أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي ضرغام - العودة الى الذات في فكر الشيخ اليعقوبي















المزيد.....


العودة الى الذات في فكر الشيخ اليعقوبي


علي ضرغام

الحوار المتمدن-العدد: 2242 - 2008 / 4 / 5 - 06:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


العودة إلى الذات في فكر الشيخ أليعقوبي -1 علي ضرغام


العودة إلى الذات يمكن فهمها على أنها عملية تغيير شاملة أو جزئية ، فهي أما بناء جديد أو عملية تصحيح لبناء شابه الكثير من السلبيات مما أدى إلى عكس مااُريد له ، لذا تكون العملية الثانية أصعب من الأولى لما سببته هذه الشوائب من مشاكل ورسوخ ليس بالأمر السهل معالجتها فضلا عن إدخال عناصر ومقومات جديدة وجعلها مقبولة بعد أن كانت الأولى هي المقبولة ،وعموم عملية البناء وخصوص الثانية تحتاج الى بنّاء ماهر ملم بالكثير من الأمور ومنها تشخيص الخلل وطرق معالجته لأنه لو اخطأ في تشخيص ما فربما تكون النتائج العكسية خطيرة يصعب تلافيها وعلاجها ...
هذا الكلام سقناه لعملية بناء مادية يمكن تصورها لأي شيء وأما مانحن بصدده من بناء الذات ومنها الإسلامية خصوصا فان الامر يزداد اهمية وخطورة من عدة جوانب :
1- ان الذين يقومون بهكذا بناء هم قلة قليلة على مر التاريخ
2- انه لاقياس ولا مقارنة اطلاقا بين العمليتين
3- تصدي من لم يكن مؤهلا لهكذا عملية بل تصدي اُناس هدفهم التهديم باسم البناء على مر التاريخ
4- البعد الزمني عن اصل التشريعات الانسانية والاسلامية يجعل من الامر صعب الولوج
5- الظروف المكانية المتفاوتة من بيئة لاخرى واختلاف العادات والتقاليد كل هذا يعقد الامور
6- ان البناء المادي اللاعب الوحيد فيه هو البنّاء اما هنا فان الامر يعتمد على الطرفين ، فشخص له الارادة الصادقة للعودة واخر له الدراية باساليب وادوات تساعد على ذلك
وغير ذلك من الامور الاخرى المتعلقة بالذات الانسانية او الاسلامية ، هذه الذات التي ابتعدت كثيرا وانحرفت باتجاهات متعددة ومتلونة عن هدف وجودها الاسمى حتى وصل الامر ببعضها انها ذات مسلوبة الارادة والقيم والمثل وبنفس الوقت تعمل على ترويج ماوصلت اليه من انحطاط ، فهي ليست مصابة بالمرض فقط وانما معدية ايضا وحاملة لادوات المرض...
لذا فان عملية العودة الى الذات تحتاج الى تشخيص الاسباب ثم العلاج ،والى تعاون طرفين الملقي والمتلقي ، والمتلقي مهما تكون حالته فيمكن علاجه فلا استثناء لاحد ، واما الملقي او المربي فليس كل من ادّعى ذلك هو مؤهلا وما أكثر من ادّعى ذلك وساهم في زيادة الامر سوءا، فالمطلوب ان يكون المتلقي لديه ارادة للعودة الى المسار الصحيح وهذا يكفي من جانبه ، اما الذي يقوم بعملية الاصلاح فيجب ان تتوفر فيه عدة امور وشروط بعضها تكون سابقة زمانا عن هذه العملية فمثلا ان يكون ممن حمل العقيدة والمبدء الحق والصحيح حتى انك لاتفرق بين قوله وعمله لشدة مااندمج هذا بذاك فاصبح سيرة عملية له كاشفة عن مقدار ما يملكه من خزين لاينضب ، وايضا ان يكون يملك من الطرق والادوات المتنوعة بتنوع حاجات المتلقين فكريا واجتماعيا ومكانيا وزمانيا وغير ذلك من الامور التي ربما لاتحتاج الا الى علاج فرد بعينه وموجهة له لا لغيره واخرى تكون موجهة للجميع بما هم مجموعة افراد ...
وعلى العموم فالحديث الان يكون حول العلاج والحل المجموعي اما الفردي فله محله ومكانه الاخر .
