمورين وكانت نتيجة الاحداث في كل مرة مضادة لمصالحهم الحقيقية.
الوضع العربي تمزق والخلافات بين الانظمة تعمقت والجيوش العربية تلهت بحماية الانظمة او بالتدخل في دول الجوار والقيام بحروب بالوكالة فكان كل ذلك نذر بالكارثة التي اصابت الامة في حزيران 1967.

انظمة عربية جاءت إلى الحكم على ظهر الدبابات رفضت الاستماع لصوت الحكمة والعقل وراحت تلعب بمصير شعوبها وتورط غيرها لتعطي إسرائيل الذريعة تلو الاخرى لتقوم بضرباتها المتلاحقة وتقعد الامة وتزيد من اعاقتها وشللها.

وبينما سعى بعض العقلاء من قادة الامة لانقاذ ما يمكن انقاذه اكتفى قادة اخرون بالشعارات والشعبية الرخيصة. فقد فكر بعض القادة بحل سياسي لكنهم تراجعوا تحت ضغط الاستسلام للحلول السهلة وهي الشعارات والحرب الكلامية. لم يقدر بعض القادة ان يصدموا الجماهير بالحقيقة لكنهم تركوا الجماهير لمواجهة الهزائم والاخفاقات. انه لامر مؤسف حقا ان يظهر احد الزعماء حكمة وروية في مجالسه الخاصة ويعجز عن العمل بها عندما تدعو الحاجة اليها بصورة ملحة من اجل المصالح العليا الحقيقية للامة.

هذه العقلية قادتنا إلى حرب حزيران عام 1967 حيث وقعت الكارثة في خلال ساعات وانكشف ما كان مخفيا ووجدت الانظمة العربية نفسها عريانة امام الحقيقة وامام شعوبها.

الجهود السياسية بعد الحرب اصطدمت بعقبات كثيرة لم تكن كلها موضوعية او معقولة. كان مفهوما ان إسرائيل ان انتصرت في الحرب لم تكن مضطرة لاي سلام مع العالم العربي ولكن الذي لم يكن مفهوما هو المواقف العربية.

لم تكن المواقف العربية من السلام هي المشكلة فقط. بل ايضا المواقف العربية من الحرب. فالعرب منذ اوائل القرن العشرين لم يلتزموا موقفا واضحا. فقد كانوا دوما غير مستعدين لحرب وغير مستعدين لسلم. كمن ينتظر خروج روحه من جسده.
هناك تحليل رائع للملك حسين يصف فيه حال العرب ومواقفهم. تحليل اطلقه الملك الراحل عشية مؤتمر مدريد لكنه يظل تحليل صالح لكل الازمنة العربية منذ وعد بلفور مروروا بثورة ستة وثلاثين ونكبة ثمانية واربعين وهزيمة سبعة وستين وعملية مدريد والوضع الراهن ايضا.

يقول التحليل:

"ان المدقق في الخط البياني للقضية الفلسطينية لا يمكن ان يغفل عن ملاحظة ان هذا الخط في انحدار مستمر. فما من فرصة للسلام اتيحت عبر مسار القضية الا كان الممكن تحقيقه منها اقل مما اتاحته الفرصة التي سبقتها. ابتداء من الثلاثينات وحتى يومنا هذا بالرغم من عدالة القضية. وإذا كان لذلك من مغزى فان معناه ان احاطتنا كعرب وكفلسطينيين بالوضع الدولي والإقليمي عند كل فرصة سلام كانت اقل مما هو مطلوب لاغتنامها. فلم نتعامل مع الحدث في اطار الممكن والمعقول الامر الذي ادى الى اضاعة الفرصة اثر الاخرى".

