أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - شمعون دنحو - الجزيرة السورية ما بين الحقيقة والتطرف















المزيد.....


الجزيرة السورية ما بين الحقيقة والتطرف


شمعون دنحو

الحوار المتمدن-العدد: 680 - 2003 / 12 / 12 - 02:48
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


يدعي البعض من غلاة الاكراد أن منطقة شمال شرق سوريا (الجزيرة)، هي جزء من (كردستان الكبرى)، ويسمون هذه المنطقة بـ (كردستان الغربية) أسوة بشمال العراق الذي سمي من قبل البعض الاخر بـ (كردستان الجنوبية). والمتابع لوسائل الاعلام الكردية والعربية وغيرها اضافة الى شبكة الانترنيت سيلاحظ مدى التشويه والتزوير الذي يلحقه هؤلاء الاكراد بتاريخ الجزء الشمالي السوري الذي يعتبرونه "مقتطعا" من (كردستان المقسمة)؟!! ويصورون سوريا وكأنها دولة "اغتصبت" جزءاً مهما من ارض الاكراد (كردستان)؟؟!!

 

ومن المعلوم ان توسيع خارطة كرستان لتبتلع مناطق سورية لا يخدم الاكراد وقضيتهم بتاتا، بل يزيدها تعقيداً، ويسيء الى مصداقية الحركة التحررية الكردية في كردستان الحقيقية الواقعة شرق العراق داخل دولة ايران الحالية يضاف اليها منطقة السليمانية[i] الكردية التي ضمت الى العراق عن طريق صفقة غير عادلة! وللعلم أيضاً، ان النخب السورية المثقفة الى جانب القوى الوطنية، تؤيد الاكراد وقضاياهم بقدر ما تبتعد طروحات ومطالب الاكراد عن الغلو والتطرف. ولهذا نقول ان ما يطرح ويتردد في وسائل الاعلام الكردية تحت شعار (كردستان الغربية او كردستان سوريا)، يعتبر محل خلاف مع كل السوريين وطبقاتهم المثقفة... وهذا الطرح المتطرف (كردستان سوريا) والذي تفوح منه رائحة الطمع والاغتصاب والظلم..، ربما سيجلب الضرر والضمار لكل أبناء البلد (كما حدث ويحدث الان ما بين العراقيين والاكراد في شمال العراق)،  في وقت نحن فيه بأمس الحاجة للحمة الوطنية وبالتالي تجنب مثل هذه الطروحات والشعارات الرنانة التي لا تخدم أحدا وتضر بمصلحة الوطن وسكانه بمختلف صورهم واديانهم ولغاتهم ومن ضمنهم الأشقاء الاكراد. وتوضيحاً للحقيقة الغائبة، والمعتم عليها، علينا تسليط الضوء على المنطقة التي تعرف تاريخيا بـ (إقليم الجزيرة)، وهي مصدر الخلاف والنزاع الجاري ما بين الحركات والاحزاب الكردية من جهة، ودول المنطقة: سوريا والعراق وتركيا من جهة أخرى.

 

اقليم الجزيرة

   يقع اقليم الجزيرة التاريخي الذي يطمح الاكراد الي تأسيس دولتهم عليه (كردستان)، ما بين نهري دجلة والفرات، وهو حاليا موزع ما بين تركيا والعراق وسوريا. ويمتد الاقليم من تكريت في  العراق حتى منابع النهرين في أرمينيا التركية حيث تتشابك مناطق السريان والارمن، وفي الغرب تنتهي حدوده عند نهر الفرات العظيم. اما من ناحية الشرق فتحيط بالجزيرة (اذربيجان الايرانية) و(مقاطعة كردستان) الواقعة في شرق مدينة السليمانية داخل ايران، وعلى أراضي هذه المقاطعة الكردية الصغيرة يقع موطن الاكراد التاريخي الحقيقي (كردستان) ومنه انتشروا الى كل أصقاع الجزيرة فيما بعد.

