أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصقر - من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وكيف يهاجمونها؟ الجزء الأول















المزيد.....



من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وكيف يهاجمونها؟ الجزء الأول


خالد الصقر

الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 10:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وكيف يهاجمونها؟-
نقد مقال لعبد الله الحريف الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي

مقـدمـة
يحدث الآن لتعاليم ماركس ما حدث أكثر من مرة في التاريخ لتعاليم المفكرين الثوريين وزعماء الطبقات المظلومة في نضالهم من أجل التحرر. ففي حياة الثوريين العظام كانت الطبقات الظالمة تجزيهم بالملاحقات الدائمة وتتلقى تعاليمهم بغيظ وحشي أبعد الوحشية وحقد جنوني وبحملات من الكذب والافتراء وقحة أبعد القحة. وبع وفاتهم تقوم بمحاولات لجعلهم أيقونات لا يرجى منها نفع أو ضرر لوضعهم، إن أمكن القول، ضمن قالب القانون، لإحاطة أسمائهم بهالة من التبجيل بقصد «تعزية» الطبقات المظلومة وتظليلها، مبتذلة التعاليم الثورية باجتثاث مضمونها الثوري وفي أمر «تشذيب» الماركسية على هذا النحو تلتقي البرجوازية الآن والانتهازية داخل صفوف العمال... حيال هذا الوضع، حيال انتشار تشويه الماركسية انتشارا منقطع النظير، يتلخص واجبنا قبل كل شيء في بعث تعاليم ماركس الحقيقية.......»1
إن بعث تعاليم ماركس الحقيقية من جديد و إعادة نشر الماركسية كنظرية ثورية يستلزم طرح مهام عديدة على الجبهة الايديولوجية لدى الشيوعيين، والحال أن تجسيد هذه المهام لا يمكن أن يستقيم إلا بالدفاع المستميت عن أسس الماركسية وصد كل الهجمات التي تتعرض لها الماركسية سواء تلك التي تنطلق من المواقع الخارجية أو تلك التي تنطلق من المواقع الداخلية أي من القول بالماركسية من اجل النيل منها وتغيير مضامينها وأهدافها. ومادامت هذه الأخيرة أي "الداخلية" تشكل خطرا أكبر بكثير من كل الهجمات الأخرى كان من الضروري الوقوف عليها وكشف تناقضاتها وأهدافها المعلنة وغير المعلنة.
إن هذا العمل الذي بين يدي القارئ يندرج أساسا في هذا الاتجاه بالتحديد وقد ارتأينا فيه الوقوف على هجمات الاتجاهات التصفوية و التحريفية وخصوصا أو لنقل وأساسا الهجمة المنظمة التي يشنها تيار النهج الديمقراطي، مقتصرين على مقالة لكاتبه الوطني "دفاعا عن الجوهر الحي للماركسية" وهذا لن يمنعنا من استحضار بين الفينة والأخرى لبعض التيارات الأخرى التي لازالت تتلفظ بالماركسية، كما تجدر الإشارة إلى أننا قد استثنينا تيارا واحدا هو تيار اليسار الاشتراكي الموحد على اعتبار أن هجماته القذرة أصبحت تنطلق من خارج مواقع الماركسية كلـــيا ويمكن الرجوع في هذا الصدد إلى كتاب أحمد حررني على سبيل المثال( سيرة ماركس السياسية من الكمونة إلى الجماعة) للتأكد من ذلك أما القول بضرورة ا استحضار التيارات الأخرى داخل اليسار الاشتراكي الموحد فيمكن الجزم على أنه عندما ينتج هذا «الاشتراكي» المدافع الجديد عن الملكية بهذا الشكل ويأخذ منصبا قياديا داخل الحزب ودون أن يصدر أي موقف ضد ما قاله في كتابه، يمكن أن نفهم مغزى وخلفيات كل الذين يتشدقون بعدم إغفال تواجد التيارات داخل اليسار الاشتراكي الموحد لان هذا الواقع يؤكد أي إطار تتواجد داخله هذه التيارات وبالتالي أي تيارات هي تلك.
ربــــيع 2004


عندما يدافع الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي عن الجوهر الحي للماركسية
***************************************************
مداخل الهجوم على الماركسية
حجج قديمة و آليات بالية
***************************
« دفاعا عن الجوهر الحي للماركسية» عبد الله الحريف
مقال مرفق ضمن كتاب "الاشتراكية أي مستقبل؟" و المقال عبارة عن رؤية الكاتب للماركسية ولأزمتها ومحاولة لشرح الشروط التي أنتجتها وتحديد سبل تجاوزها.يتكون المقال من 5 أقسام :
القسم الأول يضم تقديما يبرز فيه الكاتب بعض مداخل الهجوم الحالي الذي تتعرض له الماركسية أما القسم الثاني فتحت عنوان «إن نظرية ماركس ليست كاملة ولا مقدسة" يؤكد فيه الكاتب أن الماركسية لا تقدم قوانين صالحة لكل زمان ومكان. أما القسم الثالث فهو معنون ب « الماركسية نقد علمي ونظري للرأسمالية» حاول خلاله الكاتب أن يبسط فيه فهمه للماركسية وأهم الإشكالات التي تواجهها راهنا. أما القسم الرابع فتحت عنوان « الماركسية تنطلق من مواقع البروليتاريا ومعالجتها الآنية والاستراتيجية، وفي هذا القسم يقدم الكاتب « مستجدات» التطور الرأسمالي التي يجب على الماركسية فهمها وتجاوزها. أما القسم الخامس ولأخير فهو يحمل عنوان: « الماركسية ترتكز على الجدل المادي» الجدل المادي أساس الماركسية»، وفي هذا القسم يبرز الكاتب فهمه للجدل المادي ويقدم خلاصة لمقاله.
قد يتبادر إلى ذهن القرى من خلال عنوان المقال وعناوين أقسامه أنه بالفعل دفاع عن الماركسية، ومحاولة للمساهمة في إخراجها من الأزمة التي تعاني منها، لمن في الحقيقة لا يعدوا المقال أن يكون شكلا أو تعبيرا عن تلك الأزمة بالذات وهو ما سنحاول بسطه أمام القارئ.
وسوف نبدأ من القسم المعنون بـ"إن نظرية ماركس ليست كاملة ولا مقدسة" أما عن مضمون هذا القسم الذي لا ينفصل عن مضمون المقال ككل فيمكن للقارئ أن يستشفه من خلال العنوان، فهو محاولة أخرى لفتح المجال و شرعنة « حرية النقد على الطريقة المغربية» حرية نقد الماركسية بالتحديد. وإذا كان هذا الخطاب قديم ويرجع أساسا إلى بداية القرن 20 وبالتحديد انطلاقا من حملة برنشتاين على الماركسية فان الكاتب حاول أن يجدد في أسلوب وشكل هذا الهجوم.لكنه في اعتقادنا لم ينجح في مهمته هاته وسوف نوضح إلى أي مدى كان فشله دريعا حتى في هذا المجال أيضا.
