أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمود جديد - بؤس -الحوار الاجتماعي- يؤكد ضرورة الإضراب العام















المزيد.....



بؤس -الحوار الاجتماعي- يؤكد ضرورة الإضراب العام


محمود جديد

الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 10:32
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


ما كان لثمار "الحوار الاجتماعي" ان تكون إلا على قدر الضغط الذي تعرضت له الحكومة وأرباب العمل. فهؤلاء يعتبرون الأجور، وباقي مكاسب العمال، "عبئا" يجب إنقاصه قدر المستطاع، ليتاح للأرباح أعظم نمو.




مقدمات "الحوار الاجتماعي"

امتنعت القيادات النقابية عن توحيد القوة العمالية بوجه تصاعد التعديات، وأصر الأموي في مجلس الكونفدرالية الوطني في فبراير 2008 على رفض أي نضال على صعيد وطني، مدعيا الاكتفاء بما هو قطاعي. وهذا ذاته ما فنده امتناع الكونفدرالية عن المشاركة في إضراب الوظيفة العمومية يوم 12 فبراير رغم ان أعضاء بالمجلس الوطني طالبوا بذلك. ومن جهته اكد الموخاريق [استجواب بجريدة الاتحاد الاشتراكي يوم 30 يناير 2008] جوابا عن سؤال التنسيق بين المركزيات على أن إستراتيجية الاتحاد المغربي للشغل تعتمد على الإضرابات القطاعية. وحتى هذا كلام في الهواء لان عمال مجموعة غروب 4 ، مثلا، المنظمون في الاتحاد النقابي للبنوك [ا.م.ش] ظلوا لوحدهم أسابيع طويلة، بمواجهة قمع شرس، إلى ان هزموا دون أي التفاتة من النقابية القطاعية التي ينتمون إليها. و الحقيقة بوجه عام ان حتى التنسيق بين بعض النقابات القطاعية فرضته القواعد بينما خطاب قيادة إ.م.ش بصدد النقابات الأخرى فهو عدم الاعتراف بها باتهامها بالحزبية تارة والانتهازية تارة أخرى.

أما الإضرابات التي شهدتها قطاعات التعليم و البلديات والصحة، بانفراد بعض النقابات او بتنسيق بين نقابات عدة، فكانت إضرابات جزئية وفئوية وقطاعية لا نفس لها ولا غد.

كما طبعها التسيير الفوقي، الذي يكتسي أسوا الأشكال في ما بات مكرسا بقطاع التعليم من إرسال أوامر الإضراب بالفاكس وترويج النبأ لتسرع أقسام واسعة من المدرسين لاقتناص فرصة عطلة إضافية. هذا بدل التعبئة و شرح المطالب وعقد اجتماعات عامة للشغيلة لتقرير مدة الإضراب وأهدافه وكيفيات إنجاحه، وسبل التعاون مع قطاعات أخرى. ان هذا الابتذال للإضراب يضر بسلاح العمال هذا ويفقده الاعتبار، ميسرا بذلك سبل نجاح الحملة التضليلية للدولة الساعية إلى منع عملي للإضرابات بمبرر تنظيمها.

أما الإضرابات المنبثقة من قاعدة بعض الفروع المناضلة فتتغاضى عنها القيادات بغية اختناقها محليا لا سيما انها تجري بمناطق نائية مهمشة.

ثمة إذن قصد في تفادي نضال حقيقي يجبر أرباب العمل والحكومة على اخذ المطالب العمالية بجد. فالاتحاد المغربي للشغل لم يدع إلى إضراب عام منذ 27 سنة [ 18 يونيو 1981]، مع انه اقتصر على البيضاء والمحمدية، أما الكونفدرالية فقد بات انخراطها في نضال وطني معطلا لاعتبارات تتضمنها خطابات كاتبها العام التي لا يناقشها احد [ الوضع الاجتماعي التفجري، مسالة الصحراء، العهد الجديد،...].

