أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض مثنى - ماذا لو....















المزيد.....

ماذا لو....


رياض مثنى

الحوار المتمدن-العدد: 2158 - 2008 / 1 / 12 - 08:47
المحور: الادب والفن
    


كالفأر المذعور متلفتا يمينا و يسارا لا يقوي على اجتياز الباحة التي انطلقت منها الصرخة المخنوقة، حدد مكانها و لكنه ظل متسمرا.
الظلام يغطي المكان و الانفاس تصاحبها رائحة الغازات الكريهة التي تحمل طعم عفن الخبز المحلى بنشارة الخشب و نوى التمر المطحون، لا يملك ألا ضوء الشمعة الذاوي التي تناقلته الايادي على مدى الساعات الاربع.
منذ ان سمع اسمه ضمن قائمة الخفارات و هو مؤرقا يتقلب في فراشه، حاول مرات عديدة أن يلم شمل افكاره و لكنه في دوامة اذ امضى ما يقارب العقد و لم ترهبة السياط، ظل محتفظا بهدوئة و لكنه و تحديدا منذ اصدر فرمانا بتشتيتهم و زجهم مع الجناة تغير نمط سلوكه و بات الحذر عنوان جديدا.
ماذا جرى!
شقوا عصا الطاعة...طالبوا بحقوقهم و لكنهم اخطأوا التوقيت اذ بينما أنفض النزاع لصالح ألة المتاهة و أستقرار ملاك الرحمة في خط العرض 36 و صوت الحجاج بح من قول ارى رؤوسا اينعت حان قطافها و التي ملئت الحقول و البسساتين و زفتت الشوارع بدماء الخوارج الذين ما برحوا ان رموا رايتهم منكفئين شامتين صرختهم، أرادوا ان يحتموا ببردة جدهم و لكنها هي الاخرى خذلتهم بعد ان مزقتها الخناجر... لم يستسلموا و لكنهم ساروا الى قدرهم الذي كان متمردا عليهم.
كان اليوم أذاري و السماء تمطر سوادا برائحة النفط و الأرض مصطبغة بملوحة شديدة البياض ،حتى الشمس تبدو خجلى و تستعجل الرحيل مخلفة الظلام يعبث برعاياها.
هل يعقل هذا(محدثا نفسه) مستذكرا ذلك اليوم المشؤوم......ترى اين هم ...مؤيد ، نعمة، نعيم، فاضل ، جواد،عباس.......
لم تفارقه لحظة صولة ابناء الرب و هم مدججين بالعدة و العتاد مقتحمين عرينهم الوديع الذي ظنوه لوقت قريب حصن منيع من دخله آمن. و ما هي الا لحظات حتى تعالت الاصوات اشتبك احدهم اوسعوه ضربا،تدافع معهم طرحوه ارضا و اخذوا بكل ما يمتلكوه من قوة بالرفس على بطنه و خصيتيه و هم منتشين بهذا النصر على مجموعة لا يتجاوز عددها الثمانون رجلا، بنوا عشهم الصغير و تآلفوا معه بامنيات بسيطة كلها ذبحت بلحظة عندما وطئتها اقدام المغول و عبثت بمحتوياتها راحت تمزق الكتب و تصادر اجهزة المذياع و تفَرد ابن الجوشن برؤوس ستة من رفاقه أما هو و الاخرين فقد اخذوا سبايا و تم تفريقهم بين القبائل.
وجوه لم يعتادها....حاول ان يسأل
ما قضيتك؟
أستغربوا لهذه اللغة و ابدى البعض سخريته فهم لم يعتادوا مثل هكذا مفردات
استدرك و ضعة،عفوا أقصد شنوا التهمة؟
أغتصاب،سرقة،غسل عار، لواطة.......
فوجئ..يا الهي اين انا الان!!