فبناء الذات والعودة المقصود به هنا لا الذات الفردية المجردة عن باقي الافراد وليس المقصود منه الرياضات الروحية والبدنية التي يقوم بها المرتاضون كما يقول الدكتور علي شريعتي (ليس المقصود ببناء الذات ان نفعل كما يفعل المرتاضون او الرهبان او العبّاد الذين يتبعون دينا معينا وذلك في انفصال عن العصر وانفصال عن كل العلاقات الموجودة او التي ينبغي ان توجد بين الذات وبين المجتمع ) وهذه حقيقة ضرورية يجب ان يفهمها ويقوم بها كل من الفرد والمربي فقد خلق الانسان اجتماعيا بفطرته يٌكمل المجتمع ويَكمل به رغم احتياجه بين الحين والاخر الى فترة انعزال يعيد بها حساباته وتفكيره الا ان الطابع العام هو الانخراط في المجتمع معايشا همومه واحزانه ومسراته فلا يمكن فصل الفرد عن المجتمع سواء من ناحية تشخيص العلل او العلاج ، فالعلاج الامثل يكون موجها الى المجموع ناظرا الى الافراد لا ان يستخدم علاج فرد معين لوحده فان هذا وان كانت له نتائج للشخص الا انها لاتظهر ثمراتها الا بعد ردح من الزمن وبعد ذلك اما ان يحتفظ بها لنفسه او لفرد او اثنين بخلاف مجموع الافراد فان السلوك الجمعي للمجتمع يساعد ويساهم في نهوض الافراد عموما بأرادتهم سواء أكان ذلك بارادتهم أم عن طريق السير مع المجموع ...
وكمثال واضح وحقيقي لهذا المربي هو شخصية النبي محمد صلى الله عليه واله ، فقبل ان يبعث كانت لديه اهم ركيزتين تؤهلانه كي يكون مربيا وقائدا ومصلحا لامة كتب الله لها ان تنتقل من امة متخلفة الى امة متحضرة وبفضل امتلاكه لهاتين الصفتين سهلت عملية تأثيره على امة من أقسى الأمم فقد كان يسمى الصادق الامين ، أي يمتلك من الصدق ما انعكس على تصرفاته الخارجية فلم ينكر هذا حتى مبغضيه وحساده واعدائه ، والامانة التي جرب بها وعاشها بتعاملاته المختلفة مع مجتمع السمة الغالبة فيه الكذب والغش وعدم الامانة ...
فمن هنا قلنا ان على المربي او المصلح ان يمتلك مقوماته الذاتية التي تؤهله لممارسة هكذا دور والا فان النتيجة ستكون التسافل الى ابعد ماهو متصور ولدينا عدة امثلة لهؤلاء المدعين وكما قيل : اذا كان رب البيت بالدف ناقرا فشيمة اهل البيت الرقص ...
فاولا عليه ان يكون مطبقا لما يقوله او اول من يطبق ذلك فيكون فعله مطابقا لقوله ..
بعد ذلك له ان يكون مربيا ويمارس عملية تربيته وكل حسب طاقته ومنزلته وكفائته ويتفاوت ذلك طرديا .
ومن طريقة سماحة الشيخ في بعض كتبه -الاسوة الحسنة للقادة والمصلحين -أنه اتخذ طريقا له جنبتين :
الاولى : تهيئة وتربية قادة مصلحين كفوئين
الثانية : تربية عامة لجميع من أمتلك الارادة لذلك
فمن جهة الكتاب وان كان للقادة والمصلحين الا ان ذلك لايمنع ان ينتهل منه الجميع .
ويمكن ان نقول بما ان القادة والمصلحين لايختصون بفئة او شريحة معينة فممكن لاي انسان ان يكون قائدا ومصلحا مادام يمتلك بعض المواصفات ويمتلك من الارادة مايكفيه لان يغير ذاته ويسير نحو الرقي المتدرج وله تأثير ما على مجموعة لاتتجاوز اصابع اليد ربما، او لديه تاثير اكبر واكثر من ذلك بكثير كالذي يؤثر على المئات او الالوف فكلا الشخصين مشمول بما في الكتاب من افكار وعبر وطرق علاج وادوات يحتاجها المصلح في عملية اصلاحه ...
