أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الطيب الفكي - (ستنا) إمرأة بحجم الثورة قصة .. أشبه ما تكون واقعية !!














المزيد.....

(ستنا) إمرأة بحجم الثورة قصة .. أشبه ما تكون واقعية !!


هشام الطيب الفكي

الحوار المتمدن-العدد: 2272 - 2008 / 5 / 5 - 10:11
المحور: الادب والفن
    


كان يوماً كسائر أيام السنة ، وكانت الحاجة "ستنا" تأمل أن تبيع جميع أكياس التسالي والفول في هذا الصباح ، لقد ضاق بها الحال ولم تبتسم لها الدنيا منذ أمد بعيد ، الحاجة " ستنا " من النساء الشرفاء في هذا البلد الظالم أهله ، كان جل أحلامها أن تكسب المال الحلال ، لتعيش أبناءها ويكملوا ماتبقى من مراحل تعليمهم .
كانت حاجة " ستنـا " تقاوم الام الظهر الحادة ووجع المفاصل من كثرة الجلوس على "بنبر" العمل ، فهي تكافح من أجل اللقمة الشريفة والعيشة البسيطة ، لكيلا تشعر أبناءها الأربعة بمرارة التيتم ، فهي أم وأب في ان واحد ، لقد إستشهد زوجهـا " دانيال " في ظروف غامضة ، حيث تم إعتقاله من منزله لمدة ثمانية أيام وبعدها تم حبسه في إحدى الزنازين الضيقة بسجن كوبر ، ثم أطلق سراحه قبل أسبوع واحد من إستشهاده ، ففي حياة الثوريين العظام كثيراً ماتقوم الطبقات الظالمة والأجهزة القمعية بالملاحقات الدائمة وتلقى تعذيبها بغيظ وحشي أبعد وحشية وحقد جنوني أبعد الجنون بحملات من الكذب والافتراء، إن " دانيال " ، شأن جميع الثوريين العظام، كان يسعى ليلفت أنظار العمال الواعين إلى ما يبدو بالضبط في نظر الذهنية البرجوازية السائدة أقل ما يستحق الإنتباه، إلى أكثر ما يبدو لها مألوفا ، أو مقدسا بأوهام متأصلة، لذلك تم إستهدافه ، و إستشهد " دانيال " بعد أن خلف أربعة من الأبناء أطلق عليهم ( يسار ، شفيع ، ميري واخر أطلق عليه إسم عبد الخالق ) أسوة بالشهيد عبد الخالق محجوب ، فلقد كان " دانيال " زوج الحاجة " ستنا" من المتأثرين بالحركة الإشتراكية في هذا الوطن ، مهموماُ بقضايا العمال والثورة ، فكان دائماً هو المحرض و الثائر في قضايا العمال والجماهير .
كانت الحاجة " ستنا " رغم بعدها عن النشاط السياسي الذي شغلها عنه هموم الحياة وكثرة الأشغال ودراسة الأبناء ، لكنها كانت كثيرا ما تهتم بالحركة النسائية و تؤمن بدورها الفعال في تنمية المجتمع ، كونِها من المناضلات اللبراليات في تلك القرية التي كانت تقطن فيها أسرتهم البسيطة ، كما كانت الحاجة "ستنا " من النساء الناشطات ضد سلطة النظام الشمولي ، ومناصرةً لثورة البرولتارية تلك الطبقة الكادحة التي تتسم بالققر المدقع .
إمتهنت حاجة " ستنا " العديد من المهن بعد إستشهاد زوجها ، فعملت كمعلمة في إحدى المدارس الإبتدائية ليتم فصلها من التدريس ثم إلتحقت باحد المصانع قبل أن يتم إغلاقه ويشرد عماله بكل قسوة ، ثم أختارت أن تجلس على" بنبر " العمل لتبيع الفول والتسالي وأشياء اخرى معبأة في أكياس ثمنها لا يزيد عن العشرة جنيهات جلست بهم أمام منزلها البسيط .. لتتكفل عيشة أبناءها الاربعة وتضمن نجاح مستقبلهم .
لم تكن الحاجة " ستنا " تعلم أن هذا الصباح هو الاسوأ في حياتها وقد علمت بذلك عندما رأت مجموعة من قوات "الكجر " في حملة فارغة المحتوى أطلق عليها " النظام العام" تكاد تكون أشبه بالسرقة أوالنهب المسلح إستغلالاً لسلطة تنفيذ القانون المزمع فقد إعتادوا على القيام بمثل هذه الحملات كلما إحتاجت السلطة المتخلفة الى المال . أو كلما كانت ميزانية النظام عاجزة او ضئيلة .
كانوا ينظرون بتركيز شديد لثروة الحاجة "ستنا" المتمثلة في "صينية " عليها أكياس التسالي والفول وكل ما تمتلك الحاجة "ستنا " من ما يبقي فرض وجودها لتكون في هذه الحياة ، لم يراعوا الى الإنسانية أو حتى في إحترام إمرأة في سن " ستنا " ، لم يكتفوا بمصادرة ثروة الحاجة " ستنا " فقط .. بل زادو عليها غرامةٍ باهظة ، لم تستطع الحاجة " ستنا " دفعها فأٌخِذت نزيلةً بسجن النساء.
لم تكن الحاجة " ستنا " تهتم بأمر سجنها كثيراً فلقد إعتادت على ذلك في السابق عند عهد كل نظام شمولي لكنها كانت تهم على مستقبل أبنائها الذي تخشى عليه من الضياع بسبب أفاعيل النظام القذر .
لم تنزعج " ستنا " بقصتها المحزنة تلك ، فهي تُوقن تماماً أن في مجرى التطور ستحل الطبقة العاملة يوماً محل المجتمع البرجوازي المتخلف القديم رابطة لا مكان فيها للطبقات وظلمها ؛ ولن تكون ثمة أي سلطة سياسية بمعنى الكلمة الخاص، لأن السلطة السياسية بالذات هي الافصاح الرسمي عن تضاد الطبقات في قلب المجتمع البرجوازي .



#هشام_الطيب_الفكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماشين في السكة نمد.. في عيد العمال العالمي .. فلنكن فرساناً ...


المزيد.....




- بعد سقوط نظام الأسد.. الفنان دريد لحام يوجه رسالة إلى السوري ...
- اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
- تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب ...
- ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل ...
- الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و ...
- بفستان أبيض فخم .. الفنانة اصيل هميم تحتفل بزفافها من رجل أع ...
- السوداني يوجه بنقل جثمان المخرج قيس الزبيدي إلى العراق
- رسالة باللغة الروسية تحذر من هجوم تفجيري على بنك الاحتياطي ا ...
- بفيلم لجوني ديب وتكريم فيولا ديفيس.. مهرجان البحر الأحمر الس ...
- اقتراح بترجمة قوائم الطعام في مطاعم موسكو إلى اللغة العربية ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام الطيب الفكي - (ستنا) إمرأة بحجم الثورة قصة .. أشبه ما تكون واقعية !!