 

والجزيرة تشكل الجزء الشمالي من بلاد ما بين النهرين المعروفة في المصادر الاغريقية بــ (ميسوبوتاميا)، وعرف هذا الجزء في العهد العربي بــ (الجزيرة) وايضا باقليم (آشور). وبعد الاحتلال العثماني عرفت المنطقة - ليس كلها - بـ (ولاية الموصل)، وهنا قامت الحضارة الاشورية (الكلدانية الارامية) ومنها اشتق اسم (السريان)، الذي يعني أيضاً (سوريا) أي (بلاد السريان). وبعدها نشأت الحضارة العربية الاسلامية. وما زالت أغلبية مدن اقليم الجزيرة تحمل أسماء سريانية تعبر عن هويتها الوطنية (العراقية والسورية). ويندر ان تتواجد مدينة واحدة في الجزيرة تحمل اسماً كرديا، لأن الاكراد هم اخر من قطن بعض هذه المناطق. ونذكر من اشهر مدن إقليم الجزيرة، في العراق: الموصل (نينوي)، اربيل، نوهدرا (دهوك)، زاخو وكركوك... وفي تركيا: الرها (اورفا)، آمد (ديار بكر)، ماردين، حران، سعرت، ميافارقين  ونصيبين... وفي سوريا: نصيبين الجديدة  (القامشلي)، ريش عينو او ريش عينا (رأس العين)، عامودا، دير الزور والرقا. اثر اتفاقية (سايكس بيكو 1916) سلخت مناطق مهمة من الجزيرة العليا العراقية مع لواء اسكندرونة السوري وضمت الي تركيا. اشتهرت هذه المنطقة بمدارسها واكاديمياتها السريانية العلمية مثل جامعة (نصيبين) و (الرها) و(ريش عينو)، حيث شكلت حلقة وصل ما بين الحضارة الاسلامية والغرب.

ويذكر المؤرخون ان العرب قد سكنوا اقليم الجزيرة قبل الاكراد بعكس ما تروج له بعض الاوساط الكردية! فمثلاً، مدينة حران الشهيرة في الجزيرة العليا كانت مقر قبائل بني تغلب، ومن اشهر رجالها (غياث بن غوث) والمعروف في المصادر العربية بالاخطل الشاعر الذائع الصيت  (710 م). وكان هناك في مدينة (تل موزل ــ تركيا) وتدعي اليوم (ويران شهر) ديرا من القرن الخامس الميلادي يدعى (دير العرب). اما المنطقة المحصورة ما بين نصيبين والموصل فتدعي في المصادر السريانية بمنطقة (باعربايا)، اي ما ترجمته (منطقة العرب). وتحكي لنا مصادر كنيسة المشرق السريانية، عن أسماء المطرانة الذين أداروا أبرشية القبائل العربية في برية نصيبين قبل اعتناق هؤلاء للديانة الاسلامية. ومن أشهر الشخصيات السريانية التي تبوأت كرسي أبرشية (باعربايا) نذكر المطران مار ماروثا التكريتي، ومار احوداما من القرن السادس الميلادي. وقد كتبت الرحالة البريطانية الليدي (آن بلنت) التي زارت الجزيرة السورية عام 1878م بان هذه المنطقة يحكمها شيوخ القبائل وعلي رأسهم عشيرة الشمر.

ومن المهم أن نذكر أيضاً، أن اقليم الجزيرة ظل حتى فترات متأخرة مرورا الى أعوام الابادة (1914 -1919) (سيفو)،  مقطونا باغلبية سريانية (سورية عراقية)، وخاصة في جبال طورعبدين وهكاري ومناطق ماردين وامد وضواحي نصيبين "داخل الحدود السورية الحالية" ونوهدرا وريف اربيل وسهل نينوى "الموصل"...، الي جانب تجمعات مهمة للارمن والعرب واليزيد والتركمان ومؤخراً الاكراد الذين قطنوا بعض المدن الرئيسية بعد ازاحة السريان والارمن عنها...