الان هو نزيل الزنزانة رقم 10 تقابلها الزنزانة رقم 11 يفصل بينهما ممر صغير يتصل بالسلم الذي يودي الى الباب الحديدي المطل على الباحة ، في هذا الممر العجيب الذي لا يتسع الى الا لثلاثة اشخاص وقوفا تحاك كل الدسائس، يديره سمسار قصير القامة امضى ما يقارب الخمسة عشر عاما في قبوهة هذا له دراية بكل خفايا المكان لذا تراه كالزيبق متنقلا بحرية تامة في كل الزنزانات بالرغم من حظر التجوال، يدير منقلة تحوي جمرا و قوري شاي كبير،تبدأ الحفلات عادة بعد اغلاق الممر اذ يصبح ثمن قدح الشاي خمسة اضعافه،. لم تصدق عيناه ما يجري اذ في هذا المكان الضيق تمارس تجارة بيع و شراء الغلمان، و انواع الحبوب المسكرة و العجيب كل هذه الامور بحماية الادارة و التي تنتقي سماسرتها بدقة بعد جولات من الترغيب و الترهيب التي عادة ما تنتهي الى صفقات ترضي الطرفين.
كان يقظا عندما اقترب ضوء الشمعة منه، بيد مرتعشة استلم نوبته التي تصادف الساعة الثانية ليلا
ظل يكرر التعليمات التي سمعها ، ممنوع الحركة او التنقل، ممنوع الكلام حتى الهمس لا يجوز
ممنوع استخدام ضوء الشمعة ما عدا الخفر...على الخفر ان يقدم تقريره صباحا و خلاف ذلك يتعرض لعقوبات شديدة.
أذيعت الاسماء و كان اسمه الخامس،اذ تبدأ الخفارة الاولى الساعة العاشرة مساءا و لكل مناوب ساعة
آه ( محدثا نفسه) لو كانت نوبتي هي الاولى و لكن!
نهض ماسكا الشمعة، كل شئ يسير على ما يرام ، بين تارة و اخرى ينظر الى ساعته متعجلا الوقت لكي تنتهي نوبته بدون منغصات، حسنا مضت ربع ساعة..عشرون دقيقة..صرخة و لكنها مكتومة.
حدد المكان و قد راودته الليلة الاولى التي قضاها اذ تقيأ ما باحشائه ، فالمكان اشبه بزريبة حيوانات لم ترى النور منذ عهد بعيد و رائحة البراز تغطي مساحات واسعة و الوجوه مسحوقة من الادمان على المخدرات، لا زال يتذكر كيف ساوموه على ترك المكان
اذ في البدء عرضوا عليه ان ينتقل الى مكان اخر اكثر راحة و لكنه رفض كونه لا يعرف ما الذي يبتغوه..في المرة الثانية عرضوا عليه مبلغا من المال، استغرب لهذا الالحاح و استمر بعناده، و لكنه أنتبه الى انه من الممكن أن يفقد حياته او.......خاصة بعد ان عرف ان هذا المكان هو احدى ملاذات قوم لوط!
عاد ادراجه جالسا على سريره و لكنه حين عادت نفس النغمة الى اذانه قرر ألا يبارح مكانه، في المرة الثالثة تحرك ببطء ماسكا طرف بيجامته باليد اليمنى و الشمعة باليد اليسرى ، لمح وجوه شاحبة و اسنان صفراء مكشرة و عيون بنصف اغماضة هالتةُ هذة الوجوه ، ابتعد عن المكان بعد أن ايقن انه لربما سيكون الفريسة التالية.
أخذ ينظر الى ساعته متوسلا الميل أن يسرع فلم يعد بأستطاعته تحمل أكثر من ذلك ، ظلت دقات قلبه تتناغم مع تكتكة ميل الساعة و بحركة لا ارادية نظر الى ساعته كانت تشير الى الثانية و أ ربعون دقيقة هنا تناهى الى مسمعه صرخة قوية هزت المكان و أيقظت الجميع ، ارتعدت مفاصله، حاول التوجه الى مكان الصوت و قبل أن يصل تعالت زخات الرصاص في الخارج، ما بين الصرخة و دوي الرصاص أندلقت القاذورات من البالوعة، تصادمت الاجساد و سقط البعض من الآسرة و كأن زلزالا قد اصاب المنطقة،حاول جاهدا رفع الشمعة التي من شدة هول الصدمة أنقذفت بعيدا عنه