لا يعني هذا ان منظمات العمال لا يكبحها سوى بيروقراطياتها. فمنذ سنوات يسير وضع هذه المنظمات من سيء إلى أسوأ، فثمة ثقل الهزائم التي منيت بها نضالات عديدة، والأثر السلبي للإضرابات قصيرة النفس و بالتالي هزيلة النتائج بقطاعات الدولة، وما يتعرض له العمل النقابي من استئصال بالقطاع الخاص. يواجه أرباب العمل بالقطاع الخاص نشوء التنظيم النقابي بشراسة، ويعمدون على الفور إلى إجراءات لتحطيم التنظيم العمالي، بتنقيل النقابيين او طردهم. وتمثل حالة عمال اسمنت اسفي التابعة لشركة ايطالية متعددة الجنسية [ راجع المناضل-ة عدد 19]، ومعمل صناعة الثلج بالداخلة بالصحراء نماذج حديثة لتلك الحرب. ولا يدرك العديد من نقابيي القطاع العام حجم الكارثة بفعل نقص الجهود الإعلامية للنقابات وأسوار الصين التي ترفعها البيروقراطية بين القطاعات العمالية. هذا مع أن كل اتفاقات النقابات مع الدولة وأرباب العمل تتضمن الصيغ المعهودة حول احترام الحق النقابي. وسيظل واقع الحرية النقابية على حالها طالما لا تنظم النقابات حملات دفاع عنها، بالتعبئة والنضال. وثمة أخيرا ضغط البطالة التي لا تكف عن التعاظم، وما يفرضه أرباب العمل ودولتهم من هشاشة. هذه الهشاشة لا تفيدهم في اعتصار مزيد من الأرباح وحسب، بل هي سلاح حرب اجتماعية شديد البأس. إنها وسيلة فعالة لتفادي معارضات اجتماعية أيا كان شكلها.

لقد برهن إضفاء الهشاشة على أوضاع العمال والعاملات انه وسيلة مثلى لإضعاف النقابات وتفادي الإضرابات. وبذلك ليس حق الإضراب والعمل النقابي المنصوص عليهما بالدستور غير نفاق مفضوح. إن الهشاشة بما هي معطى بنيوي في التشكيل الراهن للطبقة العاملة تصبغ أهمية قصوى على أشكال التدخل النضالي الممكنة خارج النقابات، ومنها حاليا تنسيقيات النضال ضد غلاء المعيشة، و يمثل هذا بالتالي داعيا إضافيا لانخراط النقابات في تلك الحركة.

لكن المصيبة أن قمم النقابات أصرت على تحاشي دخول حلبة مناهضة الغلاء، ولزمت الصمت المطلق، بينما جماهير الكادحين تعاني ويلات الغلاء، والأقسام المناضلة منها ُتقمع بصفرو، وبالعديد من الوقفات الاحتجاجية، وابرز الناطقون باسم تلك القمم البراعة في مداورة أسئلة الصحافة المحرجة حول موقف النقابات، وأطلقوا الوعود الكاذبة بقرب اتخاذ القرارات الحاسمة، مثال ذلك قبل 3 أيام من معركة صفرو المجيدة صرح الموخاريق باسم الاتحاد المغربي للشغل أن هيئاته ستجتمع قريبا لاتخاذ القرار بشأن تصاعد غلاء المعيشة. واكتفت قيادات أخرى بتنديد كلامي بارتفاع الأسعار، مثال ذلك بيان مكتب ف.د.ش المركزي يوم 13 سبتمبر 2007.

التفاوض البارد

بعد أن مررت الحكومة سياستها المعادية لأغلبية المغاربة في ميزانية 2008، مغدقة الامتيازات على أرباب العمل، رافضة الزيادة في الأجور، مطلقة العنان للأسعار، وممتنعة عن سن سياسة تشغيل حقيقية و عن محاربة الهشاشة في الشغل، ومتواطئة مع تهرب أرباب العمل من تطبيق الجوانب المفيدة للعمال من قانون الشغل، ها هي تهزأ من الأجراء والأجيرات، بجولات محادثات مع القيادات النقابية.

لقد سبق ان سخر الوزير الأول السابق من القيادات النقابية بوعود ومماطلات، وعاش العمال والعاملات قبل عام نفس أجواء ضجيج وسائل إعلام الدولة والأحزاب الموالية لها حول "الحوار الاجتماعي".

طيلة أسابيع والوزير الأول يستقبل ممثلي النقابات العمالية ويعيد استقبالهم مقدما عروضا يعتبرها ستحسن أحوال العمال والموظفين المفقرين، والحال أنها إجراءات هزيلة تنفذ بالتقطير على مدى سنوات.

