أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عبد - الدولة والثقافة ومصير الإنسان !!















المزيد.....

الدولة والثقافة ومصير الإنسان !!


كريم عبد

الحوار المتمدن-العدد: 692 - 2003 / 12 / 24 - 08:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الحياة المعاصرة ( ليس بالإمكان تصور حياة إنسان بدون دولة ) ما عدا تلك الجماعات التي تتعرض لكوارث التشرد بسبب الاحتلال أو الحروب الأهلية المدمرة، الأمر الذي يجعلها في حالة من الضياع. لكن هل كل إنسان يحيا في ظل دولة يكون في منأى عن الأزمات ؟! الجواب طبعا : لا . وعلى كل حال، ليس المقصود اختصار المسألة بـهذا الشكل. ذلك أن أزمات المواطن في تركيا هي غير أزمات المواطن في سويسرا وهي غيرها في بنغلادش ... الخ . فالحياة الإنسانية بطبيعتها لا يمكن أن تخلو من أزمات، لكن الفرق في نوعية هذه الأزمات، هو الذي يميز دولة عن أخرى، أي ثقافة عن أخرى، أي طريقة حياة عن أخرى. 
لا نتحدث هنا عن أزمات وجودية أو ما شابه ذلك، بل عن الأزمات الاجتماعية بمختلف مظاهرها، بدءاً بأزمة السكن مرورا بأزمة الحريات العامة وليس انتهاء بـما تعانيه بعض المجتمعات من شيوع لمظاهر التعصب الطائفي أو القومي، فمثل هذه الأزمات تظهر أو تختفي أو تكون بـهذه الوتيرة أو تلك استنادا لطبيعة نظام الدولة في البلد المعني، وليس جراء طبيعة متأصلة في هذا المجتمع أو ذاك .
إن مصطلحي تخلف وتحضر، ورغم انطوائهما على تعاريف عديدة، يمكن فهمهما على نفس الأساس، أي قياسا على طريقة حياة المجتمع وطبيعة نظام الدولة، فهناك دول لديها معاهد وجامعات تتخرج فيها مئات الكفاءات سنوياً، بما يعنيه ذلك من نفقات كبيرة، لكن هذه الدول لا توفر لهذه الكفاءات فرص عمل مناسبة، وهذا واحد من أخطر مظاهر التخلف، فهو دليل على غياب التخطيط وعدم معرفة حاجة البلد لهذا الاختصاص أو ذاك، وهذه  إحدى صفات النظم التي تفتقر للشرعية الدستورية، فمن يغتصب الدولة اغتصاباً لا يهمه موقف الرأي العام منه، بل هو يعمل على تكييف وإخضاع الرأي العام لما يريد عن طريق مراكمة وقائع جديدة تبعد الناس عن التفكير بحقوقهم المشروعة، خالقاً المزيد من الكوادر والمؤسسات التي تبرر سياساته العشوائية هذه.
وهذا تحديداً ما يؤدي إلى خلق أزمات كثيرة لا مبرر لها، ليس أقلها هجرة الكفاءات العلمية والتقنية، أو الارتفاع المستمر في معدلات البطالة، كما تساهم أيضا في تغذية الأزمات الأخرى المتوارثة.
إن مجتمعات تعيش في ظل دول من هذا النوع ستكون حاضنة جيدة لنـزعات التطرف الطائفي والعنصري وسواهما، فعندما يتم تفريغ حياة الإنسان من أسباب ومظاهر العيش الطبيعية، فهو سيكون مستعداً لاستقبل مختلف الهواجس غير الصحية التي تخلقها نزعة الانكفاء على الذات، بما يعنيه ذلك وبالتراكم ، من شيوع لمختلف مظاهر التوتر النفسي والاجتماعي .
إن نوعية نظام الدولة تلعب دوراً أساسياً في مزاج الأفراد وفي نوعية إيقاع الحياة في البلد المعني، ولا نجد من المبالغة القول، بان الدولة المتخلفة من النوع المذكور، تعكس انكفاءها على مختلف التفاصيل الاجتماعية الأخرى، كمعدلات الولادة والوفيات، ومعدلات الزواج ونوع الحياة العاطفية، بل وحتى على لغة الكتابة ونوعية الأغاني وأشكال الفنون، وهذا لا يعني إنـها تُصدر قرارات حكومية بذلك، ولكن في ظل دولة بوليسية حربية لا بد أن تطغي على الفن التشكيلي مثلاً، الألوان الحارة والكامدة بما يتلاءم مع الشعور بالإحباط وحالة التوتر في المزاج العام، ويحدث ذلك على حساب الألوان الهادئة والـمائيات .
وأيضاً، فالدول المتخلفة، دول الأحكام العرفية وحالات الطوارئ المزمنة، لا تخلق مواطناً خائفاً من الأحداث ومن المستقبل فقط، بل تخلق أيضا حاكماً خائفاً ليس من مجتمعه فحسب بل ومن مؤسسات دولته ذاتها !!