حملات التكريد

ان حملات تيمورلنك الشرسة (1336 ــ 1405) كانت نهاية الفصل الاول من فصول حملات الابادة التي استهدفت السريان (الكلدوآشوريون) في اقليم الجزيرة، بعد ان عاش هؤلاء في استقرار مقبول في ظل الخلافة العربية الاسلامية. ومنذ معركة جالديران (23 آب 1514) التي وقعت احداثها في تركيا الحالية حيث انتصر الاتراك علي الفرس، بدأ الفصل الثاني لمعاناة السريان، عندما أعتبر العثمانيون الاكراد حلفاءهم في نزاعهم ضد الفرس لاعتبارات دينية لسنا بصدد سردها هنا. وكان السلطان العثماني سليم الاول (1512 - 1520) يفضل الاكراد علي غيرهم من الاقوام في امبراطوريته الواسعة الاطراف، وقام بتوطينهم علي الشريط الحدودي ما بين الدولتين الفارسية والعثمانية، اي في الشمال الشرقي للعراق الحالي وارمينيا التركية. ومن نتائج هذا التحالف (العثماني - الكردي).

اولا: والقول هنا للباحث العراقي هرمز ابونا: (نزوح أعداد هائلة من القبائل الكردية من ايران الي بلاد آشور والجزيرة العليا حيث لدينا سجلات تبين أسماء هذه القبائل والمناطق التي نزحت منها في ايران وتلك التي استقرت فيها). ولعل من اشهر هذه العشائر الكردية الايرانية التي نزحت الي العراق نذكر اسرة البارزاني المعروفة (المصدر: معجم الشرق الاوسط ص 69). وتعد العشيرة الكردية (الهركية) - وايضاً عشيرة الشكاك- من العشائر المهمة التي لعبت دورا كبيرا في ازاحة السريان واليزيد والتركمان عن قراهم ومدنهم التي كانت منتشرة بكثافة ما بين منطقة (اورميا) في شمال غرب ايران وحتي الموصل في العراق. وكان العثمانيون عاجزون عن وضع حد لسطوة واعتداءات تلك العشيرة (وغيرها) علي السكان المحليين بحكم شراستها وتحصنها في الجبال المنيعة؟! والمفارقة أن ثمة مجموعات كردية كبيرة قد نزحت من كردستان (بلاد فارس) باتجاه بلاد ما بين النهرين هربا من جبروت وظلم وتعسف قبيلتي الشيكاك[ii] والهركية!؟

ثانياً: قيام إمارة كردية صغيرة (امارة بوتان)  تابعة للعثمانيين، كان مقرها في مدينة (جزيرة ابن عمر) الواقعة في قلب موطن السريان "الجزيرة" او ما يعرف اليوم بــ (المثلث العراقي السوري التركي)، وتحت اقدام جبل جودي. والامير بدرخان بك الذي تسلم قيادة هذه الامارة سنة 1821، يعتبر من أشهر امراءها، وهو الذي قام عام 1843، بشن حملات دموية شرسة وفظيعة لاخضاع القبائل السريانية (الكلدوآشورية) المستقلة في جبال (هكاري وطورعبدين)، واتباع الديانة اليزيدية المنتشرين علي طول وعرض ارض الجزيرة وخاصة في سهول نينوي العراقية. والمذابح المروعة التي قام بها بدرخان ما بين اعوام (1843 - 1846) ساهمت بتغيير الخارطة الاثنية والدينية وحتى اللغوية للمنطقة لصالح الاكراد علي حساب الاقوام الاخرى بعد ازاحتهم عن مناطقهم التاريخية او تكريدهم. وقد دون عالم الاثار الانكليزي الذائع الصيت (هنري لايارد) الذي عاين بأم عينيه مسرح الاحداث، تفاصيل المذابح الفظيعة والدموية التي قام بها بدرخان وأعوانه، وقد نشرها في كتابه الذي طبع لاول مرة في لندن عام 1849. تحت عنوان (نينوي وبقاياها). ويذكر لايارد بان (بدرخان) قام بابادة الالاف من السكان العزل من السريان النساطرة، واتباع اليزيدية. وقد كتب ايضا عن معاناة السريان ومذابحهم المبشر الانكليزي وليم ويكرام في كتابه (حليفنا الصغير 1920)، وجورج بادجر واينسورث وغيرهم. وجدير بالذكر أن المذابح التي ارتكبها بدرخان بك أعوام 1843-1846، جرت بعد المذابح الفظيعة التي الحقها محمد الكردي سنة 1831 بالسريان القاطنين بالمناطق القريبة من الموصل أي ما يعرف بـ (سهل نينوى). وكانت مذبحة عامودا في الجزيرة السورية (1937 م) خاتمة لتلك الاعمال الدموية التي بدأهها محمد الرواندزي.