و رغم سخرية الحكومة المتكررة من قيادات منظماتنا بهزالة ما تسفر عنه جولات "الحوار الاجتماعي"، أي التفاوض البارد، لا يكف القادة النقابيون عن التصريحات الداعية إلى الاطمئنان. فهذا محمد نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح للصحافة عقب هذا الاجتماع 6 فبراير 2008 مع الوزير الأول، يقول إن هذا اللقاء كان "مفيدا وواعدا"، مضيفا أن الوزير الأول "مستوعب لطبيعة المرحلة ومقتنع بالمطالب المشروعة للشغيلة"، وهذه طبعا طمأنة لا تبعث على التعبئة بل على الركون إلى انتظار الهدية.

ولا يعلم العمال شيئا عما يجري، وسط صخب وسائل الإعلام البرجوازية، حيث لا تخبر القيادات النقابية القواعد بمجريات الحوار، لا بصحافتها المعطلة [ كدش] ولا المنعدمة [إ.م.ش]، ولا بالمناشير.

وقد سارعت القيادات النقابية إلى جولات "الحوار" دون أي حصيلة لمدى تطبيق ما سبق ان التزمت به الحكومة وأرباب العمل في "حوارات" سابقة ، آخر ذلك اتفاق 30 ابريل 2003 .

نماذج مطالب خاوية

يحتل نوع من المطالب صدارة ما تتقدم به قمم النقابات إلى الحكومة، والحقيقة انها لا تعبر عن انشغالات العمال والعاملات المسحوقين بقدر ما تعكس تطلعات فئة موظفين نقابيين حريصين على تطوير دورهم كوسيط بين الراسمال والعمل.

مأسسة الحوار الاجتماعي: تلح القيادات النقابية على انتظام لقاءاتها مع الحكومة وعلى تفعيل المجلس الاقتصادي و الاجتماعي. وتعيد بخصوص المسألة الأولى التذكير بما نص عليه تصريح فاتح غشت 1996 الموقع مع الحكومة وأرباب العمل من وجوب عقد أربع لقاءات في السنة.

من جهتها ترد الحكومة أن "الحوار لم يكن موسميا، بل كان مستمرا بين الحكومة و الفرقاء الاجتماعيين، فضلا عن الجولات القطاعية". تعتقد القيادات النقابية ان انتظام اللقاءات قد يؤدي إلى تسوية تدريجية للملفات الجزئية التي تعرضها على الحكومة، وهذا ما سيجعل النقابة نوعا من الإدارة المساعدة للدولة في تدبير "الموارد البشرية"، بينما يقتضي المنطق النقابي الحقيقي، أي منطق النضال، التعبئة والتنظيم،وتوحيد قوى الطبقة العاملة لخوض النضال بما هو الوسيلة الوحيدة التي تجبر الحكومة وأرباب العمل على تنازلات فعلية تحسن أوضاع العمال. السادة الوزراء لا يستشعرون أي حاجة إلى إكثار الكلام مع نقابات لا قدرة لها على إرباك خطط الحكومة، ولذا تكتفي بما تريد هي من جولات الكلام الخاوي والفتات التافه مثلما كان خفض نسب الضريبة على الدخل في السنة الماضية. وتقترح حاليا تنظيم "الحوار الاجتماعي" بقصر جولاته فيما بين فاتح سبتمبر إلى متم ديسمبر من كل سنة.

اما المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تطالب القيادات النقابية بتفعيله فهو مؤسسة نص عليها الدستور، ولا وجود لها. لا يعني هذا المطلب غير منح كراسي تمثيل إضافية للبيروقراطية النقابية في مؤسسة لن يكون لها غير دور شكلي في نظام الاستبداد القائم.

استئناف اجتماعات المجلس الأعلى للوظيفة العمومية: لهذا المجلس دور استشاري، تعرض عليه الحكومة خططها الخاصة بتغيير قوانين الوظيفة العمومية لتنال مصادقة ممثلي النقابات ليمكن قول إن ما تقدم عليه تم بتشاور وتوافق مع النقابات. ومنه مرت مراسيم الترقية والتنقيط التي اثارت عند تطبيقها غضب شغيلة الوظيفة العمومية.

