أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمد تامك - وصية من وراء القضبان














المزيد.....

وصية من وراء القضبان


محمد تامك

الحوار المتمدن-العدد: 2189 - 2008 / 2 / 12 - 10:07
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


يا صغيري تربيت في بيت صحراوي الأصول، عانقت الصحراء وأنت على ركبتي والدتك، تدحرجت على الرمال الذهبية، نظرت بعمق إلى الأعلى لترى بعينيك الصغيرتين الجبال الشامخة، وعرفت أن أهل هذه الارض شامخين لا ينحنون للعدو، ما من مرة كنت متكئا تحت أشجار الطلح العظيمة، نظرت إلى أسرتك الصغيرة بتمعن وهم يحتسون الشاي بالطريقة الصحراوية المعتادة، راقبت والدتك وهي تحضر الطعام بطريقة رائعة ولن تشتم فيها رائحة الثوم، إبتسمت بشفتيك الصغيرتين والبريئتين إلى الجالسين لم تستوعب ما يقولون، لكنك تأكدت أنهم يحكون أمجاد الوطن، نظرت بعمق الى راعي الابل. هكذا تربيت لم تسمع كلمة مشينة للاخلاق، عرفت أنك تختلف عن الدخيل، إستمعت ما من مرة وأنت على ظهر والدتك الى شعارات ترددها حناجر أبطال الانتفاضة حتى أنك كنت تردد "لا بدي لابدي..." دون أن تكمل الكلمات وذلك لصغر سنك، كنت تردد الشعارات بتلعثم، وبعد أن أصبحت تمشي على رجليك كنت تجري في إتجاه الباب كلما تسمع أبطالا من هذا الوطن يمرون من الشارع القريب من المنزل وينددون بالعدو يرفعون أصواتهم من أجل جلاء المستعمر عن أرض الاجداد وصدروهم عارية لا يملكون من سلاح إلا العزيمة، كنت لا تعي ما يقولون لكن الحماس هو الذي دفعك إلى ذلك، وكانت والدتك تحاول منعك لكنك ترفض معبرا عن ذلك بالبكاء وتضطر للوقوف بجانبك حتى تمر حشود شعب أنهكه الاستعمار، خرب ثقافته وأفسد أخلاقه وشرده لكن للعزيمة سيبقى كل شئ في مكانه، وما ضاع حق وراءه مطالب.
هكذا تربيت، وأنت الآن تقارب السنة السابعة من عمرك ولجت المدرسة فانتبه، عليك بتحصيل الدرس بالقراءة وحصد الفكر السليم عليك بإحترام كل من يرشدك الى الطريق الصواب كل من يعلمك حرفا وكل من هو اكبر منك سنا، إهتم بوالدتك، إنتبه الى أخلاقك، لا تجعل الدخيل على مجتمعك يسيطر على أفكارك، تذكر دائما عالمك البرئ والصغير، حين كنت معك لا تنطق بكلام لا معنى له، لا تجلس في مكان غير لائق، لا تضيع وقتك مع ذوي الاخلاق السيئة، فأنت من جيل الاستقلال فثابر واجتهد، فيا صغيري في العطل وأثناء أوقات الفراغ إذهب الى أرض تعرفها جيدا وقد عانقتها منذ نعومة أضافرك، أرض من أجلها استشهد الرجال والنساء بل حتى الاطفال في سنك، من أجلها اعتقل العديد ولازالوا يعيشيون في الزنازن ويقاومون ولن يستسلموا لكل الأشكال الدنيئة، فيا بني لا تنسى أن وطنك هو الصحراء الغربية، واهتم لأمرها فأنت وجيلك أمل الاستقلال وتأكد أنه لامحال آت، فالأمر لن يظل هكذا، فإنني أشتم رائحة المدافع ولا غرابة في الأمر، فهناك شعب في مخيمات العزة والكرامة ثواق الى حسم الأمر إما الوطن أو الشهادة، وهناك شعب في المناطق المحتلة وجنوب المغرب أكثر شوقا إلى ساعة الحسم وهم متأكدين أن لغة المدافع هي الفيصل الحقيقي لأنهم اقتنعوا بما قاله الشاعر بخصوص مجلس الأمن:
