أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الرحيم ملوح - وثيقة جنيف وحوار القاهرة















المزيد.....

وثيقة جنيف وحوار القاهرة


عبد الرحيم ملوح

الحوار المتمدن-العدد: 692 - 2003 / 12 / 24 - 08:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


عقد في مدينة جنيف السويسرية في الاول من ديسمبر الجاري مؤتمر شارك فيه شخصيات فلسطينية -اسرائيلية وعربية ودولية غير رسمية وشبه رسمية لاطلاق ما سمي بمبادرة جنيف للتسوية الفلسطينية الاسرائيلية النهائية، ولم يتبن هذه الوثيقة أي طرف رسمي دولي او محلي، وتراوحت المواقف الرسمية منها بين مرحب بالجهود المبذولة فيها «الرئيس الفلسطيني عرفات» وبين معارض لها «شارون» ومن غير المتوقع من القوى الدولية الحريصة على مصالحها في المنطقة وعلى الامن والاستقرار والسلام فيها معارضة أية جهود مشتركة او اتفاقات يتم التوصل اليها بين طرفي الصراع بمعزل عن طبيعة ومستوى المشاركين فيها، اكانوا رسميين او غير رسميين.

وعند مراجعة سجل الاتفاقات واللقاءات الرسمية وغير الرسمية بين طرفي الصراع نجد انها حظيت بالاحترام والدعم ولا يعني الاطراف الدولية في مثل هذه الحالات مضمون هذه اللقاءات والاتفاقات وانما يهمها اولا واخيرا ان يشارك فيها ويوافق عليها طرفا الصراع لكي تحظى بالدعم والتأييد من اكثر من طرف دولي،خاصة ان المجتمع الدولي يستشعر اكثر فأكثر مخاطر الوضع على الامن والاسقرار الدولي، وما استطلاع الرأي الاوروبي الذي اعتبر فيه ما نسبته 59% من الاوروبيين ان اسرائيل تشكل الخطر الاول على الامن والاستقرار العالمي واكبر دليل على قلق المجتمع الدولي من سياسة اسرائيل على امنه، وهذا ما يفسر الاهتمام والمشاركة الدولية في لقاء جنيف رغم كونه غير رسمي.

ان المدقق في وثيقة جنيف العتيدة يجدها لا تختلف كثيرا عن مبادرة الرئيس كلينتون كما طرحها في اخر ايام مفاوضات كامب ديفيد في يوليو 2000، ورفضها في حينه الرئيس الفلسطيني عرفات والطرف الفلسطيني، فهي تتخلى عمليا عن القرار الدولي 194 القاضي بحق العودة، فالقرار ينص على عودة اللاجئين لديارهم وممتلكاتهم وعلى التعويض عن الاضرار التي لحقت بهم، ويحمل اسرائيل مسئولية سياسية وقانونية عن تهجير اللاجئين الفلسطينيين، ولكن الوثيقة تحلل اسرائيل من هذه المسئولية وتعترف بيهودية الدولة العبرية وتبحث عن حل لمسألة العودة في خمسة خيارات لا تلزم اسرائيل بأكثر من المساهمة في أي منها، وتخضع الموافقة على العائدين الى ديارهم للقرار السيادي الاسرائيلي.

