أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب الغنيمي - هُم وهنّ القديم الجديد














المزيد.....

هُم وهنّ القديم الجديد


زينب الغنيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2220 - 2008 / 3 / 14 - 08:06
المحور: الادب والفن
    


زحفت يده ببطء لتربت على ظهر يدها، كانت بجواره في سيارته فقد تطوع مختاراً لتوصيلها، تلفتت إليه وبعض الدهشة ترتسم على ملامحها، همس مبرراً بأنه يأنس بوجودها ويحب مرافقتها ويسعد بحواراتها، يشعر أنها تفهمه، هي المرأة المختلفة التي يتمناها.. يبحث عنها منذ زمن طويل ربما منذ الطفولة.. ربما هي التي كانت قدره قبل الولادة.. لعله لم يكن سعيداً وهو في رحم أمه لأنه لم يكن قد تعّرف اليها، وأنها.. وأنها.. .وأنه يتمنى لو كانت هي امرأته وليست تلك الأخرى التي اكتشف أن المسافة بينه وبين الاخرى بعيدة خصوصاً عندما عرفها ، وأنه يتمنى لو يعود الزمن للوراء لتكون هي رفيقة عمره ، و...و...
سحبت يدها برفق وهي صامتة لا تجيب، فقد اعتادت سماع مثل هذا الحديث من كثير من الرجال الذين صادفتهم في الجامعة، العمل، نطاق علاقاتها الإجتماعية، في سفرها القصيرهنا وهناك لعمل ما أو لسياحة ما. لقد نشأت في أعماقها مناعة خاصة أضعفت تأثرها بمثل هذا الغزل المبطّن أحياناً، والمعلن حدّ الوقاحة أحياناً أخرى، وعندئذٍ تتسلّل البرودة الى أعماقها وتشعر بالاختناق.
تأملت الطّريق أمامها، سرحت بعيداً ببصرها ونصف ابتسامة لا معنى لها ترتسم على وجهها، ولم تعد تسمع شيئاً من همسه لها، أبحرت عميقاً في مراحل العمر الذي انقضى شباباً وشيخوخةً شابة، كم مرّ عليها من أحداث، كم سمعت من الملاحظات، كم..وكم.. قيل لها بأنها .. وأنها.. ، بماذا؟ ولماذا؟ وكيف؟!!. باتت تدرك الحالة التي تصيب هؤلاء الرجال سواءً من تعرفهم أو من لاتعرفهم ويعرفون غيرها من النساء، حالة تبلّد عواطفهم إزاء نسائهم، واستيقاظ رغباتهم عندما يقابلون إمرأةً ما جريئة بعض الشيء أو جريئة أكثر.
سألت نفسها: ترى لو لم تكن هي الجالسة على هذا المقعد، لو كانت إمرأةً أخرى لها بعض ملامحها، من المؤكّد أنها ستستمع الى نفس الحديث وذات الكلمات!!. اعتادت أن تفكّر هكذا، واعتادت أن تنظر للآخر بأنه حالة عادية، وأن تتساءل مع نفسها: أيعقل أنّ هذا الشّخص الجالس جوارها يحمل كلّ هذه الأحاسيس التي يدّعيها وهو لازال مقيماً في نفس غرفة نومه القديمة، ويتعايش يوميّاً مع امرأته وأفراد أسرته، يهتم بتفاصيلهم وبشؤونهم ويعطي هذه التفاصيل أولويّة في سلوكه اليوميّ، ثمّ يدّعي الآن أنّ حياته هذه انقضت وأنها كانت خطأ.. وأن المرأة التي يعيش تفاصيلها وتعيش تفاصيله يوميّا كان يجب ألاّ تكون في حياته، أتراه لم يكتشف مساحة الاختلاف (إن وُجد) بينهما إلاّ الآن؟! أو منذ بعض الوقت عندما صادفها هي.