فمن هنا استلهم المؤلف من سيرة النبي صلى الله عليه واله دروسا وعبر تساعد في عملية بناء واعداد الذات ، هذه الذات التي اصبحت اليوم بحالة لاتحسد عليها وعملية سلبها وسلخها من جذورها لازالت مستمرة وبشراسة بصورة علنية وخفية ، هذه الذات لاتعاد الى سابق عهدها ومجدها الا بالعودة الى ماكانت عليه في عهد صاحب اكبر رسالة اصلاحية عرفتها البشرية عموما والامة الاسلامية خصوصا فنحن نعيش غربة من تعاليم اسلامنا غربة داخلية وغربة خارجية ، غربة داخلية لاننا نشعر بقلوبنا وكأنها أوعية فارغة من العقيدة والايمان ومملؤة بالغريب عن الفطرة السليمة فلا نستطيع ان نمارس وظيفة الانسان المسلم قولا وفعلا بصورته الحقيقية، وغربة خارجية لما نراه من ابتعاد امة الاسلام باختلاف طوائفها واجناسها وقومياتها عن الاسلام ومبادئه حتى وصل الحال ان يفتخر بعضهم بتنكره للاسلام وينغمس اكثر بالاتجاهات الاخرى لشعوره بالدونية تجاهها...
فمن سيرة الرسول وماحوت من تجارب واحداث مع مراعاة عامل الزمن والمكان نستطيع العودة والخروج من هذه الغربة القاتلة، والمتتبع لكتب جناب الشيخ يجد استخدامه عدة طرق ووسائل لاستنهاظ الامة من سباتها وغفلتها واخراجها من غربتها الداخلية والخارجية وعودتها الى ذاتها وكيانها الحقيقي، وارتكازهه الاول والاخير هو منابع الاولين التي اعطت العزة والرفعة لامتنا الاسلامية وجعلتها امة متحضرة انسانية بمعنى الكلمة ، فتارة يلقي علينا شكوى القران وهو المنبع الاول والشكوى اشارة الى ابتعاد الامة عن كتابها الذي لم يفارق الرسول الاكرم صلى الله عليه واله قولا وعملا واخرى حول ابتعاد المسلمين عن المساجد واخرى عن علمائهم او ينبهنا الى اهمية اعتزازنا بديننا وعقيدتنا ولغتنا واخرى عن طرق مواجهة الاعداء ومايحاك ضد امتنا الاسلامية وغير ذلك من الافكار والجرعات التي القاها الى المجتمع منذ زمان الطاغية والى يومنا هذا ومالهدف الا العودة الى الذات المشرقة بثقافتها وانسانيتها واخلاقياتها ، بل انه عمل على ايجاد قادة ومصلحين يؤثرون الناس على انفسهم ويتحلون بالأخلاق الفاضلة التي تجعلهم أكثر تأثيرا وصدقا بعد ان كثر مدعو القيادة والإصلاح في زمن لاينفع فيه حسن الظن الا بعد التأكد والمعاشرة
فذوبان المصلح والقائد برسالته ضروري فأولا يكون صاحب قضية او رسالة او مبدأ وثانيا انه اندمج في هذه الرسالة بحيث يكون حاملا لها قولا وفعلا لذا يقول جناب الشيخ في كتابه الأسوة الحسنة للقادة والمصلحين (إن أي رسالة إصلاحية ومنها رسالة الإسلام لابد لها لكي تنجح في بناء امة من شكلين من المقومات سميناها الذاتية والموضوعية ) والذاتية يقصد بها مبادئ هذه الرسالة الاصلاحية ومايراد ايصاله للمجتمع والموضوعية فهي تخص القائد او المصلح وانه قد آمن بهذه المبادئ وطبقها قبل ان يطلبها من الاخرين فهو الواعظ المتعظ واما من يكون خلاف ذلك ويدعي القيادة والاصلاح زورا فلا خير فيه يرتجى وعواقب ذلك غير محمودة ومانعانيه منه الان من ضعف وتشتت وتخلف الا بسبب تسلط بعضهم علينا على مر السنين وهم لايملكون من الاخلاق والقيم الا النزر اليسير او العدم ...
