أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الدين والدنيا














المزيد.....

الدين والدنيا


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2190 - 2008 / 2 / 13 - 10:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع أن الدين الإسلامي مصدر للعلاقة الروحية والإيمانية، ومنبع للقيم الأخلاقية، يواجهنا سؤال: هل ما نريده منه هو الدين فقط أم شيئ آخر؟ ليس من مسؤوليات الدين الإجابة على كل تساؤلات الحياة، بمعنى أنه ليس "سوبر ماركت" يمكن أن نتبضع منه لمختلف حاجيات الحياة، بل بضاعته الرئيسية هي العبادات والطاعات والأذكار، الإيمان، كذلك الحض على فعل الخير واجتناب فعل الشر. لذلك لابد للمتديّن أن يفكر بالدنيا بقدر تفكير غير المتديّن. فالدنيا لاترتبط بذات الدين وأسسه وإنما بقضاياه الثانوية العرَضية. فمثلا هل من ذات الدين أن يتبنى مشاريع تتعلق بالطب أو الإقتصاد أو النظام السياسي؟ رغم أن الإجابة على السؤال هي لا، إلا أن هناك مسعى في هذا المجال استطاع أصحابه تحقيق نتائج ملموسة، حيث استندوا إلى بعض النصوص الدينية ووظفوها لاستخراج "بعض" الطب و"بعض" الاقتصاد و"بعضا" من أنواع إدارة الحكم من الدين.
لكن من أجل حل هذه الإشكالية، أي لكي لايكون الدين "سوبر ماركت"، لابد من طرح تساؤل يساهم في إبعاده عن هذا الطريق، والتساؤل هو: ماذا نريد من الدين؟
ليس من الحكمة القول: ماذا يريد الدين منّا، بل لابد أن نقول: ماذا نريد نحن من الدين. فمن الخطأ إلقاء جلّ مطالبنا على الدين، بل الصحيح أن نتساءل: ماذا يستطيع أن يفعل الدين تجاه مطالبنا.. وماذا يمكن أن يقدم من إجابات على أسئلة الحياة؟ فهناك من يقول بأنه إذا لم يستطع الدين تحقيق جميع مطالبنا فإننا سوف لن نحتاج إليه. وهنا تكمن الخطورة على الدين وعلى الحياة. فالبعض يدّعي أن من مسؤوليات الدين معالجة جميع أمراضنا وحل جميع مشاكلنا وتحقيق جميع مطالبنا.
المفكر الإيراني الراحل مهدي بازرغان - وهو أول رئيس للوزراء بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 – يطرح وجهة نظره في هذا الإطار فيقول: "إن الحكومة والسياسة أو إدارة الأمة والدولة والشعب من وجهة نظر الدين ومن وجهة نظر البعثة النبوية لاتختلف مع مسائل وأمور الحياة الأخرى. فالإسلام لم يعلمنا مسائل من قبيل الزراعة أو الطبخ أو تربية الحيوانات أو إدارة الأمور المنزلية، وجعل هذه المسائل في عهدة العقل. كذلك أمور أخرى من قبيل الاقتصاد والإدارة والسياسة فإنها تقع في عهدتنا. فكما أن القرآن قد حض على العلم والتعليم والتفكير، لكننا لم نلحظ أي إشارة في أي سورة أو آية إلى تعليمنا دروسا مثل الرياضيات والجيولوجيا والفيزياء والفلسفة. من جانب آخر حضت الأديان الإلهية على تحقيق العدالة ومواجهة الاستبداد وأكدت على أهمية إدارة الناس حيث لا إشكال في ذلك، لكنها لم تطرح أحكاما وتعليمات خاصة أو إيديولوجيا معينة في هذا المجال". ويضيف: "إذا اعتبرنا أن الله والآخرة هدفين أساسيين في برنامج البعثة النبوية وأن إصلاح الدنيا ليس هدف الأديان الإلهية، فإن ذلك لايعتبر نقصا في الدين. على هذا الأساس لايمكن أن يكون القرآن والرسالات النبوية غير مبالين بالقضايا الدنيوية إذ أن الإنسان يأخذ منها ما يرتبط بقضايا الحياة الفرعية، لكن لايعتبر (هذا الأخذ) أساسا من أسس البعثة النبوية. فآيات الجهاد والقضاء والعدل وغيرها لها تأثيرات فرعية مفيدة فحسب لا يمكن إنكارها".