مطالب تنم عن تخبط

إعادة النظر في المرسوم المتعلق بالتنقيط و التقييم

بدأ تطبيق هذا المرسوم مطلع العام 2006 بعد ان صادقت عليه النقابات العمالية تتويجا للقاءات عديدة مع وزارة "تحديث القطاعات العمومية" منذ غشت 2004 إلى يناير 2005. هذا ما جعل الحكومة تستغرب عمليا مطلب مراجعة المرسوم. و الحال ان موقف القيادات النقابية هذا اشبه ببكائها على مصير التعليم العمومي بعد كل ما اضطلعت به من أدوار في اخراج السياسة النيوليبرالية في التعليم المركزة في ما سمي "الميثاق الوطني للتربية والتكوين". ان ما تخطط الحكومة لشغيلة الوظيفة العمومية إعادة نظر شاملة وجوهرية في تدبير قوة عمل الموظفين، ويستدعي منظورا إجماليا بديلا بدل التخبط الراهن.

مطالب غير دقيقة ولا مستندة على تعبئة و كفاح

الاجور:

ذهبت النقابات لمقابلة الحكومة مقسمة كالعادة، ونتج عن ذلك تباين مطالبها حتى بصدد مسألة واضحة كالزيادة في الأجور. وبدل الاتفاق على نسبة موحدة والتعبئة والنضال لانتزاعها، طالب بعضها بحد أدنى للأجر من 2500 درهم ، وأخرى 3000 درهم ، ولم تقدم أخرى أي رقم.

كانت حكومة جطو اقترحت ان تكون الزيادة سنوية بنسبة 2 % وهي مبنية على متوسط التضخم المسجل في 10 سنوات الأخيرة . وذلك ما سماه خطأَ بيان للكونفدرالية الديمقراطية للشغل قبول الحكومة تطبيق السلم المتحرك للأجور والأسعار. فسارع جطو إلى تكذيب ذلك البيان. ولأن لا تعبئة و لا نضال لم تر الحكومة أي ضرورة في تطبيق ما قيل. وجاءت الحكومة في "حوار" 2008 بالاقتراح عينه مضيفة نسبة ضئيلة جدا 0.5% كل سنة، فقد عرضت على النقابات زيادة 10% في الحد الأدنى للأجر مقسمة على أربع سنوات أي 2.5 % كل سنة، أي زهاء 2 دراهم في اليوم بالقطاع الصناعي والخدماتي و 1.25 درهم في اليوم للعامل الزراعي. والحال ان حتى تطبيق زيادة 10 % دفعة واحدة لن يمتص مفعول الزيادات المتتالية في الأسعار. وبما أن الحكومة تريد تجميد الأجور لأربع سنوات المقبلة، رافضة تطبيق سلم متحرك للأجور والأسعار، ستعود القدرة الشرائية للانخفاض لأن الغلاء متصاعد.

هذا في حال تطبيق أرباب العمل للزيادة، وهذا أمر مشكوك فيه. فنقابة أرباب عمل النسيج سارعت إلى اعلان رفض رفع الأجور، واستجابت لها الحكومة بإعلان ان ذلك القطاع سيستثنى من الزيادة. ومن جهة أخرى لا يستبعد، بالنظر لموقف القيادات النقابية الرخو، ان تماطل الحكومة وتناور في تطبيق الزيادة الجديدة كما فعلت مع سابقتها.

فقد كان رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 10 % ضمن ما قدمته الحكومة للنقابات، في اتفاق 30 ابريل 2003، مقابل قبول هذه لمدونة الشغل ولمبدأ التفاوض حول قانون للإضراب. وقد تحايلت الحكومة ولم تنص في الاتفاق على تواريخ الزيادة في شطرين، الاول في يوليو 2003 والثاني وفي يوليو 2005. و أخرت الحكومة الزيادة زهاء سنة ، إلى يونيو 2004. ومع ذلك أصدر وزير التشغيل قرارا مؤرخا في 05 غشت 2004 يقضي بتأخير الشطر الثاني من الزيادة المذكورة إلى فاتح يناير 2005 بالنسبة لقطاعات النسيج والسياحة والصناعة الغذائية. مما فتح الباب لتطبيق مستويات قطاعية متعددة للحد الأدنى للأجور، كسابقة خطيرة تنضاف إلى التمييز بين قطاعي الصناعة والفلاحة. هذا وتواصل جمعية أرباب عمل النسيج المطالبة بإلغاء إجبارية الحد الأدنى للأجور واستبداله بحدود دنيا مختلفة باختلاف المناطق، أي حسب كلفة المعيشة. بل ثمة من البرجوازيين من يدافع بكل بساطة عن إلغاء كل حد أدنى للأجر، مقدمين المثال ببلدان أقدمت على ذلك مثل بنغلاديش وايستونيا والفيلبين.. وذلك ما يدافع عنه وزير التشغيل وينكب على دراسة كيفيات تطبيقه.

