أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كرم - حلميَ الموشّى بزهر الندى














المزيد.....

حلميَ الموشّى بزهر الندى


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 10:09
المحور: الادب والفن
    



وتغادرني زهرة الروح ، والضوء انطفأْ ، صرتُ ألعن الظلامْ ، فلم تعدْ لي شمعة أشعلها ، والقلبُ في مدى الحزنِ ، نجمةٌ تفتقد انبعاث الحلمْ ..

جئتكَ يا حلمي من أقصى منافي القلبِ ، أحملُ فصولاً من تعبي ، أرحتُ ركابَ سيري عندكَ ، فتلمستُ أوجاعاً كنتَ تُخفيها بمقلة الليل ..

وطأتَ بأمانيكَ الجذلى وادِياً غير ذي ماءٍ ، فأحلتَ الترابَ فيه زهراً ينسـابُ بالندى والماءِ ، وزهريَ العالق عند مفترق المياه اهتدى لنبعكَ ،
أكانت الكلمة في البدءِ ، أم كُنتَ أنتَ أول من تُفعمُ قاموس العشق عنفوان الأبجدية ..

ذهبتَ بعيداً أيها الحلم الموشّى بإكليل العشقِ ، ذهبتَ ، إلى أعمق نقطة في القلبِ ، وإلى أعمق وجع في ضمير الإنسان ، فقرأتُكَ متأهباً ، قرأتُ فيكَ الإنسان الذي لم يزل يحملُ فوق راحتيهِ حزن كل القادمينَ من سفوح الضوء في تخلقاتها الأولى ..

أيها الملهمُ مدن الجرح صبرَ الواثقين ، رأيتكَ في طرقاتها مكللاً بزهر الأمل ، تُطعم الواقفينَ ملح الخبز ، والأسى في صباحات الأمنياتِ دمعةٌ تنعي رحيل الشمس ، وكنتَ معي تستنهضُ في الروح حنيناً ، أسترجعُ به ما انسلّ مني ، وما تكوّمَ فوق جليد القلب : مهد الصِبا ، والهوى الغضُ ، ودفقة المطر ، وارتعاشة العشق في مساءات الوجد ، وزهو الشمس في صباحات المنى ..

وقفتُ هناكَ استرشد بكَ درباً يفضي إلى أول وجع في أبجدية العشق ، وكنتَ بداخلي يسربلكَ مهابة الضوء ، تُطعم ذاكرتي شيئاً من رحيق القلبِ ، وشيئاً من زرقةٍ لا تحدُّ ، وأشياءَ من ذاكرة المطر ، ورحتَ تستنطقُ ألف عصفور بقلبي ، فاستهام حنيني غراماً ، يلثمُ عبق الذكريات البعيدة ، لملمَ الصبحُ ما تبقّى في زيت النجمةِ ، وأشعله رحيقاً للمدى الغارق في نهايات الفراغ ، هناكَ ، نامت عصافير الروح من تعبٍ على تعب الأيام ..

وقفتُ هناكَ ثانيةً ، أتخلقُ بشهقة الحنين البِكر ، ويتبعني حلميَ المسكون بفتنة البوح ، أستجمعُ ما تناثر من ألم البدايات ، وأستفهمُ عن مذاق الأشياء في تلاوين العشق ، فمشيتُ أبعدَ من قلبي ، يلفني صمت الموت ، وتدفعني لهفة غامرة ، أستحضر من الذكرياتِ ما تبعثرَ منها وما اندسَ تحت رمال القلب ، ترجلتُ عن صهوة حزني وأخذتُ من شعلة هذا الطريق قبساً ، ومضيتُ بعيداً ، فهمستْ لي على البعد نجمةٌ ينضحُ منها حزنٌ عتيق : افصح عن مرامكَ أيها الراحل ، فالعاشق زورقٌ يمجّه موجٌ ويرديه بحر عميق ، وفجأةً يتوهج العشق المصلوب على أوصال الدربِ ، فتحسستُ روحي ، كأن نوراً من سديم العشق يستقر بوادي القلبِ ، هذي المراحل يا حلميَ المرصع بزهر الندى ، كم أهواها ، وكم تستهويني منها مسافاتٌ وأبعادٌ ، ألامسها تخشعاً ، فألامسُ فيها حزناً تكدس منذ آلاف السنين ..

ويتسلّلُ الحلم المضرج بذاكرة الليل المسجى من نافذة القلبِ ، وفي حدقاته يومض الضوء بألق المسافات البعيدة ، فتنداح فيه كوةٌ ، رأيتُ منها وجه حبيبتي وقلبَ أمي وذكريات الصِبا والتماعة القمر ، وانبجست من فوق هامة السماء غيمة حبلى ، أطعمتني حلماً شهياً ، وأسمعتني جرس المطر ، قد أطربتني طويلاً تلك النغماتُ ، وذاك الرذاذ الطلُّ ساعةَ السحر ، فبتُّ أناغيها وشفني منها وجدٌ ، فأنا العاشق الثملُ ، سكرتُ هياماً بحلمي حينما يتغنّى غراماً بالهوى الآتي من دفقة المطر ..



#محمود_كرم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمّوديات
- المثقف الحر في مواجهة التخلف والأدلجة
- تلك الأنثى الحُلم
- الموروث الديني وثقافة الخوف
- عن حق الإنسان في التفكير والاختيار
- العقل وصراع المفاهيم
- أيها الألم كم أنتَ جميل !
- التعصب الديني وصناعة الكراهية
- الرفض .. جمال الموهبة وشجاعة التمرد
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 4 ) الأخيرة
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 3 )
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 2 )
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 1 )
- الكاتب العربي .. أين يقف .؟
- العقل في معركة التحرير
- أشخاص ومواقف
- القراءة ... ممارسة الحضور الذاتي
- رحيق المواقيت المقدسة
- في العلاقة ما بين الأفكار والوقت
- أشخاص ومواقف 1


المزيد.....




- كتابة الذات وشعرية النثر في تجربة أمجد ناصر
- الكلمة بين الإنسان والآلة
- الفنان الأمريكي الراحل تشادويك بوسمان ينال نجمة على ممشى الم ...
- مصر.. الأفلام الفائزة بجوائز مهرجان -القاهرة السينمائي- الـ4 ...
- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كرم - حلميَ الموشّى بزهر الندى