صراخ....أخفضوا رؤوسكم،انبطحوا على الارض،لا تتحركوا...
أطفأوا ضوء الشمعة!
أرتبك علما أنه لمح أضاءة خافتة بدأت تتسلل عبر فتحات الشبابيك التي كانت أغلبها موصدة بفعل تزاحم الآسرة...
وقع أقدام في الخارج و صفارات مع رصاص كثيف، عيون حائرة و بركة مياه آسنة تغطي مساحة واسعة من الزنزانة
جاءه هذه المرة الصوت غليظا
اين الخفر..أين الخفر
كان منبطحا، يتابع المشهد بأرتياع و في ذهنه افكار لا يستطيع جمعها
ترى ماذا سيفعل لو أستنطق صباحا عن أحداث تلك الليلة، هل سيدلوا بما شاهده؟
ثم ما علاقة الصرخة بدوي الرصاص!
آه تذكر ومضة الضوء القوية التي اجتاحت المكان قبل الصرخة بثواني، ماذا تراها؟
هنا تبادر الى ذهنه مكان الصرخة نهض مسرعا حاملا الشمعة التي أطفأها قبل قليل و لكنه اعتمد على الضوء المتسلل من النوافذ فهاله ما رأى.
بقعة دم تملأ الفراش و أنين خافت في أقسى زاوية السرير،أشعل الشمعة و قربها من الوجه،أرتعد لبشاعة ما رآه....شفاه ممزقة و كدمات تملئ الوجه، و ماآساه أكثر قطعة القماش التي وضعها المغدور في فمه لكي لا يسمع نشيجه احدا.. نظر اليه و لم يسأله و لكنه فهم أنهم كانوا اربعة تأكد من عدد الصرخات.
ما أن تركه حتى أحس أنقباض في قلبه،ماذا لو(محدثا نفسه) كنت أمتلك الشجاعة من أول صرخة ثم هل سأدلوا بكل ما رأته عيني
أنتفض ماذا عن التقرير الذي يجب ان اقدمه بعد ساعات
لا..لا مستحيل لا يمكن ان افضح امره، فعيناه كانت تطالبني الا ابوح بسره
و ماذا بخصوص الرصاص أنه يعرف و الجميع يعلمون أن اخر معقل للمنتقضين قد سقط و المدينة اصبحت ثكنة عسكرية صعب اختراقها.
اذا ماذا حدث
في السادسة صباحا علم انة في الساعة الثانية و أربعون دقيقة حاول اثنان الهروب نجا احدهم و الاخر خانته بدانته و بقي رأسه و نصف جسده خارج الجدران و النصف الاخر داخل الجدران و الذي تعرض لقصف بكل أنواع الاسلحة الى أن اسلم الروح و ظلت جثته متدلية و الدماء تغطي مساحات من الجدران...تفننوا في تفريغ شواجيرهم حتى بعد مصرعه و الصدفة هذه المرة لعبت لعبتها و خدمت الجناة في ارتكاب جريمتهم أذ أقدم أحد حراس برج المراقبة و بحالة هستيرية على استخدام الاضاءة بكل قوتها و هو امر يعتبر من الكبائر و لكن هذه المرة اكثشفوا محاولة للهروب ......ماذا لو تقيد هذا المجنون باوامر اسياده التي لم يخالفها قط طوال حياته.
تفطن،انها الساعة، اللحظة التي سبقت الصرخة و الوقت الذي أقدم اربعة من ابناء الرب غلى فض عذرية زميلهم!!



#رياض_مثنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض مثنى - ماذا لو....