الواقع أن الأجور محررة من كل حد أدنى، لان القانون لا يطبق. و تدل إحصاءات الضمان الاجتماعي ان ثلث الأجراء المصرح بهم يحصلون على أجور اقل من الحد الأدنى القانوني. ولا تصل الأجور بالعديد من القطاعات حتى نصف الحد الأدنى القانوني. فقد استغل أرباب العمل المستوى المهول للبطالة ليشغلوا البشر بأجور بؤس تكاد تنزل إلى مستوى العمل المجاني. منها على سبيل المثال أجور عمال شركات الحراسة وكتاب المحامين، ومستخدمات العيادات الطبية الخاصة، عمال الصيدليات والقطاع اللاشكلي بكامله. هذا علاوة على ظاهرة سرقة ساعات العمل المنتشرة في صناعات تشغل النساء بكثافة كمصبرات السمك( تشتغل العاملة 12 ساعة وتسجل لها 8). وثمة أيضا ظاهرة تأخير الأجور شهورا عديدة، تشكل سببا للإضرابات بالعديد من المنشآت.

وتجدر الاشارة بهذا الصدد إلى رفض ارباب العمل تطبيق الزيادة في الحد الأدنى للأجر مع خفض مدة العمل المنصوص عليه بالمادة 184 من قانون الشغل. فتلازم زيادة الأجر الأدنى، طبقا لاتفاق 30 إبريل 2003، وخفض ساعات العمل إلى 44 سيجعل الحد الأدنى يبلغ 10.54 درهم للساعة، بينما أرباب العمل يعتبرون الحد الأدنى هو 9.66 درهم للساعة ، وأيدهم في ذلك الوزير الأول جطو الذي لا يكف بعض القادة النقابيين عن كيل المديح له.

هذا كله و لم تقبل منظمة ارباب العمل رفع الاجور الا بالتأكيد على مزيد من الامتيازات الضريبية تعويضا لما ستكلفه زيادة الأجور، إنها بعبارة أخرى تسعى إلى تمويل تلك الزيادة من ميزانية الدولة. هذا منطق مرفوض يتعين على المنظمات العمالية التصدي له بقوة.

البرجوازيون يحققون الارباح الطائلة، ويجب ان يؤدوا كلفة تحسين اوضاع العمال من ارباحهم لأن حصة الاجراء من القيمة المضافة [ الثروة النتجة] لا تتعدى 35% وهو ما لم يتغير منذ 1998 بينما حصة الرأسمال 64 % .

السلم المتحرك للأجور والأسعار:

كان إلغاء القانون الذي ينص على تطبيق هذا السلم من مكاسب أرباب العمل بمدونة الشغل. فقد أزالوه من الورق مع ان ميزان القوى لم يسمح بتطبيقه الا مرة واحدة منذ صدوره عام 1959. كان يقضي بأن يجري رفع الأجور بنسبة 5% كلما بلغ مؤشر الأسعار ارتفاعا بنفس النسبة.

ورغم وروده في كلام النقابات العمالية، لم يكن ابدا موضوع نضال وتفاوض حقيقي مع الحكومة. ولا يحظى بأي اهتمام في عمل الأجهزة النقابية، ولو حتى في حدود تثقيف القاعدة النقابية به.

وقد راج في سياق "الحوار الاجتماعي" الأخير أن ثمة خلافا بين وزارة المالية والوزير الأول. تؤيده وزارة المالية من أجل تفادي التفاوض كل سنة حول زيادة الأجور لأنها ستتبع آليا مستويات التضخم. بينما تعتبر الوزارة الأولى السلم التحرك محفوفا بالمخاطر لأنه كان حسب زعمها مسؤولا عن الأزمة بأمريكا اللاتينية في سنوات 70 و 80 لا سيما بالأرجنتين. بكل الأحوال لم تدرجه الحكومة بجدول أعمال "حوارها الاجتماعي"، و يبدو ان قيادات النقابات التزمت بهذا الجدول.

