أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الماجد - الوطن الشهيد إلى سيدتي الشهيدة















المزيد.....

الوطن الشهيد إلى سيدتي الشهيدة


أحمد الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 2218 - 2008 / 3 / 12 - 09:56
المحور: الادب والفن
    



كانت حروفي مشلولة عن كتابة الرثاء، منهكة بكتابة الغزل، لكن طارق الأحزان أصر أن يستحثني إلى واعيته. أكثر من شخص طلبوا مني أن أكتب، و لكني أخذت طلباتهم بسوء حالي و جمود حروفي، لكن ومن بعد تلك الصورة، تدفقتُ كسيل عارم، أبلل كل شيء بالدموع...

فلسطين سيدة الأحزان، بالأمس حيفا و يافا و دير ياسين، و اليوم غزة، فاسمحي لي أن أؤبن بالحروف و بالدموع، ذلك الطفل الذي من فوق دراجته شق الطريق، يعد حواتيت جدته، و محاذير أمه "عد سالما"، و لكن ما أخطأ الصاروخ شر المعركة، قد صرت يا ولدي تهِمُّ بلا قدم، "عد سالما" "عد سالما"، ما ظل ينفعك الندم!

الطيرُ قد شَقَّ الفضاءَ مغردا
فأتى الغرابُ مزمجراً و مهددا

والطفلُ أشرق بالبراءة يحتمي
خلفَ الطفولةِ باسماً يطأ الندى

قد راح يمرح لاهياً يا ليته ُ
سَمِعَ العَدُوَّ مغاضباً متوعِّدا

يرمو صباهُ و يرتميهِ صواعقاً
و يَشُلُّ طلعَتَهُ البهيةَ إذ بدى

فتقطعتْ قدمُ النشاطِ و حَرَّمَتْ
أن يمتطي نجماً و يركبَ فرقدا

حُلُمٌ هوى عند السقوط و إنه
قد كان من قبل السقوط مشيدا

فتعرقل اللعب الوديع ببغتة
و نعى زغاريد الصغار و ألحدا

و القتلُ جاء و عاث في طلقاتهِ
و اصطاد أحلام الصغار و سددا

قَتَلَ الدُمى ، قَتَلَ البكاءَ توحُّشاً
و بنى لألعاب الطفولة مشهدا

الشمسُ في كبد الظلام حبيسة ٌ
و الجمرُ أُشعلَ بالقلوب و أُوقدا

قد أُزهق الفجرُ السعيدُ بأُفْقِهِمْ
ما كان من بعد الظلام ليَسعدا

طرقوا الحنان فما رأوا إلا يداً
حَكَمَتْ عليه بأن يُسدَّ و يُوْصَدا

لعبتْ بغزة ذي الوحوش، أما اكتفت!
من أن ترىْ الجوعَ المخيفَ مُعَرْبدا

لعبت بغزة َ ذي العروبة وحدها
صمتت على ذبح الحمام مقيدا

جرحٌ بقارعة الطريقِ مكدسٌ
و دمٌ على مَرِّ السنين ِ تبددا

قد كُفِّنَ المجدُ العتيدُ بخيبرٍ
و اليومَ غالَ الكافرونَ محمدا

بحرٌ من الآلام ماجَ تأوُّهاً
يغلي بغزة، لن يخف و يركـُدا

تلك المشاهدُ و القنابلُ تمتطي
أحلامَ عيني و الظلامُ تمددا

رفقا بعينيَ يا قنابل إنها
ما عُوِّدتْ سحقَ الزهور لتعتدا

إني دفنتُ سعادتي معَ ميـِّتٍ
جعل التعاسةَ و الشقاءَ مؤبدا

حُبـِستْ أمانينا و في تابوتها
ماتت فأقفلتِ الشُجونُ لها الغدا

إني نذرتـُكِ قدسَنا في مقلتيْ
حتى أرى ثغر الصغار مُعَيـِّدا

ضاقتْ بنا الأعياد تشكو همها
فهِلالـُنا جُرْمٌ تـَولـَّد أسودا

من أوثقوا قلبي الحنون و أطلقوا
ألَمي فراح يَعِيثُ فيَّ مسدِّدا

لله ما أقسى ضميركِ أمة َ
الإسلام كيف نوى الرقادَ ليرقدا

هذي فلسطينُ الصغيرة تشتكي
و الظلم قدّ قميصها و توحَّدا

و بكتْ يطول الاحتضار بموتها
و صدى الأنينِ بأُفْقها يتلو الصدى

عرِّجْ معي يا قلبُ عند سنيـّهم
