أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صابر الفيتوري - رغم الألم والكيد مات الشاعر عزيزا














المزيد.....

رغم الألم والكيد مات الشاعر عزيزا


صابر الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2219 - 2008 / 3 / 13 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


"يا مغنية أبية للــــحرية
تـعالي واخلعي عني الـتاج
وكـسـري قيثارتي الناعمة
أريـد ان اغني الحـرية للعالم
وان افضح الرذيلة في العروش"*

من لا يعرف " ألكسندر بوشكين", الشاعر الروسي العظيم ,الذي جادت قريحته بأروع القصائد الإنسانية, تجربة روحية باذخة , استمدت كل معاني الرفض للمجتمعات الغربية ,وكتب نصوصا شعرية هي علامات في التجربة الإنسانية بأسرها ،واستطاع عبر ما يكتب وما يحمل في قلبه, النفاذ للطبقة المسحوقة, فصار المدافع عنها ,والمؤرخ لمجريات حياتها ,فناً ,وكلمات صادقة ,كان مدادها التطلع إلى واقع أفضل للمسحوقين البسطاء ..
انه شاعر روسيا العظيم , فمن بمقدوره اليوم التنكر لدوره الواضح على العالم ,وعلى الروح الروسية التي استلهمها من بعده وكان هو المؤسس لها , أدباء كبار أمثال , "ليف تولستوي" ,"تشيخوف" و "ديسكوفسكي" واستطاع ان يدفع بالحماسة ورغبة التحرر في الجيش والقوة الوطنية , التي حفظت أشعاره عن ظهر قلب ورددتها الأفواه في ساحات المعارك إلى ما بعد موته حتى جاء النصر على عسكر نابليون ..
وتجاوز القول إلى الفعل ،عندما أسس رفقة عدد من الشعراء "الجمعية السياسية السرية" ,والتي نشأت لمحاربة التدهور الأخلاقي، وبناء ثقافة التسامح ومعايشة الأقليات ،وتعميم أواصل المحبة والإخاء و المطالبة برفع العبودية , التي ظلت منذ زمن الإقطاع باقية ..
تلك الرسالة التي تجاوزت الحدود ،وصارت مطلب الكثير ،بل وصارت رسالة الإنسان أينما كان على مختلف أعراقه ولوان لسانه كتعبير عن التطلع للحرية وللتحرير..
فمن استطاع مثله ان يحصل على هذا الرصيد والكم الهائم من الأحلام الخالصة الموزعة بين الشعر والنثر , واستطاعت إنجازاته الفكرية أن تزكي المعاني النبيلة السامية في النفوس ..
كتب خلال حياته القصيرة ما فاق أي شاعر أخر, فمن مثله استطاع ان يحصد الإعجاب والتقدير لموهبته، حتى أولاك الذين كانوا يحجمون من شاعر يته ، لم يخفوا اعترافهم بغزارة عطاءه ، وقدرته على التصوير الدقيق لما كان يجيش في صدره وصدر ملايين البشر في تحقيق الحرية والسيادة ،تلك المرتغبة التي يجب ان يكون كل إنسان خادما لها ، منتهجا منهجا واقعيا ،محاكيا الطبيعة الغير متعارضة من الميول الإنساني عموما ، املأ في كسر الخنوع وتوطين معني للحرية ، مجابها بقوة وبسالة الرذيلة الساكنة بالقصور، المذلة للشعوب المقهورة .
هذا ما جعل أعداء " بوشكين " يتضاعفون بين حاقد ,خائف و حاسد خصوصا من الحاشية و ندماء البلاط وأدى ذلك إلى نفيه إلى قرية نائية وإبعاده عن الاتصال بالناس لما كان لأشعاره من تأثير حماسي وثوري يوجج مشاعر الجماهير ضد الحكم القيصري ..
واستمرت تحاك له الدسائس والمؤامرات بعد ان عُمد أميرا لشعراء روسيا وصوتها الحر المدافع عن الحق وصار الشريف العفيف بفضل كلماته الشعرية الشامخة والسيد الأبي مفتك المجد بقوة بيد الكلمة ..
وهنا خططوا للنيل من شرفه ،فحاكوا له مؤامرة ،تمس شرف زوجته ،كي لا تحتفظ الذاكرة به رمزا للكفاح والنضال دون ما يشوبها من تعكير وعندها صرخ "بوشكين" رافضا الذل راضخا لمبارزة بالسلاح الناري ، فأطلقت عليه حمم بارود، و راح جسده ، مبتلا من رأسه حتى أخمس قدميه بالدم الزكي , غادر الحياة ، بشموخ وأنفة ، رافضا للذل ،مستنكرا للإذلال ، لكي لا تحتفظ ذاكرة الناس سوى بذاك الشاعر العظيم الذي أحاكوا له مؤامرات مسته ومست شرفه ، لكنه أبي إلا ان يكون اسمه ناصعا في تاريخ الأدب فهو الشريف العفيف المكافح ..
هكذا صار "ألكسندر بوشكين " ،حكاية الشعر وأميره المتوج، ولهذا تحول إلى أسطورة تثار حولها كثير الأحاديث والأبحاث ، أخرها ما كتبته " آن لونسبيري" ترجح فيه أصول شاعر روسيا الأسود إلى أصول أفريقيا ، والحقيقة ان هذا القول تبث بالأدلة وعبر القراءة المتفحصة لمقاطع من تفاصيل سيرته، والى شواهد من أشعاره ،كان فيها يتفاخر انه أفريقي وزنجي ، وأرجعت الباحثة أن جده ولد في الكاميرون معتمدة على كتابه " ايوجين اونجين " الذي يتحدث فيه "بوشكين " عن ارتباط بالقارة الأفريقية السمراء وبالعرب واعتزازه بجذوره وتاريخه الأسري الممتد جنوب الصحراء الكبرى واستنبطت الباحثة ، جملة كان يرددها لمخاطبة الزنوج الأمريكان هي "أخوتي الزنوج"وأظهرت تعاطفه مع العرب والمسلمين وأبناء جلدته الأفارقة .
وهناك مؤشرات أخرى منها التصاق أشعاره بثقافة الأمريكان السود واعتمادهم على قصائده وترديدها ،عبر أغانيهم الصاخبة ،المطالبة بالحرية إلى هذا اليوم ، هذا بالإضافة إلى وجود جائزة تعرف باسمه للشعراء السود .
نعم - كان "بوشكين " وفيا لجذوره ولقضيته العادلة بالحرية ، ولذلك فان ذكري مولده احتفلا لكل الشعوب المستضعفة والرازحة تحت عسف الظالمين وهو احتفاء بشاعر عظيم ، وجهت له أبشع الاتهامات فتحول إلى رمز للبطولة ، والوفاء للمبدأ ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ألكسندر بوشكين



#صابر_الفيتوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتاب الالكتروني جليس من نوع اخر
- رواية بثلاثة اوجه يحضر احدها ويغيب الباقي


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صابر الفيتوري - رغم الألم والكيد مات الشاعر عزيزا