أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - مع ناصر الريماوي وقصته: صباح ممطر.. يوم قاحل














المزيد.....

مع ناصر الريماوي وقصته: صباح ممطر.. يوم قاحل


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2196 - 2008 / 2 / 19 - 12:32
المحور: الادب والفن
    



"يوم قاحل".. قصة مختلفة عن نمط الغرائبية المتسربل بالرمزية للكاتب الصديق ناصر الريماوي كما اعتدنا في العديد من نصوصه، فهنا نجد قصة مباشرة تعتمد على فكرة الحدث المباشر، تعتمد على التضاد بين الصور، فهنا في "مدينة لا تعرف المطر" تفاجئ السماء شخصية القصة الرئيسة بزخات من المطر، هذه الزخات تثير في نفسه السؤال: "متى يهطل المطر ، في أي فصل من السنة ، في أي وقت من اليوم ، هل من المعقول أنها تمطر في هذه المدينة ؟؟؟"
هذا الجو المفاجئ يثير في نفسيته المنـزعجة منذ الصحو ردود فعل عصبية، "طقوس مبتكرة ، وأخرى مبتذلة"، لذا من المنطقي ضمن هذا الجو العصبي الذي يدفعه لسكب الشاي في البالوعة وقذف الفحم من النافذة والمغادرة على عجل، أن يرى أي حدث عادي في يومه يشير إلى"يوم قاحل"، والعادة في تركيبتنا النفسية وحين نبدأ نهارنا بالانزعاج أن نقول: "الله يسترنا من هذا اليوم"، لذا من الطبيعي أن يرى بكل حدث ما يثير الأعصاب ويوترها، ومن هنا كانت قدرة الريماوي على تقمص الشخصية في قصته، وأن يعطيها الأبعاد النفسية المطلوبة.
إن الأحداث التي يوردها هي أحداث عادية قد يتعرض لها كل إنسان، لكن ضمن الجو النفسي المنـزعج يصبح لكل حدث معنى وتفسير مرتبط "بالنحس"، ولم يبقى على شخصية القصة الرئيسة إلا أن يقول: "بوجه من تصبحت هذا اليوم؟" لكنه يكتفي بالقول: " يوم نحس من أوله...."، وهي بنفس المعنى ضمن نفسية التطير التي تسيطر على السلوك العام في اللحظات العصبية، ويكمل قوله في موقع آخر: " نهار قاحل منذ البداية... الله يسترنا من آخره."، ويكمل قوله في موقع آخر: " فيوم قاحل منذ البداية لا بد أن يقود إلى طريق مغلق"، فهكذا نرى أن أي حدث عادي مثل نسيان المحفظة أو وجود تحويلة في الطريق أو رشقه بالماء من سيارة مارة أو تعطل السيارة بسبب حفرة غير مرئية، سبب كاف ليحيله إلى النحس الذي يلازمه ذلك اليوم، ولكنه كالعادة يحاول الخروج من ذلك النحس والتطير بالعودة للإيمان: " الحمدلله ... الحمد لله.".
لن استطرد بسرد أحداث النحس التي رافقت القصة والاستشهاد بها، لكني أحب أن أشير أن القاص تمكن من إيراد صور جمالية وحلوة تبعث على التأمل فيها وتخيلها، مثل: " الشمس تبسط سيطرتها التامة على الأجواء ، بقايا الغمام قد تلاشت تماما"، ومثال آخر: " توهج المكان من أمامه بوهج يعرفه جيدا ، كان وهج الشمس يشق طريقه من خلال فسحة صغيرة وضعيفة لجيش الغمام الذي لا يقهر، تزايد الوهج حتى انعكس من خلال قطعان الغيوم فلم تعد داكنة".