وكلنا يعرف الموقف الاسرائيلي من هذا الامر بل وموقف تيار اسرائيلي واسع يطالب بالتخلص من الفلسطينيين العرب الموجودين في أرضهم وفي منازلهم حاليا داخل الخط الاخضر تنفيذا لتطبيق يهودية الدولة. والمساءلة لا تقتصر على موضوع اللاجئين حيث تطال القدس، ويعترف بالكتل الاستيطانية فيها، وسيطرة اسرائيل عليها، وبالكتل الاستيطانية الكبرى التي تقسم الضفة الى ثلاث مناطق منعزلة وتسيطر على خزانات المياه الجوفية والسطحية في المنطقة الفاصلة بين نابلس ورام الله وبين بيت لحم والخليل واستبدال هذه المناطق بمساحة مماثلة جنوب الخليل وجنوب غزة، مع انه لا يوجد مبررات لعملية التبادل سوى تقطيع الضفة الغربية واخضاعها للسيطرة اضافة لتكريس الاستيطان ومصادرة المياه، والحديث عن القيمة والمثل في عملية التبادل هذه لا يعدو كونه ذرا للرماد في العيون،اذا اضفنا موضوعات محطات الانذار والسيطرة على الاجواء والحدود والمعابر، فنجد ان الوثيقة لا تستجيب للحد الادنى الذي قبل به الشعب الفلسطيني «دولة مستقلة وعاصمتها القدس على كامل حدود 1967، وعودة اللاجئين وفقا للقرار 194» لهذا عارضت الغالبية الساحقة من القوى والجهات الفلسطينية هذه الوثيقة، ولسبب اخر لا يقل اهمية عن مضمونها هو ان كل تنازل فلسطيني يسجل في الحساب الاسرائيلي، والانطلاق منه لاحقا وللمطالبة بتنازلات فلسطينية جديدة هذا ما حصل في الماضي وما يخشى حصوله في المستقبل، وليس مهما من قدم هذا التنازل اهو طرف رسمي او شبه رسمي او غير رسمي، لانه يؤشر بالاساس الى الاستعداد ويغري به.

وعلى الضفة الاخرى عارضتها الحكومة الاسرائيلية وائتلافها الحاكم لانها لا تقبل بما قدمه اليسار الاسرائيلي في الوثيقة لتعارضه مع مشروعها التوراتي والكولونيالي الاستيطاني، واعتقادا منها ان بمقدورها فرض مشروعها كاملا واستنادا للقوة العسكرية الطاغية،وهي بهذا لم تتعظ من تجربة السنوات الثلاث الماضية «الانتفاضة» حيث عجزت عن فرض منظورها ومشروعها امام صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه الشرعية وبحريته واستقلاله،وبذات الوقت نأت السلطة الفلسطينية وحركة فتح والرئيس عرفات بنفسهما عن اعطاء الموافقة الرسمية على الوثيقة، واقصى ما قيل هو الترحيب بالجهود المبذولة وتثمين مواقف دعاة السلام الاسرائيليين مع الحرص على اعطاء الطابع الشخصي للمشاركين من الطرف الفلسطيني.

مع ان هذا الموقف يحمل قدرا معينا من الالتباس الا انه لم يعط التغطية الرسمية او الموافقة على الوثيقة،مع انه كان بالامكان ان يكون اكثر حزما ووضوحا ويمنع أي عضو رسمي على الاقل من المشاركة فيها مثل ياسر عبد ربه كونه عضو لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية او غيره من وزراء السلطة الفلسطينية،وهذا الالتباس ترك بالحد الادنى الكثير من الاسئلة معلقة بدون اجوبة حول الموقف الرسمي لقيادة السلطة الفلسطينية.

ان الرابح الاكبر من هذه الوثيقة والتحرك المرافق هو حزب العمل الاسرائيلي وتياره وبشكل اخص يسار حزب العمل «مجموعة يوسي بيلين» فهذا التيار اضاع طريقه منذ تشكيل حكومة باراك وحتى اليوم،وبخاصة اثناء مشاركته في حكومة شارون،حيث شكل قادته «بيريس وبن العيزر» ذراعي السياسي والعسكري مدة عام ونصف،وعاش بعدها حالة من الضعف الداخلي ترجمة نفسها في فشله بالانتخابات الاسرائيلية في بداية العام الجاري،وهو الان بالاتكاء على التنازلات المقدمة له في وثيقة جنيف يحاول استرداد دوره السياسي في اوساط الاسرائيليين مستندا للرفض المتزايد في المجتمع الاسرائيلي لسياسة شارون كما يتجلى في تزايد الاضرابات ضد سياسته الاقتصادية وفي موقف الجنود والضباط في الجيش والطيارين وموقف قادة الاجهزة الامنية لسياسته الفاشية ضد الشعب الفلسطيني.

