أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الرزاق حرج - سيرة بن سباهي ....الجزء السادس عشر















المزيد.....

سيرة بن سباهي ....الجزء السادس عشر


عبد الرزاق حرج

الحوار المتمدن-العدد: 2232 - 2008 / 3 / 26 - 10:57
المحور: سيرة ذاتية
    


إني أعرف الآسماءَ..والآشياءَ..والسجناءَ..والشهداءَ..والفقراءَ..والمستضعفين..وأقول إني أعرف السياف قاتل زوجتي..ووجوه كُل المخبرين..وأقول أن عفافنا عهر..وتقوانا قذارة..وأقول أن نضالنا كذب وأن لافرق ..مابين السياسة والدعارة!!..نزار قباني ...شاعر سوري

وصلت أخيرا محلية السليمانية وسلطة الشمس تدك البيوت وشوارع المدينة بدون رحمة..دخلت من باب ضيق الى غرفة الآستعلامات ..توقفت عند مشهد كارتوني مذهل ومضحك !!..أمرأة وجهها كوجوه العجائز الساحرات في أفلام كارتون واقفة على منضدة التسجيل ..أثيابها الصيفية مبلله من صدرها الى أسفل جسدها المستفز من رشقات الماء ..تصيح على شخص مفتول العضلات والجسم وكركرات وجهه الطفولي الضاحك كضحكات الرابح في سباق الخيل ..يده اليمنى تمسك دورق بلاستيكي بداخله ماء ..يقرب الدورق من جسدها وهو واقف قرب المنضدة وشرواله الخاكي مرقع من تناثر الماء عليه ورأسها يرتد الى الخلف ووجهها الشائب يواجه سقف الغرفة ..تستغيث بصوت مسموع في الغرفة ..تقول(..نخير ..كاكه ..نخير ..كاكه ..,)..نظروا لي بخجل الموقف بالرغم الآيماءات والآشارات مستمرة بينهم ..نزلت المرأة وهي بسن الثلاثينات وأصابع أقدامها الحافية حذرة بالسير على سطح المنضدة و الكرسي ووقفت بجانبه ..ووجهها الشائب يلم المزاح بالرغم أحمرار الخدين ..قالت لي ..أتفزل كاكه ..وضع الشاب الدورق على المنضدة ..عيناه المتسائلة تنظر لي ووجهه الحليق يعاود ستراتيجية الهدوء ..يعمل شغيلا في مقر المحلية..قلت لها ..عفوا ..هل من الممكن أعرف أين مكان ..فلان أبن فلان ..أجابتني والآبتسامة لم تغب عن شفتيها وزغب الشعر نائم فوق شفتيها الوردية ..آآآآ ..نعم ..تقصد كاكه فلان ..تخرج من مقر الحزب ..أمامك مباشرتا بعد الساحة ..مقر الشبيبة ..هناك.. يعمل حاليا ..خرجت من الغرفة الرطبة بالرغم توهج الشمس المستبده والضحكة تلازمني ,,تريد الآنطلاق والآنفجار ..عبرت الساحة المبلطة والمستطيلة والمحصورة بين البيوت الحديثة ومقر الحزب والدرابين القصيرة والمفتوحة ..أزحت باب حديدي وقشور ألوانه الوردية تتغير الى ألوان باهته ..لاذت أقدامي الى مدخل البيت الثلم والقديم والمسافة مابين الباب وهيكل البيت قصيرة وترابية وفارغة ..طرقت طرقتين على باب الغرفة ..خرج صديقي بوجهه النمش وشعره الرمادي من الغرفة الهادئه ..ظل ينظر لي بعض لحظات غير مصدق ..تصافحنا وعانقنا بعضنا بقبلات غير مشروطه بعدد حسابي ..الصداقة لاتعرف البحث دائما في سواد الآشياء عن نقطة مضيئه.. !!!