التعويضات العائلية

تقدمت الحكومة بزيادة في التعويضات العائلية للأطفال الثلاث الأوائل. يستفيد هؤلاء من 150 درهم شهريا للفرد، بينما يستفيد ثلاثة آخرون من 36 درهما للفرد. يقضي عرض الحكومة برفع تعويض 150 إلى 200 درهم وبقاء الآخر على حاله. ولكي لا تمول هذه الزيادة من أرباح الرأسماليين بزيادة نسبة الاشتراكات الخاصة بالتعويضات العائلية، وهي اشتراكات يتحملها بالكامل رب العمل، تبحث الحكومة عن حلول في أخذ الأموال من رصيد الإعانة الصحية التي لم تعد تستعمل منذ الشروع في التأمين الصحي الإجباري، وفي استعمال الإعانات المخصصة لمصحات الضمان الاجتماعي بشرط تسريع تفويض تدبيرها.

وهذا النوع من الحلول الذي يراعي أرباح الرأسماليين سبق اللجوء إليه لتمويل التأمين الإجباري الصحي بأخذ نسبة 1% اللازمة لتمويله من رصيد التعويضات العائلية. إنها حلول تهدد مالية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بينما أرباح الرأسماليين مصونة، وهنا وجب على نقابات العمال فرض زيادة اشتراكات أرباب العمل.

أما منح التعويضات العائلية لعال القطاع الفلاحيين المحرومين منها منذ إنشاء الضمان الاجتماعي قبل زهاء 50 سنة، فمكسب ايجابي رغم ان نسبة العمال المسجلين بالضمان الاجتماعي في هذا القطاع ضئيلة جدا، حيث يقدرون بـ40 ألفا قبل الخوصصة المقنعة لشركتي سوديا وسوجيتا العموميتين. كان قسم مهم من العمال الزراعيين المسجلين بالضمان الاجتماعي يعمل بالشركتين، وقد قضت خطة تصفية الشركتين بتسريح قسم كبير من أجرائهما. لكن بجميع الأحوال يمثل قبول استفادة عمال الزراعة المسجلين بالضمان الاجتماعي من التعويضات العائلية ثمرة نضالهم و كسبا سيحسن أوضاعهم نسبيا ويحفز النضال لأجل تعميم تسجيل الزراعيين بالضمان الاجتماعي.

الضرائب:

تقترح الحكومة خفض نسبة الضريبة على الدخل من %42 إلى %38 على مدى سنتين، اي خلال سنة 2009 و 2010، و رفع من الحد الأدنى المعفى أي الأجر السنوي الأدنى من 24 الف درهم إلى 28 الف درهم. لقد سبق خفض نسبة تلك الضريبة كتدبير اعتبرت الحكومة انه سيسهم في حماية القدرة الشرائية للأجراء بوجه تصاعد الغلاء. ولم يكن لذلك سوى مفعول طفيف يكاد لا ُيعتبر، وكلف الدولة 2.5 مليار درهم. ومن المرتقب ان يكلف خفض الضريبة على الدخل المقترح حاليا 10 مليار درهم. هذا للاستهزاء بالعمال، اما الخفض الفعلي للضريبة فقد فازت به الشركات وبلغ 24 مليار درهم من ميزانية 2008. مبلغ يمثل ما يعادل كلفة "الحوار الاجتماعي" منذ 1996! و 150 % من كلفة "الحوار الاجتماعي" الجاري.

تجدر الاشارة ضمن هذه المقارنة ان الحكومة تعد متقاعدي المغرب البائسين برفع الحد الادنى للمعاش من 500 إلى 600 او 700 درهم.

عرض حكومي مؤجل : التعويض عن فقد العمل

يهم هذا الإجراء عمال القطاع الخاص المسجلين في الضمان الاجتماعي في حالة طردهم لاسباب اقتصادية او تكنولوجية. وقد نصت عليه مدونة الشغل و المشروع جاهز منذ اليوسفي ولم يجد بعد سبيلا إلى التطبيق. وفي كل تفاوض تعاود الحكومة الحديث عنه.

وقد سبق للضمان الاجتماعي أن قام بدراسة بشأنه منذ 2002 استنتجت ان 0.70 % من اشتراكات الأجراء وأرباب العمل كافية لأداء تعويض يفوق الحد الادنى للاجور طيلة ستة أشهر مع زيادة لمن يتحمل أطفالا. يبدو ان الحكومة لم تر حاجة لإدراجه في جدول أعمال حوارها الاجتماعي.