يستشهد عبد الله الحريف بإحدى المقولات اللينينية التي لا زالت تحظى بأهميتها القصوى، خصوصا في الوضع الراهن الذي تعيشه الماركسية ببلادنا بما هو وضع التذبذب الإيديولوجي والبلبلة الفكرية. فالفقرة التي أوردها الكاتب، أو للدقة انتقاها هي من مقالة برنامجنا الذي كتبه لينين في النصف الثاني من سنة 1899، حيث كتب يقول آنذاك: « إننا لا نعتبر نظرية ماركس كشيء كامل Achève ومقدس، بل على العكس نحن مقتنعون أن ماركس قد وضع فقط أحجار الزاوية للعلم الذي الاشتراكيين أن يطوروه في كل الاتجاهات حتى لا يتأخروا عن تطور الحياة. إننا نعتقد أن الاشتراكيين الروس يجب بكل تأكيد أن يطوروا بأنفسهم نظرية ماركس لان هذه الأخيرة لا تدل إلا على مبادئ موجهة عامة تنطبق بشكل مختلف في كل حالة خاصة، في إنجلترا بشكل مختلف عن فرنسا وفي فرنسا بشكل مختلف عن روسيا».1
إن هذه الفقرة الصحيحة إطلاقا والتي انتقاها لنا عبد الله الحريف ٍ هي كما سبقت الإشارة من مقال برنامجنا. فعن ماذا كان يتحدث لينين في هذا المقال، غالبا أن الكاتب قد اطلع على المقال، أما إذا كان قد انتقاها من كتاب آخر وردت فيه دون الإشارة إلى ذلك فسوف يضع نفسه في وضع محرج جدا، بل ومؤسف. لكن وبما أن الكاتب هو منظر « الماركسيين الجدد» ببلادنا فسوف نعتبره أورد الفقرة من النص الأصلي.
يبدأ لينين مقال برنامجنا بالحديث عن التذبذب الفكري الذي تعيشه الاشتراكية الديمقراطية العالمية آنذاك، ليؤكد على أنه إلى حدود الآن تعتبر نظرية ماركس و انجلز الأساس الصلب للنظرية الثورية ويضيف:» وفي الوقت الراهن ترتفع بعض الأصوات من كل الجهات لتعلن أن تلك النظريات غير كافية(Isuffisants) ومتجاوزة (*périmées) . ها هي إذن الوقاحة تصل بأصحابنا – بل التفاهة- إلى درجة أنهم أصبحوا يوردون نصوصا من التراث الماركسي ليفضحوا أنفسهم بأنفسهم. ولأننا لا نؤمن بمقولة "تفسير الواضحات من المفضحات" ولأن هناك الكثير والكثير جدا من من لا يرى الواضحات، لذلك كله سوف نوضح. إن الماركسية أي نظرية ماركس و انجلز ولينين وماو تسي تونغ وغيرهم من الماركسيين تعلمنا طبعا أن لا نتعاطى مع النظرية بوصفها كلمات وجمل أو بوصفها قوالب جامدة ومن يفعل ذلك « هم من هواة جمع التحف الثمينة»2
إن الماركسية في نظرنا هي النظرية الأولى التي جعلت من الاشتراكية علما بعدما كانت اوطوبيا3 وهي التي اكتشفت طبيعة المجتمع الرأسمالي المعاصر4 وأوضحت كيف إن شراء قوة العمل يخفي استعباد ملايين من غير المالكين من طرف زمرة من الرأسماليين ومالكي الأراضي والمعامل والمناجم...الخ وأن فائض القيمة هو القانون الذي يقوم عليه كل المجتمع الرأسمالي، وأن كل نضال طبقي هو نضال سياسي5، وكل نضال سياسي هو نضال طبقي، وهي التي برهنت أن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ، وأن ديكتاتورية البروليتاريا هي حتمية تاريخية6 ، وان الفلاحين هم حلفاء موضوعيون، بل ضروريون للطبقة العاملة، وان نضال البروليتاريا يجب أن يكون نضالا ذو أفق أممي، وهذه "النظرية غير الكاملة" هي التي كشفت عن الانتقال من الرأسمالية التنافسية إلى الإمبريالية أي الاحتكار وأن النضال ضد الإمبريالية إذا لم يقترن اقترانا وثيقا بالنضال ضد الانتهازية يكون لغوا فارغا، وهذه النظرية هي التي كشفت للبروليتاريا بأن النضال النظري هو شرط من شروط نجاحها في كسب الحرب ضد البرجوازية وهي التي أكدت على ضرورة التحليل الملموس للواقع الملموس» كما أنها هي التي كشفت عن العديد من القوانين التي تحكم المجتمعات التبعية حيث كشفت على طبيعة البرجوازية في هذه البلدان بما هي برجوازية كمبرادورية و برجوازية بيروقراطية. لكننا لن ننسى أن هذه النظرية هي التي علمتنا أيضا « أن الناس سيظلون ضحايا ساذجة في حقل السياسة إذا لم يتعلموا استقراء المصالح الطبقية من بين السطور والكراريس والشعارات..." ، لذلك ولكي نوضح أي مصلحة طبقية تكمن وراء سطور مقال عبد الله الحريف بما فيها عنوانه "دفاعا عن الجوهر الحي للماركسية" وعنوان القسم الأول منه « إن نظرية ماركس ليست كاملة ولا مقدسة»، سوف نتمم الرد الذي واجه به لينين برنشتاين في المقال الذي استشهد به "الماركسي" عبد الله الحريف على نفس الكلام الذي قاله الاثنان أي «إن نظرية ماركس غير كاملة»، "والآن ما الجديد الذي قدمه إلى هذه النظرية هؤلاء المجددين اللامعين الذين لا يتوانون عن الزعيق في الوقت الراهن، والملتفين حول الاشتراكي برنشتاين( ونحن نقول وحتى أولئك الذين لا يبحثون إلا على موقع على يساره) بالتأكيد لا شيء إنهم لم يقدموا خطوة، العلم الذي أوصانا ماركس و إنجلز بتطويره، إنهم لم يوضحوا للبروليتاريا أي أساليب جديدة للنضال، إنما تقهقروا فقط، مقتبسين من نظريات متأخرة، و مروجين بين صفوف البروليتاريا، لا نظرية النضال، بل فقط نظرية التنازل أمام أعداء البروليتاريا الألداء، أمام الحكومات و الأحزاب البرجوازية التي لا تكل في البحث عن وسائل جديدة لمطاردة الاشتراكيين"7
إن التاريخ عندما يعيد نفسه مرات عديدة لا يصبح هزيلا وفقط وإنما مملا وحقيرا أيضا. ورغم ذلك سوف نتساءل ماذا قدمه هؤلاء السادة من جديد للماركسية التي يدافعون عن جوهرها الحي؟ إنه اغتيال جوهرها الثوري.
الحريف "الماركسي" و ماركس المشعوذ الصوفي!
*******************************
يقول صاحبنا: "و إن ما يثير الانتباه هنا، هو أن ماركس و انجلز قد خصصا أغلب أعمالهما للنقد، نقد البرجوازية في كل تجلياتها، نقد واقع الرأسمالية، نقد الفلسفة، علما بأن أعظم عمل قدمه ماركس أي "الرأسمال" هو نقد للاقتصاد السياسي البرجوازي... و أن الماركسية أحدثت القطيعة مع الفكر التأملي و الميتافيزيقي و اعتبرت أن الأفكار السديدة تأتي من الممارسة العملية الهادفة إلى تغيير الواقع"
هكذا إذن يصبح الرأسمال، أي أعظم ما قدمه ماركس، عند الحريف مجرد نقد الاقتصاد السياسي البرجوازي بل إن أعظم أعمال ماركس و إنجلز لم تكن سوى نقد للبرجوازية وللفلسفة و... فهل بالفعل أن الكاتب على إطلاع بالرأسمال ولأعمال ماركس و إنجلز؟ فإذا لم يكن مطلعا عليها، فلا يحق له أن يدافع عن "جوهرها الحي" إلا إذا كان وقحا.إن كل امرئ تناول أعمال مؤسسي الماركسية لن يجد صعوبة في استشفاف مضمون وهدف تلك الكتابات والذي يكمن أساسا في «بناء نظرية البروليتاريا في التغيير».