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا كل هذا "النحس" في يوم واحد؟.. أعتقد أنها مسألة نفسية في مواجهة حدث مفاجئ هو المطر هنا، والرغبة بالتمتع به من جانب إنسان عرف بلاد المطر، وأصبح في النهاية يسكن بمدينة لا تعرف المطر، فخلق في روحه التراوح بين المطر والصحو هذا الضيق الكبير، لكنه بداخله يتمنى المطر ويريده رغم كل تأثيراته السلبية على مدينة لا تعرف المطر، لذا نراه وبمجرد النظر من النافذة يورد لوحة جميلة ووصف للحالة التي أشير إليها: " أظلمت خارج المبنى ، خلال وقت قصير ، كانت غيوم داكنة قد احتشدت ، منذرة بهطول مفاجئ للمطر ، تراقصت جنباته فرحا وهو يرى هذا التحول السريع ، وثب إلى النافذة ، وأطلق صيحة فرح طفولية ، ثم فرك كفيه وهتف في وجه زميله : ستمطر ... ستمطر .... أخيرا ستمطر..."، وهذا يؤكد انتظار المطر والفرح فيه، ومن هنا نكتشف أن البدايات التي جعلته يشعر بالنهار نحسا وقاحلاً هو توقف المطر في الصباح حين كان ينتظره، فتعكرت روحه وجاءت الأحداث المتلاحقة لتقنعه أنه يوم قاحل، فهو يريد المطر ليتمتع به في مدينة لم تعتاد على المطر: " أعود اليوم ، سأعمل عليه بالبيت ... أمام لوحة المطر..."، وفي صورة أخرى: " كان بين الفينة والأخرى يطل من النافذة، ليتأكد أن السماء لا زالت تجود على الأرض بخيراتها، ثم يعود لتحضير طقسه الذي طال انتظاره".
لذا حين تظهر الشمس لتخرب عليه فرحته بالمطر ويأتيه الهاتف الأخير نجده يصرخ: " على الرغم من كل هذا المطر ... كل هذا المطر ... لكنه يوم قاحــل ... قاحــل".
تمكن الريماوي من إتقان السرد بشكل جميل، تمكن من شد القارئ بين هذه المفارقات المضحكة أحيانا والتي تثير الأسى أحياناً، وتثير التعاطف مع بطل القصة أحياناً أخرى، تمكن من استخدام عنصر التشويق بإتقان جيد، وإن كنت أسجل ملاحظة صغيرة حول استخدام أشارات الترقيم بشكل غير دقيق في القصة، مثل وضع فراغ قبل وبعد النقطة والفاصلة وغيرها من إشارات الترقيم، بينما في الأصل أن يترك الفراغ بعدها وليس قبلها، وهذا جانب فني لا يمس جسم النص بشكله العام، وما عدا ذلك فقد كان الريماوي قاصاً جيداً، امتلك أدوات القصة القصيرة بشكل جيد، وكان يمكن لهذه القصة المشوقة أن تكون وكما قال القاص يوسف ضمرة: "ما لفت انتباهي في القصة، أنها كان يمكن أن تنتهي في أكثر من مكان.. وربما يعني هذا أن في القصة قصصا لا قصة واحدة".
رام الله المحتلة 15-2-2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباحكم أجمل غِمار الزهر
- صباحكم أجمل رام الله بتحلى أكثر بشجرها الأخضر
- صباحكم أجمل ثلج ثلج
- -العشاء الأخير في فلسطين-
- صباحكم أجمل/ يا خوفي من عتم الليل
- صباحكم أجمل أعود لوطن الموج
- صباحكم أجمل الرحيل.. ردني إلى بلادي
- صباحكم أجمل انطلاقة وزهرة المدائن
- صباحكم أجمل القدس وحديث العندليب
- صباحكم أجمل دار قنديل وعيد وبيسان
- صباحكم أجمل ويكبر السؤال
- -خيبة- قراءة في نص للكاتبة: صونيا خضر
- -مغارة ماريا- فيلم للمخرجة الفلسطينية: بثينة كنعان خوري
- صباحكم أجمل تلال ضيعتنا
- -ملح وشرر وحب- في نص للكاتبة: راوية بربارة
- صباحكم أجمل زرع وعناقيد
- صباحكم أجمل مملكتي أنا..
- أبو الريش و -دائما إتطلع في عيونهم-
- صباحكم أجمل رشرش المرجان
- صباحكم أجمل رام الله دعيني أحبك أكثر


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - مع ناصر الريماوي وقصته: صباح ممطر.. يوم قاحل