ما المقابل المطلوب؟

تلك جوانب من خواء مضمون"الحوار الاجتماعي" المرتقب اعلان نتائجه مع فاتح مايو. خواء يجد تفسيره في انعدام التعبئة والنضال لانتزاع المطالب. ومع ذلك، والاصح بسبب ذلك تطلب الحخكومة وارباب العمل مقابلا باهضا لذلك الفتات. تريد الحكومة سلما اجتماعيا، أي تشديد الاجهزة النقابية المتسلطة لما تقوم به من تعطيل المنظمات العمالية، وتفادي التعبئات والنضالاتن وكبح المنطلق منها. تريد الحكومة قبول النقابات السير خطوات اضافية على طريق اصدار قانون مانع للاضراب بعد قبولها المبدئي لذلك في اتفاق 30 ابريل 2003.

تريد الحكومة ما تسميه قانون النقابات، على غرار قانون تدجين الأحزاب [راجع المناضل-ة عدد ]، وهو وسيلة لمزيد من التحكم بالنقابات وتحويلها من أدوات نضال عمالي إلى ملحقة للدولة تتولى المساعدة على تدبير النزاعات الاجتماعية وترويض العمال. ستتخذ الحكومة الوضع التنظيمي المتردي للنقابات [عدم عقد المؤتمرات في أوقاتها، عدم شفافية وضبط المالية، ...] مبررا لسن ذلك القانون، والحال ان تلك المشاكل تهم العمال ولا دخل للدولة البرجوازية فيها، والعمال أجدر بحلها صونا لمنظماتهم وذلك هدف الكفاحيين منهم. لن يكون ذلك القانون سوى وسيلة للتدخل في الشأن الداخلي للنقابات العمالية وإفراغها من محتواها. وقد يمنح البيروقراطيات امتيازات إضافية لإغرائها بأداء المهمة المنوطة بها، مهمة لجمة طاقة الكفاح العمالية.

تريد الحكومة تمرير القانون الجديد للوظيفة العمومية الذي لا هم له غير تدبير قوة عمل مستخدمي الدولة بمعايير القطاع الخاص، أي رفع درجة الاستغلال --- يجب ان تستنفر هذه الحرب الاجتماعية قوى الحركة النقابية المغربية، يجب وقف هرولة القيادات النقابية للتعامل مع الدولة ضد مصالح الأجراء. يجب ان يستفيق الجسم النقابي أمام الخطورة الاستثنائية لما يجري، انها تحولات سلبية ذات أهمية تاريخية.

الطريق الى تفاوض حقيقي، ومكاسب فعلية، جلي. انه تجنيد القوى النضالية للطبقة العاملة في معركة ذات بعد وطني بمطالب واضحة قادرة على التوحيد، وبتنسيق جهود كل النقابات المناضلة، انه الإضراب العام الوطني الذي يستشعر كل عامل الحاجة الماسة اليه لكنه يقف مشلولا أمام عطالة الأجهزة النقابية. دعا المجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل المنعقد في دورة استثنائية يوم السبت 26 أبريل 2008 الى خوض إضراب وطني احتجاجي في قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، وفوض للمكتب المركزي صلاحية توقيته وتحديد مدته. ومن جهته قرر المجلس الوطني لنقابة الموظفين بالاتحاد المغربي للشغل الاضراب الوطني في الوظيفة العمومية وخول المكتب الوطني صلاحية تحديد التوقيت والشكل. انها خطوة اولى على الطريق السوي، يجب ان تمتد لشمل القطاع الخاص وباقي النقابات في فعل نضالي جماعي واحد قوي المفعول. آنذاك سيتذكر أرباب العمل ودولتهم ان الأرباح من عرق العمال والعاملات، وآنذاك ستنفتح آذانهم للمطالب العمالية ويكبر استعدادهم للتنازل على قسط من ارباحهم للحفاظ على ملكيتهم، لان كل إضراب عام يبعث أمام أنظارهم شبح الثورة العمالية والشعبية المخيف لهم قدر خوفهم الموت.