مجلس الأمن خدعة والامانـي حول جدواه هده الخســـران
نعم يا صغيري إفتخر واعتز بأصولك، عاند فيما هو صحيح، حافظ على هويتك ولا تتخلى عن تقاليدك تشبث بها ولا تترك الدخيل مكان لكي يغيرك عن عادات مجتمعك، إنتبه الى كل شئ في المدرسة، في الشارع، وحتى في المنزل، فهناك جهاز التلفاز الذي تعامل معه المجتمع بنوع من ألا مبالاة، فعليك التمييز بين المفيد والماس بأخلاقك والمختلف عن مجتمعك، فإنتبه يا بني للتقليد الاعمى ولا تشغل بالك بما هو عديم الفائدة لا تكثرت لتقاليد الأخرين، فيا بني هناك شعوب قد خربها ذلك الجهاز الصغير حيت أنهم لم يحسنوا التعامل معه، فانتبه يا بني لا تهتم بغنى وفقر الآخرين كذلك مشيئة الله في خلقه، الغنى هو غنى الفكر يا ولدي لا تبالي للكلام الذي لا يعنيك، لا تكن سببا لمشاكل الناس إبتعد عن النميمة واحترس من الحسد، وتذكر دائما أن هناك أطفال في عمرك ولدوا في اللجوء ولازالوا هناك، لكن إلى متى وهم ينتظرون... فإنهم لازالوا يقاومون الطبيعة والعدو، ويقاومون صمت نماذج من الانظمة العربية واهمال من الشعوب الثواقة إلى الحرية، فهل تعلم أن ثلاثة أجيال عاشوا حياة اللجوء وهم صامدين رغم كيد الكائدين، فأين الشرفاء من هذه الأمة، وأين المثقفين فهل كل هؤلاء صم ؟ ألم يسمعوا أبدا أن هناك شعبا عانى ويلات اللجوء وشعبا عانى الحصار والظلم وكافة أسالب القمع. تذكر يا بني أبناء الشهداء ولا تنسى المعاقين بسبب ألغام العدو الغاصب فتذكر دائما أنك إبن شعب ناضل من أجل الوطن حتى الشهادة، ساعد اليتيم واحزن حزنه قف الى جانب الضعيف ساعد الشيخ والأعمى قدر ما تستطيع، إرفع رأسك عاليا ولا تنحني للتفهات، وتأكد دوما أنك إبن شعب يقال له الشعب الصحراوي، وكن يقظا، فالعدو يحارب من جميع الاتجاهات فحرب المدافع تكون مباشرة، لكن يا بني هناك حروب خفية وخطيرة، فمثلا الحرب الاعلامية من أجل النقص من مؤهلات شعبك، وهناك أيضا حربا في هويتك، وإن فقدت صلتك بهويتك فمصيرك مصير الغراب الذي حاول أن يقلد مشية الحجلة، فانتبه الى لغتك ولهجتك الاصلية، وهناك أيضا حرب بيع الذمام وتنكر للوطن الأصلي فمادمت تحت سيطرة العدو فالحرب قائمة، لكن بالحفاظ على كل مقومات الشعب الأبي ستظل في حصن منيع لن تستطيع فيروسات العدو تجاوزه، فيا صغيري فالوطن يعتز بكل أبنائه فلا تحزن ومادمت تحافظ على خطوات وأمجاد وعادات مجتمعك فحتما ستصل، نعم أنت صغير والمشوار لازال طويلا أمامك، لكن بعزيمة الرجال كل شئ يهون، وفي الأخير أقول لك ولأمثالك بل لكل صحراوي:

تسلح بالشعب مادمت فيـه فبغير الشعوب لا يستعــان.






#محمد_تامك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة زنازن
- اصبر صبرا جميلا


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمد تامك - وصية من وراء القضبان