 

ومن المعروف ان حملات بدرخان لم تكن بتحريض عثماني مباشر، فحالما اعلن عن مشروعه باقامة دولة (كردستان) ابتدأ اولا بالقضاء علي تجمعات السكان المحليين من السريان (الكلدوآشوريون) واليزيد في اقليميي هكاري وطور عبدين وباقي اطراف الجزيرة؟!! ومن المهم ذكره، ان رغبة بدرخان بالقضاء على السريان تطابقت وتزامنت مع رغبة السلطان العثماني بتصفية القبائل السريانية النسطورية التي كانت قد اعلنت تمردها عليه اكثر من مرة. فحالما انتهي بدرخان من حملاته التي استهدفت الابرياء، شن العثمانيون عليه حملة شرسة وقاسية اثر تمرده عليهم، وتم القضاء علي عنجهيته وظلمه. اما ماذا كان عقاب (بدرخان)؟ فاكتفي العثمانيون بنفيه خارج تركيا، لا لكونه اباد السريان بل لأنه تمرد على سلطة الباب العالي؟؟!! هكذا كان عقاب الطاغية على اول ابادة وعملية تطهير عرقي ترتكب في التاريخ الحديث!! اما بدرخان فيتحول عند بعض الغلاة من الاكراد الي رمز من رموز الحركة الكردية المعاصرة!!

اما الفصل الثالث (والاخير في الجزيرة التركية) من حملات الابادة والتطهير العرقي فكان اثر اعلان تركيا قرارها بابادة الارمن علي اراضيها في (24 نيسان 1914)، وطرد السريان والارمن من وطنهم في العام التالي (1915)، في ابشع واطول حملات تطهير عرقي يشهدها التاريخ الحديث، وقع ضحية شعارات الجهاد والتطرف الديني والقومي مليون ارمني ونصف مليون من السريان (الكلدو آشوريون)، في حقبة يتفق فيها اغلبية المؤرخين والمستشرقين والرحالة على أن عدد الاكراد في ذاك الزمان  لم يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة في كل بلاد فارس واراضي الامبراطوريتين العثمانية والروسية!؟

 

الجزيرة السورية أم كردستان الغربية ؟

بالنسبة للقسم السوري من الجزيرة، والتي يدعي الاكراد بانها قسم من (كردستان المقسمة او كردستان الغربية او كردستان سوريا)، فهي ارض سورية (آشورية آرامية وعربية)، وهي امتداد طبيعي وحضاري للجزيرة العليا التي ضمت الى تركيا اثر تآمر دولي. وكل المكتشفات الاثرية وكتب التاريخ تدل علي ذلك. فمثلاً، كان تل ليلان الواقع بالقرب من مدينة القامشلي، عاصمة للدولة الاشورية في عهد الملك شمشي حدد (1750ق.م) وتل براك كان عاصمة الملك الشهير نارم سين. اما ما بعد الميلاد، فمعروف تاريخ مدينة (نصيبين) الشهيرة عاصمة الثقافة والادب وهي التي انجبت للعالم النابغة السرياني وعالم الرياضيات الذائع الصيت في الغرب والشرق ساويرا سابوخت 667 م. ومن مدينة (رأس العين)، التي ترجمت تسميتها عن السريانية  (ريش اينا)، اشتهر رئيس الاطباء والكاتب السرياني (سرجيس دريش اينا 536 م). ومدينة ديرالزور الواقعة علي نهر الفرات كانت بالاصل ديرا للرهبان السريان، وتسميتها سريانية وتعني (الدير الصغير). وهناك في محافظتي الحسكة وديرالزور (وكذلك الرقا) العشرات من التلال والاثار المتناثرة التي كلما حفرنا فيها تأكد لنا تاريخها السوري "السرياني"، وعلى رغم وجود كميات هائلة من الوثائق والكتب والآثار الموزعة في سوريا واغلبية متاحف ومكتبات العالم الدالة والشاهدة علي تاريخ المنطقة السوري الرافدي، نلاحظ ان اخوتنا الاكراد يتجاهلون كل هذا، ويعتبرون هذه الارض (كردية) وجزءاً مهماً من (كردستانهم)؟!