 إن ما حدث في أفغانستان والصومال وما يحدث الآن في العراق، هو نتيجة طبيعية لتراكم التعسف ومشاعر الحيف التي عانت وتعاني منها مجتمعات هذه الدول، بسبب غياب الحد المعقول من العدالة . فالوحدة الوطنية ليست مجرد شعار ولا هي أمر مقدس بذاته، إنـما تصبح كذلك حين ترتبط مصالح الجماعات المختلفة، القومية والدينية، بمصير الدولة المعنية وإمكانية تطوير نظامها السياسي باستمرار، وهذا لا يحدث، كما أكدت وتؤكد التجارب المختلفة، إلا في ظل دولة القانون الدستورية ونظام التمثيل الديمقراطي . أما بشأن ما هو شائع في بعض بلدان العالم الثالث، حيث يوضع المواطن أمام سؤال غريب مفاده : هل أنت مع الوحدة الوطنية أم مع المؤامرات الخارجية ؟! فهناك ثلاث نقاط  يجب دائما التأكيد عليها بـهذا الشأن، وهي أولا : إن المسألة ليست مسألة ( مؤامرات ) بما تنطوي عليه هذه المفردة من إثارة للظنون والوساوس، ويفترض أن ننتهي من ترديد مقولة : أنا من القائلين بوجود مؤامرة، أو لست مع القائلين بوجود مؤامرة !!  فالمعادلات التي تتحكم بمصائر مجتمعات كاملة ، يجب أن تفهم كما تجري في الواقع. فالذي يحدث عادة، هو إن صراعات المصالح الدولية، المعروفة والموجودة في مختلف مناطق العالم والتي لا يكاد ينجو منها طرف، تتخذ - حين يتعلق الأمر بدولة مفككة أو على وشك التفكك كما هو حال العراق الآن - طابع التزاحم بشكل اكثر مباشرة، ومن أصول هذه ( اللعبة ) كما هو معروف، أن تتدخل أجهزة المخابرات لتشكيل المحاور واستخدام القوى المحلية، لان تفكك أية دولة يضع الدول الكبرى أو الصغرى المعنية، أمام توقعات واحتمالات عديدة. فتجد نفسها أمام اختيارين، أما التدخل والاستفادة من البلد المنكوب، أو انتظار الأضرار التي ستلحق بـها جراء  تفككه. لكن عندما تكون عواقب هذا التفكك منذرة بالأخطار وغير محسوبة النتائج بدقة، نجد أن جميع تلك الأطراف أو أغلبها تعلن عن ( حرصها ) على الوحدة الوطنية لذلك البلد !!
أما النقطة الثانية : فهي ضرورة إدراك الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى تفكك من هذا النوع. وهي لا تكمن عادة بشخص أو حزب معين، بحيث إذا تمكنا من إسقاطه زالت المخاطر معه، بل هي تتعلق بعقلية أو نظام تفكير قد يكون شائعا عند جميع الأطراف في حقبة معينة، فيصبح والحالة هذه من غير المجدي أيضا استبدال حزب بحزب أو طائفة بطائفة، لأن أية جهة تنظر إلى الدولة بصفتها ( غنيمة ) ووسيلة للهيمنة على الآخرين ومصادرة حقوقهم، ستؤدي حتما إلى إنتاج أزمة مماثلة وأشخاص مماثلين، وهذا ليس تبريراً للحاكم الديكتاتور أو للأحزاب الفاشية المعروفة المصير عادةً .
أما النقطة الثالثة، فتكمن في ضرورة فضح اللعبة التي تلعبها الأنظمة الاستبدادية، لعبة استخدام شعار الوحدة الوطنية لاستمرار وجودها وتبرير لا شرعيتها، بما يعنيه ذلك من تبرير لكل الأزمات التفصيلية التي كرستها والتي أدت إلى تـهديد الوحدة الوطنية ذاتـها، وذلك بإحالة كل ما جرى ويجري إلى مؤامرات خارجية، بحيث يصبح كل معارض لها مشبوها أو عميلا، أي إن احتجاج المظلومين يصبح تـهديداً للوحدة الوطنية ويا للغرابة !!



#كريم_عبد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء إلى جميع الكتاب العراقيين الشرفاء
- أزمة الثقافة العراقية في سياقها العربي ( 1 & 2 ) :ثقافة سعدي ...
- كتاب لا يتحدث عن العراق لكنه ضروري جداً للعراقيين !!
- من أوراق المنفى : رسالة إلى حسين كامل !!
- الإعلام المصري والمسؤولية الأخلاقية !!
- رداً على مناقشة حسين بن حمزة ونجم والي إبداعات المنفى العراق ...
- الحزبية الثورية ، في المعارضة أو الحكم


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم عبد - الدولة والثقافة ومصير الإنسان !!