فعلمية وثورية فلسفة ما، يمكن اكتشافها بالخط الأول انطلاقا من الواقع الاجتماعي في سياقه التاريخي الذي تشكل هذه الفلسفة وجهه النظري الواعي بهذا الشكل أو ذاك ولهذه الدرجة أو تلك. وعلمية وثورية الفلسفة الماركسية تمكننا بالدرجة الأولى من اكتشاف وتنظيم الدور التاريخي للطبقة العاملة والطبقات الكادحة الأخرى» بمعنى أن أهم ما في أعمال ماركس و إنجلز هي الكشف عن القوانين الموضوعية التي تحرك المجتمع ودراستها من أجل توجيه فعل وممارسة الطبقة العاملة نحو هدفها النهائي، فحسب إنجلز تعتبر غاية الاقتصاد السياسي بوصفه علما، اكتشاف تناقضات الواقع الموضوعي وتبيان كيفية حلها واستنباط العناصر الثورية القدرة على حلها8 وهكذا فالرأسمال الذي قال ماركس نفسه عن طريقة تناوله بأنه « منهج نقدي وثوري» ليس نقدا للاقتصاد السياسي البرجوازي وفقط وإنما تبيان حتمية زواله و أساسا الكشف عن العناصر الثورية القادرة على دك بنيانه.
لكن، لننتبه مرة أخرى إلى هراء الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي و نعتذر للقارئ على إزعاجه كل مرة بتلك المقاطع الموسيقية الرديئة التي تعزف على الآلات البالية. يقول الحريف في مرافعته «لابد هنا من الإقرار بأن ماركس الذي قدم فهما علميا لجوهر الرأسمالية و تناقضاتها العميقة التي لا تتغير مهما تغيرت أشكال الرأسمالية( لاحظوا ذلك لان الكاتب سوف ينفيه فيما بعد)، لم ينج من إعلان بعض التقييمات «و التنبؤات» التي تجد أساسها في إضفاء صفة المطلق على الشكل الذي كانت عليه الرأسمالية في عهده ( أي الرأسمالية التنافسية) وما كانت تؤدي إليه من أزمات وانهيارات وما يصاحب ذلك من استغلال مكثف و تفقير للطبقة العاملة الشيء الذي يعتبر مصدر بعض التقييمات الكارثية(كذا) مثل الأزمة العامة والنهائية للرأسمالية» ليتساءل الحريف بعد ذلك بحيرة واندهاش "عن دور البروليتاريا في هاته الحالة إذا كانت الأزمة عامة ونهائية" قبل أن نجيب السيد عبد الله الحريف سوف نتساءل معه، أين سمعت أو اكتشفت المكان الذي أضفى فيه ماركس صفة المطلق على هذا الشكل من الرأسمالية؟ ولنتساءل معه: هل تعرف ماذا تعني كمونة باريس وثورة أكتوبر؟ وبأي معنى يتحدث ماركس عن الأزمة العامة والنهائية للرأسمالية؟ ووفق أي شروط؟
يقول السيد عبد الله الحريف « وخلافا للنظرة الماركسية السائدة آنذاك والمتعلقة بالرأسمالية التنافسية والمتمثلة في اعتبار الرأسمالية ستحول المستعمرات إلى دول رأسمالية متطورة على غرار دول أرويا الغربية، اكتشف لينين قانون التطور اللامتكافئ....» وهنا لا بد من التوقف قليلا. ففي الفقرة الأولى يقول بأن ماركس "أعطى صفة المطلق على الرأسمالية التنافسية" وأن ذلك "كان مصدر بعض التقييمات الكارثية مثل الأزمة العامة والنهائية للرأسمالية" وفي الفقرة الثانية يقول: "بأنه خلافا للنظرة الماركسية السائدة آنذاك ( وممثلاها الأساسيان طبعا ماركس وانجلز) المتعلقة بالرأسمالية التنافسية والمتمثلة في اعتبار أن الرأسمالية ستحول المستعمرات إلى دول رأسمالية متطورة على غرار دول أرويا الغربية». فهل يعقل أن يعتبر أي امرئ سليم العقل أن هناك «أزمة عامة ونهائية للرأسمالية» وفي نفس الوقت يقول بأن هذه « الرأسمالية ستحول المستعمرات إلى دول رأسمالية متطورة على غرار دول أروبا الغربية» إن أي إنسان سوف يتساءل كيف ذلك؟ هل سوف تخرج هاته الرأسمالية كالروح من جسد أرويا الغربية وينفخ الله بها في جسد الدول التبعية كما «نفخ بعيسى في جسد مريم»! فعلى كل حال هو على كل شيء قدير! أليس ذلك تفكير صوفي قح، أم أن هاته الرأسمالية التي تعيش أزمة عامة ونهائية "ستحول الدول التبعية إلى دول رأسمالية متطورة على غرار دول أرويا الغربية" في 24 ساعة وينهار الاثنان في صبيحة اليوم الموالي -فإذا كنت ستقطع فاقطع بقوة وسرعة- لكن ذلك أيضا مجرد شعوذة .فها هو إذن المحامي الفذ في دفاعه عن «الجوهر الحي للماركسية» يحول ماركس الشامخ، المادي الجدلي، إلى مجرد صوفي مشعوذ، صراحة لا أجد تعبيرا عن هاته التفاهة وهذا المأزق الذي وضع صاحبنا المحامي الفاشل نفسه فيه من ذلك التعبير الدارج رغم تخفضي على شكله « الله ينعل لي ماكيحشم» فهو يحمل الشفقة والتقزز في آن واحد، ولا أعتقد أن المرء لا يحس بهما الآن تجاه هذا المحامي المسكين المحب للمال. ففي رسالة إلى كارل كاوتسكي سنة 1882سوف يفضح إنجلز صاحبنا المحامي الذي قال بأن الماركسية تعتبر أن الرأسمالية ستحول المستعمرات إلى دول رأسمالية متطورة على غرار دول أرويا حيث كتب يقول « وإني أرى أن المستعمرات بكل معنى الكلمة أ ي البلدان التي يشغلها الأوروبيون، كندا والكاب واستراليا ستغدو جميعها مستقلة، أما البلدان المستعبدة فقط والتي يقطنها سكانها الأصليون الهند والجزائر والممتلكات الهولندية والبرتغالية و الاسبانية، فإنه يقتضي لها العكس ،أن تأخذ البروليتاريا في يدها لفترة من الزمن وتسير بها نحو الاستقلال. من الصعب القول كيف ستتطور هذه الحركة» ويضيف انجلز قائلا « ...ولكن أية أطوار اجتماعية وسياسية يترتب على هاته البلدان اجتيازها قبل أن تبلغ أيضا التنظيم الاشتراكي فهذا ما لا يستطيع اليوم، كما أعتقد أن نجيب عليه إلا بافتراضات لا طائلة تحتها."
أ ليس هذا الكلام للماركسية عن المستعمرات أيها المحامي غير الشريف ؟ فعلى ما يظهر أن الكاتب قد احتوته الإيديولوجية البرجوازية من رأسه حتى أخمص قدميه فتلك هي الطريقة المفضلة للبرجوازية أو الوحيدة للهجوم على الماركسية: أي تزوير التاريخ.