إذن ما الأمر؟! تذكّرت كيف أن أحدهم (يشبه الجالس بجوارها الآن) ألقى على مسامعها نفس الحديث ذات مرّة، وعندما بدأت تحاوره رنّ هاتفه الشّخصي ارتبك لوهلة وتلعثم بالرّد، بدا واضحاً أنّ زوجته هي المتّصلة، واستمعت: "نعم.. حاضر.. لا.. لن أتأخّر.. أنا.. أنا مع صديق.. لا لا.. " تنفّس بارتياح قليلاً وأكمل:
"هل تريدين أن أجلب شيئاً معي..لا اطمئنّي لن أتأخّر.. هاأنذا في الطّريق للبيت.. مع السلامة" أقفل هاتفه وتوجّه إليها معتذراً لأنّه مضطر للعودة للبيت حيث سيزوره أشخاص (يكذب) ، وأنّه ربّما في موعدٍ آخر سيقضي وقتاً أطول معها، كانت أمنيته أن يذهب وإيّاها إلى مكان هادىء ويستمتع بالغداء معها، ثمّ سألها هل يوصلها إلى بيتها أم عملها أم يتركها في نفس المكان إذا كان لديها خطط أخرى، هاهاها ضحكت في سرّها، اتّسعت ابتسامتها قليلاً جاءها صوت الجالس جوارها رخيماً وهادئاً واثقاً: أنت فرحة بي كما أنا فرحٌ بك، لاشكّ أنّك أحسست منذ وقت كم أنا أهواكي؟.
جرّها صوته من أعماقها وانتبهت إلى نفسها، نظرت إليه نصف نظرة وأغلقت ابتسامتها، وطلبت منه أن يوقف سيارته، نعم هنا من فضلك لأنّ لديّ ما أفعله، احتار قليلاً وبعض الاحمرار صبغ وجهه، ثمّ ابتسم ببلاهة سألها لم نتّفق متى أراك؟ قالت مع السلامة، لم تستمع الى جملته الأخيرة.
رحل عنها، استنشقت هواء بارداً، توقّفت أمام واجهة أحد المحالّ تتصفّح بنظرها ما هو معروض دون التركيز على شيءٍ محدد، صوت البائع يدعوها للدخول حيث المزيد من البضائع بالدّاخل، نظرت إليه شاكرة وسارت، ضجيج الشارع لم يجذب تفكيرها عن الرجل الذي غادر قبل قليل، هو يشبه الآخرين؟ نعم، هي لم تسمع أن هناك خلافات في حياته، وزوجته مثقفة ونشيطة أيضاً وهي ليست دون المستوى الذى يحاول أن يتقمصه. ربما فتر الحب بينهما.. لعل هذا ما حدث، نعم وهذا منطقي، لكن يبقى السؤال هل فتر الحب أيضا عند امرأته أم أنها قانعة بتفاصيلها اليومية وتعتقد أن هذا قمة الحب .
أهه، لقد نجح في إشغالها به ونقلها إلى حالة من الحيرة، مالذي دفعه إلى مغازلتها، وكم غازل قبلها من النساء؟ ترى ماذا سيكون موقفه لو تجرّأت امرأة ما على المبادرة بمثل هذا العرض؟ كم من الرجال على اختلاف أفكارهم ومواقفهم الإجتماعية والدينية يشبهون هذا الرجل، منهم من يجرؤ على طلب صداقة مع المرأة الأخرى، ومنهم كما حدث مع كثيرين من طوّر هذه الصداقة إلى زواج معلن، وآخرين إلى زواج غير معلن. أمّا هنّ يتجاهلن ذواتهنّ ولا يطلبن سوى الرضا .
نصف ابتسامة باردة علت وجهها وهي تفكّر، مالفرق بينهم؟ كلٌّ يصل إلى رغباته بطريقته ولكن يبقى أن هناك إمرأة تقبع في دارها تدور وتئزّ كالنحلة في زواياها، ورجلها يطنّ كالدّبور حول أكثر من نحلة، وهناك بعض امرأة تحتاج الغزل وتستجيب وتنسى أو تتناسى أنه بعد وقت ليس بعيد ستصبح مثل الأخرى نحلة تدور وتئزّ ولكن في جزء من الدار.



#زينب_الغنيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لفرح في يوم فرحها


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب الغنيمي - هُم وهنّ القديم الجديد