انس محمد ابو عرقوب
الحوار المتمدن-العدد: 2274 - 2008 / 5 / 7 - 10:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في هذه الأيام تطفو على السطح في إسرائيل ظاهرة جديرة بأن يفرد لها مساحة في الاعلام العربي وهي ظاهرة موت الايدولوجيا في إسرائيل وحلول عصر سيادة رجال الإعمال في كل الميادين –رجال الإعمال حسب النمط الذي يختزله إرقادي قيدماك- وتبدوا لنا أهمية الاستفاضة في بحث هذه الظاهرة وأبعادها وإنعكاساتها إذا علمنا ارقادى قيدماك بإعتباره التجلي الأبرز للظاهرة في إسرائيل أعلن رسميا مساء الأحد 04/05/ 2008في مؤتمر صحفي عقده بمشاركة ثلاثة أعضاء سابقين في الكنيست عن كتلة المتقاعدين حيث عن أعلنوا عن انشقاقهم عن كتلة المتقاعدين وتشكيلهم كتلة جديدة في الكنيست تحمل اسم عدالة للمتقاعدين وسيرأس الحزب الجديد رجل الإعمال والملياردير اليهودي من أصل روسي ارقادي قيدماك ، وبهذه الخطوة يكون قيدماك قد ضمن لنفسه ثلاثة مقاعد في الكنيست، ولم يخفي قيدماك في المؤتمر الصحفي المذكور رغبته في شغل حقيبة وزارية في حكومة أولمرت، وهذا الأمر لن يكون مستبعدا إذا تذكرنا حقيقة أن أعضاء الكنيست الذين إشتراهم قيدماك من حر ماله حسب تعبير رئيس كتلة المتقاعدين التي دخلوا الكنيست بإسمها وانشقوا عنها لاحقا هم احد أركان الائتلاف الحكومي الذي يرأسه أولمرت ،ولم ينسى قيدماك في نهاية المؤتمر الصحفي التذكير انه يملك القدرة والرغبة على أن يشغل منصب وزير في الحكومة الحالية .
ولأنة رئيس الحزب الوليد في إسرائيل والوزير القادم ورجل الأعمال ليس فقط مجرد ما ذكر بل إن وراء الأكمة ما ورائها كان لازما علينا قبل التطرق إلى ظاهرة قيدماك أن نعرض جزء من المعلوم والمتاح عن تاريخ الرجل .
ولد ارقادي قيدماك في عام1952 في موسكو لأسرة يهودية فقيرة وفي عام 1972 عندما بلغ أرقادي العشرين من العمر هاجر من روسيا إلى إسرائيل وسكن في كيبوتس بيت هاشيتا في إسرائيل، وما لبث أن انتقل للعيش في مدينة حيفا الساحلية حيث عمل بحارا وفي إحدى رحلاته إستقر في فرنسا وبحسب أرقادى فانه وصل إلى باريس خالي الوفاض من أي تأهيل علمي أو مهني وخالي الجيب أيضا فاضطرته ظروف الحياة للعمل كعامل بسيط ،بعد مضي وقت ما أصبح يجيد الفرنسية فعمل مترجما من اللغة الروسي للفرنسية ثم أقام شركة للترجمة الوثائق من الروسية للفرنسية وفي عام 1993 تمكن قيدماك من شراء الديون الروسية على الحكومة الأنجولية وتمكن قيدماك من مضاعفة ثروته بعد اندلاع الحرب الأهلية هناك حيث عمل كوسيط بين النظام العسكري في أنجولا و الحكومة التشيكية في مجال صفقات السلاح وكان آنذاك يتمتع بصفة دبلوماسي أنجولي ويقال أيضا أن قيدماك أستغل انهيار الاتحاد السوفيتي وقام بشراء الكثير من المصانع في كازاخستان , وفي عام 1998 أقام قيدماك شركة حراسة خاصة (جايو استراتيجي) بالاشتراك مع كل من آفي داجان احد كبار ضباط الموساد وداني يتوم الرئيس السابق للموساد التي تركز معظم نشاطها في أنجولا وجمهورية الكونجو ،وبمساعدة كل من آفي وداني و اللواء أركان في الجيش الإسرائيلي زئيف زكرين سلح ودرب قيدماك المليشيا التابعة لرئيس الكنغو السابق دنيس ساسونجو في الحرب الأهليه أودت بحياة عشرات الالاف سكان الكنغو، وتقدر أرباح قيدماك من هذه الصفقة ما يربو عن خمسين مليون دولار أميركي.
في عام 2005 سطع نجم قيدماك في سماء إسرائيل بعد أن كان شخص مجهول لدى الكثيرين في إسرائيل بعد إلتفت إلى مجال الاستثمار في الرياضة حيث توج هذا الاستثمار بشرائه فريق بيتار القدس المعروف بجمهوره المتطرف الذي يتخذ من جملة الموت للعرب العنصرية شعارا له,بالتوازي مع ذلك قام باستثمار عشرات الملايين في الدولارات في مختلف القطاعات الاقتصادية في إسرائيل وفي الولايات المتحدة الأميركيةعلى حد سواء.
قيدماك هرب من فرنسا أثناء تواجده هناك بعد أن صدر أمر اعتقال بحقه بتهمة التهرب من الضرائب و عقد وتنفيذ صفقات سلاح غير مشروعة مع النظام في أنجولا أثناء سريان حظر دولي على بيع السلاح إلى النظام في أنجولا واستخدام شهادات تقدير مزيفة .وتم تجميد أرصيدته في البنوك السويسرية حيث تقدر أمواله المجمدة هناك بأكثر مئة مليون دولار ويواجه قديماك هناك تهما بتبيض الأموال . وتقدر ثروة قديماك بحوالي أربعة مليارات دولار ناهيك عن امتلاكه جريدة أسبوعية في موسكو وعدة شبكات لتسويق الأغذيةومحطة إذاعية في إسرائيل وعدة حقول نفط في أنجولا .
سبق قديماك إلى عالم السياسية قادما من عالم تبيض الأموال والمجالات الأخرى ذات العلاقة بما اصطلح عليه في إسرائيل العالم السفلي وزير الشؤون الإستراتيجية أفيغدور لبيرمان الذي حطم أرقاما قياسية في عدد القضايا التي تم التحقيق معه فيها اثناء شغله منصب وزير في تاريخ إسرائيل، ولأنة القرين بالمقارن يقتدي لذا لن يكون مستبعدا أن يلجأ قيدماك إلى التكتيك ذاته الذي تستر به سلفه للتعويض عن سجله المثير للتساؤلات بالتظاهر أنه ملكي أكثر من الملك عبر تصديه للتحريض ضد أي تسوية مع العرب والفلسطينيين والدعوة لشن حروب جديدة على الدول العربية حتى تلك التي وقعت اتفاقيات سلام مع إسرائيل فوصف مصر بالخطر على دولة إسرائيل ودعا إلى مهاجمة السد العالي .
ولئن كان هناك متسع في الحكومة الإسرائيلية للبيرمان فأنهاحتما لن تضيق ذرعا بقيدماك الذي لا يقل خبرة وقدرة ورغبة عن سلفه ليبرمان في تبوء مركز الصدارة في إسرائيل ، فقد أتم الرجل لتوه صفقة شراء الكنيست وهو الآن بصدد شراء الحكومة.
أنس محمد أبوعرقوب صحافي ومترجم مخصص بالشؤون الاسرائيلية
#انس_محمد_ابو_عرقوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