و هذا التزوير سوف يصل مداه إلى أبعد مما بينا، حيث يضيف المحامي: «... لابد من الإقرار (كذا) أن ماركس كان يعتبر أن البروليتاريا هي البروليتاريا الصناعية بالأساس، ويرجع ذلك في رأينا إلى كون ماركس قد أضفى هنا، أيضا صفة المطلق على مرحلة معينة من تطور الرأسمالية وهي المرحلة التي كانت فيها الصناعة هي القطاع المهيمن على النشاط الاقتصادي والمتنامي باستمرار"9. قبل أن نتطرق إلى مفهوم الصناعة الذي يبتدله صاحبنا المحامي، سوف نقف عند نقطة "صفة المطلق" التي نسبها المحامي إلى ماركس للمرة الثانية. فالحريف يقول إن ماركس قد أضفى "صفة المطلق" على مرحلة معينة من الرأسمالية في اتجاهين.
1- صفة المطلق للرأسمالية التنافسية
2- صفة المطلق لهيمنة الصناعة.
وقد تسائلنا من قبل مع هذا المحامي عن اسم المكان الذي اكتشف فيه ذلك، أما الآن فنحن ملزمون بتقديم بعض الإيضاحات في هذا الصدد.
وسوف ننطلق مما قاله إنجلز في كتاب "لودفينغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية" على الفلسفة الديالكتيكية التي تعد من ركائز الماركسية. "وكما أن البرجوازية تحطم عمليا، بواسطة الصناعة الكبيرة والمزاحمة والسوق العالمية كل المؤسسات القديمة المثبتة التي قدستها العصور، كذلك تحطم هذه الفلسفة الديالكتيكية جميع التصورات عن الحقيقة المطلقة النهائية، وعن أوضاع الإنسانية المطلقة المناسبة لها، فليس هناك بالنسبة للفلسفة الديالكتيكية، شيء نهائي، مطلق، مقدس، إنها ترى حتمية الانهيار في كل شيء، ولا يوجد شيء يستطيع الصمود في وجهها إلا المجرى المستمر للنشوء والزوال، للصعود اللامتناهي من أرض إلى أعلى، وهي نفسها ليست سوى انعكاس بسيط لهذا المجرى في الدماغ المعكر، ولها أيضا، في الحقيقة جانبها المحافظ، فهي تبرر كل مرحلة معينة من مراحل تطور المعرفة والعلاقات الاجتماعية في زمانها وظروفها، لا أكثر فالصفة المحافظة لهذه الطريقة في الفهم هي نسبية، وطابعها الثوري هو مطلق- وهذا هو الشيء الوحيد المطلق الذي تقبله الفلسفة الديالكتيكية» هكذا تكلم إنجلز عن الفلسفة الديالكتيكية فإذا كان ماركس قد أضفى صفة المطلق التي أقرها الكاتب فهذا يعني أن ماركس خان طريقته وكان يجب القول بذلك صراحة لكن جرأة الكاتب في إظهار سفالته لم تصل بعد إلى تلك الدرجة كما وصلت إليها مثلا عند احرزني الذي حاول أن يحاكم ماركس12 فجعل من نفسه أضحوكة حتى لتلامذته.
و إذا سألنا السيد الحريف أين أضفى ماركس صفة المطلق تلك، لن يقدم لنا أي جواب فكل محاكمته تلك يمكن أن ترد إلى الأمر التالي:
فهو يأخذ على ماركس لماذا لم يتحدث عن الإمبريالية (رغم أن ماركس قد تنبه إلى ذلك). ولماذا لم يدرسها؟ ولماذا لم يتحدث عن المعلوميات ( المجال المفضل لصاحبنا المحامي)؟ ولماذا...؟؟ وهذا الأمر يمكن أن يرد هو الأخر إلى أن السيد الحريف يأخذ على ماركس لماذا لم يكن مشعوذا؟؟ فلو تحدث ماركس عن المعلوميات أو ذهب إلى دراسة الإمبريالية أو أي ظاهرة أخرى لم تحدث بعد فلن يكون طبعا سوى كذلك، فهذا المحامي لم يكتفي بجعل ماركس صوفي و مشعوذ بل و يأخذ عليه كذلك لماذا لم يعطيه الفرصة وهو المحامي الفذ ليثبت بأنه كذلك. لقد أشار إنجلز ذات مرة قائلا: « ولكن الاعتراف بها أي (المادية الجدلية) قولا شيء وتطبيقها شيء آخر، وإذا تمسكنا دائما في البحث بوجهة النظر هذه فإن طلب الحلول الحاسمة والحقائق الخالدة يفقد بالنسبة لنا كل معنى إلى الأبد، ونحن لا ننسى أبدا أن كل معارفنا المكتسبة محدودة بالضرورة وتحددها الظروف التي نكتسبها فيها»10. هكذا قال إنجلز عن ماركس وعن نفسه وهو ما لم ينفيه ماركس ذاته بل على العكس من ذلك أكده. و بالتالي يظهر أن صاحبنا ليس بمدافع عن "الجوهر الحي للماركسي" بل وإنما مهاجم غير شريف، وأن المبتذلين الذين أخذوا على عاتقهم «الدفاع عن الماركسية وتجديدها» لم يتجاوزا في شيء حدود تعاليم معلميهم. " و الواقع أن كل طبقة وحتى كل مهنة، لها أخلاقها الخاصة بها، وهي فضلا عن ذلك تخالفها كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا دون أن تتعرض إلى العقاب".11
أما عن الهراء الذي تحدث به هذا المحامي عن الصناعة فهو لا يعدوا أن يكون ابتذالا لهذا المفهوم، فماركس و إنجلز و لينين وغيرهم قد اعتبروا أن الرأسمالية تحول الزراعة نفسها إلى صناعة، أي أن الزراعة الرأسمالية هي صناعة وبهذا المفهوم تتحدث الماركسية عن الصناعة، فقد كتب لينين في هذا الصدد يقول: « فغني عن البيان أن انفصال الصناعة الإنتاجية عن صناعة استخراج المواد الأولية وانفصال الصناعة عموما عن الزراعة يحولان الزراعة نفسها إلى صناعة، أي إلى فرع اقتصادي ينتج سلعا»12 .
أما عن مفهومك أنت، أيها المهاجم، عن الصناعة، فهو مبتذل فعندما تقول: «... لذلك يكون لوسيانسيف على صواب في نظرنا عندما يطرح أن عند ماركس « أفقا شيوعيا للعصر الصناعي Une perspective communiste de l’age industriel بينما نشهد حاليا « أفق شيوعي للعصر المعلوماتي Une perspective communiste de l’ age informatiqueفإنك أنت و لوسيان لا تثبتان سوى أنكما لم تفهما حتى الألف باء الاقتصاد السياسي الماركسي.