يجب ان يخاض هذا الإضراب العام بمطالب استعجالية دفاعا عن القدرة الشرائية، مطالب حد أدنى للأجور لا يقل عن مبلغ تتفق عليه جميع النقابات، مبلغ يحدد بتقدير ميزانية عيش اسرة عمالية، وتعويض عن البطالة، والسلم المتحرك للأجور والأسعار، وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على مواد الاستهلاك الأساسية، وعلى الأجور غير العليا ومعاشات المتقاعدين التي يجب الا تقل عن الحد الأدنى للأجر، وغير هذا من المطالب التي يتعين ان تكون موضوع نقاش بالتجمعات العمالية التعبوية للإضراب العام. وتفاديا للأساليب البيروقراطية المتحكمة في نضالات العمال، والمدمرة لها، والتي تطل برأسها من الصيغ التي اعتمدها النقابتان المذكورتان أعلاه [تفويض الصلاحية للأجهزة الفوقية]، يجب ان يعود قرار المعارك الى القاعدة العمالية بواسطة التجمعات العامة، و لجان الإضراب في أماكن العمل، لجان منتخبة من قبل كافة العمال ، الأعضاء بالنقابات وغير الاعضاء. وهذه اللجان هي الضمانة ضد ما يريدون إفزاعنا به مما وقع في يونيو 1981 وديسمبر 1990.

ويجب ان ترد النقابات على أضاليل البرجوازية ودولتها بصدد استحالة تلبية المطالب العمالية وانعدام الأموال الضرورية بالمطالبة والنضال لرفع السر التجاري والبنكي وفتح حسابات المقاولات، و ممارسة رقابة حقيقية على تهريب الثروة وكل أشكال الغش والتهرب من الضريبة، وإلزام جميع البرجوازيين بحساب بنكي واحد قابل للمراقبة،وفرض الضريبة على الفلاحين الكبار و ضريبة تصاعدية بقوة على الثروات والإرث وأرباح الشركات ومجموع الرأسمال. الاموال موجودة عند الرأسماليين ولا حل لتحسين أوضاع العمال غير أخدها حيث توجد.

كفى من الخنوع، وتكبيل القدرة الكفاحية العمالية

الى امام نحو الاضراب العام





#محمود_جديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيار الصدري والآفاق المحتملة لصيرورة جديدة 2/2
- التيار الصدري والآفاق المحتملة لصيرورة جديدة 1/2
- - إعلان دمشق بين مطرقة النظام وسندان أزمته الداخلية - 3/3
- - إعلان دمشق بين مطرقة النظام وسندان أزمته الداخلية - 2/3
- - إعلان دمشق بين مطرقة النظام وسندان أزمته الداخلية - 1/3
- من صفرو الى بومال دادس...لا لتجريم النضال الاجتماعي ! ولا لإ ...
- واجب ُنصرة صفرو المناضلة المحكمة تقرر السراح المؤقت ل 42 معت ...
- لقاء أنابولس ملهاة استعراضية جديدة لكسب الوقت لمزيد من الاست ...
- تنامي حركة مقاومة الغلاء: تظاهر أكثر من 2000 مواطن بمدينة صف ...
- على ضوء خطاب الولاية الثانية في سورية ، وما ورد بخصوص الإصلا ...
- من تاريخ قمع النقابة العمالية بالفصل 288 من القانون الجنائي


المزيد.....




- مسيرة احتجاجية من المستشفى الجامعي بوجدة الى مقر ولاية الجهة ...
-  الى الإخوة أعضاء المكاتب النقابية للمؤسسات التكوينية والمدي ...
- “يا فرحة كل العمالة” .. رابط تسجيل منحة العمالة الغير منتظمة ...
- صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون ...
- “وزارة المالية” تُعلن أكبر زيادة في رواتب المتقاعدين 500 ألف ...
- إضراب عمالي جديد في اليونان يؤثر على النقل العام
- ميلوني في تونس: 3 اتفاقيات وسعيد يجدد التاكيد على موقف تونس ...
- “وزارة المالية” سلم رواتب المتقاعدين والعسكريين في العراق 20 ...
- “صرف 25 مليون دينار الان”.. مصرف الرافدين يُعلن خبر هام لجمي ...
- المرصد العمّالي يستهجن اعتقال النقابي أحمد السعدي ويطالب بال ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمود جديد - بؤس -الحوار الاجتماعي- يؤكد ضرورة الإضراب العام