لذا كلما كانت الرسالة متكاملة والمصلح ذائبا فيها ومطبقا لها كلما كان التاثير اسرع وادق وهذا ماعبرت عنه احدى امهات المؤمنين حينما سئلت عن اخلاق الرسول صلى الله عليه واله فقالت ( كان خلقه القرآن ) وهذا معناه انك ترى الرسالة من خلال القائد والراعي لها سواء بالقول او بالعمل ومن هنا ركز القران الكريم على ان نتأسى بالاسوة الحسنة التي ذابت في الرسالة وحققت للامة ماحققت فالتاسي بهم يساعدنا على النهوض مرة اخرى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) فيقول المؤلف (إننا اليوم أحوج ما يكون إلى عرض صورة الأسوة الحسنة في حياتنا، فنحن مسؤولون أكثر من أي وقت مضى عن دراسة حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته دراسة تحليلية، لكي نتمثلها في حياتنا، وتكون نبراساً لنا، ليس فقط في حياته الشخصية الخاصة، لكونه أكمل المخلوقات وأشرفها وأحقها بالإقتداء، وإنما ايضاً في حياته العامة، لكونه أعظم مصلح إجتماعي عرفته البشرية، ولكونه مؤسس خير أمة أُخرجت للناس من العدم، ولكون قيادته المباركة وفَّرت للبشرية أسعد عصر من عصورها.
هذه الأبعاد المتعددة في شخصيته (صلى الله عليه وآله وسلم) جعلته أولى الناس بالتأسي والإقتداء لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، وأراد السعادة لنفسه ولأمته) وهذه الحاجة منشؤها ابتعاد الامة عن جذورها ، فاين امتنا الاسلامية من تعاليم الاسلام ، فضلا عن ادّعاء البعض لاقوال واعمال لاتمت الى الاسلام بصلة وكل هذا يمارس باسم الاسلام ، مضافا الى هذا الحرب الشرسة التي تشن على الاسلام والمسلمين دون هوادة وبكافة المجالات واشدها خطورة الثقافية منها لانها مفتاح جميع المجالات الاخرى فقوة أي امة تكون بعقيدتها وايمانها بهذه العقيدة ورموزها ..
ومصلح وقائد هذه الامة _ الرسول المصطفى صلى الله عليه واله_بذل مايكفي لاثبات دعائم هذه الامة وبين لنا سبل العلاج والوقاية وتشخيص الخلل من خلال عدة حوادث ووقائع وروايات واحاديث الى طريقته في الهداية والاصلاح ومحاورة الاخر وغير ذلك من الضروريات للانسان المصلح والقائد ، يقول الشيخ اليعقوبي في كتابه الاسوة الحسنة (ما أحرانا نحن المسلمين جميعاً أن نستوعب هذه الدروس من حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لنفعل كما فعل، وننتج كما أنتج، مع سهولة الأمر أمامنا بالقياس إليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأننا نتعامل مع أناس تربوا في أحضان الإسلام قروناً طويلة، ونهلوا من نميره، وأن الوازع الديني موجود في بواطنهم، وما علينا إلا اثارته وتوجيهه وتهذيبه، فلماذا نحتار، ولماذا نتعثر في المسيرة، ونحن نملك هذا التراث الضخم والمعين الذي لا ينضب من التجارب)
اقول ان الخلل يكمن من جهتين الاولى تتعلق بمن ادعى الاصلاح والقيادة والجهة الثانية الامة نفسها ، فاما الجهة الاولى فأن العديد ممن جعل نفسه قائدا هو في حقيقته لم يفهم من الاسلام الا القشور هذا الم نقل بالعدم واتذكربالمضمون حادثة نقلت عن السيد جمال الدين الافغاني انه اعترض على ارسال بعض العلماء في زمانه الى اوربا للتعريف بالاسلام فاستغرب الوالي لذلك مع ما للسيد جمال من مكانة في الدعوة الاسلامية واستفهم منه حول ذلك فظهر ان اشكال السيد منشؤه أن هؤلاء الذين تسموا علماء علينا ان نبين لهم معنى الاسلام الحقيقي اولا فهم لايعرفون الا القشور ثم ليذهبوا ...
لذا ترى كتّاب التاريخ الاسود وهم الاغلبية من وعاظ سلاطين او منتفعين او من كان على شاكلتهم يبرّزون اولئك القادة المنحرفون الفاسدون والمفسدون ويعمدوا على عدم ابراز المصلحين والقادة الحقيقين وهم القلة والذين لاتخفى آثارهم وفضلهم على المجتمع
وأما الامة فحالة الكسل والتسليم للواقع التي هي عليه امر سلبياته لاتخفى فابتعادها عن تعاليم الاسلام وتاثرها بالاخلاق المنحرفة والغريبة عن ثقافاتنا لايمكن ان ينتج شيء جيد ، فالامم هي التي تصنع القادة واي قائد هذا الذي ينتج من امة سلبت هويتها ويعتدى عليها وهي راضية مستسلمة ...
