أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نديم علي - قصة قصيرة (أشياء للبيع)














المزيد.....

قصة قصيرة (أشياء للبيع)


محمد نديم علي

الحوار المتمدن-العدد: 2104 - 2007 / 11 / 19 - 09:34
المحور: الادب والفن
    



حملت صحيفة الصباح ومشيت متثاقل الخطى (تجول عيناي بين السطور، والنار،وصور الأشلاء،ووعود الساسة،وصراع الأمم .)
صرخته هزت كياني وأرعبتني ,مواطن هم بركوب الحافلة فمنعه الزحام المتراكم فوق عتباتها , ألقي بالرجل على الإسفلت الأسود الساخن ، وعندما تحسس جيوب جلبابه الفضفاض .. اكتشف أن نقوده قد راحت. كان يهذي : ( ياعالم ... ياهوووه .... أأكل العيال منين؟ ).
تحسست حافظة نقودي في جيبي الخلفي ... على أية حال ... لا خوف لأنني أحتفظ بنقودي في جواربي.
غصة تنتابني حد الاختناق واجتاحتني وحشة لا أعرف سببها ،ووجه قميء يطل بين سطور خبر :
• بيع جميع الأشياء لتتقدم التنمية ويتحقق الرخاء.
• خصخصة الأمور لحماية المال السايب.
• الأحمق القوي ، يؤكد : أن العرب أغنام جاهزة للتقديم على موائد اللئام.
تعثرت فيهم ، افترشوا رصيف الشارع، يبيعون كل شيء .
• (مش تفتحوا وانتو ماشيين؟ ... عالم مساطيل !)
في موجة الزحام ، جفلت , عندما ربت أحدهم على كتفي فجأة, كان يكلمني بأدب شديد,و كان إلى جواره جندي من الشرطة ، بدا من ملامحه أنه لم يقصد أن يكون شيئا أبدا , إلا أن يكون غبيا )
• الأستاذ فلان الفلاني؟
• نعم, أنا هو؟
• (أنت فين يا رجل؟ دوختنا عليك.)
• خير ؟
• خير إن شاء الله.
تقدم الشرطي ليمسك بذراعي،أطحت بيده بعيدا وتساءلت مندهشا ، ما الأمر؟
• رد الشرطي بكل وقاحة :( جرى إيه ياروح أمك ؟ إحنا حنستعبط ؟)
التف الناس من حولنا والرجل الذي ربت على كتفي يهذي إليهم بكلام ليس مفهوما لي على الإطلاق !
اخترقتني نظرات عابري السبيل ، بين خائف ومشفق وشامت ومندهش.
شقت الحشد سيارة شرطة ، توقفت فجأة ، اضطرب الناس ، كاد بعضهم أن تأكله عجلات السيارة التي نزل منها ضابط شاب صفيق الوجه.
• بادرته : ماذا فع .... لم يتح لي فرصة أن أتنفس.
.... أمسك بتلابيبي .. صفعني على وجهي في حماية من رجاله، وألقوا بي مشيعا بالشتائم والركلات في بئر مظلم في خلفية السيارة العسكرية المصفحة.


أمام ضابط المباحث، وقفت أنا وخصيمي الذي لا أعرف حتى الآن سبب مخاصمته لي .
كان الضابط يجلس واثقا يدون في أوراقه أشياء هامة و خطيرة، (علمت ذلك من ملامح وجهه التي كان يكتب بها الكلمات) هز رأسه لخصيمي في هدوء ونظر إلي نظرة مستريب إلى لص مخادع.
• الضابط : أين الشاري؟
• أنا يا باشاّ.
قالها الرجل السمين بثقة . مادا يده إلى الضابط بأوراق عديدة.
• الضابط : أين البائع؟
• هذا هو عقد البيع.وهذا توقيع البائع وختمه ووظيفته وعنوانه.
• الضابط : والشهود ؟
• هذه أسماء وأختام الشهود ووظائفهم المحترمة .
• الضابط : أين تسكن؟
• هذا (وصل النور -الكهرباء) واضح فيه العنوان .
• الضابط : بكم اشتريت ؟
• وهذه صورة شيك بالمبلغ الذي تم صرفه فوريا من أحد أكبر بنوك البلد.
• الضابط : والتراخيص؟
• هذه موافقة شرطة المرافق والإسكان ومصلحة المساحة والمحافظة ,
• وهذه بطاقة الإقرار الضريبي .
• وعقد مسجل في الشهر العقاري.
• وشهادة تثبت الخلو من أنفلونزا الطيور والإيدز.
• وبطاقة عضوية في أكبر الأندية الرياضية والحزب الكبير.
• وشهادة حسن سير وسلوك.
• وتبرع ل(معونة الشتاء).
وضع الرجل اللامع السمين الأوراق واحدة تلو أخرى في تتابع منتظم ، وترتيب دقيق ,
• و صاح : يا بك أنا عاوز حقي.
كان يهذي بكلام غريب غير مفهوم لي على الأقل . نظرت إلى الضابط نظرة يتيم ساذج ، مفلس ,تائه في مدينة كبيرة.والأغرب أن الضابط لم يوجه لي أي سؤال، تفحص الأوراق في إهمال من يدرك أنها حقيقية وما تنبئ عنه شيء بديهي لا يحتاج لتمحيص ,رفع عينيه إلى ملوحا في وجهي بكومة من الوثائق مؤكدا :
- سعادة البك اشتراك فعلا،الأوراق كلها سليمة. أنت الآن ملك خالص له.ويحق له التصرف فيك كيف يشاء.
- اشتراني؟ امتلكني؟ كيف ؟ ومتى ؟ ولماذا ؟ أنا لا أفهم شيئا .

توالت صفعات المخبر الغبي على قفاي ورقبتي ,أقف بالكاد , قلبي ينفطر ألما وحزنا وخوفا, انحشرت الكلمات في حلقي كالأشواك.
- أقسم أن لا علم لي ... بما حدث , وأن أحدا لم يأخذ رأيي في المسألة..... وأن ...
- توالت الصفعات , غامت عيناي وأفقت على صفعة قوية و صوت الضابط يقاطعني في حزم.
- : (آسف, ما اقدر ش أعمل لك أي حاجة) , المستندات سيد الأدلة !

غشي علي , وأفقت من جراء ركلة في بطني،لأجدني مكوما في ركن الممر شبه المظلم أمام مكتب وكيل النيابة ، ممسكا بقوة بصحيفة الصباح التي انمحت منها كل الحروف والخطوط لتتسرب في دمي حبرا أسودا بدا لونه في جلدي وعيني.
ولم يبق في الصحيفة سوى سطر واحد :
(يبقى الوضع على ما هو عليه ، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء.)


محمد نديم علي
14 مايو 2007



#محمد_نديم_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نديم علي - قصة قصيرة (أشياء للبيع)