جلسنا على كراسي متقاربة قرب المنضدة ..وجوه شبابية مرسومة على صور صغيرة ظهرها الآبيض يستريح على ورق الدفتر الطويل ..أقلام جاف ورصاص في علب نحاسية.. مسطرة خشبية صفراء بأرقام سوداء ..علبة صمغ ..كوب يشارف من أنتهاء الشاي والبخار..هذه المسميات جاهزة فوق سطح المنضدة ..قلت له ..ماذا تفعل ..أجابني..بأبتسامة على وجهه النفطي ..ألصق تصاوير الرفاق الجدد بدفاتر الآنتماء ..عيناه الصغيرة تبحر برحلات عبر وجوه القادمين ..يجبرنا الزمن المر أن ندفن ذكريات الماضي المؤلمة بحسرة ..أنه زمن النفاق وعذاباته الجارحة الذي أشعل رؤوس الخائبين بكور الشيب ..يمر الزمن بسنينه المخجلة على الناس ولايتغير أي شئ والموت الهيلامي له الحق بدخول ديارك كيفما شاء !!..لاتزال ثقافة الموت هي المفاضلة عند المناضل السياسي في الآنتماء والشهادة ..هي ثقافات موروثة من أساطير وخرافات مدننا وقبائلنا وأنتمائاتنا السياسية الحزبية الحديثة ....السياسة هي أذكاء نار اللعبة بأتقان !!..خرجنا نسير على بلاط الساحة بأصوات كعوب أحذيتنا العتيقة الى المطعم ..تناضل مواقد النارفي شوي اللحم الآحمر والكباب ونحن نأكل وجبة الغذاء بالمطعم القريب الى الشارع العام ..رجعنا الى غرفة الشبيبة ..تحدثنا وأكواب الشاي أمامنا ..قلت له ..كيف ..فلان ..ماذا يعمل الآن ؟؟..أجابني وأبتسامة خجلة على شفتيه الناعمة ..حاليا يعمل في أحد الدوائر التابعة الى الآمم المتحدة ..بمساعدة الجلاليون !!..قلت له ..لا أفهم ..كيف ..يعني ..قال لي ..هنا يدير السلطة الجلاليون ..لذا ..لم يتوفر لك عمل جيد أذ لم تعمل في صفوفهم ..وأردف بجملة أخرى وقال ..له عائلة كبيرة لاتنسى ذلك وراتب الحزب لايكفي !!....في عام 91 كان يمثل الشيوعيون في أدارة السجن ..كان أنفعالي الى حد الهيجان البدائي ..نابعة من تراكم جينات العنف عبر التاريخ الحربي من قبل القبائل العشائرية والحزبية المتناحرة دوما ..بدهاء رؤساء العشائر والسياسيين الفاسدين ...أتضح أن ليس حكومة صدام دكتاتورية فقط ..بل هنا تسود حرائق قوانين الآحزاب العشائرية المتخلفة والمدارس الدينية هي التي تحكم !!..لكن ماذا نفعل الى التهريج والتهريج أعلام النبوءة!!.. قال لي ..تصور ..أن فلان ..المنزل من الآعدام وهو الذي يقود تنظيمنا ..في فترة السرية وحتى الآعتقال وأطلاق سراحنا ..سرق مالية الحزب وهرب الى الخارج ..عندما سأل في الخارج من قبل أصدقائنا ..لماذا ..قال لهم ..أخذت حقي فقط !! .....عندما نزل من الآعدام كان أسقباله من رفاقة حار ..غسلوا له تراكم أملاح عرق زنزانات التحقيق والآعدام وعطروه بمطهرات دافئة وطموا دنامل جسده الطويل بأدوية تزيل الحكه والحساسية ..ألبسوه من ثيابهم النظيفة والجاهزة ..كان كثير النوم ولايحب الآختلاط والثرثرة .. دائم الحزن لاينتمي الى من حوله.. يخرج رأسه كرأس السلحفاة عند الآكل والسؤال والجواب فقط..توقفنا عن الحديث بأحتسائنا الشاي...برطمت نفسي بتعابير زعلانه وهي تشق نفسها بقوة وتقول ...السياسة لعبة غير أمينة ,,قد تغير آرائك بثواني !!..لكن عندما أفقنا من الوهم كانت أقدامنا في الوحل!!,,.. كنت أستطعم برشفات الشاي ..قلت له ..أريد أسألك عن شخص ..قال أتفضل ..والمروحة السقفية تئز بصوتها الآخن ..وصفت هذه الشخصية بتمعن ودقة ..قامته القصيرة ووجهه المثلث والآبيض وأذاناه الكبيره والصلع في مقدمت جبهته والآناقة في الملبس والمأكل ..