فماذا تعني الصناعة؟ وما هو المفهوم العلمي للمصنع؟ يقول لينين في هذا الصدد: « قبل أن نتناول الصناعة الآلية (أي المصنعية) الكبيرة لا بد أن نؤكد أن المفهوم العلمي لهذا المصطلح لا يتطابق على الإطلاق مع معناه الشائع المتداول يوميا ففي إحصاءاتنا الرسمية، وفي أدبياتنا عموما (كما هو حالنا نحن أيضا) يؤخذ المصنع على أنه أي مؤسسة صناعية كبيرة إلى هذا الحد أو ذاك تضم عددا كبيرا إلى هذا الحد أو ذاك، من العمال المأجورين أما بالنسبة لنظرية ماركس فمصطلح الصناعة الآلية (المصنعية) الكبيرة ينطبق على طور معين من تطور الرأسمالية في الصناعة هو طورها الأعلى. والسمة الأبرز والأهم لهذا التطور هي استخدام نظام الآلات في عملية الإنتاج ( رأس المال المجلد1) والانتقال من المانيفاكتورة إلى المصنع هو بمثابة ثورة تقنية كاملة، تطيح بالمهارة اليدوية للحرفي التي استغرق اكتسابها قرونا من الزمن، ولابد أن يعقب هذه الثورة التقنية التدمير الشامل لعلاقات الإنتاج الاجتماعية والقطيعة النهائية بين الفئات المختلفة للمساهمين في الإنتاج وبانقطاع كامل عن التقاليد وبتكثيف وتوسيع للجوانب المظلمة للرأسمالية، وفي نفس الوقت يعقب هذه الثورة التقنية التشريك الجماعي للعمل من قبل الرأسمالي، وهكذا فإن الصناعة الآلية الكبيرة هي أحدث مبتكرات الرأسمالية، أحدث « عناصر التقدم الاجتماعي» (رأس المال المجلد1 ص499) وعناصر التقهقر التي تحملها هذه الرأسمالية"13. بهذا المعنى بالضبط تتحدث الماركسية عن الصناعة وعن «الأفق الشيوعي للصناعة» أما محاولة اختزال مسألة تطور الصناعة بمجرد إحصائيات عن عدد العمال والمصانع فقد قال عته لينين بأنه منطق سخيف14 لكن حتى إذا نظرنا إلى التطور الهائل للمعلوميات هذه الحقيقة التي تفقأ الأعين، هل يعني ذلك أن الرأسمالية قد دخلت عصرا غير صناعي بل معلوماتي؟ إن من يقول بذلك لا يفعل سوى أنه يجعل من الماركسية مجرد كاركاتور لا أكثر. فعندما يكون الهدف معالجة المسائل النظرية، لا يجب إطلاقا استعمال المفاهيم الضيقة الأفق. لكن الحريف لا يقف إلى هذا الحد بل يستمر ويقول: "بينما كانت الخدمات في أغلبيتها الساحقة لا تخضع مباشرة للرأسمال بل كانت تعتبر ميدانا لنشاط فئات برجوازية صغرى». فهل هناك تشويش نظري أكثر من هذا؟ فالخدمات كانت لا تخضع مباشرة للرأسمال، طيب، ولنقبل تجاوزا لهذه الفكرة فإلى ماذا كانت تخضع إذن؟ حسب الحريف كانت تعتبر « ميدانا لنشاط فئات برجوازية صغرى». لكن أليست هاته الفئات البرجوازية الصغرى في آخر المطاف برجوازية، وإذا كانت كذلك، أليست ميادين أنشطتها هي بالضرورة ميادين رأسمالية أي تخضع للرأسمال؟
سوف نتمم مع الكاتب ما قاله في هذا الصدد "إن قطاع الخدمات يجمع خليطا من الأنشطة منها المنتجة وغير المنتجة كما هو حال جزء كبير من المعلومات( هاهو ذا وصل مرة أخرى إلى الميدان المفضل لديه، فلاحظوا بماذا سيتفوه هذه المرة) التي تساهم في تطوير الإنتاجية عبر تطوير البحث العلمي وإشاعة المعارف والمعلومات وتحسين طرق وأساليب الإنتاج وتنظيم العمل، ومنها أنشطة أخرى منتجة تتعلق بتحويل العديد من الأعمال المنزلية إلى أعمال اجتماعية تتداول في السوق، وهناك أنشطة غير منتجة لكنها تبقى ضرورية لإعادة إنتاج قوة العمل الترفيه والرياضة مثلا (أأدركتم ذلك!) إضافة إلى أنشطة أخرى ذات طابع طفيلي كالمضاربات المالية والتجارية وغيرها»15 ليضيف "هكذا إذن فإن الجزء الأكبر لقطاع الخدمات يعد قطاعا منتجا يتم فيه انتزاع فائض القيمة من المأجورين....وعلى هذا الأساس نعتبر أن مفهوم البروليتاريا لم يعد يقتصر على البروليتاريا الصناعية بل أصبح يضم اغلب العاملين في قطاع الخدمات...»16 فياله من عقل نافذ وذكاء وقاد لا يجعلنا إلا أن نتساءل كيف يمكن لهذا العقل أن يحل ذلك اللغز؟! ورغم ان ماركس في نظر الكاتب قد أعطى صفة المطلق على مرحلة معينة من تطور الرأسمالية معتبرا أن البروليتاريا الصناعة بالأساس و... و...، فلم يجد الكاتب منفذا إلا العودة إلى ماركس بالذات فكتب يقول « غير أن تحليل البروليتاريا في هذه التشكيلات الاجتماعية( أي ما أسماه الكاتب ببلدان المحيط الرأسمالي) يقتضي الرجوع لتحاليل ماركس».17
أمام كل هذا لا يمكن للمرء إلا أن يتساءل هل هناك وقاحة أكثر من هذه، فلا تبصق في البئر فقد تعطش وتحتاج إلى مائه، لكن هناك من لا يملون من شرب المياه العكرة، بل و يجدون متعة في ذلك.


لا بديل عن تزوير الحقائق من أجل الهجوم على لينين.

بعد هذه البطولات والصولات والجولات التي حققها السيد عبد الله الحريف على حساب ماركس و إنجلز ينتقل إذن إلى لينين، فماذا سيصبح (صقر الثورات) على يد هذا المحامي الفذ ! بعدما أصبح على يديه ماركس الشامخ، المادي الجدلي مجرد صوفي ومشعوذ؟ أغلب الظن أنه سيجعل من صقر الثورات مجرد دجاج ابيض. فلنتابع.
يبدأ المحامي حملته الفرعونية على لينين بما يلي: "إن لينين لا يعتبر أن الماركسية تقدم قوانين عامة تتحكم في سير المجتمعات والعالم، وإنما يعتبر الماركسية تقدم فقط، مبادئ عامة توجه التفكير والممارسة، تلك المبادئ التي لا تكتسب مضمونها الملموس إلا بفضل تطبيقها الخلاق في كل حالة خاصة على حدة"19 إن هاته الكلمات هي أكثر من ما قاله الاشتراكيون الديمقراطيون الألمان على دوهرينغ: «إبداع في الأسلوب مع فراغ في المحتوى».
إننا نقول للسيد الحريف بأنك تكذب فلينين لم يقل هذا، رغم الفقرة التي أوردتها عنه، وقد أوضحنا فيها سابقا بما فيه الكفاية.إن الماركسية تقدم قوانين عامة تتحكم في سير المجتمعات والعالم، نعم إنها تقدمها، ولا تندهش واصبر الآن فسوف نقول أكثر من ذلك. أما عن ماهي المبادئ التي يقول السيد الحريف بأن لينين يعتبر الماركسية لا تقدم سواها، فلا يقول هذا المدافع أي شيء.