ومن المؤكد اليوم ان العرب والسريان والارمـــن يشكلون الاغلبية في الجزيرة السورية، اما الاكراد فهم يسكنون في تجمعات مهمة في مدن: المالكية والدرباسية وعامودا بعد تكريد هذه الاخيرة! اضافة الى اطراف مدينة القامشلي ويشكلون (اي الاكراد) على ابعد تقدير 25 الي 30% من مجموع  سكان الجزيرة السورية، ويعود تواجدهم في منطقة الجزيرة السورية الي عام 1925 اثر فشل ثورة الشيخ الكردي سعيد النقشبندي في تركيا.

 

الخلاصة!

لكي لا يساء فهمنا، نؤكد ان حصول الاكراد او السريان ... على حقوقهم الطبيعية غير مرتبط بعدد السنوات التي اقاموا فيها داخل سوريا، بل تتعلق القضية كلها بكيفية حل مسالة التنوع الأقوامي واللغوي والديني في عموم سوريا. ونأمل من القيادة السورية الحالية انها ستعمل على اغلاق هذا الملف الشائك من خلال حله بشكل سليم وصحيح وذلك لمصلحة الوطن ومستبقله وتلافيا لاي نزاع قد يحدث مستقبلاً. كما ان سردنا لهذا التاريخ المدون والموثق والمؤلم لا يعني ابدا جرح مشاعر الاكراد او الدعوة الى طردهم لأنهم لم يقطنوا منطقة الجزيرة السورية قبل غيرهم، أو لعدم وجود أرض كردستانية في سوريا.  فالوطن يسع الجميع وهو ملك للجميع، في حال ترفع أبناؤه عن النزعات الانفصالية المتطرفة، وفتح المجال لسير العملية  الديمقراطية نحو الامام  وأيضاً ضرورة نبذ كل أشكال االتشدد، الديني أو القومي!

ان محاولات تشويه التاريخ، وزعزعة استقرار المنطقة من خلال اطلاق مصطلح (كردستان الغربية او كردستان سوريا) على أراضي هي تاريخيا سورية[iii] (أو حتى عراقية)، يعد بمثابة تطرف وظلم وتجني واغتصاب من قبل الاكراد لحقوق ووجود عموم السوريين والعراقيين. كما ان تجاهل حقوق الاكراد الثقافية والادارية والسياسية في البلدان التي يتواجدون فيها هو تعدي على حقوقهم الطبيعية. أما مشكلة الاكراد في كردستان الحقيقية (ايران) ومنطقة السليمانية التي ضمت للعراق، فتلك قضية أخرى، ومن حق الشعب الكردي الشقيق اختيار الصيغة المناسبة له (حق تقرير المصير او الفيدرالية) او اية صيغة تصب في مصلحة الاكراد.

ملاحظات وهوامش:

 

--------------------------------------------------------------------------------

[i] من أجل توضيح وتحديد حدود كردستان داخل العراق، يمكن اطلاق تسمية (محافظة كردستان) على مدينة السليمانية الكردية والنواحي القريبة منها فقط، والغاية من هذا، لكي يتم التمييز والفصل ما بين المناطق العراقية الرافدية التي هاجر اليها اكراد في الفترات المتأخرة مثل اربيل وزاخو ونوهدرا وكركوك ..، وما بين المنطقة الكردية التاريخية (السليمانية)، والتي كانت تتبع المناطق الكردية في بلاد فارس أي كردستان. وبهذا الاقتراح، يمكن التفريق ما بين (مشروع كردستان التوسعي) الذي يهضم حقوق شعوب أخرى، وبين حقوق الاكراد الطبيعية والشرعية في العراق والتي لا تختلف عن حقوق ومطالب الشرائح العراقية الأخرى.