إن الإدعاءات التي ربطت تحقيق جميع مطالب الحياة وفرشت أرضية حل جميع مشاكله وقضاياه بالدين، اعتمدت على فهم خاص لبعض الآيات والأحاديث. فعلى سبيل المثال يقول القرآن "اليوم أكملت لكم دينكم" سورة المائدة – الآية 3، أو "لا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين" سورة الأنعام – الآية 59، حيث يعتقد كثيرون أن الدين الكامل هو بمعنى أن الإنسان يستطيع أن يأخذ منه حلولا لجميع مشاكل الحياة وقضاياها. لكن الواقع يقول أن الدين ليس كاملا إلا لهدفه (اليوم أكملت لكم دينكم) وليس بالنسبة لجميع أمور الحياة. فالقرآن هو هداية ونور للناس ولم يأت ليأخذ مكان العقل في تعلم العلوم.
يقول أحد الباحثين أن السبب الذي جعل الدين عند غالبية المسلمين مرجعا لمختلف أمور الحياة، وهو ليس كذلك، أنه لم يعد مجرد علاقة روحية مجردة، بل أصبح جزءا من مشروع سياسي واقتصادي وقانوني وثقافي، أي أصبح منظومة فكرية وموروثا ثقافيا يبني عليه المشروع الإسلامي بكافة إفرازاته وتداعياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
إن قريش، كما يقول سيد محمود القمني في مقال له تحت عنوان "هل في الإسلام دولة ونظام حكم"، عرضت على النبي محمد في بداية دعوته أن يكون ملكا عليها، فرفض صيغة الملك كوسيلة للسلطة، وأصر على أنه نبي رسول وعبد من عباد الله مكلف بإبلاغ أمر الدين ليس أكثر، جاء يبلغ الناس دين الله حسبما أمره ربه، ورأى في الملك صورة سلبية من صور السلطة، فقالت الآية إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.
وحينما يتساءل المسلمون عن مصير الطب الإسلامي، هل ندعي في المقابل أنه يجب الاستغناء عن علم الطب وعلم الفسيولوجيا والميكروبولوجيا وغيرها من العلوم، وأن نستعين بدلا من ذلك بالطب الإسلامي، فالمسلمون الأوائل لم يكتشفوا الطب على أساس انه رسالة دينية. لذلك إذا تساءل الشيعة مثلا عن مصير طب الإمام الرضا (وهوالإمام الثامن واشتهر باكتشافاته في الطب) وربطوا الموضوع بقضية الإمامة بوصفها دليل على ضرورة ضلوع الدين بمختلف أمور الحياة، لا نستطيع الزعم بأن إمامة الرضا كانت ستتأثر إذا لم يكتشف هذا الطب. بمعنى أن الطب ليس أساسا من أسس الدين. وهو موضوع مماثل لقضايا متعددة في الحياة التي لا وجود لها في الدين. إذن قول القرآن "تبيانا لكل شيئ" سورة النحل – الآية 89، لا تعني أن ذلك توضيح لجميع الأمور والقضايا في الحياة، بل توضيح للأمور التي جاء القرآن من أجلها.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الأسطوري.. والتديّن العقلاني
- التفسير الأسطوري.. ومفهوم التعددية الإيمانية
- التفسير الأسطوري.. وكربلاء.. والحياة الحديثة
- في نقد التفسير الأسطوري لحادثة عاشوراء
- أعداء المرأة
- الخطاب الديني.. والأخلاق.. وحقوق الإنسان
- قضايا الأمة أهم من حقوق الإنسان
- العلمانية والأخلاق:رفض تدخل الدين
- المعتزلة والأخلاق:النص يتبع العقل
- مبدعون كويتيون.. ومجزرة معرض الكتاب
- الأشاعرة والأخلاق: النص يغلب العقل
- في العلاقة بين الدين والأخلاق
- من هو المثقف الديني..؟.
- في دلالات إقالة قائد الحرس الثوري الإيراني
- هل الديموقراطية العربية تعرقل التنمية؟
- الفقه.. والحرية والحداثة
- القانون المعيب لعمل المرأة.. كيف نغيّره؟
- بين المقدس.. وفهم المقدس
- مفاهيم دينية لا تتوافق مع الديموقراطية
- الدين.. والحداثة


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الدين والدنيا