إدا أخدنا مصطلح المبادئ في هدا السياق فإنها هي الإطار النظري. أي هي ذاتها النظرية الماركسية ولا شيء غير ذلك و الماركسية التي أقرت على لسان أحد مؤسسيها بأن إحدى أهم مهماتنا "انحصرت، آخر الأمر في اكتشاف قوانين الحركة، قوانينها العامة التي بوصفها قوانين مسيطرة، تشق لنفسها طريقا في تاريخ المجتمع الإنساني"20. فالماركسية لم تهدف إلى خلق أو اختراع القوانين- فهي تعلم منذ البداية، بل إنها قامت على أنقاض هذه النظرية بالذات-وإنما إلى اكتشافها، وقد كشفت العديد منها (بإقرار أعدائها أنفسهم) وبصورة خارقة للعادة، وهي بذلك تقدم قوانين عامة تتحكم في سير المجتمعات والعالم، أما عن تمظهر أو تطبيق هذا القانون أو ذاك في هذه الشروط أو تلك. فتلك قضية أخرى، فحسب إنجلز: «ليست المبادئ هي نقطة انطلاق الاستقصاء بل هي نتيجته الختامية، وهي لا تنطبق على الطبيعة والتاريخ الإنساني، بل تستخلص منهما، وليست الطبيعة وعالم الإنسانية هما اللذان يتطابقان مع هذه المبادئ بل إن المبادئ لا تكون صالحة إلا بقدر ما تتطابق مع الطبيعة والتاريخ، ذلك هو المفهوم المادي الوحيد عن الموضوع( يقصد إنجلز التاريخ)...» 21 و الماركسية قد استخلصت هذه القوانين أو مجمل القوانين التي تتحكم في سير المجتمعات الرأسمالية وكذا المجتمعات التبعية.
فعندما نقول بأن الماركسية تقدم قوانين عامة، يجب أن نوضح أولا ماذا تعني هاته الصيغة أي ماذا تعني كلمة «قوانين»؟ إن الماركسية تفهم القوانين الموضوعية سواء كانت قوانين الطبيعة أو قوانين تطور المجتمعات، بما فيها أساسا قوانين الاقتصاد السياسي، باعتبارها سببا ونتيجة في نفس الوقت لصيرورة التطور الموضوعي مع الأخذ بعين الاعتبار أن «تاريخ تطور المجتمع يختلف جوهريا في نقطة واحدة عن تاريخ تطور الطبيعة. ففي الطبيعة(بقدر ما نحن نضع جانبا رد فعل الإنسان فيها)، لا يؤثر بعضها في بعض غير قوى عمياء لا واعية وفي تأثيرها المتبادل تظهر القوانين العامة، وليس هنا أي هدف واع ومنشود. لا في الصدف الظاهرية التي لا عد لها، والمرئية على السطح، ولا في النتائج الختامية التي تؤكد وجود الانتظام في داخل هذه الصدف. أما في تاريخ المجتمع فالأمر بالعكس، ففي تاريخ المجتمع يفعل الناس الذين لهم موهبة الوعي، ويعملون بتفكير أو بتأثير عاطفة وينشدون أهدافا معينة.
ولا يصنع هنا شيء دون نية واعية، ودون هدف منشود، ومهما كانت خطورة هذا الاختلاف بالنسبة للبحث التاريخي- ولا سيما لبحث مختلف العصور والحوادث- فإن هذا الاختلاف لا يغير في شيء واقع أن سير التاريخ خاضع لقوانين داخلية عامة» 22 و بذلك فهذه القوانين العامة التي يخضع لها تطور التاريخ والمجتمعات... هي خارجة عن رغبة وإرادة الإنسان، فالإنسان مهما بلغت درجة شأنه وعبقريته وجبروته لا يمكنه بأي حال من الأحول خلق تلك القوانين أو اختراعها أو تفاديها، فكل ما يستطيع فعله هو اكتشافها ودراسة تفاعلاتها ومن تم يمكن تفادي آثارها المدمرة والاستفادة من نتائجها لما فيه مصلحة المجتمع.
لقد كان الإنسان يقف عاجزا أمام الظاهر حتى البديهية منها في الوقت الحاضر، نظرا لعجزه عن معرفة أسبابها والقوانين التي تنتجها. ومن ثم كان ينسبها إلى قوى خفية أو ظاهرية بل إنه لا يتوانى عن خلق تلك القوى الخفية لينسب إليها تلك الظواهر و تلك مثلا حكاية خلق الله.
ولنأخذ مثالا لنوضح ذلك لقد كانت الأمطار، هذه الظاهرة التي أصبحت من البديهيات حتى بالنسبة لأطفال السنة الأولى تشكل لغزا حقيقيا وقف الإنسان أمامه حائرا لآلاف السنين،إن لم نقل ملايين السنين، لكن مع تطور حاجياته تطورت معرفته وتقنياته وتم اكتشاف القانون أو القوانين التي تتحكم في هاته الظاهرة، فتبخر المياه وتكاثفها وضغطها وجاذبية الأرض...الخ فسرت بشكل كلي هذه الظاهرة، ونفس الشيء يمكن أن نقوله عن العديد الظواهر الطبيعية الأخرى (النار، الصواعق، الزلازل...) فهل الإنسان هو الذي خلق قانون تبخر المياه، أو قانون جاذبية الأرض؟ أبدا. إن ما فعله الإنسان هو مجرد اكتشاف تلك القوانين. و على نفس المقياس، فإن ظواهر أخرى كالفيضانات التي تنجم عن غزارة الأمطار أو اقتراب القمر من سطح الأرض، هي الأخرى كانت ظواهر ترعب الإنسان، نظرا لعجزه عن فهم القوانين التي تنتجها. فكانت فيضانات نهر النيل بالنسبة للمصريين القدامى عبارة عن سخط هذا النهر العظيم عليهم. فسارعوا إلى كسب وده. ولأجل ذلك لم يتوانوا حتى عن التضحية بقطعان ماشيتهم بل وبأجمل نسائهم، وبأقوى رجالهم، على شكل قرابين لذلك النهر. إلا أن تقدم العلم وتقدم لمعارف جعلت الإنسان في آخر المطاف يكشف النقاب عن القوانين التي تتحكم في تلك الظواهر. فهل يمكن القول ان الإنسان في هذه الحالة قد غير القوانين أو تفاداها؟ لا إطلاقا. إن كل ما فعله هو توجيهها أو للدقة تفادي نتائجها التدميرية والاستفادة من نتائجها الايجابية. وهكذا فقد استطاع الإنسان أن يشيد السدود لتفادي أضرار الفيضانات، وصنع الأعمدة لتفادي أضرار الصواعق الكهربائية واستطاع صنع العديد من الوسائل للتقليل من النتائج التدميرية للزلازل*. بل إن اكتشاف الإنسان للخريطة الوراثية جعله يخلق الإنسان أيضا. ومنه فإن الإنسان لم يخلق القوانين ولم يكن بوسعه فعل ذلك، فكل ما فعله هو اكتشافها ودراستها ومن تم الاستفادة من نتائجها لكن على قاعدة تلك القوانين بالتحديد.
