أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - رقص














المزيد.....

رقص


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 2259 - 2008 / 4 / 22 - 05:27
المحور: الادب والفن
    


وصلوا إلى المكان المخصص لهم في الطرف القصي من المدينة الكبيرة. وصلوا من كل جهات الأرض، وعلى مقربة من البحر أقاموا. كانت اجتماعاتهم الطويلة مكرسة لقضية واحدة دون غيرها (ما يدفع إلى الملل في بعض الأحيان)، وحينما يستبد بهم التعب، يغادرون القاعة الفسيحة، يقتربون من الأمواج التي تتلاشى عند رمل الشاطئ، يتأملونها كما لو أنها تحمل رسائل غامضة من شاطئ بعيد يحفظه آباؤهم عن ظهر قلب.
في اليوم الأول تحدثوا عن مشاق السفر، عن المطارات ورجال الأمن، عن الدول الصديقة والدول غير الصديقة. في اليوم الثاني تبادلوا الذكريات أكثروا من سرد القصص التي تدور حول التين والزيتون والعنب. في اليوم الثالث أطال الرجل القادم من المدينة الوادعة النظر إلى المرأة التي انفصل عنها حديثاً. كان يحاول وصل ما انقطع، لأنه يشعر بالحاجة إلى امرأة في مثل هذا الطقس الممل الثقيل. أدركت المرأة القادمة من المدينة الوادعة، ما يعتمل في نفس الرجل، فقد جربت ذلك في ليالي سهاده الطويلة، كان يلذ لها جنونه المنفلت من كل عقال، لم تتذمر من نظراته النهمة، كما لو أنه يراها للمرة الأولى.
في اليوم الرابع احتدم الخلاف بينهم، تناثر الكلام حتى اختلط رذاذه برذاذ الماء على شاطئ البحر القريب، كان السبب عائداً إلى بحر بعيد في الأذهان. (في حمى الخلاف، تعطل الاجتماع، وجد الشعراء المغمورون فرصتهم المنشودة لإلقاء أشعارهم غير الطازجة على أناس يتثاءبون من شدة البطالة والإهمال غير المقصود الذي وجدوا أنفسهم فيه)
في اليوم الخامس يعاني كبيرهم الذي لم يعلمهم السحر (أصبحوا واقعيين، فما حاجتهم للسحر إذن!) من إرهاق مفاجئ، سببه السهر المضني من أجل العثور على صيغة يقبل بها القادمون من كل أطراف الأرض، (لا ننسى بطبيعة الحال ذلك الذي ينام الآن مع مطلقته في غرفة الفندق بعيداً عن صخب المجتمعين، منوهاً بين الحين والآخر وهو يلثم شحمة أذنها الطرية، إلى أنه كلما توغل في متاهات جسدها اكتشف أسراراً ما كان على علم بها من قبل، تزداد تألقاً في لعبة كشف الأسرار، تغتنم الفرصة المواتية للحصول منه على تنازلات ما كان يمكنها إحرازها في غير هذا الموقع) ينقلونه إلى قسم الإنعاش في المستشفى، ولا يعود المجتمعون إلى مواصلة أعمالهم إلا بعد أن اطمأنوا إلى أنه اجتاز مرحلة الخطر، وهو الآن يتماثل للشفاء وسط عناية مشددة يمارسها في الليل والنهار أطباء مهرة وممرضات ماهرات.
في اليوم السادس تبادلوا العناوين التي تساعدهم على تحمل المنافي البعيدة.
في اليوم السابع توصلوا إلى اتفاق حول الهدف الذي اجتمعوا من أجله. تجمهروا في الصالة التي لا يفصلها عن البحر سوى شارع وعشب على منحدر ورمل على شاطئ نحيل. نصبوا حلقة للرقص كأنهم في واحدة من القرى النائية التي شهدت ليالي مراهقاتهم الشرسة، توجهوا بالنداء إلى زوجة القائد الذي لم يقتل بعد كي تشاركهم رقصهم (هذه إضافة جديدة لم تشهدها سهرات الأعراس في تلك القرى)، (بطبيعة الحال، فإن للمنفى أحكامه وسننه).
تتقدم الزوجة إلى مكان الصدارة في أول حلقة الرقص، ترفع ساقها بتؤدة ووقار، يهتز الجسد الرصين، يندلع الرقص كأنهم جميعاً في مهرجان. تتوقف الزوجة عن الرقص بعد أن أطلقت شرارته الأولى، تبتعد نحو الركن الذي يقف فيه ( ضاد ) واجماً مشدوهاً، متسائلاً بينه وبين نفسه: إلى أين تمضي بنا السفينة؟ (ما دام البحر قريباً فلا بد من سفن، ولو في الخيال) تبكي زوجة القائد بصمت، يقف الرجل الذي تصالح مع مطلقته مهموماً مفكراً في خطة للتملص منها، بعد أن التقى قبيل هذا المساء في ردهة الفندق، بامرأة قابلة لكل الاحتمالات، ولا يلبث (ضاد) بعد أن استحال مشهد الرقص إلى فولكلور معاد، أن يغادر الصالة متجهاً إلى البحر، يستحم في الموقع الخطر رغم التحذيرات التي تشير إلى ذلك، ثم يعود إلى الفندق الذي يشبه المتاهة، فلا يصل إلى غرفته الشبيهة بآلاف الغرف، إلا بعد الفجر بقليل.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم ...
- عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على ...
- الممثل التونسي محمد مراد يوثق عبر إنستغرام لحظة اختطافه على ...
- تأثير الدومينو في رواية -فْراري- للسورية ريم بزال
- عاطف حتاتة وفيلم الأبواب المغلقة
- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...
- قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام
- -الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
- -حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - رقص