 

[ii] يقول الزعيم الكردي المعروف الشيخ عبيد الله النهري في رسالة له مؤرخة في 5 تشرين الثاني 1880: (ربما سمعت عن عشيرة (علي آغا الشكاك) وهي عشيرة عرفت بشقاوتها وتجاوزاتها ضد أبناء جلدتها الكرد من سلب ونهب مثلما كانت ضد الاجانب وضد المسلمين الاخرين...وتلك الجرائم التي تقوم بها عشيرة (الهركي) في تركيا فهي مشهورة وواضحة..). انظر مثلاً كتاب جرجيس فتح الله (مبحثان على هامش ثورة الشيخ عبيد الله النهري – ص 80)، دار الشمس للطباعة والنشر، ستوكهولم 2000

 

[iii] مشكلة  البعض من اكراد سوريا انهم يحاولون - بهدف التشويش والاساءة لأخوتهم الاكراد الاخرين قبل الاساءة الى مشاعر عموم السوريين - تقليد واستنساخ تجربة اكراد العراق ومحاولة تطبيقها على اكراد سوريا، فمثلما بدأ الخطاب الكردي العراقي بشن حملات واسعة لتزوير تاريخ شمال العراق، ومن ثم المطالبة بـ (الحكم الذاتي الحقيقي للاكراد)، وبعد التسعينات من القرن الماضي باشروا بالترويج للفيدرالية وحق تقرير المصير، أي الانفصال. وبالمقابل نسمع اليوم أصواتا كردية من سوريا وخارجها قد بدأت فعلاً الخطوة الأولى ألا وهي طرح شعار (الحكم الذاتي للاكراد) والعمل على تزييف التاريخ على أمل تمرير مصطلحي (كردستان سوريا) و(كردستان الغربية)!! وفي حال عدم وجود أهداف انفصالية باطنية مخبئة لدى البعض متسترة وراء هذا التشويه المقصود للتاريخ السوري، فلماذا اذا تقام حملات تزوير الماضي والتطبيل لهذه المصطلحات المتطرفة والغير صحيحة والتي تفوح منها رائحة النفط والظلم والطمع تجاه الأراضي السورية التاريخية!!؟؟ فما هي اذا حجج الاكراد لقيامهم بحملات واسعة في الانترنيت وفي الصحف العربية والكردية وفي فضائياتهم حول كردستان المقسمة الى أربعة أجزاء. واعتبار الجزيرة السورية جزءا "مغتصبا" من "كردستان"!! وتصوير السوريون (وكذلك العراقيون) وكأنهم (محتلين وغزاة) لأرض الاكراد أي (كردستان)! وكلنا يعلم بالطبع أن هذا الطرح لا يمت الى الحقيقة بصلة.

 

 



#شمعون_دنحو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاكراد وحملات تشويه التاريخ السوري ! هل يحذو اكراد سوريا حذ ...
- المندائيون وإرتباطهم بهوية الرافدين الوطنية!
- الكلدوآشوريون والاكراد: من اضطهاد السيف الى ظلم القلم!
- الآشوريون الكلدان -السريان- والتغييرات المرتقبة في العراق ال ...
- مؤتمر لندن، ومشروع الطالباني بخصوص اعادة المناطق الآشورية!
- كتاب الاب وليم ويكرام -حليفنا الصغير- حول معاناة السريان!


المزيد.....




- بايدن: دعمنا لإسرائيل ثابت ولن يتغير حتى لو كان هناك خلافات ...
- تيك توك تقاتل من أجل البقاء.. الشركة الصينية ترفع دعوى قضائي ...
- بيلاروس تستعرض قوتها بمناورات عسكرية نووية وسط تصاعد التوتر ...
- فض اعتصامين لمحتجين مؤيدين للفلسطينيين بجامعتين ألمانيتين
- الولايات المتحدة لا تزال تؤيد تعيين الهولندي ريوتيه أمينا عا ...
- -بوليتيكو-: واشنطن توقف شحنة قنابل لإسرائيل لتبعث لها برسالة ...
- بحوزته مخدرات.. السلطات التونسية تلقي القبض على -عنصر تكفيري ...
- رئيسة -يوروكلير-: مصادرة الأصول الروسية ستفتح -صندوق باندورا ...
- سماع دوي إطلاق نار في مصر من جهة قطاع غزة على حدود رفح
- انتخابات الهند: مودي يدلي بصوته على وقع تصريحاته المناهضة لل ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - شمعون دنحو - الجزيرة السورية ما بين الحقيقة والتطرف