وما قلناه على قوانين الطبيعة ينطبق بالمثل على قوانين الاقتصاد السياسي، فهي الأخرى لا يمكن خلقها ولا اختراعها بل مجرد اكتشافها ودراستها والارتكاز عليها لما فيه مصلحة المجتمعات والإنسانية. غير انه بالإضافة إلى ما أوردناه على لسان إنجلز فيما يخص الاختلاف بين قوانين الطبيعة وقوانين المجتمع، يجب التأكيد أيضا على أن الاختلاف الأخرى بين قوانين الطبيعة وقوانين الاقتصاد السياسي هو أن الأولى وإن كانت «أزلية» فإن الثانية مؤقتة أي أنها محكومة وصالحة لفترات تاريخية محددة ووفق شروط محددة ووفق شروط تاريخية معينة. (وهو على كل خال أمر طبيعي فكل قانون له خاصياته وشروطه التي يفعل فيها). و اكتشاف هذه القوانين التاريخية، أي الغير أزلية، ودراستها هي التي يمكن أن توفر للإنسان إمكانية توجيهها لما فيه مصلحته.لأن الإنسان لا يستطيع تغيير تلك القوانين، بل إن مسعاه الواعي يكمن في تغيير الشروط التي تفرز هذه القوانين وتسمح بظهور هذا القانون أو ذاك وبتغييره للشروط التي تجعل من تلك القوانين، قوانين فاعلة لا يغيرها ولكن يفرز شروطا تجعلها خامدة لبروز قوانين أخرى. و عبر هذه الضرورة يستطيع الإنسان أن ينتقل إلى الحرية أي أن يصبح سيد نفسه وسيد تاريخه، أي أن يصنع التاريخ بوعي منه 23 وهو ما برهن عليه ماركس عند حديثه عن ديكتاتورية البروليتاريا و الانتقال إلى المجتمع الخالي من الطبقات. أما عن تاريخ اكتشاف هاته القوانين، فيمكن الرجوع إلى الرأسمال ففي هذا العمل العظيم استطاع ماركس أن ينفض الغبار على العديد من القوانين التي لم تستطيع مدارس الاقتصاد السياسي الكلاسيكي والبرجوازي أن تفعله. و رغم ذلك فلا نقول أن ماركس قد اكتشف كل القوانين أو حتى درس كل القوانين التي اكتشفها فمثلا وعلى حد تعبير لينين: « لقد كانت الماركسية تفتقر إلى حد الآن إلى دراسة منهجية للرأسمالية في الزراعة. ولقد سد كاوتسكي-يوم كان ماركسي- هذه الثغرة في كتابه الرأسمالية في الزراعة»24.
هكذا تفهم الماركسية القوانين العامة لتطور المجتمعات والعالم. ونحن حينما نؤكد على أنها "قوانين عامة" تتحكم في سير المجتمعات والعالم» فإننا لا نقول ضمنيا إلا أن الماركسية قد اكتشفت القوانين التي تتحكم في سير التاريخ برمته.
أما فيما يخص كلمة "عامة/ القوانين العامة" فماذا تعني هذه الكلمة التي وظفها السيد عبد الله الحريف دون أن ينتبه لها، بل إنه يبرهن على انه لا يفهمها. عندما يقول بأن لينين يعتبر أن الماركسية لا تقدم قوانين عامة.... وإنما مجرد مبادئ عامة....لا تكتسب مضمونها...إلا بتطبيقها...على كل حالة خاصة على حدة" إن هذا المصطلح له دلالته العلمية أيضا فلينين يقول عند الحديث عن القوانين الاقتصادية العامة «نحن نؤكد على كلمة "عامة" لأن ماركس وتلاميذه لا ينظرون بتاتا إلى تلك القوانين إلا باعتبارها قوانين لكل الحالات الفردية" 25.
وهذا لا يمنعنا من الإقرار بأن قانون فائض القيمة مثلا هو قانون أساسي لدراسة كل المجتمعات الرأسمالية، وأن قانون الصرع الطبقي هو القانون المحرك لتاريخ كل المجتمعات الطبقية و ...و...
لقد قال لينين عن الماركسية في نفس المقال الذي انتقى منه السيد الحريف قولة لينين ، قال عنها بأنها علم. أتفهم ماذا يعني ذلك أيها المحامي؟ إنها ليست كلمة لتنميق الأسلوب، كما تفعل أنت دائما، بل موقف، نعم «إن الماركسية علم ولذلك يجب أن تعامل كعلم» ودون أن نوضح كيف يكون التعامل مع العلوم، فإن هذا العلم هو الذي أوضح «أن المهمة الأساسية لحزب اشتراكي ثوري، لا تقوم في اختلاق مشاريع لإعادة بناء المجتمع و لا في وعظ الرأسماليين و أذنابهم بتحسين أوضاع العمال و لا في حبك المؤامرات، بل في تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي و قيادة هذا النضال نحو هدفه النهائي الذي يكمن في حسم السلطة السياسية بين يدي البروليتاريا وتنظيم المجتمع الإشتراكي»26 .
وهذا العلم هو الذي تساءل عن «ما فائدة أن توضح للعمال شكل القيمة وجوهر النظام الرأسمالي ودور البروليتاريا الثوري، إذا كان استثمار التشغيل بوجه عام وفي كل مكان ينسب ....لا إلى التنظيم البرجوازي للاقتصاد الاجتماعي ، بل مثلا إلى قلة الأرض إلى المدفوعات إلى نير الإدارة الحكومية؟27
وباللغة المغربية إلى سوء التوزيع 28 إلى المافيا المخزنية التي تقولون عنها « بأنها هي المسؤولة عن إفشال سياسات التقويم الهيكلي ...29 غير أن الماركسية بوصفها علما قالت في نفس المقال الذي تستشهد به أيها المحامي الفذ على أنه «قد يظهر بأن القيصر والحكومة القيصرية في روسيا لا يتبعان أي طبقات، و يعنيان بالجميع عل قدر المساواة. أما في الواقع، فإن جميع الموظفين يأخذون فقط من طبقة المالكين و جميعهم يخضعون لنفوذ كبار الرأسماليين اللذين يفعلون بالوزراء ما يريدون و يتوصلون إلى كل ما يريدون" 30. لكن صاحبنا لا يرى كل ذلك، بل فقط ما يرضيه أو للدقة ما يتلاءم مع مشروعه السياسي.
وتستمر حملة صاحبنا المحامي على لينين من خلال التنكيل بماركس و انجلز أولا حيث كتب يقول: «خلافا للنظرة الماركسية السائدة آنذاك ....اكتشف لينين قانون التطور اللامتكافئ...وقدرة الاحتكارات...على إرشاء فئة من الطبقة العاملة...أسماها لينين الأرستقراطية العمالية».
أولا، ليس لينين من اكتشف قدرة الاحتكارات...على إرشاء فئة من الطبقة العاملة: الأرستقراطية العمالية، بل قبله إنجلز الذي لمحت له بقولك «خلافا للنظرة الماركسية السائدة آنذاك» (والمقصود طبعا وأساسا ماركس و إنجلز). ففي رسالة وجهها إلى كارل كاوتسكي كتب إنجلز يقول: «...إنك تسألني عن ما هو رأي العمال الإنجليز في السياسة الاستعمارية إنه تماما نفس رأيهم في السياسة بوجه عام: أي نفس رأي وحزب ليبرالي راديكالي، أما العمال فإنهم يتمتعون معها بكل هدوء باحتكار انجلترا الاستعماري وباحتكار في السوق العالمية...».
