أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - دُموعُ الحَديد














المزيد.....

دُموعُ الحَديد


منذر مصري

الحوار المتمدن-العدد: 693 - 2003 / 12 / 25 - 13:00
المحور: الادب والفن
    


كنت محظوظاً لدرجة أني عرفت ذلك المكان لأربعة أيام مع لياليها ، لا أكثر
وخرجت وفي جعبتي هذه القصيدة . مع الاعتذار من قاطني السجون السورية لأعوامٍ وعقود . فماذا أفعل إذا كنت لا شيء سوى شاعر .


لم يكن عرض الزّنزانة
يزيد عن ذراع
وطولها
عن ساق
أول ما أصاب خاطري
حين رأيتها
أنها تصلح
لطفل .
/
على أن خفان جدرانها قد كسوه
بالسمنت
لكن ثقوباً
لا أدري من صنعها
انتشرت على كامل الجدران
أفواه صغيرة فاغرة
حشرت بها كسرات خبز يابس
وآذان صمّاء بلا صيوانات
وعيون لم يبق بها سوى
الجحور .
/
وعلى أرض الزنزانة الضيقة
تكدست كتلٌ
صلبةٌ
داكنة
: ( إنها لا تكنس ) صاح أحدهم
...
إنها يا مخبول
بقايا طينة الحائط
بل إنها
المخبول يعلم
بقايا أجسام .
/
كان الباب لوح حديدٍ سميك
بدون قفل
يغلقونه بربط مقبضه بكيس من النايلون
مجدولٍ ومشدودٍ كحبل
وفي وسطه في الأعلى
كوةٌ صغيرةٌ مستطيلة الشكل
فرغت بواسطة مثقب حراري
فذابت أطرافها وسالت
دموع الحديد .
/
من عين الباب الدامعة
مدّوا لي رغيفاً مقدَّداً
كوِّمت عليهِ قبضةٌ من أرزٍّ مسلوق
وقطعةٌ من العَظم
فوجدت أني – بدون تفكير –
أجلس القرفصاء
ناهشاً الأرزَّ بفمي
عاضّاً العظمةً بأسناني
...
نعم يا سيدي
فهمت الآن ماذا تعني
نعم يا سيدي
علمت الآن
ماذا
أنا .
/
علَّقت عنقود العنب الأسود
بنتوءٍ في الجدار
ورحت أنقر حبَّةً واحدةٍ
من حبَّاته العشر
كلما شعرت بمرارة فمي
وكانت كلَّما ازداد فمي
مرارةً
تزداد حبَّاته حلاوةً
وبعد يومين صارت زبيباً
لكنَّ حبته الأخيرة
صار لها لذعة
النبيذ .
/
أعطوني المرة الثانية تفَّاحةً
ظهرها أزرق
وبطنها أصفر كالذَّهب
يطلع من بين كَتِفيها عنقٌ رفيعٌ
حرصت ألاَّ أحملها منه
ولو كتجربة
خشيةً أن أقطعَهُ
وهناك على كامل جسدها
زغب
كامرأةٍ في الثالثة عشرة
لا يُحَسُّ إلاَّ
بالشَّفتين .
/
أبقيتها معي
حريصاً ألا آكلها
رغم جوعي وشبقي
وعندما سندت رأسي بالحذاء
في أولِ ليلةٍ معها
قربتها من أنفي
أشمُّ طوالَ الليل
عبقها
ثم حين دُعيتُ للخروج آخر مرةٍ
وكأني كنت أعلم أنها
آخر مرَّة
أبقيتها حيث هي
دون أن أتمتم لها كلمةً
دونَ أن أُلقي عليها نظرة
دون أن ألتفِتَ إليها
مجرد التفاتَة
تركتها لوحدها
كامرأة عارية
على
السرير
تنتظر .
/
أيُّ نهارٍ وأيُّ ليل
كان الوقت دون نبضات
دون قلب
يعبر في الظلام
كسيل من القطران
وما كان لقمر الزنزانات
أن يغيب
إلاَّ عند انقطاع الكهرباء
لكنه هناك
مواعيد الطعام
وطرقات الاستجواب
والنعاس الذي يجيء خجلاً
ويلمسنا بصمت
معلناً لنا
نوم اليأس
واستيقاظ
...
الرجاء .
/
تفاحتي
يلفُّ جسدها المكور
زرقةٌ وذهب
عطرٌ وزغب
ومن بين كتفيها المتجمعين
يشرأب عنقها الرفيع ثمَّ
ينحني
كأنها تتفقد أحد أجزائها
وفي أسفل بطنها
دغلٌ كثيفٌ معتمٌ
يبدو
وقد غاص قليلاً كأنَّه
عانة امرأة
...
برأس سبَّابتي
لمستها

ثم بلساني لحستها
( عشُّ اللِّذَّة )
قلت في نفسي
فإذ بها تسمعني
وتقول لي :
هيَّا إذَن ..
ــــــــــــــــــ اللاذقية / 1987



#منذر_مصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حجر في المياه الراكدة - مقابلة مع وكيل مؤسسي الفرع العاشر لل ...
- على صَيحة ... يَعقِدُ جمميعَ آمالِه - مقدمة لمختارات من شعر ...
- محمد سيدة ... هامش الهامش
- احتفاءً بحق الموت العربي
- رقابة في ملف مجلة الآداب عن الرقابة
- الحرب والشَّعب والسُّلطة والمعارضة في سوريا
- هل من المحتم أن يكون للعرب مستقبل ؟


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر مصري - دُموعُ الحَديد