أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمد تامك - مدينة زنازن














المزيد.....

مدينة زنازن


محمد تامك

الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 10:51
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


الاسوار العالية، الاسلاك الشائكة، الحراس، الوحوش المفترسة... هي عناوين المدينة التي يسكنها ما يقارب ال 2200 سجين، جاءوا من كل صوب وحذب، يسكنها أجناس مختلفون عن غيرهم في الأرض، في النطق والملبس، وفي الاخلاق والمبادئ... يختلفون أكثر في الوطنية، فهم أحبوا وطنهم، أحبوا وطنا أغتصب منذ ثلات عقود، وطنا سالت من أجله دماء طاهرة، وطنا تظاهروا من أجله ورفضوا الانحناء للعدو، رفضوا طأطأة الرأس، رفضوا تقبيل الايدي، وقالوا لهم " متى إستعبدتم الناس ولقد ولدتهم أمهاتهم أحرار"، وهم الآن داخل الأسوار تغمرهم عزة النفس ويفتخرون بإنتمائهم لشعب الأحرار، الشعب الذي فضل الشهادة عن المذلة والاستعمار.
الشمس الساطعة وأصوات المنبهات زادت من ضجيج المكان وصخبه، فيما المالك يراقب ملكه بأجهزة متطورة من داخل مكتبه الفاخر، هرول الحراس، حيث إزدحام أكوام لحم البشر أمام أبواب زنازن الكلام النابي والعار في كل مكان، ويدخل من كان حضه من الأولين، ومن بقي ربما سيندم على خروجه في ذلك اليوم المشؤوم، وإن نظر الى الحارس بطريقة غير معتادة فمصيره الزنزانة الانفرادية (الكاشو)، ومن كان له الحظ يدخل الى الزنازن التي يفوق عددها 32، حيت تصل مساحة كل واحدة منها 50 متر مربع يوجد فيها أكتر من 60 سجين، أغلبيتهم يفترشون الأرض بل ينامون في المراحض حيث الروائح الكريهة. الضجيج والسب والشتم والإبتزاز والإستغلال معتاد، فكل شئ ممكن، حتى الاتجار في البشر ممكن، ومن قال أن زمان الرقيق قد ولى فليزر هذه المدينة، المدينة التي يسكنها الآف البشر جاء بهم الجلاد والمحقق والمخبر من كل مكان إختلفت مبادئهم وأفكارهم لكن على كل فهم داخل الأسوار.
لذلك، أنتم أيها الصحـراويـين سكان هذه المدينة فالعزة فيكم والفخر لكم، كبلتم وغلت أيديكم، عذبتم وشردتم، لكن بقيتم على عزمكم لتحقيق المبتغي وكل شئ يهون أمام الوطن لتحقيق وصية شهم استشهد من أجل وطنه وبقيت ذكراه في كل مكان، وصية من أجلها استشهد الرجال والنساء والأطفال بالنابالم المحضورة دوليا، واستشهد من أجلها صحراويين عزل في مقابر جماعية، وأنتم الآن داخل الأسوار تذكروا كل ذلك فمن أجله أنتم هنا، تذكروا المرأة الحامل التي فقدت إبنها تحت التعذيب، بل هن حوامل، تذكروا لمباركي ولخليفي شهيدي الانتفاضة، وقبل ذلك تذكروا من قضوا شبابهم في المعتقلات السرية، تذكروا المفقودين الذين إبتلعتهم مخافر الشرطة السرية تذكروا وتذكروا ... إنكم أنتم داخل هذه المدينة النثنة البعيدة عن جميع وسائل المراقبة والبعيدة عن الأنظار، حيث الموت فيها شئ عادي، بل لا تقشعر له "قلوب" السجانين، والأمراض الفتاكة والجلدية منتشرة وهلم جرا، مدينة هي صورة مصغرة عن دولة العدو عن مجتمعه عن نظامه، الرشوة هي الملاذ ومن أراد مكان متسعا قليلا ما عليه الا أن يقدم الهدايا، ومن ليس له ما يعطي فملاذه المرحاض وأكل (البتية) - حتى الكلاب لن تأكلها-، فهي مدينة كل شئ مباح فيها.
هكذا إذن يمر اليوم داخل تلك المدينة، وما إن تصل التامنة مساءا حتى يحيي المذيع كل المستمعين، وتبدأ افتتاحية الأخبار المعنون بالعزم على شئ وحيد وأوحد هو الاستقلال، فتجدنا مجتمعين ننصت بخشوع، فهو الانيس في هذه المدينة وهو الدعم الحقيقي لصمودنا، يطلعنا ويعلمنا بكل ما يقع ويجري ويختم بالوداع إلى فرصة قادمة، ونقول لهم تصبحون على وطن في انتظار بزوغ يوم جديد.



#محمد_تامك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصبر صبرا جميلا


المزيد.....




- سموتريتش: الحرب يجب أن تنتهي بقرار واضح وإعادة الأسرى من موق ...
- تحولات في المشهد بين سوريا وإسرائيل.. الشرع سيلتقي نتنياهو ع ...
- الأمم المتحدة تحذر من تفاقم المجاعة وانعدام الأمن الغذائي في ...
- ليبرمان: يجب إعادة جميع الأسرى حتى لو الثمن إنهاء الحرب
- اعتقال عداي الغريري وعبد الحسين الحاتمي بتهم طائفية
- الإعدام لمرتكبي جريمة إعدام الصدر وبنت الهدى بعد 45 عامًا
- بغداد: اعتقال 31 أجنبياً مخالفاً للإقامة في الكرخ.. والأمن ي ...
- محاط بالتماسيح والهروب منه شبه مستحيل.. سجن لاستقبال المهاجر ...
- بضغوط أمريكية.. محامٍ بريطاني يستقيل من المحكمة الجنائية الد ...
- سفير إيران بالأمم المتحدة يرد على ترامب: تخصيب اليورانيوم -ل ...


المزيد.....

- ١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران / جعفر الشمري
- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمد تامك - مدينة زنازن