وسوف يتمم بالقول: «إن مختلف الإسهامات الرائعة للينين لم تتوقف عند نقد الأطروحات الخاطئة التي واكبت الماركسية من الداخل (مثل مرافعتك للدفاع عن الجوهر الحي للماركسية) تحت تأثير الاتجاهات السائدة في العديد من الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية الأوروبية بالارتكاز إلى أن الماركسية ليست مقولات جامدة وإنما هي مبادئ موجهة عامة، وأن الرأسمالية تغيرت من حيث الشكل حتى تستطيع الاستمرار من حيث الجوهر...». وهكذا تصبح الإسهامات الرائعة للينين تعتبر «أن الرأسمالية تغيرت من حيث الشكل حتى تستطيع الاستمرار من حيث الجوهر». صراحة لا أعرف ماذا يقصد بالضبط الكاتب من ذلك. لكن يمكن أن نستنتج من كلامه ما مفاده أن الإمبريالية هي مجرد شكل من أشكال الرأسمالية في حين أن «الإسهامات الرائعة للينين» قالت أكثر من ذلك، لقد قالت بأن الإمبريالية هي مرحلة بل وأعلى مرحلة في تطور الرأسمالية. وفي هذه المرحلة ظهرت قوانين موضوعية جديدة منها مثلا: قانون معدل الربح الاحتكاري الذي عرضه لينين في كتابه: الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية والذي لم نجد له مكانا إطلاقا في مشاريع أوراق المؤتمر الأول للنهج الديمقراطي» أما إذا أردنا أن نتحدث عن الشكل والجوهر فيمكن القول أن ما قاله السيد الحريف ينم عن جهل مدقع لهذه الثنائية وعلى أي فلينين يحدد الإمبريالية على النحو التالي: «إن الإمبريالية (أو "عصر" الرأسمال المالي ، ولا عبرة للألفاظ) هي، من الناحية الاقتصادية ، الدرجة العليا لتطور الرأسمالية، هي بالذات الدرجة التي أصبح فيها الإنتاج كبيرا وكبيرا إلى حد أن الاحتكار يحل محل المنافسة وهنا يكمن جوهر الإمبريالية الاقتصادي» 31
و نود هنا أن نثير انتباه القارئ إلى نوع السلاح الذي يستعمله الأستاذ الحريف في معركته ضد لينين، فما نوع السلاح الذي يبدأ «بالإسهامات الرائعة للينين» لينسب في الأخير للينين ما لم يقله ؟ غالبا قد تعرفتم إلى هذا النوع .
أما فيما يتعلق بماو تسي يونغ فإن السيد المحامي لم يجد له مدخلا للهجوم فاقتصر على استحضار صراع ماو ضد الدغمائية و ضد الجمود و نسي أن ماو هو من أقر "أن السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية" و ليس من المؤسسات الدستورية او الاوهام الحقوقية و أن الشيء الاهم في الماركسية هو ثوريتها و أننا "إذا كنا نملك نظرية صحيحة ونكتفي بأن نجعل منها موضوعا لأحاديث لا طائل منها أو نضعها على الرف ولا نطبقها عمليا، فستصبح هذه النظرية، مهما كانت سديدة، عديمة الأهمية" و انه "بدون جيش ثوري ليس للشعب شيء" ماو("حول الحكومة الإئتلافية"، أبريل 1945، المختارات المجلد الثاني). وعلى أي حال فقد بدا واضحا أن الكاتب الوطتي للنهج الديمقراطي ليس من سلالة كانط وأحد أحفاد برنشتاين وفقط بل إنه ابن عم كاوتسكي أيضا. و سوف نترك الآن كل ذلك ونحاول الانتقال إلى خلاصات الأستاذ الحريف والمطالب التي أرفقها بمذكرة "دفاعـ"ـه عن الجوهر الحي للماركسية.
«والآن يكون من المفيد جدا التأكيد بأن المطلوب اليوم وخاصة بعد الانهيارات التي عرفتها العديد من الأنظمة الاشتراكية، وبعد أن دخلت الرأسمالية في مرحلة جديدة، هو الرجوع إلى الجوهر النقدي للماركسية" 32. هذه هي الخلاصة الأولى، لكن قبل أن نتحدث عن «المرحلة الجديدة للرأسمالية» سوف نؤكد ما قلناه سابقا، إن الأستاذ يدافع عن الجوهر الحي للماركسية بقتل جوهرها الثوري.
أما الخلاصة الثانية فقد صاغها صاحبنا على الشكل التالي : «هكذا، إذن، يظهر أن الماركسية – في جوهرها وليس في الصيغ التي اتخذتها في هذه المرحلة أو تلك، سديدة ويظل تحديدها لتناقضات الرأسمالية صحيحا» 33.
إن ما يلمح له الحريف واضح جدا، فعندما يقول بان الماركسية سديدة في جوهرها وليس في الصيغ التي اتخذتها في هذه المرحلة أو تلك فهو لا يقصد طبعا شيء آخر سوى مرحلة ماركس و انجلز ومرحلة لينين ومرحلة ماو تسي تونغ...ولا يمكن أن يكون شيء آخر غير ذلك. فالأستاذ "المحترم والمحترم جدا" يقول لنا: كونوا ماركسيين لكن ليس كما كان ماركس و انجلز ولا كما كان لينين ولا كما كان ماو تسي تونغ وهذا هو الجوهر الحي لكل مرافعة السيد الحريف، الذي أبى إلا أن يكون منسجما مع اسمه، ولا داع إذن لسرد الخلاصات الأخرى فالأمر أصبح مكشوفا تماما.
------------------------------------------
هوامش:
1. ليــنين: من كتاب الدولة والثورة.
2. لينين: برنــامجنا ص 499
*. أوردنا هنا الكلمات بالفرنسية أيضا، لان الكاتب يورد هو أيضا الكلمات بالفرنسية في محاولة منه للتأكيد.
3. ماو تسي تونغ
4. لينين: برنــامجنا
5. ماركس الأسعار والأجور
6. ماركس انجلز: البيان الشيوعي
7. من ماركس الىيوسف فيدرمان1859
8. .لينين برنامجنا ص 498.
9. . إنجلز: أنتي دوهرينغ
10. . عبد الله الحريف: نفس المرجع.
* . أحمد أحرزني سيرة ماركس السياسية من الكمونة إلى الجماعة
11. .انجلز المرجع السابق ص 43.
12. نجلز: لودفيغ قيورباخ و نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية.
13. لينين: "تطور الرأسمالية في روسيا، ص 30.
14. لينين: نفس المرجع السابق، ص 257-258.
15. . لينين: نفس المرجع السابق.
16. .ع الحريف نفس المرجع
17. . ع الحريف نفس المرجع
18. . ع الحريف نفس المرجع
19. ع الحريف نفس المرجع.
20 . انجلز: "لودفيغ فيورباخ و نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية"، ص52.
21 .انجلز: نفس المرجع السابق، ص 42.
22 . انجلز: نفس المرجع السابق، ص 53.
* . إن اليابان تلك الأرخبيلات التي أصبح اسمها مرفوقا بالزلازل، تعتبر من أكثر الدول تقدما في اختراع التقنيات و تشييد المنازل المضادة للهزات الأرضية.
23 . انجلز: أنتي دوهرينغ.
24 . لينين: "الرأسمالية في الزراعة" ص 93.
25 . لينين: المرجع السابق، ص 93.
26. لينين برنامجنا ص 498 (التشديد أصلي)
27. لينين من هم أصدقاء الشعب و كيف يحاربون الاشتراكيين الديمقراطيين؟
28. أنظر جل مؤلفات عبد السلام أديب.
29. النهج الديمقراطي
30 . لينين برنامجنا، ص 501.
31 . لينين: بصدد الكاريكاتور عن الماركسية، ص 24.
32. ع الحريف نفس المرجع.
33. ع الحريف نفس المرجع.



#خالد_الصقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وكيف يهاجمونها؟ الجزء الث ...
- الجزء الثاني من كتاب - من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وك ...
- الجزء الثاني من كتاب - من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وك ...
- الجزء الأول من كتاب - من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وكي ...
- الجزء الأول من كتاب - من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وكي ...


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصقر - من هم المدافعون الجدد عن الماركسية وكيف يهاجمونها؟ الجزء الأول