لكن لم يعرفه ..لو لا ذكرته ..أن والده أستاذ جامعي تعرض الى الآغتيال من قبل سلطة صدام في ثمانينات القرن ..قال ..ها ..ها ..تذكرت بالرغم لم ألتقي به بالسجن ..لآنه خرج في عام 88 ..تابع كلامه وقال..هذه الشخصية عرفت في المدينة ..أنها من كبائر مافيات التهريب والتزوير ..يتعامل مع قناطر من الناس في تهريبهم الى أوربا عبر تركيا ..تصور حاليا مطلوب الى أحد البلدان المجاورة لمنطقة اكراد العراق ....دخل الى سجن أبي غريب هذه الشخصية القصيرة والمائعة ..في عام 87 ..كان مدلل بالسجن ..له زيارات خاصة ..عندما يذاع أسمه عبر المذياع في الزيارة الخاصة ..يستغرب السجن من هذه الزيارة الخاصة !!..كان فراشه وثير وناعم ومكانه نظيف ..يتحدث عن مواصفات لينين الثورية والجسدية والآنسانية ..بأروع المواصفات الآدبية والروائية والصورية ..تأثرت به شبيبة الكرد الصغار المعتقلين معنا ..أصبح له وزن كبير داخل السجن ..كان يبشر بعودة التنظيم داخل السجن ..حتى أحد حراس السجن يزوره بأستمرار ..عندما تم حجرنا في عام 88 ..وجهت لنا تهم التنظيم داخل السجن ..لو لا أجسادنا هي التي حمتنا من شرور الجلاد ..لكانت أسمائنا مسجلة بأراشيف الموتى عند أجهزة الآمن !! ..خرجت من الحجر أثناء العفو الخاص في نفس العام ..بحثت عن هذه الشخصية وسألت عنه كثيرا ..قالوا لي السجناء الذين لم يطلق سراحهم ..خرج من السجن بأول القوائم ....ألتفت الى صديقي وهو يلصق صور الشباب في الدفتر الكبير ..يضع صمغ على ظهر الصورة ويلصقها على جهة اليسار أعلى الورقة ..قال لي ..تصور ..ويده تكتب تحت الصورة الآسم والعنوان والولادة ..أنا أصبح لدي طفلا جميلا وشقيقتي المعتقله معنا ..تزوجت ....بقيت أهز رأسي بعدت هزات ..وأتذكر قول ..الذي ضاع مني أسم قائله ..تتغير العقائد وخرائط الآيديولوجيات عندما تنهار!!.. أتفقنا نلتقي بعد الوداع ...خرجت سيرا الى سنتر المدينة ..وصورة الشخص القصيرة تتقادح أمام بصري ..بهيئة رجل شائب ووجهه وجسده يطوح به الخراب وعيناه ناشفة كلون البئر الجاف أو كعينين كلب مريض !!..يتبع

نخير ..المقصود من هذه العبارة الكردية ..كلا ..كلا



#عبد_الرزاق_حرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة بن سباهي ....الجزء الخامس عشر
- سيرة بن سباهي ....الجزء الرابع عشر
- سيرة بن سباهي ....الجزء الثالث عشر
- سيرة بن سباهي ....الجزء الثاني عشر
- سيرة بن سباهي ....الجزء الحادي عشر
- سيرة بن سباهي ....الجزء العاشر
- سيرة بن سباهي ....الجزء التاسع
- سيرة بن سباهي ....الجزء الثامن
- سيرة بن سباهي ....الجزء السابع
- سيرة بن سباهي ....الجزء السادس
- سيرة بن سباهي ....الجزء الخامس
- سيرة بن سباهي ....الجزء الرابع
- سيرة بن سباهي ....الجزء الثالث
- سيرة بن سباهي ...الجزء الثاني
- سيرة بن سباهي ..الجزء الآول
- ورقة من أوراق السير الذاتيه
- أوراق الطفولة
- أهل الشهداء ....ج
- أهل الشهداء ...ب
- ...أ..أهل الشهداء ....10


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الرزاق حرج - سيرة بن سباهي ....الجزء السادس عشر