بناء على هذا التحليل المنطقي والواقعي، لو استعرضنا مختلف الحلول التي عرضت لحل القضية الفلسطينية، مستثنين الحلول الاستسلامية غير المنطقية، لوجدنا ان كل حل كان في مزاياه ومكاسبه للفلسطينيين اقل من الحل الذي سبقه

فرص كثيرة ضاعت بسبب السياسات التي اتسمت بالسطحية من جانب بعض الجهات العربية حيث سيطرت العاطفة وغاب العقل.
فمن هي الجهات التي كانت تعوق الحلول السلمية بعد ان قررت الدول العربية ان السلام خيارا استراتيجيا لا رجعة عنه، الامر الذي يعني ان ما يهم العرب من السلام هو عودة إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 ؟

في بداية الجهود السياسية بعد عام سبعة وستين كانت إسرائيل هي العائق الاكبر امام تطبيق قرار مجلس الامن. لكن جهات عربية كانت تدعم الموقف الإسرائيلي من حيث تدري او لا تدري. قد يكون ضربا من الخيال لو اعتقدنا ان الجهود السياسية قبل حرب اكتوبر كان يمكن ان تثمر عن شيء ايجابي. ولكن الاحداث على الساحة العربية ما بين 1967 و 1973 لم تكن احداثا بريئة على أي حال.

كانت السنوات تضيع لان الكثير من القيادات العربية ظلت تهوى لعبة الهروب من الواقع بطرح المزيد من الشعارات ونسج المزيد من الاوهام والأحلام والمضي في المزيد من تضليل شعوبها على حساب مصالح تلك الشعوب حتى لكأن من قدر هذه الامة ان يحبط اندفاع مسيرتها بالوقوع الدائم في الحلقة المفرغة حلقة الفشل و التضليل.

وفي الوقت الذي كانت فيه الاصوات العاقلة تخرج خافتة ضعيفة وخجولة كانت الاصوات الغوغائية عالية وصخبة، ضجيجها يملأ الافاق ويجذب العواطف، كالسراب يحسبه الظمآن ماءً.

لقد لعبت المصالح الشخصية والطموحات غير المشروعة لبعض القادة العرب وبعض القادة الفلسطينيين دورا سلبيا في تضييع الحقوق الفلسطينية وإضاعة فرص الحل السلمي التي يمكن لها لو تمت ان توفر الكثير من الدماء والأرواح والثروات.

كان هناك من يقول نتركها للاجيال القادمة. ولكن اليس في هذا تهرب واضح من المسؤولية. اليس كل جيل مسؤول عن الحقبة التي يعيش فهيا؟ ما الذي يجعلهم يعتقدون انم ظروف الاجيال القادمة ستكون مواتية لتحقيق ما يتجنبون هم تحقيقه. وأين الحكمة في توريث الاجيال القادمة تركة ثقيلة قابلة للتراكم اكثر من قابليتها للتناقص؟ كان هذا تهربا من المسؤولية.

سنوات طويلة ضاعت ودماء زكية كثيرة سالت وشباب اهدروا حياتهم بلا ثمن. كان المواطن العادي يعتقد ان رفض تلك الجهات والقيادات لفرص السلام يعني ان لدى تلك الجهات والقيادات بدائل افضل وستأتي لجماهيرها بنتائج احسن، ولكن تبين عندما قامت تلك الجهات والقيادات بالتفاوض مباشرة مع إسرائيل، لم تأتي بما هو افضل ولم تحقق ما هو احسن بل كان ما وافقت عليه وما قبلت به ادنى مما كان معروضا عليها قبل سنوات وقبل التضحيات الكثيرة والخسائر الجسيمة التي تحملها الشعب.

منذ هزيمة حزيران 1967 وحتى معاهدة كامب ديفيد ومن كامب ديفيد إلى الانتفاضة الأولى ومنها إلى مدريد واوسلو وحتى انتفاضة الاقصى وما تبعها كل ذلك عبارة عن فرص ضائعة بينما الوقائع على الارض الفلسطينية تتغير لمصلحة إسرائيل. وعندما دخلت القيادة الى الاراضي الفلسطينية لم تحسن التعامل مع الوقائع الجديدة وظلت تراوح مكانها إلى ان وصلت الان إلى مرحلة تكاد تفقد فيها مواقع اقدامها.