فسنينـُهُمْ جرحٌ أبى أن يبردا

عرج معي في رحلة طالت فما
جعل الزمان مع النهاية موعدا

عرج معي و اكسر جليد مشاعري
فهو الذي رغم الجراح تجمَّدا

أمٌ يموت وليدها في حضنها
تنعى و تندب حِسَّنا المتبلدا

سَكَنَ التناقضُ حالها فلسانُه
مُرٌ تَغَنَّىْ بالجراحِ و زغردا

و أبٌ يئن لدفن غُرَّة عُمْره
أتـُرى تغشـَّى قلبـُهُ و تصلـَّدا؟

ماذا عسى يُروى بقصتها التي
أمستْ روايتها تجافي المرقدا

الليلُ حاصرها و أطبق بالمدى
و النحسُ طوقها و صار مخلـَّدا

وطنٌ تربّى أن يعيشَ مشرداً
وسعى بأن يقضي الحياة مشرّدا

فإذا صَدَفـْتَ اليوم جُثة ميـِّتٍ
سترى غداً ذاكَ المَمَاتَ مجددا

هذي عوائدنا الجديدة سيدي
حَكَمَ المنونُ بنا فأصبحَ سيدا

و الأمهاتُ وضعننا بمِهادنا
و مَضَيْنَ يَحضُنَّ القنابلَ و الرَّدى

زرنا ستلقانا نـُعـِدّ صغيرنا
حتى يناغي البندقيةَ و الفدى

زرنا ستلقانا بغير وسادة ٍ
كُلٌ على أثرِ الرمادِ توسّدا

ما تصنعُ الأيام في متورد ٍ
ينمو بأشواك الحياة مصفـَّدا

أهديكَ من جسدي المقطع بضعة ً
عربية، تحكي الزمانَ الأسودا

أهديك من شفتي العروبة كلها
لتقومَ في زيف الحقيقة مُنشدا

لتزين الذوق الرفيع بغدرهم
ذاك الذي ابتاعَ السلاحَ و أغمدا

كَفِّيْ الصغيرةُ و الحجارةُ في يدي
مُتـنا فكنا فضة ً و زُمُردا

إن مُتُّ كفنِّي و دَعْ ما في يديْ
لأكونَ رمزاً للصمود و مَقصدا

إنْ مُتُّ أحيا و الحياة بجُبـَّتيْ
تنعى كرامتكم و تـَرفعُ لي يدا

بحرٌ و مدِّي في الشواطئ دائمٌ
و غدا ستشرق جثتي فوق المدى

أعطيك من لغتي شعار مناضل ٍ
لـِتـُقـرَّ أنَّ عطاءنا لن ينفدا

وطني الشهيد و مولدٌ متألقٌ
مَنْ مثله جعل الشهادة مولدا

إنَّ الحياة تشبعت بمماته
لغزٌ غريبٌ بالحياة تفردا

من مثله قـُطعتْ ظفائر أمهِ
كي يرعوي، لكنْ عصى و تمردا

من مثله خَسَفَ العدى بدُروبه
فمضى و أقبل لعنة فوق العدى

شعبٌ به قـِرَبُ الوَقودِ خزائنٌ
شعَّتْ بعين العالمين توقـُّدا

حرفي سلاحي لم يزل متجهزاً
أن يفتدي لغتي و أن يستشهدا

فمتى أردْتَ العنفوانَ فها هنا
غصن الجهاد من العطاء تورَّدا

فقطفْنَهُ نُجُمُ الدُنا و وَضَعْنَهُ
عقداُ على شَرَفِ السنينِ تَقلـَّدا

كل المكان على المكان مُقدَّسٌ
فأقم به في كل حي ٍ مسجدا

فهناك قِدِّيسٌ هوى بدمائه ِ
و ملائكٌ هبطوا و خروا سجدا

و هنا الكتاب تفرَّعَتْ آياتـُهُ
و هنا مُقامُ الصالحينَ تشهَّدا

فأناخَ جبريلُ الأمينُ جناحَهُ
ليَضُمَّ جثمانَ الشهيدِ و يصعدا

سيظلُ قربانُ البطولةِ شاهقاً
ما دامَ في وحي السماء مجسدا

أقدم اعتذاري إلى كل قلب آذيته بإيرادي تلك الصورة

السيد أحمد الماجد
26/02/1429هـ






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا طفلتي


المزيد.....




- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى
- رسومات وقراءات أدبية في -أصيلة 46- الصيفي استحضارا لإرث محمد ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الماجد - الوطن الشهيد إلى سيدتي الشهيدة