ومن هذه السلبيات التي جعلتنا في حالة من التدهور هو عدم الاهتمام بسير العظماء وتدوين اثارهم لا بل يترك الامر للغير بفعل هذا الامر فتجد حتى ابناء الديانات الاخرى يكتبون عن الرسول محمد صلى الله عليه واله ونحن المسلمين مقصرين في هذا ويشتد التقصير عند اتباع ال البيت عليهم السلام فيقول جناب الشيخ (إن تقصيرنا نحن الإمامية من أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في كتابة تاريخ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير مبرر أبداً، ولا يغني عنه الإهتمام المتزايد بسيرة المعصومين (عليهم السلام)، رغم أنهم (عليهم السلام) منه(صلى الله عليه وآله وسلم) ينهلون وعنه ينقلون، وما قيل فيه من مبررات فإنها غير كافية)
وهذا التقصير الذي سيقول عنه جناب الشيخ انه لايبرره أي عذر مهما قيل او سيق من الاعذار لأن الامة الاسلامية جمعاء مدينة بالفضل اولا واخيرا الى نبي الرحمة (صلى الله عليه واله وسلم) وهو مفخرتهم وقدوتهم ومن المشتركات الرئيسية بعد القران الكريم مع باقي الطوائف الإسلامية ، فلماذا نجعله وكأنه من مختصات الغير ونحن مشتركون معهم تحت لوائه هذا ان لن نقل اننا الأولى به صلى الله عليه واله وسلم .
ثم إن لكل عمل نتائج تترتب عليه اما سلباً او إيجاباً ،حسب طبيعة العمل ، والتقصير المشار اليه آثاره سلبية أكيداً ومن عدة نواح على الفرد والمجتمع لذا يقول جناب الشيخ ( لقد ترتّبت على هذا التقصير نتائج كثيرة:
1- الخسارة الكبيرة بعدم الإستفادة من هذه التجربة العظيمة، والانقطاع عن هذا التراث الضخم، بكل ما يحتويه من دروس ومواقف، وأوضح شاهد على هذه الخسارة ندرة ما نستشهد به في كلماتنا بأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مع وفرتها وتنوعها.
2- إن تاريخه (صلى الله عليه وآله وسلم) كُتب بيد غير أهله
3- التقصير بحقه (صلى الله عليه وآله وسلم) علينا، وهو صاحب الحق العظيم، إلذي اليه يرجع الفضل في هداية كل شخص على وجه المعمورة، وما نعيش من خير فهو فيض بركاته ونفحات رحمته، وما ادخر لأمته في الآخرة أعظم...
4- تربَّصُ الأعداء بشخصيته (صلى الله عليه وآله وسلم)، للحط من كرامته، وتشويه سمعته، وإلصاق التهم به، لأنه أساس الإسلام، فالطعن فيه تقويض لهذا الأساس، والقضاء على الإسلام، وها هم المأجورون الأذلاء كسلمان رشدي، والقس الفلاني في الولايات المتحدة، والمخرج الفلاني في هولندا، والكاتبة الفلانية في مصر، وأمثالهم يؤلفون الكتب، ويخرجون الأفلام، التي تشوّه صورة نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتصفه بالعناوين السيئة، ولا تنبض دماء الغيرة في عروق رجالات الإسلام للرد عليهم، وربما لا يكلفون أنفسهم بالإطلاع على تلك الكلمات...)
نعم قد انتفضت الشعوب الإسلامية منددة بهذا التجاوز والتطاول على شخصه صلى الله عليه واله ..
لكن هذا الأمر مما يثير الاستغراب لأنه كأننا نحتاج إلى الغير حتى يحركنا .. وكيف يحركنا بالتطاول والتجاوز وكأننا في سبات حتى أيقظونا .
وهذا التحرك والتجمهر والتنديد لوحده غير كاف إطلاقا ولا يمكن أن يوقف هذه الهجمات الشرسة والمتتالية والمختلفة الطرق والاساليب ، فالمطلوب أعمق من ذلك وأكثر وعيا وبصيرة بالرد المناسب والنصرة للرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم ، المطلوب هو التمسك بتعاليم وأخلاق الرسول ولا يتم هذا الا بعد معرفة سيرته التي نحتاج الى تدوينها وتهذيبها ودراستها مع الالتفات الى ان ابناء الغرب اصبح لديهم توجها الان نحو الإسلام ودراسة السيرة العطرة للرسول فهل يطلعوا على ما موجود وفيه ما فيه ، فالأحرى بنا أن نعرض عليهم سيرة ناصعة حقيقية بعيدة عن اللغو والبهتان ...