لقد بقي العرب يراوحون مكانهم في هذا الصراع الطويل. وظلوا في كل مرحلة يتراجعون عن وضعهم في المرحلة التي سبقت. ومنذ وعد بلفور عام 1917 الى الان لم يكن العرب في موقف افضل مما كانوا عليه في مرحلة سابقة.

في كل مرة كان العرب والفلسطينيون يتنازلون شيئا فشيئا عما تمسكوا به في السابق. وبالطبع ليس السبب دائما التهاون او الاستسلام بل لان الظروف الدولية المستجدة لا تسمح بما هو افضل. حتى الملك عبدالله الاول، الذي طرح فكرة المملكة الموحدة للاردن وفلسطين وإدارة مختارة لليهود عام 1938 عاد ليقبل بما هو اقل من ذلك عام 1943 عندما طرح فكرة الوحدة السورية وحكم ذاتي لليهود. وفي عام 1947 دعم وشجع فكرة التقسيم وهي اقل بكثير من مشروع الوحدة السورية. واستشهد وهو يدافع عن فلسطين دون ان يرى حلمه في السلام يتحقق.

وبعد النكبة عام 1948 ، بعد التشريد والتهجير، قبل العرب بما بقي من فلسطين بأمل استعادة الباقي في الوقت المناسب. لكن هذا الوقت المناسب لم يأت ابدا. بل على العكس، قامت اسرائيل. اعترف بها العالم. قبلت في الامم المتحدة. شنت اعتداءات وحروب على الدول العربية المجاورة. وأخذت مزيدا من الاراضي.

ظل العرب يتعاملون مع القضية الفلسطينية من منطلق الصراخ والفعل الصوتي دون أي عمل حقيقي لبناء القوة الذاتية ودون أي نوايا حقيقية لاسترجاع فلسطين بالقوة.

كانوا كلهم يعرفون ان التحرير الكامل ضرب من المستحيل. فكانوا يفضلون اللجوء للحل السهل وهو الكلام عن التحرير بدلا من العمل الجاد من اجله. وفي الوقت الذي اشتغلت فيه اسرائيل ببناء قوتها وتدعيم مكانتها وتحصين مواقعها وتعزيز جيشها، كانت الامة العربية تتفرق وتتشرذم وتتمزق.

انشغل العرب بالانقلابات ، من سورية الى مصر الى اليمن الى العراق، وغيرها. وهؤلاء الانقلابيون الذين جاؤا على ظهر الدبابات واغتصبوا الحكم قاموا بتخدير شعوبهم بأنهم فعلوا ذلك من اجل فلسطين وللتعجيل بتحريرها. لكن الحقيقة كانت غير ذلك.

كان يمكن لكل هذا الخسران ان لا يقع. وكان يمكن ان يعيش الشرق الاوسط حياة اخرى مختلفة ويوفر على انسانه وموارده ومستقبله الكثير من الفظائع التي شهدها سواء في فلسطين او العراق او لبنان. ولكن في السياسة كما في التاريخ فان كلمة "لـو أن" لا تجوز. ومع ذلك يظل الانسان يرددها من باب اليأس الذي وصل اليه الوضع الذي نعيشه الان. لقد اضاع العرب الكثير من الفرص منذ بدء القضية الفلسطينية. والأوضاع الحالية التي تعيشها القضية تجعل من المؤكد ضياع المزيد من الفرص وإهدار المزيد من الدماء وتبخر الكثير من الوقت قبل ان يستيقظ العرب على واقع جديد حيث لا ينفع الندم.



#الفرد_عصفور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم بدون الإسلام
- في اربعينية حزيران الحلقة الثالثة دروس التاريخ
- في اربعينية حزيران الحلقة الثانية
- الحكمة باثر رجعي: تضييع الممكن في سبيل المستحيل . الحلقة الا ...


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الفرد عصفور - ستينية النكبة والتراجعات العربية