وبرغم الاهمية السياسية المترتبة على تعزيز دور ونفوذ اليسار الاسرائيلي وقادته في المجتمع الاسرائيلي في مواجهة اليمين الصهيوني المتطرف وسياسته التوسعية الا ان هذ ا لا يبرر حجم التنازلات المقدمة له في وثيقة جنيف العتيدة، وتشاء الصدف واخواتها ان يتزامن مع توقيت اشهار وثيقة جنيف رسميا الاتفاق على عقد لقاء للحوار الوطني الفلسطيني الشامل بدعوة من الشقيقة مصر يوم 4/12/2003م وانتصب امام هذا المؤتمر تحديات كبرى وامتحان صعب بمدى القدرة السياسية والمسئولية الوطنية اللتان تتحليان بهما القيادات المشاركة في هذا الحوار،والتحدي الاهم الذي يواجهه المشاركون كمن في مدى الاستعداد والقدرة على تقديم التنازلات المتبادلة للذات اولا ولحمايتها وحماية المصلحة الوطنية العليا ثانيا حتى لا يفرض عليهم تقديمها للاخر،والاتفاق على رؤية سياسية واستراتيجية عمل واحدة وعلى تشكيل قيادة وطنية موحدة لمواجهة التحديات الوطنية والسياسية الكبرى.

وقد بات واضحا ان اولويات السياسة الاميركية ترتكز على امرين اساسيين في هذه المرحلة هما: الاول الانتخابات الاميركية ومتطلبات نجاح الرئيس بوش فيها وتجنيد القوى الداخلية والخارجية لذلك، والثاني ما يسمى بالحرب على الارهاب وما يواجه الادارة الاميركية من مأزق لم تحسب له الحساب الكافي في العراق، اما بالنسبة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي والعربي الاسرائيلي فلم تعد مسألة حله اولوية اميركية طوال العام المقبل على الاقل،وسيقتصر التعامل معه على ادارة الصراع لا اكثر.

يدلل على هذا اسلوب التعامل معه ففي حين زار العراق غالبية اركان الادارة الاميركية بما فيهم الرئيس بوش، وجندت الاموال والدعم الدولي له... نجد ان الاهتمام بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي والعربي الاسرائيلي يقتصر على امثال وليم بيرنز بفترات متباعدة، وعلى التأكيد على التمسك بخريطة الطريق بين فترة واخرى وتشجيع التحركات السياسية الموازية امثال لقاء جنيف وعلى انتقاد سياسات شارون والتأثيرات السلبية للجدار العنصري والمستوطنات على مشروع خريطة الطريق ورؤية بوش لاقامة دولتين، والتحذير من القيام باعمال تؤثر بشكل كبير على توازن الوضع السياسي الهش في المنطقة او طرد الرئيس عرفات او مهاجمة سوريا او ايران.... وفي ذات الوقت تقديم ضمانات القروض بمليارات الدولارات والموافقةعلى بيع طائرات «اف16 المتطورة لاسرائيل وتوفير الحماية السياسية لممارساتها الفاشية ضد الشعب الفلسطيني في المؤسسات الدولية.



#عبد_الرحيم_ملوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علينا ألا نخطئ الحساب السياسي


المزيد.....




- اخترقت جدار منزل واستقرت في -غرفة نوم-.. شاهد مصير مركبة بعد ...
- مصر تعلن اعتزامها التدخل لدعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أ ...
- -القسام- تفجر عبوة -رعدية- بقوة إسرائيلية خاصة وتستهدف ناقلة ...
- قصة الصراع في مضيق هرمز منذ الاحتلال البرتغالي وحتى الحرس ال ...
- هولشتاين كيل يصعد للبوندسليغا للمرة الأولى في تاريخه
- البحرين تدعو للتدخل الفوري لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة ومن ...
- طلبت منه البلدية إخفاء قاربه خلف السياج.. فكان رده إبداعيا و ...
- استطلاع: نصف الأمريكيين يعتبرون الإنفاق على مساعدات أوكرانيا ...
- حاكم بيلغورود: 19 شخصا بينهم طفلان أصيبوا بالقصف الأوكراني ل ...
- مشاهد جديدة لسقوط حافلة ركاب في نهر ببطرسبورغ


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الرحيم ملوح - وثيقة جنيف وحوار القاهرة