فلا يوجد أي عذر مقبول للمسلمين عموما وأتباع آل البيت خصوصا في هذا التكاسل والتماهل وعدم المبالاة سواء من ناحية كتابة السيرة ودراستها أو من ناحية الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه واله ، يقول جناب الشيخ (ومن المؤسف أننا صرنا لا نشعر بمسؤولية الرد والدفاع عن الإسلام ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، كشعورنا بمسئولية الدفاع عن مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وأئمتها الطاهرين (عليهم السلام)، ونظرة واحدة إلى المكتبات الشيعية تجد فيها آلاف الكتب التي تعرِّف المذهب، وتبيِّن تفاصيله، وتدافع عنه، وترد الشبهات الموجهة إليه، ومعهم حق، لكثرة ما تعرضت له مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من التشويه والدس والكذب والافتراء والطعن، ولكن لا تجد عدد الأصابع من الكتب التي تؤدي نفس الشيء عن الإسلام ونبيه العظيم، وتحتاج إلى تأمل طويل لكي تجد كتاباً مناسباً تقدِّمه لشخص يريد أن يتعرف على الإسلام، بينما ينهضون نهضة رجل واحد للذبِّ ضد شبهة جزئية موجهة إلى هذا المذهب، أو، ذاك من هذه الطائفة، أو، تلك.
ومهما قلنا من دفاعٍ عن أنفسنا بأن الأئمة (عليهم السلام) هم الامتداد الطبيعي له (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): (حَدِيثِي حَدِيثُ أَبِي، وَحَدِيثُ أَبِي حَدِيثُ جَدِّي، وَحَدِيثُ جَدِّي حَدِيثُ الْحُسَيْنِ، وَحَدِيثُ الْحُسَيْنِ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وَحَدِيثُ الْحَسَنِ حَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، وَحَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ).
وأنهم يمثلون المسار الصحيح والحقيقي للإسلام، كل ذلك صحيح، لكنه لا يغني عن الاهتمام الذي يجدر بنا أن نوليه لشخصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتصرفاته على مختلف الأصعدة)
وبعد ان اطلق جناب الشيخ هذه الآهات والشكوى من المسلمين عموما وأبناء مذهبه خصوصا بين أهمية دراسة السيرة العطرة وان أهم مصادر ذلك هو القران الكريم لانه الذي سلم من الدس والتحريف وبه تقاس الأمور فيقول في نفس الكتاب (وينبغي الالتفات إلى أن المصدر الرئيسي لدراسته سيكون هو القرآن الكريم)ويعطي عدة أسباب لهذا الاختيار :
(1- إعادة تفعيل دور القرآن في حياة الأمة، وإخراجه من عزلته، وإعطاءه دور الريادة في كل عملية إصلاحية، وهو ما أشرنا إليه في كلمات سابقة.
2- أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان تجسيداً عملياً للقرآن، بحيث لو حَوَّلْتَ القرآن من كتاب مقروء إلى رجل يمشي على الأرض لكان هو (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو حَوَّلْتَ سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى كتاب يقرأ لكان القرآن، ومن هنا أجابت أم المؤمنين حينما سُئِلت عن أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت باختصار: كأنه القرآن)
نعم القران الكريم هو أخلاق الرسول ومنه نعرف سيرته ونستخلص العبر منها وبعد ذلك نعرض ما بايدينا من روايات على الكليات التي استخلصناها من القران حول سيرته صلى الله عليه واله
وعموما فان عملية إعادة بناء الذات تحتاج إلى الاطلاع على سيرته صلى الله عليه واله وكيفية تعامله مع الآخر وماهي مقومات الفرد المسلم كل هذا نجده بكلمات متفرقة في عدة كتب لسماحة الشيخ وان كنا هنا اعتمدنا بالدرجة الاولى على كتاب الاسوة الحسنة للقادة والمصلحين
والحمد لله رب العالمين



#علي_ضرغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي ضرغام - العودة الى الذات في فكر الشيخ اليعقوبي