أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نديم علي - شجيرة ونهير














المزيد.....

شجيرة ونهير


محمد نديم علي

الحوار المتمدن-العدد: 2177 - 2008 / 1 / 31 - 08:13
المحور: الادب والفن
    



هل ستصمد هذه الصغيرة الغضة أمام تقلبات طقس جديد عليها؟
فمنذ أن أتى بها, آملا أن تترعرع هناك في المدينة الكبيرة الصاخبة , وهو يشعر بفرحة مشوبة بالقلق.
في أصيص فخم , تعب كثيرا حتى وجده , , وضع شجيرته الحبيبة وأحاط جذرها الناعم الزغب , بشيء من الطين والماء, وفي زاوية الشرفة المطلة على الميدان الكبير, تخير له أفضل مكان.
كم يعشق أريجها , ويحب لونها ,فهي فرع طيب ريان من شجرة وارفة هناك في البيت الكبير في جنوب الأرض, ترعرع فوق أغصانها, ورضع سكر ثمارها الطازجة.وكم لعب, وقرأ,وغفا, وعشق, تحت ظلالها الحنون .
********
كان لابد من خادمة تسهم في الجهد , وتعين على أعمال البيت ,وتملأ عليها بعض الوقت. حين يتركها وحيدة ساعات طوال منذ البكور وحتى الغروب , منشغلا عنها بعمله المضني.ليأتيها مساءً (وفي القلب عاصفة من حنين ,وفي اليد شيء من الخبز والورد والفاكهة .)*
****
دلف إلي الشرفة في لهفة يطمئن على شجيرته الغضة الأثيرة.لاحظ تدلي فرع من اللبلاب من أعلى , ربما من الشرفة العليا , وربما من مكان أخر بعيد.لكنه على وجه اليقين , لا يعلم من أين أتى.كان لونه الأخضر ويفاعة عوده عاملان أساسيان في جعله يتركه حيث امتد.لف كفيه حول شجيرته الغضة , تمتم بشيء غير مفهوم .ثم أفاض عليها الماء.
***
الخادمة .... تنبئ عن أنوثتها بلا حياء . وترى في ذلك أمرا بديهيا.يسترق بعض النظر إليها . (يا إلهي أو هو نظري الذي يسترقني.)
******
أزاح بيده وسادة صغيرة ,وضعت في المكان الخطأ فوق الأريكة الجديدة.
- صاح : من وضع هذه هنا هكذا ؟
- قطعت طبخها وهرولت إليه, بيدها شيء من الثمار وسكين, وعلى جبينها الأسمر لؤلؤتان من عرق : أنا!!!
- أكثر من مرة قلت يجب أن تعرفي كيف يكون تمييز الألوان.
- انسحبت في دهشة وصمت.
- تقدمت الخادمة , وببراعة عدلت وضع الأشياء .
******
فرع اللبلاب يزداد زحفا إلى الأسفل. النور يقل صفاؤه في بهو الشقة الصغيرة.

******
- من وضع المزهرية هنا؟
- أنا .... قالتها بدهشة وبتردد.
- ليس هذا مكانها. قالها بعنف دون اكتراث لشيء بدا في مقلتيها وصفاء عيونها.
- انسحبت في صمت.
- تقدمت الخادمة في هدوء, وببراعة ,عدلت وضع الأشياء.
******
لاحظ أن شجيرته الغضة يشوبها اصفرار غير معهود.فرع اللبلاب صار أفرعا كثيفة,وزاد تدليه من أعلى ليغطي ثلث الشرفة,ويقطع الطريق أمام النسيم والنور. ثلث الضوء يمر الآن عبر الشرفة لبهو الشقة الصغيرة , وثلث النسيم.
******
- أين قميصي؟
- هذه الأزرار ليست مكانها؟
- نفخ في وجهها .ارتبكت , و ربما غامت عيناها المجمـَّلتان بكحل جنوبي , بشيء من ماء الحزن.
- لملمت بعضَها ... و ...انسحبت في هدوء .
- وببراعة, كانت أصابع الخادمة تعدل وضع أزرار القميص, بل وتعينه على ارتدائه !
****
كانت أفرع اللبلاب تزداد كثافة وتشابكا وكان بهو الشقة الصغيرة يزداد عتمة, وكان النسيم مختنق الأنفاس. (يالجمال الأفعى الصاخب بين شجيرة ونهير !!! )
****
هرع إلى شجيرته الأثيرة , رآها بصعوبة بين أذرع اللبلاب التي التفت حولها وتشابكت, صافح أنفه أريجها وكأنها تبوح بشذاها استغاثة به, كان كابوسا رهيبا .راح يصارع الأذرع الثعبانية ,أريجها يبعث فيه طاقة جبارة, أخرج شجيرته الأثيرة بصعوبة شديدة .كان هناك شرخ في الأصيص . لا بأس , لا بأس . لكن على أية حال, مازالت نابضة ببعض حياة, رغم اصفرارها . لا ضير .. لا ضير فما زال هناك الكثير من ماء النهير الجنوبي , صافيا رقراقا , لم يختلط بعد بغبار الميدان الكبير.
*****
عقد عزمه , وركض نحو باب عشهما الصغير ,فتح بابه على مصراعيه , وطرد الخادمة.

سطر من قصيدتي ( ساعة الوله المدهشة)



#محمد_نديم_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انكسارات أمير جنوبي
- وجه في الإطار - قصة قصيرة
- قصة قصيرة (أشياء للبيع)


المزيد.....




- عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم
- العربية في اختبار الذكاء الاصطناعي.. من الترجمة العلمية إلى ...
- هل أصبح كريستيانو رونالدو نجم أفلام Fast & Furious؟
- سينتيا صاموئيل.. فنانة لبنانية تعلن خسارتها لدورتها الشهرية ...
- لماذا أثار فيلم -الست- عن حياة أم كلثوم كل هذا الجدل؟
- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نديم علي - شجيرة ونهير